محادثات غوته - الجزء الثامن

محادثات غوته | الجزء الثامن
لك أن تتخيل، عبرت خلال ذهني أفكار عدة من الماضي متسببة في بعض الانفعال، سنوات عدة من جهودنا أنا وشيللر، والتقدم الذي حققه العديد من التلامذة المفضلين، لذا، فإنني أعتزم بحكمة البقاء في الفراش اليوم.
ثمنتُ ترويه، لم يبدُ لي ضعيفًا ومنهكًا، بل في مزاج لطيف وهادئ جدًا. ذلك المستلقي على الفراش بدا لي كخدعة حرب قديمة، وهو ما كان يحاول فعله في أي حدث استثنائي، كخشيته حشدًا من الزوار.
سألني غوته أن يجلس على كرسي قبالة فراشه، وبقي هناك لبعض الوقت. وقال:" لقد فكرت فيك كثيرًا، ورثيت لحالك، ما الذي ستفعله بأمسياتك الآن؟". قلت:" أنت تعلم مدى حماسي وحبي للمسرح، عندما جئت إلى هنا قبل عامين، لم أكن أعرف شيئًا مطلقًا، باستثناء مسرحيتين أو ثلاث رأيتهم في هانوفر. كان كل شيء جديدًا بالنسبة إليّ، الممثلون والنصوص، ومنذها، بالرجوع إلى نصيحتك، منحت نفسي بكليتها إلى الانفعال بالموضوع، دون أن أفكر كثيرًا في انعكاسه. يمكنني القول بصدق، إنني وخلال هذين الشتاءين، مرت عليّ بالمسرح الساعات الأكثر نفعًا وعذوبة التي اختبرتها حتى الآن. علاوة على ذلك، كنت مفتونًا بالمسرح، ليس فقط أنني لم أكن أفوت عرضًا، بل أحضر البروفات حتى، كل هذا لم يكن كافيًا، كنت أدخل وأجلس على المقاعد الخالية إن صادفت الأبواب مفتوحة نهارًا لمدة نصف ساعة، متخيًلا المشاهد التي عرضت هنا في وقت ما.
ضحك غوته وقال:" أنت مجنون، لكن هذا ما أحبه، أود لو أنَّ الله جعل كل الجمهور أطفالًا. أنت محق فعلًا، كل من هو شاب بما فيه الكفاية، ولم يفسد كلية، لن يجد مكانًا يناسبه أكثر من المسرح. لا أحد سيسألك شيئًا، لن تحتاج إلى فتح فمك، إلا لو اخترت العكس. ستجلس في الهدوء الخاص بك مثل الملك، وتدع كل شيء يمر أمامك، وتعيد خلق عقلك وإحساسك على محتويات قلبك. هناك شعرٌ، رسمٌ، غناءٌ وموسيقى وتمثيل.
حينما ترتفع كل هذه الفنون، وسحر الشباب والجمال، إلى درجة جليلة، ويعملان في تناغم في ذات الأمسية، تصبح باقة لا يمكن لشيء آخر أن يضاهيها. لكن، حتى إن كان ثمة جزء سيء، وجزء جيد، فهذا لا يزال أفضل من النظر خارج النافذة، أو لعب الويست في حفلة خاصة وسط دخان السجائر. المسرح في فيمار، كما تشعر أنت، لا يزال جزعًا قديمًا من أفضل أوقاتنا، والذي علقت المواهب الجديدة نفسها عليه، وما زال بامكاننا أن ننتج شيئًا فاتنًا وساحرًا، والذي على الأقل سيعطي الظهور شكلا كاملًا من التنظيم.
أجبت:" هل كان يمكن أن تتسنى لى رؤيتها قبل عشرين أو ثلاثين عامًا مضت؟". قال غوته:" بذلك الوقت بالتأكيد ساعدتنا مزايا عظيمة. بالأخذ في الاعتبار أنَّ الفترة المملة ذات النكهة الفرنسية لم يمض عليها وقت طويل، حينها لم يكن الجمهور قد أُفسد بالإثارة السريعة، وتأثير شكسبير كان في عذوبته الأولى، وأوبرا موزارت كانت جديدة، وأخيرًا، كانت نصوص شيللر تنتج هنا عامًا بعد عام، ومنحت لمسرح فيمار في غمار مجدها الأول، تحت إشرافه الخاص. خذ كل هذا بعين الاعتبار، وستكون قادرًا على تخيله. مع مثل هذه الأطباق قدمت وليمة جيدة للكبار والصغار، وطالما كان لدينا جمهوٌ ممتنٌ.
لاحظت أنَّ كبار السن لا يشيدون كفاية بالمقام الرفيع الذي ناله مسرح فيمار في ذلك الوقت. ردَّ غوته :" لا أستطيع إنكار ذلك. مع هذا فالنقطة الأساسية كانت، أنَّ الدوق الأكبر ترك يدي حرة تمامًا، وكان باستطاعتي فعل ما أرغب. لم أكن أتطلع إلى ديكورات فخمة، وغرف ملابس براقة، ولكني تطلعت إلى نصوص جيدة، من التراجيدية وحتى الهزلية، كل الأصناف كانت موضع ترحيب، ولكن على كل قطعة أن تحوي شيئًا ما حتى تجد الدعم، كان من الضروري أن تكون عظيمة وذكية، مبهجة ورشيقة، وفي كل الأحداث أن تكون معافاة وتحوي جوهرًا.
كل ما كان كئيبًا، ركيكًا وعاطفيًا، وكذلك كل ما كان مرعبًا، مروعًا ومهينًا للذوق، استُبعد تمامًا. كنت أخشى أنَّ ذلك يمكنه أن يفسد الممثلين والجمهور كليهما.
بواسطة النصوص الجيدة، دفعت الممثلين نحو البحث عن التميز، والممارسة الدائمة للتفوق، يجب أن تصنع شيئًا من الرجل الموهوب. كنت أيضًا على اتصال شخصي بالممثلين، حضرت البروفات الأولى، وشرحت لكل منهم الجزء الخاص به، وكنت حاضرًا في البروفات الرئيسية، وتحدثت مع الممثلين حول أي تحسينات يمكن القيام بها، لم أتخلف عن حضور أي عرض، وفي اليوم التالي كنت ألفت الانتباه نحو الأشياء التي لم تبْدُ صحيحة. بتلك الوسائل عززت تطورهم في فنونهم.
سعيت أيضًا إلى رفع تقدير المجتمع لطبقة المسرح بأكملها، من خلال تقديم الأفضل والواعد بحق لدائرتي الخاصة. هكذا أبين للعالم أنني أعتبرهم يستحقون التداخل معي اجتماعيًا. وكان نتيجة ذلك أنَّ بقية المجتمعات العليا في فيمار لم أبدو اهتمامهم، وأنَّ الممثلات والممثلين اكتسبوا الاعتراف المشرف في أفضل الدوائر. اكتسبوا نتيجة ذلك ثقافة داخلية وخارجية عظيمة. طالبي وولف، من برلين، ودوراند كانا من أرقى الدبلوماسيين في المجتمع. أولس وغراف، في أعلى مراتب الثقافة التي تشرف أفضل الدوائر.
شيللر مثلي، سار بنفس الروح، كان لديه تداخل كبير مع الممثلات والممثلين، كان حاضرًا في كل البروفات، وبعد كل نجاح لأحد النصوص الخاصة به، كان من عادته دعوة الممثلين وقضاء يوم مرح برفقتهم، ويتناقشون حول كيف يمكن القيام بما هو أفضل في المرة القادمة. لكن شيللر عندما انضم إلينا، وجد أنَّ الممثلين والجمهور مصقولين بدرجة عالية، لا ننكر أنَّ هذا قد قاد نصوصه نحو النجاح السريع.
كان من دواعي سروري سماع غوته يتحدث بتلك الطريقة الدقيقة عن موضوع طالما شغل اهتمامي، وما حدث نتيجة لسوء الحظ في الليلة الماضية، كان في مقدمة اهتماماتي.
"الحريق الذي طال المسرح، الذي أثرت به أنت وشيللر خلال العديد من السنوات، تأثيرًا جيدًا جدًا، على نحو ما ينهي حقبة عظيمة، والتي لن تعود قريبًا إلى فيمار. لا بد أنك قد خبرت متعة عظيمة خلال إشرافك على المسرح، ونجاحه الرائع".
قال غوته مع تنهيدة:" ومع الكثير من المتاعب والصعوبات". قلت:" يجب أن تجد صعوبة في الإبقاء على كل تلك الرؤوس المتعددة في نظام دقيق". قال غوته:" كثير من التعاملات تتم بصرامة، أكثر مما يجب، ولكن من خلال الفهم الواضح والعدالة المنصفة، التي لا تراعي أحدًا. كان عليّ أن أفطن إلى نوعين من الأعداء، قد يكونان خطيريْن بالنسبة إليّ؛ الأول كان حبي المتقد للموهبة، والذي يمكنه جعلي متحيزًا بسهولة، لن أذكر الأخر، لكن بإمكانك تخمينه. في مسرحنا لم يكن هناك عوز للسيدات الجميلات والشابات، الشغوفات بسحر العقليات العظيمة. شعرت بميل عاطفي تجاه الكثيرات منهن، وقد حدث في بعض الأحيان أنني قطعت نصف الطريق ولكنني ضبطت نفسي، وقلت: لا مزيد! أعرف موقعي، وما أدين له به، لم أقف كشخص عادي، بل كرئيس مؤسسة، نجاحها كان أكثر أهمية من المتع اللحظية. لا يجب أن أترك نفسي لأي علاقة عاطفية، فأنا ينبغي عليّ أن أكون كالبوصلة، والتي لا يمكن أن تشير إلى الوجهة الصحيحة عندما تكون تحت تأثير مغناطيس بجانبها.
من خلال الحفاظ على نفسي نظيفًا، أظل سيد نفسي، وسيد المسرح أيضًا، ودائمًا ما أتلقى الاحترام الملائم، والذي بدونه كل السلطة ستقترب من نهايتها. أعجبني اعتراف غوته كثيرًا، كنت قد سمعت عنه سلفًا أشياء من هذا القبيل من آخرين، وابتهجت الآن بسماع هذا الاعتراف مباشرة من فمه، أحببته الآن أكثر. تركته بعد أن ضغطت على يده بود. عدت إلى مكان الحريق، حيث كانت النيران وأعمدة اللهب تتصاعد من كومة حطام كبيرة، كان الناس ما زالوا منشغلين بإخماد الحريق وسحب القطع. وجدت بجانب بقعة محترقة جزءًا من مخطوطة، تحتوي على مقاطع من "تاسو" لغوته.
تناولت العشاء مع غوته ، خسارة المسرح كان الموضوع الوحيد للمحادثة. تذكر فراو فون غوته وفراولين اولريكا الساعات السعيدة التي استمتعوا بقضائها في البيت القديم. كانوا يبحثون عن بعض الآثار بداخل الأنقاض، والتي اعتبروها لا تقدر بثمن، والتي لم تكن في الأخير سوى حجارة وقطع سجاد محترقة، لكنها كانت من بقعة محددة من البلكونة حيث اعتادتا الجلوس.
قال غوته:" المسألة الرئيسية هي أن نتعافى ذاتيًا، وأن ننتظم في أقرب وقت ممكن، أود أن نبدأ العروض الأسبوع المقبل، في القصر أو دار البلدية، لا يهم أيهما، يجب ألا نسمح بفترة توقف طويلة، حتى لا يسعى الجمهور للحصول على تسليات أخرى للياليهم الضجرة.
لكن من الملاحظ أنه ليس ثمة الكثير من الديكورات المحفوظة. عاد غوته يقول:" لا ضرورة للديكورات الكثيرة، ولا حتى لنصوص ضخمة، ولا ضرورة على الإطلاق لتأدية نصوص كاملة، القليل فقط عظيم كفاية.
