إلى أصدقائي الأحرار
إلى أصدقائي الأحرار
ما بعد الامتاع والمؤانسة:
مقام الدراسات الثقافية، وحركية الوعي والتجديد
في مجلس الصديق الشاعر محمد أحمد السويدي، والحرُّ للحرِّ يصحب
_____________________________________________
كم من مرةٍ خرجت من هناك وأنا لا أريد، لما تملَّكني من تجليات، أن يذوي وينتهي. التجليات بمعناها عند هيغل وغيره من الفلاسفة، غير أنها كانت تبقيني ربما لساعاتٍ في حوار فلسفي صامت مع الذات، بعد انفضاض المجلس. من هناك، حيث مجلس الصديق الشاعر محمد أحمد السويدي.
لمقامات الجلوس في مجلسه نظامٌ وقواعد ترقى به إلى أصول الحوار والسماع في رواقٍ جامعي.
وقطعاً، لا تتطابق صورته مع المعتاد من الأحاديث والمسامرات و"الهرج" في المجالس والديوانيات أو المضافات . وإذ هو لا يحرمك من ممكناتها في الإنبساط والبهجة، فإنه يذهبُ إلى العقلاني وإلى ما بعد الإمتاع والمؤانسة، ليصل إلى جوهر الدراسات الثقافية. والقصد من الأخيرة أنها منهجٌ يعيد قراءة النصّ الثقافي( المطروح للنقاش) سواء التراثي القديم أوالمعاصر الجديد ، في حوارٍ عفويٍّ مفتوح يستلهم مناهج عديدة مركبة، تفكّكه، وتحلله من وجهة نظر علوم عصرية متنوعة. وبالمدهش من التعدد يتحقق التجلّي.
سيصبح تفسير تلك المناهج وزخم تلك الجلسات أكثروضوحاً لو أعدناه إلى آلية تحققها الرباعية.
الأولى هي شخصية محمد السويدي والثانية شخصية الحضور المشارك والثالثة وربما تكون الأهم وهي تلك الروافد من أنشطة السويدي والتي تصب في مناحي الجلسة لتكون الحاضنة وسرّ أسرار حركيتها، والرابعة هي انتشارها خارج الحيز المكاني للجلسة إلى رحابة المحيط العربي والعالمي،وأرجو بهذا التقسيم أن أصل إلى وضع القاريء في لُجِّ التجليات.
*أولاً محمد بن أحمد خليفة السويدي، هو الشاعر، سليل بيتٍ، منطِقهُ الحكمة والشعر وهويته السياسة والريادة، فهوموضوعياً، من صُلب النسيج المجتمعي للإمارات.هو الرحالة، ليس بما هي فُرجة ومتعةُ نظر، بل قراءة في حضارات شعوب الأمكنة وتواصلها مع الذات ومع الحضارة العربية. سأذكر من بينها الرحلة على خطى الشاعر الياباني الأعظم باشو الى الشمال الياباني، وعلى خطى الشاعر ألألماني الأشهر غوته في أرجاء إيطاليا ( لاحقاً يكلف الكاتب العراقي فالح عبد الجبار بترجمة يومياته). وفي البلد ذاته، أيضاً على خطى الشاعر أوفيد وبلدته ومِهاده ( ويترجم بعض شعره ويُصدِر عن دارالسويدي كتابه الأشهر"فن الهوى" من ترجمة الشاعرعلي كنعان) وفي باريس على خطى مارسيل بروست وزمنه المفقود ، وعلى خطى إرنست همنغواي وبلزاك وغيرهم ،ويستهويه المعمارفي المباني العامة ودور العبادة وكأنه مهندس ويتقرى اللوحات في المتاحف وكأنه سيعود إلى محترفه للإمساك بالريشة واستكمال لوحته. وتستهويه انثروبولوجيا العادات والتقاليد لكل بلد يزوره ، تستهويه الموسيقى وآلاتها، ويسعى إلى مزاوجتها بالتراث العربي لينتج جدلياً ما هو جديد، وأذكر بهذا الصدد سعيه بالبحث والتقسيم الزمني والشعري للمعلقات لتكون عملاً موسيقياً بالتعاون مع الموسيقار الكبير مرسيل خليفة، والمشروع يتم تنضيجه منذ عشرسنوات،ليتم قريباً إنجازه . ومن بين ما يستهويه في ارتحالاته ايضاً، مذاقات الأكل وأساليب الطهو المقرونة بالمكان، ولا يفوته تطورها كسلعة رأسمالية في زمن العولمة،مرصعة بنجوم(ميشيلين) وبروز أسماء الطهاة كنجوم السينما او كرة القدم. وتشده عاطفياً وربما جينيّاً الرحلة العربية، فيقتفي خطى الشاعر العربي ابو الطيب المتنبي ويحققها في منتج ثقافي مدهش. وارتحالاته في أوروبا وآسيا( اليابان والهند وإيران وتركيا) لا تبعده عن وطنه العربي فيزور الجزائر ومصر ويكتب عنها. وقبل ذلك في الإمارات نفسها، على خطى شعراء من طرفة بن العبد إلى بن لعبون إلى المايدي.
