منزل في صقلية

, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi  بيت في صقلية | تأليف: دافني فيليبس | ترجمة أميمة الزبير | الفصل الثالث عشر- عرَّابة الدمى المتحركة----كأطفال نشأنا في إنجلترا، كانت تثير حماستنا جميعاً لوحات الخال العديدة....
اقرأ المزيد ...  بيت في صقلية | تأليف: دافني فيليبس | ترجمة أميمة الزبير | الفصل الثالث عشر- عرَّابة الدمى المتحركة----كأطفال نشأنا في إنجلترا، كانت تثير حماستنا جميعاً لوحات الخال العديدة الفاقعة الألوان لمسرح العرائس الصقلّي، بجمهوره المزدحم من الرجال، شيباً وشباباً، حيث لم يبدُ على الإطلاق أنّ ثمة أي نساء. في السنوات الأولى بقصر كوسيني، وحالما اعتدت التعايش مع بعض المشاكل الرئيسية، وتوفر لي بعض وقت الفراغ، قررت محاولة معرفة أين يمكنني مشاهدة أحد العروض. " غير ممكن في تورمينا، لِمَ تريدين رؤيتها؟ لدينا السينما. الأشخاص من الطبقات الدنيا هم فقط مَنْ يستمتعون بهذه العروض." تحفظت، وأخيراً أخبرني بائع التحف باعتقاده أنّهم ربما كانوا يقدمون عروضهم بمدينة كتانيا. هو لا يعلم على وجه التحديد أين، تحت حماية غوغليلمينو، وهو سائق، ربما يمكننا العثور عليه بالقرب من سوق الأسماك، ربما سُرق منا كل شيء، حتى دولاب السيارة. انطلقنا لا نلوي على شيء للعثور على غوغليلمينو. تلقانا بترحاب كبير، وأخذنا إلى منزله الذي كان متواضعاً في أثاثه، وكانت القطعة الوحيدة المثيرة للاهتمام هي آلة تصوير إشعاعية عليها غطاء قماشي، وقدمت لنا زوجته الخبز والجبن والنبيذ. ثم أخذنا إلى المسرح عبر أحد طرق المدينة الخلفية الصغيرة الأخرى.لم يكن المسرح كبير الحجم، وكان حافلاً بالإثارة والضوضاء والصبية الصغار الذين يمنعهم من الاندفاع للمسرح والتسلل من تحت الستار رجل قاسي الملامح يحمل عصىً غليظة، والذين يقوم بين الفينة والأخرى بإنزال أحدهم بضربة قوية من على مقدمة المسرح الخشبية.تراجع الصبية على عجل. كانت النساء الوحيدات ضمن الجمهور هن أنا وصديقتاي الاثنتان، بينما كانت هنالك امرأة واحدة خلف الكواليس هي زوجة الدمية التي تحدثت بصوت نسائي. كان هذا العرض مخصّصا للأطفال. وعندما سألت صبياً صغيراً عن السبب في عدم وجود فتيات نظر إلي بكل استعلائه الذكوري، وسألني باستخفاف، " ماذا كنَّ سيفهمن من القصة؟" لم يتفق معي بأنّهن ربما إن وجدن الفرصة...تقاليد العرائس الصقلية تمتد لتأريخ سحيق ولها جذور في ملاحم اريوستو وتاسو. قبل وصول السينما والتلفاز، كان هنالك مسرحٌ صغيرٌ في معظم القرى، كان يزدحم في المساء بالفلاحين والصيادين. مثل المشاهدين في عهد الملكة اليزابيث، لقد كانوا يطلقون صيحات الاستهجان، أو السرور، ويشاركون بدور فعال في الصراع الأبدي بين المسيحية والوثنية. كان من قبلهم الفرسان، الذين جاءوا من جميع أنحاء أوروبا للحرب تحت قيادة الشارلمان ضد الأخطار القادمة من الشرق، والتي تضمنت- بشكل يثير الفضول والاهتمام- استولفو "الرجل الإنجليزي، الأشد جرأة وحزماً وأول من سقط في معركة ممر الرونسفال". أكان من النورمان؟ لقد كان هناك الفرنسيان أورلاندو، وأوليفرو (رولاند وأوليفر)، وأبطالٌ من الدنمارك، وأسبانيا، وألمانيا، وغيرها من البلاد. وقد كانت المسرحيات المسلسلة، في عروضها الليلية تتواصل لثلاثين شهراً قبل أن تنتهي.كانت القصص المتنوعة مزيجًا صقليًا نموذجيًا من الشرف والخيانة، والقسوة والرحمة، والشجاعة والجبن حيث تزول الوثنية على حد السيف.بدا المسيحيون ككل، أكثر تعطشاً للدماء من أعدائهم بينما كانت كومة القتلى من الوثنيين أكبر دائماً من كومة المسيحيين في مأساة الرونسفال الكبرى الأخيرة ووفاة أورلاندو.لقد استمتعنا بالعرض كله حتى إننا صممنا على اكتشاف مسرح أقرب إلى تورمنا، وسررنا لرؤية واحد في أحد الشوارع الخلفية الصغيرة في جيارديني، على بعد أربعة كيلومترات فقط، ورأينا ملصقات ملونة بجرأة إعلاناً لوصول عرائس إمليو سوليما الوشيك من من مدينة جيارا. وفي منزل خاص تم استئجاره خصيصاً لهذه المناسبة، وبما أننا اُقتدنا خارج غرف معيشتنا بينما نصب المالك مسرحاً صغيراً ومقاعد خشبية بسيطة، فقد تساءلنا عما إذا كان بوسعنا الحضور. شعر سولما بالإطراء لاهتمام الأجانب، بل كان أشد ترحيباً بنا عندما عرف بأنّ خالي كان – "ذلك الراعي العظيم للفن." أخبرته أنّ فيلسوفاً شهيراً سيجيء معنا: " إذن لا بد أن نصنع له عرشاً." عارضت هذا المنحى لأنّ ضيفي كان رجلاً متواضعاً وربما يفضل الجلوس مع بقية الجمهور.مرة أخرى وجدنا أنفسنا نهتف مع المسيحين ونثور على الوثية، والخونة الأشرار، بوجوههم القميئة، والذين تآمروا مع الأعداء ضد أورلاندوا ومحاربيه.بعد هذا ذاع صيتي كراعية للفنون، الشيء الذي كان يحرجني بالنظر إلى حالة إفلاسي. في صباح يوم باكر، ظهر على سطح منزلي شخص ذو هيئة غريبة، بربطة على رأسه، وقرط ذهبي طويل يتدلى من أذنه، وهو يلتمس الدعم من أجل مجموعة أخرى. ما أدهشني أنّه قبل اعتذاري ومضى في هدوء. ثم ذاك الرجل من اسيريال الذي تميز هندامه بالرصانة، على بعد أربعين كيلومتر، وكان على يقين من أنني سأساعده. وبالطبع لم أكن أستطيع تقديم المساعدة بالمال لأي شخص، ولم يكن بالتأكيد في مقدوري احتواء أية مجموعة أخرى تحت جناحي الكسير.بعد سنة أو نحوها، تلقيت خطاباً حزيناً من سوليما، يقول إنّه لا خيار أمامه، فعليه أن يعيش وينفق على زوجته وابنه- لذلك قام ببيع جميع العرائس، والمشاهد، والملصقات إلى بائع تحف. وقال في رسالته" حياة الفنان تبدو غنية في الإعلان فقط، فليس ثمة ما يرضي." وكان يعمل في مصنعٍ لتقطير الكحول، وكان ابنه أوغستو ذو التسع سنوات عازماً على الدراسة ليصبح ميكانيكاً. كان في تلك السنوات محرّك العرائس الوحيد الذي انفطر قلبه لفراق أبطاله ووثنييه الذين اكتسبوا بمرور السنوات قيمة العائلة في قلبه، وكادوا أن يضاهوها حياة. كلما رأيت العرائس معلقة في أحد المتاجر أدرك أنّ وراءها فنانًا وعائلة مفطوري القلب، في حداد على العرائس وهم يجاهدون لقبول حياة تخلو من الرومانسية، في وظيفة رتيبة تأخذهم بعيداً عن المسرح.كان الجانب الإيجابي لإخفاق سوليما يتمثل في أنّه الآن أقدر على تقديم بعض المساعدة لمسرح اسيريال، الذي كان يتمتع ببعض الأمان بعد أن خصص له مجلس المدنة منحة صغيرة، اعترافاً بقدرته على جذب السيّاح. ذهبت لرؤية إمانويل ماكري هناك. استقبلني بترحاب حميم، وأراني مسرحه في أحد الطرق الخلفية القديمة في تلك المدينة الباروكية الجميلة: "سيدتي، لتصبحي محرّكة عرائس لابد أن تكوني شاعرة، ونحاتة، ورسامة، وحدادة." "وربما ممثلة" قال مستطرداً." كانت الكواليس تتدلى بدون حركة، كالموتى. طابور عريض من الأنصار، والمسلمين، وسيدات البلاد والعمالقة، والتنانين، والزراف، والسحرة والملائكة الحارسة، وبعضها كان يزن حوالي أربعين كيلو، كما أخبرني." هل تريدين مني إعادتها للحياة؟" وفي لمح البصر اشتبك الفرسان والكفار والتحما ببعضهما، قُطعت الروؤس، وشُقت الأجساد إلى نصفين- رأسياً وأفقياً. كبرت كومة الموتى، وحدث كل هذا في ضرب موقّع بأقدامه وأقدام ابنه على أرض الجسر الذي عملوا من خلاله على العرائس الثقيلة.كان المسرح الذي يديره كما هو في عهد أبيه بالتبني. تفاجأت عند سماع التبني، وسألته كيف نفذ من قدر معظم الأطفال الوحيدين، لقد وُضع في ميتم كان تديره الراهبات ثم الكهنة. وكان منقذه هو ماريانو بينيسي، محرّك عرائس مشهور في جميع أنحاء صقلية، وقد وجد الوقت بطريقة ليتحول إلى بطل في قيادة الدراجات. في تلك الأيام كانت قيادة الدراجات رياضة تتابع بشغف كبير في جميع أنحاء إيطاليا. وفي بدايات القرن كان يركب دراجته حول الجزيرة، وعند توقفه في مدينة ميسينا، صادق عائلة ماكري. وفي عام 1906 قبل ولادة إيمانويل، أصبح نداً لهم أو عضواً شرفياً في العائلة بقبوله أن يصبح عرّاباً للطفل. في شهر ديسمبر من عام 1908 دُمرت مدينة ميسينا بهزة أرضية هي أشد ما شهدته أوربا على الإطلاق. قُتل ثمانون ألفاً. استقل ماريانو دارجته في الحال ووصل بطريقة ما إلى منزل أصدقائه ليجده مدمراً بالكامل. وبيديه العاريتين سحب أجساد الوالدين واثنين من الأطفال الأكبر سنا، ولكنه لدهشته وجد أنَّ الطفل إيمانويل ما زال على قيد الحياة، فاستطاع بشكل ما أن يعود به إلى أسيريال. (أحب تخيّل أنَّ خالي ربما ساعدهما إذ شارك لبضع ساعات في أعمال الإنقاذ في في محطة تورمينا، حيث كانت تصل القطارات المحملة بالموتى، والمحتضرين، والجرحى والمواليد الجدد.)اتخذ محرّك العرائس الطفل ابناً له، ورباه بين العرائس. من الطفولة تعلم العمل عليها وصار يحبها، وحفظ جميع الأساطير عن ظهر قلب. وعندما قال، كان الرجل الشيخ على فراش الموت كان يتحسر على الدوام لحقيقة أنّه ليس ثمة شخص جدير بخلافته في عمله- لم يتحلَّ غيره بتلك المهارات ذاتها. في إحدى الليالي قام يسحِّب نفسه من الفراش سراً، وذهب إلى المسرح ليراقب إيمانويل. أخبرني إيمانويل بكل فخر أنّ الرجل الشيخ عاد إلى فراشه وهو يتمتم " لدي خلف كفؤ" وبعد يوم أو نحو توفي الرجل.في زيارتي التالية سألني ماكري إن كنت سأشرف عرائسه بأن أكون أمها الروحية؟ فكرت في ما قد يكون من واجباتي الرئيسية، وقلت بعصبية. " أنت تعرف أني لست امرأة ثرية؟""سيدتي، أنا لا أطلب منك المال، " قال في نبرة معاتبة كما لو أنه كان أكثر الأشياء في العالم سوءاً وعبثية. "كل ما أطلبه هو اهتمامك."أثَّر فيَّ هذا الأمر كثيراً، فوعدته بالحصول عليه بقدر ما أستطيع، ثم أصبحت بالتأكيد الشخص الوحيد الذي له ثلاثون أو نحوها من الأبناء الروحيين المسيحيين في العالم، ومثلهم من الوثنيين. ثم قدمهم لي واحداً بعد الآخر.بعد ذلك بفترة قصيرة أحضر لي البريد بطاقة دعوة صغيرة عليها: إمانويل ماكري، الفنان الشعبي الصقلي، بجانب رسم لجنود يتقاتلون في حماس. على ظهرها كتبت الرسالة التالية:السيدة العزيزة فيلبسأتوسل إليك قبول بعض صور المسرح، مع شكري وامتناني، وكذلك عينة من حلوى اسريال.المسرح الآن في انتظار افتتاحكم كما وعدتم مشكورين.سوف يكون يوم الجمعة إن رأيتم هو اليوم المفضل بالنسبة لي ولعرائسي. أرجو إخطاري حال قررتم افتتاح المسرح وأيضاً بعدد الأصدقاء الذين سيحضرون معكم.