قبيل النضج - الجنون والجمال والأغذية في روما - الفصل الرابع: القواقع

قبيل النضج - الجنون والجمال والأغذية في روما
الفصل الرابع- القواقع
تأليف: ديفيد ونر
ترجمة: أميمة قاسم
----
كتب رائد فن الطبخ في روما القرن الحادي والعشرين قائلاً: " ليس ثمة سعادة حقيقية حيث لا ينال جانب مهم من جوانب حياتنا مثل الطعام ما يستحق من الاهتمام." وقد كانت آدا بوني سيدة لطيفة وقورة من إحدى أرفع عائلات الطبقة الوسطى ؛ يقال إنّها ابتدعت طبقها الأول قبل أن تتجاوز عامها العاشر من العمر. كانت عائلتها تعمل في صياغة الذهب، وكان عمها أدولفو جاكوينتو طباخاً مشهوراً. وقد قامت آدا بتحرير مجلتها الناجحة في فن الطبخ بين عامي 1915 و 1959، وكانت تحمل عنوان بريزيوسا (Preziosa- النفيسة). ويعتبر كتابها الأفضل مبيعاً: طلسم السعادة، الذي صدر للمرة الأولى عام 1929، محتوياً على 882 وصفة (زيدت لاحقاً بمساهمة من آخرين لتصبح أكثر من 2000 وصفة)، في أهمية كتاب أرتوزي علم الطهيScience in the Kitchen. وقد ظل كتاب بوني هو ما يرجح أن تتلقاه العروس الإيطالية كهدية زفاف في أغلب الأحوال. وهي تتميز بالأناقة، والموهبة والشعبية، وكانت تقدّم برنامجاً في الإذاعة، ونادرا ما كانت تظهر في الأماكن العامة في الصيف بدون مظلتها البيضاء. كانت تعطي دروس الطهي للسيدات الآخريات من الطبقة الراقية في منزل عائلتها بقصر اوديسكالتشي، وصرّحت بأنّ الطبخ : " أكثر الفنون إثارة للبهجة، وفي ذات الوقت، أكثر العلوم إمتاعاً". وكما تبين من الطلسم فهي لم تناصر النساء: " الكثيرات منكن، عزيزاتي السيدات والفتيات، يعرفن كيف يعزفن البيانو جيداً، أو يؤدين الأغاني بطلاوة أنيقة، وغيركن كثيرات يحملن ألقاباً رفيعة في الدراسات العليا، ويعرفن اللغات الحديثة، وكاتبات رائعات أو رسامات بارعات، كما نجد منكن من يجدن لعب التنس أو الجولف، أو يدرن دفة قيادة سيارة فارهة بكل ثقة. ولكن، واحسرتاه، ليس باستطاعة جميعكن ادعاء- إن حكمتن ضمائركنَّ قليلاً- معرفة كيفية سلق بيضتين إلى درجة دون الاستواء بالضبط." . كما كانت باحثة موهوبة أيضاً، ورومانية فخورة من الجيل السادس. كتابها La cucina romana: piatti tipici e ricette dimenticate di una cucina genuine e ricca di fantasia(المطبخ الروماني: أطباق نموذجية ووصفات منسية من مطبخ أصيل وثرّ الخيال)، كان مخاضاً للحب، وتسجيلاً لأسلوب الطبخ الذي بدأ يختفي تحت وطأة العصرية، والذي ربما أصبح طي النسيان لولاه. وفي ما يلي نقتبس من ذلك الكتاب، والذي لم يترجم قط إلى الإنجليزية، وصفها الساحر لقواقع الكروم التقليدية:
هنالك عيد روماني تقليدي في شهر يونيو، إنّه ليلة القديس يوحنا. وقد فقد على مدى السنوات جزءاً كبيراً من حيويته غير المسبوقة، بيد أنّه ما زال يمثل الوجهة التي تلتقي عندها جماعات مختلفة من كل أنحاء روما. وسط شذى الأكاليل والسنابل، تحفهم الآلاف من الأنوار بألوان عديدة، وعازفو الغيثار والماندولين الجوالة، تهفو نفوس هذه الحشود لإحياء هذا الطقس الشعبي. وكما تعلم، تنتهي الأمور دائماً بالطريقة نفسها، يقتحم الرومان الحانات، والمطاعم الصغيرة، والكثير من المتاجر المؤقتة لتناول الطبق التقليدي الذي نقدم هنا وصفته الأصلية التي تداولتها الأسر الرومانية جيلاً بعد جيل.
