محادثات مع غوته - الجزء الخامس

محادثات مع غوته | الجزء الخامس
الأحد، 2 مايو، 1824
وبَّخني غوته لعدم قيامي بزيارة بعض العائلات المرموقة. "ربما فاتتك هناك، خلال فصل الشتاء، العديد من الأمسيات المبهجة، والتقاء ومعرفة العديد من الغرباء المثيرين للاهتمام؛ جميع النعم الضائعة تعود أسبابها إلى النزوات".
"مع مزاجي المثير المتقلب"، قلتُ، "وميلي للتعاطف الواسع مع الآخرين، لا شيء يمكن أن يكون أكثر عبئًا وأذىً بالنسبة لي من الإفراط في انطباعات جديدة، فأنا لستُ ملائمًا للمجتمع العام، سواءً من خلال ثقافتي أو عادتي. كان وضعي في الأيام السابقة من هذا القبيل، أشعرُ وكأنني لم أكن حيَّا حتى تقرَّبتُ منك. كل الأشياء جديدة بالنسبة لي. كلُّ مساء في المسرح، كلُّ محادثة معك، تخلق حدثًا فريدًا في وجودي. جميع الأشياء التي تكون حياديّة تمامًا لأشخاص ذوي ثقافة وعادات مختلفة، تخلق انطباعًا عميقًا داخلي، وبقدر عظمة رغبتي في تثقيف نفسي، يستولى ذهني على كلّ شيء عبر طاقةٍ معينة، ويستمدُّ منها قدر الإمكان ما يستطيع من تغذية. ضمن هذه الحالة العقلية، أخذتُ نصيبي الكافي خلال هذا الشتاء، في المسرح وخلال تواصلي معك؛ ولن أكون قادرًا على منح نفسي للمزيد من الارتباطات والالتزامات، دون تعريض ذهني للإرباك".
"رفيقٌ غريبٌ أنت"، قال غوته ضاحكًا. ''حسنًا، سأتركك تفعل ما يحلو لك؛ سأدعك لأسلوبك الخاص".
"ثم"، واصلتُ، "عادة ما أحملُ معي أينما ذهبتُ ما أحبُّ وأكره، وحاجة ما لأن أحبُّ وأن أكونُ محبوبًا؛ أسعى إلى طبائع تنسجم مع طبيعتي، وأودُّ أن أمنح نفسي لهؤلاء الناس، وألًا تكون لديَّ علاقة بالطبائع الأخرى".
"اتجاهك الطبيعي هذا"، أجاب غوته، "هو في الواقع ليس من النوع الاجتماعي، ولكن فيمَ سيكون استخدام الثقافة، إذا لم نحاول السيطرة على الاتجاهات الطبيعية لدينا. من شدة الحمق أن نأمل في انسجام الرجال الآخرين معنا؛ لم أتمنَّ ذلك أبدًا. دائمًا ما اعتبرتُ كلّ رجلٍ بمثابة فرد مستقل، وسعيتُ إلى دراسته، وفهمه بجميع خصوصياته، ولكنّي لم أرغب في كثير تعاطفٍ منه. مكَّنتني هذه الطريقة من التحاور مع كلّ رجل، وبالتالي وحدها هي ما تنتج معرفة عن شخصيات متنوعة، والبراعة اللازمة لطرق باب الحياة. ولأنه في صراع مع الطبائع المتعارضة مع خصيصته، وجب على الرجل أن يستجمع قواه للقتال في جبهته الخاصة، وهكذا يتم طرح جميع جوانبنا المختلفة وتطويرها، حتى يتسنى لنا أن نشعر بأنفسنا متناغمين مع جميع أعدائنا. عليك القيام بأمر مماثل؛ لديك قدرة على القيام بذلك أكثر مما تتخيّل؛ في الواقع، يجب عليك استغلال جميع الأحداث للانغماس في العالم الأكبر، سواء رغبتَ في ذلك أم لم ترغب".
أصغيتُ باهتمام كبير لهذه الكلمات الطيبة الكريمة، وعزمتُ على التصرُّف وفقًا لها قدر الإمكان.
نحو المساء، دعاني غوته للقيام بنزهة معه. يقع طريقنا فوق تلال فايمار العليا، وخلالها شاهدنا الحديقة في الاتجاه الغربي. كانت الأشجار مزهرة، وأغصان أشجار البتولا مكتملة الأوراق، والمروج كأنها سجادة خضراء، تسكب الشمس عليها ذهب الأصيل. تابعنا بأبصارنا مجموعات رائعة ومختلفة الألوان، ولم نتمكن من مشاهدة ما يكفي. اتفقنا على الإشارة إلى أنه لا ينبغي رسم الأشجار المليئة بالأزهار البيضاء، لأنها لا تعطي صورة، فقط مثلما أنَّ أشجار البتولا بأوراقها غير صالحة لمقدمة اللوحة، لأنَّ ورقة الشجرة الحساسة لا تتوازن كفاية مع الجذع الأبيض؛ لا توجد كتل كبيرة تحمل تأثيرات قوية لمزيج الضوء والظل. قال غوته: "لم يسبق لرويسدايل أن أدخل جذوع البتولا بأوراقها في مقدمة اللوحة، فقط جذوع بتولا مقطوعة خالية من الأوراق، فهذا الجذع مناسب تمامًا لمقدمة اللوحة، حيث يأتي شكلها المشرق بأقوى التأثيرات".
بعد تداولنا لبعض الأحاديث الطفيفة حول مواضيع أخرى، جئنا لللحديث عن خطأ أولئك الفنانين الذين يخلقون فنَّاً دينيَاً، ويرون بضرورة جعل الفن دينًا. قال غوته: "علاقة الفنّ مع الدين تشبه علاقته مع شئون الحياة العليا، تنظر له فقط على أنه مادة، مع ادعاءات مماثلة لتلك التي يخلقها مع مادة حيوية أخرى. الإيمان والرغبة في الإيمان ليست الأعضاء التي يجب ضمنها فهم العمل الفنّي، بل على النقيض من ذلك، فإنَّ قوى وقدرات بشرية ذات طابع مختلف تمامًا مطلوبة. يجب أن يتعاطى الفنّ مع الأعضاء التي تمكننا من إدراكه، وإلا سيفقد تأثيره. قد تكون المادة الدينية موضوعًا جيّدا للفنّ، ولكن فقط من حيث احتوائها مصلحة إنسانية عامة. بهذا تُشكل العذراء مع الطفل موضوعًا ممتازًا، ويمكن معالجتها مائة مرة، بحيث تنظر إليها وتكرر النظر دائمًا بكل سرور".
في غضون ذلك، كنا تجولنا داخل غابة ويبيشت، ودرنا حول قصر تيفورت لنعود إلى طريق فايمار، حيث شاهدنا مغيب الشمس. استغرق غوته في التفكير لبرهة من الزمن. ثم قال لي، مستعيرًا عبارة أحد القدماء-
"لا تزال الشمس نفسها مستمرة رغم احتراقها".
"في عمر الخامسة والسبعين"، واصل غوته غارقًا في البهجة، "لا بد لنا في بعض الأحيان من التفكير في الموت. ولكن هذا الفكر لم يكن أبدًا جالبًا للقلق، لأنني على قناعة تامة بأنَّ أرواحنا هي كائنات من طبيعة غير قابلة للتدمير الكامل، وأنَّ نشاطها يستمر من الأبديّة إلى الأبديّة، مثلما هو الحال مع الشمس، التي يبدو أنها تغرب فقط لعيوننا الدنيوية، بينما، في واقع الأمر، هي لا تغرب أبدًا، بل تضيء دونما توقف".
في أثناء ذلك، كانت الشمس قد غرقت وراء إترسبرغ، فشعرنا بقشعريرة المساء في الغابة، وغذينا الخُطى نحو فايمار، ومن ثمّ منزل غوته. حثّني غوته على الدخول معه لفترة من الوقت، فاستجبتُ لذلك. كان في مزاج ساحر ولطيف للغاية. تحدث كثيرًا عن نظريته الخاصة بالألوان، وعن خصومه المتعنتين؛ مشيرًا إلى يقينه من أنه قد أضاف شيئًا لهذا العلم.
"من أجل خلق تأثير في العالم"، قال، "هناك شرطان أساسيان، وهما امتلاك قدرة جيدة وميراث كبير. ورث نابليون الثورة الفرنسية؛ فريدريك الكبير الحرب السيليزية؛ لوثر جهالة الباباوات؛ وأنا أخطاء نظرية نيوتن. ليس لدى الجيل الحالي تصور عمّا أنجزته في هذه المسألة، ولكن الأجيال القادمة سوف تُسلّم بأنني لم أقع بأي حال من الحوال ضمن ميراث سيىء!".
بعث لي غوته صباح اليوم حزمة من الأوراق تتعلق بالمسرح، وجدت بينها ملاحظات منفصلة، تحتوي على قواعد ودراسات أجراها مع وولف وغرونر لتأهيلهم حتى يصيرا ممثلين جيدين. وجدتُ هذه التفاصيل مهمة ومفيدة للغاية للممثلين الشباب، وبالتالي اقترحتُ جمعها معًا، وأن نخلق منها نوعًا من مبادىء للتعليم المسرحي. وافق غوته، واستفضنا في مناقشة الأمر. أتاح لنا ذلك الفرصة للتحدث عن بعض الممثلين البارزين الذين تشكلوا ضمن مدرسته؛ واغتنمتُ الفرصة لطرح بعض الأسئلة حول السيدة هيجندورف؛ فقال غوته: "قد أكون أثَّرتُ عليها، لكنها لم تكن تلميذتي لو شئنا الدقة. فقد وُلِدتْ، إذا جاز القول، من أجل التمثيل، وكانت بلا جدال، مستعدة، وحاذقة في كل شيء مثل بطة في سطح الماء. لم تكن بحاجة إلى تعليماتي، بل فعلت الصواب بشكل غريزي، وربما دون أن تعرف ذلك".
