محادثات مع غوته - الجزء العاشر

محادثات غوته | الجزء العاشر
---
قال غوته ، "أوه! قد تكون هذه تسلية جميلة". قلت، "إنها طريقة عظيمة للتخلص من أمراض الشتاء". قال غوته، "لكن كيف يمكنها فعلها في هذا العالم، أيمكنك الحصول على الأقواس والسهام هنا في فايمار؟ " قلت، " بالنسبة للسهام، أحضرت معي نموذجًا ، عند عودتي من رحلتي إلى برابانت في عام 1814. الرماية باستخدام الأقواس والسهام هناك أمر اعتيادي. لا توجد بلدة، مهما كانت صغيرة، ليس لديها جمعية للرماية.
يقيمون تلك الجمعية في مبانٍ عامة، مثل ملعبنا، ويتجمعون في وقت متأخر في فترة ما بعد الظهر، لقد كنت أشاهدهم بسعادة غامرة. يالهم من رجال أقوياء، ويالها من مناظر خلابة عندما يثنون القوس!
لقد عرضوا قوتهم بمهارة، وكانوا رماة ممتازين! كان يطلقون أقواسهم عمومًا من مسافة ستين أو ثمانين خطوة على علامة ورقية على جدار الطين الرطب. يطلقون سهامهم بسرعة، واحدًا تلو الأخر، ويتركون السهام تلتصق. ولم يكن من النادر أنه ومن بين الخمسة عشر سهمًا، أن تصيب خمسةُ أسهمٍ المركزَ، الذي لم يتجاوز حجمه الدولار، بينما تكون بقية السهام قريبة منه. بعد أن يفرغ الرماة من رمي السهام، يذهبون ويسحبونها من الجدار الناعم، وتستمر اللعبة من جديد. كنت حينها في غاية البهجة برياضة الرماية، واعتقدت أنه سيكون من الرائع إدخالها إلى ألمانيا، وكنت غبيًا لدرجة رأيت الأمر ممكنًا. كثيرًا ما كنت أساوم على الأقواس؛ لكن لم يكن هناك أي منها يباع بأقل من عشرين فرنكًا ، وكيف يمكن لفقير مثلي أن يدفع هذه الأموال الكثيرة؟ لذلك فقد كيفت نفسي على شراء سهم، واعتبرت أن شراءه هو أهم ما يجب أن أركز عليه؛ اشتريت واحدًا من مصنع في بروكسل مقابل فرانك واحد، وأحضرته إلى المنزل، كجائزة فوزي الوحيدة".
قال غوته، "هذا الأمر يشبهك تمامًا، لكن لا تفكر في أنه بإمكانك جعل أي شيء طبيعي وجميل شائعًا. سيتطلب ذلك وقتًا طويلاً، والكثير من العمل هو أمر ضروري على أي حال. ولكن يمكنني أن أتخيل بسهولة هذه الرياضة في برابانت، لأنها جميلة جدًا. الألعاب الترفيهية الألمانية التي نمارسها في ملاعبنا تبدو قاسية وعادية ، بالمقارنة مع الرماية".
أضفت، "إنَّ جمال الرماية ، هو أنها تعرض الجسم بشكل متناظر، وتبين القوى بنسب متساوية. هناك الذراع الأيسر ، الذي يحمل القوس، متين، قوي، وثابت؛ هناك الذراع الأيمن، الذي يشد السلسلة بالسهم، ويجب ألا يكون أقل قوة، وفي الوقت نفسه يجب تثبيت القدمين والفخذين بقوة لتشكيل أساس ثابت للجزء العلوي من الجسم.
العين موجهة دائمًا نحو الهدف ، وعضلات الرقبة كلها في توتر كامل ونشاط؛ ثم يأتي الشعور بالبهجة، عندما يسحب السهم من القوس، ويخترق العلامة المطلوبة! لا أعرف أي ممارسة بدنية يمكن مقارنتها بهذا".
أجاب غوته: "سيكون الأمر مناسبًا جدًا لمؤسساتنا الرياضية. ولا ينبغي لي أن أتساءل عما إذا كنا سنحصل على رماة ماهرين بالآلاف في ألمانيا خلال عشرين سنة. وبصفة عامة، ليس هناك الكثير للقيام به مع جيل ناضج بالكامل، فيما يخص المجهود البدني أو العقلي، أو في مسائل الذوق أو الشخصية. كن ذكيًا بالقدر الكافي لبدء الأمر داخل المدارس، وقد تنجح".
قلت "لكنَّ مدرسي الجمباز الألمان لا يتقنون استخدام الأقواس والسهام".
قال غوته، "حسنًا، يمكن جمع العديد من مجتمعات الجمباز، وربما يمكن أن يتم إحضار رامٍ ماهر من فلاندرز أو برابانت. أو قد يرسلون بعض لاعبي الجمباز الصغار إلى نادي برابانت، بحيث يمكن تدريبهم مع الرماة الجيدين، وتعلم كيفية تقويس الأقواس وصنع السهام، وقد يدخل هؤلاء الشباب إلى مؤسسات الجمباز الألمانية كمعلمين متنقلين، ويقيمون بشكل مؤقت في مكان لبعض الوقت، مرة مع أحد المجتمعات، ومرة مع مجتمع آخر.
تابع غوته، "لا اعتراض لدي على تمارين الجمباز الألمانية. على العكس، فقد كنت آسف لأنَّ الكثير من أمور السياسة تسللت إليهم، حتى إنَّ السلطات اضطرت إلى تقييد عملهم، أو حتى منعهم وإلغائهم. هذا يعني أننا قد ألقينا بالخيِّر مع السيئ، ولكن أتمنى أن يتم إحياء مؤسسات الجمباز لشبابنا الألمان الذين يحتاجون إليها، وخاصة الطلاب الذين يبذلون الكثير من الجهد الذهني والفكري دون بذل أي قوة جسمانية ضرورية، أخبرني بشيء أكثر عن قوسك وسهمك، هل حقًا أحضرت معك سهمًا من برابانت؟ أود أن أراه".
أجبت، "لقد ضاع منذ فترة طويلة، لكنني أتذكره جيدًا لدرجة أنني أنني نجحت في استبداله، وقد استبدلته بعشرات الأسهم بدلًا من واحد. ولكن لم يكن الأمر سهلًا كما توقعت، لقد بذلت العديد من المحاولات العقيمة والعديد من الإخفاقات، ولكنني تعلمت الكثير من خلال هذه الطريقة بالذات، وكان أول شيء يجب أن أحضره هو السهم؛ كان علي أن أرى أنه كان مستقيمًا، وأنني لن أشوهه في وقت قصير؛ كان خفيفًا وقويًا بما يكفي لعدم الانقسام أثناء ضرب مادة صلبة، لقد حاولت صنعه من خشب الحور، ثم الصنوبر، ثم البتولا، ولكنها كانت جميعها غير فعالة بشكل أو بأخر، بعد ذلك قمت بعمل تجارب على خشب شجرة الليمون من ساق مستقيمة نحيفة، ووجدت بالضبط ما كنت أتمناه وأسعى إليه، وكان هذا السهم خفيفًا ومستقيمًا وقويًا، الشيء التالي الذي تعين عليّ القيام به هو صنع الطرف السفلي بطرف قرن؛ ولكن سرعان ما أصبح واضحًا أنَّ القرن كله لم يكن مناسبًا لهذا الغرض ، وأنه يجب قطعه من النواة حتى لا ينقسم عند توجيهه ضد أي سطح صلب. لكن الجزء الأصعب الذي كان لا يزال يتعين القيام به هو ريش السهم. لقد أخطأت مرات عدة، وأخفقت كثيرًا، قبل أن أنجح في الوصول به إلى أي كمال!"
قال غوته، "لا يوضع الريش في السهم بل يلصق عليه، أليس كذلك؟'' قلت، "يتم لصقها عليه فعلًا، ولكن يجب القيام بذلك بقوة وبصورة جيدة بحيث تظهر كما لو كانت جزءًا من العمود، وكأنها نمت منه. يحتاج الأمر إلى التركيز على ما يمكن أن تستخدمه في اللصق. لقد وجدت أنَّ غراء السمك الذي يوضع في الماء لبضع ساعات ومن ثم تضاف إليه الكحول ويذوب إلى هلام على نار الفحم الرقيقة؛ ينتج أفضل صمغ. كذلك ليست كل أنواع الريش صالحة للاستخدام، الريش المستخرج من أجنحة جميع الطيور العظيمة جيد في الواقع ، لكنني وجدت أنَّ الريش الأحمر من أجنحة الطاووس، الريش الكبير في الديك الرومي، ولا سيما الريش القوي والرائع للنسر؛ كلها أفضل من أي شيء أخر".
قال غوته: "أسمع كل هذا باهتمام كبير. من لا يعرفك ، لن يصدق أن نواياك كانت مفعمة بالحيوية للغاية. لكن أخبرني الآن ، كيف أتيت بقوسٍ؟"
أجبت، "لقد صنعت بعضها بنفسي. ولكنني أخفقت بشكل فظيع في البداية أيضًا. استشرت صناعًا وخبراء. حاولت كل أنواع الخشب في هذا المكان، وفي النهاية وصلت إلى نتائج ممتازة.
في اختيار الأخشاب ، كان عليّ أن أهتم بأنَّ القوس يجب أن ينحني بسهولة، وأنه يجب أن ينطلق بقوة وبسرعة، وأن تدوم مرونته. لقد أجريت أول تجربة لي مع شجرة الدردار، واخترت شجرة يبلغ عمر جذعها أقل من عشر سنوات، وسمكها يماثل ذراعًا متوسطة الحجم. لكنني وصلت إلى قلب الشجرة أثناء العمل وهو الأمر الذي لم يكن جيدًا لغرضي، حيث كان الخشب حوله خشنًا جدًا.
لقد تم نصحي بأخذ ساق قوية بما فيه الكفاية وتقطيعها "Schlachten" إلى أربعة أجزاء.
سأل غوته "Schlachten - تقطيع"، "ما الذي تعنيه هذه الكلمة؟"
أجبت، "إنه مصطلح تقني يستخدمه صانعو العربات، وتماثل الكلمة كلمة spalten (قسم الشيء) ، بحيث يتم دفع الإسفين من خلال الجذع ، من نهاية إلى أخرى. الآن إذا كان الجذع ينمو بشكل مستقيم ، أعني إذا كانت الألياف ترتفع في خط مستقيم ، فإنَّ القطع التي يتم الحصول عليها عن طريق التقسيم ستكون مستقيمة وصالحة للقوس. ولكن إذا كان الجذع منحنيًا، فسيكون للقطعة اتجاه منحنٍ، ملتوٍ، وتكون غير صالحة للقوس، لأنَّ الإسفين يتبع الألياف".
"ولكن ماذا ستكون نتيجة نشر مثل هذا الجذع إلى أربعة أجزاء؟ هل يمكن الحصول على قطع مستقيمة في كل مرة".
أجبت، "ربما يحدث ذلك، إذا تم القطع خلال الجذع، لأنَّ هذا من شأنه أن يجعل الأجزاء مناسبة لاستخدامها للقوس".
قال غوته، "لقد كنت أظن أنَّ القوس الذي يتم قطع الألياف خلاله سوف ينكسر. لكن استمر أكثر؛ هذا الموضوع يثير اهتمامي".
قلت، "لذلك فقد صنعت قوسي الثاني بجزء مقسوم من شجرة دردار. لم تكن هناك ألياف مقسمة في الخلف ، كان القوس قويًا وثابتًا؛ لكنني اكتشفت أين الخطأ، فقد كان صلبًا ، بدلًا عن أن يثنى بسهولة". وأخبرني صانع العربات، "لقد أخذت قطعة من شتلات شجرة الدردار، الذي هو دائمًا خشب صلب للغاية، لكن خذ واحدة من النوع الأخر، وستجده أفضل".
في هذه المناسبة ، تعلمت أنَّ هناك فرقًا كبيرًا في أنواع شجرة الدردار، وأنه في جميع أنواع الخشب، يعتمد الكثير منها على المكان والتربة التي تنمو عليها. تعلمت أنَّ خشب إيتيرسبيرغ قليل القيمة كخشب، على العكس من ذلك، فإنَّ الخشب في حي نوهرا يمتلك قوة رائعة، وحيث أنَّ حاملات فايمار لديها ثقة كبيرة في العربات التي صنعت في نهرا. في تجاربي اللاحقة، فقد اكتشفت أن كل الخشب الذي ينمو على الجانب الشمالي يكون أقوى بسبب الانحدار، وبه ألياف أكثر من ذلك الذي ينمو على الجانب الجنوبي. هذا مفهوم.