أقول له مرات، أنت رجل عاش ألف عام، من طفولة في بلدٍ ليس فيه إلا الرمل السخين والتمر ولوءلوء البحر وأسماكه، إلى بلدٍ يزهو بكل ما هو عصريّ وصولاً إلى امتلاك قمرٍ صناعي. وكما عرفته منذ أكثر من عقدين، هو التطابق بين السيرة ومحسوس منجزها، التطابق يبدأ من ريادته في شعر الإمارات في تحديثه وتطويره لمفردات الشعر الموروث ليعطيها مدلولاتها العصرية . ومن وهج تلك الريادة لمعت بوارق شعر جيل جديد.
وها هو الشاب العائد من الدراسة في الجامعات الأميركية يتولى أدارة أهم تجربة ثقافية في الإمارات ولا أبالغ لو قلت، في المحيط العربي وأعني بذلك تجربة (بل حالة) المجمع الثقافي في ابو ظبي، ذلك الذي جعل منه محمد، مختبر الثقافة العربية والعالمية بكل صيغها، في علاقة وثيقة بالمجتمع .إلى ذلك المُجمّع، حجَّ العشرات من ألألمع والأشهر من المثقفين العرب والأجانب، ليقولوا كلمتهم مكتوبة في كتب أو مسجلة على أشرطة أو أفلام، في الشعر والفكر في الموسيقى والغناء المحلي أو الكلاسيكي العالمي حتى الأوبرا، في السينما والنقد السينمائي، في الرسم والتشكيل، وفي رعاية المعرض السنوي للكتب، وفي إنجاز الموسوعة الشعرية العربية، ووضعها على قرصٍ مدمج ، وغير ذلك الكثير.
ولماذا أسرد كل هذا؟
الجواب لكي تُفصح عن نفسها تلك الشخصية، ويُفصح عن نفسه ذلك التطابق الذي ذكرته بين السيرة ومنجزها، فبعد إغلاق المجمّع الثقافي ، صار مجلس أبو جاسم كما يحلو لنا مناداته،هو البديل الذاتي، هو زمان ومكان انعقاد كل هذه الابداعات وتجلياتها، بل وبالأحدث تطوراً واستجابة لتحديات العصر والتكنولوجية منها على وجهٍ خاص.وبمهارات ذاتية لا تتوقف أبداً عن تطوير نفسها، إن كانت في التصوير أو تعلم اللغات،وفي نظم الشعر وفي الكتابة في الرحلة والنقد الأدبي والسينمائي،وفوق هذا تعلم اللغات من القديمة مثل الفرعونية الهيروغليفية التي يتقن قراءتها إلى الفرنسية والإيطالية، إلى جانب الحفر الدائم في أسرار اللغة العربية من مطلع الأركيولوجيا إلى نظريات الألسنيات.
*ثانياً شخصية الحضور في المجلس ، ولهذه أهميتها في إثراء الحوار، فهي بواقع التزامها (بروتوكول) الحوار والسماع، تسهم فيه بوجهة نظرٍ نضجت في التخصص المهني أو الوظيفيّ المعروفة به، وهذا ما يرتقي بالمجلس إلى منطق الدراسات الثقافية من حيث تناول القضية مطرح النقاش من زوايا مختلفة وبأدوات نظرية مختلفة بدورها أيضاً.
يُذكرني هذا بأيام تدريسي لمساق الدراسات الثقافية في جامعة بيرزيت، وهو من أربع مستويات مزامنة لأربع سنوات الدراسة وبالطبع يرتقي النقاش كلما تقدم الطالب في تحصيله الأكاديمي . ومن المهم التأكيد على أن المساق متطلب جامعي لكل الطلبة بغض النظر عن تخصصهم الأكاديمي. وهنا كانت تتحصل تجليات النقاش فرأي طالب الهندسة مثلاً في قصة الطوفان وكلكامش، هي غيرها عند طالب علم الآثار أو طالب علم الاجتماع أو الفيزياء أو التاريخ أو العلوم السياسية أو الحقوق أو الموسيقى إلى غيرها من التخصصات ، لكن المهم هو تلك الفكرة الغنية المتحصلة من النقاش الجماعي بمناهج نظرية متنوعة وتطبيقاتها الراهنة. وهذه مناسبة لأضع خطاً تحت الراهنة، لأن مقولات الثقافة اليونانية القديمة على سبيل المثال وكذلك الهندية والصينية والاسلامية الأولى ، تجدد نفسها في يومنا هذا.