خادمكم المطيع جداًإمانويل ماكري كانت هذه هي المرة الأولى التي أسمع فيها بعرض كهذا!وضعت إعلاناً في جميع الفنادق، وتمكنت من ملء حافلتين من السياح من مختلف الجنسيات. توقعت احتفالاً بسيطاً. وتفاجأت بشدة لرؤية العمدة، وجميع أعضاء مجلس المدينة حاضرين مع المصورين المحليين الذين لم يتركوني وحدي طوال فترة الظهرة. لقد أعددت خطاباً قصيراً يحتوي على اقتباسات من ماكري وبينيس (كنت قد طولبت مرارًا بالإشارة إليه كمقدم عروض) ثم شخص آخر، باللغة الإنجليزية، أقول فيه شيئاً ما عن التأريخ المأساوي لإيمانويل ورسماً للتأريخ، وحبكة المشهد الذي كنا على وشك مشاهدته.كانت ستائر المسرح مسدلة، وقد مُدت أمامها شرائط قرمزية وصفراء، ألوان صقلية. انحنى ماكرو على سبيل التحية وسلمني صينية فضية عليها مِقصَّان. قطعتُ الشرائط وارتفعت الستائر على مسرح مزدحم، وفيه شخصية متوجة بروعة لشارلمان (أو كارلمان) يخاطب صفاً من جنوده في دروعهم الذهبية والفضية والسوداء. وفي الخلفية يترصد أكثر الخونة خسة وشراً. وكالمعتاد ابتهج الجمهور بالأداء، وكان ماكري يمثل، كما يبدو من الجانبين، مقلداً أصوات كل شخصية بكل مافي قلبه الصقلي من حماس. قُدمت لي باقة كبيرة من الزهور ودمية صغيرة على هيئة أورلاندو على يد ابنة ماكري الجميلة، وعندما رأيت هذا فعلت شيئاً بالمقابل، لقد أرسل العمدة بسرعة طلباً لصندوق كبير من كعك الجوز الذي اشتهرت به مدينة اسيريال. واعتقد أنّه قد سرّ وربما تفاجأ، إذ أنّه لم ير العرائس منذ أن كان طفلاً- متوقعاً تدفق المال من جذب السياح إلى المدينة المعوزة.في زيارتي التالية سألت ماكري أين يمكنني شراء نسخة من الكتاب الذي كان يعمل منه، فأخذني إلى مكتبة، وحاول أن يقنعني بشراء كتاب اريستو وتاسو، فرفضت وسألته مرة أخرى عن كتابه، الذي استند عليه في مسرحياته. فهز رأسه في حزن قائلاً: " غير ممكن، فهو غير متوفر، ولدي منه اثنان فقط." " لقد كنت مع صديقة وما زال المال شحيحاً فلم أستطع دعوته إلى الغداء ولكن دعوته إلى احتساء القهوة بعد ذلك. وصل إلى الحانة ومعه طرد سلمه لي. إنّه ما كنت أسأل عنه. بالطبع قلت له أنني لا استطيع قبول تضحيته، وأنّه ضروري للمسرح. ففتحه، وكان قد كتب عليه إهداء: "Alla Signorina Questo mio libro pregiato perche mi e sempre custode gelosa” " (إلى السيدة، هذا هو كتابي الغالي، لأنك ستكونين وصية غيورة على الدوام). لقد طلب مني تهجئة اسمي. كل ما كان يعرفه أنّه لم يكن كتسوني. لقد تهجأته له حرفاً حرفاً. د-ا-ف-ن-ي- ف-ي-ل-ب-س وقام بملء الفراغ بصعوبة. توسل إلي أن أقبله، وافقت على أخذه، فكرت أنّه إن كانت هنالك نسختان فقط منه سيكون من الأفضل أنّهما في مكانين منفصلين تحسباً لحدوث حريق أو أية كارثة أخرى، وطمأنته أنني الوصية الوحيدة وسوف أعيده له إن احتاجه يوماً ما. كان النص باللغة الإيطالية، والتأريخ 1890، ولكن من الواضح أنَّ النقوش الخشبية تعود لوقت سابق، وهي فاتنة في قوة وبساطة.كانت في داخل الكتاب صورة له كالتلميذ الذي يحب، مع بعض التبرير، ليتصور نفسه وهو يدرس مجلداً ضخماً. على ظهره كتب باللغة الإيطالية: " إلى أكثر الأجنبيات شغفاً[يفترض أنّها أنا]، والتي نقلت عبر شاعر عصر الفرسان [يفترض أنّه هو] على أجنحة الخيال القزحية والشعر الإنساني.." وينتهي بتوقيع فخم ومزخرف. وكان من الصعب معرفة من الذي نقل ماذا، لقد تاه في غمرة هذه اللغة المنمقة. لقد قال مرة بصورة أكثر بساطة:" أعتقد أنني أسعد رجل في العالم بأكمله. فلدي عرائسي بالقرب مني، وعرّابتها أيضاً معي، ولدي زوجتي وعائلتي." ثم أردف مستدركاً، " زوجتي وعائلتي في المقدمة بالطبع." ولكني أخشى أنّ هذا غير صحيح.وكما يتلاءم مع شخص يعيش في عالم الفرسان، فقد كان ملكياً شغوفاً في تعامله. وكان متى ما قابلني يرفع كأسه قائلاً:" إلى أجمل ملكة في العالم، إليزابيتا." ونادراً ما كنت أنضم إليه. لقد خطط لصنع دمية لكل من الأمير تشارلز والأميرة آن، ولكنه لم يجد الوقت الكافي لفعل ذلك.تسبب نمط حياة ماكري في الكثير من المشاكل لعائلته، خاصة ابنته الجذابة ذات الأعوام العشرين. لقد خُطبت ثلاث مرات. رأيتها في إحدى المرات تتنهد على لوحة لرجل شاب مفعم بالحياة ويرتدي زي القوات البحرية، كانت ترتدي لؤلؤة كبيرة في بنصرها، ولها درج سفلي في خزانتها يمتليء بالخواتم. تلقيت مؤخراً صورة لها وهي تمسك بيد بطل آخر في زيه الرسمي، ولكن تم فسخ كلا الخطوبتين من قبل والدها: لم يتحلَّ الرجال بما يلزم من "سلوك بطولي". كان الخطيب الثالث أيضاً يرتدي زياً رسمياً، وكان شرطياً، ولكنه يا ويحي أخفق هو الآخر في إرضاء التوقعات الأبوية. آمل أن تكون الفتاة المسكينة قد تزوجت.كان سلفاتوري، الابن، يسيطر على الأمور بنفسه، فتبع فتاة أمريكية جذابة، كان لوالدها متحف للعرائس من جميع أنحاء العالم. كما أنّه قام باستيراد مجموعة من العرائس الصقلية وبنى مسرحاً خاصاً بها، ويقيم سلفاتوري الآن في نيو إنجلاند.تغير حظ ماكري عندما عنّ للسفير الإيطالي في بلجيكا، وهو من أبناء مدينة كتانيا، أن ينظم لأحفادي زيارة لبروكسل. وكنت قد تلقيت دعوة لاصطحابهم، ولكني اعتذرت، ربما وجدت الحياة البطولية لأسبوع كامل على درجة لا تحتمل من التوتر.تلقيت بطاقة بريدية جميلة: " نصر عظيم لشعبنا." بعدها تلقى ماكري، الذي لم يسبق له مغادرة صقلية قبلها، دعوة لزيارة شمال إيطاليا، وبراغ، وباريس، وهلسنكي، ومرة أخرى إلى بروكسل. كان نصراً كبيراً في كل مرة، وكنت متأكدة تماماً من أنّ هذه هي الحقيقة. ولكن طموحه الكبير كان في الذهاب إلى لندن. لقد فعلت ما بوسعي، ولكن ووجهت بمشكلة العثور على مسرح مناسب، كانت المشكلة الأساسية تتمثل في المساحة المطلوبة لتحريك القضبان المعدينة الطويلة.بعد هذا، تدفقت التكريمات: فمُنح في روما لقب فارس العمل[Cavaliere del Lavoro] ، وجاء لحضور مسرحيته كتاب مشهورون مثل كاسيمودو، الشاعر الصقلي الذي حصل على جائزة نوبل، وجورجيو دي شيريكو الذي كان مسحوراً بتشكيلة الألوان. وضم سجل زوار ماكري اسماء من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك الصين، واليابان، وروسيا، والأمريكتين. وعندما صارت من عرّابات عرائسه أميرة ودوقة وسفيرة ظل مخلصاً لي، امرأة إنجليزية معدمة بدون لقب. كيف لصقليّ نموذجي أن يكون مخلصاً هكذا؟لشد ما أحزنني أنّه لم يزر لندن أبداً. لقد توفي فجأة في أواخر الستينات من عمره بعد أمسية حامية الوطيس من معاركه الدامية. سار إلى منزله وهو يتصبب عرقاً دافئاً، وكانت هنالك ريح باردة تهب من ناحية جبل إيتنا المغطى بالثلوج، فتوفي متأثراً بإصابته بذات الجنب بعد أيام قليلة. لكن عرائسه لم تمت. كما أنّ مجلس البلدة أدرك الآن أهمية المال الذي تجلبه، وبدأ في تقديم الدعم للمسرح., Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi....
اعرض في فيس بوك    
, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi  بيت في صقليةتأليف: دافني فيليبس | ترجمة أميمة الزبير | الفصل الثاني عشر- الآثار لم أكن أهتم بالآثار بشكل مباشر إلا بعد إتمامي السنة السادسة في صقلية. وقد كان هذا الاهتمام....
اقرأ المزيد ...  بيت في صقليةتأليف: دافني فيليبس | ترجمة أميمة الزبير | الفصل الثاني عشر- الآثار لم أكن أهتم بالآثار بشكل مباشر إلا بعد إتمامي السنة السادسة في صقلية. وقد كان هذا الاهتمام ينبع من علاقتي بآرثر إيفانز من مدينة كنوسوس، والذي كان قريباً لفيلب، وقد نشأ في كنف عمتي الكبرى فرانسيس فيلبس عندما توفت والدته بعد ميلاده بوقت قصير، فكرّس مهاراته وثروته الخاصة على مدى خمسة وعشرين عاماً لعمليات التنقيب عن آثار كنوسوس في تكريت، وقد قابلته مرة واحدة عندما كان فوق التسعين من العمر وفاقد البصر. كنت طفلة لكن الرجل العجوز كان لا يزال يتمتع بذاكرة حديدية.في 1963 قابلت عالمة آثار رومانية كانت قد وصلت حديثاً إلى مدينة جيلا على الساحل الجنوبي الغربي من صقلية، والتي أسسها الإغريق الوافدون من روديس وتكريت في القرن السابع قبل الميلاد. وصممت إحدى صديقاتي التي كانت تقيم معي بأن نذهب بالسيارة عبر الجزيرة لمعرفة ما يحدث في جيلا. لسوء الحظ كانت تعاني من أزمة ربوية حادة، حيث أصيبت فجأة بأسوأ نوبة شاهدتها على الإطلاق بينما كنا في إحدى الحانات بمدينة نوتو الباروكية الذهبية الرائعة، فأشارت لي إذ كانت عاجزة عن النطق، بأن أحقنها بالدواء على الفور. وهناك، على درجة مرتفعة وأمام من بدوا لي كجميع السكان الذكور في نوتو- حيث لا تظهر النساء أمام الرجال- كان علي أن أغرس إبرة غير معقمة في عضلة فخذها. كان أثر الدواء سحرياً، لقد تعافت قبل أن أهدأ من هول الصدمة بفترة طويلة.قدنا السيارة إلى مدينة جيلا حيث فاجأنا أن نجد في هذه المدينة الفقيرة فندقاً عصرياً يملكه ويديره الاسكندنافيون. قبل النوم، اقترحت، حتى تهدأ أعصابي المنهارة ولو قليلاً، المشي على الرصيف البحري. كان وصول سيدتين أجنبيتين في سيارة لا يقودها رجل أمراً جليلاً في تلك البلدة النائية. اقتربت منا امرأة، وحدقت فينا ثم سألت بحماس في لهجة صقلية نقية: " E Quanno comm …? متى نبدأ؟ كانت لهجتها تفوق قدرتي على التكيف وانتهى الحوار.بعد وقت قصير أتى أحد رجال الشرطة. ومرة أخرى حدّجنا بنظراته ثم قال: E quando” inciano?”"نبدأ ماذا؟""السيرك!"بدا ظهورنا غريبا في أعين السكان المحليين حتى أنّا بدونا كأن لا علاقة لنا إلا بتلك المجموعة المنتظرة من الممثلين.أثناء الليل هبت ريح قوية حملت الكثير من الرمال وألقت بها على نوافذ غرفتنا فكانت سبباً في أزمة ربو أخرى، ولكن في هذه المرة كانت جوان قادرة على التعامل معها بنفسها. كانت هذه الرمال التي أتت، قبل قرون من الزمان، أسرع حتى من هجمات القرطاجيين، في طمر أسوار مدينة جيلا. كانت هي تلك الرمال التي بدأ عالما الأثار النشطين والمتحمسين بيرو اورلانديني من بارما في شمال إيطاليا، ودينو أداميستيانو وهو لاجيء روماني من الشيوعية في حفر وإزالة آلاف الأطنان منها على جانب البحر بسرعة وشجاعة بمساعدة جرّافة آلية. كانت السرعة ضرورية لتحقيق النتائج اللازمة لوصول مزيد من الدعم المالي من الوزارة في روما. قابلنا في الصباح التالي اثنين من علماء الآثار. سررت لمعرفة أنّ آرثر إيفانز جاء هنا مع حماه (البروفيسور فريمان، الذي اكتمل كتابه ذو الأجزاء الأربعة "تأريخ صقلية" في عام 267 قبل الميلاد) وقبل أن يتم استخدام التصوير الجوي في رسم الخرائط لتتبع ما يعتقد أنّه الأسوار التي تمتد لعدة كيلومترات وتقع تحت الرمال.