بالنسبة للشجرة الصغيرة التي تنمو على الجانب الشمالي المظلم من الجرف، يجب أن تبحث عن الضوء والشمس من فوق؛ لأنها تتوق للشمس جدًا فإنها تكافح باستمرار لترتفع إلى أعلى، وتنشأ الألياف في اتجاه عمودي. إلى جانب ذلك لأنَّ المكان مظلل فهو مؤاتٍ أكثر لتشكيل ألياف أرقى، ويظهر ذلك بشكل لافت للنظر في تلك الأشجار التي تنمو في مثل هذه الظروف، بحيث يتعرض جانبها الجنوبي باستمرار لأشعة الشمس، بينما يكون جانبها الشمالي دائمًا في الظل . إذا ظهر مثل هذا الجذع أمامنا، يجب أن نلاحظ أنَّ نقطة القلب لن تكون بأي حال من الأحوال في الوسط، ولكن في الغالب في جانب واحد. وتنبع هذه اللامركزية للقلب من الظروف التي أصبح عليها الجانب الجنوبي، ومن خلال التأثير المستمر للشمس الذي أصبح أكثر قوة، وبالتالي فهي أوسع من تلك الموجودة على الجانب الشمالي المظلم. ومن ثم فإنَّ صناع الخزانات وكارتريهات السفر، عندما يحتاجون إلى خشب قوي، يختارون الأفضلية في الجانب الشمالي الأكثر تطورًا من الجذع ، الذي يسمونه الجانب الشتوي، والذي يثقون فيه بشكل كبير".
قال غوته، "يمكنك أن تتخيل ، إنَّ ملاحظاتك مثيرة للاهتمام للغاية بالنسبة لي، فقد استغرقت نصف حياتي وأنا أشغل نفسي بطريقة نمو النباتات والأشجار. ولكن استمر في رواية قصتك. من المحتمل أنك صنعت آنذاك قوسًا من خشب دردار قاسٍ؟
أجبت، "نعم لقد فعلت ذلك، أخذت قطعة منقسمة بشكل جيد من الجانب الشتوي، وجدت فيها أليافًا رفيعة بشكل محتمل. كان القوس أيضًا سهل الثني ومرنًا جدًا. ولكن بعد استخدامه بضعة أشهر، ظهر انحناء كبير جدًا، وكان من الواضح أنَّ المرونة لن تستمر.
"بعد ذلك قمت بتجربة على جذع شجر البلوط ، كان خشبًا جيدًا جدًا. لكن سرعان ما وجدت نفس الخطأ فيه. ثم جربت ساق شجرة الجوز، التي كانت أفضل؛ وأخيرًا جذر القيقب ذي الأوراق الناعمة - ماشهولدر، كما يطلق عليه، وهو الأفضل، والذي حقق كل شيء أرغب فيه".
رد غوته، "أنا أعرف هذا النوع من الخشب، غالبًا ما يزرع في الوشيع. أستطيع أن أتخيل أنه جيد. لكني نادرًا ما وجدت جذعًا شابًا بدون عقدة؛ ولصنع قوس، ألا تحتاج إلى خشب خال تمامًا منهم؟"
أجبت، "لا تخلو الساق النامية في الواقع من عقدة؛ ولكن عندما ينتظرها المرء لتصير شجرة، تنزع العقدة، أو إذا كانت تنمو في غابة، فإنها تختفي في الوقت المناسب. الآن، إذا كان الجذع يبلغ قطره حوالي اثنين أو ثلاث بوصات، عند إزالة العقدة، وإذا سمح له بالزيادة سنويًا، ولتشكيل خشب جديد من الخارج، عند انقضاء خمسين أو ثمانين سنة، سوف تكون العقد الداخلية مغلفة بحوالي ست بوصات من الخشب الخالي من العقد. مثل هذا الجذع سيظهر مظهرًا خارجيًا سلسًا جدًا؛ لكن لا يمكن للمرء معرفة العيوب الموجودة فيه. لذلك، يجب علينا، في جميع الأحوال، أن نكون حذرين مع لوح منشور من مثل هذا الجذع، و علينا الإبقاء على الجزء الخارجي ونقطع بضع بوصات من تلك القطعة التي تقع مباشرة تحت اللحاء، أي الجبيرة وما يلي ذلك، لأنَّ هذا هو دائمًا أصغر الأخشاب وأصعبها، والأكثر ملاءمة للقوس".
قال غوته، "اعتقدت أنَّ خشب القوس لا ينبغي أن يُنشر، بل يجب أن يقسم، أو كما سميته Geschlachet".
أجبت، "بالتأكيد ، عندما يكون تقسيمه أمرًا ممكنًا. أشجار الدردار، البلوط والجوز يمكن أن تقسم، لأنها غابات من الألياف الخشنة. ولكن ليس جذر القيقب، لأنه خشب من ألياف متشابكة دقيقة، بحيث لن ينقسم وفقًا لمسار الألياف، بل ينقسم تمامًا ضد بذوره الطبيعية. لذا يجب تقسيم خشب جذر القيقب بالمنشار، وذلك دون تعريض قوة القوس للخطر".
قال غوته "همف! همف! لقد اكتسبت معرفة كبيرة من خلال هوسك الخاص. هذا النوع من المعرفة الحيوية هو الذي يتم تحقيقه فقط بطريقة عملية. ولكن هذه هي ميزة الشغوف الذي يسعى، لأنه يحملنا إلى الجذر العميق للموضوع.
بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ البحث عن الأخطاء والتخبط أمران جيدان، لأننا نتعلم من خلال الأخطاء والتخبط. وبالفعل، لا يتعلم المرء الشيء نفسه فحسب، بل يتعلم كل شيء متصلٍ به. ما الذي كنت سأعرفه عن النباتات والألوان إذا أعطيت لي نظريتي جاهزة الصنع، وعرفتها عن ظهر قلب؟ لكن من الحالة ذاتها، اضطررت إلى البحث عن كل شيء لنفسي والعثور عليه، وأحيانًا ارتكاب الأخطاء، أستطيع أن أقول إنني أعرف شيئًا عن هذين الموضوعين، وأكثر من مجرد النظر إلى الورق. لكن أخبرني أكثر عن قوسك. لقد رأيت بعض الأقواس الاسكتلندية، والتي كانت مستقيمة تمامًا، وغيرها والتي كانت منحنية. برأيك أيها الأفضل؟ "
أجبت، "أظن أنَّ المرونة أكبر بكثير عندما تنحني أطراف القوس إلى الوراء. في البداية جعلتها مستقيمة، لأنني لم أفهم كيف أثني النهايات. لكن عندما تعلمت كيف أفعل ذلك، ثنيت النهايات، ووجدت أنَّ القوس ليس له مظهر أكثر جمالًا فحسب، بل أنه اكتسب المزيد من القوة أيضًا".
قال غوته، "تشكلت المنحنيات بالحرارة، أليس كذلك؟"
أجبت، "نعم ، بالحرارة الرطبة. عندما ينتهي العمل على القوس ويتم توزيع المرونة بشكل متساوٍ ولا يعود هناك موقع أقوى أو أضعف مما ينبغي أن يكون، أضع أحد طرفي القوس في الماء المغلي، حوالي ست أو ثماني بوصات من الماء، وأدعها تغلي لمدة ساعة تقريبًا، ثم أرقق النهاية الناعمة، بينما تكون ساخنة، بين كتلتين صغيرتين، السطح الداخلي الذي له شكل المنحنى الذي أود أن أعطيه لقوسي. وهو مضغوط هكذا أتركه على الأقل ليوم وليلة حتى يكون جافًا تمامًا، ثم أتابع العمل مع الطرف الآخر بنفس الطريقة".
قال غوته ضاحكًا بغموض، "ما رأيك؟ أعتقد أنَّ لدي شيئًا لأجلك، والذي لن ترفضه. لنفترض أننا نزلنا للأسفل معًا، وأعطيتك قوس باشكير ذا انحناء أصلي بين يديك". هتفت بحماس وحيوية "قوس باشكير! و أصلي؟"
وقال غوته، "نعم، أيها الصديق المجنون، قوس باشكير أصلي".
"هيا بنا". ذهبنا إلى الحديقة، فتح غوته باب الغرفة في المنزل الخارجي الصغير، كانت الطاولات والجدران مكدسة بكنوز وأشياء لا حصر لها تثير الفضول.
ألقيت نظرة عابرة فقط على هذه الكنوز؛ ووقعت عيني على القوس. قال غوته بينما يأخذه من الزاوية، من بين كل أنواع الأدوات الغريبة، '' ها هو"، وأرى أنه في نفس الحالة التي كان عليها عندما قدم لي في عام 1814 من قبل رئيس باشتشر، "ماذا تقول الآن؟"
لقد سررت بحمل السلاح الثمين في يدي. يبدو أنه لم يصب بأذى فقد بدا صالحًا تمامًا. أخذت أديره في يدي ووجدت أنه لا يزال مطاطًا بشكل محتمل.
قلت، "إنه قوس جيد، شكله مميز للغاية، وبالنسبة للمستقبل سيخدمني كنموذج".
"ما هو الخشب الذي صنع منه في اعتقادك؟"
أجبت، "كما ترى فهو مغطى بلحاء البتولا، جزء قليل جدًا من الخشب مرئي، والنهايات المنحنية وحدها تبقى مكشوفة. ولأنَّ لونها يتغير مع الوقت، فلا يمكن للمرء أن يميز ما هو الخشب. من النظرة الأولى، يبدو مثل شجر البلوط، وفي الثانية مثل شجرة الجوز.
أعتقد أنها شجرة جوز، أو خشب يشبهها. ولكنها ليست من القيقب أو الماشهولدر. إنه خشب من الألياف الخشنة. إلى جانب ذلك، ألاحظ علامات على أنه قد تم تقسيمه '' geschlachtet ''.
قال غوته "افترض أنك كنت لتجربه الآن، ولديك سهم هنا. ولكن كن حذرًا مع الطرف الحديدي، قد يكون مسمومًا"، ذهبنا مرة أخرى إلى الحديقة، ولويت القوس. قال غوته "الآن ، أين ستطلقه؟"
قلت، "اعتقد أنني سوف أطلقه نحو الهواء في البداية" قال غوته، "اذهب ، إذن "،. صوبت السهم نحو الغيوم المشمسة في السماء الزرقاء. انطلق السهم جيدًا، ثم دار، واتجه نحو الأسفل، وانغرس في الأرض. قال غوته "الآن دعني أحاول". كان من دواعي سروري أنه هو أيضًا سوف يجرب التصويب. أعطيته القوس، وجلبت السهم.
وضع غوته شق السهم على الخيط، وأمسك بالقوس جيدًا، لكنه احتاج بعض الوقت حتى يتمكن من إدارته بشكل صحيح. صوب نحو الأعلى، وشد الخيط. كان يقف هناك مثل أبولو، بروح شابة متحمسة، على الرغم من ذلك لم يصل السهم إلا إلى ارتفاع معتدل جدًا، ثم سقط على الأرض. ركضت وجلبت السهم. قال غوته: "مرة أخرى، كان يتوجه الآن على طول طريق الحصى في الحديقة، دعم السهم نفسه بنحو ثلاثين خطوة بشكل جيد، ثم سقط، وعلق على الأرض.
لقد أسعدني غوته بشكل لا يصدق، باستعماله القوس والسهم. فكرت في الآبيات الشعرية التالية:-
"هل ستجعلني الشيخوخة أترنح؟ هل أنا طفل مرة أخرى؟" أحضرت له السهم. توسلني أن أطلق السهم مرة واحدة في اتجاه أفقي ، وطلب مني أن أوجهه نحو بقعة في مصراع النوافذ في غرفة عمله. أطلقت السهم. لم يكن السهم بعيدًا عن العلامة؛ ولكنه توغل في الخشب اللين لدرجة أنني لم أتمكن من إخراجه مرة أخرى. قال غوته: "فلتدعه هناك، سوف يخدمني في تذكر رياضتنا".
مشينا في الحديقة، مستمتعين بالطقس الجيد ثم جلسنا على مقعد وظهورنا قبالة الأوراق الشابة للوشيع السميك. تحدثنا عن قوس عوليس، عن أبطال هوميروس، ثم عن الشعراء اليونانيين التراجيديين، وأخيرًا حول الرأي المنتشر على نطاق واسع أنَّ يوربيدس تسبب في تراجع الدراما اليونانية. لم يوافق غوته بأي حال من الأحوال على هذا الرأي.
قال، " أنا أعارض وجهة النظر التي تقول إنَّ أيَّ رجلٍ واحدٍ يمكن أن يتسبب في تراجع الفن تمامًا.
لم يتسبب يوربيديس بتراجع الفن اليوناني التراجيدي أكثر مما تسبب به النحت الذي قام به أي نحات عظيم عاش في زمن فيديا وكان أقل شأنًا منه. فعندما تكون حقبة عظيمة، فإنها تستمر على طريق التحسن، ويكون الإنتاج الأدنى دون نتائج. ولكن يالها من حقبة عظيمة تلك التي كانت عصر يوربيديس! لقد كانت وقت الذوق التقدمي وليس الرجعي. لم يصل النحت لقمته حينها، وكان فن الرسم لا زال في مهده.
