محادثات مع غوته - الجزء الأول

محادثات مع غوته - الجزء الأول
هنالك أغسطس هاغن، في كونيغسبرغ، ذو الموهبة الرائعة: هل سبق لك أن قرأت عمله "Olfried und Lisena؟" في ذلك العمل تجد فقرات لا يمكن كتابتها بشكل أفضل؛ الأوضاع في بحر البلطيق، وغيرها من تفاصيل تلك المنطقة، كلها مكتوبة بمهارة. ولكنها ليست سوى فقرات جميلة؛ وهي ككل لا ترضي أحدًا. تُرى ما هي كمية العمل والقوة التي وضعها في ذلك الأمر؛ بالتأكيد إنه قد استنفد نفسه تقريبًا. والآن، يكتب مأساة". هنا ابتسم غوته، وتوقف مؤقتًا للحظة، أمسكت بخيط الحديث، وقلت إنه إذا لم أكن مخطئًا، فقد نصح هاغن (في 'Kunst und Alterthum') بأن يعالج فقط الموضوعات الصغيرة. ''فعلت ذلك بالتأكيد"، أجاب؛ ''ولكن هل يستمع الناس إلى توجيهاتنا نحن المسنين؟ الكل يعتقد أنه يعرف أفضل عن نفسه، وبالتالي يتم فقدان الكثيرين تمامًا، ويضل الكثيرون الطريق لفترة طويلة. الآن لم يعد هناك وقت كافٍ للخطأ - ذلك أمر يخصنا نحن المسنين؛ وما هي الفائدة من كل بحثنا ونهبنا، إذا اختار الشباب الذهاب في الطريق نفسه مرة أخرى. بهذه الطريقة لا يمكننا أن نتقدم أبدًا. لقد كانت أخطاؤنا محتمة لأننا لم نجد طريقًا؛ ولكن بالنسبة لمن سيأتي لاحقًا إلى العالم فالمطلوب منه أكثر؛ لا يجب أن يسعى، بل يجب أن يستخدم تعليمات المسنين لكي يمضي قدمًا على الطريق الصحيح. لا يكفي أن تتخذ خطوات قد تؤدي في يوم ما إلى هدف؛ يجب أن تكون كل خطوة في حد ذاتها هدفًا، وخطوة نحو الحكمة.
"اِحمل هذه الكلمات معك، وانظر كيف يمكنك تطبيقها على نفسك، ليس ذلك لأنني أشعر حقًا بعدم الارتياح تجاهك، ولكن ربما من خلال نصيحتي أستطيع مساعدتك بسرعة خلال الفترة التي ليست مناسبة لحالتك الراهنة. إذا عالجتَ الموضوعات الصغيرة فقط في الوقت الحاضر، محطمًا ما يقدم لك كل يوم، سوف تنتج عمومًا شيئًا جيدًا، وسوف يجلب لك كل يوم المتعة. قدِّمْ ما تفعله لكتب الجيب والدوريات، ولكن لا تدع نفسك لطلبات الآخرين؛ اتبع دائمًا حدسك الخاص.
"العالم عظيم وغني جدًا، والحياة مليئة بالتنوع، بحيث لا تحتاج أبدًا مناسبات للقصائد. ولكن القصائد كلها يجب أن تكون عرضية؛ وبقول هذا، يجب أن يعطي الواقع كلًا من الدافع والمواد اللازمة لإنتاجها. تصبح حالة معينة عالمية وشعرية بسبب الظرف المحدد الذي تعامل معه الشاعر. كل قصائدي هي قصائد عرضية، تقترحها الحياة الحقيقية، وتجد أساسًا متينًا فيها. لا أعلق أي قيمة على القصائد التي تنتزع من الهواء.
'' لا تدع أحدًا يخبرك أنِّ الواقع يريد المصلحة الشعرية؛ لأنه من خلال هذه المسألة يثبت الشاعر موهبته وحقيقة أنه يملك الفن للفوز بجانب مثير للاهتمام في موضوع معتاد. الواقع يجب أن يمنح الدافع، النقاط التي سيتم التعبير عنها، - النواة، لو كان بإمكاني قول ذلك؛ ولكن أن تصنع منها كلية جميلة ومفعمة بالحيوية، فهذا ينتمي إلى الشاعر. أنت تعرف أنِّ فورستين كان يُدعى شاعر الطبيعة؛ وقد كتب أجمل قصيدة ممكنة، حول زراعة نبات الجنجل. لقد اقترحت عليه أن يصنع أغانٍ للحِرف المختلفة التي يقوم بها الرجل العامل، وبالأخص أغنية للنساجين، أنا واثق من أنه سوف يفعل ذلك بشكل جيد، لأنه عاش بين هؤلاء الناس منذ شبابه؛ وهو يفهم الموضوع بدقة، وبالتالي فهو سيد مادته. هذه بالضبط ميزة الأعمال الصغيرة؛ تحتاج فقط لاختيار تلك الموضوعات التي ستتمكن من إتقانها. مع قصيدة عظيمة، لا يمكن لهذا أن يحدث؛ لا يمكنك تجنب أي جزء. كل ما ينتمي إلى الحيوية الكلية، ويتشابك في الخطة، يجب أن يكون ممثلًا بدقة، في مرحلة الشباب، ومع ذلك، معرفة الأشياء هي فقط من جانب واحد. لكن العمل العظيم يتطلب العديد من الجوانب، وعلى هذه الصخرة ينكسر المؤلفون الشباب".
قلت لغوته إنني كنت أفكر في كتابة قصيدة عظيمة عن المواسم، والتي قد تربط بين التوظيف والتسلية خلال جميع الطبقات. وهذا ما أردته في هذا الصدد، أجاب غوته؛ "قد تنجح في أجزاء كثيرة، ولكن تفشل في أجزاء أخرى وذلك يشير إلى أنها لم تتحقق على النحو الواجب، وربما ستكتب عن الصياد بشكل جيد، والقناص بشكل سيء؛ وإذا فشلت في أي مكان، فالنتيجة الكلية ستكون كلها فاشلة، ومهما تعددت الأجزاء الجيدة، فلن تنتج عملًا مثاليًا. قدِّمْ الأجزاء الجيدة لما تساويه، وتأكد من أنه شيء جيد.
"أحذرك بشكل خاص من اختراعاتك العظيمة، لأنك حينها ستحاول إعطاء وجهة نظر حول الأشياء، ولهذا الغرض نادرًا ما يكون الشباب ناضجًا، علاوة على ذلك، الطابع والآراء تفصل نفسها كجوانب من عقل الشاعر، وتحرمه من الامتلاء المطلوب للإنتاج في المستقبل. وأخيرًا، كم من الوقت يتم فقدانه في الاختراع، والترتيب الداخلي، والجمع، والذي لن يشكرنا أحد عليه، حتى بإفتراض أنَّ عملنا منجز بسعادة.
"ومن ناحية أخرى بالعمل على مادة معينة، يسير كل شيء على نحو أفضل وأفضل. الحقائق والشخصيات يتم توفيرها، ولا يصبح لدى الشاعر سوى مهمة تحريك كل شيء، إنه يحافظ على امتلائه الخاص، لأنه يحتاج إلى جزء قليل من نفسه ، وبذلك لا يتم فقدان الكثير من الوقت والقوة، لأنه ليس لديه سوى مشكلة التنفيذ، وفي الواقع فإنني أنصح باختيار المواضيع التي تم العمل عليها من قبل، أتعلم عدد القصص التي كتبت حول إيفيجينيا! رغم ذلك كل واحدة منها تختلف عن الأخرى، لأنَّ كل كاتب يرتب الموضوع بشكل مختلف؛ وبذلك أعني، من خلال نمطه الخاص.
"ولكن، في الوقت الحاضر، من الأفضل وضع جميع المشاريع العظيمة جانبًا، لقد اجتهدت لفترة طويلة بما فيه الكفاية؛ وحان الوقت الذي يجب أن تدخل في فترة البهجة من الحياة، ولتحقيق ذلك، العمل على الموضوعات الصغيرة هو أفضل وسيلة".
خلال هذه المحادثة، كنا نسير جيئة وذهابًا في الغرفة. لم أستطع أن أفعل شيئًا سوى الموافقة، لأنني شعرت بحقيقة كل كلمة خلال كياني كله. وفي كل خطوة شعرت بأنني أخف وزنًا وأسعد، فأنا يجب أن أعترف بأنَّ مختلف الخطط الكبرى، التي لم أتمكن حتى الآن من تحديد رأي واضح بشأنها، لم تكن عبئًا صغيرًا بالنسبة لي. لقد ألقيتها الآن جانبًا، وسأدعها هكذا حتى أستطيع أن أتناول وأحلل موضوعًا وجزءًا تلو الآخر ببهجة، لأنه من خلال دراسة العالم أصبح تدريجيًا متسيدًا على أجزاء عديدة من المواد.
أشعر، من خلال كلمات غوته هذه بأنني أكثر حكمة وإدراكًا في أعماق روحي للحظ السعيد بلقاء خبير حقيقي. أفضلية لا تقدر.
ما الذي لا يجب أن أتعلمه منه هذا الشتاء! ما الذي يجب أن لا أكتسبه من لقائه، حتى في الأوقات التي لا يتكلم فيها عما هو مهم جدًا! شخصيته، وجوده المجرد، تبدو كأمر مُثَقِفٍ بالنسبة لي، حتى عندما لا يتكلم كلمة واحدة.
فايمار، الخميس، 2 أكتوبر 1823.
جئت إلى هنا أمس من جينا، ووُهبتُ طقسًا مقبولًا جدًا. بعد وصولي مباشرة، أرسل لي غوته تذكرة موسمية للمسرح ليرحب بي في فايمار. لقد شرعت بالأمس في اتخاذ ترتيباتي المحلية؛ وقد كانوا مشغولين جدًا في منزل غوته؛ فالسفير الفرنسي من فرانكفورت، الكونت راينهارد، ومستشار الدولة البروسي (ستاتسراث)، شولتز، من برلين، قد قاموا بزيارته.
كنت عند غوته خلال هذه الظهيرة أيضًا. كان فرحًا لرؤيتي، وكان لطيفًا ووديًا بكل الطرق. وبينما كنت أهمُ بالمغادرة، قال إنه سيعرفني أولًا على مستشار الدولة شولتز. أخذني إلى الغرفة المجاورة، حيث وجدت ذلك الرجل مشغولًا في النظر إلى الأعمال الفنية، قدمني له، ثم تركنا معًا لمزيد من التعارف.