صنع خارطة من مستوى الأرض، و بدون استخدام التصوير الجوي، لتتبع ما كان يعتقد أنّه أسوار مطمورة تحت الرمال ، وتمتد لعدة كيلومترات. وقد صدقت توقعاته.وعندما جاء دون باستيانو كما يناديه العاملون معه، إلى قصر كوسيني في المرة الأولى تعرّف على أربع حقائق جميلة في الحديقة كونها تعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد والحضارة الإغريقية. كان خالي قد اكتشفهما تحديداً في مرحلة حفر أساسات المنزل، وأعجب بهما دون أن يتعرف حتى عليهما بما كانا عليه، فأنقذهما واضعاً رأس أسد على البركة في المدخل إلى الحديقة مع جدول يعبر من خلال فمه، وبنى وجهاً صغيراً مرحاً قال (دون باستيانو أنّه “صُنع لإلهاء طفل") على الحائط، قاعدة التمثال المكسورة لأحد الأعمدة أو معبد عائلي صغير، والذي قلبه بونيري العجوز رأساً على عقب ليفزع دون باستيانو وملأه بالتراب الذي زرع فيه نبات إبرة الراعي. كانت الرابعة إمفورا كاملة ما زال المنزل يحتضنها في أمان. تعجّب دينو وقال في حماس: " كان الإغريق بالطبع سيتخذون في هذا المكان قصراً، لا أحسبهم يفوتون هذا المشهد. هذا الموقع، وذلك المسرح اليوناني كانا الأفضل في تورمينا". وهنالك ثلاثة آبار إغريقية في الحديقة لتوفير المياه الضرورية، وما زلنا نستخدمها للري.شكّل عالِما الآثار فريقاً ممتازاً من العمال في جيلا من خامات غير واعدة في تلك المدينة التي يخيم على أرجائها الفقر المدقع. وقبل وصولنا بقليل كان الرجال عن بكرة أبيهم شيوعيين أميين عاطلين عن العمل ناقمين. أما الآن فليس ثمة شيوعي واحد بينهم.لقد اختار الدكتوران بأيديهما من كان منهم في الفترة التجريبية ومنحوهما وظائف دائمة بشرط واحد هو أن يتعلموا القراءة والكتابة."مستحيل!" كيف لنا ذلك؟"هنالك فصل مسائي لتعليمكم."" تديره سيدة في العشرين. كيف يستقيم ونحن رجال متزوجون في الثلاثين من العمر أن نجلس لدى قدميها؟"لقد تحدثنا إلى السيدة، ووافقت على تدريسكم.""ولكن نحن لا نستطيع." كانت الفصول تقام في الممر حيث نسير في الطريق الرئيسي جيئة وذهاباً لمقابلة أصدقائنا. لا يمكن!""حسناً، لكم ما شئتم."وفي غضون ستة أشهر تعلم جميعهم القراءة والكتابة بما يكفي لحفظ بيانات الحفر: لم يطل الوقت حتى أصبحوا خبراء في تمييز الشظايا كالإغريقية والرومانية من التركية، واستطاعوا أيضاً تخمين القرن الذي تعود إليه. وأخبرني كلا العالمين بأنّهما لم يقابلا عمالاً أشد منهم ذكاءً وأقوى إرادة وجاهزية للتأقلم مع الصعوبات الحقيقية في موقع للحفر على جبل ناءٍ، عندما كانوا ينامون حتى في المدافن الإغريقية المفتوحة. طوى النسيان الممر، وكذلك الولائم العظيمة في جيلا. بعد أيام طويلة من العمل الشاق، والساخن كانوا يجلسون في الظلام يستمعون في اهتمام شديد إلى تأريخ أجدادهم القدماء. لقد كانوا فخورين بإنجازاتهم ومخلصين للعالمين اللذين ساعداهما على تحقيقها وجلب التغيير إلى حيواتهم التي لم تعرف سوى الإحباط.ذكرني هذا شعور الأشخاص العاديين في تورمينا بالامتنان حيال خالي لاحترامه إياهم. ونادراً ما فعل الأشخاص من ذوي المكانة الاجتماعية الأعلى ذلك- ماعدا في أيام الانتخابات.حان الوقت لأن أتلقى نصيبي من الاحترام عندما طلب مني بيرو ودينو ترجمة "دليل جيلا " سوف يعني هذا الحصول على حفنة من المال، لكن شرف عظيم،" قال بيرو. لم تكن بالمهمة السهلة إذ أنني كنت قد تعلمت المصطلحات التقنية الإيطالية، ولم أتعلم الإنجليزية، ولكني مُنحت الوقت وفي الوقت المناسب خرجت الترجمة. كنت ضيفة جيلا إبان افتتاح المتحف الرائع الجديد، وحصلت على بركة أحد الكرادلة.وكان لواحدة من بين مئات المعروضات الرائعة التي ضمها المتحف مكانة رفيعة: رأس حصان بديع بالحجم الطبيعي مصنوعة من الطين. تم العثور عليها في بئر تم ضمها الآن إلى المتحف. وقد أثار تأملي لها ذكريات واسعة: " لقد وجدوا رأس حصان في عهد خالي في بئرنا في قصر كوسيني،" لقد تذكرت فجأة.استرعى ذلك انتباه دينو في الحال: " من؟ ماذا؟ أين؟" عندما وصلت لتوي وكنت غارقة في لجة من المشكلات، وكان فهمي للغة الإيطالية ضعيفاً، ذكر أحد العاملين في المنزل الأمر. وحاولت فهمه- أو فهمها، لا أذكر من كان هو- لأحدد. " لقد كانت تحفة." " ما حجمها؟" " هكذا تقريباً...." وقاموا بالإشارة إلى حجم أصغر بقليل من رأس حصان متوسط الحجم. لقد تساءلت عما إذا كانت قد نحتت، أو كانت جمجمة حصان جيش شهير، أو فائز في سباق، والذي كنت أعتقده بشكل واسع أنّها كانت تكرّم وتحنّط. كانت لغة المخبر الإيطالية ممزوجة بالصقلية وكان مشغولاً ومرهقاً في آن واحد، لذا استسلمت ونسيت أمرها تماماً.في الحال، عدت من جيلا، وسألت ماريا، التي كانت ما تزال على قيد الحياة آنذاك. لم تكن تعرف شيئاً. " ثم، إذن هو بونيري، أو توريدو." ولكن أقسم كلاهما بأنّهما لم يعرفا شيئاً عنها أو يقولا لي شيئاً عنها.مرة أخرى كان علي الاستسلام، الشيء الذي أثار خيبة أمل دينو، ولكن حتى هو، في زيارته التالية عندما حاول استقصاء الخبر، عاد صفر اليدين على الرغم من الطلاقة في اللغة الصقلية وبالطبع الخبرة في استجواب الأشخاص المحليين حول ما قاموا به من اكتشافات. لقد كان يظن أنني رأيت ذلك في حلم دون شك، ولكني علمت أنّي كنت على حق. لم أعرف عندها حتى أن الناس عندما يهربون من الغزاة يلقون بكنوزهم التي لم يستطيعوا حملها معهم في الآبار، أملاً في العودة يوماً واستعادتها. نادراً ما كانوا يفعلون، ودائماً ما يقوم الآثاريون بتفتيش الآبار جيداً.بعد عدة سنوات، كنت أجلس بجانب التايمز أتنزه، وأستعيد الذكريات مع إيفا، عندما سألتني فجأة، " ماذا حدث لرأس الحصان الإغريقي؟"قلت في غمرة المفاجأة،" أنى لك أن تعرفي أي شيء عنه؟"أجابت: " لقد رأيته في متجر في الطريق الرئيسي."قمت باستجوابها للحصول على كل ما تتذكره من تفاصيل حوله، حجمه صحيح على ما يبدو، هذا بالطبع كان الصفة الوحيدة التي حصلت عليها قبل سنوات. لابد أنّه جاء من بئرنا. وهكذا أدركت أننا كنا على خطأ فادح عندما هنأنا أنفسنا على الاحتفاظ بملكية جميع الأغراض التي كانت بالمنزل المختوم بالشمع. كنت آمل فقط أنّه انتهى إلى أحد المتاحف وليس في ضمن مجموعة خاصة لأحد الشامتين بنا. لقد أثرى تاجر التحف بشكل كبير على حسابنا بكل تأكيد.إن حماية اللقية الأثرية خاصة في صقلية لا تقل أهمية عن اكتشافها وحفظها.لقد كان جميع زعماء المافيا على علم بقيمتها. وكانوا يتجسسون على العالمين من البعد، عبر المناظير الزجاجية ويلاحظون الأماكن التي تبدو مواقع أثرية واعدة. كانت منطقة جيلا واسعة، لم تكن هنالك المدينة فقط، بل عدد من التلال، المنتشرة على هيئة مروحة في الخلف، جميعها كانت محصنة بما يكفي لتوفير الحماية ضد الهجمات المعادية من جهة البحر. وبعد تأكيد الحفريات الاستكشافية للانطباعات الأولية لم يكن من الممكن في أغلب الأوقات حماية الاكتشافات خلال فصل الشتاء وفي الأحوال الجوية السيئة فيدخلها ال tombaroli أو لصوص المدافن للسطو عليها ونهب محتوياتها. وكثيراً ما كانوا يصنعون فتحات كبيرة بما يكفي للسماح لطفل صغير بالمرور عبرها إلى المقبرة، ليناولهم الكنوز المدفونة مع الموتى. لم يقوموا فقط بالسطو بل تسببوا بأضرار فادحة في المقابر ذاتها.وفي إحدى المرات كنت أتناول وجبة الغداء مع بيرو في الفندق في جيلا عندما أخبرني أحد النُدُل بأن هنالك رجلاً يريد التحدث إليّ. لم يكن يسأل عني بالاسم. بدا هذا الأمر غريباً. ألم يكن يعرفني؟ تقدم إليّ بعد الغداء وهو يحمل طرداً ملفوفاً في جريدة، وقال إنّها مزهرية إغريقية. ويسأل عما إذا كنت أود شراءها. كان بيرو خلفي، وعلى الرغم من استغرابي الشديد، قلت لا دون تردد. اقترب بيرو الذي كان له الحق في مصادرة أية مسروقات أثرية فوراً، وهو يقول إنّه مهتم. كان الأمر الغريب أنَّ الرجل لا يعرف من هو، ولم يكن من الطبيعي ألا يكلف نفسه بمعرفة هوية الرجلين الوحيدين اللذين كانا يملكان الحق في المصادرة.وتشجع الرجل الذي يفترض أنّه البائع، وقام بفتح الطرد. طلب مبلغ 12.000 ليرة على ما بدا لعيني غير الخبيرة باطية سوداء ذات مقبضين، وفي حال جيدة. تفحصها بيرو جيداً، وقلبها في كل الاتجاهات، ثم قال أخيراً إنّه لا يريدها. قام الرجل بإعادة لفها في خيبة ومضى لحال سبيله.“فيم يستخدم ذلك الشي؟ ماهو؟""باطيّة سوداء""أصلية؟""نعم""إذن لم لم تصادرها؟""لدينا بالفعل ثلاث أخريات مثلها. إن صادرنا كل شيء يُعرض علينا، فسوف لن يكون لنا أصدقاء من الفلاحين. نحن نريدهم أن يحضروا إلينا ما يجدونه بدلاً عن الذهاب مباشرة إلى المافيا."يبدو الأمر منطقياً، لكنني كنت لأحب شراء تلك المزهرية.أضحى إخلاص العمّال للعالمين معروفاً في اللهجة بعبارة I Picciotti، مرّ باختبارات شديدة ولكنه صمد. لقد أدركوا أنَ ما عثروا عليه ملك للدولة وأدركوا تماماً أنّ أهميتها العلمية تعني ضرورة ألا تتسرب بعيداً.والآن، لسوء الحظ، صارت جيلا واحدة من أولى المدن من حيث عدد جرائم العنف والقتل في صقلية، بسبب المعارك المستميتة بين عصابات المافيا المتنافسة التي تتنازع السيطرة على تجارة المخدرات والنفط الذي تم اكتشافه في المنطقة. كان العالمان قد تقاعدا منذ زمن طويل، لكن ظلت أسوار المتحف الرائع قائمة., Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi....
اعرض في فيس بوك    
, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi   بيت في صقلية | تأليف: دافني فيليبس | ترجمة: أميمة الزبيرالفصل الحادي عشر- العمل الاجتماعي في صقلية*****ملاحظة: يوجد مجموعة جميلة من الصور وردت مع هذا الفصل في الكتاب وضعناها....