ومن الجميل أن أذكر هنا ، ومستأذناً، أسماء شخصيات ساهمت في المجلس يوم الأربعاء( وهو موعد كل مجلس) في تاريخ8آذار/مارس (2023)، وكنت تشرفت بحضوره،والقصد أن أوضح ثراء الحوار من كل مساهم على قدر تخصصه (وكلٌّ على قدر الزيت فيه يُضاء، كما يقول مظفر النواب).كان من بين الحضور على ما أتذكرومع حفظ الألقاب: سالم الأخضر الإبراهيمي(مخرج سينمائي) وطه الطائي (مترجم كتاب رحلة في جزيرة العرب للويس بوركهارت) و محمد غباش(مفكر ،كاتب وروائي ومؤرخ) ومرسيل خليفة( فنان موسيقيّ ،مؤلف موسيقي بأعلى مستوى اوركيسترالي،وكاتب) وسالم بوجمهور القبيسي( شاعر من جيل الرواد في الإمارات، واسع الثقافة معمور بالعروبة)ويعقوب الشامسي( شاعر مفوه، وانسيكلوبيديا عامرة بالشعر العربي الفصيح والنبطي)وفيصل الجارودي(مهندس)ومحمود خضر(متخصص في الميثولوجيا اليونانية والمصرية والفن الاسلامي والاندلسيات شعراً ومعماراً وفنوناً)والشقيقان من الشباب اليافع أبناء الصديق المرحوم صلاح صلاح(تخصص في السينما) وإلى جانب هؤلاء، يبرز العاملون في مشروع القرية الأليكترونية التي يديرها ويطورها محمد السويدي، وكلهم اصحاب تخصص كلّ في مجاله بما يتطلبه تنوع نشاطات القرية الأايكترونية الثقافي الواسع. وأترك لكم تصور المساهمات في الحوارات التي استمرت لثلاث ساعات تقريباً، حول السينما ما بعد الكورونا ودور المهرجانات، عن الأكل وتطور طهاة نجوم (ميشلين) وعن الموسيقى والشعروامكانية بناء(خلق) تصور موسيقي للمعلقات كمشروع نوه إليه أبو جاسم بالتعاون مع الفنان مرسيل خليفة.
قبل هذا باسبوع وفي مجلسٍ سابق تشرفت بحضوره دار حديث استفاض فيه الشاعر محمد السويدي بالشرح عن جلال الدين الرومي لأكثر من ساعة، وكان على هامش هدية حملتها إلى المجلس لأبي جاسم، الاستاذة والكاتبة الصحفية فاطمة عطفة ،وزوجها الشاعر الكبير علي كنعان، والهدية كانت ثلاثة كتب عن مولانا جلال الدين الرومي. حديث أبو جاسم نمّ عن ثقافة عربية اسلامية واسعة حول الصوفية وتأثيرها، وخصوصا وأن الحديث عاد بالتاريخ إلى ظهور الدعوة المحمدية وإلى فتح مكة وعن الفتنة وقبلها اجتماع السقيفة، وفي كل واحدة من هذه العناوين كان محمد يدهشني( وافترض نفسي متخصصا بدرجة ما في التاريخ الاسلامي والعربي) يدهشني ويستوقفني لأن رأيه هنا ليس رواية تاريخية بل نقدٌ للروايات بما يفضي إلى مساهمة بالمعنى الجدلي للكلمة، أي بطرح سؤالٍ لم يطرح من قبل أو تقديم إجابة جديدة على سؤال قديم. وكل هذا في تداعيات شفوية ، لكن بلا شك انها تصدر عن قراءات كثيرة ومعمقة.