"أنا سعيد جدًا"، قال شولتز، "لأنك ستبقى في فايمر، وتساعد غوته في ترتيب أعماله غير المنشورة، فقد أخبرني بالمزايا التي وعد نفسه بها من خلال مساعدتك، وأنه يأمل الآن استكمال العديد من الخطط الجديدة ".
أجبته أنه ليس لدي أي هدف آخر في الحياة سوى مساعدة الأدب الألماني؛ وأنه على أمل أن أكون مفيدًا هنا، فقد وضعت في الوقت الحاضر مخططاتي الأدبية جانبًا عن طيب خاطر. وأضفت، أنَّ الاجتماع العملي مع غوته، سيكون له تأثير أكثر إيجابية على ثقافتي الخاصة. وأتمنى، بهذه الطريقة، أن أكسب قدرًا من النضج خلال السنوات، وبالتالي، في النهاية، من الأفضل أن أقوم بهذه المهام التي لست معدًا لها بشكل كامل في الوقت الراهن.
"بالتأكيد"، أجاب شولتز، ''التأثير الشخصي لرجل استثنائي جدًا وخبير مثل غوته لا يقدر بثمن ، وأنا أيضًا قد أتيت لإنعاش نفسي مرة أخرى من عقله العظيم ".
ثم استفسر عن طباعة كتابي والذي أخبره عنه غوته في الصيف الماضي. قلت إنني آمل، في غضون أيام قليلة أن آمل أحصل على النسخ الأولى من جينا، وأنني بالتأكيد سأهديه واحدًا، وأرسله له في برلين لو لم يكن هنا حينها.
افترقنا بعد مصافحة ودية.
الثلاثاء، 14 أكتوبر، 1823.
في هذا المساء، ذهبت لأول مرة إلى حفل شاي كبير في منزل غوته. وصلت أولًا، واستمتعت بالنظر إلى المسكن المضاء ببراعة، والذي، من خلال الأبواب المفتوحة، يؤدي من غرفة إلى أخرى. في أبعد واحدة منها، وجدت غوته، والذي جاء لمقابلتي، بتحية بهيجة. كان يرتدي اللون الأسود، ويرتدى نجمته، التي أصبحت جزء منه كذلك. كنا وحدنا لفترة من الوقت، وذهبنا إلى ما تسمى بــ "الغرفة المغطاة" {Deckenzimmer\ حيث صورة زواج ألدو براندين، والتي كانت معلقة فوق أريكة حمراء، وقد جذبت اهتمامي بشكل خاص. على الستائر الخضراء الموضوعة جانبًا، كانت الصورة أمام عيني مسلطٌ عليها ضوء كبير، وكنت مسرورًا لتأملها بهدوء.
"نعم"، قال غوته، "لم يكن لدى القدماء النوايا العظيمة فقط، بل وضعوها في حيز التنفيذ. وعلى العكس من ذلك، فنحن المعاصرون لدينا نوايا عظيمة أيضًا، ولكن نادرًا ما نكون قادرين على إخراجها بهذه القوة والنضارة كما كنا نفكر فيها".
الآن جاء ريمر، ماير، المستشار فون مولر، والعديد من السادة المتميزين الآخرين وسيدات البلاط. ابن غوته وفراو فون غوته، الذين ألتقيت بهم الآن لأول مرة، دخلوا أيضًا. شُغِلَت الغُرف تدريجيًا، وكانت هناك حياة وبهجة في كل منها. بعض الشباب الأجانب كانوا حاضرين، وتحدث معهم غوته باللغة الفرنسية.
المجتمع يسرني، كل ذلك حر جدًا وغير مقيد؛ كان الجميع إما واقفين أو جالسين، ويضحكون ويتحدثون مع هذا الشخص أو ذاك، بالطريقة التي يريدونها. لقد أجريت محادثة حيوية مع غوته الصغير حول مسرحية هوالد "بيلد" (صورة)، * التي عرضت قبل بضعة أيام.
كان لدينا الرأي نفسه حول القطعة، وكنت مسرورًا جدًا لرؤية هذا الشاب يشرح نقاطًا مختلفة بكثير من الحيوية والذكاء.
بدا غوته نفسه وديًا جدًا في المجتمع. وكان يتنقل بين الحضور، وبدا وكأنه يفضل أن يسمع وينصت لحديث ضيوفه. كانت فراو فون غوته غالبًا ما تأتي وتتكئ عليه، وتقبله. كنت قد أخبرته في الآونة الأخيرة أنني استمتعت بالمسرح بشكل كبير، وأنني شعرت بسرور كبير في ترك نفسي للشعور بانطباع المشهد، دون أن أفكر في الأمر كثيرًا. بدا الأمر صحيحًا بالنسبة له، ومناسبًا لحالتي الحالية.
تقدم نحوي هو وفراو فان غوته. "هذه ابنتي بالنسب"، قال؛ "أتعرفان بعضكما؟"
أخبرناه أننا تعارفنا للتو.
"هو طفولي تجاه المسرح مثلك يا أوتيليا!" قال؛ وتبادلنا التهاني على هذه الذائقة المشتركة بيننا. "ابنتي"، واصل غوته، "لا تفوت أمسية في المسرح أبدًا".
"كل هذا جيد جدًا"، قلت "طالما يقدمون لنا مشاهد حية حيوية؛ ولكن عندما تكون القطع سيئة، فهم يعتمدون على مدى صبرنا".
قال غوته "ولكن من الجيد أنه لا يمكنك المغادرة فأنت مضطر لسماع ورؤية ما هو سيئ حتى، وبهذه الطريقة، يتم اختراقك بكراهية الشيء السيئ، وتصبح لديك نظرة أوضح للجيد،- فأنت ترمي جانبًا الكتاب، إذا كان يزعجك. ولكن في المسرح يجب أن تحتمل".
أبديت موافقتي، وفكرت كيف أنَّ هذا السيد دائمًا ما يقول شيئًا مناسبًا.
افترقنا الآن، وانضممنا إلى البقية، الذين كانوا يسلون أنفسهم بالحديث عنا بصوت عالٍ ومذهل، - الآن في هذه الغرفة، بعدها في تلك. ذهب غوته إلى السيدات، وانضممت إلى ريمر وماير، اللذيْن أخبرانا الكثير عن إيطاليا.
بعد ذلك، جلس المستشار شميت أمام البيانو، وعزف بعض مقطوعات بيتهوفن، والتي تم تلقيها بتعاطف عميق من قبل الجميع. سيدة ذكية ذكرت بعدها كثيرًا من التفاصيل المثيرة للاهتمام وذات الصلة ببيتهوفن. حلت الساعة 10:00 أخيرًا، وهكذا مرت أمسية ممتعة للغاية.
الأحد، 19 أكتوبر، 1813.
اليوم، تناولت الطعام مع غوته للمرة الأولى.
لم يكن أحد حاضرًا سوى فراو فون غوته، فرولين أولريكا، وليتل والتر، وبالتالي كنا جميعًا مرتاحين جدًا. بدا غوته الآن كربِّ أسرة، يساعد في تقديم جميع الأطباق، يقطع الطيور المشوية ببراعة عظيمة، ولا ينسى أن يملأ الكؤوس بين الحين والآخر. دردشنا كثيرًا حول المسرح، والشباب الإنجليز، وغيرها من الموضوعات اليومية. كانت فرولين أولريكا حيوية ومسلية بشكل خاص. كان غوته صامتًا عمومًا، ويقدم الملاحظات ذات الصلة فقط بين الحين والآخر. من وقت لآخر ينظر إلى الصحيفة، وفي بعض الأحيان يقرأ لنا بعض المقاطع، وخاصة حول تقدم الإغريق.
ثم تحدثوا عن ضرورة تعلم اللغة الإنجليزية، ونصحني غوته بإخلاص أن أفعل ذلك، خاصة لأجل اللورد بايرون؛ قائلًا إنَّ شخصية بمثل هذه النيافة لم تكن موجودة من قبل، وربما لن تعود أبدًا. ناقشوا مزايا مختلف المعلمين هنا، ولم يجدوا أيَّ واحد يملك النطق الصحيح والجيد؛ ولذلك قالوا إنه من الأفضل أن يذهبوا إلى بعض الشباب الإنجليز.
بعد العشاء، أراني غوته بعض التجارب المتعلقة بنظريته حول الألوان؛ غير أنَّ الموضوع كان جديدًا بالنسبة لي؛ لم أفهم الظاهرة، ولا ما قاله عنها. ومع ذلك، كنت آمل أنَّ المستقبل سيتيح لي الفرصة لأدخل نفسي قليلًا في هذا العلم.
الثلاثاء، 21 أكتوبر 1823.
ذهبت لرؤية غوته هذا المساء. تحدثنا عن "باندورا"، وسألته عما إذا كانت هذه القصيدة تعتبر كاملة، أو ما إذا كان هناك أي شيء آخر، فقال إنه لا يوجد شيء آخر، وأنه لم يكتب أكثر للسبب ذاته أنَّ الجزء الأول كان مخططًا على نطاق واسع جدًا، وأنه لا يمكن بعد ذلك أن يفعل الأمر نفسه ثانية. بالإضافة إلى ذلك، ما تم القيام به يمكن اعتباره كاملًا، لذلك فقد شعر بالارتياح التام تجاه هذه المسألة.
قلت إنني كنت قد اخترقت معنى هذه القصيدة الصعبة فقط من خلال التدريج، أي بعد أن قرأتها عدة مرات تقريبًا لأعرفها عن ظهر قلب. ابتسم غوته، وقال: ''أنا أصدق ذلك تمامًا؛ لأنَّ جميع أجزائها تنحشر واحدة داخل أخرى، كما يمكن للمرء أن يقول".
أضفت أنني لست راضيًا تمامًا عن تصريحات شوبارث حول هذه القصيدة، وأنه وجد أنها توحد كل ما قيل بشكل منفصل في "Werther"، و"Wilhelm Meister"، و"Faust"، و"Elective Affinities"، مما يجعل هذه المسألة غير مفهومة للغاية وصعبة. "شوبارث"، قال غوته "غالبًا ما يذهب عميقًا قليلًا، لكنه ذكي جدًا، وكل كلماته محفوفة بالمعنى العميق".