النقطة الرئيسية هي أن نختار شيئًا لا يتطلب تغيرات كثيرة في المشهد، ربما عمل كوميدي، أو هزلي، أو أوبرا قصيرة، ثم استراحة ربما، لحن ثنائي، أو فقرة أخيرة من الأوبرا المفضلة، وسوف نتسلى كثيرًا. يجب أن نقدم القليل فقط في أبريل، أما في مايو فلديك "مغني الغابات". في الوقت نفسه، وخلال أشهر الصيف، سوف تشهد "بناء المنزل الجديد". هذه الحماسة تبدو لي رائعة جدًا. سأعترف لك، خلال ليالي الشتاء الطويلة، كان علي أن أشغل نفسي و"كودراي"، برسم خطط مسرح جميل لائق بفيمار. لقد أرسلنا من أجل التخطيطات الأرضية والأقسام الخاصة ببعض المسارح الألمانية الرئيسية، وبأخذ الأفضل، وتجنب ما يبدو معيبًا، أنجزنا تصميمًا يستحق النظر إليه. وحالما يعطي الدوق الأكبر الإذن سيكون البناء قد بدأ. هذه الحادثة وجدتنا مستعدين بشكل رائع". تلقينا تلك المعلومة من غوته ببهجة عظيمة.
واصل غوته:" في البيت القديم كان يتم استضافة النبلاء في شرفة المسرح، أما الخدم والحرفيون الشباب، ففي الصالة. لم نحتط جيدًا للأعداد الكبيرة للطبقة الوسطى الغنية والأنيقة، فخلال العروض يحتل الطلاب القاعة السفلية، وهناك شخص محترم سيحتار أين يذهب. المقصورات الصغيرة في مؤخرة القاعة السفلية لم تكن كافية. وهذا ما عالجناه الآن بشكل جيد. لدينا صف كامل من الشرفات حول القاعة السفلية، وصف آخر من المرتبة الثانية بين الشرفة والصالة.
وهكذا حصلنا على عدد كبير من الأماكن، دون القيام بتوسيع المسرح كثيرًا". استمتعنا كثيرًا بحديث غوته وأشدنا بمراعاته اللطيفة للمسرح والجمهور. من أجل عرض مساهمتي في المسرح المستقبلي، ذهبت بعد العشاء برفقة صديقي "روبرت دولان" لشمال فيمار، وعرضت عليه شرب قهوة في حانة. وبدأت في كتابة نص أوبرالي، بعد "اسيبيل" ميتاستاسيو. كان الشيء الأول هو كتابة البرنامج، وجمع المغنين المفضلين الذين ينتمون إلى مسرح فيمار، رجالًا ونساءً. وقد سرنا هذا كثيرًا، كنا وكأننا نجلس ثانية أمام الأوركيسترا.
جلسنا نعمل بجدية، وأنهينا جزءًا كبيرًا.
الأحد، 27 مارس، 1825.
تناولت العشاء لدى غوته مع مجموعة كبيرة، أرانا تصميم المسرح الجديد، كان تمامًا كما أخبرنا عنه منذ عدة أيام، تَعِدُ الخطة بمبنى جميل بالفعل، داخليًا وخارجيًا. المسرح الجيد يتطلب زخارف جميلة، وأزياء أفضل من السابقة. رأينا أيضًا أنَّ المجموعة أصبحت تدريجيًا غير مكتملة، وأنَّ بعض الأعضاء الشباب المميزين يحب عليهم المشاركة، في الدراما والأوبرا. في ذات الوقت لم نشح بأنظارنا عن حقيقة أنَّ كل هذا سيأتي مع نفقات كبيرة، وهذا ما لن تسمح به الحالة الراهنة للخزانة.
قال غوته:" أعلم أنه وبحجة هزل الخزانة سيتم إشراك بعض الأشخاص التافهين، والذين لن يكلفوا الكثير، ولكن لا يمكننا أن نتوقع إفادة الخزانة بمثل هذه الوسائل، لا شيء سيضرها أكثر من محاولة الاقتصاد في مثل هذه الأمور الأساسية. يجب أن يكون هدفنا مسرحًا ممتلئًا كل مساء؛ ومطربًا شابًا، أو شابة، بطلاً فطنًا، وبطلة شابة بموهبة مميزة وبعض الجمال، سنفعل الكثير من أجل هذه الغاية. إن ظللتُ على رأس الإدارة؛ فسوف أعمل لصالح الخزينة، ويجب أن تدرك أنني لن أقوم بذلك بدون المال المطلوب.
سُئل غوته عما يعنيه بذلك!. قال:" سأقوم باستخدام طرق بسيطة جدًا، ستكون لديَّ عروض يوم الأحد، وبذلك ستكون لديَّ أموال لأربعين ليلة إضافية على الأقل. سيكون صعبًا إن لم تتحصل الخزينة على عشرة أو خمسة عشر ألف دولار سنويًا. كانت حيلة عملية جدًا. بالنسبة لطبقة العمال الكبيرة، والتي عادة ما تكون مشغولة حتى وقت متأخر من الليل خلال أيام الأسبوع، فإنَّ الأحد هو اليوم الوحيد للاستجمام، حينها سيفضلون مباهج أكثر نبالة من عزف ورقص، مع جعة، في نزل القرية. الفكرة الشائعة أيضًا، أنَّ جميع المزارعين ومُلاَّك الأراضي، فضلًا عن موظفي الدولة، والمواطنين الأثرياء بالمدن الصغيرة، يرون أنَّ الأحد يوم محبب للذهاب إلى مسرح فيمار.
بجانب أنه وفي الوقت الحالي، يوم الأحد في فيمار كئيب وممل جدًا لكل من لا يذهب إلى جلسة، أو لم يكن عضوًا في دائرة أسرية سعيدة، أو مجتمع مختار، الأشخاص المتوقعون لا يدرون إلى أين يذهبون. ومازال بعض الناس يقولون إنه من الواجب وجود أماكن يمكنهم في مساءات الأحد أن يستريحوا فيها، وينسون إزعاج الأسبوع.
فكرة غوته الخاصة بعروض يوم الأحد، ووفقًا للعرف السائد في جميع المدن الألمانية الأخرى، تلقى الاستحسان والترحيب التام. كان هناك فقط شك يكاد لا يذكر عما إذا كان قصر فيمار سيصرح به. قال غوته:" قصر فيمار أفضل وأذكى من أن يعارض أي تنظيم يصب في مصلحة المدينة والمؤسسات الهامة. وسيقوم القصر بالتأكيد بتقديم تضحية صغيرة بتبديل حفلات الأحد الخاصة به إلى يوم آخر. لكنْ إن لم يكن ذلك مقبولًا، فعلينا أن نجد لأيام الأحد بعض القطع الفنية التي لا يود القصر رؤيتها، ولكنها تناسب العامة، وسوف تمتلئ الخزانة بشكل مُرْضٍ". تحولت المحادثة بعد ذلك إلى الممثلين، وقيل الكثير عن استخدام وسوء استخدام سلطاتهم.
قال غوته:" وجدت من خلال خبرتي الطويلة أنَّ النقطة الأساسية هي، ألا تسمح بتنفيذ أي مسرحية أو أوبرا، ما لم ير المرء ببعض اليقين نجاحها في مقبل السنوات. لا أحد يقدِّر بما فيه الكفاية نفقات السلطة المطالبة بتنفيذ خمس مسرحيات، أو حتى أوبرا . نعم يا أصدقائي، يتطلب الأمر الكثير لكي يبرع المغني تمامًا في جزء عبر جميع المشاهد والأفعال، وأكثر بكثير حتى تقوم الجوقات بما يجب القيام به.
أنا مرتعب من الخفة التي يتعامل بها الناس مع الأوبرا، من نجاح الشيء الذي لا يعرفون عنه شيئًا، والذي سمعوا عنه من خلال بعض الأخبار غير المؤكدة في الصحف.
نمتلك في ألمانيا وسائل إنتاج محتملة إلى حد بعيد، وبدأنا في بذل العناية الواجبة. أي أوبرا جديدة يتم إنتاجها والإشادة بها أقوم بارسالها إلى أي مدير إنتاج أو إلى أعضاء موثوقين بالمسرح. حضورهم أي عرض فعلي، ربما يكون مقنعًا إلى أي مدى الأوبرا الجديدة المشاد بها جيدة، سواء كانت قدرتنا كافية أو لا. إنَّ نفقات هذه الرحلة ستكون تافهة بالمقارنة بالمصلحة العظيمة المستمدة منها، والأخطاء الكارثية الممكن تفاديها بواسطتها.
بعد ذلك، عندما يتم صنع مسرحية أو أوبرا جيدة، ينبغي أن تعرض على فترات قصيرة، تمكنها من الاستمرار بقدر أرباحها، واستمرارها بملء المسرح. هذه الخطة قابلة أيضًا للتطبيق على المسرحيات أو الأوبرا القديمة الجيدة، الموضوعة جانبًا منذ وقت طويل، والتي تطلب الآن دراسة جديدة لكي يتم عرضها بنجاح. مثل هذه العروض ينبغي تكرارها على أوقات قصيرة، بقدر ما تثير اهتمام الجمهور. الرغبة الدائمة في الحصول على ما هو جديد، على مشادة مسرحية أو أوبرا جديدة، والتي تم عرضها بجهد مفرط لمرة واحدة أو مرتين على الأكثر، أو حتى السماح بمرور ستة أو ثمانية أسابيع بين الإعادات. في الوقت الذي تصبح فيه العروض الجديدة ضرورية، سيكون ذلك ضررًا حقيقيًا للمسرح، وسوء استخدام لا يغتفر للمواهب المشاركة فيه.
اتضح أنَّ غوته يعتبرها مسألة مهمة جدًا، كان هو الحال في كثير من الأحوال. تابع غوته:" في إيطاليا، يقومون بعرض المسرحية لمدة أربعة أو ستة أسابيع، والأطفال الإيطاليون يرغبون في أي تغيير. والمثقف الباريسي يرى المسرحيات الخاصة بشعرائه العظام، الذين يعرفهم عن ظهر قلب، ويمتلك الأذن المدربة التي تتأكد من كل مقطع. هنا، في فيمار، منحوني شرف عرض "إيفيجيبنا" و"تاسو"، لكن لكم مرة؟ بالكاد مرة واحدة خلال ثلاث أو أربع سنوات. الجمهور وجدهم مملين، فالممثلون غالبًا لم يكونوا جاهزين للعب أدوارهم، والجمهور لم يكن جاهزًا لسماعهم، لكن من خلال التكرار والإعادة دخل الممثلون أكثر في روح نصوصهم التي اكتسبت مزيدًا من الحياة، فالكثير من التدريب، وتدفق الأداء من قلوب الممثلين، ستكون نتيجته أنَّ الجمهور بدون شك لن يبقى غير مبالٍ وغير متحمس طويلًا.
كانت لديَّ نظرية سابقًا، أنَّ بإمكاننا تأليف دراما ألمانية، حتى أنني تخيلت أني أشارك بها، ووضع بعض أحجار أساس لمثل هذا الصرح. كتبت "إيفيجينا" و"تاسو" وفكرت، مع أمل طفولي، هذا قد يؤدي إليه. لكن لم تكن هناك عاطفة أو إثارة، بقي الحال على ما هو علي. إن كنت قد أنتجت تأثيرًا، ولاقيت استحسانًا، لكنت كتبت عشرات القطع مثل " إيفيحينيا" و"تاسو"، لم يكن هناك عجز في المواد. لكن كما قلت، كان الممثلون ينتظرون أداء مثل هذه القطع مع كثير من الحياة والروح، وكان الجمهور بانتظار سماعهم وتلقيهم وجدانيًا.
الأربعاء، 30 مارس، 1825.
ذهبت هذا المساء إلى حفل شاي كبير لدى غوته، حيث وجدت شابًا أمريكيًا بجانبه شاب إنجليزي. وكان من دواعي سروري رؤية الكونتيسة جوليا فون إغلوفستين، والتحدث معها في مواضيع مختلفة.
الأربعاء 6 أبريل 1825.