ثم تحدثنا عن السنوات العديدة التي قضاها مشرفًا على المسرح، وبالتالي الوقت الكبير الذي فقده للعمل في الإنتاج الأدبي. "نعم"، قال: "ربما فوّتُ كتابة العديد من الأشياء الجيد، ولكن، عندما أفكر مليّا في الأمر، لا أجدني آسف على ذلك. لقد اعتبرتُ دائمًا أنّ كلّ ما فعلتُه هو مجرد شيء رمزي؛ وفي الواقع، لا يهمني ما إذا كنتُ قد صنعتُ قدورًا أو أطباقًا".
الأربعاء 5 مايو 1824.
بسعادة تامة، شغلت الورقات التي تحتوي على الدراسات التي استمر غوته في تقديمها للممثلين وولف وغرونر أيامي القليلة الماضية. وقد نجحتُ في أن أعطي هذه الإخطارات المنفصلة أسلوبًا ما، بحيث نشأ منها ما يمكن اعتباره بداية لمبادىء توجيهية للممثلين. خلال هذا اليوم تحدثتُ مع غوته عن هذا العمل، وخضنا في تنويعة من الموضوعات بالتفصيل. بدا لنا أنَّ الملاحظات المتعلقة بالنطق، بغضّ النظر عن النبرات الإقليمية، ذات أهمية خاصة.
"من خلال ممارستي الطويلة"، قال غوته، "أصبحت لديَّ معرفة بالمبتدئين القادمين من جميع أنحاء ألمانيا. مثلًا، طريقة نطق الألمانية الشمالية لا ينقصها الكثير، فهي نقيّة، بل يمكن اعتبارها، في كثير من النواحي، كنموذج. وعلى العكس من ذلك، كثيرًا ما كان لديّ الكثير من المتاعب مع السويبين المحليين (Suabians)، النمساويين، والساكسونيين. كذلك مع مواطني بلدتنا الحبيبة، فايمار، فقد طرحوا أمامي الكثير للقيام به. وسط هؤلاء نشأت أكثر الأخطاء سخافة؛ لأنهم لا يُجبرون في المدارس هنا على التمييز، من خلال نطق واضح، بين (b) و(p)، أو (d) و(t). نادرًا ما يعتقد المرء أنَّ (b)، (p)، (d)، و(t) هي أربعة أحرف مختلفة؛ ولأنهم لا يتكلمون إلا على حرف (b) اللينة والقوية، و(d) القوية واللينة، بالتالي يبدو ضمنيًا أنَّ رباطًا حميمًا بين (p) و(t) غير موجود. مع هؤلاء الناس، تُنطق (Pein = ألم) مثل (Bein = ساق)، (Pas = طريق) مثل (Bass = جهير)، و(Teckel، لفظة إقليمية تعني جُحر) مثل (Deckel = غطاء)".
قلتُ: "قام ممثل من هذه المدينة مؤخرًا، لم يميّز بشكل صحيح بين (t) و(d)، بارتكاب خطأ من هذا النوع، بدا لافتًا للغاية. وذلك أثناء تأديته دور عاشق مذنب بُجرم خيانة صغير؛ وعندما قذعته الشابة الغاضبة بشتى ألوان التوبيخ العنيف، نفذ صبره، وكان عليه أن يصرخ كُفّي عن هذا! (!O ende)؛ ولكنه لم يكن قادرًا على التمييز بين (T) و(D)، فهتف، يا بطة (!O ente) الشيء الذي أثار ضحك الجمهور".
"هذه واقعة شديدة الغرابة"، قال غوته، "وسيكون من الجيّد ذكرها في ’مبادىء التعليم المسرحي‘".
"في الآونة الأخيرة، أخطأت مغنيّة شابة، من هذه المدينة أيضًا"، واصلتُ في حديثي، "لم تستطع التمييز بين (t) و(d)، وبدل أن تقول، أنتظرُ منك مُبادرة (Ich will dich den Eingeweihten übergehen)؛ حيث نطقت (t) كأنها (d)، بدا كما لو أنها قالت، أنتظرُ منك إمعاء (Ich will dich den Eingeweiden übergeben).
تابعتُ، "أيضًا، أحد الممثلين من هذه المدينة، الذي لعب دور خادم، أراد أن يقول لشخص غريب، سيدي ليس في المنزل، لديه مهام في المجلس (Mein Herr ist nicht zu Haus, er sitzt im Rathe)؛ ولكن بما أنه لم يتمكن من التمييز بين (t) (d)، بدا وكأنه قال: سيدي ليس في المنزل، فهو يجلس على عجلة (Mein Herr ist nicht zu Hausy er sitzt im Rade)".
"ليست هذه بالحوادث السيئة"، قال غوته، "وسوف نسجلها. وهكذا، إذا أراد من لا يستطيع التمييز بين (p) و(b) الصياح أمرًا، اعتقله (Packe ihn an)، ولكنه، بدلًا من هذا، هتف، ابقِ عليه (Backe ihn an)، فسيكون موقفًا شديد الضحك.
"بطريقة مماثلة"، قال غوته، "كثيرًا ما يتم نطق (ü) مثل (t)، الأمر الذي كان سببًا في وجود أخطاء فاضحة غير قليلة. كثيرًا ما سمعتُ من يقول، مقيم في صندق (Kistenbewohner)، بدلًا عن مُقيم في الساحل (Küstenbewohner)؛ وبدلًا عن لوحة على باب (Thürstück)، يقول صورة حيوانية (Thierstück)؛ وحافز (Triebe) بدلًا عن قاتم (Trübe)، وأنت تفقد (Ihr misst)، في مكان يجب عليك (Ihr müsst)؛ ومع ذلك، ليس دون ضحكة عميقة".
"قابلتُني في الآونة الأخيرة في المسرح"، قلتُ، "حالة مُضحكة جدًا من هذا النوع، وذلك عندما تضطر سيدة، واقعة في موقف عصيب، لأن تتبع رجلًا لم يسبق لها أن رأته من قبل، وبدل مُخاطبته قائلة، لا أعرفك، ولكنني أضع كامل ثقتي في نبل محياك (Ich kenne Dich zwar nicht y aber ich setze mein ganzes Vertrauen in den Edelmuth Deiner Züge)؛ ولأنها تنطق (ü) مثل (t)، تقول: لا أعرفك، ولكنني أضع كامل ثقتي في نبل ماعزتك (Ich kenne Dich zwar nichts aber ich setze mein ganzes Vertrauen in den Edelmuth Deiner Ziege)، ما تسبَّب في ضحك شديد".
"ليست هذه بالنوادر السيئة"، ردّ غوته، "وسوف نعمل على تدوينها أيضًا. واستمر في حديثه "في كثير من الأحيان نجد حيرة مماثلة في استخدام (g) و(k)، بحيث تُستخدم (k) في مكان (g)، و(g) في مكان (k)، وربما يرجع ذلك لعدم اليقين مما إذا كان ينبغي أن يكون صوت الحرف قويّا أو لينًا، وهو ناتج عن فقه لغوي شديد الرواج هنا. فربما سمعتَ في كثير من الأحيان، أو سوف تسمع، في وقت ما في المستقبل، في مسرحنا: بيت من ورق (Kartenhaus) بدلًا من منزل صيفي (Gartenhaus)، وصندوق (Kasse) بدلًا من ممر (Gasse)، واختيار (Klauben) بدلًا من إيمان (Glauben)، ويطوي (bekränzen) بدلًا من يلزم (begrenzen)، وفنّ (Kunst) بدلًا من نعمة (Gunst)".
"لقد سمعتُ بالفعل شيئًا مماثلا"، قلتُ بدوري. "حيث كان على ممثِّل من هذه البلدة أن يقول: لقد مسّ حُزنك شغاف قلبي، (Dein Gram geht mir zu Herzen)، لكنه نطق حرف (g) مثل (K)، فقال بصوت واضح، لقد لمست بضائعك قلبي، (Dein Kram geht mir zu Herzen)".
''فوق ذلك"، أجاب غوته، "نسمع مثل هذا الاستبدال بين (g) و(k)، ليس فقط وسط الممثلين، ولكن حتى بين اللاهوتيين من أصحاب العلم. شخصيًا واجهتني حادثة من هذا القبيل. سوف أرويها لك.
"قبل حوالي خمس سنوات، أثناء قضائي بعض الوقت في يينا، تقدّم نحوي طالب لاهوت في إحدى الصباحات بينما أقوم بغرس شجرة تنّوب، وبعد أن تحدث معي بشكل متناغم لبعض الوقت، طلب منّي وهو يهمُّ الذهاب طلبًا من نوع غريب للغاية. فقد توسّل لي بالسماح له بالتبشير في مقرِّي يوم الأحد القادم، فاكتشفتُ على الفور مآلات القصة، وأنَّ الشاب الطافح بالأمل كان واحدًا من أولئك الذين يخلطون حرفي (g) و(k). لذلك أجبتُه بطريقة وديّة، إنني لا أستطيع مساعدته شخصيًا في هذه المسألة، ولكنه سيكون على يقين من تحقيق هدفه، إذا كان جيّدا في تقديم طلبه لرئيس الشماسة كوته.
الخميس 6 مايو 1824.
عندما جئتُ إلى فايمار، في الصيف الماضي، لم أكن، مثلما قلت، عازمًا على البقاء هنا، فقد أردتُ فقط بناء علاقة معرفة شخصية مع غوته، ومن ثم زيارة منطقة الراين، حيث كنتُ أنوي العيش لبعض الوقت في مكان ملائم.
ومع ذلك، تم اعتقالي في فايمار من قبل لطف غوته الاستثنائي، وأصبحت علاقتي معه عملية أكثر فأكثر، لأنه جذبني أكثر فأكثر لمصالحه الخاصة، وأعطاني عملًا شديد الأهمية للقيام به، وهو إعداد الطبعة الكاملة لأعماله.