اقرأ المزيد ...   بيت في صقلية | تأليف: دافني فيليبس | ترجمة: أميمة الزبيرالفصل الحادي عشر- العمل الاجتماعي في صقلية*****ملاحظة: يوجد مجموعة جميلة من الصور وردت مع هذا الفصل في الكتاب وضعناها في هذا الرابط لمشاهدتها https://cutt.us/CasaCuseniفرض علينا ضيق الأحوال أثناء زيارتي الأولى مع إيفا الاقتصاد في الجانب المادي. لم ينطو الأمر على كثير من الصعوبة خاصة بعد سنوات من الحرب والتقشف. كانت بريطانيا ما تزال في قبضة الأخير: حيث ندرت الرفاهية بجميع أنواعها. كان الطعام الصقلي تغييراً شهياً بخبزه الطيب المذاق، والثوم وأسماك السردين الطازجة، وزيت الزيتون والفواكه الحمضية على رأس القائمة الجميلة. إنّه أمر محزن أن نفتقر إلى كل ذلك في الوطن، بيد أننا لما كنا نستطيع الاستمتاع بها حتى إن توفر لدينا المال الكافي لشرائها: لأننا كنا سننعزل عن الأغلبية العظمى من الشعب الصقلي، الذي عانوا أكثر منا بكثير. وكثيراً ماكانوا يفاجأون بنفاذ المؤن بعد ساعات من الوقوف في الصفوف ليحصلوا على حصصهم الضئيلة، فيضطرون للمغادرة وهم صفر اليدين. وهو الأمر الذي يحدث على شكل متكرر يفتقر إلى العدالة بدرجة كبيرة حيث يستطيع الأثرياء والمميزون تحمل كلفة الأكل في المطاعم باهظة الثمن ويحتفظون بما تنتجه أراضيهم. وكنا نتلقى الدعوات في مناسبات قليلة، حيث ننظر في دهشة للحوم الكبيرة الحجم، والأجبان الضخمة، وألواح الزبدة التي يصل وزنها إلى كيلو، والتي لم نر مثلها لسنوات طوال. في الخارج، في كل الاحتمالات، تلتصق وجوه الأطفال الجوعى والضعفاء هزيلي الأجساد، بزجاج الأبواب ليتم طردهم على عجل، مع القطط والكلاب التي تتضور جوعاً. لم يكن في التجربة متعة ولم نتمنَّ تكرارها. حالما شعرنا بالاستقرار قليلاً، وتمكنا من السيطرة على المشكلات خارج قصر كوسيني، بدأت اختصاصية الخدمة الاجتماعية داخلي في العمل، وسألت عن دار المسنين الفقراء. قام بتأسيس هذا الملجأ المذكور آنفاً، رجل ألماني اسمه غراندمونت، وبعد وفاته خلفه خالي رئيساً للدار لخمسة وعشرين عاماً، أثناءها توجب العمل على جمع كل نفقاته، إذ لم تخصص الحكومة أي نوع من الرعاية. كانت الإعلانات تعلّق في الفنادق لتوجيه الناس بعدم منح المال للمتسولين- الذين كان يجمع أحدهم من المال في اليوم ما لا يستطيع عامل صادق مجدّ في عمله- وأن يساعدوا الدار بدلاً عن ذلك. استطاع روبرت كونه إنجليزياً أن يضمن النزاهة في إنفاق المال. كما اقتنع أيضاً بتنظيم فعاليات جمع التبرعات، وكان يهتف عند بيع إحدى لوحاته، كما قيل لي، " سوف يجد نزلائي المساكين اليوم طعاماً طيباً!" منذ سنوات إقامتي الأولى كنت قد سمعت عن الدار، بما فيها من مسنين يقارب عددهم العشرة أشخاص، وراهبات مكرسّات كن يقمن برعايتهم. أصبت بالرعب عندما عرفت بأنّهم الآن يتضورون جوعاً. لم تعد الراهبات هن المسؤولات عن الدار. وبدلاً منهن جاء رجل أعمى وزوجته الغاضبة، وقيل إنّهما كانا يسرقان مافي الدار من طعام على قلته. في الحقيقة بدا الأمر كما لو أنّ أولئك المسنين الإثني، عشر سيطردون إلى الشارع جميعاً بسبب موت رجل إنجليزي واحد. بدا أنَّ معظم الناس كانوا يعتقدون أنَّ فريق كرة القدم أكثر أهمية من هؤلاء المساكين. لابد من عمل شيء ما. وفي غمرة الإحباط، قصدت توريدو، الذي كان لا يزال يقيم معنا في تلك الأيام. " الأمر بسيط!" قال بطريقته الميلودرامية، "إنَ من تقاليد هذا المنزل تنظيم مسابقة يانصيب لصالح الدار عندما تستدعي الحاجة ذلك." "مم؟""دائماً لحم الحمل، واثنتين من لوحات خالك. يجب أن تكون التذاكر منخفضة الثمن؛ كان دون روبيرتو يشدد على ذلك، إذ ينبغي أن يكون بوسع الجميع شراء واحدة- لم تكن أبداً تتجاوز مبلغ 15 ليرة." ولكن كيف نستطيع الحصول على لحم الحمل؟"" الأمر بسيط: نذهب إلى السوق الشهري على الشاطيء، ونحضر واحداً صغيراً إلى هنا. سوف يزيد وزنه من أكل العشب الموجود في الأعلى، وسوف يكون جائزة كبرى لأي شخص." ابتهج توريدو باضطلاعه بشؤون التنظيم ومهامه- طالما كنت أنا من يدفع. وسرنا في صبيحة يوم جميل على الطريق الصخري إلى الشاطيء حيث كان يقام معرض تجاري كل شهر. سرعان ما عثرنا على زوجين متقدمين في السن يقودان كبشاً وحملين صغيرين. تم الاتفاق على سعر معين بعد تفاوض، بلغة صقلية صرفة لم أستطع مجاراتها، تخلله الكثير من الصراخ، والتلويح بالأيدي والأذرع. ولذلك اقترحت ألا داعي لأن يضطر الحيوان المسكين إلى قطع كل هذه المسافة إلى الشاطيء بينما سيتعين جره صعوداً إلى أعلى الهضبة مرة أخرى. اعتقد الرجل العجوز أنّها فكرة صائبة، ولكن زوجته، والتي يبدو أنّها هي المديرة، كانت معارضة، وعليه واصلنا جميعاً المسير إلى أسفل التلّة.بينما كنا ننظر في الجمهور، والمشهد اللطيف حيث المزارعين، والخيول، والخنازير، والخراف، واحسرتاه والطيور المغردة في أقفاصها، كانت عين توريدو لا تكاد تزيغ عن حمله.سرعان ما رأيناه يقترب من السيدة العجوز في غضب. لقد كانت تجلس وحدها على الرمل وساقاها ممددتان أمامها، على رأسها منديل يقيها حرارة شمس الربيع المشرقة، تقضم قطعة من رغيف، وتتظاهر بأنّ توريدو لا يعنيها على الإطلاق. من الواضح أنّها كانت تصرّ على إحضار الجميع إلى الأسفل لأنّها أرادت الحصول على مشترٍ أكثر سخاءً.  استمرت في المضغ دون هوادة متصنعة الصمم بينما ارتفع صوته أكثر وأكثر، وأصبحت إشاراته أشد حدة. ولكنها نهضت فجأة وأخذت المفكرة التي كان يلوح بها بغضب متزايد، أمام أنفها:" ماريتنو" أصبح من حقنا بالسعر المتفق عليها مسبقاً. لقد كان حيواناً رائعاً ونظيفاً بصورة غير متوقعة: ومن الواضح أنّه تم غسله قبل عرضه للبيع. "توريدو، لماذا ماريتنو؟"حدجني بنظرة شفقة على جهلي: "جميع الحملان تدعى مارتينو."تبين أنّ الحصول على مارتينو لم يكن سوى العقبة الأولى. أخبرني توريدو بأنّ سحب اليانصيب كان يتم دائماً في اليوم السابق للعيد الديني الكبير. وهذا بالنسبة لنا يعني يوم أحد الفصح، أو لاحقاً في عيد [الجسد] القربان المقدس "Corpus Domini" عندما تزدحم المدينة بالمؤمنين القادمين من القرى المحيطة للانضمام للموكب. وعليَّ الذهاب إلى القمص و"التماس" أحد هذين اليومين منه. فذهبت إلى القمص وقيل لي – لحسن الحظ- إنّ عيد القربان المقدس سيخصص لنا. وبعد أيام قلائل اكتشفت أنّهم أعطوا اليوم ذاته لطلاب إحدى الجامعات ليقدموا مسرحية هزيلة. كان الأمر جديّاً للغاية. بدا توريدو مستاءً. وقال إنّهم سيجمحون في ذلك اليوم. حيث ستجازف بعض النساء، وستوصد جميع المتاجر نوافذها، ربما يخطفون الحمل المسكين بسهولة، وسيعتدون على الفتيات الجميلات الأربعة الذين وعدن باصطحابه، على أمل أن ينجحن في بعض التذاكر في الزمن الضائع. ماذا كنا سنفعل؟ لقد أخبرني بالذهاب لرئيس الطلاب ومقابلته (والذي أصبح فيما بعد عمدة فاسداً)، وطلب مساعدته.وافق بكل سرور بأن يكون لنا الجزء الأول من المراسم، لنديره كما شئنا دون تدخل، وأنّهم سيؤدون عرضهم في وقت لاحق. في هذه الأثناء ظهرت لنا عقبة جديدة. لقد انتبهنا إلى أنّ المنزل المجاور، على سقف مسطح، رجل في منتصف العمر، كثيراً ما يتردد صعوداً ونزولاً وهو يحدق فينا مطوّلاً ونحن في الحديقة في الأسفل. قال توريدو إنّه كان محامياً، ولكنه جنّ. لقد عرض أن يشتري دفتر تذاكر كامل على أن يُسمح له بمقابلة السنيورة."علينا القبول به بالطبع."قال تريدو بحزم شديد " لن يكون الأمر مقبولاً""لِمَ بالله عليك"؟" آخر مرة قابل فيها سيدة، ظل يضايقها لعدة أشهر.""لم نبع ما يكفي من التذاكر، وعرضه كريم جداً."بحزم شديد جداً: " لن يكون الأمر مقبولاً."خضعت لرأيه.آن الأوان. أصبح مارتينو بديناً وقوياً، وكان قد كُسي طقماً متألقاً بالجدائل الحمراء والصفراء، لونيْ صقلية. وكنا جميعاً نرتدي أفضل ما لدينا، بيد أنّ الفتيات الصقليات بدون أجمل منا، ما زلنا نقسّم الطعام كما كنا نفعل في إنجلترا. بدأنا السير في الطريق الرئيسي، وانطلق عرض الطلاب على الفور في الزمن المخصص لنا. كانوا يرتدون أزياء الهنود الحمر، يندفعون في المكان على دراجاتهم النارية الصغيرة ويطلقون النار من مسدسات اللعب وكسارات الجوز. اختبأ مارتينو في أقرب متجر، ساحباً صحويحباته معه وعاث فساداً بالداخل. ولكن صاحب المحل كان طيباً، فقد كان متجره خيرياً، وأحب السنيورات. بعد هذه البداية غير الموفقة، كان لطيفاً من الطلاب أن وفوا بوعدهم وغادروا- ربما نسوا وعدهم هذا من الأساس؟وصلنا في النهاية إلى الميدان الواقع أمام كنيسة صغيرة، وصلنا بعد القداس مباشرة. هرع المحامي المعتوه وأخذ تذكرة واحدة وهو يسأل على صرف ورقة من فئة الخمسين ليرة. قدّم نفسه واعتبر نفسه من معارفنا. ولم يكن ليزعجنا بشدة مثل باباغالي الشاب. كان الميدان مكاناً باهراً، وقد علّقت على الشرفات المحيطة به مفارش الأسرّة ذات الألوان الفاتحة، وتغطت الطرق والأزقة بالكثير من الأزهار الملونة (كمّ منها سُرِق من حديقتي؟ تساءلت). كان القمّص هناك في زيّ مهيب، يحمل القربان المقدس في تابوت من الذهب والجواهر، يحفّه من الجانبين رجال الدين من الرتب الدنيا الذين ارتدوا أيضاً ثياباً رائعة. اتخذنا منصة صغيرة في طرف الميدان، وكان في ارتفاعها الطفيف حماية لنا من تدافع حشود المؤمنين المحتفلين. قلت في عجبِ: إنّ هذا يبدو كما لو كان على شرفة قصر باكنهام!""العائلة المالكة فقط هي التي لا تحتاج للعمل من أجل تأمين موطيء أقدامها." قالت إيفا.وتمتم القمص بصلاة قصيرة ثم رفع الخبز المقدس. جثا الناس على ركبهم، رسموا علامة الصليب على أنفسهم، ثم الأمر الذي فاجأنا جميعاً، انطلقت الألعاب النارية التي تصم الآذان والمفرقعات كدوي القنابل. لقد كان عرضاً جهنمياً، ونحن الذين حتى وقت قصير كنا نقصف بكل جدية، لم نستمتع به بأكثر مما فعل مارتينو المسكين. لقد استطعنا السيطرة عليه وتهيأنا للسحب. تحرّك الموكب، ولكن ظل الناس يراقبوننا. لقد قيل لنا إنّ الموّقر الذي هو المقص ذاته في الغالب قد قام بالسحب، وأنّه كان يخفي التذكرة الرابحة في كُمِّ بزَّته الفضفاضة- وهذه دون شك سبّة ظلت تلاحقه حتى الآن. وحتى نبرهن على مصداقية مسابقتنا، انتقيت فتاة صغيرة ورفعت كميّ فستانها مشمرة عن ذراعيها، وأخبرتها أن ترفع ذراعيها العاريين أمام الجمهور. وقامت بالتقاط التذكرة من الإناء الزجاجي الذي قمنا بخلط مافيه من تذاكر جيداً. كان الرقم الرابح هو 563، قرأناه بصوت عال ومن الصف الأخير تقدم رجل وهو يلوّح بتذكرته. شقّ طريقه عبر الزحام ليصل إلينا حتى الدرج، لم يكن الأمر سهلاً على الإطلاق، ولكنّ عمر فرحته لم يطل. لقد كان رقمه 566. لم يتقدم غيره، وقد حدث الشيء نفسه في الرقمين التاليين، الأمر الذي لم يكن في صالح الصورة التي أردناها للمسابقة. شعرنا بالحرج، ولكن زادت الجوائز اثنتين بحلول هذا الوقت، فقد قُدم لنا أرنبٌ، ما زال حياً للأسف، وهنالك صديق عرض رسم لوحة شخصية للفائز الخامس. ولحسن الحظ ظهر صاحبا الرقمين، ولكن لم يكن الأرنب حاضراً لتسليمه أمام الجميع. فنحن نعلم أننا لا نستطيع تعريض الحيوانين المذعورين لهذه الضوضاء، ولا السيطرة عليهما في خضمها، وأنّ على الفائز الحضور لاستلامها في الصباح التالي. هنا بدأ مظهر مسابقتنا يشبه عملية مكتملة للنصب والاحتيال. وبينما كانت ضجة الجمهور تخفت، وزحامه يبدد، كنا نتساءل عما يمكننا فعله بماريتنو المسكين. اقتربت امرأتان من الدرجات وقالت الكبرى منهما: " عرفنا هذا الصباح أننا سنفوز باليانصب،" ولم يبد أنّها تدرك أنها أضحت الآن مسئولة عن ذلك الحيوان الكبير. كانت لها حديقة، وستضعه فيها. قمنا بتسليمه لها شاكرين. كانت هذه بداية صداقة مخلصة ومديدة مع السيدة روزا، أشد أصدقاء بريطانيا عاطفة وإعجاباً. أما مصير مارتينو فهذا ما لم أحط به خبراً، ولكني أتوقع أنّه انتهى على يد جزار مثل جميع أبناء جنسه. ولكنه على أية حال قام بدورٍ عظيم، فقد جمعنا بعض المال لصالح المسنين، وعلى الأقل تم الإعلان عن احتياجاتهم بشكل عام. وربما شعر بعض الناس بالرغبة في المساعدة. واليوم، بعد سنوات، ما زالت الدار صامدة، وقد عادت إدارتها إلى أيدي الراهبات البيض المكرسات للخدمة من جديدوحالما ينضم المرء إلى الخدمة الاجتماعية يظل كذلك طوال عمره. كنت في إنجلترا ومع فريق د. فريدلاندر لإرشاد الأطفال، معنيةً بأحوال المؤسسات المختصة بالأطفال عديمي الأسر، والتي في تلك الآيام- وربما في عصرنا هذا أيضاً- لم تكن على المستوى المطلوب. كانت محنة أيتام تورمينا مأساوية. فقد كان يعيش ما يزيد على الخمسين منهم في دار تديرها "الراهبات السوداوات" – يطلق عليهن هذا الاسم تمييزاً عن "الراهبات البيض" ذوات المكانة الاجتماعية الأعلى. كانت الدار في زاوية المدينة، بين السجن والمسلخ. كان أصغرهم لا يتجاوز الثالثة من العمر وأكبرهم في الثامنة عشرة. وكانوا لا يختلطون بالعالم الخارجي إلا في الجنازات عندما يتبع هؤلاء التابوت، مرتدين ملابس سوداء قاتمة، ومرنمين بالصلوات التي تتلقى عليها الراهبات أجراً بالياردة بحسب المسافة التي يقطعها المشيّعون. وهنالك إشاعات تقول بأنّ البنات يُسألن عندما يصلن سن السابعة عشرة عما إذا كن يردن أن يصبحن راهبات أم مومسات.؟ لا يتم السؤال بعبارة صريحة، ولكن كان هذا مبلغهن إذ خبرتهن في العالم الخارجي لا تتجاوز المشاركة في مراسم الدفن. ولم يكن لهنَّ أمل في الدعم من الأقارب إلا ما ندر، ولا الأمل في جني المال إلا من العمل في المنازل حيث لا تستطيع الفتاة الحفاظ على عذريتها لوقت طويل، أو يكون لها أي أمل بالتالي في العثور على زوج. في الحقيقة لم يكن لهن الخيار من أمرهن أبداً." ما الذي يمكن فعله؟ كانت الخطوة الأولى تتمثل في عمل مقابلة مع الأم الموقرة. وافق طبيب خالي العزيز الذي يتمتع بشعبية وسط أهالي القرية على أخذنا إلى الدير. كان مبنىً كئيباً تقام فيه الصلوات لساعات طويلة يومياً، في ترنيمات رتيبة ومملة. استقبلتنا الأم الموقرة بحرارة وقدمت لنا الشاي مع الكعك الشهي. لقد كانت امرأة صقلية ممتلئة الجسم ذات عينين طيبيتين، على عكس ما يوحي به المكان حولنا من كبت وقسوة. وضح لها الطبيب أننا نريد مساعدتها في عملها العظيم مع الفتيات الفقيرات وأنني أود دعوتهن إلى وليمة صغيرة في منزلي. كان قبولها على الفور مفاجأة لنا، وشكرت عطفنا. اتفقنا أنَّ عدد الفتيات –اثنتان وخمسون- كان كبيراً جداً لذا علينا تقسيمهن على ثلاث ولائم مختلفة. وسوف يتعين بالطبع حضور اثنتين من الراهبات مع الفتيات في كل مرة. وافقت، وارتحت لأنَّ العدد لم يكن ليزيد أكثر. وبينما تصافحنا وتبادلنا تحايا الوداع، قالت للطبيب: " إنهن كاثوليكيات، بالطبع"" كلا، لكنهن مسيحيات."ونحمد لها أنها لم تسحب موافقتها. كان هذا قبل أن يناشد قمص كانتربري البابا، والكثير من الصقليين كانوا يهرعون لرشم علامة الصليب عند سماع كلمة "بروتستانت".بعد أسبوع استقبلنا سبعة عشر فتاة واثنتين من المشرفات. لقد كنَّ صارمات وعابسات يرتدين زيّاً موحداً قاتم اللون، ما عدا الصغرى " في الثالثة من العمر" والتي كانت قد انضمت إليهن للتو. لم يتم أخذ قياسها بعد ولم تزل ترتدي ملابسها العادية. لقد كانت ملتصقة بالفتاة الأكبر سناً وكانت دامعة العينين معظم الوقت. كان هذا قبل إنشاء وزارة الرعاية، وتخصيص منحها، وربما كان لدى الكثيرين منهن أم أو أب مفطورو القلب، ترملوا حديثاً ولم يكن من حل سوى إيداع أطفالهن في أحدى دور الأيتام. بدا أنَّ ضيفاتي عاجزات عن التصرف بعفوية. عندما أدعوهن للجلوس أو تناول الطعام، كن يطعن أمري في فتور. ومحاولة مني لكسر الرسمية القاتلة، جهزنا أزراراً من أزهار متنوعة، كل منها بلون مختلف، وأقنعنا الفتيات أن يخترن من بينها. وبتشجيع منا بدأن الاندماج ببطء بينما كنا نثبت الأزرار على فساتينهن. كان الطعام فعالاً في إضفاء الحيوية، واقتدناهن إلى مائدة الشاي والمشروبات. وحالما اتخذن مقاعدهن وتلت الراهبات صلاة النعمة، كان لابد أن يتلقين التعليمات أولاً من نوع: " خذن كعكة، وأبدأن الأكل،" وما إلى ذلك. وبأسرع ما يمكن تركناهن في ضيافة صقلية على يد ماريا ومساعداتها، وبلهجتهن المطمئنة، بينما دعونا الراهبات إلى احتساء بعض الكوكا، وتناول الكعك في الغرفة المجاورة. وتفاجأت لرؤيتهن يتخلين عن مسؤوليتهن في الإشراف على الفتيات، وتلبية الدعوة. ثم سألت إحداهن، والتي كان يبدو عليها الفضول والفزع معاً، وهي تشير إلى المدفأة الكبيرة: " ماذا تفعلين هناك؟" لم ترد البوح بما ظنت أننا نفعله. فوضّحت لها أننا نشعل جذوع الأخشاب لنبقى في دفء أثناء الشتاء. لكن لم يكفِ هذا لإقناعها أو إزالة تعبير الخوف الذي كسى ملامحها. هل ظنت أنّه مذبح لقداس أسود؟ لقد كنَّ يرشمن علامة الصليب على أنفسهن بشكل متكرر، ويشرن إلى أن ديننا "عديم الجدوى" ويصلين للسيدة العذراء من أجل مساعدتنا. ولم نكن نستطيع شيئاً سوى الابتسام بطريقة ودية- فقد حالت قلة معرفتنا باللغة الإيطالية بيننا والتعمق في أي نقاش ديني. " انتهينا من شرب الشاي، وأقنعت كبرى اليتيمات أن تأتي معي لترى جغرافيا المنزل، تحسباً لأي احتياج طاريء من قبل الصغيرات. وقالت فجأة في شجاعة غير متوقعة: سيدتي، سأصلي من أجلك كل ليلة ما حييت."" شكراً جزيلاً."فتشجعت قائلة: " لابد أنّه من الفظيع أن تديني بعقيدة زائفة!"ابتسمت، أملاً في التعبير عن أنَّ هذا الشيء لا يزعجني بالضرورة. اجتمعنا في سطح المنزل الواسع، وفي الخلفية مشهد جبل إيتنا الرائع والثلوج تغطيه، وبدأنا نعلمهم العاب صيد الأحذية، وخطوات الجدة، والكراسي الموسيقية. لم يكن بالعمل السهل، ولكنهن اندمجن تدريجياً، وتعالت ضحكاتهن في النهاية، واقتربن أكثر من التصرف على طبيعتهن. وانضمت إلينا الراهبات أيضاً، واستمتعن أيما استمتاع وبقين حتى غربت الشمس وكان الطقس بارداً. ولم يغادرن. يا للمسكينات: لابد أنّهن لم يلعبن من قبل، فقد نشأن يتيمات أيضاً. انكسر الجليد وزالت الحواجز وقد استمر هذا الأمر مع المجموعتين الأخريين. وصارت مناسبات سنوية. بعد سنة أو نحوها، لعبت الراهبات لعبة لمسة الأعمى، بل ويقفزن على الجدران المنخفضة هرباً من قبضة أيدي بونيري البستانيّ. وقد أراد الجميع الانضمام للمناسبة في النهاية وانتهى بنا الأمر إلى استضافة أكثر من مشرفتين اثنتين.تأكدت شكوكي حول مخاوف الراهبات من القداس الأسود عندما كنا مدعوين إلى "عرض مسرحي" من أجل يوم اسم الأم الموقرة. تنكر الشيطان على هيئة امرأة شريرة من البشر ترتدي الحرير واللآلي لكنها لا تكشف عن غير وجهها حشمةً، كانت تغري الفتيات الفقيرات البريئات بوعود الثروة والسعادة. فيستجبن وتتحول أمورهن من سيء إلى أسوأ حتى ينتصر الشيطان ويصل به الأمر إلى أخذهن للقداس الأسود. وفي تلك اللحظة قمن جميعاً برشم علامة الصليب، فينسلخ الشيطان من ملابسها، مطلقاً صرخة بشعة، ويغوص في الستائر السوداء، فتصعد الفتيات المغرر بهن ببطء عائدات إلى نعمة الرب. إذن لقد كنت مخطئة إذ ظننت أنّهن لا يجدن اطمئناناً في الدار. في عدة مناسبات لاحقاً، كنت أقوم بما أستطيعه على ضآلته للالتفاف حول التأخير غير المقبول في سداد معاشات المسنين الذين تم الاعتراف بحقهم في الحصول عليها. وفي أغلب الأحيان كانت تمر شهور بل حتى سنوات قبل أن يتم سداد أي شيء منها. وعليه لابد أن تثمر زيارتي عن أثر مختلف ودائم، عندما ذهبت إلى مكتب مسينا للتأمين الاجتماعي، أخذت معي ثلاثًا من أجمل الشابات الأجنبيات. يتبعن الآنسة فيلبس، وكن يضفين الإثارة بينما كنَّ يعبرن من خلال المكاتب الخارجية حتى المكتب الرئيسي. بدون مساعدتهن كنت سأجد نفسي عالقة مع أحد الموظفين الصغار. ويلي لم تجد الحيلة إلا قليلاً: فقد توفي المستفيد من راتب التقاعد وهو يعاني الفقر والإهمال وآلت المستحقات إلى أقارب لا يهتمون لأمره. قمت في أحد الأيام بمهاتفة أحد مكاتب البريد المحلية للسؤال عما إذا كان الراتب التقاعدي الخاص بإحدى صديقاتي السبعينيات- والتي أقل ما يقال عن دماغها أنّه صوّفي- قد وصل أم لا. وربما كان الأمر أكثر سهولة إن وافقت على توقيع ورقة لتفويض وكيل يتسلم عنها الراتبين، واحد يتعلق بوالدها المتوفي في غارة جوية في روما قبل أكثر من أربعين عاماً والثاني بها شخصياً. ولكنها تمسكت بشدة بحقها بتسلم المال شخصياً. وبما أنّها كانت عاجزة عن السير كل تلك المسافة. كنت أقلها بسيارتي إلى أقرب نقطة رَكْن، والتي نادراً ما تكون قريبة جداً. أرادت السيدة المسنّة من موظف البريد نفسه أن ينقدها كل عشرة آلاف ليرة في يدها. وفي المرة الأولى التي ذهبنا فيها كنت قد تحققت من وصول التفويض بالدفع، ولكني لم أفكر في السؤال عما إذا كان هنالك مال لتنفيذ الدفع. ولم يكن لديهم المال. كان المستفيدون من رواتب التعاقد ينتظرون في قاعة باردة ليس فيها مقاعد كثيرة. وكان لسان الحال أنْ "صبراً، صبراً". لكن كانت السيدة العجوز التي تعيّن عليها السير ببطء من أقصى أطراف المدينة إلى الطرف المقابل، تتبعها جميع قططها الخمسة، لم تستطع صبراً. بينما كنت أطلب رؤية المدير، قامت بصب لعناتها على جمع السلطات سواءً أكانت ذات صلة أم لا. ويقال إنَّ المدير كان خارجاً لجلب المال من أحد المصارف في منتصف الطريق الرئيسي. ويرجح أنّه توقف لاحتساء بعض القهوة في طريق عودته. فيم العجلة؟في تلك الأثناء كانت صاحبة القطة تصرخ بأعلى صوتها: "لا بدّ أن ديوث المطران هو من هرب به! عليه اللعنة! أو العمدة؟ إنّه يعلم أنني منحت عدوه صوتي في الانتخابات. وعندما كان علي الدخول إلى المشفى بسبب ساقيْ، رأى ذلك الطبيب قطع العصب حتى لا أستطيع المشي بصورة صحيحة مرة أخرى، عليه اللعنة!" حاول الناس تهدئتها أو على الأقل حملها على التقليل من صرخاتها.خرج مدير القسم من مكتب خفيّ. صرخ قائلاً:" اخرجي وخذي معك تلك القطط!"" ماذا، أطفالي؟ إنهم يتبعونني إلى كل مكان. إنّهم يعلمون أنني أحتاج المال لشراء الأسماك لهم. لديهم الحق في التواجد هنا بينما ننتظر ذلك المدير الأبله. ولن أتزحزح حتى أخذه."أخيراً وصل المدير، بعكسنا، كان نشيطاً وتبدو عليه سيماء الراحة، ليجد الحشد الغاضب متعطشاً لسفح دمه. تم دفع النقود وتوقيع الإيصالات، في خربشات غير مقروءة في الغالب، ويمكنهم الآن البدء في رحلات العودة إلى ديارهم. دعوت صاحبة القطط إلى سيارتي: " لتحافظي على ساقيك الضعيفتين."" وأطفالي؟""يمكنك إحضارهم أيضاً، هنالك متسع لكم جميعاً في الخلف." كانت القطط رقيقة، نظيفة، وجيدة التغذية. واشكّ أنّها تقدم لهن طعاماً أفضل مما تأكل. لقد ترددت قليلاً ثم قبلت على مضض. لقد مددت ذراعي لمساعدة كلٍ من المرأتين المسنتين، وسرنا الهوينى ثلاثتنا، تتبعنا القطط الخمسة، في طريقنا إلى السيارة. وقد لفت انتباهي أنّ أحد الإطارات كان مفرغاً عن آخره، والسيارة لا تتحرك. ولم تنتظر السيدة، مؤكدة عدم ثقتها في جميع العربات المدولبة. هدّأت من روع سيدتي، وجعلتها تجلس في المقعد الأمامي ريثما يتم تغيير الإطار. بعد ثلاثة أرباع الساعة مررنا بالسيارة وأتباعها. بساقيها "عديمتي الأعصاب" وقد وصلت إلى منتصف مسافة رحلتها الشهرية. ولكنها مثل السنيورة ترغب في استلام أموالها بنفسها. هل يدل هذا على ذاك الشيء من القوة الذي ما زالت كلاهما تتمتع به، كما يفعلن بإصرارهن على التمسك بمفاتيحهن القديمة والتي أصبحت غير ذات جدوى؟لاحقاً، بذلت جهداً غير مباشر في الانخراط مرة أخرى في العمل الاجتماعي. في أقصى الشمال الغربي من صقلية، وتماماً في قلب منطقة المافيا، كان دانيلو دولسي، الذي يعرف أيضاً باسم "غاندي صقلية"، والذي كان معمارياً، وشاعراً، ومصلحاً اجتماعياً ومحارباً صلباً ضد الظلم، قد بدأ عمله. وكما قال، " لم يكن له سوى الجوع ليشهره في وجه الجوع"، وبدأ الصيام حتى الموت إن دعت الضرورة. كما أنّه قام أيضاً بتنظيم إضرابات عكسية، موعزاً إلى العاطلين من الرجال بأنّ بإمكانهم القيام بعمل مفيد أثناء بطالتهم. وبدأ معهم بناء طريق غاية في الأهمية. لتجنب احتمال العنف، أقنعهم بترك المُدى التي كانوا يستخدمونها لتقطيع خبزهم في المنزل. وعندما أمرتهم الشرطة بالتوقف، جعلهم يستلقون على الطريق جميعاً، بدون أن يقدموا على أية مقاومة أخرى. تم اعتقال دانيلو الذي كان آخرهم استسلاماً، وقد متعه الله ببسطة في الجسم. وجهت إليه تهم قطع الطريق، وأودع السجن لعدة أسابيع. واستطاع في محاكمته أن يدين الكثير من أنواع الظلم في منطقته. كما اكتسب اهتماماً كبيراً من خلال كتبه الرائعة، لقد كان يفتح نوافذ صقلية على الخارج، ونوافذ الخارج على صقلية. وقد عقدت اللجان في شتى دول العالم لجمع المال وتشجيع المتطوعين. لسوء الحظ لم يُحسن اختيار الآخرين، أو تدريبهم بما يتناسب مع صعوبة هذا العمل الرائد، في هذا الإقليم المتخلف. وقد كنت أبعد من أن أستطيع القيام بدور فعال بنفسي، بالإضافة إلى الانشغال. حاولت إقناع دانيلو باستخدام قصر كوسيني كاستراحة للناس قبل وليس بعد الانهيار. فجاء ليقابلني ويرى المنزل، ولكنه لم يدرك أنّ المقصودين هم مساعدوه المخلصين للقضية، المرهقين من كثرة العمل. على أية حال استفاد الكثير منهم في المنطقة ذاتها بالإضافة إلى ضحايا الهزة الأرضية من الإقامة الهادئة في قصر كوسيني، وهو الأمر الذي ساعدهم على العودة إلى أنماط حيواتهم القاسية., Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi....