تحدثنا عن أولاند، وقال غوته: "عندما أرى آثارًا عظيمة، أكون قادرًا على افتراض أسباب عظيمة؛ ومع شعبية واسعة جدًا كالتي يملكها أولاند، لا بد وأن يكون هناك شيء متفوق فيه. ومع ذلك، لا أستطيع أن أكون حكمًا على قصيدته ("Gedichte"). لقد أخذت كتابه مع أفضل النوايا، ولكنني وقعت على الفور على الكثير من القصائد الضعيفة والقاتمة ولذلك لم أستطع المضي قدمًا، ومن ثم حاولت قراءة قصصه، حيث وجدت حقًا موهبة متميزة، وتمكنت من أن أرى بوضوح أنَّ هناك بعض الأساس لشهرته".
ثم سألت غوته عن رأيه حول النظم المناسب للمأساة الألمانية. '' الناس في ألمانيا، '' أجاب '' نادرًا ما يتوصلون إلى اتفاق حول هذه النقطة. الجميع يقوم بالأمر بالطريقة التي يفضلها تمامًا، والتي يجدها مناسبة إلى حد ما لموضوعه. إنَّ المقياس الإيامبي سيكون أكثر التدابير الجليلة، لكنه طويل جدًا بالنسبة لنا نحن الألمان، الذين، وبسبب الحاجة للصفات، عادة ما نرى أنَّ خمسة مقاطع كفاية. الإنجليز، بسبب استخدامهم للكلمة ذات المقطع الواحد، ليس بإمكانهم الاستمرار كما نفعل نحن حتى الآن".
ثم عرض عليّ غوته بعض النحاسيات، وتحدث بعد ذلك عن العمارة الألمانية القديمة، مضيفًا أنه سوف يريني الكثير بشكل تدريجي على هذا الطريق.
قال غوته، "نحن نرى في أعمال العمارة الألمانية القديمة زهرة الحالة الاستثنائية للأشياء. كل من يأتي على مقربة من مثل هذه الزهرة، سوف يحدق فقط بدهشة؛ ولكن ذلك الذي يرى الحياة الداخلية السرية للنبات، يرى حماسة قوتها، ويلاحظ كيف تكشف الزهرة نفسها تدريجيًا، يرى المسألة بعيون مختلفة تمامًا، - إنه يعرف ما يراه.
"سوف أحرص على أن تكتسب المزيد من التبصر حول هذه المسألة الهامة خلال هذا الشتاء، وعندما تزور الراين في الصيف المقبل، فإنَّ رؤية ستراسبورغ وكاتدرائية كولونيا قد يكون لها أثر جيد".
الجمعة، 24 أكتوبر، 1813.
هذا المساء عند غوته. مدام زيمانوسكا، والتي تعرف عليها خلال هذا الصيف، في ماريين ، تعزف الفنتازيا على البيانو. استغرق غوته في الاستماع، وبدا في بعض الأحيان متأثرًا كثيرًا.
السبت، 25 أكتوبر، 1823.
في الشفق، مررت على غوته لنصف ساعة. كان جالسًا في كرسي ذي أذرع خشبية أمام طاولته. لقد وجدته في مزاج لطيف جدًا، كمن مُليء بالسلام السماوي، أو من يتذكر السعادة اللذيذة التي تمتع بها ذات مرة، ويطفو مرة أخرى قبالة روحه بكامل امتلائها. قدم لي ستادلمان مقعدًا بالقرب منه.
تحدثنا عن المسرح، فقد كان واحدًا من الموضوعات التي كنت مهتمًا بها بشكل أساسي هذا الشتاء. كانت "Erdennacht " (ليلة على الأرض) لروباتش هي آخر قطعة رأيتها، وأعطيته رأيي أنَّ القطعة لم تقدم أمامنا كما كانت موجودة في ذهن الشاعر؛ وأنَّ الفكرة كانت مهيمنة أكثر من الحياة؛ وأنها كانت غنائية أكثر من كونها دراماتيكية؛ وأنَّ ما تم نسجه من خلال خمسة مشاهد كان سيكون أفضل بكثير في مشهدين أو ثلاثة، وأضاف غوته أنَّ فكرة الكمال التي أثيرت بين الأرستقراطية والديمقراطية، لم تكن بأي حال من الأحوال مصلحة عالمية للبشرية.
ثم أثنيت على تلك القطع التي رأيتها لكوتزيبو - وهي "Verwandschaften" (الألفة)، و "Versöhnung" (المصالحة)، وأشدت فيها بالعين الفاحصة للحياة الحقيقية، البراعة في الاستيلاء على الجانب المثير للاهتمام ، والتمثيل الحقيقي والفعال لها، ووافقني غوته الرأي.
"ما حافظ على مكانته لمدة عشرين عامًا، وحظي بإعجاب الشعب"، قال، "لا بد أن يكون فيه شيء مميز. عندما ربط كوتزيبو نفسه بالمجال الخاص به، ولم يتجاوز قواه، كان عادة يبلي جيدًا. كان الحال هو نفسه مع تشودويكي، الذي نجح دائمًا في مشاهد حياة المواطنين العاديين، في حين لو أنه حاول رسم أبطال يونانيين أو رومان فسيثبت فشله".
وقد سمى عدة قطع جيدة أخرى لكوتزيبو، خاصة "die beiden Klinsberge". قال، "لا أحد يستطيع أن ينكر أنِّ كوتزيبو كان يبحث عن قدر كبير من الحياة، وأبقى عينيه مفتوحتين دائمًا.
"الثقافة، وبعض الشعر، لا يمكن إنكارهما على شعرائنا المأساويين الحديثين، ولكن معظمهم غير قادرين على التمثيل المعيشي السهل، إنهم يسعون وراء شيء أكبر من إمكانياتهم؛ ولهذا السبب يمكن أن أسميهم المواهب القسرية".
"أنا أشك"، قلت، "في أنَّ هؤلاء الشعراء يمكن أن يكتبوا قطعة نثرية، وأرى أنَّ هذا سيكون المحك الحقيقي لمواهبهم". وافقني غوته، مضيفًا نظم الشعر التعزيزي، وما يدعى حتى بقوة الشعور الشعري.
ثم تحدثنا عن أعمال مختلفة. تحولت المحادثة إلى "رحلته عبر فرانكفورت وشتوتغارد إلى سويسرا"، التي كتبها في ثلاثة أجزاء، على أوراق، والتي سيرسلها إليّ لأقرأ التفاصيل، وأخطط كيف يمكن صياغتها كشيء كامل. "سوف ترى"، قال "أنَّ كل شيء كُتب باندفاع اللحظة؛ لم يكن هناك تفكير في خطة أو تقريب فني: كان مثل سكب الماء من دلو".
كنت مسرورًا بهذا التشبيه، الذي بدا مناسبًا جدًا، لتوضيح شيء دون خطة تمامًا.
الاثنين، 27 أكتوبر 1823.
صبيحة ذلك اليوم دُعيتُ إلى حفل شاي سيقام في منزل غوته في تلك الأمسية. أراني المستخدم قائمة المدعوين والتي رأيت من خلالها أنَّ الجمع سيكون كبيرًا جدًا. قال إنَّ سيدة بولندية صغيرة قد أتت، وأنها سوف تعزف على البيانو. قبلت الدعوة بسعادة.
بعد ذلك وصلني منشور العروض القادمة على المسرح، ورأيت أنَّ "Schachmaschine" (لعبة الشطرنج) سوف يتم عرضها، ولم أكن أعرف شيئًا من هذه القطعة؛ ولكن مالكة العقار الذي أقطنه كانت تثني عليها بشدة، حتى استولت عليّ رغبة كبيرة في مشاهدتها، إلى جانب ذلك، لم أكن في أفضل أحوالي طوال اليوم، وإزداد شعوري أنني سأحس بتلاؤمٍ أكثر مع عرض كوميدي مرح من الاختلاط مع هذا المجتمع الجيد.
في المساء، قبل ساعة من افتتاح المسرح، ذهبت إلى غوته. كان الجميع يتحركون بالفعل في جميع أنحاء المنزل. وبينما أمر سمعتهم يضبطون البيانو، في الغرفة الكبيرة، كتجهيز للترفيه الموسيقي.
وجدت غوته وحده في غرفته. كان مرتديًا ملابسه بالفعل، وبدا وكأنني وصلت في اللحظة المناسبة. قال "يجب أن تبقى معي هنا". "وسوف نرفه عن بعضنا البعض حتى يصل الآخرون". فكرت، "الآن لن أتمكن من الابتعاد: توقف، لا بد لي أن أذهب، فعلى الرغم من أنه من اللطيف جدًا أن أكون مع غوته وحده، ولكن، عندما سيأتي جمعٌ من السادة والسيدات الغرباء، سوف أشعر بأنني غير مرتاح تمامًا".
مشيت جيئة وذهابًا في الغرفة مع غوته. سرعان ما أصبح المسرح موضوع حديثنا، وأتيحت لي الفرصة لأكرر أنه كان مصدر فرحة جديدة لي، خاصة وأنني رأيت عروضًا شحيحة في السنوات الأولى، والآن كل قطعة تقريبًا تترك انطباعًا جديدًا تمامًا بيّ، "في الواقع،" أضفت "أنا أشعر بأنني في منافسة شديدة مع نفسي، على الرغم من المغريات الكبيرة لحفلتك المسائية".
"حسنا،" قال غوته، ومن ثم تمهل قليلًا، ونظر إليّ بلطف وكرامة، "اذهب إذن؛ لا تقيد نفسك؛ لو كانت المسرحية الحية هذا المساء تناسبك بشكل أفضل، فبذلك تكون أكثر ملاءمة لحالتك المزاجية، اذهب إلى هناك. لديك الموسيقى هنا، والتي غالبًا ما ستحدث مرة أخرى".
"إذن"، قلت، ""سوف أذهب؛ ربما سوف أستفيد من الضحك قليلًا". فقال غوته "ابقَ معي حتى الساعة السادسة: ربما سيكون بوسعنا التحدث عن القليل من الأشياء".
جلب ستادلمان شمعدانين ووضعهما على الطاولة. طلب مني غوته أن أجلس، وقال إنه سوف يعطيني شيئًا لأقرأه. وماذا ينبغي أن يكون هذا سوى قصيدته الأحدث، الأعز '' إيلي من مارينباد!"
