Arabic    

كتاب منزل في صقلية - الفصل الخامس - منزل ملائم للزواج جداً


2019-07-01 00:00:00
اعرض في فيس بوك
التصنيف : منزل في صقلية

 
 
بيت في صقلية | تأليف: دافني فيليبس | الناشرون: كارول وغراف المحدودة | ترجمة أميمة الزبير | الفصل الخامس منزل ملائم للزواج جداً 
*******
صار الزواج من فتاة ثرية من الخارج حلماً يراود الكثير من الشبان الصقليين، منذ أن بدأت السيدات الأجنبيات في التوافد على صقلية.
أضاعت فتيات كُثر قلوبَهنَّ- وعقولهَنَّ أيضاً- بينما كنّ يرمين بأنفسهن على أدونيس المستلقي على الشاطيء، أو الموسيقيين الذين ألقوا عليهنّ سحراً في ليلة بيضاء بدرية. لم يكنَّ يعرفنَ الكثير عن مواقف الصقليين تجاه النساء، ولم يدركن أنّهنّ لن يحصلن على زوج فقط بل عائلة كاملة- وربما حماة نيّقة جداً. 
كان لنا أنا وإيفا -في عام 1948 –نصيبمن الحيوية والإثارة: بينما كانت هي تتمتع بالجاذبية. لكني كنت الرهان الأفضل مالياً للزواج، أو ربما هكذا تصوروا الأمر، معتقدين أنّ المنزل كان ملكاً لي. كان حديثي مع الرجال شباباً وكهولاً يميل إلى أن يكون على هذه الشاكلة:
"هل أنت متزوجة؟"
"لا."
"متى سوف تتزوجين؟"
"من يدري؟"
"لِمَ لمْ تتزوجي؟"
كانت الإجابة على هذا السؤال في صقلية سهلة للغاية: " من الأفضل أن أكون حرّة."
بعد استيعابهم للإجابة السابقة يسألون: " هل أنتِ الوريثة؟"
أما أنا فأجيب بكل تواضع: " لا."
وكان من الواضح أنَّ هذه الإجابة تجعلهم يتراجعون. وأكاد أرى خلف هذه الوجوه أفكاراً تروح وتجيء: " من هي الوريثة؟"
"خالتي."
أفكار أخرى، ثم: " ما هو عمر خالتك؟"
" خمسة وسبعون."
في الحال، " هل تتزوجينني؟"
كنت أضحك. لقد وجدت هذا الأسلوب هو الأسهل في الدفاع. الرجال الصقليون لا يحبون أن يُرفضوا أو يُصدوا، ومن الحكمة عدم فعل ذلك، خاصة إن كان بإمكانهم تقديم مساعدة جليلة في يوم ما. 
وحالما أخبرت صديقاً إنجليزياً تطلق لتوه عن آمال الأهالي: " الكثير من الرجال يريدون الزواج من منزلي، وواحد أو اثنان منهم لا يمانعان في الحصول عليّ معه!" قال: "حسناً، إنّه منزل مناسب للزواج جداً!" وكان ينظر إليه بإعجاب. (أصبحت عبارته الأخيرة عنواناً لمقابلة في هيئة الإذاعة البريطانية قمت بها على برنامج Home Service مع جيمس مكنيش.)
كانت هنالك حوارات أخرى لا تنسى، وغريبة.
"سيدتي، هل عشتِ حرباً زائفة؟"
ترددت، لم أكن أنظر إلى حربي من هذه الزاوية، ثم أجبت، " لا ليس حقاً."
"لم؟ ماذا فعلتِ"
" لقد عبرت المحيط الاطلنطي في بعثة امتدت لاثنين وعشرين يوماً عام 1941، وأمضيت بقية فترة الحرب في وسط لندن."
بدت ردة الفعل كما لو أنّها نظرة رثاء، وتكاد تكون احتقاراً، وتشير ضمناً إلى أنني كنت استطيع القيام بشيء أفضل من ذاك، وتصدر هذه الإشارة من شخص يحاول أن يبهرني. 