اعرض في فيس بوك    
, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidiصور توثيقية من كتاب منزل في صقليةولقراءة الكتاب مترجماً من خلال الرابط التالي https://www.facebook.com/pg/mohammed.suwaidi.poet/photos/?tab=album&album_id=1429647213871382                      ....
اقرأ المزيد ...صور توثيقية من كتاب منزل في صقليةولقراءة الكتاب مترجماً من خلال الرابط التالي https://www.facebook.com/pg/mohammed.suwaidi.poet/photos/?tab=album&album_id=1429647213871382                      , Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi....
اعرض في فيس بوك    
, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi   بيت في صقلية | تأليف: دافني فيليبس | ترجمة أميمة الزبير | الفصل العاشر- العرّاب**********بشكل عام يعرف الناس شيئين اثنين عن صقلية- وكلاهما مزعجٌ: جبل إيتنا، والمافيا. والفضول....
اقرأ المزيد ...   بيت في صقلية | تأليف: دافني فيليبس | ترجمة أميمة الزبير | الفصل العاشر- العرّاب**********بشكل عام يعرف الناس شيئين اثنين عن صقلية- وكلاهما مزعجٌ: جبل إيتنا، والمافيا. والفضول حول الأخيرة شديد و ولم يُشبع أبداً. في أيامي الأولى كان من النادر أن يأتي ذكر ذلك على ألسنة السكان. وأحياناً ينكر المرء وجودها فوراً عندما يُسأل عنها على نحوٍ مباشر. وإن ذكرت هذا الأمر أمام الصقليين الآخرين فسيضعون على وجوههم قناعاً من الحكمة ويقولون: " لا يقول ذلك إلا واحد منهم قطعاً!" ولم أجد إجابة أوفى من ذلك إن واتتني الجرأة للسؤال. في أحد الأيام حكى لي صديقي فرانكو، وهو طالب قانون، قصة عجيبة. في هذه البلدة الصغيرة، أعلى وادٍ في سفح جبل إيتنا، كانوا يحتفلون بالكرنفال بحماسة كبيرة. كان يتواصل الرقص والاحتفال يتواصلان لثمان وعشرين ليلة قبل حلول العيد. كان الرجال في المنطقة يغارون على شرف زوجاتهم وبناتهم الذي كان يرتبط بشرفهم بشكل لصيق. يعني هذا أنّه لم يكن مسموحاً للسيدات المحترمات بالخروج للرقص مع الرجال، بل كنَّ حبيسات بيوتهن بينما يرفه الرجال عن أنفسهم. كان شحُّ رفيقات الرقص يعوّض جزئياً بالفتية الذين يرتدون ملابس الفتيات (أخبرني فرانكو أنّه خرج في إحدى الليالي متشبهاً بحسناء أسبانية، وقد طلا عينيه وشفتيه بألوان التبرج، وتدلى من أذنيه قرطان، بينما عاد رجلاً في المرة التالية وخرج في زي هرقل بسجادة المدفأة). أما المصدر الرئيسي للرفيقات فكان يتمثل في النساء المأجورات من كاتانيا بثمن معلوم. كان رجال البلدة يبرمون الاتفاقات مسبقاً. وتساءلت عما إذا كانت الكاتانيات يحصلن على المال مقابل الرقص فقط؟ ربما لا، لقد كنت أميل إلى ذلك الاعتقاد، فإن كانت الغيرة في صقلية على تلك الحال، لابد أنَّ الأزواج في كاتانيا كانوا يراقبون في حرص سير المسألة. أيعقل أن يوصموا بالقوادة كلهم؟في هذه السنة أخبرني فرانكو، أنّ رجال كاتانا تراجعوا عما أبرموه من صفقات، وطالبوا بالمزيد من المال. تم رفض ذلك. وبالتالي افتعلوا الفوضى كل ليلة، بإفساد الحفل والتهديد بتحطيم القاعة. حاول القس تهدئتهم دون جدوى، وبدت الشرطة عاجزة فقد كانوا كثيري العدد. قال أحدهم فجأة، " لم لا تستدعون دون شيكو؟"لا بد أنّه كان رجلاً خارقاً. لقد هبط من الجبل الذي قطنه، ولم يفعل سوى السير، بذراعين معقودتين، وعينين مفتوحتين، بدون أن يصدر أي صوت عدا صوت خطواته، ليختفي كل مثيري الشغب، ويبدأ الرقص من جديد.سألت وأنا ذاهلة عمن يكون هذا القوي؟ " إنّه زعيم المافيا في هذه الأنحاء."بالطبع أردت أن أعرف أكثر. وبدا فرانكو متعاوناً، على عكس الآخرين. في تلك الأيام كان لديَّ رأي ساذج حول "المجتمع الشريف". لقد تصورته مثل روبن هود، يأخذ من الأغنياء ليعطي الفقراء، وبشكل عام يحمي الضعفاء في الوقت ذاته، بينما يعملون على تحسين أحوالهم. كان هذا قبل أن يتطور ذلك المجتمع إلى منظمة عالمية تفتقر إلى الرحمة، أعضاؤها من أصحاب الملايين مروجي المخدرات.قال فرانكو فجأة سعيداً بما أثاره فيّ من اهتمام: " هل تودين مقابلته؟"" في الحقيقة يتحتم عليَّ ذلك، ولكن كيف أستطيع؟"" سوف أحضره لزيارتك."كنت متأكدة من أنّه يتباهى. كيف يتسنى لطالب قانون صغير أن يحضر رجلاً كهذا لزيارتي؟بعد بضعة أسابيع، وبعد أن حل المساء، سمعت طرقات على نافذة حجرة الدرس الفرنسية خاصتي. فتحتها. كان فرانكو هناك." هل انت بمفردك؟""لا""كم شخصاً معك؟""لِمَ تسأل؟""لأنني أحضرت دون شيكو معي وبه شيء من الحياء- فهو لم يشذب شعره اليوم."لا يبدو أنّ حياءه هو السبب، مثله مثل جميع الرجال الصقليين. كان معي بعض الأصدقاء: الزوج كان كولونيلا مسؤولاً عن التعليم في جيش الاحتلال البريطاني في النمسا، وزوجته كانت رئيسة كلية في كامبردج، وروائية ناجحة.دلف دون شيكو مطمئناً، تزداد رمشات عينيه عندما يواجه الضوء. لقد كان رجلاً ضئل الحجم لا يخلو من قوة، سريع الحركة، ذا سحنة مسمرّة من أثر الشمس، يكاد هندامه يتسم بالرثاثة، وفويق أحد حاجبيه ندبة، وله جفن مرتخٍ يضطر معه إلى رفع رأسه وإمالته إلى الخلف، مما يضفي على ملامحه انطباعاً بالغطرسة والجهل. كان يرتدي قميص عمل بسيط كأيّ فلاح، ولكنّ الشعور بقوته كان حاضراً ومنذ أول لحظة. سمعنا الكولونيل في وقت لاحق وهو يقول إنّه لم يقابل شخصاً أكثر منه وعياً بفوقيته على أي مجموعة يجد نفسه وسطها. جلس دون شيكو على أريكة بجانب المدفأة التي كان المرة تلو الأخرى يبصق فيها في قوة يتقن السيطرة عليها. اخذت مكاني بحرص شديد قربه وسألته ماذا يريد أن يشرب، وكنت أعي إلى حد مؤلم حدود إمكانيات قبوي الصغير من النبيذ العادي جداً. (كنا لا نزال نعيش على علاوة السائح في فترة ما بعد الحرب.) أخبرني فرانكو أنَّ ضيفه يصنع نبيذه الخاص الذي يقوم ببيعه لدعم العلامات التجارية الأدنى بهدف التصدير. وبشيء من الفتور قبل احتساء كأس واحد. أخبرني فرانكو، مما أثار دهشتي، بأَّنَّ في إمكاني سؤاله عما أحببت. فسألته بجرأة كيف انضم للمافيا.شرع في الإجابة بغطرسة بابوية، متجاهلاً السؤال: " إيطاليا بلادنا La nostra Italia- لا أعرف إن كان أيٌّ منكما قد سبق له رؤيتها على أطلس الجغرافيا؟" (كنا جميعاً ما عداه من خريجي الجامعة.)هنا بدأ فرانكو يترجم بلغة فرنسية ممضة. فصفعه دون شيكو بغضب صائحاً " اصمت. أنت لا تعرف شيئاً عن ذلك. اصمت!"أما فرانكو فكان يردد بصوت أقرب إلى الهمس "Scusi, scusi، المعذرة، لم أكن أقصد سوى المساعدة." " سوف أتحدث حتى أصل إلى موضع مناسب ثم أقف، وعندما تترجم أنت للسنيورة. ابق صامتاً!"عاد فرانكو في شجاعة: " عليك التحدث باللغة الإيطالية (أي ليس بالصقلية). " “Parlo tecnicamente italiano,” . ولكن كان من الواضح أنّه أكثر سعادة في لغته المعتادة، وهي اللهجة المختلفة جداً التي لم تتوقف زلاته بها.لقد استأنف الحديث مجدداً، "إيطاليا بلادنا تشبه ساقاً"، وقبض على أقرب ساق إليه- كانت ساقي. لا أعتقد أنّه كان مدركاً بأنّي كنت على الطرف الآخر منها. كان ممسكاً بها بقوة بإحدى كفيه، وبالأخرى كان يشرح وجهات نظره. " هنا قبل الأصبع نوجد نحن الصقليين، وعلى الأصبع الريجو، ثم النابوليين، ثم روما، ثم فلورنسا."وكان في كل مدينة يقبض على الرجل بيد من فولاذ. وكنت أتساءل عما كان سيحدث إن وصل إلى جنوا...ولكنه توقف مشكوراً في فلورنسا وغيّر الأداة. لقد منعني قلقي المتصاعد من تخمين مناورته التالية. ولكن عندما توقف سألته كيف قام بترسيخ رئاسته على غيره من رجال المنطقة، فتناول السؤال بظاهره قائلاً." ببساطة، عندما كنت شاباً صغيراً، كنت أكسب كل معركة توجب عليّ الدخول فيها. وإن كان هنالك جبلٌ يُصعد، كنت أصل إلى أعلاه أولاً، وكذلك في مباريات السباحة، وهكذا. وإن أردتِ يا سيدتي أن أقيم لك عرضاً لقدراتي، فليس عليكم سوى أن تنبطحوا أرضاً وسأجعل نفسي صلباً كجثة هامدة، والجثة هي شيء ثقيل جداً، وسوف أضع رباطاً على وسطك- وبأسناني سوف أرفعك حتى مستوى ارتفاع أكتافي!"كانت أسنانه برّاقة وكثيرة العدد، تبدو أكثر عدداً مما لدى الإنسان العادي، كما قال الكولونيل لاحقاً. كان جزءٌ مني يود أن يفعل ذلك، والجزء الآخر يعرف أنني كنت أثقل مما أبدو وأنَّ الأمر سيغدو بداية غير جيدة لصداقتنا إن لم يستطع رفعي لأكثر من بوصة أو اثنتين من على الأرض. (لاحقاً وعندما كان يشرب معي في إحدى الحانات الصغيرة، اضطر إلى الإمساك بكرسيّ ثقيل بأسنانه ولوّح به حتى ضربت أرجله السقف مما تسبب في انهيار أجزاء من الجصّ. كان شيئاً غريباً ألا يحتج المالك.)غيرت الموضوع، هل كان يعرف خالي السيد كيتسون؟ لقد تعلمت الآن أن أنطقه بعدة طرق قبل التعرف عليه، لكن أيٌّ منها لم يجد صدىً عنده. حاولت مرة أخرى: " كان يدعى لاغريغيو- الوسيم." "أبداً.""أو دون روبيرتو؟""آها، روبيرتي، لقد كان صديقاً عزيزاً لي. لقد كان في حمايتي: أحدهم كان يزعجه. ولم يكن على روبيرتي سوى أن يسير معي متأبطاً ذراعي على الطريق العام لحل تلك المشكلة. لم تعد هنالك أية مشاكل، لأنّه كان تحت حمايتي، وكان يستطيع القيادة في صقلية بطولها وعرضها ليلاً أو نهاراً بسيارته المفتوحة ولا يستطيع أي قاطع طريق أن يمسه بأصبع حتى."أتمنى فقط لو كانت أمي، أخته، تعرف، لوفرت القلق حيال أسفاره بالسيارة المفتوحة في أنحاء الجزيرة التي لم يعرف عنها سوى امتلائها بقُطَّاع الطرق الذين لا يطمعون إلا في اعتراض طريق ثري أجنبي. قوبلت مخاوفها واحتجاجاتها بالتجاهل، وبدون توضيح الأسباب. ربما لم يكن شيئاً مشرفاً أن يخضع لحماية المافيا حتى في تلك الأيام السحيقة؟لقد سألت عن عائلة دون شيكو. عندما كان في الشهر الثامن عشر من عمره ذهبت والدته إلى الولايات المتحدة ولم تعد، تاركة إياه خلفها مع جدته التي اضطلعت بمهام تربيته. وهو يعيش الآن مع "خالته" (قلت لنفسي، مثل كثير من الكهنة)." كانت والدتي امرأة جميلة جداً- شقراء. لم أرها مذ تركتني،" تنهد. " على الرغم من أنَّ كل النساء الذين أردتهن كن رهن إشارتي. لم أتزوج لأنني أردتها أن تختار لي زوجتي. سأذهب يوماً إلى نيوي يوركي، وأراها مرة أخرى. لديها عدد من الاطفال. أحدهم بطل في الملاكمة في القوات البحرية. يجب أن تأتي إلى منزلي يا سيدتي، وتخبريني ماذا أرسلوا لي. إنّها آلة كهربائية، ولكنك عندما تشغلينها لا يحدث شيء"."