اتُبعت نصيحة غوته، وتم أداء عرض في ذلك المساء في الصالة الكبيرة ل"تاون هاوس"، تألَّف من بعض القطع الصغيرة، والتي انسجمت مع المساحة الصغيرة والنقص في الديكور. الأوبرا الصغير "العمالة المنزلية" كانت جيدة على المسرح. ولاقت الرباعية الأوبرالية المفضلة "كونت فون غليتشن" استحسانًا ملحوظًا. مغني التينور الأول كان السيد مولتك، والذي غنى أغنية مشهورة من "داي زوبرفلوت"، ثم استراحة بين العروض، بعدها جاءت الخاتمة الرائعة مع العرض الأول ل"دون خوان" وكان التأثير قويًا، وبفخامة اختتمت هذه الليلة البديلة على المسرح.
الأحد، 10 أبريل 1825.
تناولت العشاء مع غوته. حيث قال:" لدي أنباء عظيمة لك، الكونت الأكبر قد أعطى الموافقة على تصميمنا للمسرح الجديد، وأنه سيتم وضع الأساسات فورًا". سررت جدًا بهذه المعلومة.
قال غوته:" يجب علينا أن نكافح جميع أنواع العقبات، ونحن في النهاية سعداء من خلالها. ندين بالشكر الجزيل للمستشار الخاص " شفايتزر"، والذي وقف_ كما كان متوقعًا منه_مع قضيتنا بحسن نية وإخلاص. وقع التصميم بخط يد الدوق الأكبر، ولن يخضع لمزيد من التغيير. ابتهج، فسوف تحصل على مسرح جيد جدًا.
الخميس، 14 أبريل، 1825.
هذه الأمسية لدى غوته. حيث كان الحديث عن المسرح والإدارة المسرحية. سألته عن القاعدة التي اتبعها في اختيار الأعضاء الجدد للمجموعة. قال:" لا أستطيع القول إنه كانت لدي أساليب مختلفة من الإجراءات، إذا صادفت سمعة جيدة لممثل جديد، أجعله يؤدي، وأرى مقدار مناسبته للآخرين، ما إن كان أسلوبه يشوش على طاقمنا، أم كان يسد العجز. إن كان شابًا لم يطأ المسرح من قبل، فإنني آخذ بعين الاعتبار صفاته الشخصية، إن كان يمتلك السحر والجاذبية، وفوق كل هذا ما إذا كان يستطيع السيطرة على نفسه. بالنسبة للممثل الذي لا يمتلك ثقة بنفسه، والذي لا يمكنه الظهور أمام شخص غريب تحت الأضواء، عادة ما يفتقر إلى الموهبة. مهنته تتطلب إنكار الذات المستمر، والإبقاء دائمًا على قناع خارجي".
فإن راقني ظهوره وأسلوبه سأجعله يقرأ، لأرى قوة ومساحة حضوره ومقدراته الفكرية. أعطيه مقاطع رفيعة لشاعر عظيم، لأرى إن كان بارعًا في الشعور والتعبير عن كل تلك العظمة، ثم أعطيه شيئًا عاطفيًا وعاصفًا، لاختبار قوته. ثم ننتقل إلى شيء يمكن ملاحظته بالإحساس والفطنة، شيء ساخر وبارع، لأرى كيفية تعامله مع هذه الأشياء، وإن كان يملك ما يكفي من الطلاقة. ثم أعطيه شيئًا يعكس ألم قلب جريح، ومعاناة روح عظيمة، لأعلم إن كان يملك قوة التعبير عن الانفعال.
إن أرضاني في جميع ما سبق، سيعطيني أملًا راسخًا في جعله ممثلًا عظيمًا. إن كان بارعًا في بعض الأشياء أكثر من الأخرى، سأرى الطريق الذي يلائمه أكثر، كما أنني سأكون ملمًا بنقاط ضعفه، وقبل كل شيء سأسعى للعمل معه على تعزيز وصقل قدراته. وإن لاحظت بعض الأخطاء في اللهجة، ما يسمى بالريفية، سأحثه على وضعها جانبًا، وأوصيه بالتداخلات الاجتماعية والصلات الودية مع بعض أعضاء المسرح، الذين لا يعانون من تلك المشكلة. ثم أسأله ما إن كان يجيد الرقص والمبارزة، وإن لم يكن يجيدهما، أسلمه لبعض الوقت لأساتذة في الرقص والمبارزة.
إن تطور بشكل يكفي لظهوره، أعطيه بعض الأجزاء التي تناسب فرادته، ولا أبتغي شيئًا سوى أن يبرز شخصيته، إن بدت طبيعته نارية جدًا، أعطيه شخصية باردة، إن كان هادئًا ومملًا، أعطيه شخصية نارية وطائشة. هكذا قد يتعلم أن ينحي شخصيته جانبًا، ويظهر شخصية غريبة.
تطرق الحديث إلى المسرحيات التي كتبها غوته، من بين أشياء أخرى، الملاحظة التالية جديرة بالاهتمام: قال:" إنه لخطأ كبير الاعتقاد أنَّ مسرحية متوسطة الجودة، يمكن أن يقوم بها ممثلون متوسطون. مسرحية من الفئة الثانية أو الثالثة يمكن أن تحسن بصورة لا تصدق من خلال توظيف قوى من الدرجة الأولى، وتنتج شيئًا جيدًا فعلًا. لكن إن أديت مسرحية من الفئة الثانية أو الثالثة بواسطة ممثلين من الدرجة الثانية أو الثالثة أيضًا، لا أحد سيندهش إن فشلت تمامًا. الممثلون من الدرجة الثانية ممتازون في المسرحيات العظيمة، لديهم نفس تأثير الشخصيات ذات الظل الجزئي على الصورة، إنهم يعملون بشكل رائع ليظهروا قوة أكبر من أصحاب الأضواء الكاملة.
السبت، أبريل 1825.
تناولت العشاء لدى غوته، برفقة "دي إلتون" الذي تعرفت عليه الصيف الماضي في بون، وكان من دواعي سروري أن ألتقي به مرة أخرى. إنه، ومثل غوته تمامًا، يمتلك قلبًا عظيمًا، هناك أيضًا علاقة ممتعة جدًا بينهما. هو ذو أهمية عالية في مجاله العلمي، لذا فغوته يثمن ملاحظاته، ويحترم كل ما ينطق به. بالإضافة إلى ذلك فهو ودود وفكه، وقليلون يمكن أن يضارعوه في البلاغة وغزارة تدفق الأفكار، ولا يمكن أن تمل سماعه.
في مساعي غوته لتحري الطبيعة والتي شملت الكل الأعظم، يقف في موقف غير مريح لكل فيلسوف ذي نزعة طبيعية، والذي يكرس حياة كاملة لموضوع محدد. وهذا الأخير برع في مملكة من التفاصيل اللانهائية، بينما يعيش غوته أكثر في التأمل في عظمة القوانين الكونية.
ومن ثم فإنَّ غوته، الذي هو دائمًا على مسار التوليف العظيم، والذي من رغبته في معرفة الحقائق المفردة، يفتقر إلى تأكيد حسه الداخلي، ويستولي عليه كل اتصال مهم مع فلاسفة الطبيعة. لأنه يجد فيهم ما يريده هو نفسه؛ يجد فيهم ما يعالج أوجه قصوره. سوف يبلغ الثمانين بعد بضع سنوات؛ لكنه لم يكن متعبًا من الاستفسارات والتجارب.
لم يصل في أي من اتجاهاته إلى نقطة ثابتة، دائمًا ما ينشد الأبعد، ما زال يتعلم ويتعلم، وهذا ما هو عليه الرجل ذو الشباب الأبدي الدائم. تلك الأفكار قد أوقظت اليوم بواسطة حديثه المفعم بالحيوية مع "دالتون".
تحدث دالتون عن "رودينتيا" وعن تكوين وتعديل هياكلهم العظمية، ولم يكن غوته حريصًا على سماع الحقائق الجديدة.
----
حوارات غوته
1825
الإثنين، 10 يناير، 1825
اهتمام غوته المستمر باللغة الإنجليزية؛ جعلني أرغب في تعريفه ببعض الشبان الإنجليز المتواجدين في المدينة. في الخامسة بعد ظهر اليوم، كان بانتظاري وبصحبتي السيد أتش، المهندس الإنجليزي، الذي تحدثت عنه سابقاً بالكثير الطيب. وصلنا في الساعة المُحددة لنا، وقادتنا الخادمة إلى شقة ساحرة وجذابة، يمضي فيها غوته عادة أوقات الظهيرة والمساء. ثلاثة لمبات كانت تشتعل على المنضدة، لكنه لم يكن في الغرفة؛ حيث سمعناه يتحدث في الصالون المجاور.
سمَّر السيد أتش نظرته نحو غوته لفترة، ولاحظ أنه بجانب الصور والخريطة الكبيرة لجبال تُزيّن الجدران، توجد خزانة للكتب مليئة بالملفات. أخبرته أنها تحتوي على الكثير من الرسومات الخاصة بفنانين مشاهير، وطبعات منقوشة لأفضل الصور من تنويعة مدارس الرسم المختلفة، والتي جمعها غوته بالتدريج خلال حياة طويلة، والمتعة التي أتاحها له التأمل المستمر.
أتى غوته بعد انتظارنا لبضعِ دقائق، وألقى علينا تحيّة ودودة. ثم خاطب السيد أتش: أفترض أنَّ بإمكاني التحدث بالألمانية، فكما سمعت أنك متمكن من لغتنا. رد السيد أتش ببضع كلمات مهذبة، ثم طلب منا غوته الجلوس.
لا بد أنَّ أخلاق السيد أتش وهيئته قد تركا انطباعاً جيداً لدى غوته؛ وظهر ذلك في الجمال الحقيقي للحلاوة والهدوء المتسامح اللذيْن أبداهما تجاه الأجنبي. "لقد فعلت حسناً بمجيئك إلى هنا لتعلم الألمانية"، أخبره غوته، "ستكتسبها بسهولة ويسر، ليس فقط معرفة اللغة، بل وجميع العناصر الأخرى، تربتنا، المناخ، أسلوب الحياة، الأخلاق، العادات الاجتماعية والدستور، وتحملها معك إلى إنجلترا".
ردّ السيد أتش نالت بأنَّ "اللغة الألمانية تنال اهتماماً عظيماً الآن، حتى أنه من النادر جداً أن يوجد إنجليزي من أسرة كريمة لا يتحدث الألمانية".
قال غوته بأسلوب غاية اللطف: "ومع ذلك، نحن الألمان سبقنا أمَّتكم بنصف قرن في هذا المجال. لقد انشغلتُ بدراسة اللغة والأدب الإنجليزي لخمسين عاماً؛ لذا أنا على معرفة جيّدة بكل كُتابكم، وأساليب عيشكم، وإدارتكم للبلاد. بالتالي لن أشعر بكوني غريبًا في حال ذهبت إلى إنجلترا.
ولكن كما قلتُ لك، فعل شبابكم خيراً بمجيئهم إلينا وتعلمهم لغتنا؛ ليس فقط لأنَّ أدبنا يحوز الاهتمام في جوهره، لكن ليس بإمكان أحد الإنكار أنَّ المعرفة الجيدة للألمانية قد تغنيك عن تعلم العديد من اللغات الأخرى. مثلاً أنا لا أتحدث الفرنسية، إنها لغة محادثات، ولا غنى عنها في السفر لأنَّ الجميع يفهمها. وفي جميع البلدان يمكننا التفاهم عبرها عوضاً عن استخدام مترجم جيّد. لكن، بالنسبة لليونانية واللاتينية والإيطالية والإسبانية، يمكننا أن نقرأ أفضل أعمال تلك الأمم في ترجمات ألمانية ممتازة. وما لم يكن لدينا أهداف أخرى من تعلُّم تلك اللغات، إذن لن نحتاج إلى إنفاق كثير وقت في دراستها وتعلُّمها، لأنَّ الطبيعة الألمانية لها من الكرم ما يجعلها تمنح التكريم لكل ما تنتجه الأمم الأخرى، وأن تلائم نفسها مع الخصوصية الأجنبية؛ كما إنَّ المرونة العظيمة التي تمتاز بها لغتنا، تجعل الترجمات الألمانية صادقة تماماً وكاملة، ولا يمكن إنكار أنه مع الترجمة الجيدة يمكنك التقدم كثيراً. فريدريك العظيم لم يكن يعرف اللاتينية، لكنه قرأ شيشرون في الترجمة الفرنسية، ونال الفائدة ذاتها التي حصلنا عليها نحن الذين قرأناه في لغته الأصلية.