"إذا كانت مقاطع من يوربيديس بالمقارنة مع مقاطع من سوفوكليس بها سقطات عظمية، فليس من الضروري أن يحاكي الشعراء الناجحون هذه الأخطاء، وأن يدللوا عليها. ولكن إذا كانت لديهم مزايا كبيرة ، وكان بعضهم يفضل مسرحيات سوفوكليس، لماذا لم ينجح الشعراء في تقليد مزاياهم؛ ولماذا لم يصبحوا عظماء على الأقل بنفس القدر الذي يتمتع به يوربيديس نفسه؟ "
"ولكن إذا لم يظهر بعد الشعراء التراجيديين الثلاثة المشهورين أيُّ رابع أو خامس أو سادس مماثل لهم في العظمة، - فهذه مسألة يصعب تفسيرها بكل تأكيد؛ ومع ذلك، قد تكون لدينا تخميناتنا الخاصة، وقد نقترب من الحقيقة إلى حد ما.
"إنَّ الإنسان كائن بسيط. ومع إنه غني ومتنوع ولا يسبر غوره، فإنَّ دورة أحواله سرعان ما تنتهي". إذا حدثت الظروف نفسها، كما حدث معنا نحن الألمان المساكين، والذين كتب لهم ليسنغ كتابين أو ثلاثة، وأنا نفسي ثلاثة أو أربعة، وشيللر خمس أو ست مسرحيات يمكن عرضها، فقد يكون هناك بسهولة مكان لشاعر تراجيدي رابع، خامس، وسادس.
"لكن مع الإغريق ووفرة إنتاجهم، - فكل واحد من الشعراء الثلاثة الكبار قد كتب مائة، أو ما يقرب من مائة قطعة، والموضوعات المأساوية لهومر ، والتقاليد البطولية، التي كتب بعضهم عنها ثلاث أو أربع مرات، - مع مثل هذه الوفرة من الأعمال الموجودة، يمكن للمرء أن يتخيل أنه قد تم استنفاذ الموضوعات، وأنَّ أي شاعر سيتبع الثلاثة الكبار ، سيحتار في كيفية المضي قدمًا.
"وفي الواقع، لأي غرض ينبغي أن يكتب؟ أليس هناك ما يكفي لفترة من الزمن؟ وألم تكن إنتاجات كــ schhole و سوفوكليس و يوربيديس، من ذلك النوع ومن ذلك العمق وربما سيتم سماعها مراراً وتكراراً دون أن تحترم أو توضع على ذلك الجانب؟ حتى الشذرات النبيلة القليلة التي وصلتنا كانت شاملة ومؤثرة للغاية، لدرجة أننا نحن الأوروبيين المساكين قد انشغلنا بها لقرون عديدة، وسنستمر في العثور على المغذيات والعمل داخلها لقرون لاحقة".
الخميس ١٢ مايو ١٨٢٥.
تحدث غوته بحماسة كبير عن ميناندر. "لا أعرف أي أحد بعد سوفوكليس، لكنني أحبه جداً. لأنه نقي تمامًا، نبيل، عظيم، ومبهج، وكياسته صعبة المنال. ومن المؤكد أنني أشعر بالأسف لأننا لم نتحصل سوى على القليل جدًا منه، ولكن هذا القليل لا يقدر بثمن، ومفيد للغاية للرجال الموهوبين.
"النقطة العظيمة هي أنَّ ذاك الذي نتعلم منه يجب أن يكون متجانسًا مع طبيعتنا. الآن ، كالديرون، على سبيل المثال، وبكل عظمته، وعلى الرغم من اعجابي به، لم يترك أي تأثير عليّ سواء كان جيدًا أو سيئًا ولكنه كان سيشكل خطورة على شيللر - كان سيؤدي إلى ضلاله ؛ ومن ثم فمن حسن الحظ أنَّ كالديرون لم يكن معروفًا بشكل عام في ألمانيا حتى بعد وفاة شيللر، حيث إنَّ كالديرون عظيم جدًا في ما يتعلق بالتقنية والشكل المسرحي ؛ كان شيللر حيويًا وجادًا أكثر، وعازمًا في مقاصده ، ولكان من المؤسف أن يفقد أيًا من هذه الفضائل ، دون أن يحقق بأي حال عظمة كالديرون في نواحٍ أخرى ".
تحدثنا عن موليير. قال غوته: "إن موليير ، عظيم جدًا ، وقد يندهش المرء من جديد في كل مرة يقرأه. إنه رجل فرداني - نصوصه تتقاطع مع المأساة؛ وتتخذ شكلًا عصابيًا؛ ولا أحد يمتلك الشجاعة لتقليدها. عمله "البخيل"، حيث تدمر الرذيلة كل التقوى الطبيعية بين الأب والابن، عظيم بشكل خاص، وبه إحساس عالٍ بالتراجيديا، ولكن عندما يتغير الابن، في إعادة صياغة ألمانية، إلى علاقة، يضعف الأمر كله، ويفقد فرادته. لقد خافوا من إظهار الرذيلة في طبيعتها الحقيقية، كما فعل؛ ولكن ما هو التراجيدي هناك، أو في أي مكان آخر، باستثناء ما هو غير مقبول؟
"أقرأ بعض القطع لموليير في كل عام، مثلما أتذكر من وقت لآخر النقوش التي تمثل السادة الإيطاليين الكبار. لأننا نحن الرجال الصغار لا نستطيع الاحتفاظ بعظمة مثل هذه الأشياء داخل أنفسنا؛ لذا يجب علينا العودة إليها من وقت لآخر، وتجديد انطباعاتنا.
"الناس يتحدثون دائما عن الأصالة ولكن ماذا تعني؟ بمجرد ولادتنا، يبدأ العالم في العمل علينا، وهذا يستمر حتى النهاية. وبعدّ، ما الذي يمكن أن نسميه فردانيتنا عدا الطاقة والقوة والإرادة؟ إذا كان بإمكاني تقديم حساب لكل ما أدين به إلى أسلاف ومعاصرين عظماء، فلن يكون هناك سوى رصيد صغير لصالحي.
"ومع ذلك، فإنَّ وقت الحياة التي نتعرض فيها لتأثير شخصي جديد ومهم هو مسألة اختلاف على أي حال. كان ليسينغ، وينكلمان، وكانط أكبر سنًا مني، وبينما أثر عليّ الاثنان الأولان في شبابي ، أثر عليَّ الأخير في سن متقدمة - كان هذا الظرف مهمًا جدًا بالنسبة لي، ومرة أخرى، كان شيللر أصغر سنًا مني بكثير، وانخرط في أحدث مساعيه، تمامًا بينما بدأت أشعر بالضجر من العالم، أيضًا، كما بدأ الأخوان فون هومبولدت وشليغل مسيرتهما تحت عيني، كان لذلك أهمية قصوى، واستمددت منه منافع لا توصف.
بعد هذه الملاحظات التي تحترم النفوذ الذي كان يتمتع به الأشخاص المهمون، تحول الحوار حول التأثير الذي مارسه على الآخرين؛ وقد ذكرتُ بيغر، الذي بدت لي قضيته إشكالية، حيث لم يظهر اتجاهه الطبيعي البحت أي أثر للتأثير من جانب غوته.
قال غوته، "كان لبيغر موهبة عظيمة بالنسبة لي، لكن كانت لشجرة ثقافته الأخلاقية جذور في تربة مختلفة تمامًا، واتخذت اتجاهًا مختلفًا تمامًا. لكن كل رجل يبدأ مثله، في الخط التصاعدي لثقافته: رجل في عامه الثلاثين، استطاع كتابة قصيدة مثل "Frau Schnips" من الواضح أنه اتخذ مسارًا مختلفًا قليلاً عني. فقد فاز لنفسه من خلال مواهبه الرائعة حقًا بجمهور راضٍ تمامًا؛ وليس لديه حاجة ليقلق نفسه بمعاصر لم يؤثر عليه على الإطلاق.
"في كل مكان، نتعلم فقط من أولئك الذين نحبهم. هناك تصرفات مواتية تجاهي من قبل المواهب الشابة التي نشأت الآن، لكني نادراً ما أجدها بين معاصري. لا أستطيع بالكاد ذكر اسم رجل واحد كان راضيًا تمامًا عني، وحتى مع عملي "فيرتر"، وجد الناس الكثير من العيوب بحيث لو أنني محوت كل المقاطع التي تعرضت للرقابة، فبالكاد يمكن ترك سطر من الكتاب بأكمله. لا ضرر، لأنَّ هذه الأحكام الشخصية للأفراد، مهما كانت مهمة، قد تم تصحيحها على الأقل من قبل الجماهير. ومن لا يتوقع أن يحصل على مليون من القراء يجب أن لا يكتب سطرًا.
على مدى عشرين عامًا، كان الجمهور متنازعًا حول فكرة من هو الأعظم، شيلر أو أنا ؛ ومن الجيد أنَّ هناك بعض الزملاء الذين بالإمكان مناقشتهم حول الأمر
الاثنين 5 يونيو ، 1825.
قال لي غوته إنَّ بريلير كان معه، وقد أخذ إجازة لأنه سيقضي عدة سنوات في إيطاليا.
قال غوته، "ككلمة فاصلة فقد نصحته ألا يسمح لنفسه بأن يتشتت، بل أن يحصر نفسه بشكل خاص في بوسين وكلود لورين، وقبل كل شيء، دراسة أعمال هذين الرجلين العظيمين، لأنه من خلالها قد يرى بوضوح كيف نظرا إلى الطبيعة، واستخدماها للتعبير عن آرائهما ومشاعرهما الفنية.
"بريلير موهبة مهمة ولا أخاف عليه. يبدو لي، إلى جانب ذلك، شخصية جادة جداً. أنا على يقين من أنه سيميل إلى بوسين بدلاً من كلود لورين، لكنني أوصيته بشكل خاص لدراسة هذا الأخير والسبب هو أنَّ تنمية الفنان تماثل تنمية كل المواهب الأخرى. نقاطنا القوية، إلى حد ما، تطور نفسها؛ ولكن جراثيم طبيعتنا التي ليست ممارسة يومية، وبالتالي أقل قوة، تحتاج إلى رعاية خاصة، لكي تصبح قوية بالمثل.
"لذلك قد يكون لمطرب شاب، كما قلت مراراً وتكراراً، طبقات طبيعية معينة ممتازة جداً، والتي تحقق أي شيء تريده؛ في حين قد تكون طبقات أخرى في صوته أقل قوة ووضوحًا وكمالًا. ولذلك يجب عليه من خلال التمرين المستمر السعي لمساواتها مع الطبقات الأخرى.
"أنا متأكد من أنَّ بريلير سينجح يوماً ما بشكل مثير للإعجاب في الأنماط، الأشياء الضخمة، وربما أيضاً الجامحة. وسواء كان سعيداً بنفس القدر بالأشياء البهيجة والرشيقة والجميلة، فهذا سؤالٌ آخر؛ وبالتالي فقد أوصيته بشكل خاص بكلود لورين لكي يتمكن من خلال الدراسة من اكتساب ما لا يكمن في الميل الفعلي لطبيعته.
"هناك شيء أخر لفتُّ انتباهه إليه. لقد شاهدت العديد من دراساته حول الطبيعة: كانت ممتازة، وأعدت بحيوية وطاقة كبيرين؛ لكنها كانت جميعها مواضيع منعزلة، والتي يمكن أن يصنع منها القليل فقط عندما يبدأ المرء في اكتشاف ذاته. وقد نصحته بأن لا يحدد موضوعًا معزولًا في المستقبل، مثل الأشجار الفردية، أو أكوام الحجارة الأحادية، أو الأكواخ المفردة، وأن يضيف دائمًا خلفية وبعض الأشياء المحيطة.
"وللأسباب التالية. في الطبيعة، لا نرى أي شيء معزول، بل كل شيء متعلق بشيء آخر موجود أمامه، إلى جانبه، تحته، فوقه. وأنا متأكد من أنَّ شيئًا واحدًا قد نعتبره فاتنًا بشكل خاص، غير أنه ليس الشيء وحده الذي ينتج هذا التأثير ، بل هو الرابط الذي نراه فيه، مع ما هو بجانبه، خلفه، وفوقه، وكل ذلك يساهم في هذا التأثير.
"في أثناء المشي قد أرى شجرة بلوط، ذلك التأثير الفاتن هو ما يفاجئني. لكن إذا مثلتها وحدها، فربما لن تظهر لي كما كانت، لأنَّ ذلك التمثيل هو الذي ساهم في تعزيز التأثير الفاتن في الطبيعة.