*ثالثاً روافد حركية محمد ونشاطه الثقافي، وهذا لا ينفصل عن ما قلته (أولاً) عن شخصية محمد لكن هنا أحب أن أسجل إعجابي بالتنوع والعمق الكبيرين للحقول المعرفية التي يبادر محمد إلى تطويرها ودفعها قُدماً وعلى رأسها مشروع ارتياد الآفاق بفروعه ،جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة وجائزة السندباد لأدب الرحلة المعاصرة ،وكم أكره قول أنها تتم ب(رعاية) بكل ما تتضمنه من فصل تعسفي بين الرجل وانشغاله ومساهمته الفكرية والتخطيطية كما يلزم لتدعيم مشروعه الثقافي وتكامله، وبين الرعاية وكأنها فعل محض "تمويلي" منفصم عنه( لا بد من انتقاء صفة ولو مكونة من 4 كلمات غير_رعاية).والمشروع مساهمة أصيلة ،وجديدة لإحياء تراث الرحلة والأدب الجغرافي العربي، وانتخب لتحقيق ذلك فريق يقف على رأسه الشاعر نوري الجراح ويتبع ذلك فريق من المحكمين لجائزة ابن بطوطة أتذكر منهم مع حفظ الألقاب، خلدون الشمعة وعبد الرحمن بسيسو وأحمد البرقاوي. وإلى جانب المشروع المذكور تأتي مشاريع عديدة اهمها على الإطلاق ، مشروع الورّاق وهي مكتبة اليكترونية تضم اكثر من مليون عنوان وكتاب تساعد الباحثين في أبحاثهم وتعوضهم نسبياً عن المكتبات، وضياع الوقت في الوصول إليها، فهي مكتبة على حاسوب أو هاتف الباحث.وهناك المواقع الاليكترونية المختلفة مثل واحة المتنبي وتتفرع عنها أقسام ثقافية من الشعر النبطي إلى الشعر الحديث ، لكن الأساسي هو كل قصائد المتنبي بصوت عبد المجيد المجذوب ومرفق بها شرح وافٍ للمعاني.وهذه النشاطات المذكورة سابقاً تقع في إطار القرية الأليكترونية التي يديرها ويشرف عليها ويرسم خططها ويحول نتاجاتها إلى تطبيقات هو محمد السويدي، وكان عرضَ أمامنا في مجلسه الاسبوع ما قبل الماضي ، تطبيق المتنبي والخط الزمني لتجواله ولزمنه السياسي ولشعره.
التطبيقات هي الآن مركز الاهتمام، توافقاً مع متطلبات العصر، بعضها اكتمل وبعضها في مراحل التطوير والتجريب، وتشمل التطبيقات على ما أدري به من الموجود على أجهزتي الخاصة (أليكترونياتي) الموبايل، وآي باد، وبالطبع على الحاسوب، ومن بينها حوايا (في الشعر الشعبي مع صوت الشاعر السويدي) ولخولة، وهو موجود ككتاب وكتطبيق( 365قصيدة حب بصوت الشعر محمد السويدي أيضاً ومع خلفية موسيقية وصور تناسب القصيدة) واشهر 101 كتاب في العالم(بالصوت والصورة)ومتحف العلماء( بالصوت والصورة) وهناك تطبيقات اخرى يجري اختبارها وتطويرها مثل رحلات لابن بطوطة وتطبيق المتنبي، وتطبيق الساعة الزمنية التي هي تطوير (تطبيقي إن جاز التعبير)لكتاب اشتغل عليه الشاعر السويدي زمناً طويلاً هو كتاب "منازل القمر" . ومن التطبيقات المدهشة أيضا والتي هي من ثمرة رحلات السويدي تطبيق باريس وهو خريطة مرافقة لزائر باريس حيث تقفز على الشاشة(موبايل على الأغلب او آي باد) اهم المواقع التي تواكب ممشى الزائر، ومثله أيضا يجري العمل عليه لمدينة لندن التي درس السويدي تاريخها ومواقعها بشمولية ووعي .
*رابعاً الانتشار خارج الحيز المكاني للمجلس وقصدت به تلك المطبوعات من الكتب التي تجاوزت 300 عنوان والتي تصدر عن دار السويدي للنشر ويتولى طباعتها ونشرها وتوزيعها المؤسسة العربية للدراسات والنشرفي عمان التي يديرها مالكها الاستاذ ماهر الكيالي ودار المتوسط في ميلانو( لا أتذكر للأسف إسم مالكها) .كما يقع في هذا الصدد مشاركة القرية الاليكترونية في معارض الكتب الرئيسية في العواصم العربية.
على أن المناسبة السنوية لتوزيع جوائز ابن بطوطة وادب الرحلة واحدة من المظاهر الأساسية للانتشار خارج الحيز المكاني للمجلس، وتوزيع الجائزة أشبه بمهرجان أدبي صغير، تتابعه كبريات وسائط الإعلام.
ذكرت هذه الرباعية ولو بالقليل من التفاصيل، أولاً لكي أظهر مجموع العوامل المحسوسة والمرئية أو التي تنتشر كروح طيبة في أرجاء المجلس، وثانياً لكي أفسّر معنى ما بعد الامتاع والمؤانسة ، والمساهمة الحيوية في حلقة الدراسات الثقافية.