بعدها انعطف الحديث إلى المسرح، حيث سأل غوته السيد أتش إن كان يمضي وقتاً كثيراً في المسرح. فأجابه "كل مساء، وهو ما أكسبني الكثير في فهم اللغة". "الجدير بالملاحظة أنَّ الأذن، والفهم عموماً يحدث عند بداية الكلام"؛ قال غوته، "من هنا سرعة إدراك المرء لجميع ما يسمع، لكن دون وسائل تمكنه من التعبير.
قال السيد أتش "يومياً أختبر صحة هذه الملاحظة. أفهم جيداً كل ما أسمعه وأقرأه، حتى أنه يتنابني شعور ما عندما يتم استخدام تعبير خاطيء بالألمانية. لكن عندما أتحدث لا شيء يتدفق، لا أستطيع التعبير عن نفسي كما أتمنى. في المحادثات الخفيفة مثلاً، لدى الملعب، وعند المزاح مع السيدات، أو الدردشة في الحفلات الراقصة، وما شابهها، أنجح بشكل جيّد، لكن متى حاولتُ الإدلاء برأي في موضوع مهم، أن أقول شيئاً مميزاً وذكياً، تخونني القدرة".
"لا تدع ذلك يثبط عزيمتك"، أخبره غوته، "لأنَّ من الصعب بما فيه الكفاية التعبير عن مثل هذه الأمور غير المألوفة في اللغة الأم". ثم سأل عمّا قرأه السيد أتش في الأدب الألماني. رد السيد أتش "قرأت لكُ إيغمونت، واستمتعتُ كثيراً بها، بل أعدتُ قراءتها ثلاث مرات. أيضاً مسرحيتك توركواتو تاسو، التي منحتني الكثير من المتعة. والآن أقرأ فاوست، لكن أجدها صعبة إلى حدّ ما".
ضحك غوته على هذه الكلمات. "حقّاً، لن أنصحك بقراءة فاوست. إنها مادة جنونية، وتتعدى كل إحساس مألوف. ولكن بما أنك فعلت ذلك بإرادتك الكلية، من دون أخذ نصيحتي، سوف ترى كيف ستتجاوز الأمر. فاوست غريب جدًا وفرداني، وقليون فقط يستطيعون التعاطف مع حالته الداخلية. هناك أيضاً شخصية ميفيستوفيلز، التي تتمتع بطابع صعب الإدراك، وهذا بسبب طبيعتها الساخرة، وأيضاً لأنها نتيجة حية للمعرفة واسعة النطاق بالعالم. لكن، سوف ترى الأضواء التي ستنفتح عليك بعد القراءة والفهم. أما تاسو، فهي أقرب بكثير للمشاعر المشتركة بين البشرية، كما أنَّ بناءها الشكلي جعلها سهلة الفهم".
"ومع ذلك"، قال السيد أتش، "تظل تاسو صعبة بالألمانية، وأجد البعض يندهش لدى سماعي أنني أقرأها."
ردّ غوته: "ما هو ضروري لفهم تاسو أن يتعدى المرء طفولته، وأن يحيا في مجتمع جيّد. مثلاً شاب يتبع لأسرة كريمة، مع ما يكفي من العقل والرقة، وثقافة كافية بالعالم الخارجي، مثل التي تنتج عن اتصال برجال بارعين من الطبقة العليا، لن يجد تاسو كتابة صعبة".
دار الحديث بعدها ناحية إيغمونت. "قمت بكتابة إيغمونت في عام 1775"، قال غوته، "أي قبل خمسين عاماً. أنا شخص أتقيد بالتاريخ بأمانة، وأسعى إلى أن أكون دقيقاً قدر الإمكان. بعد عشر سنوات، عندما كنتُ في روما، قرأتُ في الصحف أنَّ المشاهد الثورية في هولندا، تلك التي وصفتها، كانت تتكرر كما هي. فأدركتُ حينها أنَّ العالم ما زال على حاله، وأنَّ على لوحتي أن تكون حيَّة داخله".
بينما المحادثة المنسجمة في خضمها، حانت ساعة المسرح، فصرفنا غوته بطريقة ودودة. سألتُ السيد أتش بينما نحن في طريقنا إلى المنزل عن مدى رضاه عن غوته. أجابني: "لم أرَ شخصاً يملك مع كلّ تلك الجاذبية الساحرة، كثيرًا من الجلال الفطري، ومع ذلك تجده يظهر بمظهر الأقل شأناً، إنه رجلٌ ذو عظمة دائمة.
الثلاثاء، 8 يناير، 1825
ذهبتُ إلى غوته في حوالي الخامسة. لم أكن قد رأيته منذ بضعة أيام. مررتُ به في مساء مبهج. وجدتُه جالساً في الغرفة التي ينجز فيها أعماله، يتجاذب أطراف الحديث مع ابنه عند ساعة الشفق، ومعهم هوفراث ريبهن، طبيبه. جلستُ معهم على الطاولة، تحدثنا لفترة في العتمة، ثم جِيءَ بالأضواء، تملكتني السعادة لرؤية غوته في كامل انتعاشته وبهجته.
وكالعادة، استفسر باهتمام عمّا حدث لي مؤخراً، فأجبتُه أنني التقيتُ بشاعرة مؤخراً؛ وتمكنت في الوقت نفسه من الثناء على موهبتها النادرة. وافقني غوته الرأي، حيث كان مطلعاً على بعض إنتاجها.
"إحدى قصائدها"، قال غوته، "التي تصف فيها مشاهد الريف قرب منزلها، تنمُّ عن خصوصية من طابع فريد. لديها نزعة ممتعة تجاه مواضيع العالم الخارجي، لكنها، بجانب ذلك، لا تفتقر إلى الطبيعة الداخلية القيّمة. في الواقع وجدنا الكثير من الأخطاء بشأنها، ولكن مع ذلك سنتركها وشأنها، ولن نزعجها في الطريق الذي ستبينه لها موهبتها".
تحولت المحادثة الآن نحو الشاعرات بشكل عام. حيث من رأي هوفراث ريبين أنَّ الموهبة الشعرية للسيدات غالباً ما تبدو له كغريزة جنسية للفكر. قال غوته وهو ينظر ناحيتي ويضحك: "غريزة جنسية، فعلاً! كيف يفسر لنا الطبيب هذا!".
قال ريبين: "لا أعلم إن كنتُ قد أعربتُ عن فكرتي بشكل صحيح، ولكنه شيء من هذا القبيل؛ عادة، لا تملك هذه الكائنات حظَّاً في الحب، وهن يطمحن الآن إلى التعويض من خلال النشاط الفكري. ومتى تزوجن في وقت مُبكر، وأنجبن الأبناء، فلن يشغل بالهن أبداً التفكير في الإنتاج الشعري.
"أنا لا أبحث عن مدى صوابك في هذه الحالة"، قال غوته، "لكن في ما يتعلق بمواهب السيدات في المجالات الأخرى، أجدها دائماً تتوقف عند الزواج. عرف فتيات يرسمن بشكل جيد، لكنهن ما أن يصبحن زوجات وأمهات ينتهي كل شيء، ويصبحن مشغولات مع أطفالهن، ولا يلمسن القلم أبداً".
"أما شاعراتنا"؛ استمر غوته بحيوية أكبر، "ربما يستطعن الكتابة ونظم الشعر متى رغبن، فقط إذا توقف رجالنا عن الكتابة مثل السيدات. وهو ما لا يسرني. انظر إلى المجلات الشهرية والسنوية؛ انظر كيف أصبحت أضعف وأقل قيمة. ما الذي سيجنيه تشيليني إذا نُشر له فصل في مورينغبلات؟".
واصل حديثه بحيوية: "لكن دعونا ننسَ كل ذلك، ونبتهج بفتاتنا الشجاعة في هالي، التي، وبروح رجولية قامت بتقديمنا إلى العالم السيرفياني. هذه القصائد بديعة. بعضها يستحق أن يقارن بـ(نشيد سليمان). لقد أكملتُ مقالتي عن تلك القصائد، وذهبت إلى الطباعة مُسبقاً". وبهذه الكلمات قدم لي الأوراق الأربع الأولى من العدد الجديد من "كونست أوند ألترثوم"، حيث وجدت المقالة التي تحدث عنها. "وصفتُ، ببضع كلمات، هذه القصائد وفقاً لموضوعاتها الرئيسية، وأظنك ستسرُّ بالموتيفات القيّمة. روبين أيضاً لا يجهل الشعر، على الأقل في مغزاه وجوهره، وأعتقد أنه ربما يود لو تقرأ هذه بصوت عالٍ".
قرأتُ ببطء مواضيع القصائد واحدة تلو الأخرى. كانت الحالات المشار إليها واضحة وشديدة التعبير، حيث، ومع كل كلمة، لاحت لعيني القصيدة بأكملها. وما يلي هو ما بدا لي أشدّ سحراً:-
1- حياء فتاة سيرفي، التي أبداً لم ترفع رموش عينيها الجميلة.
2-
3- صراع عقل العاشق المُلتزم كإشبين أن يقود حبيبته لآخر.
4-
5- مفجوعة على حبيبها، لن تصدح الفتاة بالغناء، خشية أن تبدو مُغتبِطة.
6-
7- تذمُر من فساد الأخلاق؛ كيف يتزوج الشباب بالأرامل، والرجال العجائز بالعذراوات.
8-
9- تذمر من الشباب، كيف تمنح الأم ابنتها الكثير من الحرية.
10-
11- حديث الفتاة البهيج الواثق مع الحصان النبيل، الذي يخون ميول سيده ومشاريعه.
12-
13- العذراء لا يمكنها امتلاكه، ليس لها القدرة على العشق.
14-
15- خادمة البار حسنة المظهر، حبيبها ليس من ضمن الضيوف.
16-
17- إيقاظ نفيس وعذب للمحبوب.
18-
19- ما هي الحرفة التي يجب أن يمتهنها زوجي؟
20-
21- بهجة الحب فُقِدت بالثرثرة.
22-
23- أتى الحبيب من خارج البلاد، راقبها خلال النهار، وفاجأها ليلاً.
================
محادثات مع غوته
تأليف: يوهان بيتر إيكرمان
ترجمة من الألمانية للإنجليزية: جون اوكسنفورد
ترجمة من الإنجليزية: سماح جعفر
تقوم «القرية الإلكترونية» بتكليف من الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي، بترجمة يوميات من حياة "جوته"، المعنونة بـــ «محادثات مع غوته»، من تأليف: «يوهان بيتر إيكرمان*»، وهي عبارة عن يوميّات كتبها "إيكرمان" عن السنوات الأخيرة من حياة شاعر ألمانيا الكبير «غوته Goethe»، وتمت ترجمتها من الألمانية للإنجليزية بواسطة «جون أوكسنفورد»، وترجمها من الإنجليزية إلى العربية: «طارق زياد شعار»، وسوف نقوم بنشرها على حلقات تباعاً هنا في الصفحة نأمل أن تحوز إعجابكم.
*«يوهان بيتر إيكرمان» Johann Peter Eckermann 1792-1854: عمل كأمين خاص لجوته في الفترة الأخيرة من حياة الأخير. وسرعان ما أصبح كتابه محادثات مع غوته، ذو شعبية تخطت الحدود الألمانية، ولعب دوراً مهما في إحياء الاهتمام والتقدير لأعمال جوته في وقت لاحق.