النداء المعروف لبائع القواقع والذي يحمل كمية بعينها من القواقع النيئة التي يؤثر ورودها من مزرعة للكروم، هو : قواقع الكرم!" “de vigna le lumache!”. إنهم يحتفظون بالقواقع في وعاء كبير (سلة من الخوص في العادة) يغطيها، بعد الاطمئنان إلى سهولة حركة الهواء داخلها. ويضعون بداخل السلة بعض فتات الخبز الطري، بعد غمسه في الماء وعصره، بالإضافة إلى بعض أوراق العنب.
تترك القواقع لبضعة أيام، ثم توضع في حوض كبير مليء بالماء مع ذرة من الملح، وكوب من الخل. ابدأ تقليب المحار بيديك: ينتج عن الغسلة الأولى هذه قدرٌ من الرغوة. استمر في عملية التنظيف، مع مراعاة تغيير المياه بضع مرات وإضافة الخل حتى لا يبقى في الماء زبد. ثم يتم شطف القواقع بعناية في الماء النقي، وتغيير المياه بضعة مرات. ثم توضع القواقع في مرجل على نار هادئة. وبينما ترتفع حرارة الماء، ستبدأ القواقع في سحب رؤوسها من أصدافها. وهذه هي اللحظة المناسبة لرفع درجة النار حتى تعبر هذه الكائنات الصغيرة إلى الحياة الأفضل قبل أن تتمكن من إعادة رؤوسها إلى صديفاتها. وعندما تصل المياه إلى نقطة الغليان، تترك القواقع لتغلي لعشر دقائق. ثم تؤخذ بواسطة ملعقة كبيرة مثّقبة، وغسلها للمرة الأخيرة ومن ثم وضعها في حوض كبير مملوء بالماء البارد. والآن نضعها في مقلاة من الفخار. وعلى ذكر الآنية الفخارية فإنّه يجدر الإشارة إلى أنها استخدمت في المطبخ الروماني بما في ذلك المقالي والقدور، والتي كانت تسمى في روما بالخزف. ضع بعض الزيت، وقليلًا من فصوص الثوم في المقلاة. وعندما يذبل التوم قليلاً ارفعه، واضف ثلاث أو أربع قطع من الأنشوجة، التي سبق غسلها، وإزالة العظم منها وتقطيعها إلى أجزاء صغيرة. قم بهرس السمكات بملعقة خشبية، وعندما تذوب، اضف إليها كمية من البندورة مناسبة لكمية القواقع. تذكر ضرورة أن تكون كمية صلصة الطماطم كبيرة في هذا الطبق. يجب إزالة قشرة الطماطم، والبذور، وتقطيعها إلى أجزاء صغيرة. وعندما يغدو قوام الصلصة سميكاً تبّلها بالملح، والكثير من الفلفل، وذرَّة من أوراق النعناع (ذلك النوع من نعناع المروج البري المعروف في روما باسم mentuccia). ويجب – بشكل عام- أن تكون الصلصة حريفة، بإضافة بضعة قطع من الفلفل الأحمر، وإن كانت ثخينة القوام يمكن إضافة القليل من الماء. ضع القواقع في مقلاة، واتركها نصف ساعة تقريباً لتتشرب النكهة على نار متوسطة.