كيف تبدو"" لديها وجه مثل الساعة، وعين سحرية، ولكنك عندما تشغلينها لا يحدث شيء"أعتقد أنّها ربما كانت تلفازاً. ربما لا تعرف مدينة نيويورك أنَّ التلفاز لم يصل بعد إلى صقلية."لا!" صرخ ثائراً. "مذياع؟"مرة أخرى "لا""هل سألت كهربائياً؟""إنّه لا يعرف عنها شيئا.""إذا لماذا تعتقد أنني سأستطيع مساعدتك؟" "لأنَّ هنالك كلمات مكتوبة باللغة الإنجليزية، وربما استطعتِ قراءتها"وعدت بأنني سوف أزوره في يوم ما.ثم نهض ليغادر، انحنى، وقبّل كفي وقال في كبرياء واضح، " سيدتي، إنّي أضع نفسي بالكامل رهن إشارتك. إن تسبب أي شخص في إزعاجك، فقط أخطريني ,...." قام بإشارة قوية تنم عن المسح بذراعيه مصحبوتين بشخير إزدراء. "أي شخص؟ أجنبي؟ أمريكي؟"كان هنالك شخص متعب للغاية في ذلك الوقت، وسيكون من الجميل لو دفعه أحدهم على الخروج من تورمينا. تسابقت الصور في مخيلتي، هل سيحمي منزلي من اللصوص؟ هل سيستطيع أن يساعدني في الحصول على الأسبقية لشراء سيارة جديدة عندما تعطب سيارتي التي تضررت جراء الحرب؟ تسوية خلاف الحدود التي أخفق في تحقيقها المحامون؟ لقد فكرت أنّه من الأفضل العودة إلى الأمريكي غير المرغوب فيه. "نعم لدينا اتصالات ممتازة مع نيوي يوركي.""دون شيكو، أنت في غاية اللطف، ولكن كيف لي أن اتصل بك عندما أحتاجك؟""بسيطة، اتصلي بالخط المركزي لقريتي، وسوف آتي على الفور"لم يكن هنالك أي خط هاتف آخر يوفر المزيد من الخصوصية لتلك القرية النائية الجبلية من القرون الوسطى. غاب عن الشرفة الفرنسية بتلويحة وداع لضيوفي لا تخلو من غطرسة، وفرانكو في إثره. سهرت في تلك الليلة وأنا أفكر في الاحتمالات. هل سيستطيع إيقاف المضايقات اللانهائية من قبل الشباب، أم بابا غالي الذي أفسد علينا نزهاتنا في المدينة؟ إنّه على الأرجح سيفعل- ولكن كيف؟ كنت أستطيع تخيل المُدى تُشهر، وأراني معلقة من ذراع واحدة محاولة سحبه إلى الوراء، وهو يهزني: " دعي لي هذا الأمر. هذا ليس من عمل النساء." وتقطع الرقاب. للأسف قررت أنني سوف لن أخاطر باستدعائه. بعد ذلك بأيام قليلة، ظهر فرانكو مرة أخرى وهو في حال من الانفعال: " أرجوك، عليك الاتصال بدون شيكو.""ولكني لا أحتاج لذلك؟ لم علينا الاتصال به؟""لاني أريد أن أعرف لماذا تم استدعاؤه على عجل من قبل الأميرة كامبوبيلو دي فشيرا لمسألة مهمة جداً. إنّه لم يخبرني لكني متأكد من أنّه سيخبرك.""لِمَ بحق السماء؟""لأني سألته عندما غادرنا منزلك تلك الليلة، عن رأيه في السيدة، فأجاب " ألم تسمع ما قلته لها؟ أنا لا أضع نفسي رهن إشارة أي امرأة"." على الرغم من شعوري بالإطراء الذي كان ممزوجاً بالفضول تجاه علاقة دون شيكو الغريبة بالارستقراط، رفضت بحسم الاتصال بالخط المركزي- الشيء الذي أغضب فرانكو. عليه فنحن لا نعرف مطلقا ماهية المشكلة التي واجهتها الأميرة. بعد مرور الوقت، أتى دون شيكو لزيارتي مرة أخرى. أتى في الصباح الباكر ووجدني في الحديقة. بدون إبطاء شرح لي أنّ عليه الحضور إلى تورمينا لدفع ضرائبه (وتثير هذه الخصلة فيه كمواطن ملتزم بالقانون الدهشة). قال إنّه كان في حاجة إلى 10.000 ليرة وطلب مني إقراضه إياها- بالطبع سوف يقوم بسدادها في المستقبل القريب. ترددت بسبب أوضاعي المتأزمة: فإما أن يكون هذا استثماراً رشيداً سيضمن مساعدته الفورية إن احتجته، أو أنّه سيزيد من مشاكلي المالية الراهنة. ذهبت إلى المنزل وأنا أفكر بالأمر، وكان هو إلى جانبي. كلٌ من المنزل والحديقة في سعة وجمال يجعلان الناس- خاصة الصقليين- يعتبرونني سيدة غنية جداً (وهو شيء صحيح فعلاً باعتبار الأصول)، ولكن هذا المنزل يستنزف الكثير من الموارد، وكان علي توخي الحذر دائماً حيال من يحاولون الاقتراض مني. كانت العشرة آلاف ليرة جزءاً مقدراً من دخلي. ودفع مبلغ كهذا على سبيل القرض كان قراراً صعباً. ربما كان الأمر غريباً من حيث مصير المال، وأمنية لاختبار نوايا دون شيكو النبلة، أو ربما خوف من رفه؟ كل هذا جعلني أسلمه المال. لقد بينت له بشكل واضح أنَّ هذا المبلغ كان كبيراً بالنسبة لي، وأنني لا أفعل هذا إلا مع صديق عزيز. تلقاه بامتنان حميم، ثم رفع صوته وتحدث بثقة كبيرة، شارعاً في تقديم سيل من النصائح: " سيدتي، إني أعرف هذا العالم. عليك ألا تضعي ثقتك في أي شخص، ولا حتى أخيك، ولا أختك، ولا والدك، ولا عمتك. فقط أمك التي تستحق الثقة- فهي من لحمك ودمك، ينبغي أن تظلي على ظهر الجواد حتى نهاية الرحلة وسيفك في يدك."شيء غريب وأمه كانت أول من يخذله؟تركت بعض الأسابيع تمر قبل أن أقرر زيارة دون شيكو في مخبئه الجبلي. اتصلت بفرانكو وطلبت منه تدبير موعد لي مع اثنين من أصدقائي – جوسلين بروك، الشاعرة والروائية، وأحد الضيوف السويديين- لمقابلة دون شيكو في منزله حتى نستطيع البت في أمر الآلة الكهربائية! وعما إذا كان سيود أن يكون دليلنا ومرافقنا؟ أبدى فرانكو سروره- وأحب كثيراً أن يُرى مع الأجانب، الذين قل عددهم في هذه الأيام. لقد أصر على أنْ نأتي أولاً لتناول وجبة الغداء معه ووالدته في بلدة صغيرة كانت تحتفل بأحد الكرنفالات البهيجة. وصلنا إلى قصر كبير يعود إلى منتصف القرن التاسع عشر في الشارع الرئيسي، لم يكن أثاثه جميلاً، وزادته الستائر الكثيفة كآبة فوق ما به. قليلاً ما كان الصقليون في تلك الأيام يحتفلون في منازلهم، واعتبرنا أمر دعوتنا من قبيل الشرف، إذ أنّهم كانوا دائماً يرغبون في حفظ ماء وجوهم أمام الأجانب، وقد تكلفت والدة فرانكو الحيية الكثير في هذه الزيارة. بدأنا باحتساء نبيذ الفيرموت شديد الحلاوة مع البسكويت الحلو. كان الوقت عقب الظهيرة بقليل. ثم جلسنا حول طاولة كبيرة من الصنوبر، وقُدم لنا الطعام طبقاً بعد طبق، بواسطة خادم بعيد عن الأناقة كل البعد وربما كان قليل الأجر إلى حد كبير، ويعمل لساعات أطول من اللازم. اعتذر فرانكو نيابة عنها، أنَّ هذا هو منزلهم الريفي، وعليهم الاعتذار عن أي تقصير. (إني أشك جداً أنّ لهم منزلًا غيره.) لم يكن التقصير دون شك في ما يخص الشراب أو الطعام. لقد توالت أطباق المائدة واحداً بعد الآخر. على الرغم من احتجاجنا فقد تكدست أطباقنا مرة بعد الأخرى وسرعان ما أفرغناها، كانت كأسات النبيذ تعبأ دون أن ننتبه لذلك في الغالب. يحب الصقليون تقدير الطعام، ويجدون من الصعب تصديق أنَّ قول "لا شكراً" بحسم للمرة الثانية أو الثالثة يعني عدم الرغبة في المزيد. وفي زمني أكلت وجبات بطولية بسبب التآخي. لم يكن أصدقائي يفعلون الشيء نفسه. لم تكن مضيفاتنا يتحدثن الإنجليزية، واثنان من ضيوفها لم يعرفا سوى بضع كلمات بالإيطالية، عليه صار الأكل والشرب بديلاً عن الحوار. لقد شققنا طريقنا وسط أكوام المعكرونة، ثم السمك، واللحوم، والخضروات، والجبن الذي تتبعه كعكات الكريمة والفاكهة. كان كل شيء شهياً. بعدها يأتي دور المارسالا الجميلة. وكان من رحمة الله وجود فناجيل القهوة الاسبرسو الصغيرة، عندما نصل أخيراً إلى خاتمة المطاف. عندئذٍ نكون قد أمضينا ما يقارب الساعات الثلاث في الأكل والشرب دون توقف. أعلن فارنكو أنَّ دون شيكو سيكون بانتظارنا وأنَّ علينا الذهاب. كانت القهوة قد ساعدتني على قيادة سيارتي الصغيرة الجديدة لمسافة عشرة كيلومترات حتى قرية موتا. صعدنا في طريق متعرج ضيق من منعطف إلى آخر خلال الريف الرائع على قمم الهضاب. واستطعنا أن نرى فوقنا على ارتفاع كبير قرية تشبه قرى العصور الوسطى، تشرف على صخرة ناتئة. أخبرني فرانكو أن أتوقف. وقف في العربة ووضع يديه إلى فمه، واطلق صفيراً طويلاً وحاداً. وعلى الفور كانت هنالك صيحة استجابة من الجانب الآخر وراء الصخرة من فوقنا، وظهر دون شيكو. شبحاً تحت السماء. لوّح لنا ثم بدأ يركض، ويقفز ويثب هبوطاً من جانب الهضبة شديدة الانحدار، في سرعة تُضاهي سرعة الماعز الجبلي، وكان شيئاً مذهلاً أن يُرى من رجلٍ في عمره، لابد أنّه كان في حوالي الخمسين من العمر. "أهلا بك سيدتي" قال بينما كان يقبّل كفي، ويشد على أكف أصدقائي.كان دون شيكو هذه المرة مختلفاً جداً عن ذاك الذي كان في زيارتي المرة الأولى. لقد كان اليوم حليقاً بشكل ممتاز، وكان يرتدي بذلة أنيقة تناسب المدينة أكثر من الريف، وقد ارتدى تحتها قميصاً ملائماً من الحرير الأبيض الخالص المفصّل خصيصاً كما هو واضح. " يجب أن تأتي وتري أرضي أولاً ثم منزلي بعدها."لقد بدأت أضع المفارش والمعاطف في صندوق السيارة. " لا حاجة لذلك"، قال باقتضاب. في أيام التقشف تلك وبعد الحرب كانت الملابس الجديدة والمفارش صعبة المنال بشكل ما. فاعترضت بجرأة: " ولكن يا دون شيكو لا يعرف الناس أننا ضيوفك: الناس فقراء وهذه الملابس ستكون مغرية."بدون كلمة أخرى وضع قبعته مقلوبة على غطاء محرك السيارة وقال. " اتبعوني." اختلست نظرة إلى القبعة لقد كانت عادية ولم يكن عليها اسم أو علامة مميزة. ولكن ظلت متعلقاتنا هناك طيلة الجزء الأفضل من الساعات الثلاث التي قضيناها في الطريق، فقط نصف كيلومتر من القرية التي ضرب الفقر عليها أطنابه ولم يمسها أو السيارة أحد بأذى.ونحن ما زلنا نشعر بالخمول بعد الوجبة الهائلة التي تناولناها، وشعرنا بالراحة الكبيرة عندما قادنا إلى أعلى الصخرة حيث رأيناها أول مرة عبر طريق أكثر سهولة ورحمة من الطريق الذي سلكه هبوطاً. وبينما كان واقفاً على القمة تماماً، في مواجهة السماء، وفي عظمة ملوكية طفق يمسح بعينيه الأرض المحيطة، أشار بكل فخر إلى مزرعته النائية في أدنى الوادي. كانت خضراء وتظهر عليها سيماء الرعاية بجمال، بأشجار الزيتون واللوز، والكروم، والأرض شوك والبقول. ثم أشار إلى أرض أخرى قائلاً: " تلك المزرعة هناك، لا نحتاج إلى المزيد من الأدلة على طيبة قلبه، لقد أعطاها للفقراء". (الجانب الروبن هودي من شخصيته- ولكن دليل؟) " تلك الأخرى- مشيراً في اتجاه آخر- " إنّه صعب وعلينا أن نلحَّ قليلاً."استأنفنا المسير إلى القرية. وفجأة وبكل هدوء، لم أسمع شيئاً سوى قوله، " قُتل رجل في هذه البقعة." (على يده؟ من يدري؟)