Arabic    

كتاب منزل في صقلية - الفصل السادس - فينشنزينو


2019-07-02 00:00:00
اعرض في فيس بوك
التصنيف : منزل في صقلية

 
 
بيت في صقلية | تأليف: دافني فيليبس | الناشرون: كارول وغراف المحدودة | ترجمة أميمة الزبير | الفصل السادس- فينشنزينو
******
كان لابد من العثور على بديل لتوريدو التعس، الذي صار الآن في مكانه الطبيعي، كذراع أيمن للقمّص، ومديراً لخدمات الكاتدرائية. لفينشنزو وجه قديس- ذكيٌ ونحيفٌ- وله مزاج دبّورٍ. وقد كانت الصفة الأخيرة بالإضافة إلى مهاراته العامة سبباً في تمكنه من إيجاد أي عدد من الوظائف يريد. وقد أدى هذا الأمر إلى فقدانه العمل أيضاً، أو تخليه عنه، قبل أن يكمل أول شهرٍ في الغالب. 
كانت مواهبه المتعددة مرغوبة للغاية. و كان حازماً جداً في شروط توظيفه: الإقامة في مكان العمل، وألا يتجاوز أجره الضئيل لحد السخف 5000 ليرة في الشهر لا أكثر ولا أقل.. لقد جاءني كخادم. وسرعان ما اكتشفنا قدرته على الاضطلاع بأدوار: طاهٍ من الدرجة الأولى، وصنع قبعة طويلة لهذا الغرض؛ ومساعد عام بقفازين أبيضين، وممرض مشفىً، ومُربَّي أطفال، ومسوّق، وماسك دفاتر، وغسّال، وأخيراً وليس آخراً على كل حال، نجم نوادٍ ليلية.
يحمل في جعبته قصصاً للقديسين الصقليين، مجموعة غريبة ورائعة من الحكايا، والأحداث التي وقعت في أماكن عمله السابقة. كان في إحدى المرات يقوم بتوزيع الأطباق في عرضِ إحترافي، بينما-وفي غمرة الاستمتاع بعرضه- كان يسير حول الطاولة وهو يسرد، ويقلّد الشخصيات بإيماءات وحركات.
اعتاد على بدء رواياته قائلاً: القديس بانكراس، وهو بالنسبة لك محطة، ولكنه بالنسبة لنا قديسٌ راعٍ للقرية. لقد كان أسقفاً." (ويرفع يديه ليرسم قلنسوة، ويصف لحيته الصغيرة الأنيقة الملوكية.) "لقد جاء من الشرق، هذا هو السبب في سواد بشرته. عاش في ظل الاحتلال العربي التركي لبلدتنا. و كان يؤمن بالصداقة مع الأعداء، كوسيلة للتعايش السلمي. دعاه الحاكم التركي لوليمة في أحد الأيام. قبل القديس بانكراس، وعندما ذهب وجد قاعة رائعة تحفل موائدها بالطعام والشراب. ولكن كانت هنالك مشكلة: كان على القديس بانكراس أن يتلو صلواته بدون الإساءة إلى مضيفيه، الذين كانوا وثنيين. كان ذكياً جداً. فكّر مليّاً، ثم، أشار بيديه كما لو أنّه يبارك- ولكن الترك لم يعرفوا ما كان ذلك- فقال، " كم هو جميل شكل هذه الغرفة. إنّ بعدها بين هذا المكان وذاك مثل البعد ما بين هناك وهنا." وعندما أكمل رشم علامة الصليب، تصدعت جميع الأكواب الزجاجية والآنية الفخارية الوثنية المرصوفة على وانشطرت ليتدفق الطعام الطيب كله، ويهرق الشراب. فهاجم الأتراك ضيفهم واغتالوه. لقد كان شهيداً عظيماً وقديساً، ولكنه اقترف خطأ فادحاً: سمح بقصف بلدته- هذه البلدة- في الحرب الأخيرة وفي يوم عيده. وعليه فقد تعين علينا أنّ نعاقبه لتسع سنوات، حتى نلقنه درساً، سيدتي هل تتخيلين ذلك؟ لقد سمح لأسوأ الكوارث في كل تأريخنا، أن تحدث في يوم عيده."
ثم كان على فينشنزو أن يجمع الأطباق. 
في الأيام التالية سوف يمثل، دون إهمال أية تفصيلة، قصصاً مثيرة عن القديستين أجاثا ولوشيا.
هما أيضاً عانتا تحت حكم العرب عندما رفضتا عروض الحاكم الأجنبي قائلتين إنهما ملك خالص روحاً وجسداً للواحد العليّ. وبإثارة متصاعدة كان فينشنزو يتحوّل لحاكم في ثورة من الغضب والشهوة. الجلّادين، والثيران المتوحشة رفضت التحرك عندما قيدت إلى جذع شجرة، وضربت الضحايا حتى تمزقت أجسادها. كما تقمص أيضاً هيئة الذي اشتعل لكنه مال بعيداً عن الفريسة. عندما فاضت معاناة العذراوين، ابتهلتا بالصلاة، بيدين مشبوكتين وسط الرعب، وأصبحتا شهيدتين في ذروة المشهد، وانتُزعت عينا لوشيا، وقُطع نهدا أجاثا. لم يُترك شيٌء لنتخيله وحدنا...