وهكذا، قمتُ خلال الشتاء الماضي، بجمع عدة أقسام من (ترويض زينيا) من مجموعة تضم أكثر الأوراق خلطًا، ونسقتُ مجموعة من القصائد الجديدة، و(مبادىء التعليم المسرحي)، والخطوط العريضة لأطروحة حول "الهواة" في مُختلف الفنون.
ومع ذلك، لم أنسَ تصميمي لرؤية منطقة الراين. بل إنَّ غوته نفسه، قدّم لي النصح لتخصيص بضعة أشهر من هذا الصيف لزيارة لتلك المنطقة، حتى لا أحمل داخلي لسعة من رغبة غير مُشبعة.
بيد أنه أكد لي رغبته في أن أعود إلى فايمار. وأشار إلى أنه ليس من الجيّد كسر الروابط التي تشكَّلت بشق الأنفس، وأنَّ كلّ مَن يملك قيمة في الحياة يجب أن يملك استمرارية. وفي الوقت نفسه، أسرّ لي بوضوح أنه قد اختارني وريمر، ليس فقط لمساعدته في إعداد طبعة جديدة وكاملة من أعماله، ولكن لأخذ المسؤولية الكاملة بخصوصها في حال توجّب عليه فجأة تلبية المُنادي، وهو ما قد يحدث بطبيعة الحال في هذه السن المتقدمة.
أراني في هذا الصباح حزمة ضخمة من الرسائل، كانت موضوعة في ما يُطلق عليه غرفة المهملات. ''هذه هي جميع الرسائل التي تلقيتُها منذ عام 1780، من الرجال الأكثر تميزا في بلدنا". قال غوته، "يكمن ضمن هذه المجموعة كنزٌ غنيّ من الأفكار، والتي سوف يكون من واجبك في قادم الوقت نقلها إلى الجمهور. أملك الآن صندوقًا، سأضع فيه هذه الرسائل مع بقية بعض آثاري الأدبية. أتمنى منك، قبل أن تبدأ رحلتك، العمل على ترتيبها في نظام، كي أشعر بالأمان بخصوصها، ولا أكلف نفسي كثير عناء حولها".
ثم أخبرني أنه يعتزم زيارة مارينباد خلال هذا الصيف، لكنه لم يكن ينوي الذهاب حتى نهاية يوليو/ تموز، لأسباب منحني ثقة معرفتها. وأعرب عن رغبته في أن أعود قبل مغادرته، حتى يستطيع تبادل الحديث معي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد بضعة أسابيع، قمتُ بزيارة أصدقائي في هانوفر، ثم توقفتُ خلال شهري يونيو ويوليو في منطقة الراين، حيث، وخاصة في فرانكفورت، هايدلبرغ، وبون، خلقتُ الكثير من المعارف القيّمة بين أصدقاء غوته.
ملحوظة:
(رغم وجود هذا التصريح القصير ضمن محادثة السادس من مايو في المجلد الأول، سيقرأ بوضوح بعد يوم 26 مايو (ص 173 في النسخة الإنجليزية)، والتي تم أخذها من المجلد الذي يضم الملحق التكميلي)
الثلاثاء، 18 مايو 1824.
هذا المساء ذهبتُ إلى منزل غوته صُحبة ريمر.
حدثنا غوته عن قصيدة إنجليزية، كانت الجيولوجيا موضوعها المحوري. وفي اللحظة، قرأ لنا ترجمة مرتجلة لها، تضمُّ الكثير من الروح والخيال، والفكاهة الجيّدة، بحيث انتصب كل موضوع فردي أمامنا، ممتلئًا بالحياة، كما لو كان من ابتداعه الخاص في اللحظة الراهنة. نشاهد بطل القصيدة. الملك فحم، في قاعته الرائعة بين الجمهور، جالسًا على عرشه، وعلى جانبه زوجته معدن البيريت (الذهب الكاذب)، في انتظار نبلاء المملكة. الذين دخلوا وفقًا لرتبتهم، وظهروا واحدًا تلو الآخر أمام الملك، يتقدمهم الدوق جرانيت، والماركيز صخر الأدواز، والكونتيسة رخام بلوري، وهلم جرا، الذين كانوا جميعًا موسومين بلقب نبيل ونكتة. تبعهم السير لورينزو الطباشيري، وهو رجل صاحب ممتلكات كبيرة، ويحظى بتقدير جيد لدى المحكمة. اعتذر إنابة عن الدته، السيدة رخام، بسبب أنها تقطن في مكان بعيد نوعا ما. وهي سيدة مصقولة جدًا ومتميزة. سبب عدم مثولها أمام المحكمة، في هذه المناسبة، هو أنها تشارك في مؤامرة مع كانوفا (اسم لنحات إيطالي اشتهر باستخدام الرخام)، الذي يحب مغازلتها. أما توفا، فيبدو ثملًا، مع شعره الذي تزينه السحالي والأسماك. هانز الطيني ويعقوب الصلصالي يظهران في النهاية؛ والأخير هو المفضل من قبل الملكة، لأنه وعدها بمجموعة من الأصداف. وهكذا تستمر القصيدة لفترة طويلة في لهجة شديدة البهجة، ولكن، منعتني دقة التفاصيل من ملاحظة التقدم المُطرد للقصة.
"مثل هذه القصيدة"، قال غوته، "مقصود بها مباشرة تسلية الناس في العالم؛ في الوقت الذي تنشر فيه مقدار من المعلومات المفيدة، التي لا يجب لأحد أن يحيا دونها تمامًا. وبالتالي نجد حماسًا متقدًا لتذوق العلم في أوساط الدوائر العليا. لا يعرف أحد مقدار الخير الذي قد ينتج في نهاية المطاف عن مثل هذا المُزاح المُسلِّي بخصوص الأمور الواقعية. يمكن أن يدفع العديد من الأشخاص الأذكياء نحو إجراء ملاحظات بأنفسهم، كُلّ في نطاقه المباشر. وغالبًا ما تكون هذه الملاحظات الفردية، المستمدة من الموضوعات الطبيعية التي نحن على اتصال معها أكثر قيمة كلما قل انتماء صاحب الملاحظة مهنيًا إلى قسم معين من العلوم".
بالتالي، يبدو انك تُحذر"، قلتُ بدوري، "أنه كلما زادت معرفة المرء، قلَّت قدرته على الملاحظة".
"بالتأكيد"، قال غوته، "وذلك عندما تترافق المعرفة التي يتم تمريرها عبر الأجيال جنبًا إلى جنب مع الأخطاء، فبمجرد انتماء المرء إلى عقيدة علمية ضيقة، يضيع كل تصوّر غير متحيّز وصائب، بحيث يرى الفولكاني (اعتقاد ساد في القرن الثامن عشر بأنّ الصخور تشكلت في النار. كانت بمثابة النظرية المنافسة للنيبتونية- المُترجم) دائمًا من خلال نظارات فولكانية، وكلّ نبتوني (الاعتقاد بأنّ الصخور نتجت عن البلورات المعدنية الموجودة في محيطات الأرض القديمة- المُترجم)، وكل أستاذ يتبنى نظرية السمو الأحدث، من خلال منظوره. وبالتالي، يكون التأمل في العالم، مع كل هؤلاء المنظَّرين المحصورين ضمن ميل ما، قد فقد براءته، ولم تعد الأشياء تبدو في نقائها الطبيعي. لذا، عندما يقدم هؤلاء الرجال المتعلمون تقريرًا عن ملاحظاتهم، وعلى الرغم من حبهم للحقيقة كأفراد، لن نتحصل على الحقيقة الفعلية في ما يتعلق بالأشياء نفسها، بل نتلقى دائمًا هذه الأشياء مع خليط ذاتي متين.
"ومع ذلك، لستُ مُعتصمًا بفكرة أنَّ المعرفة الصحيحة غير المتحيزة هي عقبة أمام المراقبة، فأنا أكثر ميلًا لدعم الحقيقة القديمة، وهي أننا، إذا صغنا الموضوع بوضوح، فلدينا فقط عيون وآذان بسبب ما نعرفه. فالموسيقي المُحترف يسمع، في الأداء الأوركسترالي، كلّ أداة وكلّ نغمة في فرديتها، في حين يلتفُّ الشخص غير الملوث بالفنّ في تأثير هائل للكُلّ. بحيث يرى الرجل، الذي حصر عزمه على المتعة فقط، في المرج الأخضر أو المُزهر مجرد سهل ساحر، في حين تكتشف عينُ عالم النبات، تفاصيلَ لا نهائية من النباتات والأعشاب الأكثر تنوعًا".
"لا يزال لكل شيء تدبيره وهدفه، وكما ورد في مسرحيتي (غوتس فون بيرلشينغن)، أنَّ الابن لا بتعرف على والده من خلال المعرفة المحضة، لذلك يحدث أن نجد في العلم أناسًا لا يستطيعون الرؤية أو السماع من خلال المعرفة والفرضية المُطلقة، بحيث يمارس هؤلاء الناس على الفور عمليات استبطان؛ تجدهم مُنهمكين من قبل ما يدور داخل ذواتهم، ويشبهون ذلك الرجل الذي من شدة تملّكه بالهوى، يمرُّ بجانب أعز أصدقائه في الشارع دون رؤيته. تتطلب الطبيعة نقاءً ما للعقل لا يمكن أن يشوش أو يشغل باله أي شيء. فالخنفساء على الزهرة لا تفلت الثمرة؛ فقد كرّست كلّ حواسها لمصلحة واحدة بسيطة، ولن يشغلها أبدًا في اللحظة نفسها إعجاب بشيء رائع يمكن أن يحدث في تكوين السُحُبْ ليصرف نظرتها في هذا الاتجاه".
قلتُ من جانبي، " هذا يعني أنَّ الطفل وشبيه الطفل سيكون عاملًا مساعدًا جيدًا في العلم".