وهكذا، فإنَّ الخشب قد يبدو جميلاً من خلال تأثير سماء واحدة بعينها، وضوء واحد خاص، ووضع واحد بعينه من الشمس. ولكن إذا حذفت كل ذلك من خيالي، فربما سيظهر بدون أي قوة ، وكشيء غير مصحوب بالسحر المناسب.
"علاوة على ذلك، لا يوجد في الطبيعة شيء جميل لا يتم إنتاجه (بمحفز) بما يتوافق مع قوانين الطبيعة. لكي تظهر حقيقة الطبيعة هذه أيضًا في الصورة، يجب أن يتم حسابها من خلال إدخال الظروف المؤثرة.
"أجد حجارة متكونة بشكل جيد بجانب غدير، وأجزاء منها معرّضة للهواء ومغطاة بالطحلب الأخضر بطريقة خلابة. ليست رطوبة المياه فقط هي ما تسببت في تكوين الطحلب الأخضر ؛ ربما يكون تأثير الجانب الشمالي، أو ظل الأشجار والشجيرات قد تعاونوا في هذا التشكيل على هذا الجزء من الغدير، وإذا حذفت هذه الأسباب المؤثرة في صورتي، فستصبح دون الحقيقة، ودون القوة المقنعة الصحيحة.
"وبالتالي، فإنَّ وضع الشجرة، ونوع التربة التي تحتها، والأشجار الأخرى خلفها وبجانبها، له تأثير كبير على تكوينها. فالبلوط الذي يقف معرضًا للرياح على القمة الغربية لتلة صخرية، سيكتسب شكلًا مختلفًا تمامًا عن البلوط الذي ينمو تحت الأرض الرطبة في الوادي المحمي. قد يكون كلاهما جميلاً في نوعه، ولكن سيكون لهما طابع مختلف تمامًا، ويمكنهما بالتالي، في منظر طبيعي فني، أن يمثلا فقط في الحالة التي يشغلونها في الطبيعة. وبالتالي، فإنَّ تحديد الأجسام المحيطة ، والتي يتم التعبير عنها خلال موقف معين ذات أهمية كبيرة للفنان، ومن ناحية أخرى، سيكون من الغباء محاولة تمثيل كل تلك الأخطاء الرهيبة التي لها تأثير ضئيل على شكل الأشياء الرئيسية، مثل تأثيرها الخلاب في الوقت الحالي.
"لقد نقلت مضمون كل هذه التلميحات الصغيرة إلى بريلير، وأنا متأكد من أنها سوف تترسخ وتزدهر فيه - لأنه ولد كعبقري".
السبت 11 يونيو 1825.
تحدث غوته اليوم على العشاء كثيراً حول كتاب الميجور باري عن اللورد بايرون. أثنى على الكتاب كثيرًا، ولاحظ أنَّ اللورد بايرون بدا في هذا الكتاب كشخصية أكثر اكتمالاً، وأكثر وضوحاً لنفسه وآرائه، أكثر من أي شيء آخر مكتوب عنه.
واصل غوته، "لا بد أنَّ ميجور باري رجل رفيع، رجل نبيل، وقادر تمامًا على وصف صديقه. أسعدني أحد المقاطع في كتابه عن بلوتارخ بشكل خاص؛ "إنَّ اللورد النبيل كان معدمًا من كل تلك الفضائل التي تتحلى بها الطبقة البرجوازية، والتي كان محرومًا من امتلاكها خلال فترة ميلاده وتعليمه وطريقة حياته. الآن كل قضاته المعارضين هم من الطبقة الوسطى، وهذا يضايقه بشدة، لأنهم ينهون عنه ما يبررونه لأنفسهم. الناس الطيبون لا يفهمون أنه وبسبب مكانته العالية يمتلك فضائل والتي لا يمكنهم تصورها". قال غوته، "هل أعجبك ذلك؟ لا نسمع شيئًا جيدًا كهذا كل يوم".
قلت، "أنا مسرور لأسمع بشكل علني رأيًا لا بد أنَّ كل الرقباء والمنتقصين الأشرار من رجل أعلى منهم قد أهملوه وألقوا به بعيدًا".
ثم تحدثنا عن مواضيع التاريخ العالمي فيما يتعلق بالشعر، وإلى أي مدى قد يكون تاريخ أمة واحدة أكثر ملاءمة للشاعر من تاريخ أمة أخرى.
قال غوته: "يجب على الشاعر أن يمتلك شخصية خاصة، وإذا كان هناك أي شيء سليم فيه، فإنه يمثل" العالمي "إنَّ تاريخ اللغة الإنجليزية ممتاز للشعر، لأنه شيء أصيل، وصحي، وبالتالي عالمي. بينما التاريخ الفرنسي، على العكس، ليس للشعر، لأنه يمثل حقبة لا يمكن أن تأتي مرة أخرى. الأدب الفرنسي، وبقدر ما تم إيجاده من تلك الحقبة، يقف كشيء دون فائدة معينة، والذي لا بد سيشيخ مع مرور الوقت.
قال غوته، "لا يمكن الحكم على حقبة العصر الأدبي الفرنسي الحالي. التأثير الألماني يتسبب في اختمار كبير هناك، وربما لن نعرف على مدى عشرين عامًا ما ستكون النتيجة".
ثم تحدثنا عن الكُتَّاب الجماليين الذين يعملون للتعبير عن طبيعة الشعر والشاعر في تعريفات مجردة، دون التوصل إلى أي نتيجة واضحة.
قال غوته، "ما الحاجة إلى تعريف كبير؟ الشعور بالحيوية من المواقف، والقوة للتعبير عنها، تصنع الشاعر".
الأربعاء ١٥ أكتوبر ١٨٢٥.
لقد وجدت غوته في مزاج عالٍ جداً هذا المساء، وكان من دواعي سروري أن أسمع منه الكثير من الملاحظات الهامة. تحدثنا عن حالة أحدث الأدبيات، عندما قال غوته التالي: "إنَّ قصور الشخصية في المحققين الأفراد والكتاب هو مصدر كل شرور أحدث أدبياتنا.
"هذا الخلل يسبب الأذى للعالم على وجه الخصوص، لأنه ينشر الكذب بدلًا عن الحقيقة، أو يشغلنا بحقيقة هزيلة تحرمنا من شيء عظيم، من شأنه أن يكون أفضل.
"حتى وقت قريب آمن العالم بشجاعة لوكريشا، - موتشوس سكايفولا، وأجهد نفسه ليتحمس ويُلَهَم من خلال هذا الاعتقاد. ولكن الآن يأتي نقدك التاريخي، ويقول إنَّ هؤلاء الأشخاص لم يعيشوا أبدًا ، ويجب اعتبارهم أساطير وحكايات خلقها عقل الرومان العظيم. ماذا سنفعل بحقيقة مثيرة للشفقة؟ إذا كان الرومان عظماء بما يكفي لاختراع مثل هذه القصص، فيجب أن نكون على الأقل قادرين على تصديقهم.
"في الآونة الأخيرة ، كنت دائمًا مسرورًا بحقيقة عظيمة من القرن الثالث عشر، عندما كان الإمبراطور فريدريك الثاني يتعارض مع البابا وكان شمال ألمانيا مفتوحًا لكل أنواع الهجمات العدائية. توغلت جحافل آسيوية في الواقع حتى سيليسيا، وعندما أرعبهم دوق ليغنتس بهزيمة واحدة كبيرة. تحولوا إلى مورافيا، ولكنهم هُزموا هناك من الكونت ستيرنبرغ. كان هؤلاء الرجال البواسل يعيشون في قلبي كمنقذين عظماء للأمة الألمانية.
ولكن الآن تأتي الانتقادات التاريخية، وتقول إنَّ هؤلاء الأبطال قد ضحوا بأنفسهم بلا جدوى، لأنَّ الجيش الآسيوي كان قد تم استدعاؤه لبلاده بالفعل، وكانوا سيعودون من تلقاء أنفسهم. وبالتالي، هناك حقيقة قومية كبيرة شلت ودمرت ، وبدا لي هذا الأمر بغيضًا للغاية ".
بعد هذه الملاحظات على النقاد التاريخيين، تحدث غوته عن طبقة أخرى من الباحثين والأدباء.
وقال، "لم أكن لأعرف أبدًا كم الرجال التافهين، أو مدى قلة اهتمامهم بالأهداف العالية جدًا، إذا لم أختبرهم من خلال أبحاثي العلمية. وهكذا رأيت أنَّ معظم الرجال لا يهتمون بالعلوم إلا بقدر ما يحصلون على لقمة العيش بها ، وأنهم يعبدون الخطأ عندما يوفر لهم الكفاف.
"في الأدب أيضًا الحروف ليست أفضل. ففيه أيضاً الأهداف العالية والحب الأصيل للحقيقة والعمق، ولانتشارهم، ظواهر نادرة جداً. رجل يعتز ويتسامح مع شخص آخر، لأنه يعامله بالمثل. العظمة الحقيقية مكروهة بالنسبة لهم؛ سيحاولون إخراجها من العالم، بحيث لا تكون ذات أهمية.
الموهبة العظيمة والتعلم العالمي قد يفعل الكثير لبلاده. لكن رغبته في شخصية تحرم العالم من مثل هذه النتائج العظيمة ، وتحرمه من تقدير البلاد.
"نريد رجلاً مثل ليسينغ. لقد كان عظيماً في شخصيته كما في حزمه؟ هناك العديد من الرجال الأذكياء والمثقفين، ولكنهم لا يملكون هذه الشخصية؟
كثيرون يملكون الروح والمعرفة ، لكنهم أيضًا مليئون بالغرور؛ ورغم أنهم ربما يبدون وكأنهم مليئون بكثير من الفطنة أمام الجمهور قصير النظر، إلا أنه ليس لديهم خجل أو حساسية - لا شيء مقدس لهم.
"لذلك كانت مدام دي غنليس على حق تمامًا عندما رفضت تحرر وألفاظ" فولتير. لأنه وبالنسبة للرجال المماثلين ورغم فطنتهم، لم يستمد العالم أي ربح منهم ؛ لأنهم وضعوا أساسًا للاشيء. لقد كانوا أشد الإصابات خطورة، لأنهم أربكوا الرجال، وسلبوهم دعمهم الضروري.
"وبعدّ، ما الذي نعرفه، وإلى أي مدى يمكن أن نتقدم مع كل فطنتنا"؟
"لا يولد الإنسان لحل مشاكل الكون، ولكن لمعرفة أين تبدأ المشكلة، ومن ثم يكبح نفسه في حدود المفهوم.
"لأنَّ كلياته ليست كافية لقياس أعمال الكون؛ ومحاولة تفسير العالم الخارجي من خلال المنطق، بوجهة نظره الضيقة، هو محاولة باطلة. لأنَّ منطق الرجل ومنطق الإله هما شيئان مختلفان جدًا".
"إذا منحنا الحرية للإنسان، فهناك نهاية لمعرفيّة الرب؛ لأنه إذا كان الإله يعرف كيف سأتصرف، يجب أن أتصرف بهذا القدر. أعطي هذا فقط كعلامة على قلة ما نعرفه، ولإظهار أنه ليس من الجيد التدخل في الألغاز الإلهية.
"علاوة على ذلك، يجب علينا فقط أن ننطق بثوابت أعلى بقدر ما يمكن أن تفيد العالم. أما الباقي فيجب أن نحفظه داخل أنفسنا، لأنه سينشر على أفعالنا بريقًا مثل أشعة الشمس الخفية".
================
محادثات مع غوته
تأليف: يوهان بيتر إيكرمان
ترجمة من الألمانية للإنجليزية: جون اوكسنفورد
ترجمة من الإنجليزية: سماح جعفر
تقوم «القرية الإلكترونية» بتكليف من الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي، بترجمة يوميات من حياة "جوته"، المعنونة بـــ «محادثات مع غوته»، من تأليف: «يوهان بيتر إيكرمان*»، وهي عبارة عن يوميّات كتبها "إيكرمان" عن السنوات الأخيرة من حياة شاعر ألمانيا الكبير «غوته Goethe»، وتمت ترجمتها من الألمانية للإنجليزية بواسطة «جون أوكسنفورد»، وترجمها من الإنجليزية إلى العربية: «طارق زياد شعار»، وسوف نقوم بنشرها على حلقات تباعاً هنا في الصفحة نأمل أن تحوز إعجابكم.
*«يوهان بيتر إيكرمان» Johann Peter Eckermann 1792-1854: عمل كأمين خاص لجوته في الفترة الأخيرة من حياة الأخير. وسرعان ما أصبح كتابه محادثات مع غوته، ذو شعبية تخطت الحدود الألمانية، ولعب دوراً مهما في إحياء الاهتمام والتقدير لأعمال جوته في وقت لاحق.
