كتاب منزل في صقلية - الفصل التاسع - السيد ديلان توماس
بيت في صقلية | تأليف: دافني فيليبس | ترجمة أميمة الزبير
الفصل التاسع- السيد ديلان توماس |
*********
لابد أنها بدايات خمسينيات القرن العشرين على ما أعتقد، عندما أخطرتني إحدى الطبيبات النفسيات اللائي كنت أعمل معهن فجأة، بينما كنت أستعد لمغادرة لندن في طريقي إلى قصر كوسيني: " إنَّ واين هندرسون، وكيتلين توماس في إيطاليا الآن، وسوف ينزلان في ضيافتك في تورمينا على الأرجح." قلت في دهشة: " أليس عليّ أن أرفض بحجة أنَّ المنزل محجوز بالكامل؟ لا أعتقد أني سأتمكن من التأقلم مع كايتلين في متحف منزلي."
أجابت:" ستفعلين إن كنتِ حكيمة،"
بعد بضعة أسابيع، تلقيت رسالة من واين، وهي صديقة قديمة كانت تكسب رزقها من خلال عملها في حراسة منزل السيد توماس الذي أصبح الآن ثرياً- عادت عليه حقوق برنامج تحت شجرة الشيطان بأرباح طائلة! (1)
أخبرتني واين، أنّ كايتلين، كانت تأمل في تأليف كتاب بعنوان بقية من عمر لتُعاش[Leftover Life to Kill]. كان سيحقق نجاحاً باهراً. كانت واين متأكدة من أنّ كل ما تحتاجه هو مكان هاديء تكتب فيه.
وبينما كان الجميع هنا، في جزيرة أيشيا، أغرمت كاتيلين برجل، كان من النوع الصقلي القاسي، وكان يضربها. قررت واين أنّ عليها فصلهما عن بعضهما، وكان هذا هو السبب في مجيئها لتورمينا. وبدت كايتلين متفقة معها إذ أنّها لم تُحب أن تُضرب، لكنها تشعر الآن بالأسى لغيابه، وكتبت لجيو، الذي أتى بدوره واختفيا معاً. (كانت كايتلين قد أخبرت واين عندئذٍ أنّني كنت الشيء الوحيد الذي حاربته طوال حياتها!)
أما واين وحدها فقد كانت موضع ترحيب كبير. كانت صديقة مسلّية، عندما لا تعتريها الهواجس حول مصير كايتلين. لقد كانت تهدد بإقامة دعوى سب وقذف ضد بيجي غاغنهايم، التي كتبت في سيرتها الذاتية عن (واين هندرسون ذات المائة حبيب). وبعد أسبوع وجدت نفسي أقول " خمس وتسعون، ستة وتسعون، سبعة وتسعون، حسناً لا أعتقد أنَّ لديك ما يكفي من الأسباب لإقامة هذه الدعوى!" لقد كانت صداقاتها الحميمة في أغلب الأحيان مع مؤلفي كتب على أرفف مكتبتي.
عقب ذلك بشهور، ظهر العاشقان اللدودان مرة أخرى، ولكنهما لم ينويا البقاء. سرعان ما صادقت كايتلين الطبيب الإيرلندي ذا الشعر الأحمر الذي يسكن في الأعلى. وكانا يحبّان إغاظة بعضهما البعض بتبادل الشتائم. دعاها في إحدى الأمسيات لتناول العشاء في الخارج محذراً إياها: " لا تحضري معك عفاريتك- لأ أريدهم." بالطبع أحضرت إليّ كولم وإيرون. أنقذت الوضع بقولي إنّ بإمكانهما الحضور إلي. (كانت كايتلين في ذلك الوقت قد أبعدت ابنتها ذات الخمسة عشر عاماً من مدرسة دارتينغتون في إنجلترا وأودعتها في مدرسة دير كاتانيا الداخلية، يا للفتاة المسكينة. تبين أنّ مدينة كاتانيا هي مسقط رأس جيو، على بعد خمسين كيلومتراً فقط من مدينة تورمينا- على مسافة قريبة جداً.)