هتف غوته "أسال لله، أننا كلنا لسنا أكثر من مجرد عمّال مساعدين، لأنه لمجرد أننا سوف نكون أكثر من ذلك، ونحمل معنا جهازًا كبيرًا من الفلسفة والفرضيات، نفسد كل شيء". ثم جاء وقتٌ توقفت فيه المحادثة، حتى كسر ريمر الصمت بذكر خبر وفاة اللورد بايرون. حينها قدم غوته شرحًا باهرًا لكتاباته، مشحونًا بتقريظ رفيع وإمتنانًا ناصعًا.
واصل حديثه، " ومع ذلك ورغم وفاة بايرون في شبابه، لم يتكبد الأدب خسارة أساسية، بأن عرقل مزيدًا من التوسيع. وبمعنى ما، لم يعد بإمكان بايرون المضي أبعد من ذلك، فقد بلغ قمة قوته الإبداعية، وكل ما قد يفعله في المستقبل، لن يكون قادرًا على توسيع حدود موهبته؛ فقد أنجز في قصيدته العصيّة على الفهم، (رؤية الحكم) قصارى ما كان قادرًا عليه من جهد".
ثم تناول الحديث الشاعر الإيطالي توركواتو تاسو وشبهه باللورد بايرون، حينها لم يتمكن غوته من إخفاء تفوق الإنجليزي، في الروح، وفهم العالم، والقوة الإنتاجية. "ليس بمستطاع المرء"، استمر في الحديث، "مقارنة هذين الشاعرين ببعضهما البعض، دون أن يفسد أحدهما الآخر. بايرون هو الشعلة المحترقة التي تسحق خشب أرز لبنان المقدس إلى رماد. نعم، استطاعت القصيدة الملحمية الأيطالية العظيمة الحفاظ على شهرتها لقرون، ولكن بعد ذلك، مع بيت واحد من قصيدة ’دون خوان‘، يمكن للمرء أن يُسمِّم كل قصيدة ’الاستيلاء على القدس‘".
الأربعاء، 26 مايو، 1814.
في تاريخ هذا اليوم أخذتُ إجازة من غوته، من أجل زيارة أصدقائي في هانوفر، ومن ثم المضي قدمًا إلى منطقة الراين، وفقًا لخطتي التي جلستُ طويلًا أخطط لها. كان غوته حار الحنو، وأخذني بين ذراعيه. "عند وصولك هانوفر يجب عليك عدم تفويت فرصة الذهاب إلى ريهبرغ، ولقاء شارلوت كيستنر، صديقتي القديمة من فترة شبابي، وإبلاغها عاطر مودتي. في فرانكفورت، سأوصي عليك لأصدقائي آل ويليمر، والكونت راينهارت، وآل سكلوسر. ثم على حدّ سواء، في هايدلبرغ وبون، سوف تجد أصدقاء لي شديدي الإخلاص، سوف تلقى منهم ترحيبًا حارًا. أنوي مرة أخرى قضاء بعض الوقت في مارينباد هذا الصيف، ولكن لن أذهب لحين عودتك.
كان فراق غوته شاقًا جدًا بالنسبة لي؛ على الرغم من أنني مضيتُ مع قناعة راسخة برؤيته مرة أخرى، آمنًا ومُعافى في غضون شهرين.
ومع ذلك، شعرتُ بغاية السعادة في اليوم التالي عندما نقلتني المركبة نحو بيتي الحبيب في هانوفر، والذي نحوه تتوجه رغباتي الحارة باستمرار.
الثلاثاء، 10 أغسطس، 1824.
عدتُ من جولتي في منطقة الراين منذ أسبوع. وقد أعرب غوته عن بالغ فرحته عند وصولي. وأنا، من جهتي، كان من دواعي سروري أن أكون معه مرة أخرى. كان لديه الكثير لقوله لي. لدرجة أنني كنتُ شديد الانفعال في الأيام القليلة الأولى، بينما كان قليله هو. كان قد تخلى عن تصميمه الذهاب إلى مارينباد، ولم يعد ينوي السفر هذا الصيف. "الآن أنت هنا مرة أخرى"، قال، "سأستمتع بأغسطس بالغ اللطف إذن".
قبل بضعة أيام، سلمني غوته البداية لما سيستمر حاملًا عنوان (من حياتي: الشعر والحقيقة؛ 1811-1833)، الذي كتبه على أوراق كوارتو، وبِسُمْك نادرًا ما تجاوز اتساع الأصبع. كان هناك قسمٌ قد اكتمل فعلًا، ولكن الجزء الأكبر يتكون من مجرد مؤشرات. ومع ذلك، كان مقسّمًا بالفعل إلى خمسة كتب، وقد رُتِّبت الأوراق التي تحتوي على الجزء المُخطط، بحيث مع قليل جهد، يتمكن المرء من استطلاع المضمون العام.
بدا لي الجزء الذي تم الانتهاء منه ممتازًا جدًا، وكذلك كان محتوى الجزء قيد التخطيط يبدو ذا قيمة كبيرة، وقد أسفتُ جدا لرؤية العمل الذي يعدُ بالكثير من الإرشاد والاستمتاع ببلوغ هذا الطريق المسدود، وآليتُ على نفسي أن أقوم بكل جهد لحثّ غوته على مواصلة واستكمال ذلك في أقرب وقت ممكن.
حمل البرنامج الكُلِّي للكتاب في طياته الكثير من طابع الرواية. الكياسة، والحنو، وعاطفة الحب المتقدة، المبتهجة في أولها، مثالية في تطورها، ومأساوية في نهايتها، من خلال نكران ضمني ولكنه متبادل، يجري من خلال أربعة كتب، يجمعها في كُلّ منتظم.
الفترة من حياة غوته المنصوص عليها هنا؛ هي من طبيعة شديدة الرومانسية، أو على الأقل، ستصبح كذلك مثلما تم تطويرها في طابعها الرئيسي. لكنها تكتسب دلالة خاصة وأهمية من الظرف الذي باعتباره الحقبة السابقة لحياته في فايمار، كان حاسمًا لمجمل حياته. لذلك، لو كانت هناك فترة من حياة غوته تحوز على أهمية، وتثير الرغبة في الوصف التفصيلي، فلن تكون سوى هذه.
لدفع غوته وإثارة حماسة جديدة فيه نحو هذا العمل، الذي انقطع عنه ولم يمسه منذ سنوات، لم أكتفِ بمجرد التحدث معه حول الموضوع، بل أرسلتُ له الملاحظات التالية، بحيث يرى في وقت واحد ما تمّ إنجازه وما يتعيّن العمل عليه وترتيبه.
ملاحظة من المُترجم الإنجليزي:
} تم نشر الكتب الخمسة الأخيرة من (من حياتي: الشعر والحقيقة؛ 1811-1833)، ضمن أعمال غوته الصادرة بعد وفاته، ولكن لم يُراعَ فيها التنظيم الذي اعتمده إكرمان{.
الكتاب الأول.
يمكن اعتبار هذا الكتاب مكتملًا، وذلك وفقًا لمقصده الأصلي، وهو يحتوي على نوع من الشرح، بقدر ما يُعبّر عن الرغبة في المشاركة في الشؤون الدنيوية، التي يتم تحقيقها في نهاية حقبة بأكملها، من خلال الدعوة إلى فايمار. ومع ذلك، ولكي يكون وثيق الصلة مع الكُلّ، أقترح أنَّ العلاقة مع ليلي، التي تُسرد عبر الكتب الأربعة التالية، يجب أن تبدأ في هذا الكتاب الأول، وتستمر بقدرٍ ما حتى الرحلة القصيرة إلى أوفنباخ. وهكذا، أيضًا، فإنَّ الأهمية والمساحة التي سيحوزها الكتاب، ستجنبك الزيادة الكبيرة لما سيؤول إليه الكتاب الثاني.
الكتاب الثاني.
ستكون الحياة المثالية في أوفنباخ مُفتتح هذا الكتاب الثاني، الذي سوف يسرد علاقة الحب السعيدة، إلى أن يبدأ في نهايته بإظهار شخصية شكوكية، جادّة، وحتى تراجيدية. إنَّ التأمل في المسائل الجادّة، التي يعد بها تخطيط الكتاب بالإشارة إلى ستيلينغ، مُصاغة بشكل جيد هنا، والكثير الذي يمكن أن يكون ذا قيمة توجيهيّة يبدو واضحًا من المخطوطة، التي تشير إليها ببضع كلمات بسيطة.
================
محادثات مع غوته
تأليف: يوهان بيتر إيكرمان
ترجمة من الألمانية للإنجليزية: جون اوكسنفورد
ترجمة من الإنجليزية: سماح جعفر
تقوم «القرية الإلكترونية» بتكليف من الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي، بترجمة يوميات من حياة "جوته"، المعنونة بـــ «محادثات مع غوته»، من تأليف: «يوهان بيتر إيكرمان*»، وهي عبارة عن يوميّات كتبها "إيكرمان" عن السنوات الأخيرة من حياة شاعر ألمانيا الكبير «غوته Goethe»، وتمت ترجمتها من الألمانية للإنجليزية بواسطة «جون أوكسنفورد»، وترجمها من الإنجليزية إلى العربية: «طارق زياد شعار»، وسوف نقوم بنشرها على حلقات تباعاً هنا في الصفحة نأمل أن تحوز إعجابكم.
*«يوهان بيتر إيكرمان» Johann Peter Eckermann 1792-1854: عمل كأمين خاص لجوته في الفترة الأخيرة من حياة الأخير. وسرعان ما أصبح كتابه محادثات مع غوته، ذو شعبية تخطت الحدود الألمانية، ولعب دوراً مهما في إحياء الاهتمام والتقدير لأعمال جوته في وقت لاحق.