أراجع ألبوم صور كثيرة مشتركة لي برفقة أبو جاسم، وتستوقفني صورة لكلينا في بيتي الذي هو أصلاً جدران من كتب، وخلفنا بالمصادفة كرت كاليغرافي كان اهداني إياه الفنان الغرافيكي الاستاذ منير الشعراني ويُقرأ:
الحُرُّ للحرِّ يصحب
أغبطك أخي المحبوب أبو جاسم ، أغبطك السعادة والفرح بالإنجازات
بروح العزِّ وبهجة الصحبة مع ضيوفك في مجلسك الموقّر وبيتك العامر
طال عمرك ودام إنجازك منارة وعي


.jpg)





إلى أصدقائي الأحرار
ما بعد الامتاع والمؤانسة:
مقام الدراسات الثقافية، وحركية الوعي والتجديد
في مجلس الصديق الشاعر محمد أحمد السويدي، والحرُّ للحرِّ يصحب
_____________________________________________
كم من مرةٍ خرجت من هناك وأنا لا أريد، لما تملَّكني من تجليات، أن يذوي وينتهي. التجليات بمعناها عند هيغل وغيره من الفلاسفة، غير أنها كانت تبقيني ربما لساعاتٍ في حوار فلسفي صامت مع الذات، بعد انفضاض المجلس. من هناك، حيث مجلس الصديق الشاعر محمد أحمد السويدي.
لمقامات الجلوس في مجلسه نظامٌ وقواعد ترقى به إلى أصول الحوار والسماع في رواقٍ جامعي.
وقطعاً، لا تتطابق صورته مع المعتاد من الأحاديث والمسامرات و"الهرج" في المجالس والديوانيات أو المضافات . وإذ هو لا يحرمك من ممكناتها في الإنبساط والبهجة، فإنه يذهبُ إلى العقلاني وإلى ما بعد الإمتاع والمؤانسة، ليصل إلى جوهر الدراسات الثقافية. والقصد من الأخيرة أنها منهجٌ يعيد قراءة النصّ الثقافي( المطروح للنقاش) سواء التراثي القديم أوالمعاصر الجديد ، في حوارٍ عفويٍّ مفتوح يستلهم مناهج عديدة مركبة، تفكّكه، وتحلله من وجهة نظر علوم عصرية متنوعة. وبالمدهش من التعدد يتحقق التجلّي.
سيصبح تفسير تلك المناهج وزخم تلك الجلسات أكثروضوحاً لو أعدناه إلى آلية تحققها الرباعية.
الأولى هي شخصية محمد السويدي والثانية شخصية الحضور المشارك والثالثة وربما تكون الأهم وهي تلك الروافد من أنشطة السويدي والتي تصب في مناحي الجلسة لتكون الحاضنة وسرّ أسرار حركيتها، والرابعة هي انتشارها خارج الحيز المكاني للجلسة إلى رحابة المحيط العربي والعالمي،وأرجو بهذا التقسيم أن أصل إلى وضع القاريء في لُجِّ التجليات.
*أولاً محمد بن أحمد خليفة السويدي، هو الشاعر، سليل بيتٍ، منطِقهُ الحكمة والشعر وهويته السياسة والريادة، فهوموضوعياً، من صُلب النسيج المجتمعي للإمارات.هو الرحالة، ليس بما هي فُرجة ومتعةُ نظر، بل قراءة في حضارات شعوب الأمكنة وتواصلها مع الذات ومع الحضارة العربية. سأذكر من بينها الرحلة على خطى الشاعر الياباني الأعظم باشو الى الشمال الياباني، وعلى خطى الشاعر ألألماني الأشهر غوته في أرجاء إيطاليا ( لاحقاً يكلف الكاتب العراقي فالح عبد الجبار بترجمة يومياته). وفي البلد ذاته، أيضاً على خطى الشاعر أوفيد وبلدته ومِهاده ( ويترجم بعض شعره ويُصدِر عن دارالسويدي كتابه الأشهر"فن الهوى" من ترجمة الشاعرعلي كنعان) وفي باريس على خطى مارسيل بروست وزمنه المفقود ، وعلى خطى إرنست همنغواي وبلزاك وغيرهم ،ويستهويه المعمارفي المباني العامة ودور العبادة وكأنه مهندس ويتقرى اللوحات في المتاحف وكأنه سيعود إلى محترفه للإمساك بالريشة واستكمال لوحته. وتستهويه انثروبولوجيا العادات والتقاليد لكل بلد يزوره ، تستهويه الموسيقى وآلاتها، ويسعى إلى مزاوجتها بالتراث العربي لينتج جدلياً ما هو جديد، وأذكر بهذا الصدد سعيه بالبحث والتقسيم الزمني والشعري للمعلقات لتكون عملاً موسيقياً بالتعاون مع الموسيقار الكبير مرسيل خليفة، والمشروع يتم تنضيجه منذ عشرسنوات،ليتم قريباً إنجازه . ومن بين ما يستهويه في ارتحالاته ايضاً، مذاقات الأكل وأساليب الطهو المقرونة بالمكان، ولا يفوته تطورها كسلعة رأسمالية في زمن العولمة،مرصعة بنجوم(ميشيلين) وبروز أسماء الطهاة كنجوم السينما او كرة القدم. وتشده عاطفياً وربما جينيّاً الرحلة العربية، فيقتفي خطى الشاعر العربي ابو الطيب المتنبي ويحققها في منتج ثقافي مدهش. وارتحالاته في أوروبا وآسيا( اليابان والهند وإيران وتركيا) لا تبعده عن وطنه العربي فيزور الجزائر ومصر ويكتب عنها. وقبل ذلك في الإمارات نفسها، على خطى شعراء من طرفة بن العبد إلى بن لعبون إلى المايدي.