يجب أن أعود هنا قليلًا لظروف مرتبطة بهذه القصيدة. مباشرة بعد عودة غوته من مارينباد، انتشرت الشائعات بأنه كان قد تعرف هناك على سيدة شابة ساحرة في عقلها وشخصيتها، وكانت مصدر إلهام وشغف له. عندما سمع صوتها في برونن-ألي، كان دائمًا يضغط على قبعته، ويسرع للانضمام إليها. لم يفوت أي فرصة للعيش في مجتمعها، ومرت أيام سعيدة: كان الفراق مؤلمًا جدًا، وفي هذه الحالة الحماسية كتب أجمل قصيدة، والتي، ومع ذلك، كان ينظر إليها على أنها شيء مُكرس، وأبقاها مخبأة من كل عين.
لقد صدقت هذه القصة، لأنها تتناسب تمامًا مع نشاطه الجسدي، وأيضًا مع القوة الإنتاجية لعقله، والنضارة الصحية لقلبه. كانت لديَّ رغبة منذ فترة طويلة في رؤية القصيدة نفسها، ولكن بطبيعة الحال شعرت بعدم رغبتي في سؤال غوته عنها. لذلك، أهنئ نفسي على تلك اللحظة السعيدة التي جُلبت إليّ.
لقد كتب بيده، هذه الآبيات، بالأحرف الرومانية، على ورق رفيع، وثبتها بحبل حريري في دفتر مغربي أحمر؛ وقد كان واضحًا من الخارج حتى أنه يضع هذه المخطوطة فوق كل ما تبقى.
قرأتها بفرحة كبيرة، ووجدت أنَّ كل سطر يؤكد الشائعة المنتشرة. إلا أنَّ الآبيات الأولى قد أشارت إلى أنَّ التعارف لم يتم حينها، بل تم تجديده فقط في ذلك الوقت. كانت القصيدة تدور (باستمرار في محورها الخاص، وبدا دائمًا أن تعود إلى النقطة التي بدأت فيها، الخاتمة انقطعت ببراعة تاركة انطباعًا عميقًا ومفردًا جدًا.
عندما انتهيت منها عاد غوته مجددًا.
قال، "حسنًا، ها أنا قد أريتك شيئًا جيدًا. ولكن يجب عليك أن تطلعني على رأيك في الأيام القادمة". كنت سعيدًا لأنَّ غوته لم يطلب مني أن أحكم على القصيدة في تلك اللحظة؛ لأنَّ الانطباع كان جديدًا جدًا، وتلقيته على عجل، لدرجة لا تسمح لي أن أقول أي شيء مناسب.
ووعد غوته بأن يسمح لي بأن أراها مرة أخرى في بعض الساعات الهادئة. لقد حان وقت الذهاب إلى المسرح الآن، وودعنا بعضنا بضغطة حنونة من اليد.
ربما كانت "لعبة الشطرنج" قطعة مسرحية جيدة، مُثِلت بشكل جيد، ولكن لم أستطع مشاهدتها - كانت أفكاري مع غوته.
عندما انتهت المسرحية، مررت على بيته، كان كل شيء مضاءً. سمعت الموسيقى من الداخل، وأسفت أنني لم أكن هناك.
في اليوم التالي، قيل لي إنَّ السيدة البولندية الشابة، السيدة سيمانوسكا، كانت ضيفة شرف الحفل، قد عزفت على البيانو في بأسلوب ممتاز وسحرت الجمع بأكمله. علمت أيضًا أنَّ غوته تعرف عليها في الصيف الماضي في مارينباد، وأنها قد أتت الآن لزيارته.
في الظهيرة، أرسل لي غوته مخطوطة صغيرة، "دراسات كتبها زوبر"، ووجدت فيها بعض الملاحظات الحيوية جدًا، وأرسلت له بعض القصائد التي كتبتها هذا الصيف في جينا، والتي تحدثت إليه حولها.
الأربعاء، 19 أكتوبر، 1823.
هذا المساء ذهبت إلى غوته بينما كانوا يضيئون الشموع. وجدته في حالة عقلية حيوية جدًا: عيناه تتألقان مع انعكاس ضوء الشمعة؛ وكان تعبيره كله مليئًا ببهجة الشباب، والقوة.
وبينما كان يسير معي جيئة وذهابًا بدأ فورًا في التحدث عن القصائد التي أرسلتها له أمس.
"أنا أفهم الآن"، قال: "لماذا تحدثت معي في جينا، عن كتابة قصيدة حول الفصول. أنا الآن أنصحك أن تفعل ذلك؛ ابدأ مع الشتاء. يبدو أنَّ لديك إحساسًا خاصًا تجاه الموضوعات الطبيعية.
"كلمتان فقط سوف أقولهما عن قصائدك. أنت تقف الآن في هذه النقطة التي يجب أن تنتقل فيها بالضرورة إلى الجزء العالي والصعب حقًا من الفن - إدراك ما هو فرداني. يجب عليك أن تبذل درجة من العنف تجاه نفسك لتخرج من فكرة أنَّ لديك موهبة وأنك حققت الكثير حتى الآن؛ الآن يجب عليك القيام بذلك .. لقد كنت في تيفورت في الآونة الأخيرة؛ وقد يحمل ذلك الآن موضوعًا للمحاولة. ربما عليك أن تذهب إلى تيفورت وتلقي نظرتين أو ثلاث أو أربع قبل أن تفوز بالجانب المميز المميز، اجمع كل دوافعك معًا؛ ولكن لا تبدد تعبك؛ ادرس الأمر من جميع زواياه، ومن ثم تمثيله؛ وبالتأكيد فإنَّ الموضوع يستحق هذه العناء. كان يجب عليَّ استخدام هذا منذ فترة طويلة، ولكن لم أتمكن من ذلك؛ لأنني عشت خلال تلك الظروف الهامة، ووجودي متشابك جدًا معها، ولكنك أتيت كغريب، اسمح لكاستلان بإخبارك بالماضي، وسوف ترى فقط ما هو موجود، بارز، وهام".
وعدت أن أحاول، ولكن لا يمكن أن أنكر أنَّ هذا الموضوع بدا لي بعيدًا جدًا عن طريقي، وصعبًا للغاية.
قال غوته، "أنا أعرف جيدًا أنَّ هذا الأمر صعب، ولكن إدراك وتمثيل الفردانية هو حياة الفن نفسها. وبالإضافة إلى ذلك، بينما تملأ نفسك بالعموميات، يمكن للجميع تقليدك ولكن، في المحدد، لا يمكن لأحد فعل ذلك - ولماذا؟ لأنْ لا أحد آخر شهد بالضبط الأشياء نفسها.
"ولا تحتاج إلى خشية أن لا يقابل الغريب بالتعاطف، كل شخصية، مهما كانت غريبة، وكل شيء يمكنك أن تمثله، من: الحجر حتى الإنسان، له عمومية؛ لأنَّ هناك تكرارًا في كل مكان، وليس هناك شيء يمكن العثور عليه مرة واحدة فقط في العالم.
"في هذه الخطوة من تمثيل ما هو فرداني"، واصل غوته، '' يبدأ، في الوقت نفسه، ما نسميه التكوين''.
لم يكن هذا واضحًا بالنسبة لي بسرعة، على الرغم من أنني امتنعت عن الأسئلة. "ربما"، فكرت، "أنه يعني مزج المثالي مع الحقيقي، - اتحاد ما هو خارجي مع ما هو فطري. ولكن ربما يعني شيئًا آخر". واصل غوته:"وتأكد من أنك وضعت على كل قصيدة التاريخ الذي كتبتها فيه". نظرت إليه باستفهام، لمعرفة لمَ كان هذا مهمًا جدًا. . "إن قصائدك ستخدم، قال،"كمذكرات لتقدمك.
لقد ظللت أقوم بالأمر لعدة سنوات وأرى الآن أنه مفيد".
لقد حان وقت المسرح الآن. "هل أنت ذاهب إلى فنلندا؟" ناداني ممازحًا؛ لأنَّ القطعة كانت "Johann von Finland" (جون فنلندا)، لفراو فون ويسنثورن، القطعة لم تفتقر إلى المواقف الفعالة، ولكنها كانت مثقلة جدًا بالرثاء، وكان التصميم واضحًا جدًا في كل جزء، وهذا، على العموم، لم يعجبني كثيرًا. إلا أنَّ آخر عمل، سرني كثيرًا، وجعلني أنسجم مع البقية.
هذه القطعة أوحت لي بالملاحظة التالية: الشخصيات التي تم استخلاصها دون اكتراث من قبل الشاعر تكسب على خشبة المسرح، لأنَّ الممثلين، كرجال حيين، يجعلونها كائنات حية، وينقلون إليها نوعًا من الفردانية. ولكن الشخصيات التي رسمت بدقة من الشاعر العظيم - والتي تبرز بالفعل بفردانية ملحوظة بشكل حاد تخسر على خشبة المسرح، لأنَّ الممثلين ليسوا مجهزين في كثير من الأحيان لأداء هذه الأجزاء، والقليل جدًا منهم يمكن أن يضعوا جانبًا فردانيتهم. إذا لم يكن الممثل نظيرًا من الطابع للشخصية، أو إن لم يملك القدرة على وضع شخصيته جانبًا بشكل تام، ستفقد الشخصية نقاءها. لذلك، مسرحية الشاعر العظيم تظهر فقط في شخصيات واحدة، تمامًا كما كان مقصودًا في الأساس.
================
محادثات مع غوته
تأليف: يوهان بيتر إيكرمان
ترجمة من الألمانية للإنجليزية: جون اوكسنفورد
ترجمة من الإنجليزية: سماح جعفر
تقوم «القرية الإلكترونية» بتكليف من الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي، بترجمة يوميات من حياة "جوته"، المعنونة بـــ «محادثات مع غوته»، من تأليف: «يوهان بيتر إيكرمان»، وهي عبارة عن يوميّات كتبها "إيكرمان" عن السنوات الأخيرة من حياة شاعر ألمانيا الكبير «غوته Goethe»، وتمت ترجمتها من الألمانية للإنجليزية بواسطة «جون أوكسنفورد»، وترجمها من الإنجليزية إلى العربية: «طارق زياد شعار»، وسوف نقوم بنشرها على حلقات تباعاً هنا في الصفحة نأمل أن تحوز إعجابكم.
*«يوهان بيتر إيكرمان» Johann Peter Eckermann 1792-1854: عمل كأمين خاص لجوته في الفترة الأخيرة من حياة الأخير. وسرعان ما أصبح كتابه محادثات مع غوته، ذو شعبية تخطت الحدود الألمانية، ولعب دوراً مهما في إحياء الاهتمام والتقدير لأعمال جوته في وقت لاحق.