#محمد_أحمد_السويدي_ترجمة_محادثات_مع_غوته
محادثات مع غوته | الجزء الخامس
الأحد، 2 مايو، 1824
وبَّخني غوته لعدم قيامي بزيارة بعض العائلات المرموقة. "ربما فاتتك هناك، خلال فصل الشتاء، العديد من الأمسيات المبهجة، والتقاء ومعرفة العديد من الغرباء المثيرين للاهتمام؛ جميع النعم الضائعة تعود أسبابها إلى النزوات".
"مع مزاجي المثير المتقلب"، قلتُ، "وميلي للتعاطف الواسع مع الآخرين، لا شيء يمكن أن يكون أكثر عبئًا وأذىً بالنسبة لي من الإفراط في انطباعات جديدة، فأنا لستُ ملائمًا للمجتمع العام، سواءً من خلال ثقافتي أو عادتي. كان وضعي في الأيام السابقة من هذا القبيل، أشعرُ وكأنني لم أكن حيَّا حتى تقرَّبتُ منك. كل الأشياء جديدة بالنسبة لي. كلُّ مساء في المسرح، كلُّ محادثة معك، تخلق حدثًا فريدًا في وجودي. جميع الأشياء التي تكون حياديّة تمامًا لأشخاص ذوي ثقافة وعادات مختلفة، تخلق انطباعًا عميقًا داخلي، وبقدر عظمة رغبتي في تثقيف نفسي، يستولى ذهني على كلّ شيء عبر طاقةٍ معينة، ويستمدُّ منها قدر الإمكان ما يستطيع من تغذية. ضمن هذه الحالة العقلية، أخذتُ نصيبي الكافي خلال هذا الشتاء، في المسرح وخلال تواصلي معك؛ ولن أكون قادرًا على منح نفسي للمزيد من الارتباطات والالتزامات، دون تعريض ذهني للإرباك".
"رفيقٌ غريبٌ أنت"، قال غوته ضاحكًا. ''حسنًا، سأتركك تفعل ما يحلو لك؛ سأدعك لأسلوبك الخاص".
"ثم"، واصلتُ، "عادة ما أحملُ معي أينما ذهبتُ ما أحبُّ وأكره، وحاجة ما لأن أحبُّ وأن أكونُ محبوبًا؛ أسعى إلى طبائع تنسجم مع طبيعتي، وأودُّ أن أمنح نفسي لهؤلاء الناس، وألًا تكون لديَّ علاقة بالطبائع الأخرى".
"اتجاهك الطبيعي هذا"، أجاب غوته، "هو في الواقع ليس من النوع الاجتماعي، ولكن فيمَ سيكون استخدام الثقافة، إذا لم نحاول السيطرة على الاتجاهات الطبيعية لدينا. من شدة الحمق أن نأمل في انسجام الرجال الآخرين معنا؛ لم أتمنَّ ذلك أبدًا. دائمًا ما اعتبرتُ كلّ رجلٍ بمثابة فرد مستقل، وسعيتُ إلى دراسته، وفهمه بجميع خصوصياته، ولكنّي لم أرغب في كثير تعاطفٍ منه. مكَّنتني هذه الطريقة من التحاور مع كلّ رجل، وبالتالي وحدها هي ما تنتج معرفة عن شخصيات متنوعة، والبراعة اللازمة لطرق باب الحياة. ولأنه في صراع مع الطبائع المتعارضة مع خصيصته، وجب على الرجل أن يستجمع قواه للقتال في جبهته الخاصة، وهكذا يتم طرح جميع جوانبنا المختلفة وتطويرها، حتى يتسنى لنا أن نشعر بأنفسنا متناغمين مع جميع أعدائنا. عليك القيام بأمر مماثل؛ لديك قدرة على القيام بذلك أكثر مما تتخيّل؛ في الواقع، يجب عليك استغلال جميع الأحداث للانغماس في العالم الأكبر، سواء رغبتَ في ذلك أم لم ترغب".
أصغيتُ باهتمام كبير لهذه الكلمات الطيبة الكريمة، وعزمتُ على التصرُّف وفقًا لها قدر الإمكان.
نحو المساء، دعاني غوته للقيام بنزهة معه. يقع طريقنا فوق تلال فايمار العليا، وخلالها شاهدنا الحديقة في الاتجاه الغربي. كانت الأشجار مزهرة، وأغصان أشجار البتولا مكتملة الأوراق، والمروج كأنها سجادة خضراء، تسكب الشمس عليها ذهب الأصيل. تابعنا بأبصارنا مجموعات رائعة ومختلفة الألوان، ولم نتمكن من مشاهدة ما يكفي. اتفقنا على الإشارة إلى أنه لا ينبغي رسم الأشجار المليئة بالأزهار البيضاء، لأنها لا تعطي صورة، فقط مثلما أنَّ أشجار البتولا بأوراقها غير صالحة لمقدمة اللوحة، لأنَّ ورقة الشجرة الحساسة لا تتوازن كفاية مع الجذع الأبيض؛ لا توجد كتل كبيرة تحمل تأثيرات قوية لمزيج الضوء والظل. قال غوته: "لم يسبق لرويسدايل أن أدخل جذوع البتولا بأوراقها في مقدمة اللوحة، فقط جذوع بتولا مقطوعة خالية من الأوراق، فهذا الجذع مناسب تمامًا لمقدمة اللوحة، حيث يأتي شكلها المشرق بأقوى التأثيرات".
بعد تداولنا لبعض الأحاديث الطفيفة حول مواضيع أخرى، جئنا لللحديث عن خطأ أولئك الفنانين الذين يخلقون فنَّاً دينيَاً، ويرون بضرورة جعل الفن دينًا. قال غوته: "علاقة الفنّ مع الدين تشبه علاقته مع شئون الحياة العليا، تنظر له فقط على أنه مادة، مع ادعاءات مماثلة لتلك التي يخلقها مع مادة حيوية أخرى. الإيمان والرغبة في الإيمان ليست الأعضاء التي يجب ضمنها فهم العمل الفنّي، بل على النقيض من ذلك، فإنَّ قوى وقدرات بشرية ذات طابع مختلف تمامًا مطلوبة. يجب أن يتعاطى الفنّ مع الأعضاء التي تمكننا من إدراكه، وإلا سيفقد تأثيره. قد تكون المادة الدينية موضوعًا جيّدا للفنّ، ولكن فقط من حيث احتوائها مصلحة إنسانية عامة. بهذا تُشكل العذراء مع الطفل موضوعًا ممتازًا، ويمكن معالجتها مائة مرة، بحيث تنظر إليها وتكرر النظر دائمًا بكل سرور".
في غضون ذلك، كنا تجولنا داخل غابة ويبيشت، ودرنا حول قصر تيفورت لنعود إلى طريق فايمار، حيث شاهدنا مغيب الشمس. استغرق غوته في التفكير لبرهة من الزمن. ثم قال لي، مستعيرًا عبارة أحد القدماء-
"لا تزال الشمس نفسها مستمرة رغم احتراقها".
"في عمر الخامسة والسبعين"، واصل غوته غارقًا في البهجة، "لا بد لنا في بعض الأحيان من التفكير في الموت. ولكن هذا الفكر لم يكن أبدًا جالبًا للقلق، لأنني على قناعة تامة بأنَّ أرواحنا هي كائنات من طبيعة غير قابلة للتدمير الكامل، وأنَّ نشاطها يستمر من الأبديّة إلى الأبديّة، مثلما هو الحال مع الشمس، التي يبدو أنها تغرب فقط لعيوننا الدنيوية، بينما، في واقع الأمر، هي لا تغرب أبدًا، بل تضيء دونما توقف".
في أثناء ذلك، كانت الشمس قد غرقت وراء إترسبرغ، فشعرنا بقشعريرة المساء في الغابة، وغذينا الخُطى نحو فايمار، ومن ثمّ منزل غوته. حثّني غوته على الدخول معه لفترة من الوقت، فاستجبتُ لذلك. كان في مزاج ساحر ولطيف للغاية. تحدث كثيرًا عن نظريته الخاصة بالألوان، وعن خصومه المتعنتين؛ مشيرًا إلى يقينه من أنه قد أضاف شيئًا لهذا العلم.
"من أجل خلق تأثير في العالم"، قال، "هناك شرطان أساسيان، وهما امتلاك قدرة جيدة وميراث كبير. ورث نابليون الثورة الفرنسية؛ فريدريك الكبير الحرب السيليزية؛ لوثر جهالة الباباوات؛ وأنا أخطاء نظرية نيوتن. ليس لدى الجيل الحالي تصور عمّا أنجزته في هذه المسألة، ولكن الأجيال القادمة سوف تُسلّم بأنني لم أقع بأي حال من الحوال ضمن ميراث سيىء!".
بعث لي غوته صباح اليوم حزمة من الأوراق تتعلق بالمسرح، وجدت بينها ملاحظات منفصلة، تحتوي على قواعد ودراسات أجراها مع وولف وغرونر لتأهيلهم حتى يصيرا ممثلين جيدين. وجدتُ هذه التفاصيل مهمة ومفيدة للغاية للممثلين الشباب، وبالتالي اقترحتُ جمعها معًا، وأن نخلق منها نوعًا من مبادىء للتعليم المسرحي. وافق غوته، واستفضنا في مناقشة الأمر. أتاح لنا ذلك الفرصة للتحدث عن بعض الممثلين البارزين الذين تشكلوا ضمن مدرسته؛ واغتنمتُ الفرصة لطرح بعض الأسئلة حول السيدة هيجندورف؛ فقال غوته: "قد أكون أثَّرتُ عليها، لكنها لم تكن تلميذتي لو شئنا الدقة. فقد وُلِدتْ، إذا جاز القول، من أجل التمثيل، وكانت بلا جدال، مستعدة، وحاذقة في كل شيء مثل بطة في سطح الماء. لم تكن بحاجة إلى تعليماتي، بل فعلت الصواب بشكل غريزي، وربما دون أن تعرف ذلك".