كنت أعدّ للأطفال وجبة، وأشرت إلى ضرورة الذهاب إلى المكتبة في هذه الأثناء، ربما يعثران على كتاب جميل. وبينما كنت في طريقي لاستدعائهما سمعت أيرون يتلو -بلهجة ويلزية محببة كان قد ورثها عن ديلان- أناشيد "آل أوبي" لما قبل المدرسة والتي وجدها بين كتبي.
تناولنا وجبة رائعة، ختمناها بسلطة الفواكه.
قلت معتذرة:" أخشى أنه ليس لدينا ماراسكينو"، قالت إيرون جَزْلى:" الحمد لله، كنّا في وفرة منه على الدوام!"
وعندما حان الوقت أرسلت كايتلين الأطفال إلى مدرسة في مكان ما، واستقرت مع جيو، الذي صرّح ذات مرة وهو يلوّح بقبضة يده القوية :" أنا أحكم بهذه!". كانت كايتلين في آخر مرة آراها فيها تسير بحذائها ذي الكعب المرتفع وهي تترنح على ممشى حديقتي، مرتدية معطفاً ضيقاً وتنورة، بدون قميص. " جيو لا يحبّها." وتندفع من جانب فهمها هذه العبارة الحانقة:" سوف لن تصمد أعمال هذه السيدة الصغيرة طويلاً."
ولكنها استمرت. أعتقد أنّها وجيو كانا معاً في كالابريا حتى توفيت بعد ذلك بسنوات. لم يتفاجأ أحد مثلي عندما تلقيت رسالة بأنّ كايتلين تزجيني المحبة والإعجاب. لابدّ أنّ ذاكرتها خانتها.
هل لي أن أحلم بذلك، أم هل حدث فعلاً أنّها في ذات سكر سارت تترنح على الطريق العام؟
____
(1) تدعى أيضا شجرة الشيطان الهندي، الاسم العلمي Alstonia scholaris تعرف في اللغة الإنجليزية باسم Milk Wood واشتق منها اسم البرنامج الإذاعي الإنجليزي الشهير Under the Milk Wood- المترجمة
بيت في صقلية | تأليف: دافني فيليبس | ترجمة أميمة الزبير
الفصل التاسع- السيد ديلان توماس |
*********
لابد أنها بدايات خمسينيات القرن العشرين على ما أعتقد، عندما أخطرتني إحدى الطبيبات النفسيات اللائي كنت أعمل معهن فجأة، بينما كنت أستعد لمغادرة لندن في طريقي إلى قصر كوسيني: " إنَّ واين هندرسون، وكيتلين توماس في إيطاليا الآن، وسوف ينزلان في ضيافتك في تورمينا على الأرجح." قلت في دهشة: " أليس عليّ أن أرفض بحجة أنَّ المنزل محجوز بالكامل؟ لا أعتقد أني سأتمكن من التأقلم مع كايتلين في متحف منزلي."
أجابت:" ستفعلين إن كنتِ حكيمة،"
بعد بضعة أسابيع، تلقيت رسالة من واين، وهي صديقة قديمة كانت تكسب رزقها من خلال عملها في حراسة منزل السيد توماس الذي أصبح الآن ثرياً- عادت عليه حقوق برنامج تحت شجرة الشيطان بأرباح طائلة! (1)
أخبرتني واين، أنّ كايتلين، كانت تأمل في تأليف كتاب بعنوان بقية من عمر لتُعاش[Leftover Life to Kill]. كان سيحقق نجاحاً باهراً. كانت واين متأكدة من أنّ كل ما تحتاجه هو مكان هاديء تكتب فيه.
وبينما كان الجميع هنا، في جزيرة أيشيا، أغرمت كاتيلين برجل، كان من النوع الصقلي القاسي، وكان يضربها. قررت واين أنّ عليها فصلهما عن بعضهما، وكان هذا هو السبب في مجيئها لتورمينا. وبدت كايتلين متفقة معها إذ أنّها لم تُحب أن تُضرب، لكنها تشعر الآن بالأسى لغيابه، وكتبت لجيو، الذي أتى بدوره واختفيا معاً. (كانت كايتلين قد أخبرت واين عندئذٍ أنّني كنت الشيء الوحيد الذي حاربته طوال حياتها!)