#محمد_أحمد_السويدي_ترجمة_محادثات_مع_غوته
محادثات مع غوته - الجزء الأول
هنالك أغسطس هاغن، في كونيغسبرغ، ذو الموهبة الرائعة: هل سبق لك أن قرأت عمله "Olfried und Lisena؟" في ذلك العمل تجد فقرات لا يمكن كتابتها بشكل أفضل؛ الأوضاع في بحر البلطيق، وغيرها من تفاصيل تلك المنطقة، كلها مكتوبة بمهارة. ولكنها ليست سوى فقرات جميلة؛ وهي ككل لا ترضي أحدًا. تُرى ما هي كمية العمل والقوة التي وضعها في ذلك الأمر؛ بالتأكيد إنه قد استنفد نفسه تقريبًا. والآن، يكتب مأساة". هنا ابتسم غوته، وتوقف مؤقتًا للحظة، أمسكت بخيط الحديث، وقلت إنه إذا لم أكن مخطئًا، فقد نصح هاغن (في 'Kunst und Alterthum') بأن يعالج فقط الموضوعات الصغيرة. ''فعلت ذلك بالتأكيد"، أجاب؛ ''ولكن هل يستمع الناس إلى توجيهاتنا نحن المسنين؟ الكل يعتقد أنه يعرف أفضل عن نفسه، وبالتالي يتم فقدان الكثيرين تمامًا، ويضل الكثيرون الطريق لفترة طويلة. الآن لم يعد هناك وقت كافٍ للخطأ - ذلك أمر يخصنا نحن المسنين؛ وما هي الفائدة من كل بحثنا ونهبنا، إذا اختار الشباب الذهاب في الطريق نفسه مرة أخرى. بهذه الطريقة لا يمكننا أن نتقدم أبدًا. لقد كانت أخطاؤنا محتمة لأننا لم نجد طريقًا؛ ولكن بالنسبة لمن سيأتي لاحقًا إلى العالم فالمطلوب منه أكثر؛ لا يجب أن يسعى، بل يجب أن يستخدم تعليمات المسنين لكي يمضي قدمًا على الطريق الصحيح. لا يكفي أن تتخذ خطوات قد تؤدي في يوم ما إلى هدف؛ يجب أن تكون كل خطوة في حد ذاتها هدفًا، وخطوة نحو الحكمة.
"اِحمل هذه الكلمات معك، وانظر كيف يمكنك تطبيقها على نفسك، ليس ذلك لأنني أشعر حقًا بعدم الارتياح تجاهك، ولكن ربما من خلال نصيحتي أستطيع مساعدتك بسرعة خلال الفترة التي ليست مناسبة لحالتك الراهنة. إذا عالجتَ الموضوعات الصغيرة فقط في الوقت الحاضر، محطمًا ما يقدم لك كل يوم، سوف تنتج عمومًا شيئًا جيدًا، وسوف يجلب لك كل يوم المتعة. قدِّمْ ما تفعله لكتب الجيب والدوريات، ولكن لا تدع نفسك لطلبات الآخرين؛ اتبع دائمًا حدسك الخاص.
"العالم عظيم وغني جدًا، والحياة مليئة بالتنوع، بحيث لا تحتاج أبدًا مناسبات للقصائد. ولكن القصائد كلها يجب أن تكون عرضية؛ وبقول هذا، يجب أن يعطي الواقع كلًا من الدافع والمواد اللازمة لإنتاجها. تصبح حالة معينة عالمية وشعرية بسبب الظرف المحدد الذي تعامل معه الشاعر. كل قصائدي هي قصائد عرضية، تقترحها الحياة الحقيقية، وتجد أساسًا متينًا فيها. لا أعلق أي قيمة على القصائد التي تنتزع من الهواء.
'' لا تدع أحدًا يخبرك أنِّ الواقع يريد المصلحة الشعرية؛ لأنه من خلال هذه المسألة يثبت الشاعر موهبته وحقيقة أنه يملك الفن للفوز بجانب مثير للاهتمام في موضوع معتاد. الواقع يجب أن يمنح الدافع، النقاط التي سيتم التعبير عنها، - النواة، لو كان بإمكاني قول ذلك؛ ولكن أن تصنع منها كلية جميلة ومفعمة بالحيوية، فهذا ينتمي إلى الشاعر. أنت تعرف أنِّ فورستين كان يُدعى شاعر الطبيعة؛ وقد كتب أجمل قصيدة ممكنة، حول زراعة نبات الجنجل. لقد اقترحت عليه أن يصنع أغانٍ للحِرف المختلفة التي يقوم بها الرجل العامل، وبالأخص أغنية للنساجين، أنا واثق من أنه سوف يفعل ذلك بشكل جيد، لأنه عاش بين هؤلاء الناس منذ شبابه؛ وهو يفهم الموضوع بدقة، وبالتالي فهو سيد مادته. هذه بالضبط ميزة الأعمال الصغيرة؛ تحتاج فقط لاختيار تلك الموضوعات التي ستتمكن من إتقانها. مع قصيدة عظيمة، لا يمكن لهذا أن يحدث؛ لا يمكنك تجنب أي جزء. كل ما ينتمي إلى الحيوية الكلية، ويتشابك في الخطة، يجب أن يكون ممثلًا بدقة، في مرحلة الشباب، ومع ذلك، معرفة الأشياء هي فقط من جانب واحد. لكن العمل العظيم يتطلب العديد من الجوانب، وعلى هذه الصخرة ينكسر المؤلفون الشباب".
قلت لغوته إنني كنت أفكر في كتابة قصيدة عظيمة عن المواسم، والتي قد تربط بين التوظيف والتسلية خلال جميع الطبقات. وهذا ما أردته في هذا الصدد، أجاب غوته؛ "قد تنجح في أجزاء كثيرة، ولكن تفشل في أجزاء أخرى وذلك يشير إلى أنها لم تتحقق على النحو الواجب، وربما ستكتب عن الصياد بشكل جيد، والقناص بشكل سيء؛ وإذا فشلت في أي مكان، فالنتيجة الكلية ستكون كلها فاشلة، ومهما تعددت الأجزاء الجيدة، فلن تنتج عملًا مثاليًا. قدِّمْ الأجزاء الجيدة لما تساويه، وتأكد من أنه شيء جيد.
"أحذرك بشكل خاص من اختراعاتك العظيمة، لأنك حينها ستحاول إعطاء وجهة نظر حول الأشياء، ولهذا الغرض نادرًا ما يكون الشباب ناضجًا، علاوة على ذلك، الطابع والآراء تفصل نفسها كجوانب من عقل الشاعر، وتحرمه من الامتلاء المطلوب للإنتاج في المستقبل. وأخيرًا، كم من الوقت يتم فقدانه في الاختراع، والترتيب الداخلي، والجمع، والذي لن يشكرنا أحد عليه، حتى بإفتراض أنَّ عملنا منجز بسعادة.
"ومن ناحية أخرى بالعمل على مادة معينة، يسير كل شيء على نحو أفضل وأفضل. الحقائق والشخصيات يتم توفيرها، ولا يصبح لدى الشاعر سوى مهمة تحريك كل شيء، إنه يحافظ على امتلائه الخاص، لأنه يحتاج إلى جزء قليل من نفسه ، وبذلك لا يتم فقدان الكثير من الوقت والقوة، لأنه ليس لديه سوى مشكلة التنفيذ، وفي الواقع فإنني أنصح باختيار المواضيع التي تم العمل عليها من قبل، أتعلم عدد القصص التي كتبت حول إيفيجينيا! رغم ذلك كل واحدة منها تختلف عن الأخرى، لأنَّ كل كاتب يرتب الموضوع بشكل مختلف؛ وبذلك أعني، من خلال نمطه الخاص.
"ولكن، في الوقت الحاضر، من الأفضل وضع جميع المشاريع العظيمة جانبًا، لقد اجتهدت لفترة طويلة بما فيه الكفاية؛ وحان الوقت الذي يجب أن تدخل في فترة البهجة من الحياة، ولتحقيق ذلك، العمل على الموضوعات الصغيرة هو أفضل وسيلة".
خلال هذه المحادثة، كنا نسير جيئة وذهابًا في الغرفة. لم أستطع أن أفعل شيئًا سوى الموافقة، لأنني شعرت بحقيقة كل كلمة خلال كياني كله. وفي كل خطوة شعرت بأنني أخف وزنًا وأسعد، فأنا يجب أن أعترف بأنَّ مختلف الخطط الكبرى، التي لم أتمكن حتى الآن من تحديد رأي واضح بشأنها، لم تكن عبئًا صغيرًا بالنسبة لي. لقد ألقيتها الآن جانبًا، وسأدعها هكذا حتى أستطيع أن أتناول وأحلل موضوعًا وجزءًا تلو الآخر ببهجة، لأنه من خلال دراسة العالم أصبح تدريجيًا متسيدًا على أجزاء عديدة من المواد.
أشعر، من خلال كلمات غوته هذه بأنني أكثر حكمة وإدراكًا في أعماق روحي للحظ السعيد بلقاء خبير حقيقي. أفضلية لا تقدر.
ما الذي لا يجب أن أتعلمه منه هذا الشتاء! ما الذي يجب أن لا أكتسبه من لقائه، حتى في الأوقات التي لا يتكلم فيها عما هو مهم جدًا! شخصيته، وجوده المجرد، تبدو كأمر مُثَقِفٍ بالنسبة لي، حتى عندما لا يتكلم كلمة واحدة.
فايمار، الخميس، 2 أكتوبر 1823.
جئت إلى هنا أمس من جينا، ووُهبتُ طقسًا مقبولًا جدًا. بعد وصولي مباشرة، أرسل لي غوته تذكرة موسمية للمسرح ليرحب بي في فايمار. لقد شرعت بالأمس في اتخاذ ترتيباتي المحلية؛ وقد كانوا مشغولين جدًا في منزل غوته؛ فالسفير الفرنسي من فرانكفورت، الكونت راينهارد، ومستشار الدولة البروسي (ستاتسراث)، شولتز، من برلين، قد قاموا بزيارته.
كنت عند غوته خلال هذه الظهيرة أيضًا. كان فرحًا لرؤيتي، وكان لطيفًا ووديًا بكل الطرق. وبينما كنت أهمُ بالمغادرة، قال إنه سيعرفني أولًا على مستشار الدولة شولتز. أخذني إلى الغرفة المجاورة، حيث وجدت ذلك الرجل مشغولًا في النظر إلى الأعمال الفنية، قدمني له، ثم تركنا معًا لمزيد من التعارف.