ثم تحدثنا عن السنوات العديدة التي قضاها مشرفًا على المسرح، وبالتالي الوقت الكبير الذي فقده للعمل في الإنتاج الأدبي. "نعم"، قال: "ربما فوّتُ كتابة العديد من الأشياء الجيد، ولكن، عندما أفكر مليّا في الأمر، لا أجدني آسف على ذلك. لقد اعتبرتُ دائمًا أنّ كلّ ما فعلتُه هو مجرد شيء رمزي؛ وفي الواقع، لا يهمني ما إذا كنتُ قد صنعتُ قدورًا أو أطباقًا".
الأربعاء 5 مايو 1824.
بسعادة تامة، شغلت الورقات التي تحتوي على الدراسات التي استمر غوته في تقديمها للممثلين وولف وغرونر أيامي القليلة الماضية. وقد نجحتُ في أن أعطي هذه الإخطارات المنفصلة أسلوبًا ما، بحيث نشأ منها ما يمكن اعتباره بداية لمبادىء توجيهية للممثلين. خلال هذا اليوم تحدثتُ مع غوته عن هذا العمل، وخضنا في تنويعة من الموضوعات بالتفصيل. بدا لنا أنَّ الملاحظات المتعلقة بالنطق، بغضّ النظر عن النبرات الإقليمية، ذات أهمية خاصة.
"من خلال ممارستي الطويلة"، قال غوته، "أصبحت لديَّ معرفة بالمبتدئين القادمين من جميع أنحاء ألمانيا. مثلًا، طريقة نطق الألمانية الشمالية لا ينقصها الكثير، فهي نقيّة، بل يمكن اعتبارها، في كثير من النواحي، كنموذج. وعلى العكس من ذلك، كثيرًا ما كان لديّ الكثير من المتاعب مع السويبين المحليين (Suabians)، النمساويين، والساكسونيين. كذلك مع مواطني بلدتنا الحبيبة، فايمار، فقد طرحوا أمامي الكثير للقيام به. وسط هؤلاء نشأت أكثر الأخطاء سخافة؛ لأنهم لا يُجبرون في المدارس هنا على التمييز، من خلال نطق واضح، بين (b) و(p)، أو (d) و(t). نادرًا ما يعتقد المرء أنَّ (b)، (p)، (d)، و(t) هي أربعة أحرف مختلفة؛ ولأنهم لا يتكلمون إلا على حرف (b) اللينة والقوية، و(d) القوية واللينة، بالتالي يبدو ضمنيًا أنَّ رباطًا حميمًا بين (p) و(t) غير موجود. مع هؤلاء الناس، تُنطق (Pein = ألم) مثل (Bein = ساق)، (Pas = طريق) مثل (Bass = جهير)، و(Teckel، لفظة إقليمية تعني جُحر) مثل (Deckel = غطاء)".
قلتُ: "قام ممثل من هذه المدينة مؤخرًا، لم يميّز بشكل صحيح بين (t) و(d)، بارتكاب خطأ من هذا النوع، بدا لافتًا للغاية. وذلك أثناء تأديته دور عاشق مذنب بُجرم خيانة صغير؛ وعندما قذعته الشابة الغاضبة بشتى ألوان التوبيخ العنيف، نفذ صبره، وكان عليه أن يصرخ كُفّي عن هذا! (!O ende)؛ ولكنه لم يكن قادرًا على التمييز بين (T) و(D)، فهتف، يا بطة (!O ente) الشيء الذي أثار ضحك الجمهور".
"هذه واقعة شديدة الغرابة"، قال غوته، "وسيكون من الجيّد ذكرها في ’مبادىء التعليم المسرحي‘".
"في الآونة الأخيرة، أخطأت مغنيّة شابة، من هذه المدينة أيضًا"، واصلتُ في حديثي، "لم تستطع التمييز بين (t) و(d)، وبدل أن تقول، أنتظرُ منك مُبادرة (Ich will dich den Eingeweihten übergehen)؛ حيث نطقت (t) كأنها (d)، بدا كما لو أنها قالت، أنتظرُ منك إمعاء (Ich will dich den Eingeweiden übergeben).
تابعتُ، "أيضًا، أحد الممثلين من هذه المدينة، الذي لعب دور خادم، أراد أن يقول لشخص غريب، سيدي ليس في المنزل، لديه مهام في المجلس (Mein Herr ist nicht zu Haus, er sitzt im Rathe)؛ ولكن بما أنه لم يتمكن من التمييز بين (t) (d)، بدا وكأنه قال: سيدي ليس في المنزل، فهو يجلس على عجلة (Mein Herr ist nicht zu Hausy er sitzt im Rade)".
"ليست هذه بالحوادث السيئة"، قال غوته، "وسوف نسجلها. وهكذا، إذا أراد من لا يستطيع التمييز بين (p) و(b) الصياح أمرًا، اعتقله (Packe ihn an)، ولكنه، بدلًا من هذا، هتف، ابقِ عليه (Backe ihn an)، فسيكون موقفًا شديد الضحك.
"بطريقة مماثلة"، قال غوته، "كثيرًا ما يتم نطق (ü) مثل (t)، الأمر الذي كان سببًا في وجود أخطاء فاضحة غير قليلة. كثيرًا ما سمعتُ من يقول، مقيم في صندق (Kistenbewohner)، بدلًا عن مُقيم في الساحل (Küstenbewohner)؛ وبدلًا عن لوحة على باب (Thürstück)، يقول صورة حيوانية (Thierstück)؛ وحافز (Triebe) بدلًا عن قاتم (Trübe)، وأنت تفقد (Ihr misst)، في مكان يجب عليك (Ihr müsst)؛ ومع ذلك، ليس دون ضحكة عميقة".
"قابلتُني في الآونة الأخيرة في المسرح"، قلتُ، "حالة مُضحكة جدًا من هذا النوع، وذلك عندما تضطر سيدة، واقعة في موقف عصيب، لأن تتبع رجلًا لم يسبق لها أن رأته من قبل، وبدل مُخاطبته قائلة، لا أعرفك، ولكنني أضع كامل ثقتي في نبل محياك (Ich kenne Dich zwar nicht y aber ich setze mein ganzes Vertrauen in den Edelmuth Deiner Züge)؛ ولأنها تنطق (ü) مثل (t)، تقول: لا أعرفك، ولكنني أضع كامل ثقتي في نبل ماعزتك (Ich kenne Dich zwar nichts aber ich setze mein ganzes Vertrauen in den Edelmuth Deiner Ziege)، ما تسبَّب في ضحك شديد".
"ليست هذه بالنوادر السيئة"، ردّ غوته، "وسوف نعمل على تدوينها أيضًا. واستمر في حديثه "في كثير من الأحيان نجد حيرة مماثلة في استخدام (g) و(k)، بحيث تُستخدم (k) في مكان (g)، و(g) في مكان (k)، وربما يرجع ذلك لعدم اليقين مما إذا كان ينبغي أن يكون صوت الحرف قويّا أو لينًا، وهو ناتج عن فقه لغوي شديد الرواج هنا. فربما سمعتَ في كثير من الأحيان، أو سوف تسمع، في وقت ما في المستقبل، في مسرحنا: بيت من ورق (Kartenhaus) بدلًا من منزل صيفي (Gartenhaus)، وصندوق (Kasse) بدلًا من ممر (Gasse)، واختيار (Klauben) بدلًا من إيمان (Glauben)، ويطوي (bekränzen) بدلًا من يلزم (begrenzen)، وفنّ (Kunst) بدلًا من نعمة (Gunst)".
"لقد سمعتُ بالفعل شيئًا مماثلا"، قلتُ بدوري. "حيث كان على ممثِّل من هذه البلدة أن يقول: لقد مسّ حُزنك شغاف قلبي، (Dein Gram geht mir zu Herzen)، لكنه نطق حرف (g) مثل (K)، فقال بصوت واضح، لقد لمست بضائعك قلبي، (Dein Kram geht mir zu Herzen)".
''فوق ذلك"، أجاب غوته، "نسمع مثل هذا الاستبدال بين (g) و(k)، ليس فقط وسط الممثلين، ولكن حتى بين اللاهوتيين من أصحاب العلم. شخصيًا واجهتني حادثة من هذا القبيل. سوف أرويها لك.
"قبل حوالي خمس سنوات، أثناء قضائي بعض الوقت في يينا، تقدّم نحوي طالب لاهوت في إحدى الصباحات بينما أقوم بغرس شجرة تنّوب، وبعد أن تحدث معي بشكل متناغم لبعض الوقت، طلب منّي وهو يهمُّ الذهاب طلبًا من نوع غريب للغاية. فقد توسّل لي بالسماح له بالتبشير في مقرِّي يوم الأحد القادم، فاكتشفتُ على الفور مآلات القصة، وأنَّ الشاب الطافح بالأمل كان واحدًا من أولئك الذين يخلطون حرفي (g) و(k). لذلك أجبتُه بطريقة وديّة، إنني لا أستطيع مساعدته شخصيًا في هذه المسألة، ولكنه سيكون على يقين من تحقيق هدفه، إذا كان جيّدا في تقديم طلبه لرئيس الشماسة كوته.
الخميس 6 مايو 1824.
عندما جئتُ إلى فايمار، في الصيف الماضي، لم أكن، مثلما قلت، عازمًا على البقاء هنا، فقد أردتُ فقط بناء علاقة معرفة شخصية مع غوته، ومن ثم زيارة منطقة الراين، حيث كنتُ أنوي العيش لبعض الوقت في مكان ملائم.
ومع ذلك، تم اعتقالي في فايمار من قبل لطف غوته الاستثنائي، وأصبحت علاقتي معه عملية أكثر فأكثر، لأنه جذبني أكثر فأكثر لمصالحه الخاصة، وأعطاني عملًا شديد الأهمية للقيام به، وهو إعداد الطبعة الكاملة لأعماله.