#محمد_أحمد_السويدي_ترجمة_محادثات_مع_جوته
محادثات غوته | الجزء العاشر
---
قال غوته ، "أوه! قد تكون هذه تسلية جميلة". قلت، "إنها طريقة عظيمة للتخلص من أمراض الشتاء". قال غوته، "لكن كيف يمكنها فعلها في هذا العالم، أيمكنك الحصول على الأقواس والسهام هنا في فايمار؟ " قلت، " بالنسبة للسهام، أحضرت معي نموذجًا ، عند عودتي من رحلتي إلى برابانت في عام 1814. الرماية باستخدام الأقواس والسهام هناك أمر اعتيادي. لا توجد بلدة، مهما كانت صغيرة، ليس لديها جمعية للرماية.
يقيمون تلك الجمعية في مبانٍ عامة، مثل ملعبنا، ويتجمعون في وقت متأخر في فترة ما بعد الظهر، لقد كنت أشاهدهم بسعادة غامرة. يالهم من رجال أقوياء، ويالها من مناظر خلابة عندما يثنون القوس!
لقد عرضوا قوتهم بمهارة، وكانوا رماة ممتازين! كان يطلقون أقواسهم عمومًا من مسافة ستين أو ثمانين خطوة على علامة ورقية على جدار الطين الرطب. يطلقون سهامهم بسرعة، واحدًا تلو الأخر، ويتركون السهام تلتصق. ولم يكن من النادر أنه ومن بين الخمسة عشر سهمًا، أن تصيب خمسةُ أسهمٍ المركزَ، الذي لم يتجاوز حجمه الدولار، بينما تكون بقية السهام قريبة منه. بعد أن يفرغ الرماة من رمي السهام، يذهبون ويسحبونها من الجدار الناعم، وتستمر اللعبة من جديد. كنت حينها في غاية البهجة برياضة الرماية، واعتقدت أنه سيكون من الرائع إدخالها إلى ألمانيا، وكنت غبيًا لدرجة رأيت الأمر ممكنًا. كثيرًا ما كنت أساوم على الأقواس؛ لكن لم يكن هناك أي منها يباع بأقل من عشرين فرنكًا ، وكيف يمكن لفقير مثلي أن يدفع هذه الأموال الكثيرة؟ لذلك فقد كيفت نفسي على شراء سهم، واعتبرت أن شراءه هو أهم ما يجب أن أركز عليه؛ اشتريت واحدًا من مصنع في بروكسل مقابل فرانك واحد، وأحضرته إلى المنزل، كجائزة فوزي الوحيدة".
قال غوته، "هذا الأمر يشبهك تمامًا، لكن لا تفكر في أنه بإمكانك جعل أي شيء طبيعي وجميل شائعًا. سيتطلب ذلك وقتًا طويلاً، والكثير من العمل هو أمر ضروري على أي حال. ولكن يمكنني أن أتخيل بسهولة هذه الرياضة في برابانت، لأنها جميلة جدًا. الألعاب الترفيهية الألمانية التي نمارسها في ملاعبنا تبدو قاسية وعادية ، بالمقارنة مع الرماية".
أضفت، "إنَّ جمال الرماية ، هو أنها تعرض الجسم بشكل متناظر، وتبين القوى بنسب متساوية. هناك الذراع الأيسر ، الذي يحمل القوس، متين، قوي، وثابت؛ هناك الذراع الأيمن، الذي يشد السلسلة بالسهم، ويجب ألا يكون أقل قوة، وفي الوقت نفسه يجب تثبيت القدمين والفخذين بقوة لتشكيل أساس ثابت للجزء العلوي من الجسم.
العين موجهة دائمًا نحو الهدف ، وعضلات الرقبة كلها في توتر كامل ونشاط؛ ثم يأتي الشعور بالبهجة، عندما يسحب السهم من القوس، ويخترق العلامة المطلوبة! لا أعرف أي ممارسة بدنية يمكن مقارنتها بهذا".
أجاب غوته: "سيكون الأمر مناسبًا جدًا لمؤسساتنا الرياضية. ولا ينبغي لي أن أتساءل عما إذا كنا سنحصل على رماة ماهرين بالآلاف في ألمانيا خلال عشرين سنة. وبصفة عامة، ليس هناك الكثير للقيام به مع جيل ناضج بالكامل، فيما يخص المجهود البدني أو العقلي، أو في مسائل الذوق أو الشخصية. كن ذكيًا بالقدر الكافي لبدء الأمر داخل المدارس، وقد تنجح".
قلت "لكنَّ مدرسي الجمباز الألمان لا يتقنون استخدام الأقواس والسهام".
قال غوته، "حسنًا، يمكن جمع العديد من مجتمعات الجمباز، وربما يمكن أن يتم إحضار رامٍ ماهر من فلاندرز أو برابانت. أو قد يرسلون بعض لاعبي الجمباز الصغار إلى نادي برابانت، بحيث يمكن تدريبهم مع الرماة الجيدين، وتعلم كيفية تقويس الأقواس وصنع السهام، وقد يدخل هؤلاء الشباب إلى مؤسسات الجمباز الألمانية كمعلمين متنقلين، ويقيمون بشكل مؤقت في مكان لبعض الوقت، مرة مع أحد المجتمعات، ومرة مع مجتمع آخر.
تابع غوته، "لا اعتراض لدي على تمارين الجمباز الألمانية. على العكس، فقد كنت آسف لأنَّ الكثير من أمور السياسة تسللت إليهم، حتى إنَّ السلطات اضطرت إلى تقييد عملهم، أو حتى منعهم وإلغائهم. هذا يعني أننا قد ألقينا بالخيِّر مع السيئ، ولكن أتمنى أن يتم إحياء مؤسسات الجمباز لشبابنا الألمان الذين يحتاجون إليها، وخاصة الطلاب الذين يبذلون الكثير من الجهد الذهني والفكري دون بذل أي قوة جسمانية ضرورية، أخبرني بشيء أكثر عن قوسك وسهمك، هل حقًا أحضرت معك سهمًا من برابانت؟ أود أن أراه".
أجبت، "لقد ضاع منذ فترة طويلة، لكنني أتذكره جيدًا لدرجة أنني أنني نجحت في استبداله، وقد استبدلته بعشرات الأسهم بدلًا من واحد. ولكن لم يكن الأمر سهلًا كما توقعت، لقد بذلت العديد من المحاولات العقيمة والعديد من الإخفاقات، ولكنني تعلمت الكثير من خلال هذه الطريقة بالذات، وكان أول شيء يجب أن أحضره هو السهم؛ كان علي أن أرى أنه كان مستقيمًا، وأنني لن أشوهه في وقت قصير؛ كان خفيفًا وقويًا بما يكفي لعدم الانقسام أثناء ضرب مادة صلبة، لقد حاولت صنعه من خشب الحور، ثم الصنوبر، ثم البتولا، ولكنها كانت جميعها غير فعالة بشكل أو بأخر، بعد ذلك قمت بعمل تجارب على خشب شجرة الليمون من ساق مستقيمة نحيفة، ووجدت بالضبط ما كنت أتمناه وأسعى إليه، وكان هذا السهم خفيفًا ومستقيمًا وقويًا، الشيء التالي الذي تعين عليّ القيام به هو صنع الطرف السفلي بطرف قرن؛ ولكن سرعان ما أصبح واضحًا أنَّ القرن كله لم يكن مناسبًا لهذا الغرض ، وأنه يجب قطعه من النواة حتى لا ينقسم عند توجيهه ضد أي سطح صلب. لكن الجزء الأصعب الذي كان لا يزال يتعين القيام به هو ريش السهم. لقد أخطأت مرات عدة، وأخفقت كثيرًا، قبل أن أنجح في الوصول به إلى أي كمال!"
قال غوته، "لا يوضع الريش في السهم بل يلصق عليه، أليس كذلك؟'' قلت، "يتم لصقها عليه فعلًا، ولكن يجب القيام بذلك بقوة وبصورة جيدة بحيث تظهر كما لو كانت جزءًا من العمود، وكأنها نمت منه. يحتاج الأمر إلى التركيز على ما يمكن أن تستخدمه في اللصق. لقد وجدت أنَّ غراء السمك الذي يوضع في الماء لبضع ساعات ومن ثم تضاف إليه الكحول ويذوب إلى هلام على نار الفحم الرقيقة؛ ينتج أفضل صمغ. كذلك ليست كل أنواع الريش صالحة للاستخدام، الريش المستخرج من أجنحة جميع الطيور العظيمة جيد في الواقع ، لكنني وجدت أنَّ الريش الأحمر من أجنحة الطاووس، الريش الكبير في الديك الرومي، ولا سيما الريش القوي والرائع للنسر؛ كلها أفضل من أي شيء أخر".
قال غوته: "أسمع كل هذا باهتمام كبير. من لا يعرفك ، لن يصدق أن نواياك كانت مفعمة بالحيوية للغاية. لكن أخبرني الآن ، كيف أتيت بقوسٍ؟"
أجبت، "لقد صنعت بعضها بنفسي. ولكنني أخفقت بشكل فظيع في البداية أيضًا. استشرت صناعًا وخبراء. حاولت كل أنواع الخشب في هذا المكان، وفي النهاية وصلت إلى نتائج ممتازة.
في اختيار الأخشاب ، كان عليّ أن أهتم بأنَّ القوس يجب أن ينحني بسهولة، وأنه يجب أن ينطلق بقوة وبسرعة، وأن تدوم مرونته. لقد أجريت أول تجربة لي مع شجرة الدردار، واخترت شجرة يبلغ عمر جذعها أقل من عشر سنوات، وسمكها يماثل ذراعًا متوسطة الحجم. لكنني وصلت إلى قلب الشجرة أثناء العمل وهو الأمر الذي لم يكن جيدًا لغرضي، حيث كان الخشب حوله خشنًا جدًا.
لقد تم نصحي بأخذ ساق قوية بما فيه الكفاية وتقطيعها "Schlachten" إلى أربعة أجزاء.
سأل غوته "Schlachten - تقطيع"، "ما الذي تعنيه هذه الكلمة؟"
أجبت، "إنه مصطلح تقني يستخدمه صانعو العربات، وتماثل الكلمة كلمة spalten (قسم الشيء) ، بحيث يتم دفع الإسفين من خلال الجذع ، من نهاية إلى أخرى. الآن إذا كان الجذع ينمو بشكل مستقيم ، أعني إذا كانت الألياف ترتفع في خط مستقيم ، فإنَّ القطع التي يتم الحصول عليها عن طريق التقسيم ستكون مستقيمة وصالحة للقوس. ولكن إذا كان الجذع منحنيًا، فسيكون للقطعة اتجاه منحنٍ، ملتوٍ، وتكون غير صالحة للقوس، لأنَّ الإسفين يتبع الألياف".
"ولكن ماذا ستكون نتيجة نشر مثل هذا الجذع إلى أربعة أجزاء؟ هل يمكن الحصول على قطع مستقيمة في كل مرة".
أجبت، "ربما يحدث ذلك، إذا تم القطع خلال الجذع، لأنَّ هذا من شأنه أن يجعل الأجزاء مناسبة لاستخدامها للقوس".
قال غوته، "لقد كنت أظن أنَّ القوس الذي يتم قطع الألياف خلاله سوف ينكسر. لكن استمر أكثر؛ هذا الموضوع يثير اهتمامي".
قلت، "لذلك فقد صنعت قوسي الثاني بجزء مقسوم من شجرة دردار. لم تكن هناك ألياف مقسمة في الخلف ، كان القوس قويًا وثابتًا؛ لكنني اكتشفت أين الخطأ، فقد كان صلبًا ، بدلًا عن أن يثنى بسهولة". وأخبرني صانع العربات، "لقد أخذت قطعة من شتلات شجرة الدردار، الذي هو دائمًا خشب صلب للغاية، لكن خذ واحدة من النوع الأخر، وستجده أفضل".
في هذه المناسبة ، تعلمت أنَّ هناك فرقًا كبيرًا في أنواع شجرة الدردار، وأنه في جميع أنواع الخشب، يعتمد الكثير منها على المكان والتربة التي تنمو عليها. تعلمت أنَّ خشب إيتيرسبيرغ قليل القيمة كخشب، على العكس من ذلك، فإنَّ الخشب في حي نوهرا يمتلك قوة رائعة، وحيث أنَّ حاملات فايمار لديها ثقة كبيرة في العربات التي صنعت في نهرا. في تجاربي اللاحقة، فقد اكتشفت أن كل الخشب الذي ينمو على الجانب الشمالي يكون أقوى بسبب الانحدار، وبه ألياف أكثر من ذلك الذي ينمو على الجانب الجنوبي. هذا مفهوم.