"أنا سعيد جدًا"، قال شولتز، "لأنك ستبقى في فايمر، وتساعد غوته في ترتيب أعماله غير المنشورة، فقد أخبرني بالمزايا التي وعد نفسه بها من خلال مساعدتك، وأنه يأمل الآن استكمال العديد من الخطط الجديدة ".
أجبته أنه ليس لدي أي هدف آخر في الحياة سوى مساعدة الأدب الألماني؛ وأنه على أمل أن أكون مفيدًا هنا، فقد وضعت في الوقت الحاضر مخططاتي الأدبية جانبًا عن طيب خاطر. وأضفت، أنَّ الاجتماع العملي مع غوته، سيكون له تأثير أكثر إيجابية على ثقافتي الخاصة. وأتمنى، بهذه الطريقة، أن أكسب قدرًا من النضج خلال السنوات، وبالتالي، في النهاية، من الأفضل أن أقوم بهذه المهام التي لست معدًا لها بشكل كامل في الوقت الراهن.
"بالتأكيد"، أجاب شولتز، ''التأثير الشخصي لرجل استثنائي جدًا وخبير مثل غوته لا يقدر بثمن ، وأنا أيضًا قد أتيت لإنعاش نفسي مرة أخرى من عقله العظيم ".
ثم استفسر عن طباعة كتابي والذي أخبره عنه غوته في الصيف الماضي. قلت إنني آمل، في غضون أيام قليلة أن آمل أحصل على النسخ الأولى من جينا، وأنني بالتأكيد سأهديه واحدًا، وأرسله له في برلين لو لم يكن هنا حينها.
افترقنا بعد مصافحة ودية.
الثلاثاء، 14 أكتوبر، 1823.
في هذا المساء، ذهبت لأول مرة إلى حفل شاي كبير في منزل غوته. وصلت أولًا، واستمتعت بالنظر إلى المسكن المضاء ببراعة، والذي، من خلال الأبواب المفتوحة، يؤدي من غرفة إلى أخرى. في أبعد واحدة منها، وجدت غوته، والذي جاء لمقابلتي، بتحية بهيجة. كان يرتدي اللون الأسود، ويرتدى نجمته، التي أصبحت جزء منه كذلك. كنا وحدنا لفترة من الوقت، وذهبنا إلى ما تسمى بــ "الغرفة المغطاة" {Deckenzimmer\ حيث صورة زواج ألدو براندين، والتي كانت معلقة فوق أريكة حمراء، وقد جذبت اهتمامي بشكل خاص. على الستائر الخضراء الموضوعة جانبًا، كانت الصورة أمام عيني مسلطٌ عليها ضوء كبير، وكنت مسرورًا لتأملها بهدوء.
"نعم"، قال غوته، "لم يكن لدى القدماء النوايا العظيمة فقط، بل وضعوها في حيز التنفيذ. وعلى العكس من ذلك، فنحن المعاصرون لدينا نوايا عظيمة أيضًا، ولكن نادرًا ما نكون قادرين على إخراجها بهذه القوة والنضارة كما كنا نفكر فيها".
الآن جاء ريمر، ماير، المستشار فون مولر، والعديد من السادة المتميزين الآخرين وسيدات البلاط. ابن غوته وفراو فون غوته، الذين ألتقيت بهم الآن لأول مرة، دخلوا أيضًا. شُغِلَت الغُرف تدريجيًا، وكانت هناك حياة وبهجة في كل منها. بعض الشباب الأجانب كانوا حاضرين، وتحدث معهم غوته باللغة الفرنسية.
المجتمع يسرني، كل ذلك حر جدًا وغير مقيد؛ كان الجميع إما واقفين أو جالسين، ويضحكون ويتحدثون مع هذا الشخص أو ذاك، بالطريقة التي يريدونها. لقد أجريت محادثة حيوية مع غوته الصغير حول مسرحية هوالد "بيلد" (صورة)، * التي عرضت قبل بضعة أيام.
كان لدينا الرأي نفسه حول القطعة، وكنت مسرورًا جدًا لرؤية هذا الشاب يشرح نقاطًا مختلفة بكثير من الحيوية والذكاء.
بدا غوته نفسه وديًا جدًا في المجتمع. وكان يتنقل بين الحضور، وبدا وكأنه يفضل أن يسمع وينصت لحديث ضيوفه. كانت فراو فون غوته غالبًا ما تأتي وتتكئ عليه، وتقبله. كنت قد أخبرته في الآونة الأخيرة أنني استمتعت بالمسرح بشكل كبير، وأنني شعرت بسرور كبير في ترك نفسي للشعور بانطباع المشهد، دون أن أفكر في الأمر كثيرًا. بدا الأمر صحيحًا بالنسبة له، ومناسبًا لحالتي الحالية.
تقدم نحوي هو وفراو فان غوته. "هذه ابنتي بالنسب"، قال؛ "أتعرفان بعضكما؟"
أخبرناه أننا تعارفنا للتو.
"هو طفولي تجاه المسرح مثلك يا أوتيليا!" قال؛ وتبادلنا التهاني على هذه الذائقة المشتركة بيننا. "ابنتي"، واصل غوته، "لا تفوت أمسية في المسرح أبدًا".
"كل هذا جيد جدًا"، قلت "طالما يقدمون لنا مشاهد حية حيوية؛ ولكن عندما تكون القطع سيئة، فهم يعتمدون على مدى صبرنا".
قال غوته "ولكن من الجيد أنه لا يمكنك المغادرة فأنت مضطر لسماع ورؤية ما هو سيئ حتى، وبهذه الطريقة، يتم اختراقك بكراهية الشيء السيئ، وتصبح لديك نظرة أوضح للجيد،- فأنت ترمي جانبًا الكتاب، إذا كان يزعجك. ولكن في المسرح يجب أن تحتمل".
أبديت موافقتي، وفكرت كيف أنَّ هذا السيد دائمًا ما يقول شيئًا مناسبًا.
افترقنا الآن، وانضممنا إلى البقية، الذين كانوا يسلون أنفسهم بالحديث عنا بصوت عالٍ ومذهل، - الآن في هذه الغرفة، بعدها في تلك. ذهب غوته إلى السيدات، وانضممت إلى ريمر وماير، اللذيْن أخبرانا الكثير عن إيطاليا.
بعد ذلك، جلس المستشار شميت أمام البيانو، وعزف بعض مقطوعات بيتهوفن، والتي تم تلقيها بتعاطف عميق من قبل الجميع. سيدة ذكية ذكرت بعدها كثيرًا من التفاصيل المثيرة للاهتمام وذات الصلة ببيتهوفن. حلت الساعة 10:00 أخيرًا، وهكذا مرت أمسية ممتعة للغاية.
الأحد، 19 أكتوبر، 1813.
اليوم، تناولت الطعام مع غوته للمرة الأولى.
لم يكن أحد حاضرًا سوى فراو فون غوته، فرولين أولريكا، وليتل والتر، وبالتالي كنا جميعًا مرتاحين جدًا. بدا غوته الآن كربِّ أسرة، يساعد في تقديم جميع الأطباق، يقطع الطيور المشوية ببراعة عظيمة، ولا ينسى أن يملأ الكؤوس بين الحين والآخر. دردشنا كثيرًا حول المسرح، والشباب الإنجليز، وغيرها من الموضوعات اليومية. كانت فرولين أولريكا حيوية ومسلية بشكل خاص. كان غوته صامتًا عمومًا، ويقدم الملاحظات ذات الصلة فقط بين الحين والآخر. من وقت لآخر ينظر إلى الصحيفة، وفي بعض الأحيان يقرأ لنا بعض المقاطع، وخاصة حول تقدم الإغريق.
ثم تحدثوا عن ضرورة تعلم اللغة الإنجليزية، ونصحني غوته بإخلاص أن أفعل ذلك، خاصة لأجل اللورد بايرون؛ قائلًا إنَّ شخصية بمثل هذه النيافة لم تكن موجودة من قبل، وربما لن تعود أبدًا. ناقشوا مزايا مختلف المعلمين هنا، ولم يجدوا أيَّ واحد يملك النطق الصحيح والجيد؛ ولذلك قالوا إنه من الأفضل أن يذهبوا إلى بعض الشباب الإنجليز.
بعد العشاء، أراني غوته بعض التجارب المتعلقة بنظريته حول الألوان؛ غير أنَّ الموضوع كان جديدًا بالنسبة لي؛ لم أفهم الظاهرة، ولا ما قاله عنها. ومع ذلك، كنت آمل أنَّ المستقبل سيتيح لي الفرصة لأدخل نفسي قليلًا في هذا العلم.
الثلاثاء، 21 أكتوبر 1823.
ذهبت لرؤية غوته هذا المساء. تحدثنا عن "باندورا"، وسألته عما إذا كانت هذه القصيدة تعتبر كاملة، أو ما إذا كان هناك أي شيء آخر، فقال إنه لا يوجد شيء آخر، وأنه لم يكتب أكثر للسبب ذاته أنَّ الجزء الأول كان مخططًا على نطاق واسع جدًا، وأنه لا يمكن بعد ذلك أن يفعل الأمر نفسه ثانية. بالإضافة إلى ذلك، ما تم القيام به يمكن اعتباره كاملًا، لذلك فقد شعر بالارتياح التام تجاه هذه المسألة.
قلت إنني كنت قد اخترقت معنى هذه القصيدة الصعبة فقط من خلال التدريج، أي بعد أن قرأتها عدة مرات تقريبًا لأعرفها عن ظهر قلب. ابتسم غوته، وقال: ''أنا أصدق ذلك تمامًا؛ لأنَّ جميع أجزائها تنحشر واحدة داخل أخرى، كما يمكن للمرء أن يقول".
أضفت أنني لست راضيًا تمامًا عن تصريحات شوبارث حول هذه القصيدة، وأنه وجد أنها توحد كل ما قيل بشكل منفصل في "Werther"، و"Wilhelm Meister"، و"Faust"، و"Elective Affinities"، مما يجعل هذه المسألة غير مفهومة للغاية وصعبة. "شوبارث"، قال غوته "غالبًا ما يذهب عميقًا قليلًا، لكنه ذكي جدًا، وكل كلماته محفوفة بالمعنى العميق".
