Arabic    

الرحلة الإيطاليّة - روميو وجولييت - لمحمد أحمد السويدي


2025-05-31 00:00:00
اعرض في فيس بوك
التصنيف : مقالات الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي

 
 
الرحلة الإيطاليّة
 روميو وجولييت
لمحمد أحمد السويدي
 في المساء شاهدنا فيلم "روميو وجولييت" للمخرج "زافاريللّي"، الذي أصاب فيه المخرج العصب الخفي من مسرحية "شكسبير"، الهوى الأول، الهوى العذري -كما يسميه العرب- واستمعنا إلى الأغنية الجميلة "ما سرّ نار الشباب المستعرة؟"، أغنية ترثي زهرة الشباب التي سرعان ما تذوي وتؤول إلى الفناء. وأصل القصّة شرقي، بل لا يمكن أن يكون مسرحها إلا الشرق، لا "فيرونا"..
كان "بيراموس"، الأجمل بين الشبّان، و"تيسبي" الأكثر فتنةً بين فتيات الشّرق، يسكنان منزلين متجاورَيْن في المدينة أدّى بهما التجاور إلى التعارف، وشجَّع خطوات حبّهما الأولى.
ولم يفتأ هذا الحبّ أن كبر مع الوقت، غير أنّ الهيامَ الذي ألهبَ قلبيهما، لم يقدر أبواهما أن يحولا دونه.
وكانا يتكلّمان بالإشارات والحركات.
كان قد حدثَ شقٌّ صغيرٌ في السّور المشترك بين بيتيهما، ولم يلحظه أحدٌ من قبل.
جعلا منه مَعْبراً لصوتيهما، يتبادلان عبره أحاديثهما العذبة.
قرّرا أن يُحاولا، في سكون الليل، أن يخدعا حارسيهما، ويخرج كلٌّ من بيته.
تسلّلا من منزليهما؛ اتّفقا على اللقاء عند قبر نينوس، والاختباء تحت الشّجرة التي تظلّله.
وخرجت "تيسبي" خادعةً حرسَ عائلتها.
غطّت وجهها بوشاح، وجاءت إلى القبر، وجلست تحت شجرة التّوت.
وها هي لبؤةٌ، تلطّخ شَدْقها الذي لا يزال مُزبداً، بدماء الثيران التي قتلتها منذ قليل، تجيء لترويَ عطشها من ماء الينبوع المجاور... لمحتها "تيسبي"، عذراء بابل، تحت أشعّة القمر، من بعيد، فهربت بخطوةٍ مُرتعدةٍ، داخلةً مغارة مُظلمة، وفي أثناء هربها سقط عنها الوشاح الذي يُغطّي كتفيها.
عندما ارتوت اللّبؤة المفترسة بجرعاتٍ طويلة من الينبوع، واتّجهت عائدةً إلى الغابات، صادفت ذلك الوشاح الخفيف الذي تركته الفتاة، فمزَّقته بشدْقها المُدمَّى. وعندما خرج بيراموس متأخراً، ورأى فوق الغبار الكثيف الآثار الأكيدة للوحش، غمر الاصفرار وجهه. لكن عندما رأى ذلك النّقاب مضرَّجا بالدّم، قال: أنا الآثم.
أنا الذي دفعكِ للمجيء، ليلاً، ولم أسبقكِ في المجيء. تناول نقاب تيسبي وغمره بدموعه، ثم استل النصل الذي كان يحمله في حزامه وشكّه في صدره.
عادت تبحث عنه بقلبها وعينيها.
إنّها تتحرَّق شوقا لكي تروي له الأخطار التي نجت منها، وهي تعرف المكانَ، تعرف شكل الشّجرة، غير أنّ لون ثمارها جعلها تتردّد، وتتساءل إن كانت هي نفسها حقاً.
وفيما هي حائرة، شاهدت مرتعبةً الجسم الذي يختلج على الأرض المُدمّاة. تراجعتْ.. لكن، بعد لحظة، تحقّقت من أنّه جسمُ من تحبّ.. أخذت تبكي حانيةً على جرحه، مازجةً موجَ دموعها بموج دمه، صارخةً، فيما تطبع قبلاتها على وجهه المتجمِّد: "بيراموس، أيّ قدر وحشيّ أخذك منّي؟ أَجِبْنِّي، بيراموس، أنا حبيبتك تيسبي، اسمعني، وارفع رأسك المائل".
سمع "بيراموس" الاسم "تيسبي"، ففتح عينيه اللّتين أثقلهما الموت، ولم يكد يراها حتى أطبقهما.
آنذاك رأت النّقابَ والغمدَ العاجيّ الفارغ من نصله، فثبَّتتْ رأس السّيف تحت صدرها، ثمّ تركت جسدها يسقط على النّصل الذي لا يزال حارّاً من دم بيراموس. صارت ثمار الشجرة، عندما تنضج، تأخذ لوناً ضارباً إلى السّواد. وما تبقّى من مَحْرقتهما استقرّ في مجمرة واحدة.