أقول له مرات، أنت رجل عاش ألف عام، من طفولة في بلدٍ ليس فيه إلا الرمل السخين والتمر ولوءلوء البحر وأسماكه، إلى بلدٍ يزهو بكل ما هو عصريّ وصولاً إلى امتلاك قمرٍ صناعي. وكما عرفته منذ أكثر من عقدين، هو التطابق بين السيرة ومحسوس منجزها، التطابق يبدأ من ريادته في شعر الإمارات في تحديثه وتطويره لمفردات الشعر الموروث ليعطيها مدلولاتها العصرية . ومن وهج تلك الريادة لمعت بوارق شعر جيل جديد.
وها هو الشاب العائد من الدراسة في الجامعات الأميركية يتولى أدارة أهم تجربة ثقافية في الإمارات ولا أبالغ لو قلت، في المحيط العربي وأعني بذلك تجربة (بل حالة) المجمع الثقافي في ابو ظبي، ذلك الذي جعل منه محمد، مختبر الثقافة العربية والعالمية بكل صيغها، في علاقة وثيقة بالمجتمع .إلى ذلك المُجمّع، حجَّ العشرات من ألألمع والأشهر من المثقفين العرب والأجانب، ليقولوا كلمتهم مكتوبة في كتب أو مسجلة على أشرطة أو أفلام، في الشعر والفكر في الموسيقى والغناء المحلي أو الكلاسيكي العالمي حتى الأوبرا، في السينما والنقد السينمائي، في الرسم والتشكيل، وفي رعاية المعرض السنوي للكتب، وفي إنجاز الموسوعة الشعرية العربية، ووضعها على قرصٍ مدمج ، وغير ذلك الكثير.
ولماذا أسرد كل هذا؟
الجواب لكي تُفصح عن نفسها تلك الشخصية، ويُفصح عن نفسه ذلك التطابق الذي ذكرته بين السيرة ومنجزها، فبعد إغلاق المجمّع الثقافي ، صار مجلس أبو جاسم كما يحلو لنا مناداته،هو البديل الذاتي، هو زمان ومكان انعقاد كل هذه الابداعات وتجلياتها، بل وبالأحدث تطوراً واستجابة لتحديات العصر والتكنولوجية منها على وجهٍ خاص.وبمهارات ذاتية لا تتوقف أبداً عن تطوير نفسها، إن كانت في التصوير أو تعلم اللغات،وفي نظم الشعر وفي الكتابة في الرحلة والنقد الأدبي والسينمائي،وفوق هذا تعلم اللغات من القديمة مثل الفرعونية الهيروغليفية التي يتقن قراءتها إلى الفرنسية والإيطالية، إلى جانب الحفر الدائم في أسرار اللغة العربية من مطلع الأركيولوجيا إلى نظريات الألسنيات.
*ثانياً شخصية الحضور في المجلس ، ولهذه أهميتها في إثراء الحوار، فهي بواقع التزامها (بروتوكول) الحوار والسماع، تسهم فيه بوجهة نظرٍ نضجت في التخصص المهني أو الوظيفيّ المعروفة به، وهذا ما يرتقي بالمجلس إلى منطق الدراسات الثقافية من حيث تناول القضية مطرح النقاش من زوايا مختلفة وبأدوات نظرية مختلفة بدورها أيضاً.
يُذكرني هذا بأيام تدريسي لمساق الدراسات الثقافية في جامعة بيرزيت، وهو من أربع مستويات مزامنة لأربع سنوات الدراسة وبالطبع يرتقي النقاش كلما تقدم الطالب في تحصيله الأكاديمي . ومن المهم التأكيد على أن المساق متطلب جامعي لكل الطلبة بغض النظر عن تخصصهم الأكاديمي. وهنا كانت تتحصل تجليات النقاش فرأي طالب الهندسة مثلاً في قصة الطوفان وكلكامش، هي غيرها عند طالب علم الآثار أو طالب علم الاجتماع أو الفيزياء أو التاريخ أو العلوم السياسية أو الحقوق أو الموسيقى إلى غيرها من التخصصات ، لكن المهم هو تلك الفكرة الغنية المتحصلة من النقاش الجماعي بمناهج نظرية متنوعة وتطبيقاتها الراهنة. وهذه مناسبة لأضع خطاً تحت الراهنة، لأن مقولات الثقافة اليونانية القديمة على سبيل المثال وكذلك الهندية والصينية والاسلامية الأولى ، تجدد نفسها في يومنا هذا.