------------------
قبيل النضج: الجنون والجمال والأغذية في روما
تأليف: ديفيد ونر- ترجمة: أميمة قاسم
بتكليف ورعاية من الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي، وبدافع من حب المعرفة والسعي لنشرها قامت القرية الإلكترونية بتوفير هذه النسخة منAl Dente قبيل النضج: الجنون والجمال والأغذية في روماتأليف: ديفيد ونر- وسوف نقوم بنشرها على حلقات تباعاً هنا في جوجل بلس نأمل أن تحوز إعجابكم وأن تكون مساهمة في #نشر_المعرفة
صفحتنا الرسمية في فيس بوك :
منصتنا في جوجل بلس لمتابعة باقي مشروعاتنا
https://plus.google.com/+HisExcellencyMohammedAhmedAlSuwaidi?hl=ar
(جميع الحقوق محفوظة)
قبيل النضج - الجنون والجمال والأغذية في روما
الفصل الرابع- القواقع
تأليف: ديفيد ونر
ترجمة: أميمة قاسم
----
كتب رائد فن الطبخ في روما القرن الحادي والعشرين قائلاً: " ليس ثمة سعادة حقيقية حيث لا ينال جانب مهم من جوانب حياتنا مثل الطعام ما يستحق من الاهتمام." وقد كانت آدا بوني سيدة لطيفة وقورة من إحدى أرفع عائلات الطبقة الوسطى ؛ يقال إنّها ابتدعت طبقها الأول قبل أن تتجاوز عامها العاشر من العمر. كانت عائلتها تعمل في صياغة الذهب، وكان عمها أدولفو جاكوينتو طباخاً مشهوراً. وقد قامت آدا بتحرير مجلتها الناجحة في فن الطبخ بين عامي 1915 و 1959، وكانت تحمل عنوان بريزيوسا (Preziosa- النفيسة). ويعتبر كتابها الأفضل مبيعاً: طلسم السعادة، الذي صدر للمرة الأولى عام 1929، محتوياً على 882 وصفة (زيدت لاحقاً بمساهمة من آخرين لتصبح أكثر من 2000 وصفة)، في أهمية كتاب أرتوزي علم الطهيScience in the Kitchen. وقد ظل كتاب بوني هو ما يرجح أن تتلقاه العروس الإيطالية كهدية زفاف في أغلب الأحوال. وهي تتميز بالأناقة، والموهبة والشعبية، وكانت تقدّم برنامجاً في الإذاعة، ونادرا ما كانت تظهر في الأماكن العامة في الصيف بدون مظلتها البيضاء. كانت تعطي دروس الطهي للسيدات الآخريات من الطبقة الراقية في منزل عائلتها بقصر اوديسكالتشي، وصرّحت بأنّ الطبخ : " أكثر الفنون إثارة للبهجة، وفي ذات الوقت، أكثر العلوم إمتاعاً". وكما تبين من الطلسم فهي لم تناصر النساء: " الكثيرات منكن، عزيزاتي السيدات والفتيات، يعرفن كيف يعزفن البيانو جيداً، أو يؤدين الأغاني بطلاوة أنيقة، وغيركن كثيرات يحملن ألقاباً رفيعة في الدراسات العليا، ويعرفن اللغات الحديثة، وكاتبات رائعات أو رسامات بارعات، كما نجد منكن من يجدن لعب التنس أو الجولف، أو يدرن دفة قيادة سيارة فارهة بكل ثقة. ولكن، واحسرتاه، ليس باستطاعة جميعكن ادعاء- إن حكمتن ضمائركنَّ قليلاً- معرفة كيفية سلق بيضتين إلى درجة دون الاستواء بالضبط." . كما كانت باحثة موهوبة أيضاً، ورومانية فخورة من الجيل السادس. كتابها La cucina romana: piatti tipici e ricette dimenticate di una cucina genuine e ricca di fantasia(المطبخ الروماني: أطباق نموذجية ووصفات منسية من مطبخ أصيل وثرّ الخيال)، كان مخاضاً للحب، وتسجيلاً لأسلوب الطبخ الذي بدأ يختفي تحت وطأة العصرية، والذي ربما أصبح طي النسيان لولاه. وفي ما يلي نقتبس من ذلك الكتاب، والذي لم يترجم قط إلى الإنجليزية، وصفها الساحر لقواقع الكروم التقليدية:
هنالك عيد روماني تقليدي في شهر يونيو، إنّه ليلة القديس يوحنا. وقد فقد على مدى السنوات جزءاً كبيراً من حيويته غير المسبوقة، بيد أنّه ما زال يمثل الوجهة التي تلتقي عندها جماعات مختلفة من كل أنحاء روما. وسط شذى الأكاليل والسنابل، تحفهم الآلاف من الأنوار بألوان عديدة، وعازفو الغيثار والماندولين الجوالة، تهفو نفوس هذه الحشود لإحياء هذا الطقس الشعبي. وكما تعلم، تنتهي الأمور دائماً بالطريقة نفسها، يقتحم الرومان الحانات، والمطاعم الصغيرة، والكثير من المتاجر المؤقتة لتناول الطبق التقليدي الذي نقدم هنا وصفته الأصلية التي تداولتها الأسر الرومانية جيلاً بعد جيل.