بالنسبة للشجرة الصغيرة التي تنمو على الجانب الشمالي المظلم من الجرف، يجب أن تبحث عن الضوء والشمس من فوق؛ لأنها تتوق للشمس جدًا فإنها تكافح باستمرار لترتفع إلى أعلى، وتنشأ الألياف في اتجاه عمودي. إلى جانب ذلك لأنَّ المكان مظلل فهو مؤاتٍ أكثر لتشكيل ألياف أرقى، ويظهر ذلك بشكل لافت للنظر في تلك الأشجار التي تنمو في مثل هذه الظروف، بحيث يتعرض جانبها الجنوبي باستمرار لأشعة الشمس، بينما يكون جانبها الشمالي دائمًا في الظل . إذا ظهر مثل هذا الجذع أمامنا، يجب أن نلاحظ أنَّ نقطة القلب لن تكون بأي حال من الأحوال في الوسط، ولكن في الغالب في جانب واحد. وتنبع هذه اللامركزية للقلب من الظروف التي أصبح عليها الجانب الجنوبي، ومن خلال التأثير المستمر للشمس الذي أصبح أكثر قوة، وبالتالي فهي أوسع من تلك الموجودة على الجانب الشمالي المظلم. ومن ثم فإنَّ صناع الخزانات وكارتريهات السفر، عندما يحتاجون إلى خشب قوي، يختارون الأفضلية في الجانب الشمالي الأكثر تطورًا من الجذع ، الذي يسمونه الجانب الشتوي، والذي يثقون فيه بشكل كبير".
قال غوته، "يمكنك أن تتخيل ، إنَّ ملاحظاتك مثيرة للاهتمام للغاية بالنسبة لي، فقد استغرقت نصف حياتي وأنا أشغل نفسي بطريقة نمو النباتات والأشجار. ولكن استمر في رواية قصتك. من المحتمل أنك صنعت آنذاك قوسًا من خشب دردار قاسٍ؟
أجبت، "نعم لقد فعلت ذلك، أخذت قطعة منقسمة بشكل جيد من الجانب الشتوي، وجدت فيها أليافًا رفيعة بشكل محتمل. كان القوس أيضًا سهل الثني ومرنًا جدًا. ولكن بعد استخدامه بضعة أشهر، ظهر انحناء كبير جدًا، وكان من الواضح أنَّ المرونة لن تستمر.
"بعد ذلك قمت بتجربة على جذع شجر البلوط ، كان خشبًا جيدًا جدًا. لكن سرعان ما وجدت نفس الخطأ فيه. ثم جربت ساق شجرة الجوز، التي كانت أفضل؛ وأخيرًا جذر القيقب ذي الأوراق الناعمة - ماشهولدر، كما يطلق عليه، وهو الأفضل، والذي حقق كل شيء أرغب فيه".
رد غوته، "أنا أعرف هذا النوع من الخشب، غالبًا ما يزرع في الوشيع. أستطيع أن أتخيل أنه جيد. لكني نادرًا ما وجدت جذعًا شابًا بدون عقدة؛ ولصنع قوس، ألا تحتاج إلى خشب خال تمامًا منهم؟"
أجبت، "لا تخلو الساق النامية في الواقع من عقدة؛ ولكن عندما ينتظرها المرء لتصير شجرة، تنزع العقدة، أو إذا كانت تنمو في غابة، فإنها تختفي في الوقت المناسب. الآن، إذا كان الجذع يبلغ قطره حوالي اثنين أو ثلاث بوصات، عند إزالة العقدة، وإذا سمح له بالزيادة سنويًا، ولتشكيل خشب جديد من الخارج، عند انقضاء خمسين أو ثمانين سنة، سوف تكون العقد الداخلية مغلفة بحوالي ست بوصات من الخشب الخالي من العقد. مثل هذا الجذع سيظهر مظهرًا خارجيًا سلسًا جدًا؛ لكن لا يمكن للمرء معرفة العيوب الموجودة فيه. لذلك، يجب علينا، في جميع الأحوال، أن نكون حذرين مع لوح منشور من مثل هذا الجذع، و علينا الإبقاء على الجزء الخارجي ونقطع بضع بوصات من تلك القطعة التي تقع مباشرة تحت اللحاء، أي الجبيرة وما يلي ذلك، لأنَّ هذا هو دائمًا أصغر الأخشاب وأصعبها، والأكثر ملاءمة للقوس".
قال غوته، "اعتقدت أنَّ خشب القوس لا ينبغي أن يُنشر، بل يجب أن يقسم، أو كما سميته Geschlachet".
أجبت، "بالتأكيد ، عندما يكون تقسيمه أمرًا ممكنًا. أشجار الدردار، البلوط والجوز يمكن أن تقسم، لأنها غابات من الألياف الخشنة. ولكن ليس جذر القيقب، لأنه خشب من ألياف متشابكة دقيقة، بحيث لن ينقسم وفقًا لمسار الألياف، بل ينقسم تمامًا ضد بذوره الطبيعية. لذا يجب تقسيم خشب جذر القيقب بالمنشار، وذلك دون تعريض قوة القوس للخطر".
قال غوته "همف! همف! لقد اكتسبت معرفة كبيرة من خلال هوسك الخاص. هذا النوع من المعرفة الحيوية هو الذي يتم تحقيقه فقط بطريقة عملية. ولكن هذه هي ميزة الشغوف الذي يسعى، لأنه يحملنا إلى الجذر العميق للموضوع.
بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ البحث عن الأخطاء والتخبط أمران جيدان، لأننا نتعلم من خلال الأخطاء والتخبط. وبالفعل، لا يتعلم المرء الشيء نفسه فحسب، بل يتعلم كل شيء متصلٍ به. ما الذي كنت سأعرفه عن النباتات والألوان إذا أعطيت لي نظريتي جاهزة الصنع، وعرفتها عن ظهر قلب؟ لكن من الحالة ذاتها، اضطررت إلى البحث عن كل شيء لنفسي والعثور عليه، وأحيانًا ارتكاب الأخطاء، أستطيع أن أقول إنني أعرف شيئًا عن هذين الموضوعين، وأكثر من مجرد النظر إلى الورق. لكن أخبرني أكثر عن قوسك. لقد رأيت بعض الأقواس الاسكتلندية، والتي كانت مستقيمة تمامًا، وغيرها والتي كانت منحنية. برأيك أيها الأفضل؟ "
أجبت، "أظن أنَّ المرونة أكبر بكثير عندما تنحني أطراف القوس إلى الوراء. في البداية جعلتها مستقيمة، لأنني لم أفهم كيف أثني النهايات. لكن عندما تعلمت كيف أفعل ذلك، ثنيت النهايات، ووجدت أنَّ القوس ليس له مظهر أكثر جمالًا فحسب، بل أنه اكتسب المزيد من القوة أيضًا".
قال غوته، "تشكلت المنحنيات بالحرارة، أليس كذلك؟"
أجبت، "نعم ، بالحرارة الرطبة. عندما ينتهي العمل على القوس ويتم توزيع المرونة بشكل متساوٍ ولا يعود هناك موقع أقوى أو أضعف مما ينبغي أن يكون، أضع أحد طرفي القوس في الماء المغلي، حوالي ست أو ثماني بوصات من الماء، وأدعها تغلي لمدة ساعة تقريبًا، ثم أرقق النهاية الناعمة، بينما تكون ساخنة، بين كتلتين صغيرتين، السطح الداخلي الذي له شكل المنحنى الذي أود أن أعطيه لقوسي. وهو مضغوط هكذا أتركه على الأقل ليوم وليلة حتى يكون جافًا تمامًا، ثم أتابع العمل مع الطرف الآخر بنفس الطريقة".
قال غوته ضاحكًا بغموض، "ما رأيك؟ أعتقد أنَّ لدي شيئًا لأجلك، والذي لن ترفضه. لنفترض أننا نزلنا للأسفل معًا، وأعطيتك قوس باشكير ذا انحناء أصلي بين يديك". هتفت بحماس وحيوية "قوس باشكير! و أصلي؟"
وقال غوته، "نعم، أيها الصديق المجنون، قوس باشكير أصلي".
"هيا بنا". ذهبنا إلى الحديقة، فتح غوته باب الغرفة في المنزل الخارجي الصغير، كانت الطاولات والجدران مكدسة بكنوز وأشياء لا حصر لها تثير الفضول.
ألقيت نظرة عابرة فقط على هذه الكنوز؛ ووقعت عيني على القوس. قال غوته بينما يأخذه من الزاوية، من بين كل أنواع الأدوات الغريبة، '' ها هو"، وأرى أنه في نفس الحالة التي كان عليها عندما قدم لي في عام 1814 من قبل رئيس باشتشر، "ماذا تقول الآن؟"
لقد سررت بحمل السلاح الثمين في يدي. يبدو أنه لم يصب بأذى فقد بدا صالحًا تمامًا. أخذت أديره في يدي ووجدت أنه لا يزال مطاطًا بشكل محتمل.
قلت، "إنه قوس جيد، شكله مميز للغاية، وبالنسبة للمستقبل سيخدمني كنموذج".
"ما هو الخشب الذي صنع منه في اعتقادك؟"
أجبت، "كما ترى فهو مغطى بلحاء البتولا، جزء قليل جدًا من الخشب مرئي، والنهايات المنحنية وحدها تبقى مكشوفة. ولأنَّ لونها يتغير مع الوقت، فلا يمكن للمرء أن يميز ما هو الخشب. من النظرة الأولى، يبدو مثل شجر البلوط، وفي الثانية مثل شجرة الجوز.
أعتقد أنها شجرة جوز، أو خشب يشبهها. ولكنها ليست من القيقب أو الماشهولدر. إنه خشب من الألياف الخشنة. إلى جانب ذلك، ألاحظ علامات على أنه قد تم تقسيمه '' geschlachtet ''.
قال غوته "افترض أنك كنت لتجربه الآن، ولديك سهم هنا. ولكن كن حذرًا مع الطرف الحديدي، قد يكون مسمومًا"، ذهبنا مرة أخرى إلى الحديقة، ولويت القوس. قال غوته "الآن ، أين ستطلقه؟"
قلت، "اعتقد أنني سوف أطلقه نحو الهواء في البداية" قال غوته، "اذهب ، إذن "،. صوبت السهم نحو الغيوم المشمسة في السماء الزرقاء. انطلق السهم جيدًا، ثم دار، واتجه نحو الأسفل، وانغرس في الأرض. قال غوته "الآن دعني أحاول". كان من دواعي سروري أنه هو أيضًا سوف يجرب التصويب. أعطيته القوس، وجلبت السهم.
وضع غوته شق السهم على الخيط، وأمسك بالقوس جيدًا، لكنه احتاج بعض الوقت حتى يتمكن من إدارته بشكل صحيح. صوب نحو الأعلى، وشد الخيط. كان يقف هناك مثل أبولو، بروح شابة متحمسة، على الرغم من ذلك لم يصل السهم إلا إلى ارتفاع معتدل جدًا، ثم سقط على الأرض. ركضت وجلبت السهم. قال غوته: "مرة أخرى، كان يتوجه الآن على طول طريق الحصى في الحديقة، دعم السهم نفسه بنحو ثلاثين خطوة بشكل جيد، ثم سقط، وعلق على الأرض.
لقد أسعدني غوته بشكل لا يصدق، باستعماله القوس والسهم. فكرت في الآبيات الشعرية التالية:-
"هل ستجعلني الشيخوخة أترنح؟ هل أنا طفل مرة أخرى؟" أحضرت له السهم. توسلني أن أطلق السهم مرة واحدة في اتجاه أفقي ، وطلب مني أن أوجهه نحو بقعة في مصراع النوافذ في غرفة عمله. أطلقت السهم. لم يكن السهم بعيدًا عن العلامة؛ ولكنه توغل في الخشب اللين لدرجة أنني لم أتمكن من إخراجه مرة أخرى. قال غوته: "فلتدعه هناك، سوف يخدمني في تذكر رياضتنا".
مشينا في الحديقة، مستمتعين بالطقس الجيد ثم جلسنا على مقعد وظهورنا قبالة الأوراق الشابة للوشيع السميك. تحدثنا عن قوس عوليس، عن أبطال هوميروس، ثم عن الشعراء اليونانيين التراجيديين، وأخيرًا حول الرأي المنتشر على نطاق واسع أنَّ يوربيدس تسبب في تراجع الدراما اليونانية. لم يوافق غوته بأي حال من الأحوال على هذا الرأي.
قال، " أنا أعارض وجهة النظر التي تقول إنَّ أيَّ رجلٍ واحدٍ يمكن أن يتسبب في تراجع الفن تمامًا.
لم يتسبب يوربيديس بتراجع الفن اليوناني التراجيدي أكثر مما تسبب به النحت الذي قام به أي نحات عظيم عاش في زمن فيديا وكان أقل شأنًا منه. فعندما تكون حقبة عظيمة، فإنها تستمر على طريق التحسن، ويكون الإنتاج الأدنى دون نتائج. ولكن يالها من حقبة عظيمة تلك التي كانت عصر يوربيديس! لقد كانت وقت الذوق التقدمي وليس الرجعي. لم يصل النحت لقمته حينها، وكان فن الرسم لا زال في مهده.