بعد ذلك بفترة قصيرة، عرفت أنّ السكان، بما فيهم الإطفائيون غادروا تورمينا إلى الجبال عندما أطلقت القوات البحرية الملكية تحذيراً بعزمها على قصف تورمينا (وهي هدف مشروع كونها كانت مقراً لكيسلرينغ، وقد صدرت منها جميع خطط حملات مالطة.) ضحكت لذلك، وأنا أفكر بالليالي الطويلة التي أمضيناها في مراقبة القصف في لندن- جميعنا رجالاً ونساء من كل الأعمار ومختلف التخصصات. 
"لم تضحكين؟" لقد كانت غاية في الزيف".
من الواضح أنَّ المقابل للحرب الزائفة هو الحرب الطائشة، وربما لم يكن هنالك مثال أفضل من بريطانيا في عام 1940، بعد معركة دونكيرك، وسقوط فرنسا؟
فكرت في هذا قليلاً. كانت هنالك جزيرتان يسكنهما مزيج من عامة سكان قارة أوربا. ظلتإحداهماتتعرض للهجوم على مدى قرون من جميع الأعراق المحاربة، وتم غزوها مراراً وتكراراً. لم تكن الحرب خيار شعبها على الإطلاق- ولم تسنح له الفرصة للانتصار عندما نشبت. وربما قرروا بأنّ أملهم الوحيد هو التزام العقل، والنجاة من القتال إن استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، ثم بدهائهم ومهاراتهم التي يتفوقون بها علىغُزاتهم الأكثر غباءً ربما. بريطانيا وشعبها، على الجهة الأخرى، يحميهم في حنوٍ واضح أعرض امتداد للبحر، والذي ظل بعيداً عن متناول الغزاة لألف سنة. كانوا يشعرون دائماً بأنّهم إن حصلوا على فرصة للفوز لنجحوا في هزيمة كل من يهاجمهم بدءاً من النورمان. لم أكن في إنجلترا عام 1940، ولكن أخبرني الأجانب المصدومون الذين كان شعورهم أثناء الحصار كما لو أنهم جرذان عالقون في مصيدة قبل الوصول الوشيك لهتلر الذي جاؤوا هرباً منه، في دهشة من رد الفعل الرصين للبريطانين تجاه الخطر الأكبر. التحمت الطبقات معاً، وظهرت كما لو أنها لم تكن، وكان ذلك بينما كانوا يجعلون ظهورهم في مقابلة الجدار. أما البريطانيون فتنفسوا الصعداء لأنّهم كانواً يحاربون وحدهم لا يتخلل صفوفهم أجنبي يُخشى من خذلانه.
قمت بوضع عدة خطط للعودة إلى المنزل الذي لم يكن ملكي..وفي التعاطي مع عدة خطّاب. بالإضافة إلى الضحكة التي قد تحول بينهم وبين الشعور بآلام الرفض الصريح.
قلت لأحدهم إنّني أتمتع بحس استقلالي عالٍ، ولا أرغب في التحوّل إلى ربّة منزلٍ صقلية يائسة، وتظاهرت أمام آخرٍ بأنني طائشة عندما راقصت عدداً من الرجال المختلفين في سهرة واحدة، بل حتى سمحت ببعض الغزل البريء. في تلك الأيام كان الرجال الصقليون يحبّون أن تظلّ نساؤهم في المنزل، بينما يخرجون هم ويغازلون الأجنبيات- إن كان هناك أيّ منهن بالطبع. وفوق كل هذا وذاك شددت على أننّي لست وريثة.