ثم، وبعد أن تعبنا من هذه الحكايات، صار يقلّد وجهاء البلدة. إذ أنّه عمل في بيوتهم لفترات قصيرة، مطّلعاً على نزواتهم وهوسهم. كانت هنالك مجموعة ثرّة. منها قصة المرأة الثرية البخيلة التي أرسلته لشراء لحم مؤخرة رقبة خروف فقط، وصرخت فيه غاضبة لأنّه استعار مظلتهم الوحيدة- والتي لم تكن سوى بقية من مظلة بالأحرى- ليحتمي بها من المطر الذي كان يهطل عندئذٍ. قائلة له: " ضعها في مكانها، ضعها في مكانها. كيف تجرؤ، تلك ليست لأمثالك، إنّها لي."
مضى فينشينزو: قلت في كبرياء،"سيدتي، إن لم تكوني قادرة على إعارتي تلك القطعة البائسة، فإنك لا تستحقين أن أعمل من أجلك." وخرجتُ، ولكني أخذت معي تلك القطعة، وإن لم تصدقينني سيدتي، سأريك إياها. لقد احتفظت بها كتذكار، حتى أوفيها حقها! لقد كانت عبارة عن ثقوب وأسلاك، ولكنها قالت إنّها ليست لأمثالي، وكنت خارجاً تحت المطر من أجل طلباتها التعيسة. ثم، يا سيدتي، توفيت السيدة. لقد كانت امرأة سمينة جداً، على الرغم من أنّها عاشت على لحم مؤخرة عنق الخروف. كان عليهم صنع تابوت بحجم خاص، بيد أنّ ذلك لم يكن كافياً: لقد اضطروا لخلع الأبواب حتى يدخلوه ثم يخرجوه. لقد كان يوم الجنازة مشرقاً وجميلاً، والسماء زرقاء لا تحجب صفاءها عن العيون غيمة.
شُيعت بموكب طويل سار عبر الشارع. لم يغب عنه أحد، فقد كانت من أسرة غنية. انتظرتُ أنا خارج الكاتدرائية حتى أُخرج التابوت. ثم، عندما انضم آخر المعزّين إلى الموكب، فتحتُ قطعة المظلة، وكان نصفها خالياً من القماش-وامتلأ نصفها الآخر بالثقوب- وسرت خلفها بملامح جامدة. نظر إليّ الناس شذراً. وقالوا، " ولكن السماء لا تمطر يا فينشنزو، وحتى إن كانت كذلك فهذا الشيء لن يمنعه عنك." نظرت إليهم. إنّهم يعرفونني ويعرفوا أساليبي. ثم قلت. " سيفهمون.""
بخلاف خالي، والذي عمل مرة لحسابه لأربعة أشهر أثناء وجود ماريا في المشفى، لم يرضَ فينشنزو إلا عن مخدم واحد. كانت سيدة لها ابنة، كانت تدللها حد العبادة. لم تكن عائلة ميسورة، وفيشنزو الذي أصبح مخلصاً بمزاجه الدبّوري، شعر بأنّ عليه مساندتها. وهكذا وأثناء فترة غياب ابنتها في الجامعة، كان يرسل لها البطاقات البريدية، التي يقرأها كل من وقعت في يده، وكان يعرف أنّهم يفعلون. كانت دائماً تمهر بالعبارة:" من أحد خدمك المخلصين، فيشنزو".
"جعلها هذا الأمر تشعر بأهمية خاصة، سينورينا، وكانت تستحق ذلك. لذا لم يكن هناك ضير من هذا التصرف. للسيدة بعض الأقارب المتكبرين في البلدة. لكني لم أكن أعمل معهم سوى ساعات قليلة في الأسبوع، وكنتُ العامل االوحيد".
أهداه أحد أصدقائي الأثرياء- قبل أن يرحل- وكان مفتوناً بمهارات فينشنزو العديدة- معطفاً رمادياً من الصوف عال الجودة، مخبراً إياه أنّ دوق ويندسر هو من اشترى النصف الثاني من الثوب. طبعا لم ير فينشنزو الدوق ناهيك عن اقتنائه ثوباً جميلاً. توقعنا أن يتأثر بشدة بتلك الصلة الدوقية. لكنه بالكاد تمتم في كبرياء:"أشكرك"، وانحنى ثم غادر الغرفة. في حرج، وفسرت لهم الأمر بظني أنّه متأثر جداً بفخامة الهدية التي أعجزته لأول مرة عن التعبير. كان هذا كل شيء حتى تلك الأمسية. انتهى العمل، انفتحت الأبواب المزدوجة لغرفة الرسم بدون سابق إنذار، ووقف هناك فينشنزو متألقاً في البزّة- عدا أنّه كان أصغر من أن يملأها.