تحدثنا عن أولاند، وقال غوته: "عندما أرى آثارًا عظيمة، أكون قادرًا على افتراض أسباب عظيمة؛ ومع شعبية واسعة جدًا كالتي يملكها أولاند، لا بد وأن يكون هناك شيء متفوق فيه. ومع ذلك، لا أستطيع أن أكون حكمًا على قصيدته ("Gedichte"). لقد أخذت كتابه مع أفضل النوايا، ولكنني وقعت على الفور على الكثير من القصائد الضعيفة والقاتمة ولذلك لم أستطع المضي قدمًا، ومن ثم حاولت قراءة قصصه، حيث وجدت حقًا موهبة متميزة، وتمكنت من أن أرى بوضوح أنَّ هناك بعض الأساس لشهرته".
ثم سألت غوته عن رأيه حول النظم المناسب للمأساة الألمانية. '' الناس في ألمانيا، '' أجاب '' نادرًا ما يتوصلون إلى اتفاق حول هذه النقطة. الجميع يقوم بالأمر بالطريقة التي يفضلها تمامًا، والتي يجدها مناسبة إلى حد ما لموضوعه. إنَّ المقياس الإيامبي سيكون أكثر التدابير الجليلة، لكنه طويل جدًا بالنسبة لنا نحن الألمان، الذين، وبسبب الحاجة للصفات، عادة ما نرى أنَّ خمسة مقاطع كفاية. الإنجليز، بسبب استخدامهم للكلمة ذات المقطع الواحد، ليس بإمكانهم الاستمرار كما نفعل نحن حتى الآن".
ثم عرض عليّ غوته بعض النحاسيات، وتحدث بعد ذلك عن العمارة الألمانية القديمة، مضيفًا أنه سوف يريني الكثير بشكل تدريجي على هذا الطريق.
قال غوته، "نحن نرى في أعمال العمارة الألمانية القديمة زهرة الحالة الاستثنائية للأشياء. كل من يأتي على مقربة من مثل هذه الزهرة، سوف يحدق فقط بدهشة؛ ولكن ذلك الذي يرى الحياة الداخلية السرية للنبات، يرى حماسة قوتها، ويلاحظ كيف تكشف الزهرة نفسها تدريجيًا، يرى المسألة بعيون مختلفة تمامًا، - إنه يعرف ما يراه.
"سوف أحرص على أن تكتسب المزيد من التبصر حول هذه المسألة الهامة خلال هذا الشتاء، وعندما تزور الراين في الصيف المقبل، فإنَّ رؤية ستراسبورغ وكاتدرائية كولونيا قد يكون لها أثر جيد".
الجمعة، 24 أكتوبر، 1813.
هذا المساء عند غوته. مدام زيمانوسكا، والتي تعرف عليها خلال هذا الصيف، في ماريين ، تعزف الفنتازيا على البيانو. استغرق غوته في الاستماع، وبدا في بعض الأحيان متأثرًا كثيرًا.
السبت، 25 أكتوبر، 1823.
في الشفق، مررت على غوته لنصف ساعة. كان جالسًا في كرسي ذي أذرع خشبية أمام طاولته. لقد وجدته في مزاج لطيف جدًا، كمن مُليء بالسلام السماوي، أو من يتذكر السعادة اللذيذة التي تمتع بها ذات مرة، ويطفو مرة أخرى قبالة روحه بكامل امتلائها. قدم لي ستادلمان مقعدًا بالقرب منه.
تحدثنا عن المسرح، فقد كان واحدًا من الموضوعات التي كنت مهتمًا بها بشكل أساسي هذا الشتاء. كانت "Erdennacht " (ليلة على الأرض) لروباتش هي آخر قطعة رأيتها، وأعطيته رأيي أنَّ القطعة لم تقدم أمامنا كما كانت موجودة في ذهن الشاعر؛ وأنَّ الفكرة كانت مهيمنة أكثر من الحياة؛ وأنها كانت غنائية أكثر من كونها دراماتيكية؛ وأنَّ ما تم نسجه من خلال خمسة مشاهد كان سيكون أفضل بكثير في مشهدين أو ثلاثة، وأضاف غوته أنَّ فكرة الكمال التي أثيرت بين الأرستقراطية والديمقراطية، لم تكن بأي حال من الأحوال مصلحة عالمية للبشرية.
ثم أثنيت على تلك القطع التي رأيتها لكوتزيبو - وهي "Verwandschaften" (الألفة)، و "Versöhnung" (المصالحة)، وأشدت فيها بالعين الفاحصة للحياة الحقيقية، البراعة في الاستيلاء على الجانب المثير للاهتمام ، والتمثيل الحقيقي والفعال لها، ووافقني غوته الرأي.
"ما حافظ على مكانته لمدة عشرين عامًا، وحظي بإعجاب الشعب"، قال، "لا بد أن يكون فيه شيء مميز. عندما ربط كوتزيبو نفسه بالمجال الخاص به، ولم يتجاوز قواه، كان عادة يبلي جيدًا. كان الحال هو نفسه مع تشودويكي، الذي نجح دائمًا في مشاهد حياة المواطنين العاديين، في حين لو أنه حاول رسم أبطال يونانيين أو رومان فسيثبت فشله".
وقد سمى عدة قطع جيدة أخرى لكوتزيبو، خاصة "die beiden Klinsberge". قال، "لا أحد يستطيع أن ينكر أنِّ كوتزيبو كان يبحث عن قدر كبير من الحياة، وأبقى عينيه مفتوحتين دائمًا.
"الثقافة، وبعض الشعر، لا يمكن إنكارهما على شعرائنا المأساويين الحديثين، ولكن معظمهم غير قادرين على التمثيل المعيشي السهل، إنهم يسعون وراء شيء أكبر من إمكانياتهم؛ ولهذا السبب يمكن أن أسميهم المواهب القسرية".
"أنا أشك"، قلت، "في أنَّ هؤلاء الشعراء يمكن أن يكتبوا قطعة نثرية، وأرى أنَّ هذا سيكون المحك الحقيقي لمواهبهم". وافقني غوته، مضيفًا نظم الشعر التعزيزي، وما يدعى حتى بقوة الشعور الشعري.
ثم تحدثنا عن أعمال مختلفة. تحولت المحادثة إلى "رحلته عبر فرانكفورت وشتوتغارد إلى سويسرا"، التي كتبها في ثلاثة أجزاء، على أوراق، والتي سيرسلها إليّ لأقرأ التفاصيل، وأخطط كيف يمكن صياغتها كشيء كامل. "سوف ترى"، قال "أنَّ كل شيء كُتب باندفاع اللحظة؛ لم يكن هناك تفكير في خطة أو تقريب فني: كان مثل سكب الماء من دلو".
كنت مسرورًا بهذا التشبيه، الذي بدا مناسبًا جدًا، لتوضيح شيء دون خطة تمامًا.
الاثنين، 27 أكتوبر 1823.
صبيحة ذلك اليوم دُعيتُ إلى حفل شاي سيقام في منزل غوته في تلك الأمسية. أراني المستخدم قائمة المدعوين والتي رأيت من خلالها أنَّ الجمع سيكون كبيرًا جدًا. قال إنَّ سيدة بولندية صغيرة قد أتت، وأنها سوف تعزف على البيانو. قبلت الدعوة بسعادة.
بعد ذلك وصلني منشور العروض القادمة على المسرح، ورأيت أنَّ "Schachmaschine" (لعبة الشطرنج) سوف يتم عرضها، ولم أكن أعرف شيئًا من هذه القطعة؛ ولكن مالكة العقار الذي أقطنه كانت تثني عليها بشدة، حتى استولت عليّ رغبة كبيرة في مشاهدتها، إلى جانب ذلك، لم أكن في أفضل أحوالي طوال اليوم، وإزداد شعوري أنني سأحس بتلاؤمٍ أكثر مع عرض كوميدي مرح من الاختلاط مع هذا المجتمع الجيد.
في المساء، قبل ساعة من افتتاح المسرح، ذهبت إلى غوته. كان الجميع يتحركون بالفعل في جميع أنحاء المنزل. وبينما أمر سمعتهم يضبطون البيانو، في الغرفة الكبيرة، كتجهيز للترفيه الموسيقي.
وجدت غوته وحده في غرفته. كان مرتديًا ملابسه بالفعل، وبدا وكأنني وصلت في اللحظة المناسبة. قال "يجب أن تبقى معي هنا". "وسوف نرفه عن بعضنا البعض حتى يصل الآخرون". فكرت، "الآن لن أتمكن من الابتعاد: توقف، لا بد لي أن أذهب، فعلى الرغم من أنه من اللطيف جدًا أن أكون مع غوته وحده، ولكن، عندما سيأتي جمعٌ من السادة والسيدات الغرباء، سوف أشعر بأنني غير مرتاح تمامًا".
مشيت جيئة وذهابًا في الغرفة مع غوته. سرعان ما أصبح المسرح موضوع حديثنا، وأتيحت لي الفرصة لأكرر أنه كان مصدر فرحة جديدة لي، خاصة وأنني رأيت عروضًا شحيحة في السنوات الأولى، والآن كل قطعة تقريبًا تترك انطباعًا جديدًا تمامًا بيّ، "في الواقع،" أضفت "أنا أشعر بأنني في منافسة شديدة مع نفسي، على الرغم من المغريات الكبيرة لحفلتك المسائية".
"حسنا،" قال غوته، ومن ثم تمهل قليلًا، ونظر إليّ بلطف وكرامة، "اذهب إذن؛ لا تقيد نفسك؛ لو كانت المسرحية الحية هذا المساء تناسبك بشكل أفضل، فبذلك تكون أكثر ملاءمة لحالتك المزاجية، اذهب إلى هناك. لديك الموسيقى هنا، والتي غالبًا ما ستحدث مرة أخرى".
"إذن"، قلت، ""سوف أذهب؛ ربما سوف أستفيد من الضحك قليلًا". فقال غوته "ابقَ معي حتى الساعة السادسة: ربما سيكون بوسعنا التحدث عن القليل من الأشياء".
جلب ستادلمان شمعدانين ووضعهما على الطاولة. طلب مني غوته أن أجلس، وقال إنه سوف يعطيني شيئًا لأقرأه. وماذا ينبغي أن يكون هذا سوى قصيدته الأحدث، الأعز '' إيلي من مارينباد!"