وهكذا، قمتُ خلال الشتاء الماضي، بجمع عدة أقسام من (ترويض زينيا) من مجموعة تضم أكثر الأوراق خلطًا، ونسقتُ مجموعة من القصائد الجديدة، و(مبادىء التعليم المسرحي)، والخطوط العريضة لأطروحة حول "الهواة" في مُختلف الفنون.
ومع ذلك، لم أنسَ تصميمي لرؤية منطقة الراين. بل إنَّ غوته نفسه، قدّم لي النصح لتخصيص بضعة أشهر من هذا الصيف لزيارة لتلك المنطقة، حتى لا أحمل داخلي لسعة من رغبة غير مُشبعة.
بيد أنه أكد لي رغبته في أن أعود إلى فايمار. وأشار إلى أنه ليس من الجيّد كسر الروابط التي تشكَّلت بشق الأنفس، وأنَّ كلّ مَن يملك قيمة في الحياة يجب أن يملك استمرارية. وفي الوقت نفسه، أسرّ لي بوضوح أنه قد اختارني وريمر، ليس فقط لمساعدته في إعداد طبعة جديدة وكاملة من أعماله، ولكن لأخذ المسؤولية الكاملة بخصوصها في حال توجّب عليه فجأة تلبية المُنادي، وهو ما قد يحدث بطبيعة الحال في هذه السن المتقدمة.
أراني في هذا الصباح حزمة ضخمة من الرسائل، كانت موضوعة في ما يُطلق عليه غرفة المهملات. ''هذه هي جميع الرسائل التي تلقيتُها منذ عام 1780، من الرجال الأكثر تميزا في بلدنا". قال غوته، "يكمن ضمن هذه المجموعة كنزٌ غنيّ من الأفكار، والتي سوف يكون من واجبك في قادم الوقت نقلها إلى الجمهور. أملك الآن صندوقًا، سأضع فيه هذه الرسائل مع بقية بعض آثاري الأدبية. أتمنى منك، قبل أن تبدأ رحلتك، العمل على ترتيبها في نظام، كي أشعر بالأمان بخصوصها، ولا أكلف نفسي كثير عناء حولها".
ثم أخبرني أنه يعتزم زيارة مارينباد خلال هذا الصيف، لكنه لم يكن ينوي الذهاب حتى نهاية يوليو/ تموز، لأسباب منحني ثقة معرفتها. وأعرب عن رغبته في أن أعود قبل مغادرته، حتى يستطيع تبادل الحديث معي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد بضعة أسابيع، قمتُ بزيارة أصدقائي في هانوفر، ثم توقفتُ خلال شهري يونيو ويوليو في منطقة الراين، حيث، وخاصة في فرانكفورت، هايدلبرغ، وبون، خلقتُ الكثير من المعارف القيّمة بين أصدقاء غوته.
ملحوظة:
(رغم وجود هذا التصريح القصير ضمن محادثة السادس من مايو في المجلد الأول، سيقرأ بوضوح بعد يوم 26 مايو (ص 173 في النسخة الإنجليزية)، والتي تم أخذها من المجلد الذي يضم الملحق التكميلي)
الثلاثاء، 18 مايو 1824.
هذا المساء ذهبتُ إلى منزل غوته صُحبة ريمر.
حدثنا غوته عن قصيدة إنجليزية، كانت الجيولوجيا موضوعها المحوري. وفي اللحظة، قرأ لنا ترجمة مرتجلة لها، تضمُّ الكثير من الروح والخيال، والفكاهة الجيّدة، بحيث انتصب كل موضوع فردي أمامنا، ممتلئًا بالحياة، كما لو كان من ابتداعه الخاص في اللحظة الراهنة. نشاهد بطل القصيدة. الملك فحم، في قاعته الرائعة بين الجمهور، جالسًا على عرشه، وعلى جانبه زوجته معدن البيريت (الذهب الكاذب)، في انتظار نبلاء المملكة. الذين دخلوا وفقًا لرتبتهم، وظهروا واحدًا تلو الآخر أمام الملك، يتقدمهم الدوق جرانيت، والماركيز صخر الأدواز، والكونتيسة رخام بلوري، وهلم جرا، الذين كانوا جميعًا موسومين بلقب نبيل ونكتة. تبعهم السير لورينزو الطباشيري، وهو رجل صاحب ممتلكات كبيرة، ويحظى بتقدير جيد لدى المحكمة. اعتذر إنابة عن الدته، السيدة رخام، بسبب أنها تقطن في مكان بعيد نوعا ما. وهي سيدة مصقولة جدًا ومتميزة. سبب عدم مثولها أمام المحكمة، في هذه المناسبة، هو أنها تشارك في مؤامرة مع كانوفا (اسم لنحات إيطالي اشتهر باستخدام الرخام)، الذي يحب مغازلتها. أما توفا، فيبدو ثملًا، مع شعره الذي تزينه السحالي والأسماك. هانز الطيني ويعقوب الصلصالي يظهران في النهاية؛ والأخير هو المفضل من قبل الملكة، لأنه وعدها بمجموعة من الأصداف. وهكذا تستمر القصيدة لفترة طويلة في لهجة شديدة البهجة، ولكن، منعتني دقة التفاصيل من ملاحظة التقدم المُطرد للقصة.
"مثل هذه القصيدة"، قال غوته، "مقصود بها مباشرة تسلية الناس في العالم؛ في الوقت الذي تنشر فيه مقدار من المعلومات المفيدة، التي لا يجب لأحد أن يحيا دونها تمامًا. وبالتالي نجد حماسًا متقدًا لتذوق العلم في أوساط الدوائر العليا. لا يعرف أحد مقدار الخير الذي قد ينتج في نهاية المطاف عن مثل هذا المُزاح المُسلِّي بخصوص الأمور الواقعية. يمكن أن يدفع العديد من الأشخاص الأذكياء نحو إجراء ملاحظات بأنفسهم، كُلّ في نطاقه المباشر. وغالبًا ما تكون هذه الملاحظات الفردية، المستمدة من الموضوعات الطبيعية التي نحن على اتصال معها أكثر قيمة كلما قل انتماء صاحب الملاحظة مهنيًا إلى قسم معين من العلوم".
بالتالي، يبدو انك تُحذر"، قلتُ بدوري، "أنه كلما زادت معرفة المرء، قلَّت قدرته على الملاحظة".
"بالتأكيد"، قال غوته، "وذلك عندما تترافق المعرفة التي يتم تمريرها عبر الأجيال جنبًا إلى جنب مع الأخطاء، فبمجرد انتماء المرء إلى عقيدة علمية ضيقة، يضيع كل تصوّر غير متحيّز وصائب، بحيث يرى الفولكاني (اعتقاد ساد في القرن الثامن عشر بأنّ الصخور تشكلت في النار. كانت بمثابة النظرية المنافسة للنيبتونية- المُترجم) دائمًا من خلال نظارات فولكانية، وكلّ نبتوني (الاعتقاد بأنّ الصخور نتجت عن البلورات المعدنية الموجودة في محيطات الأرض القديمة- المُترجم)، وكل أستاذ يتبنى نظرية السمو الأحدث، من خلال منظوره. وبالتالي، يكون التأمل في العالم، مع كل هؤلاء المنظَّرين المحصورين ضمن ميل ما، قد فقد براءته، ولم تعد الأشياء تبدو في نقائها الطبيعي. لذا، عندما يقدم هؤلاء الرجال المتعلمون تقريرًا عن ملاحظاتهم، وعلى الرغم من حبهم للحقيقة كأفراد، لن نتحصل على الحقيقة الفعلية في ما يتعلق بالأشياء نفسها، بل نتلقى دائمًا هذه الأشياء مع خليط ذاتي متين.
"ومع ذلك، لستُ مُعتصمًا بفكرة أنَّ المعرفة الصحيحة غير المتحيزة هي عقبة أمام المراقبة، فأنا أكثر ميلًا لدعم الحقيقة القديمة، وهي أننا، إذا صغنا الموضوع بوضوح، فلدينا فقط عيون وآذان بسبب ما نعرفه. فالموسيقي المُحترف يسمع، في الأداء الأوركسترالي، كلّ أداة وكلّ نغمة في فرديتها، في حين يلتفُّ الشخص غير الملوث بالفنّ في تأثير هائل للكُلّ. بحيث يرى الرجل، الذي حصر عزمه على المتعة فقط، في المرج الأخضر أو المُزهر مجرد سهل ساحر، في حين تكتشف عينُ عالم النبات، تفاصيلَ لا نهائية من النباتات والأعشاب الأكثر تنوعًا".
"لا يزال لكل شيء تدبيره وهدفه، وكما ورد في مسرحيتي (غوتس فون بيرلشينغن)، أنَّ الابن لا بتعرف على والده من خلال المعرفة المحضة، لذلك يحدث أن نجد في العلم أناسًا لا يستطيعون الرؤية أو السماع من خلال المعرفة والفرضية المُطلقة، بحيث يمارس هؤلاء الناس على الفور عمليات استبطان؛ تجدهم مُنهمكين من قبل ما يدور داخل ذواتهم، ويشبهون ذلك الرجل الذي من شدة تملّكه بالهوى، يمرُّ بجانب أعز أصدقائه في الشارع دون رؤيته. تتطلب الطبيعة نقاءً ما للعقل لا يمكن أن يشوش أو يشغل باله أي شيء. فالخنفساء على الزهرة لا تفلت الثمرة؛ فقد كرّست كلّ حواسها لمصلحة واحدة بسيطة، ولن يشغلها أبدًا في اللحظة نفسها إعجاب بشيء رائع يمكن أن يحدث في تكوين السُحُبْ ليصرف نظرتها في هذا الاتجاه".
قلتُ من جانبي، " هذا يعني أنَّ الطفل وشبيه الطفل سيكون عاملًا مساعدًا جيدًا في العلم".