وقد صرفت أحد الخطّاب المهتمين في السنة الثانية لي بتقديمه إلى ممثلة شقراء حسناء. لقد عرض على الفور أن يعطيها دروساً في اللغة الإيطالية. وأصرّت هي على وجودي كرفيقة ومترجمة. فبدأ بقوله: دعينا نبدأ بالعاطفيات،" وهو ينفحها بأنفاسه المعبأة برائحة الثوم. كان الدرس الأول والأخير! ولكنه ألحّ على دعوتها للتنزه معه مشياً على الأقدام. لقد كان فخووراً بذلك. " ألستُ أنا بأسعادي رجلٍ بالعالمي كله؟ على يدي اليمنى ألطفُ سيدةٍ [سيدتي]، وعلى يساري أجملُ بنتٍ في العالم،فضحكت [من لكنته] معي وأشاحت ببصرها بعيداً. 
ساعدتُ آخرَ على الهجرة إلى كندا، مؤكدة له أنّ لا مستقبل لرجل موهوب مثله في تورمينا. فذهب إلى تورنتو وكان ناجحاً حقاً.
ودعاني عقب ذلك بسنوات قليلة إلى الإقامة معه في ميلانو، حيث يعمل الآن كمستشار اقتصادي في حكومة تورنتو. وقال بينما كنا ندلف إلى سيارته الرائعة " انظروا إلى المكان الذي أوقفنا فيه السيارة." لقد كان بالقرب من لافتة كبيرة تقول " محجوزة بأمر السلطات". أنبهرت بالطبع.
في تلك الأثناء كانت ماريا لدى الباب الخلفي تستمتع بقبول الهدايا التي رفضتها أنا لدى الباب الأمامي. كلها عدا اثنتين لم أستطع رفضهما. كانت الأولى بيضة فصح كبيرة من الشيكولاتة. 
وقد كنا غاية في الاقتصاد في تناولها فظلت معنا لسنوات، وكان لعابنا يسيل لمجرد رؤيتها. الثانية وصلت ويحملها رجلان على إثرهما المانح الفخور. كانت أمفورة رومانية التقطت مؤخراً من خليج نيكسوس، كانت ملأى بعملات بيزنطية من الذهب الخالص وعمرها ألف سنة. وعندما صرّح المانح عرضاً بأنّها ما زالت تحتوي بعض الرمل في القاع. لم أستطع الصبر، فأحضرت أنبوباً لتنظيفها. كانت خالية تماما من العملات للأسف. 
"لم أكن أعرف أنّك مهتمة بالعملات، كنت سأحضر لك واحدة- بإمكانك استخدامها لصنع خاتم جميل."
أرجو ألا أكون قد قلت بأنني أفكر حقاً في قرطين.. يا للرجل المسكين، لقد كلّف نفسه بجلب حامل مصنوع من الحديد للأمفورة. وما زالت تزّين الدرَج.
بعد أن قرأت كتاباً عنوانه:رجلٌفي المنزل (كان بطله خادماً إيطالياً نجح في التسلل إلى عواطف، ثم فراش صاحبة المنزل الثرية العازبة، وحصل على ثروتها) أدركت أنّ إحدى المقابلات الغريبة التي بدت كطلب لوظيفة، كانت في الحقيقة محاولة من جانبه لوضع قدمه على أولى عتبات سلم الثروة. 
كان يوماً بارداً ورطباً ولكنه تفاجأ برؤيتي في الحديقة مرتدية مئزراً وحذاء طويل- مثل الفلاحة- منحنية بكلتا يدي على التراب، أزرع الزهور والسناريا. ولم تكن سيدة في صقلية لتفعل ذلك في تلك الأيام، ومن النادر جداً رؤية إحداهن في موقف صعب كهذا. كان التكلّف في مظهره واضحاً. دخل وهو يرتدي بنطالاً ضيقاً، وكان شعره طويلاً، وكان ذاك يناسبه جداً. كان الشعر داكن اللون ورطباً ويصل حتى الياقة الطويلة لقميصه القرمزي. وقد اكتملت الصورة بوضع قبعة مرتفعة على رأسه بزاوية مائلة على طريقة أعضاء المافيا.
