شم النسيم وعيد الفصح (٣-١)

شم النسيم وعيد الفصح (3-1) 

لما كانت أعياد قدماء المصريين ترتبط بالمظاهر الفلكية وعلاقتها بالطبيعة ومظاهر الحياة ، فقد كان احتفالهم بعيد الربيع الذي حددوا ميعاده بالانقلاب الربيعي وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار وقت حلول الشمس في برج الحمل. ويقع في الخامس والعشرين من شهر برمهات- وكانوا يتصورون - كما ورد في كتابهم المقدس- أن ذلك اليوم هو أول الزمان، أو بدء خلق العالم.

كانوا يحددون ذلك اليوم والاحتفال بإعلانه في ليلة الرؤيا، أو لحظة الرؤيا عند الهرم الأكبر الذي وصفوه بقولهم: "عندما يجلس الإله على عرشه فوق قمة الهرم". وهي الساعة السادسة تماماً من ذلك اليوم حين يجتمع الناس في احتفال رسمي أمام الواجهة الشمالية للهرم، حيث يظهر قرص الشمس قبل الغروب. وخلال دقائق محدودة وكأنه يجلس فوق قمة الهرم وتظهر معجزة الرؤيا عندما يشطر ضوء الشمس وظلالها واجهة الهرم إلى شطرين (لغز الهرم الأكبر) وأطلق قدماء المصريين على ذلك العيد اسم "عيد شموش" أي بعث الحياة.. وحُرّف الاسم على مر الزمن، وخاصة في العصر القبطي إلى اسم "شم" وأضيفت إليه كلمة النسيم نسبة إلى نسمة الربيع التي تعلن وصوله.

ويرجع بدء احتفال قدماء المصريين بذلك العيد رسمياً إلى عام 2700 ق.م أي في أواخر الأسرة الثالثة، ولو أن بعض المؤرخين يؤكد أنه كان معروفاً ضمن أعياد هيليوبوليس ومدينة (أون) وكانوا يحتفلون به في عصر ما قبل الأسرات. واحتفل اليهود بالعيد بعد خروجهم ونجاتهم* وأطلقوا عليه اسم عيد الفصح. والفصح كلمة عبرية معناها الخروج أو العبور.. كما اعتبروا ذلك اليوم أو يوم بدء الخلق عند المصريين رأساً لسنتهم الدينية العبرية تيمّناً بنجاتهم، أو بدء حياتهم الجديدة.

وهكذا.. اتفق عيد الفصح العبري مع عيد "شمو" أو عيد الخلق المصري، ثم انتقل عيد الفصح بعد ذلك إلى المسيحية لموافقة مصادفته مع موعد قيامة المسيح. ولما دخلت المسيحية مصر أصبح عيدهم يلازم عيد المصريين القدماء ويقع دائماً يوم الاثنين، أي اليوم التالي لعيد الفصح أو عيد القيامة 1.

1 : سيد صديق عبد الفتاح، أغرب الأعياد وأعجب الاحتفالات، القاهرة: دار الأمين، 1994، ط1، ص 516- 518.

* لم يثبت ذلك تاريخيّا