اقترب في صمت ناحية من أهداه إياها، وجثا على ركبة واحدة، ثم قبّل يده، وانتظر للحظة، ثم هتف، " لقد أعطيتني هذه البزّة. سأمثل الآن دور يوليوس قيصر من أجلك."
وبدون المزيد من الضجة انتفخ بحجم قيصر، وكان يتحدث بصوتٍ جهوري عظيم. ثم انكمش مرة أخرى ليتوسل إلى كالبورنيا بصوت عالي الطبقة، لقد تحوّل إلى الجيش الروماني بكامله وهو يسير مبتعداً بأبواقه وكل أدواته. وإلى حدٍ ما تمكن من تقليد كلِّ من بروتوس وأنطوني. كانت الغرفة حيّة بالشخوص. انتهى، انحنى، وقابل تصفيقنا بثقة في النفس تضاهي ثقة الممثلين الكبار. ثم غادر الغرفة على الفور. وكان يقول أيضاً "ألتمس العذر للانصراف في الوقت الحالي."
في اليوم التالي هنأته، فينشنزو، لقد كان الأمر مذهلاً. ولكن كيف تعلّمت كل ذلك؟"
"سيدتي، أنا أراقب كل شيء، في كل مكان. لقد عملت مرة مع البطلة بينما كانت مسرحية يوليوس قيصر تُعرض في المسرح العتيق. إذ تمكنت من مشاهدة جميع التدريبات، مراراً وتكراراً. كنت أنهي عملي بأكبر سرعة ممكنة، لأهرب مسرعاً إلى المسرح. كيف لي أن أنسى ذلك ما حييت؟ أما الآن فأنا أمارس التمثيل لنفسي في مناسبات خاصة. إنّه لشيء متعب أن تتقمص عدداً من الشخصيات. كانت تلك السيدة، يا سيدتي، التي تحمل جهاز الهاتف."
"الهاتف؟"
"ألم أخبرك عنها؟"
لا
"حسناً، ستفعلين في الغد."
في اليوم التالي على العشاء:" تتحدث هذه القصة عن الفترة الأولى لدخول التلفون جزيرة صقلّية، قبل زمن طويل. امتلكت هذه السيدة أول هاتف رأيته. كنت وقتها جاهلاً. حسناً، في أحد الأيام، أخبرتني السيدة بأنّ زوجها قد يتصل من روما في أية لحظة، وأنّ علي الإجابة على الهاتف إن لم تكن موجودة. بالطبع لقد حدث الأمر بينما كانت في حمامها. تستحم الممثلات- يا سيدتي- في أوقات غريبة. وبدأ ذلك الشيء يرن تررررررر- تررررررر- تررررررررر. عليه نهضت إليه، وبدأت أنظر باتجاهه وهو يصدر ذلك الصوت الفظيع، وسألت: هل هذا إنجنيري؟" لم يجب. بل استمر في الرنين أكثر فأكثر، ترررررررر- تررررررر- وأقول، إنجنيري، رجاءً تحلّ بالصبر، وانتظر قليلاً. إن السنيورة في الحمام. انتظر فقط وستأتي على الفور." ولكنه لم يتوقف عن الرنين مهما قلت. " هل لي أن أقدم لك بعض القهوة ريثما يمر وقت الانتظار؟" لا إجابة حتى، سوى ترررر- تررر."
بحلول هذا الوقت، كان فينشنزو على ركبتيه، ملوحاً يديه أمام تلك الآلة المتخيلة التي بدأت أراها أنا أيضاً.
"أرجوك، أرجوك" – متوسلاً وبدأت دموعي تسيل في تلك اللحظة- "أرجوك اهدأ وانتظر، إنّها بخير وستأتي في الوقت المناسب. إنّه حمام فقط. سأذهب وأحضر لك بعض القهوة." لقد اعتقد أنّ ذلك قد يهدئه، وأنّه إلى حد ما، استطعت صبها في فوهة ذلك الشيء. لقد كنت جاهلاً جداً. كنت أؤمن بضرورة وجود تواصل بيني وبينه. ولكنه لم يفعل شيئاً سوى الاستمرار في الرنين. فركضت وطرقت على باب الحمام صارخاً، " تعالي بسرعة، يا سيدتي بسرعة. الإنجينيري يريدك ولا يريد التحدّث إلي. لا أعرف لماذا ولكن كل ما يفعل هو الرنين." في تلك اللحظة جاءت ورفعت السماعة." (كان فينشنزو يقلّد سيدته مبقبقاً القبلات على الهاتف.) "يا حبيبي- ألم يجب أحد؟ إنّه ذلك المغفل فينشنزو."