#محمد_أحمد_السويدي_ترجمة_محادثات_مع_غوته
محادثات غوته | الجزء الثامن
لك أن تتخيل، عبرت خلال ذهني أفكار عدة من الماضي متسببة في بعض الانفعال، سنوات عدة من جهودنا أنا وشيللر، والتقدم الذي حققه العديد من التلامذة المفضلين، لذا، فإنني أعتزم بحكمة البقاء في الفراش اليوم.
ثمنتُ ترويه، لم يبدُ لي ضعيفًا ومنهكًا، بل في مزاج لطيف وهادئ جدًا. ذلك المستلقي على الفراش بدا لي كخدعة حرب قديمة، وهو ما كان يحاول فعله في أي حدث استثنائي، كخشيته حشدًا من الزوار.
سألني غوته أن يجلس على كرسي قبالة فراشه، وبقي هناك لبعض الوقت. وقال:" لقد فكرت فيك كثيرًا، ورثيت لحالك، ما الذي ستفعله بأمسياتك الآن؟". قلت:" أنت تعلم مدى حماسي وحبي للمسرح، عندما جئت إلى هنا قبل عامين، لم أكن أعرف شيئًا مطلقًا، باستثناء مسرحيتين أو ثلاث رأيتهم في هانوفر. كان كل شيء جديدًا بالنسبة إليّ، الممثلون والنصوص، ومنذها، بالرجوع إلى نصيحتك، منحت نفسي بكليتها إلى الانفعال بالموضوع، دون أن أفكر كثيرًا في انعكاسه. يمكنني القول بصدق، إنني وخلال هذين الشتاءين، مرت عليّ بالمسرح الساعات الأكثر نفعًا وعذوبة التي اختبرتها حتى الآن. علاوة على ذلك، كنت مفتونًا بالمسرح، ليس فقط أنني لم أكن أفوت عرضًا، بل أحضر البروفات حتى، كل هذا لم يكن كافيًا، كنت أدخل وأجلس على المقاعد الخالية إن صادفت الأبواب مفتوحة نهارًا لمدة نصف ساعة، متخيًلا المشاهد التي عرضت هنا في وقت ما.
ضحك غوته وقال:" أنت مجنون، لكن هذا ما أحبه، أود لو أنَّ الله جعل كل الجمهور أطفالًا. أنت محق فعلًا، كل من هو شاب بما فيه الكفاية، ولم يفسد كلية، لن يجد مكانًا يناسبه أكثر من المسرح. لا أحد سيسألك شيئًا، لن تحتاج إلى فتح فمك، إلا لو اخترت العكس. ستجلس في الهدوء الخاص بك مثل الملك، وتدع كل شيء يمر أمامك، وتعيد خلق عقلك وإحساسك على محتويات قلبك. هناك شعرٌ، رسمٌ، غناءٌ وموسيقى وتمثيل.
حينما ترتفع كل هذه الفنون، وسحر الشباب والجمال، إلى درجة جليلة، ويعملان في تناغم في ذات الأمسية، تصبح باقة لا يمكن لشيء آخر أن يضاهيها. لكن، حتى إن كان ثمة جزء سيء، وجزء جيد، فهذا لا يزال أفضل من النظر خارج النافذة، أو لعب الويست في حفلة خاصة وسط دخان السجائر. المسرح في فيمار، كما تشعر أنت، لا يزال جزعًا قديمًا من أفضل أوقاتنا، والذي علقت المواهب الجديدة نفسها عليه، وما زال بامكاننا أن ننتج شيئًا فاتنًا وساحرًا، والذي على الأقل سيعطي الظهور شكلا كاملًا من التنظيم.
أجبت:" هل كان يمكن أن تتسنى لى رؤيتها قبل عشرين أو ثلاثين عامًا مضت؟". قال غوته:" بذلك الوقت بالتأكيد ساعدتنا مزايا عظيمة. بالأخذ في الاعتبار أنَّ الفترة المملة ذات النكهة الفرنسية لم يمض عليها وقت طويل، حينها لم يكن الجمهور قد أُفسد بالإثارة السريعة، وتأثير شكسبير كان في عذوبته الأولى، وأوبرا موزارت كانت جديدة، وأخيرًا، كانت نصوص شيللر تنتج هنا عامًا بعد عام، ومنحت لمسرح فيمار في غمار مجدها الأول، تحت إشرافه الخاص. خذ كل هذا بعين الاعتبار، وستكون قادرًا على تخيله. مع مثل هذه الأطباق قدمت وليمة جيدة للكبار والصغار، وطالما كان لدينا جمهوٌ ممتنٌ.
لاحظت أنَّ كبار السن لا يشيدون كفاية بالمقام الرفيع الذي ناله مسرح فيمار في ذلك الوقت. ردَّ غوته :" لا أستطيع إنكار ذلك. مع هذا فالنقطة الأساسية كانت، أنَّ الدوق الأكبر ترك يدي حرة تمامًا، وكان باستطاعتي فعل ما أرغب. لم أكن أتطلع إلى ديكورات فخمة، وغرف ملابس براقة، ولكني تطلعت إلى نصوص جيدة، من التراجيدية وحتى الهزلية، كل الأصناف كانت موضع ترحيب، ولكن على كل قطعة أن تحوي شيئًا ما حتى تجد الدعم، كان من الضروري أن تكون عظيمة وذكية، مبهجة ورشيقة، وفي كل الأحداث أن تكون معافاة وتحوي جوهرًا.
كل ما كان كئيبًا، ركيكًا وعاطفيًا، وكذلك كل ما كان مرعبًا، مروعًا ومهينًا للذوق، استُبعد تمامًا. كنت أخشى أنَّ ذلك يمكنه أن يفسد الممثلين والجمهور كليهما.
بواسطة النصوص الجيدة، دفعت الممثلين نحو البحث عن التميز، والممارسة الدائمة للتفوق، يجب أن تصنع شيئًا من الرجل الموهوب. كنت أيضًا على اتصال شخصي بالممثلين، حضرت البروفات الأولى، وشرحت لكل منهم الجزء الخاص به، وكنت حاضرًا في البروفات الرئيسية، وتحدثت مع الممثلين حول أي تحسينات يمكن القيام بها، لم أتخلف عن حضور أي عرض، وفي اليوم التالي كنت ألفت الانتباه نحو الأشياء التي لم تبْدُ صحيحة. بتلك الوسائل عززت تطورهم في فنونهم.
سعيت أيضًا إلى رفع تقدير المجتمع لطبقة المسرح بأكملها، من خلال تقديم الأفضل والواعد بحق لدائرتي الخاصة. هكذا أبين للعالم أنني أعتبرهم يستحقون التداخل معي اجتماعيًا. وكان نتيجة ذلك أنَّ بقية المجتمعات العليا في فيمار لم أبدو اهتمامهم، وأنَّ الممثلات والممثلين اكتسبوا الاعتراف المشرف في أفضل الدوائر. اكتسبوا نتيجة ذلك ثقافة داخلية وخارجية عظيمة. طالبي وولف، من برلين، ودوراند كانا من أرقى الدبلوماسيين في المجتمع. أولس وغراف، في أعلى مراتب الثقافة التي تشرف أفضل الدوائر.
شيللر مثلي، سار بنفس الروح، كان لديه تداخل كبير مع الممثلات والممثلين، كان حاضرًا في كل البروفات، وبعد كل نجاح لأحد النصوص الخاصة به، كان من عادته دعوة الممثلين وقضاء يوم مرح برفقتهم، ويتناقشون حول كيف يمكن القيام بما هو أفضل في المرة القادمة. لكن شيللر عندما انضم إلينا، وجد أنَّ الممثلين والجمهور مصقولين بدرجة عالية، لا ننكر أنَّ هذا قد قاد نصوصه نحو النجاح السريع.
كان من دواعي سروري سماع غوته يتحدث بتلك الطريقة الدقيقة عن موضوع طالما شغل اهتمامي، وما حدث نتيجة لسوء الحظ في الليلة الماضية، كان في مقدمة اهتماماتي.
"الحريق الذي طال المسرح، الذي أثرت به أنت وشيللر خلال العديد من السنوات، تأثيرًا جيدًا جدًا، على نحو ما ينهي حقبة عظيمة، والتي لن تعود قريبًا إلى فيمار. لا بد أنك قد خبرت متعة عظيمة خلال إشرافك على المسرح، ونجاحه الرائع".
قال غوته مع تنهيدة:" ومع الكثير من المتاعب والصعوبات". قلت:" يجب أن تجد صعوبة في الإبقاء على كل تلك الرؤوس المتعددة في نظام دقيق". قال غوته:" كثير من التعاملات تتم بصرامة، أكثر مما يجب، ولكن من خلال الفهم الواضح والعدالة المنصفة، التي لا تراعي أحدًا. كان عليّ أن أفطن إلى نوعين من الأعداء، قد يكونان خطيريْن بالنسبة إليّ؛ الأول كان حبي المتقد للموهبة، والذي يمكنه جعلي متحيزًا بسهولة، لن أذكر الأخر، لكن بإمكانك تخمينه. في مسرحنا لم يكن هناك عوز للسيدات الجميلات والشابات، الشغوفات بسحر العقليات العظيمة. شعرت بميل عاطفي تجاه الكثيرات منهن، وقد حدث في بعض الأحيان أنني قطعت نصف الطريق ولكنني ضبطت نفسي، وقلت: لا مزيد! أعرف موقعي، وما أدين له به، لم أقف كشخص عادي، بل كرئيس مؤسسة، نجاحها كان أكثر أهمية من المتع اللحظية. لا يجب أن أترك نفسي لأي علاقة عاطفية، فأنا ينبغي عليّ أن أكون كالبوصلة، والتي لا يمكن أن تشير إلى الوجهة الصحيحة عندما تكون تحت تأثير مغناطيس بجانبها.
من خلال الحفاظ على نفسي نظيفًا، أظل سيد نفسي، وسيد المسرح أيضًا، ودائمًا ما أتلقى الاحترام الملائم، والذي بدونه كل السلطة ستقترب من نهايتها. أعجبني اعتراف غوته كثيرًا، كنت قد سمعت عنه سلفًا أشياء من هذا القبيل من آخرين، وابتهجت الآن بسماع هذا الاعتراف مباشرة من فمه، أحببته الآن أكثر. تركته بعد أن ضغطت على يده بود. عدت إلى مكان الحريق، حيث كانت النيران وأعمدة اللهب تتصاعد من كومة حطام كبيرة، كان الناس ما زالوا منشغلين بإخماد الحريق وسحب القطع. وجدت بجانب بقعة محترقة جزءًا من مخطوطة، تحتوي على مقاطع من "تاسو" لغوته.
تناولت العشاء مع غوته ، خسارة المسرح كان الموضوع الوحيد للمحادثة. تذكر فراو فون غوته وفراولين اولريكا الساعات السعيدة التي استمتعوا بقضائها في البيت القديم. كانوا يبحثون عن بعض الآثار بداخل الأنقاض، والتي اعتبروها لا تقدر بثمن، والتي لم تكن في الأخير سوى حجارة وقطع سجاد محترقة، لكنها كانت من بقعة محددة من البلكونة حيث اعتادتا الجلوس.
قال غوته:" المسألة الرئيسية هي أن نتعافى ذاتيًا، وأن ننتظم في أقرب وقت ممكن، أود أن نبدأ العروض الأسبوع المقبل، في القصر أو دار البلدية، لا يهم أيهما، يجب ألا نسمح بفترة توقف طويلة، حتى لا يسعى الجمهور للحصول على تسليات أخرى للياليهم الضجرة.
لكن من الملاحظ أنه ليس ثمة الكثير من الديكورات المحفوظة. عاد غوته يقول:" لا ضرورة للديكورات الكثيرة، ولا حتى لنصوص ضخمة، ولا ضرورة على الإطلاق لتأدية نصوص كاملة، القليل فقط عظيم كفاية.
