أوراق الوزير ابن مقلة

 

 

«أوراق الوزير ابن مقلة»

من يوميات دير العقول (سيرة أبو الطيب المتنبي) محمد أحمد السويدي

 

"كنت في صحبة سيف الدولة غداة المصيبة في يوم العقبة، وكان سيف الدولة قد انكسر يومئذٍ كسرةً قبيحةً، ونجا بحشاشته بعد أن قتلت عساكره فسمعت سيف الدولة يقول وقد عاد إلى حلب: هلك مني من عرض ما كان في صحبتي خمسة آلاف ورقةٍ بخط أبي علي بن مقلة. فاستعظمت ذلك وسألت بعض شيوخ خدمه الخاصة عن ذلك. فقال لي: كان أبو عبد الله منقطعاً إلى بني حمدان سنين كثيرةً يقومون بأمره أحسن القيام، وكان ينزل في دارٍ قوراء حسنةٍ، وفيها فرش تشاكلها ومجلس دست، وله شيء للنسخ وحوض فيه محابر وأقلام، فيقوم ويتمشى في الدار إذا ضاق صدره، ثم يعود فيجلس في بعض تلك المجالس وينسخ ما يخف عليه، ثم ينهض ويطوف على جوانب البستان، ثم يجلس في مجلسٍ آخر وينسخ أوراقاً أخر على هذا، فاجتمع في خزائنهم من خطه ما لا يحصى".

 

————————-

(١): ابن مقلة: وزير وخطاط

(ولد ببغداد عام 886م وتوفي بها 939 م)

اشتهر بأنه شيخ الخطاطين ومهندس الخط العربي، وعنه انتشر الخط في مشارق الأرض ومغاربها.

استوزره الخليفة العباسي المقتدر بالله 316هـ، 928م) وعزله (318هـ، 930م) ثم استوزره القاهر بالله (320هـ، 932م) فاستوزره، وكذلك استوزره الراضي بالله (322هـ، 934م) إلى أن تآمر عليه المظفر بن ياقوت (324هـ، 936م) فقُبِضَ عليه وخُلِعَ من الوزارة واعتقله وسلم إلى ابن رائق فقطعت يمينه (326هـ، 938م)، وحبس حتى مات.

 

——

* "يوميات دير العاقول" هي مخطوطة يفترض أن أحدهم عثر عليها في مكتبة مهجورة في زاوية من مسجد قديم في المنطقة التي تحمل الاسم نفسه، والتي لقي فيها الشاعر أبو الطيب المتنبي مصرعه. بدت المخطوطة قديمة بالية و مجهولة النسب، و لعل من عثر عليها تبين له بعد جهد، أنها نسخة دقيقة نقلت قبل قرن من الزمان عن أصل دوّنه المتنبي.

#محمد_أحمد_السويدي_يوميات_دير_العاقول