ولكني كيف لي أن أعلم، يا سيدتي، أنّ علي أن أرفع ذلك الشيء لأتحدث وأسمع؟"
ظل فينشنزو معي لعامين، الشيء الذي يعد حدثاً خارقاً للعادة في حياته المتمردة. يعني هذا أيضاً الكثير من الجهد المبذول من جانبي للتعامل مع نوبات غضبه. فقد كان في كل شهر تقريباً- الفترة المعتادة لترك العمل- يتأخر في النوم، ولا يقوم بعمله، ويرتمي في أحد المقاعد، ورجلاه تتدليان من أحد جوانب المقعد ويبدأ الشكوى، " إنَّ الدم يخرج من قدميّ. لم أعد قادراً على البقاء في هذا المكان دقيقة واحدة." على الرغم من عدم وجود أي أثر للدم، كنا نجتمع حوله ونظل نمدحه ونسريّ عنه، ونخبره أننا لا نستطيع الاستغناء عنه. تجاوزنا كثيرًا من الأزمات على هذا النحو. 
ولكنه في أحد الشهور رفض النوم في المنزل. وظل يأتي متأخراً كل يوم أكثر من سابقه. وخلت أيامه من المحاكاة، وقلّ عمله إلى حدٍ كبير. 
وفي أحد الأيام صارحني فجأة بقوله:" سيدتي، إنّه ليفطر قلبي أن أترك خدمتك، لكنّي مضطر."
"ولكن لمَ يا فينشنزو؟"
"أنا مريض."
"إنّه لأمر مؤسف، لكن ما المشكلة؟"
" لا أعرف، لكن لابد من الذهاب."
"ولكن ألا تعتقد أنَّ هذا هو المكان الوحيد الذي أحببت الإقامة فيه؟ ربما كنت مخطئاً في الذهاب؟ دعني أطلب لك الطبيب ليعالجك. بإمكانك إجراء صورة بالأشعة السينية."
كنت أعرف أنّ هذا مايرغب به الجميع في تلك الفترة. 
"سيدتي، إنَّ عطفك لكبير، لكن هذا لن يجدي. أنا مثل الطيور في الهواء- وأشعر هنا بأنني حبيس قفص صغير. لابد من الطيران بعيداً."
ولكن لم لا تأخذ إجازة؟ طر بعيداً وعد مرة أخرى عندما تشعر بالرغبة في ذلك. لابد أنّ تضع اعتباراً لتقدمك في السن. عندما تكون معي سوف تحصل على أختام التأمين اللازمة لاستحقاق المعاش. لا تخسر كل شيء من أجل لا شيء. ماذا ستفعل عندما لا تكون قادراً على العمل؟ 
"سوف أذهب إلى ملجأ المسنين الفقراء."
"ولكن يا فنيشنزو، ستشعر هناك بالتقييد حقاً. هنالك قوانين سيتعين عليك الامتثال لها. وعلى أية حال نحن لا نعرف ما إذا كان سيظل مفتوحاً. افترض أنّه أُغلق، ماذا ستفعل إذن؟"
لم يُجدِ ذلك فتيلاً، كان الجانب الدبّوري يسيطر على التفكير. كنت متأكدة أنّه سيقوم بإعادة إنتاج نسخة كاريكتورية متقنة لشخصيتي لتسلية مخدمه الجديد. 
وقد علمت مؤخراً بأنّه كان يزعم أنني سرقت منه طرداً يحتوي على ملابس داخلية صوفية أرسلها له أحد أصدقائي...ربما جعلهم يرونني وأنا ألبس "طقمه"؟
مرت السنوات، وسمعت أنّ فينشنزو كان يعمل بشكل متقطع- بضعة أيام هنا وأخرى هناك. وأنّه قام بتأسيس عمله الخاص لصناعة كعكات الزفاف. وكان يصبّها في ثلاث طبقات أو أكثر. وفي الحفل كانت الأبواب تفتح بشكل مسرحي ليتقدم فينشنزو بقبعته الطويلة وتلمع عينيه السوداوين بفرحة الابتكار. كان يضعها على الطاولة أمام العروسين، ويأخذ ثلاث خطوات إلى الوراء، ثم ينحني، وعندما ينتصب واقفاً من جديد، كان يلقي قصيدة فريدة بلهجة نقية، كتبها خصيصاً لتلك المناسبة. ولكن لا يستطيع المرء أن يعيش فقط على ما يحصل عليه من صنع كعكات الزفاف، والقصائد- ولا حتى دبّور بشري مهزول. حافظنا على سير العمل في الملجأ، وزيدت معاشات المسنين، وتم قبول فينشنزو في الوقت المناسب مقيماً فيها. 
وقد تكفلت العمليتان الجراحيتان اللتان أجراهما لعلاج عينيه إثر الإصابة بمرض المياه البيضاء، بوضع النهاية لتشرده وتجواله. وقد أدركت الراهبات قلقه وأعطينه امتيازات استثنائية، حيث كان مسموحاً له بالخروج وقتما يريد بقدر ما يريد، بالإضافة لخرق العديد من القوانين. لكنه كان في قفص آخر. عُثر عليه في صباح أحد الأيام متدلياً من بئر السلم في الملجأ. وهذه المرة لم يكن هنالك مفر.