    الرحلة الإيطاليّة  روميو وجولييت لمحمد أحمد السويدي  في المساء شاهدنا فيلم "روميو وجولييت" للمخرج "زافاريللّي"، الذي أصاب فيه المخرج العصب الخفي من مسرحية "شكسبير"، الهوى الأول، الهوى العذري -كما يسميه العرب- واستمعنا إلى الأغنية الجميلة "ما سرّ نار الشباب المستعرة؟"، أغنية ترثي زهرة الشباب التي سرعان ما تذوي وتؤول إلى الفناء. وأصل القصّة شرقي، بل لا يمكن أن يكون مسرحها إلا الشرق، لا "فيرونا".. كان "بيراموس"، الأجمل بين الشبّان، و"تيسبي" الأكثر فتنةً بين فتيات الشّرق، يسكنان منزلين متجاورَيْن في المدينة أدّى بهما التجاور إلى التعارف، وشجَّع خطوات حبّهما الأولى. ولم يفتأ هذا الحبّ أن كبر مع الوقت، غير أنّ الهيامَ الذي ألهبَ قلبيهما، لم يقدر أبواهما أن يحولا دونه. وكانا يتكلّمان بالإشارات والحركات. كان قد حدثَ شقٌّ صغيرٌ في السّور المشترك بين بيتيهما، ولم يلحظه أحدٌ من قبل. جعلا منه مَعْبراً لصوتيهما، يتبادلان عبره أحاديثهما العذبة. قرّرا أن يُحاولا، في سكون الليل، أن يخدعا حارسيهما، ويخرج كلٌّ من بيته. تسلّلا من منزليهما؛ اتّفقا على اللقاء عند قبر نينوس، والاختباء تحت الشّجرة التي تظلّله. وخرجت "تيسبي" خادعةً حرسَ عائلتها. غطّت وجهها بوشاح، وجاءت إلى القبر، وجلست تحت شجرة التّوت. وها هي لبؤةٌ، تلطّخ شَدْقها الذي لا يزال مُزبداً، بدماء الثيران التي قتلتها منذ قليل، تجيء لترويَ عطشها من ماء الينبوع المجاور... لمحتها "تيسبي"، عذراء بابل، تحت أشعّة القمر، من بعيد، فهربت بخطوةٍ مُرتعدةٍ، داخلةً مغارة مُظلمة، وفي أثناء هربها سقط عنها الوشاح الذي يُغطّي كتفيها. عندما ارتوت اللّبؤة المفترسة بجرعاتٍ طويلة من الينبوع، واتّجهت عائدةً إلى الغابات، صادفت ذلك الوشاح الخفيف الذي تركته الفتاة، فمزَّقته بشدْقها المُدمَّى. وعندما خرج بيراموس متأخراً، ورأى فوق الغبار الكثيف الآثار الأكيدة للوحش، غمر الاصفرار وجهه. لكن عندما رأى ذلك النّقاب مضرَّجا بالدّم، قال: أنا الآثم. أنا الذي دفعكِ للمجيء، ليلاً، ولم أسبقكِ في المجيء. تناول نقاب تيسبي وغمره بدموعه، ثم استل النصل الذي كان يحمله في حزامه وشكّه في صدره. عادت تبحث عنه بقلبها وعينيها. إنّها تتحرَّق شوقا لكي تروي له الأخطار التي نجت منها، وهي تعرف المكانَ، تعرف شكل الشّجرة، غير أنّ لون ثمارها جعلها تتردّد، وتتساءل إن كانت هي نفسها حقاً. وفيما هي حائرة، شاهدت مرتعبةً الجسم الذي يختلج على الأرض المُدمّاة. تراجعتْ.. لكن، بعد لحظة، تحقّقت من أنّه جسمُ من تحبّ.. أخذت تبكي حانيةً على جرحه، مازجةً موجَ دموعها بموج دمه، صارخةً، فيما تطبع قبلاتها على وجهه المتجمِّد: "بيراموس، أيّ قدر وحشيّ أخذك منّي؟ أَجِبْنِّي، بيراموس، أنا حبيبتك تيسبي، اسمعني، وارفع رأسك المائل". سمع "بيراموس" الاسم "تيسبي"، ففتح عينيه اللّتين أثقلهما الموت، ولم يكد يراها حتى أطبقهما. آنذاك رأت النّقابَ والغمدَ العاجيّ الفارغ من نصله، فثبَّتتْ رأس السّيف تحت صدرها، ثمّ تركت جسدها يسقط على النّصل الذي لا يزال حارّاً من دم بيراموس. صارت ثمار الشجرة، عندما تنضج، تأخذ لوناً ضارباً إلى السّواد. وما تبقّى من مَحْرقتهما استقرّ في مجمرة واحدة. , Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi,,

Related Articles

الرحلة الإيطاليّة - روميو وجولييت - لمحمد أحمد السويدي
قادنا دافنشي إلى موناليزا بالصنادل المجنحة
وادي غوفي
وداعا ساموراي السينما الفرنسية - وداعا الين ديلون
Carmen
The Priceless Necklace of a Florentine Beauty: A Testament to the Toil and Sacrifice of My Ancestors
A Lady from Florence