عرف بعد لحظة تردد، وعلى الرغم من مظهري،أنّني صاحبة المكان بلا شك، فشرع في إلقاء حديثه المعدّ مسبقاً: " سيدتي، لقد سمعت أنك لؤلؤة، وأرجو أنْ أكون ألماسة بجوار تلك اللؤلؤة."
نظرت إليه من أعلى إلى أسفل في نفور. أيمكن أن يكون هذا المخلوق قد أتى من أجل وظيفة؟ كنت أبحث عن طاهٍ، ومساعد عام ولكنّي عزمت على التريّث ولم أعلن عن حوجتي،فسيسعى- إن فعلت- الكثير من الأشخاص غير المرغوب فيهم للحصولعلى الوظيفة، أملاً في السيطرة على السيدة الأجنبية التي يبدو أنّها تعيش بدون رجل يحميها.
قلت بحزم: "لا يمكنني اتخاذ قرار الآن، اعطني الاسم والعنوان فربما احتجت إلى خدماتك. في الوقت المناسب سأرسل إليك." 
"ولكني يا سيدتي لا أستطيع تخيل أن تعطي مكاني لشخص آخر! إن أعطاني البيرجو غراندي بالازو 500.000، لا دعنا نقول 600.000 لما اخترت إلا أنْ اكون الماستك. فهل هنالك إخلاص أشد من هذا؟
أخذته فترة من التردد متأثراً بهدوئي وضعف حماستي، ثم كرر طموحه المتحمس للعمل معي، ومعي فقط دون سواي. 
رجعت إلى زراعتي، وابتعد هو في حزن عبر ممشى الحديقة، وهو يهزّ رأسه تعجّباً من لامنطقية النساء. والآن عندما نلتقي في الطريق، يشيح بنظره بعيداً. من الواضح أنّه عرف أنّهلن يصل إلى آماله في الثروة إن سار باتجاهي.

    بيت في صقلية | تأليف: دافني فيليبس | الناشرون: كارول وغراف المحدودة | ترجمة أميمة الزبير | الفصل الخامس منزل ملائم للزواج جداً  ******* صار الزواج من فتاة ثرية من الخارج حلماً يراود الكثير من الشبان الصقليين، منذ أن بدأت السيدات الأجنبيات في التوافد على صقلية. أضاعت فتيات كُثر قلوبَهنَّ- وعقولهَنَّ أيضاً- بينما كنّ يرمين بأنفسهن على أدونيس المستلقي على الشاطيء، أو الموسيقيين الذين ألقوا عليهنّ سحراً في ليلة بيضاء بدرية. لم يكنَّ يعرفنَ الكثير عن مواقف الصقليين تجاه النساء، ولم يدركن أنّهنّ لن يحصلن على زوج فقط بل عائلة كاملة- وربما حماة نيّقة جداً.  كان لنا أنا وإيفا -في عام 1948 –نصيبمن الحيوية والإثارة: بينما كانت هي تتمتع بالجاذبية. لكني كنت الرهان الأفضل مالياً للزواج، أو ربما هكذا تصوروا الأمر، معتقدين أنّ المنزل كان ملكاً لي. كان حديثي مع الرجال شباباً وكهولاً يميل إلى أن يكون على هذه الشاكلة: "هل أنت متزوجة؟" "لا." "متى سوف تتزوجين؟" "من يدري؟" "لِمَ لمْ تتزوجي؟" كانت الإجابة على هذا السؤال في صقلية سهلة للغاية: " من الأفضل أن أكون حرّة." بعد استيعابهم للإجابة السابقة يسألون: " هل أنتِ الوريثة؟" أما أنا فأجيب بكل تواضع: " لا." وكان من الواضح أنَّ هذه الإجابة تجعلهم يتراجعون. وأكاد أرى خلف هذه الوجوه أفكاراً تروح وتجيء: " من هي الوريثة؟" "خالتي." أفكار أخرى، ثم: " ما هو عمر خالتك؟" " خمسة وسبعون." في الحال، " هل تتزوجينني؟" كنت أضحك. لقد وجدت هذا الأسلوب هو الأسهل في الدفاع. الرجال الصقليون لا يحبون أن يُرفضوا أو يُصدوا، ومن الحكمة عدم فعل ذلك، خاصة إن كان بإمكانهم تقديم مساعدة جليلة في يوم ما.  