    بيت في صقلية | تأليف: دافني فيليبس | الناشرون: كارول وغراف المحدودة | ترجمة أميمة الزبير | الفصل السادس- فينشنزينو ****** كان لابد من العثور على بديل لتوريدو التعس، الذي صار الآن في مكانه الطبيعي، كذراع أيمن للقمّص، ومديراً لخدمات الكاتدرائية. لفينشنزو وجه قديس- ذكيٌ ونحيفٌ- وله مزاج دبّورٍ. وقد كانت الصفة الأخيرة بالإضافة إلى مهاراته العامة سبباً في تمكنه من إيجاد أي عدد من الوظائف يريد. وقد أدى هذا الأمر إلى فقدانه العمل أيضاً، أو تخليه عنه، قبل أن يكمل أول شهرٍ في الغالب.  كانت مواهبه المتعددة مرغوبة للغاية. و كان حازماً جداً في شروط توظيفه: الإقامة في مكان العمل، وألا يتجاوز أجره الضئيل لحد السخف 5000 ليرة في الشهر لا أكثر ولا أقل.. لقد جاءني كخادم. وسرعان ما اكتشفنا قدرته على الاضطلاع بأدوار: طاهٍ من الدرجة الأولى، وصنع قبعة طويلة لهذا الغرض؛ ومساعد عام بقفازين أبيضين، وممرض مشفىً، ومُربَّي أطفال، ومسوّق، وماسك دفاتر، وغسّال، وأخيراً وليس آخراً على كل حال، نجم نوادٍ ليلية. يحمل في جعبته قصصاً للقديسين الصقليين، مجموعة غريبة ورائعة من الحكايا، والأحداث التي وقعت في أماكن عمله السابقة. كان في إحدى المرات يقوم بتوزيع الأطباق في عرضِ إحترافي، بينما-وفي غمرة الاستمتاع بعرضه- كان يسير حول الطاولة وهو يسرد، ويقلّد الشخصيات بإيماءات وحركات. اعتاد على بدء رواياته قائلاً: القديس بانكراس، وهو بالنسبة لك محطة، ولكنه بالنسبة لنا قديسٌ راعٍ للقرية. لقد كان أسقفاً." (ويرفع يديه ليرسم قلنسوة، ويصف لحيته الصغيرة الأنيقة الملوكية.) "لقد جاء من الشرق، هذا هو السبب في سواد بشرته. عاش في ظل الاحتلال العربي التركي لبلدتنا. و كان يؤمن بالصداقة مع الأعداء، كوسيلة للتعايش السلمي. دعاه الحاكم التركي لوليمة في أحد الأيام. قبل القديس بانكراس، وعندما ذهب وجد قاعة رائعة تحفل موائدها بالطعام والشراب. ولكن كانت هنالك مشكلة: كان على القديس بانكراس أن يتلو صلواته بدون الإساءة إلى مضيفيه، الذين كانوا وثنيين. كان ذكياً جداً. فكّر مليّاً، ثم، أشار بيديه كما لو أنّه يبارك- ولكن الترك لم يعرفوا ما كان ذلك- فقال، " كم هو جميل شكل هذه الغرفة. إنّ بعدها بين هذا المكان وذاك مثل البعد ما بين هناك وهنا." وعندما أكمل رشم علامة الصليب، تصدعت جميع الأكواب الزجاجية والآنية الفخارية الوثنية المرصوفة على وانشطرت ليتدفق الطعام الطيب كله، ويهرق الشراب. فهاجم الأتراك ضيفهم واغتالوه. لقد كان شهيداً عظيماً وقديساً، ولكنه اقترف خطأ فادحاً: سمح بقصف بلدته- هذه البلدة- في الحرب الأخيرة وفي يوم عيده. وعليه فقد تعين علينا أنّ نعاقبه لتسع سنوات، حتى نلقنه درساً، سيدتي هل تتخيلين ذلك؟ لقد سمح لأسوأ الكوارث في كل تأريخنا، أن تحدث في يوم عيده." ثم كان على فينشنزو أن يجمع الأطباق.  في الأيام التالية سوف يمثل، دون إهمال أية تفصيلة، قصصاً مثيرة عن القديستين أجاثا ولوشيا. هما أيضاً عانتا تحت حكم العرب عندما رفضتا عروض الحاكم الأجنبي قائلتين إنهما ملك خالص روحاً وجسداً للواحد العليّ. وبإثارة متصاعدة كان فينشنزو يتحوّل لحاكم في ثورة من الغضب والشهوة. الجلّادين، والثيران المتوحشة رفضت التحرك عندما قيدت إلى جذع شجرة، وضربت الضحايا حتى تمزقت أجسادها. كما تقمص أيضاً هيئة الذي اشتعل لكنه مال بعيداً عن الفريسة. عندما فاضت معاناة العذراوين، ابتهلتا بالصلاة، بيدين مشبوكتين وسط الرعب، وأصبحتا شهيدتين في ذروة المشهد، وانتُزعت عينا لوشيا، وقُطع نهدا أجاثا. لم