ومن الجميل أن أذكر هنا ، ومستأذناً، أسماء شخصيات ساهمت في المجلس يوم الأربعاء( وهو موعد كل مجلس) في تاريخ8آذار/مارس (2023)، وكنت تشرفت بحضوره،والقصد أن أوضح ثراء الحوار من كل مساهم على قدر تخصصه (وكلٌّ على قدر الزيت فيه يُضاء، كما يقول مظفر النواب).كان من بين الحضور على ما أتذكرومع حفظ الألقاب: سالم الأخضر الإبراهيمي(مخرج سينمائي) وطه الطائي (مترجم كتاب رحلة في جزيرة العرب للويس بوركهارت) و محمد غباش(مفكر ،كاتب وروائي ومؤرخ) ومرسيل خليفة( فنان موسيقيّ ،مؤلف موسيقي بأعلى مستوى اوركيسترالي،وكاتب) وسالم بوجمهور القبيسي( شاعر من جيل الرواد في الإمارات، واسع الثقافة معمور بالعروبة)ويعقوب الشامسي( شاعر مفوه، وانسيكلوبيديا عامرة بالشعر العربي الفصيح والنبطي)وفيصل الجارودي(مهندس)ومحمود خضر(متخصص في الميثولوجيا اليونانية والمصرية والفن الاسلامي والاندلسيات شعراً ومعماراً وفنوناً)والشقيقان من الشباب اليافع أبناء الصديق المرحوم صلاح صلاح(تخصص في السينما) وإلى جانب هؤلاء، يبرز العاملون في مشروع القرية الأليكترونية التي يديرها ويطورها محمد السويدي، وكلهم اصحاب تخصص كلّ في مجاله بما يتطلبه تنوع نشاطات القرية الأايكترونية الثقافي الواسع. وأترك لكم تصور المساهمات في الحوارات التي استمرت لثلاث ساعات تقريباً، حول السينما ما بعد الكورونا ودور المهرجانات، عن الأكل وتطور طهاة نجوم (ميشلين) وعن الموسيقى والشعروامكانية بناء(خلق) تصور موسيقي للمعلقات كمشروع نوه إليه أبو جاسم بالتعاون مع الفنان مرسيل خليفة.
قبل هذا باسبوع وفي مجلسٍ سابق تشرفت بحضوره دار حديث استفاض فيه الشاعر محمد السويدي بالشرح عن جلال الدين الرومي لأكثر من ساعة، وكان على هامش هدية حملتها إلى المجلس لأبي جاسم، الاستاذة والكاتبة الصحفية فاطمة عطفة ،وزوجها الشاعر الكبير علي كنعان، والهدية كانت ثلاثة كتب عن مولانا جلال الدين الرومي. حديث أبو جاسم نمّ عن ثقافة عربية اسلامية واسعة حول الصوفية وتأثيرها، وخصوصا وأن الحديث عاد بالتاريخ إلى ظهور الدعوة المحمدية وإلى فتح مكة وعن الفتنة وقبلها اجتماع السقيفة، وفي كل واحدة من هذه العناوين كان محمد يدهشني( وافترض نفسي متخصصا بدرجة ما في التاريخ الاسلامي والعربي) يدهشني ويستوقفني لأن رأيه هنا ليس رواية تاريخية بل نقدٌ للروايات بما يفضي إلى مساهمة بالمعنى الجدلي للكلمة، أي بطرح سؤالٍ لم يطرح من قبل أو تقديم إجابة جديدة على سؤال قديم. وكل هذا في تداعيات شفوية ، لكن بلا شك انها تصدر عن قراءات كثيرة ومعمقة.