يجب أن أعود هنا قليلًا لظروف مرتبطة بهذه القصيدة. مباشرة بعد عودة غوته من مارينباد، انتشرت الشائعات بأنه كان قد تعرف هناك على سيدة شابة ساحرة في عقلها وشخصيتها، وكانت مصدر إلهام وشغف له. عندما سمع صوتها في برونن-ألي، كان دائمًا يضغط على قبعته، ويسرع للانضمام إليها. لم يفوت أي فرصة للعيش في مجتمعها، ومرت أيام سعيدة: كان الفراق مؤلمًا جدًا، وفي هذه الحالة الحماسية كتب أجمل قصيدة، والتي، ومع ذلك، كان ينظر إليها على أنها شيء مُكرس، وأبقاها مخبأة من كل عين.
لقد صدقت هذه القصة، لأنها تتناسب تمامًا مع نشاطه الجسدي، وأيضًا مع القوة الإنتاجية لعقله، والنضارة الصحية لقلبه. كانت لديَّ رغبة منذ فترة طويلة في رؤية القصيدة نفسها، ولكن بطبيعة الحال شعرت بعدم رغبتي في سؤال غوته عنها. لذلك، أهنئ نفسي على تلك اللحظة السعيدة التي جُلبت إليّ.
لقد كتب بيده، هذه الآبيات، بالأحرف الرومانية، على ورق رفيع، وثبتها بحبل حريري في دفتر مغربي أحمر؛ وقد كان واضحًا من الخارج حتى أنه يضع هذه المخطوطة فوق كل ما تبقى.
قرأتها بفرحة كبيرة، ووجدت أنَّ كل سطر يؤكد الشائعة المنتشرة. إلا أنَّ الآبيات الأولى قد أشارت إلى أنَّ التعارف لم يتم حينها، بل تم تجديده فقط في ذلك الوقت. كانت القصيدة تدور (باستمرار في محورها الخاص، وبدا دائمًا أن تعود إلى النقطة التي بدأت فيها، الخاتمة انقطعت ببراعة تاركة انطباعًا عميقًا ومفردًا جدًا.
عندما انتهيت منها عاد غوته مجددًا.
قال، "حسنًا، ها أنا قد أريتك شيئًا جيدًا. ولكن يجب عليك أن تطلعني على رأيك في الأيام القادمة". كنت سعيدًا لأنَّ غوته لم يطلب مني أن أحكم على القصيدة في تلك اللحظة؛ لأنَّ الانطباع كان جديدًا جدًا، وتلقيته على عجل، لدرجة لا تسمح لي أن أقول أي شيء مناسب.
ووعد غوته بأن يسمح لي بأن أراها مرة أخرى في بعض الساعات الهادئة. لقد حان وقت الذهاب إلى المسرح الآن، وودعنا بعضنا بضغطة حنونة من اليد.
ربما كانت "لعبة الشطرنج" قطعة مسرحية جيدة، مُثِلت بشكل جيد، ولكن لم أستطع مشاهدتها - كانت أفكاري مع غوته.
عندما انتهت المسرحية، مررت على بيته، كان كل شيء مضاءً. سمعت الموسيقى من الداخل، وأسفت أنني لم أكن هناك.
في اليوم التالي، قيل لي إنَّ السيدة البولندية الشابة، السيدة سيمانوسكا، كانت ضيفة شرف الحفل، قد عزفت على البيانو في بأسلوب ممتاز وسحرت الجمع بأكمله. علمت أيضًا أنَّ غوته تعرف عليها في الصيف الماضي في مارينباد، وأنها قد أتت الآن لزيارته.
في الظهيرة، أرسل لي غوته مخطوطة صغيرة، "دراسات كتبها زوبر"، ووجدت فيها بعض الملاحظات الحيوية جدًا، وأرسلت له بعض القصائد التي كتبتها هذا الصيف في جينا، والتي تحدثت إليه حولها.
الأربعاء، 19 أكتوبر، 1823.
هذا المساء ذهبت إلى غوته بينما كانوا يضيئون الشموع. وجدته في حالة عقلية حيوية جدًا: عيناه تتألقان مع انعكاس ضوء الشمعة؛ وكان تعبيره كله مليئًا ببهجة الشباب، والقوة.
وبينما كان يسير معي جيئة وذهابًا بدأ فورًا في التحدث عن القصائد التي أرسلتها له أمس.
"أنا أفهم الآن"، قال: "لماذا تحدثت معي في جينا، عن كتابة قصيدة حول الفصول. أنا الآن أنصحك أن تفعل ذلك؛ ابدأ مع الشتاء. يبدو أنَّ لديك إحساسًا خاصًا تجاه الموضوعات الطبيعية.
"كلمتان فقط سوف أقولهما عن قصائدك. أنت تقف الآن في هذه النقطة التي يجب أن تنتقل فيها بالضرورة إلى الجزء العالي والصعب حقًا من الفن - إدراك ما هو فرداني. يجب عليك أن تبذل درجة من العنف تجاه نفسك لتخرج من فكرة أنَّ لديك موهبة وأنك حققت الكثير حتى الآن؛ الآن يجب عليك القيام بذلك .. لقد كنت في تيفورت في الآونة الأخيرة؛ وقد يحمل ذلك الآن موضوعًا للمحاولة. ربما عليك أن تذهب إلى تيفورت وتلقي نظرتين أو ثلاث أو أربع قبل أن تفوز بالجانب المميز المميز، اجمع كل دوافعك معًا؛ ولكن لا تبدد تعبك؛ ادرس الأمر من جميع زواياه، ومن ثم تمثيله؛ وبالتأكيد فإنَّ الموضوع يستحق هذه العناء. كان يجب عليَّ استخدام هذا منذ فترة طويلة، ولكن لم أتمكن من ذلك؛ لأنني عشت خلال تلك الظروف الهامة، ووجودي متشابك جدًا معها، ولكنك أتيت كغريب، اسمح لكاستلان بإخبارك بالماضي، وسوف ترى فقط ما هو موجود، بارز، وهام".
وعدت أن أحاول، ولكن لا يمكن أن أنكر أنَّ هذا الموضوع بدا لي بعيدًا جدًا عن طريقي، وصعبًا للغاية.
قال غوته، "أنا أعرف جيدًا أنَّ هذا الأمر صعب، ولكن إدراك وتمثيل الفردانية هو حياة الفن نفسها. وبالإضافة إلى ذلك، بينما تملأ نفسك بالعموميات، يمكن للجميع تقليدك ولكن، في المحدد، لا يمكن لأحد فعل ذلك - ولماذا؟ لأنْ لا أحد آخر شهد بالضبط الأشياء نفسها.
"ولا تحتاج إلى خشية أن لا يقابل الغريب بالتعاطف، كل شخصية، مهما كانت غريبة، وكل شيء يمكنك أن تمثله، من: الحجر حتى الإنسان، له عمومية؛ لأنَّ هناك تكرارًا في كل مكان، وليس هناك شيء يمكن العثور عليه مرة واحدة فقط في العالم.
"في هذه الخطوة من تمثيل ما هو فرداني"، واصل غوته، '' يبدأ، في الوقت نفسه، ما نسميه التكوين''.
لم يكن هذا واضحًا بالنسبة لي بسرعة، على الرغم من أنني امتنعت عن الأسئلة. "ربما"، فكرت، "أنه يعني مزج المثالي مع الحقيقي، - اتحاد ما هو خارجي مع ما هو فطري. ولكن ربما يعني شيئًا آخر". واصل غوته:"وتأكد من أنك وضعت على كل قصيدة التاريخ الذي كتبتها فيه". نظرت إليه باستفهام، لمعرفة لمَ كان هذا مهمًا جدًا. . "إن قصائدك ستخدم، قال،"كمذكرات لتقدمك.
لقد ظللت أقوم بالأمر لعدة سنوات وأرى الآن أنه مفيد".
لقد حان وقت المسرح الآن. "هل أنت ذاهب إلى فنلندا؟" ناداني ممازحًا؛ لأنَّ القطعة كانت "Johann von Finland" (جون فنلندا)، لفراو فون ويسنثورن، القطعة لم تفتقر إلى المواقف الفعالة، ولكنها كانت مثقلة جدًا بالرثاء، وكان التصميم واضحًا جدًا في كل جزء، وهذا، على العموم، لم يعجبني كثيرًا. إلا أنَّ آخر عمل، سرني كثيرًا، وجعلني أنسجم مع البقية.
هذه القطعة أوحت لي بالملاحظة التالية: الشخصيات التي تم استخلاصها دون اكتراث من قبل الشاعر تكسب على خشبة المسرح، لأنَّ الممثلين، كرجال حيين، يجعلونها كائنات حية، وينقلون إليها نوعًا من الفردانية. ولكن الشخصيات التي رسمت بدقة من الشاعر العظيم - والتي تبرز بالفعل بفردانية ملحوظة بشكل حاد تخسر على خشبة المسرح، لأنَّ الممثلين ليسوا مجهزين في كثير من الأحيان لأداء هذه الأجزاء، والقليل جدًا منهم يمكن أن يضعوا جانبًا فردانيتهم. إذا لم يكن الممثل نظيرًا من الطابع للشخصية، أو إن لم يملك القدرة على وضع شخصيته جانبًا بشكل تام، ستفقد الشخصية نقاءها. لذلك، مسرحية الشاعر العظيم تظهر فقط في شخصيات واحدة، تمامًا كما كان مقصودًا في الأساس.
================
محادثات مع غوته
تأليف: يوهان بيتر إيكرمان
ترجمة من الألمانية للإنجليزية: جون اوكسنفورد
ترجمة من الإنجليزية: سماح جعفر
تقوم «القرية الإلكترونية» بتكليف من الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي، بترجمة يوميات من حياة "جوته"، المعنونة بـــ «محادثات مع غوته»، من تأليف: «يوهان بيتر إيكرمان»، وهي عبارة عن يوميّات كتبها "إيكرمان" عن السنوات الأخيرة من حياة شاعر ألمانيا الكبير «غوته Goethe»، وتمت ترجمتها من الألمانية للإنجليزية بواسطة «جون أوكسنفورد»، وترجمها من الإنجليزية إلى العربية: «طارق زياد شعار»، وسوف نقوم بنشرها على حلقات تباعاً هنا في الصفحة نأمل أن تحوز إعجابكم.
*«يوهان بيتر إيكرمان» Johann Peter Eckermann 1792-1854: عمل كأمين خاص لجوته في الفترة الأخيرة من حياة الأخير. وسرعان ما أصبح كتابه محادثات مع غوته، ذو شعبية تخطت الحدود الألمانية، ولعب دوراً مهما في إحياء الاهتمام والتقدير لأعمال جوته في وقت لاحق.
#محمد_أحمد_السويدي_ترجمة_محادثات_مع_غوته
, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi,,
Related Articles