يُترك شيٌء لنتخيله وحدنا... ثم، وبعد أن تعبنا من هذه الحكايات، صار يقلّد وجهاء البلدة. إذ أنّه عمل في بيوتهم لفترات قصيرة، مطّلعاً على نزواتهم وهوسهم. كانت هنالك مجموعة ثرّة. منها قصة المرأة الثرية البخيلة التي أرسلته لشراء لحم مؤخرة رقبة خروف فقط، وصرخت فيه غاضبة لأنّه استعار مظلتهم الوحيدة- والتي لم تكن سوى بقية من مظلة بالأحرى- ليحتمي بها من المطر الذي كان يهطل عندئذٍ. قائلة له: " ضعها في مكانها، ضعها في مكانها. كيف تجرؤ، تلك ليست لأمثالك، إنّها لي." مضى فينشينزو: قلت في كبرياء،"سيدتي، إن لم تكوني قادرة على إعارتي تلك القطعة البائسة، فإنك لا تستحقين أن أعمل من أجلك." وخرجتُ، ولكني أخذت معي تلك القطعة، وإن لم تصدقينني سيدتي، سأريك إياها. لقد احتفظت بها كتذكار، حتى أوفيها حقها! لقد كانت عبارة عن ثقوب وأسلاك، ولكنها قالت إنّها ليست لأمثالي، وكنت خارجاً تحت المطر من أجل طلباتها التعيسة. ثم، يا سيدتي، توفيت السيدة. لقد كانت امرأة سمينة جداً، على الرغم من أنّها عاشت على لحم مؤخرة عنق الخروف. كان عليهم صنع تابوت بحجم خاص، بيد أنّ ذلك لم يكن كافياً: لقد اضطروا لخلع الأبواب حتى يدخلوه ثم يخرجوه. لقد كان يوم الجنازة مشرقاً وجميلاً، والسماء زرقاء لا تحجب صفاءها عن العيون غيمة. شُيعت بموكب طويل سار عبر الشارع. لم يغب عنه أحد، فقد كانت من أسرة غنية. انتظرتُ أنا خارج الكاتدرائية حتى أُخرج التابوت. ثم، عندما انضم آخر المعزّين إلى الموكب، فتحتُ قطعة المظلة، وكان نصفها خالياً من القماش-وامتلأ نصفها الآخر بالثقوب- وسرت خلفها بملامح جامدة. نظر إليّ الناس شذراً. وقالوا، " ولكن السماء لا تمطر يا فينشنزو، وحتى إن كانت كذلك فهذا الشيء لن يمنعه عنك." نظرت إليهم. إنّهم يعرفونني ويعرفوا أساليبي. ثم قلت. " سيفهمون."" بخلاف خالي، والذي عمل مرة لحسابه لأربعة أشهر أثناء وجود ماريا في المشفى، لم يرضَ فينشنزو إلا عن مخدم واحد. كانت سيدة لها ابنة، كانت تدللها حد العبادة. لم تكن عائلة ميسورة، وفيشنزو الذي أصبح مخلصاً بمزاجه الدبّوري، شعر بأنّ عليه مساندتها. وهكذا وأثناء فترة غياب ابنتها في الجامعة، كان يرسل لها البطاقات البريدية، التي يقرأها كل من وقعت في يده، وكان يعرف أنّهم يفعلون. كانت دائماً تمهر بالعبارة:" من أحد خدمك المخلصين، فيشنزو". "جعلها هذا الأمر تشعر بأهمية خاصة، سينورينا، وكانت تستحق ذلك. لذا لم يكن هناك ضير من هذا التصرف. للسيدة بعض الأقارب المتكبرين في البلدة. لكني لم أكن أعمل معهم سوى ساعات قليلة في الأسبوع، وكنتُ العامل االوحيد". أهداه أحد أصدقائي الأثرياء- قبل أن يرحل- وكان مفتوناً بمهارات فينشنزو العديدة- معطفاً رمادياً من الصوف عال الجودة، مخبراً إياه أنّ دوق ويندسر هو من اشترى النصف الثاني من الثوب. طبعا لم ير فينشنزو الدوق ناهيك عن اقتنائه ثوباً جميلاً. توقعنا أن يتأثر بشدة بتلك الصلة الدوقية. لكنه بالكاد تمتم في كبرياء:"أشكرك"، وانحنى ثم غادر الغرفة. في حرج، وفسرت لهم الأمر بظني أنّه متأثر جداً بفخامة الهدية التي أعجزته لأول مرة عن التعبير. كان هذا كل شيء حتى تلك الأمسية. انتهى العمل، انفتحت الأبواب المزدوجة لغرفة الرسم بدون سابق إنذار، ووقف هناك فينشنزو متألقاً في البزّة- عدا أنّه كان أصغر من أن يملأها. اقترب في صمت ناحية من أهداه إياها، وجثا على ركبة واحدة، ثم قبّل يده، وانتظر للحظة، ثم هتف، " لقد أعطيتني هذه البزّة. سأمثل الآن دور يوليوس قيصر من أجلك." وبدون المزيد من الضجة انتفخ بحجم