وحالما أخبرت صديقاً إنجليزياً تطلق لتوه عن آمال الأهالي: " الكثير من الرجال يريدون الزواج من منزلي، وواحد أو اثنان منهم لا يمانعان في الحصول عليّ معه!" قال: "حسناً، إنّه منزل مناسب للزواج جداً!" وكان ينظر إليه بإعجاب. (أصبحت عبارته الأخيرة عنواناً لمقابلة في هيئة الإذاعة البريطانية قمت بها على برنامج Home Service مع جيمس مكنيش.) كانت هنالك حوارات أخرى لا تنسى، وغريبة. "سيدتي، هل عشتِ حرباً زائفة؟" ترددت، لم أكن أنظر إلى حربي من هذه الزاوية، ثم أجبت، " لا ليس حقاً." "لم؟ ماذا فعلتِ" " لقد عبرت المحيط الاطلنطي في بعثة امتدت لاثنين وعشرين يوماً عام 1941، وأمضيت بقية فترة الحرب في وسط لندن." بدت ردة الفعل كما لو أنّها نظرة رثاء، وتكاد تكون احتقاراً، وتشير ضمناً إلى أنني كنت استطيع القيام بشيء أفضل من ذاك، وتصدر هذه الإشارة من شخص يحاول أن يبهرني.  بعد ذلك بفترة قصيرة، عرفت أنّ السكان، بما فيهم الإطفائيون غادروا تورمينا إلى الجبال عندما أطلقت القوات البحرية الملكية تحذيراً بعزمها على قصف تورمينا (وهي هدف مشروع كونها كانت مقراً لكيسلرينغ، وقد صدرت منها جميع خطط حملات مالطة.) ضحكت لذلك، وأنا أفكر بالليالي الطويلة التي أمضيناها في مراقبة القصف في لندن- جميعنا رجالاً ونساء من كل الأعمار ومختلف التخصصات.  "لم تضحكين؟" لقد كانت غاية في الزيف". من الواضح أنَّ المقابل للحرب الزائفة هو الحرب الطائشة، وربما لم يكن هنالك مثال أفضل من بريطانيا في عام 1940، بعد معركة دونكيرك، وسقوط فرنسا؟ فكرت في هذا قليلاً. كانت هنالك جزيرتان يسكنهما مزيج من عامة سكان قارة أوربا. ظلتإحداهماتتعرض للهجوم على مدى قرون من جميع الأعراق المحاربة، وتم غزوها مراراً وتكراراً. لم تكن الحرب خيار شعبها على الإطلاق- ولم تسنح له الفرصة للانتصار عندما نشبت. وربما قرروا بأنّ أملهم الوحيد هو التزام العقل، والنجاة من القتال إن استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، ثم بدهائهم ومهاراتهم التي يتفوقون بها علىغُزاتهم الأكثر غباءً ربما. بريطانيا وشعبها، على الجهة الأخرى، يحميهم في حنوٍ واضح أعرض امتداد للبحر، والذي ظل بعيداً عن متناول الغزاة لألف سنة. كانوا يشعرون دائماً بأنّهم إن حصلوا على فرصة للفوز لنجحوا في هزيمة كل من يهاجمهم بدءاً من النورمان. لم أكن في إنجلترا عام 1940، ولكن أخبرني الأجانب المصدومون الذين كان شعورهم أثناء الحصار كما لو أنهم جرذان عالقون في مصيدة قبل الوصول الوشيك لهتلر الذي جاؤوا هرباً منه، في دهشة من رد الفعل الرصين للبريطانين تجاه الخطر الأكبر. التحمت الطبقات معاً، وظهرت كما لو أنها لم تكن، وكان ذلك بينما كانوا يجعلون ظهورهم في مقابلة الجدار. أما البريطانيون فتنفسوا الصعداء لأنّهم كانواً يحاربون وحدهم لا يتخلل صفوفهم أجنبي يُخشى من خذلانه. قمت بوضع عدة خطط للعودة إلى المنزل الذي لم يكن ملكي..