النقطة الرئيسية هي أن نختار شيئًا لا يتطلب تغيرات كثيرة في المشهد، ربما عمل كوميدي، أو هزلي، أو أوبرا قصيرة، ثم استراحة ربما، لحن ثنائي، أو فقرة أخيرة من الأوبرا المفضلة، وسوف نتسلى كثيرًا. يجب أن نقدم القليل فقط في أبريل، أما في مايو فلديك "مغني الغابات". في الوقت نفسه، وخلال أشهر الصيف، سوف تشهد "بناء المنزل الجديد". هذه الحماسة تبدو لي رائعة جدًا. سأعترف لك، خلال ليالي الشتاء الطويلة، كان علي أن أشغل نفسي و"كودراي"، برسم خطط مسرح جميل لائق بفيمار. لقد أرسلنا من أجل التخطيطات الأرضية والأقسام الخاصة ببعض المسارح الألمانية الرئيسية، وبأخذ الأفضل، وتجنب ما يبدو معيبًا، أنجزنا تصميمًا يستحق النظر إليه. وحالما يعطي الدوق الأكبر الإذن سيكون البناء قد بدأ. هذه الحادثة وجدتنا مستعدين بشكل رائع". تلقينا تلك المعلومة من غوته ببهجة عظيمة.
واصل غوته:" في البيت القديم كان يتم استضافة النبلاء في شرفة المسرح، أما الخدم والحرفيون الشباب، ففي الصالة. لم نحتط جيدًا للأعداد الكبيرة للطبقة الوسطى الغنية والأنيقة، فخلال العروض يحتل الطلاب القاعة السفلية، وهناك شخص محترم سيحتار أين يذهب. المقصورات الصغيرة في مؤخرة القاعة السفلية لم تكن كافية. وهذا ما عالجناه الآن بشكل جيد. لدينا صف كامل من الشرفات حول القاعة السفلية، وصف آخر من المرتبة الثانية بين الشرفة والصالة.
وهكذا حصلنا على عدد كبير من الأماكن، دون القيام بتوسيع المسرح كثيرًا". استمتعنا كثيرًا بحديث غوته وأشدنا بمراعاته اللطيفة للمسرح والجمهور. من أجل عرض مساهمتي في المسرح المستقبلي، ذهبت بعد العشاء برفقة صديقي "روبرت دولان" لشمال فيمار، وعرضت عليه شرب قهوة في حانة. وبدأت في كتابة نص أوبرالي، بعد "اسيبيل" ميتاستاسيو. كان الشيء الأول هو كتابة البرنامج، وجمع المغنين المفضلين الذين ينتمون إلى مسرح فيمار، رجالًا ونساءً. وقد سرنا هذا كثيرًا، كنا وكأننا نجلس ثانية أمام الأوركيسترا.
جلسنا نعمل بجدية، وأنهينا جزءًا كبيرًا.
الأحد، 27 مارس، 1825.
تناولت العشاء لدى غوته مع مجموعة كبيرة، أرانا تصميم المسرح الجديد، كان تمامًا كما أخبرنا عنه منذ عدة أيام، تَعِدُ الخطة بمبنى جميل بالفعل، داخليًا وخارجيًا. المسرح الجيد يتطلب زخارف جميلة، وأزياء أفضل من السابقة. رأينا أيضًا أنَّ المجموعة أصبحت تدريجيًا غير مكتملة، وأنَّ بعض الأعضاء الشباب المميزين يحب عليهم المشاركة، في الدراما والأوبرا. في ذات الوقت لم نشح بأنظارنا عن حقيقة أنَّ كل هذا سيأتي مع نفقات كبيرة، وهذا ما لن تسمح به الحالة الراهنة للخزانة.
قال غوته:" أعلم أنه وبحجة هزل الخزانة سيتم إشراك بعض الأشخاص التافهين، والذين لن يكلفوا الكثير، ولكن لا يمكننا أن نتوقع إفادة الخزانة بمثل هذه الوسائل، لا شيء سيضرها أكثر من محاولة الاقتصاد في مثل هذه الأمور الأساسية. يجب أن يكون هدفنا مسرحًا ممتلئًا كل مساء؛ ومطربًا شابًا، أو شابة، بطلاً فطنًا، وبطلة شابة بموهبة مميزة وبعض الجمال، سنفعل الكثير من أجل هذه الغاية. إن ظللتُ على رأس الإدارة؛ فسوف أعمل لصالح الخزينة، ويجب أن تدرك أنني لن أقوم بذلك بدون المال المطلوب.
سُئل غوته عما يعنيه بذلك!. قال:" سأقوم باستخدام طرق بسيطة جدًا، ستكون لديَّ عروض يوم الأحد، وبذلك ستكون لديَّ أموال لأربعين ليلة إضافية على الأقل. سيكون صعبًا إن لم تتحصل الخزينة على عشرة أو خمسة عشر ألف دولار سنويًا. كانت حيلة عملية جدًا. بالنسبة لطبقة العمال الكبيرة، والتي عادة ما تكون مشغولة حتى وقت متأخر من الليل خلال أيام الأسبوع، فإنَّ الأحد هو اليوم الوحيد للاستجمام، حينها سيفضلون مباهج أكثر نبالة من عزف ورقص، مع جعة، في نزل القرية. الفكرة الشائعة أيضًا، أنَّ جميع المزارعين ومُلاَّك الأراضي، فضلًا عن موظفي الدولة، والمواطنين الأثرياء بالمدن الصغيرة، يرون أنَّ الأحد يوم محبب للذهاب إلى مسرح فيمار.
بجانب أنه وفي الوقت الحالي، يوم الأحد في فيمار كئيب وممل جدًا لكل من لا يذهب إلى جلسة، أو لم يكن عضوًا في دائرة أسرية سعيدة، أو مجتمع مختار، الأشخاص المتوقعون لا يدرون إلى أين يذهبون. ومازال بعض الناس يقولون إنه من الواجب وجود أماكن يمكنهم في مساءات الأحد أن يستريحوا فيها، وينسون إزعاج الأسبوع.
فكرة غوته الخاصة بعروض يوم الأحد، ووفقًا للعرف السائد في جميع المدن الألمانية الأخرى، تلقى الاستحسان والترحيب التام. كان هناك فقط شك يكاد لا يذكر عما إذا كان قصر فيمار سيصرح به. قال غوته:" قصر فيمار أفضل وأذكى من أن يعارض أي تنظيم يصب في مصلحة المدينة والمؤسسات الهامة. وسيقوم القصر بالتأكيد بتقديم تضحية صغيرة بتبديل حفلات الأحد الخاصة به إلى يوم آخر. لكنْ إن لم يكن ذلك مقبولًا، فعلينا أن نجد لأيام الأحد بعض القطع الفنية التي لا يود القصر رؤيتها، ولكنها تناسب العامة، وسوف تمتلئ الخزانة بشكل مُرْضٍ". تحولت المحادثة بعد ذلك إلى الممثلين، وقيل الكثير عن استخدام وسوء استخدام سلطاتهم.
قال غوته:" وجدت من خلال خبرتي الطويلة أنَّ النقطة الأساسية هي، ألا تسمح بتنفيذ أي مسرحية أو أوبرا، ما لم ير المرء ببعض اليقين نجاحها في مقبل السنوات. لا أحد يقدِّر بما فيه الكفاية نفقات السلطة المطالبة بتنفيذ خمس مسرحيات، أو حتى أوبرا . نعم يا أصدقائي، يتطلب الأمر الكثير لكي يبرع المغني تمامًا في جزء عبر جميع المشاهد والأفعال، وأكثر بكثير حتى تقوم الجوقات بما يجب القيام به.
أنا مرتعب من الخفة التي يتعامل بها الناس مع الأوبرا، من نجاح الشيء الذي لا يعرفون عنه شيئًا، والذي سمعوا عنه من خلال بعض الأخبار غير المؤكدة في الصحف.
نمتلك في ألمانيا وسائل إنتاج محتملة إلى حد بعيد، وبدأنا في بذل العناية الواجبة. أي أوبرا جديدة يتم إنتاجها والإشادة بها أقوم بارسالها إلى أي مدير إنتاج أو إلى أعضاء موثوقين بالمسرح. حضورهم أي عرض فعلي، ربما يكون مقنعًا إلى أي مدى الأوبرا الجديدة المشاد بها جيدة، سواء كانت قدرتنا كافية أو لا. إنَّ نفقات هذه الرحلة ستكون تافهة بالمقارنة بالمصلحة العظيمة المستمدة منها، والأخطاء الكارثية الممكن تفاديها بواسطتها.
بعد ذلك، عندما يتم صنع مسرحية أو أوبرا جيدة، ينبغي أن تعرض على فترات قصيرة، تمكنها من الاستمرار بقدر أرباحها، واستمرارها بملء المسرح. هذه الخطة قابلة أيضًا للتطبيق على المسرحيات أو الأوبرا القديمة الجيدة، الموضوعة جانبًا منذ وقت طويل، والتي تطلب الآن دراسة جديدة لكي يتم عرضها بنجاح. مثل هذه العروض ينبغي تكرارها على أوقات قصيرة، بقدر ما تثير اهتمام الجمهور. الرغبة الدائمة في الحصول على ما هو جديد، على مشادة مسرحية أو أوبرا جديدة، والتي تم عرضها بجهد مفرط لمرة واحدة أو مرتين على الأكثر، أو حتى السماح بمرور ستة أو ثمانية أسابيع بين الإعادات. في الوقت الذي تصبح فيه العروض الجديدة ضرورية، سيكون ذلك ضررًا حقيقيًا للمسرح، وسوء استخدام لا يغتفر للمواهب المشاركة فيه.
اتضح أنَّ غوته يعتبرها مسألة مهمة جدًا، كان هو الحال في كثير من الأحوال. تابع غوته:" في إيطاليا، يقومون بعرض المسرحية لمدة أربعة أو ستة أسابيع، والأطفال الإيطاليون يرغبون في أي تغيير. والمثقف الباريسي يرى المسرحيات الخاصة بشعرائه العظام، الذين يعرفهم عن ظهر قلب، ويمتلك الأذن المدربة التي تتأكد من كل مقطع. هنا، في فيمار، منحوني شرف عرض "إيفيجيبنا" و"تاسو"، لكن لكم مرة؟ بالكاد مرة واحدة خلال ثلاث أو أربع سنوات. الجمهور وجدهم مملين، فالممثلون غالبًا لم يكونوا جاهزين للعب أدوارهم، والجمهور لم يكن جاهزًا لسماعهم، لكن من خلال التكرار والإعادة دخل الممثلون أكثر في روح نصوصهم التي اكتسبت مزيدًا من الحياة، فالكثير من التدريب، وتدفق الأداء من قلوب الممثلين، ستكون نتيجته أنَّ الجمهور بدون شك لن يبقى غير مبالٍ وغير متحمس طويلًا.
كانت لديَّ نظرية سابقًا، أنَّ بإمكاننا تأليف دراما ألمانية، حتى أنني تخيلت أني أشارك بها، ووضع بعض أحجار أساس لمثل هذا الصرح. كتبت "إيفيجينا" و"تاسو" وفكرت، مع أمل طفولي، هذا قد يؤدي إليه. لكن لم تكن هناك عاطفة أو إثارة، بقي الحال على ما هو علي. إن كنت قد أنتجت تأثيرًا، ولاقيت استحسانًا، لكنت كتبت عشرات القطع مثل " إيفيحينيا" و"تاسو"، لم يكن هناك عجز في المواد. لكن كما قلت، كان الممثلون ينتظرون أداء مثل هذه القطع مع كثير من الحياة والروح، وكان الجمهور بانتظار سماعهم وتلقيهم وجدانيًا.
الأربعاء، 30 مارس، 1825.
ذهبت هذا المساء إلى حفل شاي كبير لدى غوته، حيث وجدت شابًا أمريكيًا بجانبه شاب إنجليزي. وكان من دواعي سروري رؤية الكونتيسة جوليا فون إغلوفستين، والتحدث معها في مواضيع مختلفة.
الأربعاء 6 أبريل 1825.