هتف غوته "أسال لله، أننا كلنا لسنا أكثر من مجرد عمّال مساعدين، لأنه لمجرد أننا سوف نكون أكثر من ذلك، ونحمل معنا جهازًا كبيرًا من الفلسفة والفرضيات، نفسد كل شيء". ثم جاء وقتٌ توقفت فيه المحادثة، حتى كسر ريمر الصمت بذكر خبر وفاة اللورد بايرون. حينها قدم غوته شرحًا باهرًا لكتاباته، مشحونًا بتقريظ رفيع وإمتنانًا ناصعًا.
واصل حديثه، " ومع ذلك ورغم وفاة بايرون في شبابه، لم يتكبد الأدب خسارة أساسية، بأن عرقل مزيدًا من التوسيع. وبمعنى ما، لم يعد بإمكان بايرون المضي أبعد من ذلك، فقد بلغ قمة قوته الإبداعية، وكل ما قد يفعله في المستقبل، لن يكون قادرًا على توسيع حدود موهبته؛ فقد أنجز في قصيدته العصيّة على الفهم، (رؤية الحكم) قصارى ما كان قادرًا عليه من جهد".
ثم تناول الحديث الشاعر الإيطالي توركواتو تاسو وشبهه باللورد بايرون، حينها لم يتمكن غوته من إخفاء تفوق الإنجليزي، في الروح، وفهم العالم، والقوة الإنتاجية. "ليس بمستطاع المرء"، استمر في الحديث، "مقارنة هذين الشاعرين ببعضهما البعض، دون أن يفسد أحدهما الآخر. بايرون هو الشعلة المحترقة التي تسحق خشب أرز لبنان المقدس إلى رماد. نعم، استطاعت القصيدة الملحمية الأيطالية العظيمة الحفاظ على شهرتها لقرون، ولكن بعد ذلك، مع بيت واحد من قصيدة ’دون خوان‘، يمكن للمرء أن يُسمِّم كل قصيدة ’الاستيلاء على القدس‘".
الأربعاء، 26 مايو، 1814.
في تاريخ هذا اليوم أخذتُ إجازة من غوته، من أجل زيارة أصدقائي في هانوفر، ومن ثم المضي قدمًا إلى منطقة الراين، وفقًا لخطتي التي جلستُ طويلًا أخطط لها. كان غوته حار الحنو، وأخذني بين ذراعيه. "عند وصولك هانوفر يجب عليك عدم تفويت فرصة الذهاب إلى ريهبرغ، ولقاء شارلوت كيستنر، صديقتي القديمة من فترة شبابي، وإبلاغها عاطر مودتي. في فرانكفورت، سأوصي عليك لأصدقائي آل ويليمر، والكونت راينهارت، وآل سكلوسر. ثم على حدّ سواء، في هايدلبرغ وبون، سوف تجد أصدقاء لي شديدي الإخلاص، سوف تلقى منهم ترحيبًا حارًا. أنوي مرة أخرى قضاء بعض الوقت في مارينباد هذا الصيف، ولكن لن أذهب لحين عودتك.
كان فراق غوته شاقًا جدًا بالنسبة لي؛ على الرغم من أنني مضيتُ مع قناعة راسخة برؤيته مرة أخرى، آمنًا ومُعافى في غضون شهرين.
ومع ذلك، شعرتُ بغاية السعادة في اليوم التالي عندما نقلتني المركبة نحو بيتي الحبيب في هانوفر، والذي نحوه تتوجه رغباتي الحارة باستمرار.
الثلاثاء، 10 أغسطس، 1824.
عدتُ من جولتي في منطقة الراين منذ أسبوع. وقد أعرب غوته عن بالغ فرحته عند وصولي. وأنا، من جهتي، كان من دواعي سروري أن أكون معه مرة أخرى. كان لديه الكثير لقوله لي. لدرجة أنني كنتُ شديد الانفعال في الأيام القليلة الأولى، بينما كان قليله هو. كان قد تخلى عن تصميمه الذهاب إلى مارينباد، ولم يعد ينوي السفر هذا الصيف. "الآن أنت هنا مرة أخرى"، قال، "سأستمتع بأغسطس بالغ اللطف إذن".
قبل بضعة أيام، سلمني غوته البداية لما سيستمر حاملًا عنوان (من حياتي: الشعر والحقيقة؛ 1811-1833)، الذي كتبه على أوراق كوارتو، وبِسُمْك نادرًا ما تجاوز اتساع الأصبع. كان هناك قسمٌ قد اكتمل فعلًا، ولكن الجزء الأكبر يتكون من مجرد مؤشرات. ومع ذلك، كان مقسّمًا بالفعل إلى خمسة كتب، وقد رُتِّبت الأوراق التي تحتوي على الجزء المُخطط، بحيث مع قليل جهد، يتمكن المرء من استطلاع المضمون العام.
بدا لي الجزء الذي تم الانتهاء منه ممتازًا جدًا، وكذلك كان محتوى الجزء قيد التخطيط يبدو ذا قيمة كبيرة، وقد أسفتُ جدا لرؤية العمل الذي يعدُ بالكثير من الإرشاد والاستمتاع ببلوغ هذا الطريق المسدود، وآليتُ على نفسي أن أقوم بكل جهد لحثّ غوته على مواصلة واستكمال ذلك في أقرب وقت ممكن.
حمل البرنامج الكُلِّي للكتاب في طياته الكثير من طابع الرواية. الكياسة، والحنو، وعاطفة الحب المتقدة، المبتهجة في أولها، مثالية في تطورها، ومأساوية في نهايتها، من خلال نكران ضمني ولكنه متبادل، يجري من خلال أربعة كتب، يجمعها في كُلّ منتظم.
الفترة من حياة غوته المنصوص عليها هنا؛ هي من طبيعة شديدة الرومانسية، أو على الأقل، ستصبح كذلك مثلما تم تطويرها في طابعها الرئيسي. لكنها تكتسب دلالة خاصة وأهمية من الظرف الذي باعتباره الحقبة السابقة لحياته في فايمار، كان حاسمًا لمجمل حياته. لذلك، لو كانت هناك فترة من حياة غوته تحوز على أهمية، وتثير الرغبة في الوصف التفصيلي، فلن تكون سوى هذه.
لدفع غوته وإثارة حماسة جديدة فيه نحو هذا العمل، الذي انقطع عنه ولم يمسه منذ سنوات، لم أكتفِ بمجرد التحدث معه حول الموضوع، بل أرسلتُ له الملاحظات التالية، بحيث يرى في وقت واحد ما تمّ إنجازه وما يتعيّن العمل عليه وترتيبه.
ملاحظة من المُترجم الإنجليزي:
} تم نشر الكتب الخمسة الأخيرة من (من حياتي: الشعر والحقيقة؛ 1811-1833)، ضمن أعمال غوته الصادرة بعد وفاته، ولكن لم يُراعَ فيها التنظيم الذي اعتمده إكرمان{.
الكتاب الأول.
يمكن اعتبار هذا الكتاب مكتملًا، وذلك وفقًا لمقصده الأصلي، وهو يحتوي على نوع من الشرح، بقدر ما يُعبّر عن الرغبة في المشاركة في الشؤون الدنيوية، التي يتم تحقيقها في نهاية حقبة بأكملها، من خلال الدعوة إلى فايمار. ومع ذلك، ولكي يكون وثيق الصلة مع الكُلّ، أقترح أنَّ العلاقة مع ليلي، التي تُسرد عبر الكتب الأربعة التالية، يجب أن تبدأ في هذا الكتاب الأول، وتستمر بقدرٍ ما حتى الرحلة القصيرة إلى أوفنباخ. وهكذا، أيضًا، فإنَّ الأهمية والمساحة التي سيحوزها الكتاب، ستجنبك الزيادة الكبيرة لما سيؤول إليه الكتاب الثاني.
الكتاب الثاني.
ستكون الحياة المثالية في أوفنباخ مُفتتح هذا الكتاب الثاني، الذي سوف يسرد علاقة الحب السعيدة، إلى أن يبدأ في نهايته بإظهار شخصية شكوكية، جادّة، وحتى تراجيدية. إنَّ التأمل في المسائل الجادّة، التي يعد بها تخطيط الكتاب بالإشارة إلى ستيلينغ، مُصاغة بشكل جيد هنا، والكثير الذي يمكن أن يكون ذا قيمة توجيهيّة يبدو واضحًا من المخطوطة، التي تشير إليها ببضع كلمات بسيطة.
================
محادثات مع غوته
تأليف: يوهان بيتر إيكرمان
ترجمة من الألمانية للإنجليزية: جون اوكسنفورد
ترجمة من الإنجليزية: سماح جعفر
تقوم «القرية الإلكترونية» بتكليف من الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي، بترجمة يوميات من حياة "جوته"، المعنونة بـــ «محادثات مع غوته»، من تأليف: «يوهان بيتر إيكرمان*»، وهي عبارة عن يوميّات كتبها "إيكرمان" عن السنوات الأخيرة من حياة شاعر ألمانيا الكبير «غوته Goethe»، وتمت ترجمتها من الألمانية للإنجليزية بواسطة «جون أوكسنفورد»، وترجمها من الإنجليزية إلى العربية: «طارق زياد شعار»، وسوف نقوم بنشرها على حلقات تباعاً هنا في الصفحة نأمل أن تحوز إعجابكم.
*«يوهان بيتر إيكرمان» Johann Peter Eckermann 1792-1854: عمل كأمين خاص لجوته في الفترة الأخيرة من حياة الأخير. وسرعان ما أصبح كتابه محادثات مع غوته، ذو شعبية تخطت الحدود الألمانية، ولعب دوراً مهما في إحياء الاهتمام والتقدير لأعمال جوته في وقت لاحق.
#محمد_أحمد_السويدي_ترجمة_محادثات_مع_غوته
, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi,,
Related Articles