*ثالثاً روافد حركية محمد ونشاطه الثقافي، وهذا لا ينفصل عن ما قلته (أولاً) عن شخصية محمد لكن هنا أحب أن أسجل إعجابي بالتنوع والعمق الكبيرين للحقول المعرفية التي يبادر محمد إلى تطويرها ودفعها قُدماً وعلى رأسها مشروع ارتياد الآفاق بفروعه ،جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة وجائزة السندباد لأدب الرحلة المعاصرة ،وكم أكره قول أنها تتم ب(رعاية) بكل ما تتضمنه من فصل تعسفي بين الرجل وانشغاله ومساهمته الفكرية والتخطيطية كما يلزم لتدعيم مشروعه الثقافي وتكامله، وبين الرعاية وكأنها فعل محض "تمويلي" منفصم عنه( لا بد من انتقاء صفة ولو مكونة من 4 كلمات غير_رعاية).والمشروع مساهمة أصيلة ،وجديدة لإحياء تراث الرحلة والأدب الجغرافي العربي، وانتخب لتحقيق ذلك فريق يقف على رأسه الشاعر نوري الجراح ويتبع ذلك فريق من المحكمين لجائزة ابن بطوطة أتذكر منهم مع حفظ الألقاب، خلدون الشمعة وعبد الرحمن بسيسو وأحمد البرقاوي. وإلى جانب المشروع المذكور تأتي مشاريع عديدة اهمها على الإطلاق ، مشروع الورّاق وهي مكتبة اليكترونية تضم اكثر من مليون عنوان وكتاب تساعد الباحثين في أبحاثهم وتعوضهم نسبياً عن المكتبات، وضياع الوقت في الوصول إليها، فهي مكتبة على حاسوب أو هاتف الباحث.وهناك المواقع الاليكترونية المختلفة مثل واحة المتنبي وتتفرع عنها أقسام ثقافية من الشعر النبطي إلى الشعر الحديث ، لكن الأساسي هو كل قصائد المتنبي بصوت عبد المجيد المجذوب ومرفق بها شرح وافٍ للمعاني.وهذه النشاطات المذكورة سابقاً تقع في إطار القرية الأليكترونية التي يديرها ويشرف عليها ويرسم خططها ويحول نتاجاتها إلى تطبيقات هو محمد السويدي، وكان عرضَ أمامنا في مجلسه الاسبوع ما قبل الماضي ، تطبيق المتنبي والخط الزمني لتجواله ولزمنه السياسي ولشعره.
التطبيقات هي الآن مركز الاهتمام، توافقاً مع متطلبات العصر، بعضها اكتمل وبعضها في مراحل التطوير والتجريب، وتشمل التطبيقات على ما أدري به من الموجود على أجهزتي الخاصة (أليكترونياتي) الموبايل، وآي باد، وبالطبع على الحاسوب، ومن بينها حوايا (في الشعر الشعبي مع صوت الشاعر السويدي) ولخولة، وهو موجود ككتاب وكتطبيق( 365قصيدة حب بصوت الشعر محمد السويدي أيضاً ومع خلفية موسيقية وصور تناسب القصيدة) واشهر 101 كتاب في العالم(بالصوت والصورة)ومتحف العلماء( بالصوت والصورة) وهناك تطبيقات اخرى يجري اختبارها وتطويرها مثل رحلات لابن بطوطة وتطبيق المتنبي، وتطبيق الساعة الزمنية التي هي تطوير (تطبيقي إن جاز التعبير)لكتاب اشتغل عليه الشاعر السويدي زمناً طويلاً هو كتاب "منازل القمر" . ومن التطبيقات المدهشة أيضا والتي هي من ثمرة رحلات السويدي تطبيق باريس وهو خريطة مرافقة لزائر باريس حيث تقفز على الشاشة(موبايل على الأغلب او آي باد) اهم المواقع التي تواكب ممشى الزائر، ومثله أيضا يجري العمل عليه لمدينة لندن التي درس السويدي تاريخها ومواقعها بشمولية ووعي .
*رابعاً الانتشار خارج الحيز المكاني للمجلس وقصدت به تلك المطبوعات من الكتب التي تجاوزت 300 عنوان والتي تصدر عن دار السويدي للنشر ويتولى طباعتها ونشرها وتوزيعها المؤسسة العربية للدراسات والنشرفي عمان التي يديرها مالكها الاستاذ ماهر الكيالي ودار المتوسط في ميلانو( لا أتذكر للأسف إسم مالكها) .كما يقع في هذا الصدد مشاركة القرية الاليكترونية في معارض الكتب الرئيسية في العواصم العربية.
على أن المناسبة السنوية لتوزيع جوائز ابن بطوطة وادب الرحلة واحدة من المظاهر الأساسية للانتشار خارج الحيز المكاني للمجلس، وتوزيع الجائزة أشبه بمهرجان أدبي صغير، تتابعه كبريات وسائط الإعلام.
ذكرت هذه الرباعية ولو بالقليل من التفاصيل، أولاً لكي أظهر مجموع العوامل المحسوسة والمرئية أو التي تنتشر كروح طيبة في أرجاء المجلس، وثانياً لكي أفسّر معنى ما بعد الامتاع والمؤانسة ، والمساهمة الحيوية في حلقة الدراسات الثقافية.
أراجع ألبوم صور كثيرة مشتركة لي برفقة أبو جاسم، وتستوقفني صورة لكلينا في بيتي الذي هو أصلاً جدران من كتب، وخلفنا بالمصادفة كرت كاليغرافي كان اهداني إياه الفنان الغرافيكي الاستاذ منير الشعراني ويُقرأ:
الحُرُّ للحرِّ يصحب
أغبطك أخي المحبوب أبو جاسم ، أغبطك السعادة والفرح بالإنجازات
بروح العزِّ وبهجة الصحبة مع ضيوفك في مجلسك الموقّر وبيتك العامر
طال عمرك ودام إنجازك منارة وعي
https://m.facebook.com/alwaraq.net/
, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi,,
Related Articles