أما واين وحدها فقد كانت موضع ترحيب كبير. كانت صديقة مسلّية، عندما لا تعتريها الهواجس حول مصير كايتلين. لقد كانت تهدد بإقامة دعوى سب وقذف ضد بيجي غاغنهايم، التي كتبت في سيرتها الذاتية عن (واين هندرسون ذات المائة حبيب). وبعد أسبوع وجدت نفسي أقول " خمس وتسعون، ستة وتسعون، سبعة وتسعون، حسناً لا أعتقد أنَّ لديك ما يكفي من الأسباب لإقامة هذه الدعوى!" لقد كانت صداقاتها الحميمة في أغلب الأحيان مع مؤلفي كتب على أرفف مكتبتي.
عقب ذلك بشهور، ظهر العاشقان اللدودان مرة أخرى، ولكنهما لم ينويا البقاء. سرعان ما صادقت كايتلين الطبيب الإيرلندي ذا الشعر الأحمر الذي يسكن في الأعلى. وكانا يحبّان إغاظة بعضهما البعض بتبادل الشتائم. دعاها في إحدى الأمسيات لتناول العشاء في الخارج محذراً إياها: " لا تحضري معك عفاريتك- لأ أريدهم." بالطبع أحضرت إليّ كولم وإيرون. أنقذت الوضع بقولي إنّ بإمكانهما الحضور إلي. (كانت كايتلين في ذلك الوقت قد أبعدت ابنتها ذات الخمسة عشر عاماً من مدرسة دارتينغتون في إنجلترا وأودعتها في مدرسة دير كاتانيا الداخلية، يا للفتاة المسكينة. تبين أنّ مدينة كاتانيا هي مسقط رأس جيو، على بعد خمسين كيلومتراً فقط من مدينة تورمينا- على مسافة قريبة جداً.)
كنت أعدّ للأطفال وجبة، وأشرت إلى ضرورة الذهاب إلى المكتبة في هذه الأثناء، ربما يعثران على كتاب جميل. وبينما كنت في طريقي لاستدعائهما سمعت أيرون يتلو -بلهجة ويلزية محببة كان قد ورثها عن ديلان- أناشيد "آل أوبي" لما قبل المدرسة والتي وجدها بين كتبي.
تناولنا وجبة رائعة، ختمناها بسلطة الفواكه.
قلت معتذرة:" أخشى أنه ليس لدينا ماراسكينو"، قالت إيرون جَزْلى:" الحمد لله، كنّا في وفرة منه على الدوام!"
وعندما حان الوقت أرسلت كايتلين الأطفال إلى مدرسة في مكان ما، واستقرت مع جيو، الذي صرّح ذات مرة وهو يلوّح بقبضة يده القوية :" أنا أحكم بهذه!". كانت كايتلين في آخر مرة آراها فيها تسير بحذائها ذي الكعب المرتفع وهي تترنح على ممشى حديقتي، مرتدية معطفاً ضيقاً وتنورة، بدون قميص. " جيو لا يحبّها." وتندفع من جانب فهمها هذه العبارة الحانقة:" سوف لن تصمد أعمال هذه السيدة الصغيرة طويلاً."
ولكنها استمرت. أعتقد أنّها وجيو كانا معاً في كالابريا حتى توفيت بعد ذلك بسنوات. لم يتفاجأ أحد مثلي عندما تلقيت رسالة بأنّ كايتلين تزجيني المحبة والإعجاب. لابدّ أنّ ذاكرتها خانتها.
هل لي أن أحلم بذلك، أم هل حدث فعلاً أنّها في ذات سكر سارت تترنح على الطريق العام؟
____
(1) تدعى أيضا شجرة الشيطان الهندي، الاسم العلمي Alstonia scholaris تعرف في اللغة الإنجليزية باسم Milk Wood واشتق منها اسم البرنامج الإذاعي الإنجليزي الشهير Under the Milk Wood- المترجمة
, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi,,
Related Articles