اتُبعت نصيحة غوته، وتم أداء عرض في ذلك المساء في الصالة الكبيرة ل"تاون هاوس"، تألَّف من بعض القطع الصغيرة، والتي انسجمت مع المساحة الصغيرة والنقص في الديكور. الأوبرا الصغير "العمالة المنزلية" كانت جيدة على المسرح. ولاقت الرباعية الأوبرالية المفضلة "كونت فون غليتشن" استحسانًا ملحوظًا. مغني التينور الأول كان السيد مولتك، والذي غنى أغنية مشهورة من "داي زوبرفلوت"، ثم استراحة بين العروض، بعدها جاءت الخاتمة الرائعة مع العرض الأول ل"دون خوان" وكان التأثير قويًا، وبفخامة اختتمت هذه الليلة البديلة على المسرح.
الأحد، 10 أبريل 1825.
تناولت العشاء مع غوته. حيث قال:" لدي أنباء عظيمة لك، الكونت الأكبر قد أعطى الموافقة على تصميمنا للمسرح الجديد، وأنه سيتم وضع الأساسات فورًا". سررت جدًا بهذه المعلومة.
قال غوته:" يجب علينا أن نكافح جميع أنواع العقبات، ونحن في النهاية سعداء من خلالها. ندين بالشكر الجزيل للمستشار الخاص " شفايتزر"، والذي وقف_ كما كان متوقعًا منه_مع قضيتنا بحسن نية وإخلاص. وقع التصميم بخط يد الدوق الأكبر، ولن يخضع لمزيد من التغيير. ابتهج، فسوف تحصل على مسرح جيد جدًا.
الخميس، 14 أبريل، 1825.
هذه الأمسية لدى غوته. حيث كان الحديث عن المسرح والإدارة المسرحية. سألته عن القاعدة التي اتبعها في اختيار الأعضاء الجدد للمجموعة. قال:" لا أستطيع القول إنه كانت لدي أساليب مختلفة من الإجراءات، إذا صادفت سمعة جيدة لممثل جديد، أجعله يؤدي، وأرى مقدار مناسبته للآخرين، ما إن كان أسلوبه يشوش على طاقمنا، أم كان يسد العجز. إن كان شابًا لم يطأ المسرح من قبل، فإنني آخذ بعين الاعتبار صفاته الشخصية، إن كان يمتلك السحر والجاذبية، وفوق كل هذا ما إذا كان يستطيع السيطرة على نفسه. بالنسبة للممثل الذي لا يمتلك ثقة بنفسه، والذي لا يمكنه الظهور أمام شخص غريب تحت الأضواء، عادة ما يفتقر إلى الموهبة. مهنته تتطلب إنكار الذات المستمر، والإبقاء دائمًا على قناع خارجي".
فإن راقني ظهوره وأسلوبه سأجعله يقرأ، لأرى قوة ومساحة حضوره ومقدراته الفكرية. أعطيه مقاطع رفيعة لشاعر عظيم، لأرى إن كان بارعًا في الشعور والتعبير عن كل تلك العظمة، ثم أعطيه شيئًا عاطفيًا وعاصفًا، لاختبار قوته. ثم ننتقل إلى شيء يمكن ملاحظته بالإحساس والفطنة، شيء ساخر وبارع، لأرى كيفية تعامله مع هذه الأشياء، وإن كان يملك ما يكفي من الطلاقة. ثم أعطيه شيئًا يعكس ألم قلب جريح، ومعاناة روح عظيمة، لأعلم إن كان يملك قوة التعبير عن الانفعال.
إن أرضاني في جميع ما سبق، سيعطيني أملًا راسخًا في جعله ممثلًا عظيمًا. إن كان بارعًا في بعض الأشياء أكثر من الأخرى، سأرى الطريق الذي يلائمه أكثر، كما أنني سأكون ملمًا بنقاط ضعفه، وقبل كل شيء سأسعى للعمل معه على تعزيز وصقل قدراته. وإن لاحظت بعض الأخطاء في اللهجة، ما يسمى بالريفية، سأحثه على وضعها جانبًا، وأوصيه بالتداخلات الاجتماعية والصلات الودية مع بعض أعضاء المسرح، الذين لا يعانون من تلك المشكلة. ثم أسأله ما إن كان يجيد الرقص والمبارزة، وإن لم يكن يجيدهما، أسلمه لبعض الوقت لأساتذة في الرقص والمبارزة.
إن تطور بشكل يكفي لظهوره، أعطيه بعض الأجزاء التي تناسب فرادته، ولا أبتغي شيئًا سوى أن يبرز شخصيته، إن بدت طبيعته نارية جدًا، أعطيه شخصية باردة، إن كان هادئًا ومملًا، أعطيه شخصية نارية وطائشة. هكذا قد يتعلم أن ينحي شخصيته جانبًا، ويظهر شخصية غريبة.
تطرق الحديث إلى المسرحيات التي كتبها غوته، من بين أشياء أخرى، الملاحظة التالية جديرة بالاهتمام: قال:" إنه لخطأ كبير الاعتقاد أنَّ مسرحية متوسطة الجودة، يمكن أن يقوم بها ممثلون متوسطون. مسرحية من الفئة الثانية أو الثالثة يمكن أن تحسن بصورة لا تصدق من خلال توظيف قوى من الدرجة الأولى، وتنتج شيئًا جيدًا فعلًا. لكن إن أديت مسرحية من الفئة الثانية أو الثالثة بواسطة ممثلين من الدرجة الثانية أو الثالثة أيضًا، لا أحد سيندهش إن فشلت تمامًا. الممثلون من الدرجة الثانية ممتازون في المسرحيات العظيمة، لديهم نفس تأثير الشخصيات ذات الظل الجزئي على الصورة، إنهم يعملون بشكل رائع ليظهروا قوة أكبر من أصحاب الأضواء الكاملة.
السبت، أبريل 1825.
تناولت العشاء لدى غوته، برفقة "دي إلتون" الذي تعرفت عليه الصيف الماضي في بون، وكان من دواعي سروري أن ألتقي به مرة أخرى. إنه، ومثل غوته تمامًا، يمتلك قلبًا عظيمًا، هناك أيضًا علاقة ممتعة جدًا بينهما. هو ذو أهمية عالية في مجاله العلمي، لذا فغوته يثمن ملاحظاته، ويحترم كل ما ينطق به. بالإضافة إلى ذلك فهو ودود وفكه، وقليلون يمكن أن يضارعوه في البلاغة وغزارة تدفق الأفكار، ولا يمكن أن تمل سماعه.
في مساعي غوته لتحري الطبيعة والتي شملت الكل الأعظم، يقف في موقف غير مريح لكل فيلسوف ذي نزعة طبيعية، والذي يكرس حياة كاملة لموضوع محدد. وهذا الأخير برع في مملكة من التفاصيل اللانهائية، بينما يعيش غوته أكثر في التأمل في عظمة القوانين الكونية.
ومن ثم فإنَّ غوته، الذي هو دائمًا على مسار التوليف العظيم، والذي من رغبته في معرفة الحقائق المفردة، يفتقر إلى تأكيد حسه الداخلي، ويستولي عليه كل اتصال مهم مع فلاسفة الطبيعة. لأنه يجد فيهم ما يريده هو نفسه؛ يجد فيهم ما يعالج أوجه قصوره. سوف يبلغ الثمانين بعد بضع سنوات؛ لكنه لم يكن متعبًا من الاستفسارات والتجارب.
لم يصل في أي من اتجاهاته إلى نقطة ثابتة، دائمًا ما ينشد الأبعد، ما زال يتعلم ويتعلم، وهذا ما هو عليه الرجل ذو الشباب الأبدي الدائم. تلك الأفكار قد أوقظت اليوم بواسطة حديثه المفعم بالحيوية مع "دالتون".
تحدث دالتون عن "رودينتيا" وعن تكوين وتعديل هياكلهم العظمية، ولم يكن غوته حريصًا على سماع الحقائق الجديدة.
----
حوارات غوته
1825
الإثنين، 10 يناير، 1825
اهتمام غوته المستمر باللغة الإنجليزية؛ جعلني أرغب في تعريفه ببعض الشبان الإنجليز المتواجدين في المدينة. في الخامسة بعد ظهر اليوم، كان بانتظاري وبصحبتي السيد أتش، المهندس الإنجليزي، الذي تحدثت عنه سابقاً بالكثير الطيب. وصلنا في الساعة المُحددة لنا، وقادتنا الخادمة إلى شقة ساحرة وجذابة، يمضي فيها غوته عادة أوقات الظهيرة والمساء. ثلاثة لمبات كانت تشتعل على المنضدة، لكنه لم يكن في الغرفة؛ حيث سمعناه يتحدث في الصالون المجاور.
سمَّر السيد أتش نظرته نحو غوته لفترة، ولاحظ أنه بجانب الصور والخريطة الكبيرة لجبال تُزيّن الجدران، توجد خزانة للكتب مليئة بالملفات. أخبرته أنها تحتوي على الكثير من الرسومات الخاصة بفنانين مشاهير، وطبعات منقوشة لأفضل الصور من تنويعة مدارس الرسم المختلفة، والتي جمعها غوته بالتدريج خلال حياة طويلة، والمتعة التي أتاحها له التأمل المستمر.
أتى غوته بعد انتظارنا لبضعِ دقائق، وألقى علينا تحيّة ودودة. ثم خاطب السيد أتش: أفترض أنَّ بإمكاني التحدث بالألمانية، فكما سمعت أنك متمكن من لغتنا. رد السيد أتش ببضع كلمات مهذبة، ثم طلب منا غوته الجلوس.
لا بد أنَّ أخلاق السيد أتش وهيئته قد تركا انطباعاً جيداً لدى غوته؛ وظهر ذلك في الجمال الحقيقي للحلاوة والهدوء المتسامح اللذيْن أبداهما تجاه الأجنبي. "لقد فعلت حسناً بمجيئك إلى هنا لتعلم الألمانية"، أخبره غوته، "ستكتسبها بسهولة ويسر، ليس فقط معرفة اللغة، بل وجميع العناصر الأخرى، تربتنا، المناخ، أسلوب الحياة، الأخلاق، العادات الاجتماعية والدستور، وتحملها معك إلى إنجلترا".
ردّ السيد أتش نالت بأنَّ "اللغة الألمانية تنال اهتماماً عظيماً الآن، حتى أنه من النادر جداً أن يوجد إنجليزي من أسرة كريمة لا يتحدث الألمانية".
قال غوته بأسلوب غاية اللطف: "ومع ذلك، نحن الألمان سبقنا أمَّتكم بنصف قرن في هذا المجال. لقد انشغلتُ بدراسة اللغة والأدب الإنجليزي لخمسين عاماً؛ لذا أنا على معرفة جيّدة بكل كُتابكم، وأساليب عيشكم، وإدارتكم للبلاد. بالتالي لن أشعر بكوني غريبًا في حال ذهبت إلى إنجلترا.
ولكن كما قلتُ لك، فعل شبابكم خيراً بمجيئهم إلينا وتعلمهم لغتنا؛ ليس فقط لأنَّ أدبنا يحوز الاهتمام في جوهره، لكن ليس بإمكان أحد الإنكار أنَّ المعرفة الجيدة للألمانية قد تغنيك عن تعلم العديد من اللغات الأخرى. مثلاً أنا لا أتحدث الفرنسية، إنها لغة محادثات، ولا غنى عنها في السفر لأنَّ الجميع يفهمها. وفي جميع البلدان يمكننا التفاهم عبرها عوضاً عن استخدام مترجم جيّد. لكن، بالنسبة لليونانية واللاتينية والإيطالية والإسبانية، يمكننا أن نقرأ أفضل أعمال تلك الأمم في ترجمات ألمانية ممتازة. وما لم يكن لدينا أهداف أخرى من تعلُّم تلك اللغات، إذن لن نحتاج إلى إنفاق كثير وقت في دراستها وتعلُّمها، لأنَّ الطبيعة الألمانية لها من الكرم ما يجعلها تمنح التكريم لكل ما تنتجه الأمم الأخرى، وأن تلائم نفسها مع الخصوصية الأجنبية؛ كما إنَّ المرونة العظيمة التي تمتاز بها لغتنا، تجعل الترجمات الألمانية صادقة تماماً وكاملة، ولا يمكن إنكار أنه مع الترجمة الجيدة يمكنك التقدم كثيراً. فريدريك العظيم لم يكن يعرف اللاتينية، لكنه قرأ شيشرون في الترجمة الفرنسية، ونال الفائدة ذاتها التي حصلنا عليها نحن الذين قرأناه في لغته الأصلية.