قيصر، وكان يتحدث بصوتٍ جهوري عظيم. ثم انكمش مرة أخرى ليتوسل إلى كالبورنيا بصوت عالي الطبقة، لقد تحوّل إلى الجيش الروماني بكامله وهو يسير مبتعداً بأبواقه وكل أدواته. وإلى حدٍ ما تمكن من تقليد كلِّ من بروتوس وأنطوني. كانت الغرفة حيّة بالشخوص. انتهى، انحنى، وقابل تصفيقنا بثقة في النفس تضاهي ثقة الممثلين الكبار. ثم غادر الغرفة على الفور. وكان يقول أيضاً "ألتمس العذر للانصراف في الوقت الحالي." في اليوم التالي هنأته، فينشنزو، لقد كان الأمر مذهلاً. ولكن كيف تعلّمت كل ذلك؟" "سيدتي، أنا أراقب كل شيء، في كل مكان. لقد عملت مرة مع البطلة بينما كانت مسرحية يوليوس قيصر تُعرض في المسرح العتيق. إذ تمكنت من مشاهدة جميع التدريبات، مراراً وتكراراً. كنت أنهي عملي بأكبر سرعة ممكنة، لأهرب مسرعاً إلى المسرح. كيف لي أن أنسى ذلك ما حييت؟ أما الآن فأنا أمارس التمثيل لنفسي في مناسبات خاصة. إنّه لشيء متعب أن تتقمص عدداً من الشخصيات. كانت تلك السيدة، يا سيدتي، التي تحمل جهاز الهاتف." "الهاتف؟" "ألم أخبرك عنها؟" لا "حسناً، ستفعلين في الغد." في اليوم التالي على العشاء:" تتحدث هذه القصة عن الفترة الأولى لدخول التلفون جزيرة صقلّية، قبل زمن طويل. امتلكت هذه السيدة أول هاتف رأيته. كنت وقتها جاهلاً. حسناً، في أحد الأيام، أخبرتني السيدة بأنّ زوجها قد يتصل من روما في أية لحظة، وأنّ علي الإجابة على الهاتف إن لم تكن موجودة. بالطبع لقد حدث الأمر بينما كانت في حمامها. تستحم الممثلات- يا سيدتي- في أوقات غريبة. وبدأ ذلك الشيء يرن تررررررر- تررررررر- تررررررررر. عليه نهضت إليه، وبدأت أنظر باتجاهه وهو يصدر ذلك الصوت الفظيع، وسألت: هل هذا إنجنيري؟" لم يجب. بل استمر في الرنين أكثر فأكثر، ترررررررر- تررررررر- وأقول، إنجنيري، رجاءً تحلّ بالصبر، وانتظر قليلاً. إن السنيورة في الحمام. انتظر فقط وستأتي على الفور." ولكنه لم يتوقف عن الرنين مهما قلت. " هل لي أن أقدم لك بعض القهوة ريثما يمر وقت الانتظار؟" لا إجابة حتى، سوى ترررر- تررر." بحلول هذا الوقت، كان فينشنزو على ركبتيه، ملوحاً يديه أمام تلك الآلة المتخيلة التي بدأت أراها أنا أيضاً. "أرجوك، أرجوك" – متوسلاً وبدأت دموعي تسيل في تلك اللحظة- "أرجوك اهدأ وانتظر، إنّها بخير وستأتي في الوقت المناسب. إنّه حمام فقط. سأذهب وأحضر لك بعض القهوة." لقد اعتقد أنّ ذلك قد يهدئه، وأنّه إلى حد ما، استطعت صبها في فوهة ذلك الشيء. لقد كنت جاهلاً جداً. كنت أؤمن بضرورة وجود تواصل بيني وبينه. ولكنه لم يفعل شيئاً سوى الاستمرار في الرنين. فركضت وطرقت على باب الحمام صارخاً، " تعالي بسرعة، يا سيدتي بسرعة. الإنجينيري يريدك ولا يريد التحدّث إلي. لا أعرف لماذا ولكن كل ما يفعل هو الرنين." في تلك اللحظة جاءت ورفعت السماعة." (كان فينشنزو يقلّد سيدته مبقبقاً القبلات على الهاتف.) "يا حبيبي- ألم يجب أحد؟ إنّه ذلك المغفل فينشنزو." ولكني كيف لي أن أعلم، يا سيدتي، أنّ علي أن أرفع ذلك الشيء لأتحدث وأسمع؟" ظل فينشنزو معي لعامين، الشيء الذي يعد حدثاً خارقاً للعادة في حياته المتمردة. يعني هذا أيضاً الكثير من الجهد المبذول من جانبي للتعامل مع نوبات غضبه. فقد كان في كل شهر تقريباً- الفترة المعتادة لترك العمل- يتأخر في النوم، ولا يقوم بعمله، ويرتمي في أحد المقاعد، ورجلاه تتدليان من أحد جوانب المقعد ويبدأ الشكوى، " إنَّ الدم يخرج من قدميّ. لم أعد قادراً على البقاء في هذا المكان دقيقة واحدة." على الرغم من عدم وجود أي أثر للدم، كنا نجتمع حوله ونظل نمدحه ونسريّ عنه، ونخبره أننا لا نستطيع الاستغناء عنه. تجاوزنا كثيرًا من الأزمات على هذا النحو.  