"إذا كانت مقاطع من يوربيديس بالمقارنة مع مقاطع من سوفوكليس بها سقطات عظمية، فليس من الضروري أن يحاكي الشعراء الناجحون هذه الأخطاء، وأن يدللوا عليها. ولكن إذا كانت لديهم مزايا كبيرة ، وكان بعضهم يفضل مسرحيات سوفوكليس، لماذا لم ينجح الشعراء في تقليد مزاياهم؛ ولماذا لم يصبحوا عظماء على الأقل بنفس القدر الذي يتمتع به يوربيديس نفسه؟ "
"ولكن إذا لم يظهر بعد الشعراء التراجيديين الثلاثة المشهورين أيُّ رابع أو خامس أو سادس مماثل لهم في العظمة، - فهذه مسألة يصعب تفسيرها بكل تأكيد؛ ومع ذلك، قد تكون لدينا تخميناتنا الخاصة، وقد نقترب من الحقيقة إلى حد ما.
"إنَّ الإنسان كائن بسيط. ومع إنه غني ومتنوع ولا يسبر غوره، فإنَّ دورة أحواله سرعان ما تنتهي". إذا حدثت الظروف نفسها، كما حدث معنا نحن الألمان المساكين، والذين كتب لهم ليسنغ كتابين أو ثلاثة، وأنا نفسي ثلاثة أو أربعة، وشيللر خمس أو ست مسرحيات يمكن عرضها، فقد يكون هناك بسهولة مكان لشاعر تراجيدي رابع، خامس، وسادس.
"لكن مع الإغريق ووفرة إنتاجهم، - فكل واحد من الشعراء الثلاثة الكبار قد كتب مائة، أو ما يقرب من مائة قطعة، والموضوعات المأساوية لهومر ، والتقاليد البطولية، التي كتب بعضهم عنها ثلاث أو أربع مرات، - مع مثل هذه الوفرة من الأعمال الموجودة، يمكن للمرء أن يتخيل أنه قد تم استنفاذ الموضوعات، وأنَّ أي شاعر سيتبع الثلاثة الكبار ، سيحتار في كيفية المضي قدمًا.
"وفي الواقع، لأي غرض ينبغي أن يكتب؟ أليس هناك ما يكفي لفترة من الزمن؟ وألم تكن إنتاجات كــ schhole و سوفوكليس و يوربيديس، من ذلك النوع ومن ذلك العمق وربما سيتم سماعها مراراً وتكراراً دون أن تحترم أو توضع على ذلك الجانب؟ حتى الشذرات النبيلة القليلة التي وصلتنا كانت شاملة ومؤثرة للغاية، لدرجة أننا نحن الأوروبيين المساكين قد انشغلنا بها لقرون عديدة، وسنستمر في العثور على المغذيات والعمل داخلها لقرون لاحقة".
الخميس ١٢ مايو ١٨٢٥.
تحدث غوته بحماسة كبير عن ميناندر. "لا أعرف أي أحد بعد سوفوكليس، لكنني أحبه جداً. لأنه نقي تمامًا، نبيل، عظيم، ومبهج، وكياسته صعبة المنال. ومن المؤكد أنني أشعر بالأسف لأننا لم نتحصل سوى على القليل جدًا منه، ولكن هذا القليل لا يقدر بثمن، ومفيد للغاية للرجال الموهوبين.
"النقطة العظيمة هي أنَّ ذاك الذي نتعلم منه يجب أن يكون متجانسًا مع طبيعتنا. الآن ، كالديرون، على سبيل المثال، وبكل عظمته، وعلى الرغم من اعجابي به، لم يترك أي تأثير عليّ سواء كان جيدًا أو سيئًا ولكنه كان سيشكل خطورة على شيللر - كان سيؤدي إلى ضلاله ؛ ومن ثم فمن حسن الحظ أنَّ كالديرون لم يكن معروفًا بشكل عام في ألمانيا حتى بعد وفاة شيللر، حيث إنَّ كالديرون عظيم جدًا في ما يتعلق بالتقنية والشكل المسرحي ؛ كان شيللر حيويًا وجادًا أكثر، وعازمًا في مقاصده ، ولكان من المؤسف أن يفقد أيًا من هذه الفضائل ، دون أن يحقق بأي حال عظمة كالديرون في نواحٍ أخرى ".
تحدثنا عن موليير. قال غوته: "إن موليير ، عظيم جدًا ، وقد يندهش المرء من جديد في كل مرة يقرأه. إنه رجل فرداني - نصوصه تتقاطع مع المأساة؛ وتتخذ شكلًا عصابيًا؛ ولا أحد يمتلك الشجاعة لتقليدها. عمله "البخيل"، حيث تدمر الرذيلة كل التقوى الطبيعية بين الأب والابن، عظيم بشكل خاص، وبه إحساس عالٍ بالتراجيديا، ولكن عندما يتغير الابن، في إعادة صياغة ألمانية، إلى علاقة، يضعف الأمر كله، ويفقد فرادته. لقد خافوا من إظهار الرذيلة في طبيعتها الحقيقية، كما فعل؛ ولكن ما هو التراجيدي هناك، أو في أي مكان آخر، باستثناء ما هو غير مقبول؟
"أقرأ بعض القطع لموليير في كل عام، مثلما أتذكر من وقت لآخر النقوش التي تمثل السادة الإيطاليين الكبار. لأننا نحن الرجال الصغار لا نستطيع الاحتفاظ بعظمة مثل هذه الأشياء داخل أنفسنا؛ لذا يجب علينا العودة إليها من وقت لآخر، وتجديد انطباعاتنا.
"الناس يتحدثون دائما عن الأصالة ولكن ماذا تعني؟ بمجرد ولادتنا، يبدأ العالم في العمل علينا، وهذا يستمر حتى النهاية. وبعدّ، ما الذي يمكن أن نسميه فردانيتنا عدا الطاقة والقوة والإرادة؟ إذا كان بإمكاني تقديم حساب لكل ما أدين به إلى أسلاف ومعاصرين عظماء، فلن يكون هناك سوى رصيد صغير لصالحي.
"ومع ذلك، فإنَّ وقت الحياة التي نتعرض فيها لتأثير شخصي جديد ومهم هو مسألة اختلاف على أي حال. كان ليسينغ، وينكلمان، وكانط أكبر سنًا مني، وبينما أثر عليّ الاثنان الأولان في شبابي ، أثر عليَّ الأخير في سن متقدمة - كان هذا الظرف مهمًا جدًا بالنسبة لي، ومرة أخرى، كان شيللر أصغر سنًا مني بكثير، وانخرط في أحدث مساعيه، تمامًا بينما بدأت أشعر بالضجر من العالم، أيضًا، كما بدأ الأخوان فون هومبولدت وشليغل مسيرتهما تحت عيني، كان لذلك أهمية قصوى، واستمددت منه منافع لا توصف.
بعد هذه الملاحظات التي تحترم النفوذ الذي كان يتمتع به الأشخاص المهمون، تحول الحوار حول التأثير الذي مارسه على الآخرين؛ وقد ذكرتُ بيغر، الذي بدت لي قضيته إشكالية، حيث لم يظهر اتجاهه الطبيعي البحت أي أثر للتأثير من جانب غوته.
قال غوته، "كان لبيغر موهبة عظيمة بالنسبة لي، لكن كانت لشجرة ثقافته الأخلاقية جذور في تربة مختلفة تمامًا، واتخذت اتجاهًا مختلفًا تمامًا. لكن كل رجل يبدأ مثله، في الخط التصاعدي لثقافته: رجل في عامه الثلاثين، استطاع كتابة قصيدة مثل "Frau Schnips" من الواضح أنه اتخذ مسارًا مختلفًا قليلاً عني. فقد فاز لنفسه من خلال مواهبه الرائعة حقًا بجمهور راضٍ تمامًا؛ وليس لديه حاجة ليقلق نفسه بمعاصر لم يؤثر عليه على الإطلاق.
"في كل مكان، نتعلم فقط من أولئك الذين نحبهم. هناك تصرفات مواتية تجاهي من قبل المواهب الشابة التي نشأت الآن، لكني نادراً ما أجدها بين معاصري. لا أستطيع بالكاد ذكر اسم رجل واحد كان راضيًا تمامًا عني، وحتى مع عملي "فيرتر"، وجد الناس الكثير من العيوب بحيث لو أنني محوت كل المقاطع التي تعرضت للرقابة، فبالكاد يمكن ترك سطر من الكتاب بأكمله. لا ضرر، لأنَّ هذه الأحكام الشخصية للأفراد، مهما كانت مهمة، قد تم تصحيحها على الأقل من قبل الجماهير. ومن لا يتوقع أن يحصل على مليون من القراء يجب أن لا يكتب سطرًا.
على مدى عشرين عامًا، كان الجمهور متنازعًا حول فكرة من هو الأعظم، شيلر أو أنا ؛ ومن الجيد أنَّ هناك بعض الزملاء الذين بالإمكان مناقشتهم حول الأمر
الاثنين 5 يونيو ، 1825.
قال لي غوته إنَّ بريلير كان معه، وقد أخذ إجازة لأنه سيقضي عدة سنوات في إيطاليا.
قال غوته، "ككلمة فاصلة فقد نصحته ألا يسمح لنفسه بأن يتشتت، بل أن يحصر نفسه بشكل خاص في بوسين وكلود لورين، وقبل كل شيء، دراسة أعمال هذين الرجلين العظيمين، لأنه من خلالها قد يرى بوضوح كيف نظرا إلى الطبيعة، واستخدماها للتعبير عن آرائهما ومشاعرهما الفنية.
"بريلير موهبة مهمة ولا أخاف عليه. يبدو لي، إلى جانب ذلك، شخصية جادة جداً. أنا على يقين من أنه سيميل إلى بوسين بدلاً من كلود لورين، لكنني أوصيته بشكل خاص لدراسة هذا الأخير والسبب هو أنَّ تنمية الفنان تماثل تنمية كل المواهب الأخرى. نقاطنا القوية، إلى حد ما، تطور نفسها؛ ولكن جراثيم طبيعتنا التي ليست ممارسة يومية، وبالتالي أقل قوة، تحتاج إلى رعاية خاصة، لكي تصبح قوية بالمثل.
"لذلك قد يكون لمطرب شاب، كما قلت مراراً وتكراراً، طبقات طبيعية معينة ممتازة جداً، والتي تحقق أي شيء تريده؛ في حين قد تكون طبقات أخرى في صوته أقل قوة ووضوحًا وكمالًا. ولذلك يجب عليه من خلال التمرين المستمر السعي لمساواتها مع الطبقات الأخرى.
"أنا متأكد من أنَّ بريلير سينجح يوماً ما بشكل مثير للإعجاب في الأنماط، الأشياء الضخمة، وربما أيضاً الجامحة. وسواء كان سعيداً بنفس القدر بالأشياء البهيجة والرشيقة والجميلة، فهذا سؤالٌ آخر؛ وبالتالي فقد أوصيته بشكل خاص بكلود لورين لكي يتمكن من خلال الدراسة من اكتساب ما لا يكمن في الميل الفعلي لطبيعته.
"هناك شيء أخر لفتُّ انتباهه إليه. لقد شاهدت العديد من دراساته حول الطبيعة: كانت ممتازة، وأعدت بحيوية وطاقة كبيرين؛ لكنها كانت جميعها مواضيع منعزلة، والتي يمكن أن يصنع منها القليل فقط عندما يبدأ المرء في اكتشاف ذاته. وقد نصحته بأن لا يحدد موضوعًا معزولًا في المستقبل، مثل الأشجار الفردية، أو أكوام الحجارة الأحادية، أو الأكواخ المفردة، وأن يضيف دائمًا خلفية وبعض الأشياء المحيطة.
"وللأسباب التالية. في الطبيعة، لا نرى أي شيء معزول، بل كل شيء متعلق بشيء آخر موجود أمامه، إلى جانبه، تحته، فوقه. وأنا متأكد من أنَّ شيئًا واحدًا قد نعتبره فاتنًا بشكل خاص، غير أنه ليس الشيء وحده الذي ينتج هذا التأثير ، بل هو الرابط الذي نراه فيه، مع ما هو بجانبه، خلفه، وفوقه، وكل ذلك يساهم في هذا التأثير.
"في أثناء المشي قد أرى شجرة بلوط، ذلك التأثير الفاتن هو ما يفاجئني. لكن إذا مثلتها وحدها، فربما لن تظهر لي كما كانت، لأنَّ ذلك التمثيل هو الذي ساهم في تعزيز التأثير الفاتن في الطبيعة.