وفي التعاطي مع عدة خطّاب. بالإضافة إلى الضحكة التي قد تحول بينهم وبين الشعور بآلام الرفض الصريح. قلت لأحدهم إنّني أتمتع بحس استقلالي عالٍ، ولا أرغب في التحوّل إلى ربّة منزلٍ صقلية يائسة، وتظاهرت أمام آخرٍ بأنني طائشة عندما راقصت عدداً من الرجال المختلفين في سهرة واحدة، بل حتى سمحت ببعض الغزل البريء. في تلك الأيام كان الرجال الصقليون يحبّون أن تظلّ نساؤهم في المنزل، بينما يخرجون هم ويغازلون الأجنبيات- إن كان هناك أيّ منهن بالطبع. وفوق كل هذا وذاك شددت على أننّي لست وريثة. وقد صرفت أحد الخطّاب المهتمين في السنة الثانية لي بتقديمه إلى ممثلة شقراء حسناء. لقد عرض على الفور أن يعطيها دروساً في اللغة الإيطالية. وأصرّت هي على وجودي كرفيقة ومترجمة. فبدأ بقوله: دعينا نبدأ بالعاطفيات،" وهو ينفحها بأنفاسه المعبأة برائحة الثوم. كان الدرس الأول والأخير! ولكنه ألحّ على دعوتها للتنزه معه مشياً على الأقدام. لقد كان فخووراً بذلك. " ألستُ أنا بأسعادي رجلٍ بالعالمي كله؟ على يدي اليمنى ألطفُ سيدةٍ [سيدتي]، وعلى يساري أجملُ بنتٍ في العالم،فضحكت [من لكنته] معي وأشاحت ببصرها بعيداً.  ساعدتُ آخرَ على الهجرة إلى كندا، مؤكدة له أنّ لا مستقبل لرجل موهوب مثله في تورمينا. فذهب إلى تورنتو وكان ناجحاً حقاً. ودعاني عقب ذلك بسنوات قليلة إلى الإقامة معه في ميلانو، حيث يعمل الآن كمستشار اقتصادي في حكومة تورنتو. وقال بينما كنا ندلف إلى سيارته الرائعة " انظروا إلى المكان الذي أوقفنا فيه السيارة." لقد كان بالقرب من لافتة كبيرة تقول " محجوزة بأمر السلطات". أنبهرت بالطبع. في تلك الأثناء كانت ماريا لدى الباب الخلفي تستمتع بقبول الهدايا التي رفضتها أنا لدى الباب الأمامي. كلها عدا اثنتين لم أستطع رفضهما. كانت الأولى بيضة فصح كبيرة من الشيكولاتة.  وقد كنا غاية في الاقتصاد في تناولها فظلت معنا لسنوات، وكان لعابنا يسيل لمجرد رؤيتها. الثانية وصلت ويحملها رجلان على إثرهما المانح الفخور. كانت أمفورة رومانية التقطت مؤخراً من خليج نيكسوس، كانت ملأى بعملات بيزنطية من الذهب الخالص وعمرها ألف سنة. وعندما صرّح المانح عرضاً بأنّها ما زالت تحتوي بعض الرمل في القاع. لم أستطع الصبر، فأحضرت أنبوباً لتنظيفها. كانت خالية تماما من العملات للأسف.  "لم أكن أعرف أنّك مهتمة بالعملات، كنت سأحضر لك واحدة- بإمكانك استخدامها لصنع خاتم جميل." أرجو ألا أكون قد قلت بأنني أفكر حقاً في قرطين.. يا للرجل المسكين، لقد كلّف نفسه بجلب حامل مصنوع من الحديد للأمفورة. وما زالت تزّين الدرَج. بعد أن قرأت كتاباً عنوانه:رجلٌفي المنزل (كان بطله خادماً إيطالياً نجح في التسلل إلى عواطف، ثم فراش صاحبة المنزل الثرية العازبة، وحصل على ثروتها) أدركت أنّ إحدى المقابلات الغريبة التي بدت كطلب لوظيفة، كانت في الحقيقة محاولة من جانبه لوضع قدمه على أولى عتبات سلم الثروة.  كان يوماً بارداً ورطباً ولكنه تفاجأ برؤيتي في الحديقة مرتدية مئزراً وحذاء طويل- مثل الفلاحة- منحنية بكلتا يدي على التراب، أزرع الزهور والسناريا. ولم تكن سيدة في صقلية لتفعل ذلك في تلك الأيام، ومن النادر جداً رؤية إحداهن في موقف صعب كهذا. كان التكلّف في مظهره واضحاً. دخل وهو يرتدي بنطالاً ضيقاً، وكان شعره طويلاً، وكان ذاك يناسبه جداً. كان الشعر داكن اللون ورطباً ويصل حتى الياقة الطويلة لقميصه القرمزي. وقد اكتملت الصورة بوضع قبعة مرتفعة على رأسه بزاوية مائلة على طريقة أعضاء المافيا. عرف بعد لحظة تردد، وعلى الرغم من مظهري،أنّني صاحبة المكان بلا شك، فشرع في إلقاء حديثه المعدّ مسبقاً: " سيدتي، لقد سمعت أنك لؤلؤة، وأرجو أنْ أكون ألماسة بجوار تلك اللؤلؤة." نظرت إليه من أعلى إلى أسفل في نفور. أيمكن أن يكون هذا المخلوق قد أتى من أجل وظيفة؟ كنت أبحث عن طاهٍ، ومساعد عام ولكنّي عزمت على التريّث ولم أعلن عن حوجتي،فسيسعى- إن فعلت- الكثير من الأشخاص غير المرغوب فيهم للحصولعلى الوظيفة، أملاً في السيطرة على السيدة الأجنبية التي يبدو أنّها تعيش بدون رجل يحميها. قلت بحزم: "لا يمكنني اتخاذ قرار الآن، اعطني الاسم والعنوان فربما احتجت إلى خدماتك. في الوقت المناسب سأرسل إليك."  "ولكني يا سيدتي لا أستطيع تخيل أن تعطي مكاني لشخص آخر! إن أعطاني البيرجو غراندي بالازو 500.000، لا دعنا نقول 600.000 لما اخترت إلا أنْ اكون الماستك. فهل هنالك إخلاص أشد من هذا؟ أخذته فترة من التردد متأثراً بهدوئي وضعف حماستي، ثم كرر طموحه المتحمس للعمل معي، ومعي فقط دون سواي.  رجعت إلى زراعتي، وابتعد هو في حزن عبر ممشى الحديقة، وهو يهزّ رأسه تعجّباً من لامنطقية النساء. والآن عندما نلتقي في الطريق، يشيح بنظره بعيداً. من الواضح أنّه عرف أنّهلن يصل إلى آماله في الثروة إن سار باتجاهي. , Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi,,

Related Articles

كتاب منزل في صقلية - الفصل الثالث عشر- عرَّابة الدمى المتحركة
كتاب منزل في صقلية - الفصل الثاني عشر- الآثار
صور توثيقية من كتاب منزل في صقلية
كتاب منزل في صقلية - الفصل الحادي عشر- العمل الاجتماعي في صقلية
كتاب منزل في صقلية - الفصل العاشر- العرّاب
كتاب منزل في صقلية - الفصل التاسع - السيد ديلان توماس
كتاب منزل في صقلية - الفصل الثامن - كونستا