بعدها انعطف الحديث إلى المسرح، حيث سأل غوته السيد أتش إن كان يمضي وقتاً كثيراً في المسرح. فأجابه "كل مساء، وهو ما أكسبني الكثير في فهم اللغة". "الجدير بالملاحظة أنَّ الأذن، والفهم عموماً يحدث عند بداية الكلام"؛ قال غوته، "من هنا سرعة إدراك المرء لجميع ما يسمع، لكن دون وسائل تمكنه من التعبير.
قال السيد أتش "يومياً أختبر صحة هذه الملاحظة. أفهم جيداً كل ما أسمعه وأقرأه، حتى أنه يتنابني شعور ما عندما يتم استخدام تعبير خاطيء بالألمانية. لكن عندما أتحدث لا شيء يتدفق، لا أستطيع التعبير عن نفسي كما أتمنى. في المحادثات الخفيفة مثلاً، لدى الملعب، وعند المزاح مع السيدات، أو الدردشة في الحفلات الراقصة، وما شابهها، أنجح بشكل جيّد، لكن متى حاولتُ الإدلاء برأي في موضوع مهم، أن أقول شيئاً مميزاً وذكياً، تخونني القدرة".
"لا تدع ذلك يثبط عزيمتك"، أخبره غوته، "لأنَّ من الصعب بما فيه الكفاية التعبير عن مثل هذه الأمور غير المألوفة في اللغة الأم". ثم سأل عمّا قرأه السيد أتش في الأدب الألماني. رد السيد أتش "قرأت لكُ إيغمونت، واستمتعتُ كثيراً بها، بل أعدتُ قراءتها ثلاث مرات. أيضاً مسرحيتك توركواتو تاسو، التي منحتني الكثير من المتعة. والآن أقرأ فاوست، لكن أجدها صعبة إلى حدّ ما".
ضحك غوته على هذه الكلمات. "حقّاً، لن أنصحك بقراءة فاوست. إنها مادة جنونية، وتتعدى كل إحساس مألوف. ولكن بما أنك فعلت ذلك بإرادتك الكلية، من دون أخذ نصيحتي، سوف ترى كيف ستتجاوز الأمر. فاوست غريب جدًا وفرداني، وقليون فقط يستطيعون التعاطف مع حالته الداخلية. هناك أيضاً شخصية ميفيستوفيلز، التي تتمتع بطابع صعب الإدراك، وهذا بسبب طبيعتها الساخرة، وأيضاً لأنها نتيجة حية للمعرفة واسعة النطاق بالعالم. لكن، سوف ترى الأضواء التي ستنفتح عليك بعد القراءة والفهم. أما تاسو، فهي أقرب بكثير للمشاعر المشتركة بين البشرية، كما أنَّ بناءها الشكلي جعلها سهلة الفهم".
"ومع ذلك"، قال السيد أتش، "تظل تاسو صعبة بالألمانية، وأجد البعض يندهش لدى سماعي أنني أقرأها."
ردّ غوته: "ما هو ضروري لفهم تاسو أن يتعدى المرء طفولته، وأن يحيا في مجتمع جيّد. مثلاً شاب يتبع لأسرة كريمة، مع ما يكفي من العقل والرقة، وثقافة كافية بالعالم الخارجي، مثل التي تنتج عن اتصال برجال بارعين من الطبقة العليا، لن يجد تاسو كتابة صعبة".
دار الحديث بعدها ناحية إيغمونت. "قمت بكتابة إيغمونت في عام 1775"، قال غوته، "أي قبل خمسين عاماً. أنا شخص أتقيد بالتاريخ بأمانة، وأسعى إلى أن أكون دقيقاً قدر الإمكان. بعد عشر سنوات، عندما كنتُ في روما، قرأتُ في الصحف أنَّ المشاهد الثورية في هولندا، تلك التي وصفتها، كانت تتكرر كما هي. فأدركتُ حينها أنَّ العالم ما زال على حاله، وأنَّ على لوحتي أن تكون حيَّة داخله".
بينما المحادثة المنسجمة في خضمها، حانت ساعة المسرح، فصرفنا غوته بطريقة ودودة. سألتُ السيد أتش بينما نحن في طريقنا إلى المنزل عن مدى رضاه عن غوته. أجابني: "لم أرَ شخصاً يملك مع كلّ تلك الجاذبية الساحرة، كثيرًا من الجلال الفطري، ومع ذلك تجده يظهر بمظهر الأقل شأناً، إنه رجلٌ ذو عظمة دائمة.
الثلاثاء، 8 يناير، 1825
ذهبتُ إلى غوته في حوالي الخامسة. لم أكن قد رأيته منذ بضعة أيام. مررتُ به في مساء مبهج. وجدتُه جالساً في الغرفة التي ينجز فيها أعماله، يتجاذب أطراف الحديث مع ابنه عند ساعة الشفق، ومعهم هوفراث ريبهن، طبيبه. جلستُ معهم على الطاولة، تحدثنا لفترة في العتمة، ثم جِيءَ بالأضواء، تملكتني السعادة لرؤية غوته في كامل انتعاشته وبهجته.
وكالعادة، استفسر باهتمام عمّا حدث لي مؤخراً، فأجبتُه أنني التقيتُ بشاعرة مؤخراً؛ وتمكنت في الوقت نفسه من الثناء على موهبتها النادرة. وافقني غوته الرأي، حيث كان مطلعاً على بعض إنتاجها.
"إحدى قصائدها"، قال غوته، "التي تصف فيها مشاهد الريف قرب منزلها، تنمُّ عن خصوصية من طابع فريد. لديها نزعة ممتعة تجاه مواضيع العالم الخارجي، لكنها، بجانب ذلك، لا تفتقر إلى الطبيعة الداخلية القيّمة. في الواقع وجدنا الكثير من الأخطاء بشأنها، ولكن مع ذلك سنتركها وشأنها، ولن نزعجها في الطريق الذي ستبينه لها موهبتها".
تحولت المحادثة الآن نحو الشاعرات بشكل عام. حيث من رأي هوفراث ريبين أنَّ الموهبة الشعرية للسيدات غالباً ما تبدو له كغريزة جنسية للفكر. قال غوته وهو ينظر ناحيتي ويضحك: "غريزة جنسية، فعلاً! كيف يفسر لنا الطبيب هذا!".
قال ريبين: "لا أعلم إن كنتُ قد أعربتُ عن فكرتي بشكل صحيح، ولكنه شيء من هذا القبيل؛ عادة، لا تملك هذه الكائنات حظَّاً في الحب، وهن يطمحن الآن إلى التعويض من خلال النشاط الفكري. ومتى تزوجن في وقت مُبكر، وأنجبن الأبناء، فلن يشغل بالهن أبداً التفكير في الإنتاج الشعري.
"أنا لا أبحث عن مدى صوابك في هذه الحالة"، قال غوته، "لكن في ما يتعلق بمواهب السيدات في المجالات الأخرى، أجدها دائماً تتوقف عند الزواج. عرف فتيات يرسمن بشكل جيد، لكنهن ما أن يصبحن زوجات وأمهات ينتهي كل شيء، ويصبحن مشغولات مع أطفالهن، ولا يلمسن القلم أبداً".
"أما شاعراتنا"؛ استمر غوته بحيوية أكبر، "ربما يستطعن الكتابة ونظم الشعر متى رغبن، فقط إذا توقف رجالنا عن الكتابة مثل السيدات. وهو ما لا يسرني. انظر إلى المجلات الشهرية والسنوية؛ انظر كيف أصبحت أضعف وأقل قيمة. ما الذي سيجنيه تشيليني إذا نُشر له فصل في مورينغبلات؟".
واصل حديثه بحيوية: "لكن دعونا ننسَ كل ذلك، ونبتهج بفتاتنا الشجاعة في هالي، التي، وبروح رجولية قامت بتقديمنا إلى العالم السيرفياني. هذه القصائد بديعة. بعضها يستحق أن يقارن بـ(نشيد سليمان). لقد أكملتُ مقالتي عن تلك القصائد، وذهبت إلى الطباعة مُسبقاً". وبهذه الكلمات قدم لي الأوراق الأربع الأولى من العدد الجديد من "كونست أوند ألترثوم"، حيث وجدت المقالة التي تحدث عنها. "وصفتُ، ببضع كلمات، هذه القصائد وفقاً لموضوعاتها الرئيسية، وأظنك ستسرُّ بالموتيفات القيّمة. روبين أيضاً لا يجهل الشعر، على الأقل في مغزاه وجوهره، وأعتقد أنه ربما يود لو تقرأ هذه بصوت عالٍ".
قرأتُ ببطء مواضيع القصائد واحدة تلو الأخرى. كانت الحالات المشار إليها واضحة وشديدة التعبير، حيث، ومع كل كلمة، لاحت لعيني القصيدة بأكملها. وما يلي هو ما بدا لي أشدّ سحراً:-
1- حياء فتاة سيرفي، التي أبداً لم ترفع رموش عينيها الجميلة.
2-
3- صراع عقل العاشق المُلتزم كإشبين أن يقود حبيبته لآخر.
4-
5- مفجوعة على حبيبها، لن تصدح الفتاة بالغناء، خشية أن تبدو مُغتبِطة.
6-
7- تذمُر من فساد الأخلاق؛ كيف يتزوج الشباب بالأرامل، والرجال العجائز بالعذراوات.
8-
9- تذمر من الشباب، كيف تمنح الأم ابنتها الكثير من الحرية.
10-
11- حديث الفتاة البهيج الواثق مع الحصان النبيل، الذي يخون ميول سيده ومشاريعه.
12-
13- العذراء لا يمكنها امتلاكه، ليس لها القدرة على العشق.
14-
15- خادمة البار حسنة المظهر، حبيبها ليس من ضمن الضيوف.
16-
17- إيقاظ نفيس وعذب للمحبوب.
18-
19- ما هي الحرفة التي يجب أن يمتهنها زوجي؟
20-
21- بهجة الحب فُقِدت بالثرثرة.
22-
23- أتى الحبيب من خارج البلاد، راقبها خلال النهار، وفاجأها ليلاً.
================
محادثات مع غوته
تأليف: يوهان بيتر إيكرمان
ترجمة من الألمانية للإنجليزية: جون اوكسنفورد
ترجمة من الإنجليزية: سماح جعفر
تقوم «القرية الإلكترونية» بتكليف من الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي، بترجمة يوميات من حياة "جوته"، المعنونة بـــ «محادثات مع غوته»، من تأليف: «يوهان بيتر إيكرمان*»، وهي عبارة عن يوميّات كتبها "إيكرمان" عن السنوات الأخيرة من حياة شاعر ألمانيا الكبير «غوته Goethe»، وتمت ترجمتها من الألمانية للإنجليزية بواسطة «جون أوكسنفورد»، وترجمها من الإنجليزية إلى العربية: «طارق زياد شعار»، وسوف نقوم بنشرها على حلقات تباعاً هنا في الصفحة نأمل أن تحوز إعجابكم.
*«يوهان بيتر إيكرمان» Johann Peter Eckermann 1792-1854: عمل كأمين خاص لجوته في الفترة الأخيرة من حياة الأخير. وسرعان ما أصبح كتابه محادثات مع غوته، ذو شعبية تخطت الحدود الألمانية، ولعب دوراً مهما في إحياء الاهتمام والتقدير لأعمال جوته في وقت لاحق.
#محمد_أحمد_السويدي_ترجمة_محادثات_مع_غوته
, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi,,
Related Articles