ولكنه في أحد الشهور رفض النوم في المنزل. وظل يأتي متأخراً كل يوم أكثر من سابقه. وخلت أيامه من المحاكاة، وقلّ عمله إلى حدٍ كبير.  وفي أحد الأيام صارحني فجأة بقوله:" سيدتي، إنّه ليفطر قلبي أن أترك خدمتك، لكنّي مضطر." "ولكن لمَ يا فينشنزو؟" "أنا مريض." "إنّه لأمر مؤسف، لكن ما المشكلة؟" " لا أعرف، لكن لابد من الذهاب." "ولكن ألا تعتقد أنَّ هذا هو المكان الوحيد الذي أحببت الإقامة فيه؟ ربما كنت مخطئاً في الذهاب؟ دعني أطلب لك الطبيب ليعالجك. بإمكانك إجراء صورة بالأشعة السينية." كنت أعرف أنّ هذا مايرغب به الجميع في تلك الفترة.  "سيدتي، إنَّ عطفك لكبير، لكن هذا لن يجدي. أنا مثل الطيور في الهواء- وأشعر هنا بأنني حبيس قفص صغير. لابد من الطيران بعيداً." ولكن لم لا تأخذ إجازة؟ طر بعيداً وعد مرة أخرى عندما تشعر بالرغبة في ذلك. لابد أنّ تضع اعتباراً لتقدمك في السن. عندما تكون معي سوف تحصل على أختام التأمين اللازمة لاستحقاق المعاش. لا تخسر كل شيء من أجل لا شيء. ماذا ستفعل عندما لا تكون قادراً على العمل؟  "سوف أذهب إلى ملجأ المسنين الفقراء." "ولكن يا فنيشنزو، ستشعر هناك بالتقييد حقاً. هنالك قوانين سيتعين عليك الامتثال لها. وعلى أية حال نحن لا نعرف ما إذا كان سيظل مفتوحاً. افترض أنّه أُغلق، ماذا ستفعل إذن؟" لم يُجدِ ذلك فتيلاً، كان الجانب الدبّوري يسيطر على التفكير. كنت متأكدة أنّه سيقوم بإعادة إنتاج نسخة كاريكتورية متقنة لشخصيتي لتسلية مخدمه الجديد.  وقد علمت مؤخراً بأنّه كان يزعم أنني سرقت منه طرداً يحتوي على ملابس داخلية صوفية أرسلها له أحد أصدقائي...ربما جعلهم يرونني وأنا ألبس "طقمه"؟ مرت السنوات، وسمعت أنّ فينشنزو كان يعمل بشكل متقطع- بضعة أيام هنا وأخرى هناك. وأنّه قام بتأسيس عمله الخاص لصناعة كعكات الزفاف. وكان يصبّها في ثلاث طبقات أو أكثر. وفي الحفل كانت الأبواب تفتح بشكل مسرحي ليتقدم فينشنزو بقبعته الطويلة وتلمع عينيه السوداوين بفرحة الابتكار. كان يضعها على الطاولة أمام العروسين، ويأخذ ثلاث خطوات إلى الوراء، ثم ينحني، وعندما ينتصب واقفاً من جديد، كان يلقي قصيدة فريدة بلهجة نقية، كتبها خصيصاً لتلك المناسبة. ولكن لا يستطيع المرء أن يعيش فقط على ما يحصل عليه من صنع كعكات الزفاف، والقصائد- ولا حتى دبّور بشري مهزول. حافظنا على سير العمل في الملجأ، وزيدت معاشات المسنين، وتم قبول فينشنزو في الوقت المناسب مقيماً فيها.  وقد تكفلت العمليتان الجراحيتان اللتان أجراهما لعلاج عينيه إثر الإصابة بمرض المياه البيضاء، بوضع النهاية لتشرده وتجواله. وقد أدركت الراهبات قلقه وأعطينه امتيازات استثنائية، حيث كان مسموحاً له بالخروج وقتما يريد بقدر ما يريد، بالإضافة لخرق العديد من القوانين. لكنه كان في قفص آخر. عُثر عليه في صباح أحد الأيام متدلياً من بئر السلم في الملجأ. وهذه المرة لم يكن هنالك مفر. , Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi,,

Related Articles

كتاب منزل في صقلية - الفصل الثالث عشر- عرَّابة الدمى المتحركة
كتاب منزل في صقلية - الفصل الثاني عشر- الآثار
صور توثيقية من كتاب منزل في صقلية
كتاب منزل في صقلية - الفصل الحادي عشر- العمل الاجتماعي في صقلية
كتاب منزل في صقلية - الفصل العاشر- العرّاب
كتاب منزل في صقلية - الفصل التاسع - السيد ديلان توماس
كتاب منزل في صقلية - الفصل الثامن - كونستا