وهكذا، فإنَّ الخشب قد يبدو جميلاً من خلال تأثير سماء واحدة بعينها، وضوء واحد خاص، ووضع واحد بعينه من الشمس. ولكن إذا حذفت كل ذلك من خيالي، فربما سيظهر بدون أي قوة ، وكشيء غير مصحوب بالسحر المناسب.
"علاوة على ذلك، لا يوجد في الطبيعة شيء جميل لا يتم إنتاجه (بمحفز) بما يتوافق مع قوانين الطبيعة. لكي تظهر حقيقة الطبيعة هذه أيضًا في الصورة، يجب أن يتم حسابها من خلال إدخال الظروف المؤثرة.
"أجد حجارة متكونة بشكل جيد بجانب غدير، وأجزاء منها معرّضة للهواء ومغطاة بالطحلب الأخضر بطريقة خلابة. ليست رطوبة المياه فقط هي ما تسببت في تكوين الطحلب الأخضر ؛ ربما يكون تأثير الجانب الشمالي، أو ظل الأشجار والشجيرات قد تعاونوا في هذا التشكيل على هذا الجزء من الغدير، وإذا حذفت هذه الأسباب المؤثرة في صورتي، فستصبح دون الحقيقة، ودون القوة المقنعة الصحيحة.
"وبالتالي، فإنَّ وضع الشجرة، ونوع التربة التي تحتها، والأشجار الأخرى خلفها وبجانبها، له تأثير كبير على تكوينها. فالبلوط الذي يقف معرضًا للرياح على القمة الغربية لتلة صخرية، سيكتسب شكلًا مختلفًا تمامًا عن البلوط الذي ينمو تحت الأرض الرطبة في الوادي المحمي. قد يكون كلاهما جميلاً في نوعه، ولكن سيكون لهما طابع مختلف تمامًا، ويمكنهما بالتالي، في منظر طبيعي فني، أن يمثلا فقط في الحالة التي يشغلونها في الطبيعة. وبالتالي، فإنَّ تحديد الأجسام المحيطة ، والتي يتم التعبير عنها خلال موقف معين ذات أهمية كبيرة للفنان، ومن ناحية أخرى، سيكون من الغباء محاولة تمثيل كل تلك الأخطاء الرهيبة التي لها تأثير ضئيل على شكل الأشياء الرئيسية، مثل تأثيرها الخلاب في الوقت الحالي.
"لقد نقلت مضمون كل هذه التلميحات الصغيرة إلى بريلير، وأنا متأكد من أنها سوف تترسخ وتزدهر فيه - لأنه ولد كعبقري".
السبت 11 يونيو 1825.
تحدث غوته اليوم على العشاء كثيراً حول كتاب الميجور باري عن اللورد بايرون. أثنى على الكتاب كثيرًا، ولاحظ أنَّ اللورد بايرون بدا في هذا الكتاب كشخصية أكثر اكتمالاً، وأكثر وضوحاً لنفسه وآرائه، أكثر من أي شيء آخر مكتوب عنه.
واصل غوته، "لا بد أنَّ ميجور باري رجل رفيع، رجل نبيل، وقادر تمامًا على وصف صديقه. أسعدني أحد المقاطع في كتابه عن بلوتارخ بشكل خاص؛ "إنَّ اللورد النبيل كان معدمًا من كل تلك الفضائل التي تتحلى بها الطبقة البرجوازية، والتي كان محرومًا من امتلاكها خلال فترة ميلاده وتعليمه وطريقة حياته. الآن كل قضاته المعارضين هم من الطبقة الوسطى، وهذا يضايقه بشدة، لأنهم ينهون عنه ما يبررونه لأنفسهم. الناس الطيبون لا يفهمون أنه وبسبب مكانته العالية يمتلك فضائل والتي لا يمكنهم تصورها". قال غوته، "هل أعجبك ذلك؟ لا نسمع شيئًا جيدًا كهذا كل يوم".
قلت، "أنا مسرور لأسمع بشكل علني رأيًا لا بد أنَّ كل الرقباء والمنتقصين الأشرار من رجل أعلى منهم قد أهملوه وألقوا به بعيدًا".
ثم تحدثنا عن مواضيع التاريخ العالمي فيما يتعلق بالشعر، وإلى أي مدى قد يكون تاريخ أمة واحدة أكثر ملاءمة للشاعر من تاريخ أمة أخرى.
قال غوته: "يجب على الشاعر أن يمتلك شخصية خاصة، وإذا كان هناك أي شيء سليم فيه، فإنه يمثل" العالمي "إنَّ تاريخ اللغة الإنجليزية ممتاز للشعر، لأنه شيء أصيل، وصحي، وبالتالي عالمي. بينما التاريخ الفرنسي، على العكس، ليس للشعر، لأنه يمثل حقبة لا يمكن أن تأتي مرة أخرى. الأدب الفرنسي، وبقدر ما تم إيجاده من تلك الحقبة، يقف كشيء دون فائدة معينة، والذي لا بد سيشيخ مع مرور الوقت.
قال غوته، "لا يمكن الحكم على حقبة العصر الأدبي الفرنسي الحالي. التأثير الألماني يتسبب في اختمار كبير هناك، وربما لن نعرف على مدى عشرين عامًا ما ستكون النتيجة".
ثم تحدثنا عن الكُتَّاب الجماليين الذين يعملون للتعبير عن طبيعة الشعر والشاعر في تعريفات مجردة، دون التوصل إلى أي نتيجة واضحة.
قال غوته، "ما الحاجة إلى تعريف كبير؟ الشعور بالحيوية من المواقف، والقوة للتعبير عنها، تصنع الشاعر".
الأربعاء ١٥ أكتوبر ١٨٢٥.
لقد وجدت غوته في مزاج عالٍ جداً هذا المساء، وكان من دواعي سروري أن أسمع منه الكثير من الملاحظات الهامة. تحدثنا عن حالة أحدث الأدبيات، عندما قال غوته التالي: "إنَّ قصور الشخصية في المحققين الأفراد والكتاب هو مصدر كل شرور أحدث أدبياتنا.
"هذا الخلل يسبب الأذى للعالم على وجه الخصوص، لأنه ينشر الكذب بدلًا عن الحقيقة، أو يشغلنا بحقيقة هزيلة تحرمنا من شيء عظيم، من شأنه أن يكون أفضل.
"حتى وقت قريب آمن العالم بشجاعة لوكريشا، - موتشوس سكايفولا، وأجهد نفسه ليتحمس ويُلَهَم من خلال هذا الاعتقاد. ولكن الآن يأتي نقدك التاريخي، ويقول إنَّ هؤلاء الأشخاص لم يعيشوا أبدًا ، ويجب اعتبارهم أساطير وحكايات خلقها عقل الرومان العظيم. ماذا سنفعل بحقيقة مثيرة للشفقة؟ إذا كان الرومان عظماء بما يكفي لاختراع مثل هذه القصص، فيجب أن نكون على الأقل قادرين على تصديقهم.
"في الآونة الأخيرة ، كنت دائمًا مسرورًا بحقيقة عظيمة من القرن الثالث عشر، عندما كان الإمبراطور فريدريك الثاني يتعارض مع البابا وكان شمال ألمانيا مفتوحًا لكل أنواع الهجمات العدائية. توغلت جحافل آسيوية في الواقع حتى سيليسيا، وعندما أرعبهم دوق ليغنتس بهزيمة واحدة كبيرة. تحولوا إلى مورافيا، ولكنهم هُزموا هناك من الكونت ستيرنبرغ. كان هؤلاء الرجال البواسل يعيشون في قلبي كمنقذين عظماء للأمة الألمانية.
ولكن الآن تأتي الانتقادات التاريخية، وتقول إنَّ هؤلاء الأبطال قد ضحوا بأنفسهم بلا جدوى، لأنَّ الجيش الآسيوي كان قد تم استدعاؤه لبلاده بالفعل، وكانوا سيعودون من تلقاء أنفسهم. وبالتالي، هناك حقيقة قومية كبيرة شلت ودمرت ، وبدا لي هذا الأمر بغيضًا للغاية ".
بعد هذه الملاحظات على النقاد التاريخيين، تحدث غوته عن طبقة أخرى من الباحثين والأدباء.
وقال، "لم أكن لأعرف أبدًا كم الرجال التافهين، أو مدى قلة اهتمامهم بالأهداف العالية جدًا، إذا لم أختبرهم من خلال أبحاثي العلمية. وهكذا رأيت أنَّ معظم الرجال لا يهتمون بالعلوم إلا بقدر ما يحصلون على لقمة العيش بها ، وأنهم يعبدون الخطأ عندما يوفر لهم الكفاف.
"في الأدب أيضًا الحروف ليست أفضل. ففيه أيضاً الأهداف العالية والحب الأصيل للحقيقة والعمق، ولانتشارهم، ظواهر نادرة جداً. رجل يعتز ويتسامح مع شخص آخر، لأنه يعامله بالمثل. العظمة الحقيقية مكروهة بالنسبة لهم؛ سيحاولون إخراجها من العالم، بحيث لا تكون ذات أهمية.
الموهبة العظيمة والتعلم العالمي قد يفعل الكثير لبلاده. لكن رغبته في شخصية تحرم العالم من مثل هذه النتائج العظيمة ، وتحرمه من تقدير البلاد.
"نريد رجلاً مثل ليسينغ. لقد كان عظيماً في شخصيته كما في حزمه؟ هناك العديد من الرجال الأذكياء والمثقفين، ولكنهم لا يملكون هذه الشخصية؟
كثيرون يملكون الروح والمعرفة ، لكنهم أيضًا مليئون بالغرور؛ ورغم أنهم ربما يبدون وكأنهم مليئون بكثير من الفطنة أمام الجمهور قصير النظر، إلا أنه ليس لديهم خجل أو حساسية - لا شيء مقدس لهم.
"لذلك كانت مدام دي غنليس على حق تمامًا عندما رفضت تحرر وألفاظ" فولتير. لأنه وبالنسبة للرجال المماثلين ورغم فطنتهم، لم يستمد العالم أي ربح منهم ؛ لأنهم وضعوا أساسًا للاشيء. لقد كانوا أشد الإصابات خطورة، لأنهم أربكوا الرجال، وسلبوهم دعمهم الضروري.
"وبعدّ، ما الذي نعرفه، وإلى أي مدى يمكن أن نتقدم مع كل فطنتنا"؟
"لا يولد الإنسان لحل مشاكل الكون، ولكن لمعرفة أين تبدأ المشكلة، ومن ثم يكبح نفسه في حدود المفهوم.
"لأنَّ كلياته ليست كافية لقياس أعمال الكون؛ ومحاولة تفسير العالم الخارجي من خلال المنطق، بوجهة نظره الضيقة، هو محاولة باطلة. لأنَّ منطق الرجل ومنطق الإله هما شيئان مختلفان جدًا".
"إذا منحنا الحرية للإنسان، فهناك نهاية لمعرفيّة الرب؛ لأنه إذا كان الإله يعرف كيف سأتصرف، يجب أن أتصرف بهذا القدر. أعطي هذا فقط كعلامة على قلة ما نعرفه، ولإظهار أنه ليس من الجيد التدخل في الألغاز الإلهية.
"علاوة على ذلك، يجب علينا فقط أن ننطق بثوابت أعلى بقدر ما يمكن أن تفيد العالم. أما الباقي فيجب أن نحفظه داخل أنفسنا، لأنه سينشر على أفعالنا بريقًا مثل أشعة الشمس الخفية".
================
محادثات مع غوته
تأليف: يوهان بيتر إيكرمان
ترجمة من الألمانية للإنجليزية: جون اوكسنفورد
ترجمة من الإنجليزية: سماح جعفر
تقوم «القرية الإلكترونية» بتكليف من الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي، بترجمة يوميات من حياة "جوته"، المعنونة بـــ «محادثات مع غوته»، من تأليف: «يوهان بيتر إيكرمان*»، وهي عبارة عن يوميّات كتبها "إيكرمان" عن السنوات الأخيرة من حياة شاعر ألمانيا الكبير «غوته Goethe»، وتمت ترجمتها من الألمانية للإنجليزية بواسطة «جون أوكسنفورد»، وترجمها من الإنجليزية إلى العربية: «طارق زياد شعار»، وسوف نقوم بنشرها على حلقات تباعاً هنا في الصفحة نأمل أن تحوز إعجابكم.
*«يوهان بيتر إيكرمان» Johann Peter Eckermann 1792-1854: عمل كأمين خاص لجوته في الفترة الأخيرة من حياة الأخير. وسرعان ما أصبح كتابه محادثات مع غوته، ذو شعبية تخطت الحدود الألمانية، ولعب دوراً مهما في إحياء الاهتمام والتقدير لأعمال جوته في وقت لاحق.
#محمد_أحمد_السويدي_ترجمة_محادثات_مع_جوته
, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi,,
Related Articles