النداء المعروف لبائع القواقع والذي يحمل كمية بعينها من القواقع النيئة التي يؤثر ورودها من مزرعة للكروم، هو : قواقع الكرم!" “de vigna le lumache!”. إنهم يحتفظون بالقواقع في وعاء كبير (سلة من الخوص في العادة) يغطيها، بعد الاطمئنان إلى سهولة حركة الهواء داخلها. ويضعون بداخل السلة بعض فتات الخبز الطري، بعد غمسه في الماء وعصره، بالإضافة إلى بعض أوراق العنب.
تترك القواقع لبضعة أيام، ثم توضع في حوض كبير مليء بالماء مع ذرة من الملح، وكوب من الخل. ابدأ تقليب المحار بيديك: ينتج عن الغسلة الأولى هذه قدرٌ من الرغوة. استمر في عملية التنظيف، مع مراعاة تغيير المياه بضع مرات وإضافة الخل حتى لا يبقى في الماء زبد. ثم يتم شطف القواقع بعناية في الماء النقي، وتغيير المياه بضعة مرات. ثم توضع القواقع في مرجل على نار هادئة. وبينما ترتفع حرارة الماء، ستبدأ القواقع في سحب رؤوسها من أصدافها. وهذه هي اللحظة المناسبة لرفع درجة النار حتى تعبر هذه الكائنات الصغيرة إلى الحياة الأفضل قبل أن تتمكن من إعادة رؤوسها إلى صديفاتها. وعندما تصل المياه إلى نقطة الغليان، تترك القواقع لتغلي لعشر دقائق. ثم تؤخذ بواسطة ملعقة كبيرة مثّقبة، وغسلها للمرة الأخيرة ومن ثم وضعها في حوض كبير مملوء بالماء البارد. والآن نضعها في مقلاة من الفخار. وعلى ذكر الآنية الفخارية فإنّه يجدر الإشارة إلى أنها استخدمت في المطبخ الروماني بما في ذلك المقالي والقدور، والتي كانت تسمى في روما بالخزف. ضع بعض الزيت، وقليلًا من فصوص الثوم في المقلاة. وعندما يذبل التوم قليلاً ارفعه، واضف ثلاث أو أربع قطع من الأنشوجة، التي سبق غسلها، وإزالة العظم منها وتقطيعها إلى أجزاء صغيرة. قم بهرس السمكات بملعقة خشبية، وعندما تذوب، اضف إليها كمية من البندورة مناسبة لكمية القواقع. تذكر ضرورة أن تكون كمية صلصة الطماطم كبيرة في هذا الطبق. يجب إزالة قشرة الطماطم، والبذور، وتقطيعها إلى أجزاء صغيرة. وعندما يغدو قوام الصلصة سميكاً تبّلها بالملح، والكثير من الفلفل، وذرَّة من أوراق النعناع (ذلك النوع من نعناع المروج البري المعروف في روما باسم mentuccia). ويجب – بشكل عام- أن تكون الصلصة حريفة، بإضافة بضعة قطع من الفلفل الأحمر، وإن كانت ثخينة القوام يمكن إضافة القليل من الماء. ضع القواقع في مقلاة، واتركها نصف ساعة تقريباً لتتشرب النكهة على نار متوسطة.
------------------
قبيل النضج: الجنون والجمال والأغذية في روما
تأليف: ديفيد ونر- ترجمة: أميمة قاسم
بتكليف ورعاية من الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي، وبدافع من حب المعرفة والسعي لنشرها قامت القرية الإلكترونية بتوفير هذه النسخة منAl Dente قبيل النضج: الجنون والجمال والأغذية في روماتأليف: ديفيد ونر- وسوف نقوم بنشرها على حلقات تباعاً هنا في جوجل بلس نأمل أن تحوز إعجابكم وأن تكون مساهمة في #نشر_المعرفة
صفحتنا الرسمية في فيس بوك :
https://www.facebook.com/mohammed.suwaidi.poet/
منصتنا في جوجل بلس لمتابعة باقي مشروعاتنا
https://plus.google.com/+HisExcellencyMohammedAhmedAlSuwaidi?hl=ar
(جميع الحقوق محفوظة)
, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi,,
Related Articles