وصلنا إلى القرية البدائية، متشبثين بحافة الصخور المنحدرة التي تعود للعصر الجليدي: الكنيسة في الوسط وعلى جدرانها علامات واضحة النقش تدل على بنّائيها، تتسع الشوارع بالكاد لمرور عربة واحدة، وقد حُفرت على صخور الدروب الأصغر خطوات من ساروا في مسالكها. ونادرا ما تصل الشمس إلى معظم المنازل إلا في ذروة فصل الصيف. وفي واحدة من أضيقها توقف دون شيكو وسحب مفتاحاً كبيراً ودعانا إلى دخول منزله مرحِباً حيث قال إنّه كان يعيش مع خالته. ولم تكن هنالك لتستقبلنا. كان المنزل غاية في البساطة. كانت الجدر الحجرية عارية من الطلاء، وكانت السلالم مصنوعة من الخشب الخشن غير المغطى، والطابق الأرضي يحتوي على غرفة واحدة كانت تستخدم للتخزين، وكان السقف منخفضا، ولكنه مناسب للصقليين. أما الشماليون الأطول قامة فيتعين عليهم الانحناء. وسوى صنبور واحد في إحدى الزوايا لم يكن هنالك أي أثر لمرافق الصرف. كان بالغرفة التي يفتح عليها الدرج موقد وأسطوانة غاز. لقد كانت هذه البيئة غريبة بالنسبة لمضيفنا المهندم في أناقة. تبعناه إلى الغرفة الصغيرة الأخرى حيث لم نجد من الأثاث سوى سرير ضيق يحتل مساحة بطول الحائط الملاصق وطاولة صغيرة مستديرة، وبعض الأطباق والكؤوس عليها، وخمسة من الكراسيّ الخشبية العادية جداً منسوجة مقاعدها بالدوبارة. كان الشيء الوحيد المميز في المنزل الريفي هو الآلة الكهربائية القابعة على رفٍ في الحائط. والتي أُنزلت بشيء من الازدراء. أوصلها بالكهرباء، ولم يحدث شىء. اتفق جميعنا على أنّها كانت جهازاً كريستالياً قديماً جداً وعديم الجدوى. لقد نقلت رأيي هذا بلطف إلى دون شيكو. لابد أنّ نيويورك قد تخلصت من هذا الجهاز القديم بإرساله إلى الأخ غير الشقيق الصقلّي المتخلف الذي يعيش في ركن قصيّ من العالم. قبل بحكمي على مضض، واستياء ثم التفت إلى صورة عتيقة جداً ذات إطار، لأمه وخالته. لم تكن أي منهما حسنة المظهر بحسب طريقة تفكيري، ولكنّه قال: " كما ترين، كانت أمي جميلة جداً وشقراء."لم تكن بالجميلة ولا بالشقراء، ولكني أعجبت بحماستها، الشيء الذي سره. " لابد أن أذهب في يوم ما إلى نيوي يوركي، وأقابلها، وتختار لي زوجة."وقد بدا لي أنّه سيكون لقاءً قاسياً مع ربة منزل بدينة وشعثاء من بروكلين. وكم سأكون سعيدة من أجله إن استطاع المحافظة على هذا الحلم. لم يُلح على معرفة رأيي لحسن الحظ، لقد كان الطعام أكثر أهمية في ذلك الوقت. قام مضيفنا أولاً بسحب زجاجة نبيذ أحمر من تحت السرير، كان قد صنعها من أعناب مزرعته. لقد سحب سدادة القنينة وهتف في سرور لدى ظهور المادة الغريبة الشبيهة بالعفن: لقد بدت أكثر شبهاً بدودة سمينة بيضاء مجعدة على الحافة وحولها بحيث وارتها تماما. لقد أزالها بأصابعه قبل أن يملاً كؤوسنا. وعلى الرغم من إبطائنا في احتساء المزيد من النبيذ، لكنا أدركنا ضرورة قبول عرضه. ثم انحنى مرة أخرى وجذب من تحت السرير رغيفاً ضخماً من أثقل أنواع الرغيف المصنوع منزلياً، تلاه برميل من ثمار الزيتون تسبح في أقوى الزيوت نكهة. ثم لوح كبير من جبن البيكورينو- وهو أبعد ما يكون عما أفضله. وأخيراً قطعة كبيرة من أسمن قديد مدخن رأيته على الإطلاق. كنا جميعاً على وعي بالتخمة التي تعانيها معدة كل منا بالفعل، ونحن نراقب التحضيرات في حذر. ومرة أخرى تم تكديس الطعام على أطباقنا. قام دون شيكو بتقسيم الرغيف باستخدام سكين حاد على صدره، ثم وضعت شريحة سميكة من القديد على كل قطعة. كنا نتوسل طلباً للرحمة باستماتة، ونحن نخبره بما اضطررنا لأكله وقبل فترة قريبة جداً. لمعت عينا دون شيكو، إنَّ الضيافة الصقلية على المحك. لقد اعتاد على الطاعة. ولن يقبل بغيرها. لقد مررت بتجربة مماثلة من قبل، وأصبت بعسر هضم شديد فقط لحسن الحظ، ولكن أصدقائي المساكين لم يفعلوا. لقد كانوا يتعلمون أنّ على المرء ألا يسيء إلى الضيافة الصقلية المتجاوزة للحدود على أية حال. وكنت أغمغم من جانب فمي، " كلوا، كلوا على شرف إنجلترا."وفعلنا، تحت عين مضيفنا المتوهجة، فقط قطعة أو أثنتين اختلستا طريقهما إلى الحقيبة أو الجب. ساعدنا النبيذ القوي على إنزال كل شيء إلى المعدة. وأصبح وجه مضيفنا مشعاً إذ استطاع ترويضنا. سُمح لنا أخيراً بالذهاب، أخذنا نترنح نزولاً عبر الدرج، والعتبات، ونتهاوى عبر الطرق الضيقة، ممتنين للنسمة العليلة، وبضع مئات من الأمتار سيراً حتى العربة. رفع دون شيكو قبعته من العربة، ووضعها على رأسه، وشدّ على أيدي الرجال مصافحاً، قبّل كفّي وكفّ صديقتي السويدية. متخمة كما كانت بالطعام الدسم، وما زالت ترى هذا "الرجل الخارق" ساحراً، وهي لا تدري أنّه همس إلي: " إنها جميلة ولكن عمرها كبير جداً" لم يكن عمرها كبيراً، ولكن شعرها كان جميل البياض- والذي ربما حصلت عليه أي امرأة صقلية إن أخطأت في اختيار الصبغة- وهو يحف بعينيها الزرقاوين اللامعتين. أخبرني دون شيكو الذي لم يكن سائقاً كيف وأين أقوم بتغيير اتجاه السيارة. وهنا كنت أطيعه في كل ما قول وبدون إبداء أي رأي من جانبي، سوى قلقي الشديد ورغبتي في وصول الجميع إلى المنزل بأمان. أمضى رفيقاي اليوم التالي والذي يليه في العناية بكبديهما وأخذ جرعات من الماء فقط في الفراش. وقد نجوت أنا بخبرتي ولكن فقط...كان لقاؤنا التالي صدفة محضة بعد شهور، وربما أكثر من عام. كان عالم النبات الشهير كولينغوود إنغرام قد جاءني يحمل خطاباً. لقد تلقى تأكيداً- تساءلت ممن؟- بأنني سأكون في صقلية وسأريه الأماكن التي تحتوي على غرائب الزهور البرية. كانت زوجته في رفقته، وهي امرأة صامتة مزمنة الشقاء، وقد جاءا في عربة صالون قديمة جداً من نوع اوستن. كان من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، شراء سيارات جديدة، وقد زارت هذه السيارة بلدانًا بعيدة وتبدو كما لو أنّها سلكت الكثير من الطرق الوعرة وغير الممهدة. كان كولينغوود إنغرام يتسم بشيء من الديكتاتورية، وقد اعتاد على التصرف بطريقته الخاصة. لقد صمم على ضرورة أن أقضي يوماً معه. اقترحت صعود وادي الكانتارا، وحذرته من أنه كان قفراً وليس من مقهى أو مطعم هناك، وأنّ علينا أن نأخذ نزهة. لا، لم يرد ذلك، ولم يرد أيضا البدء مبكراً حتى نعود في الوقت المناسب لتناول وجبة غداء متأخرة. انطلقنا، لكن مر وقت ليس بالقصير قبل أن يجد شيئاً يثير اهتمامه حقاً. ثم " يجب أن نستمر. بالتأكيد يوجد مكان ما حيث نستطيع تناول الطعام."ظلت زوجته جالسة على المقعد الخلفي تمارس الحياكة باستمرار، في صمت، كما كانت تفعل بدون شك أثناء جولاتهما في الصين، وافغانستان، وأمريكا الجنوبة بحثاً عن الأزهار." لقد أخبرتك أنّه لا يوجد مكان. علينا العودة أو احتمال الجوع."فجأة رأيت دون شيكو في وسط مجموعة من الرجال الأشداء. " هل أنت مستعد للأكل مع زعيم المافيا؟" سألته. " إنّه هناك، وإن كان هنالك شخص قادر على تدبير أمر إطعامنا فلن يكون غيره."كان كولينغوود مبهوراً، وهز رأسه أن لا. توجهت ناحية المجموعة. قبّل دون شيكو كفّي، ورحب بي بحرارة. تفرق رفاقه بعيداً. " بالطبع أستطيع تأمين الطعام- هناك في ذلك المنزل."غادرنا السيارة، وتبعناه إلى منزل ريفي بسيط حيث بدا واضحاً أنَّ دون شيكو كان ضيفاً مرحباً به. كانت سيدة المنزل رابطة الجأش لم يخيفها الحضور المفاجيء لثلاثة من الأجانب غير المعروفين، وبدأت في إعداد وجبة شهية من الخبز والمعكرونة والبيض والطماطم. جلسنا على مقاعد صلبة في الغرفة الخالية. كان كولينغوود منبهراً. واستمرت الحياكة. " إنّه مذهل. هل سيسمح لي برسمه، أم سيعتبر ذلك إساءة؟""أعتقد أنّه سيكون مسروراً ويشعر بالإطراء."وافق دون شيكو واتخذ وضعية متعجرفة في الحال، مميلاً رأسه إلى الخلف وقد تعلقت إحدى ذراعيه بظهر المقعد. قام كولينغود برسمه بسرعة وطلب دون شيكو رؤية الرسم. " ليس مكتملاً بعد- مسكين جداً" قال مؤكداً. فعدلت الترجمة من جُبني. لحسن الحظ وصل الطعام في هذه اللحظة. كان كل شيء معداً بإتقان وطيب المذاق. التهمنا طعامنا بشهية واحتسينا النبيذ الصقلي القوي. في ختام الوجبة حاولت الدفع بلباقة. إلا أنّ دون شيكو رفض ملوّحاً بيده بحسم. لم أراه من قبل يقدم أي مال، ولكن مضيفتنا كانت مسرورة. ربما كان يشرفها أن تكرم أصدقاء دون شيكو؟ ولكنها لم تبد كما لو أنّها كانت قادرة على ذلك. عدنا إلى السيارة، ثم اندهشت لسماع دون شيكو وهو يقول إنّه آتٍ معنا. اتخذ مقعده إلى جانب السيدة المشغولة بالحياكة على المقعد الخلفي من السيارة. " انطلق" قال وهو يلوّح بذراعيه باتجاه السائق. وانصاع كولينغوود إنغرام لأمره في صمت، متفاجئاً مثلي تماماً. بعد كيلومترات قليلة في الوادي العظيم على سفح جبل إيتنا الذي يشمخ خلفنا، أشرت إلى ضرورة التوقف والبحث عن الأزهار. وعلى نحو ما- لم أدر كيف- استولى دون شيكو على مدية عالم النبات. في البداية لم ينتبه كولينغوود إنغرام، كان اهتمامه مركّزاً على نبتة معنة. ما كان لون الأزهار؟ لم أرها وهي مزهرة، عليه سألت دون شيكو إن كان يعرف. بلا تردد قال: "أزرق!"" أمتأكد؟" سألته وأنا لا أريد أن يحصل المتحف الوطني على معلومات نباتية خاطئة. قام ببصق الكلمات وهو يقول: " وماذا يهم؟ هذا عبث أطفال."نظر كولينغوود إلى النبتة مرة أخرى بتمعن، وقال إنه سيأخذ واحدة من جذورها. ثم اكتشف أنّه لم يحضر مديته. سحبها دون شيكو وفي لمح البصر قام بغرسها في التربة وأحضر جذراً مقطوعاً. في تلك اللحظة صرخ عالم النبات الذي كان يقفز غضباً: " دافني، ابعدي تلك السكين عن ذلك المجنون!"تمكنت بطريقة ما من إجابة طلبه. وجثا كولينغوود إنغرام على ركبتيه، وتناول إحدى النبتات وفي هذه المرة كانت كاملة. عدنا مرة أخرى إلى السيارة، حيث كانت إبر الحياكة ما تزال تصطفق. "انطلق!" مرة أخرى هتف دون شيكو، ومرة أخرى أطاعه كولينغوود إنغرام. وبعد خمسة كيلومترات جاء أمر التوقف " قف!" من المقعد الخلفي في نبرة حازمة، ومرة أخرى قوبل الأمر بالطاعة- ويبدو أنّها أصبحت ردة عكسية. وضعت فلاحة رائعة الحسن ذات عينين لامعتين سوداوين رأسها عبر النافذة التي خفضها دون شيكو. ثم دار حديث طويل باللغة الصقلية. كنت أرى كولينغوود إنغرام يفقد صبره، ولكنه لم يقل شيئاً. أخيراً قام دون شيكو برفع زجاج النافذة. وصدرت الصرخة "انطلق!" من المقعد الخلفي. ازداد قلق كولينغوود إنغرام هذه المرة. لم يحب القيادة في الظلام، وكانت تورمينا على بعد ثلاثين كيلومتراً. جاء الأمر بالتوقف من الخلف مرة أخرى وكان. خرج دون شيكو وتقدم إلى عربة تجرها الجياد مطلية بلون زاه تقف على جانب الطريق. لم يظهر مالكها للعيان. أخذ دون شيكو السوط وفرقعه ثلاث مرات. ظهر رجل في الحال من وراء ستار. تعانق الرجلان وشرعا في حوار طويل، باللغة الصقلية مجدداً. يبدو أنَّ العمل كان مهماً. مرت دقائق، ولم تكن هنالك أية إشارة لنهاية النقاش. شعرت بأنّ علي التدخل لتجنب الإساءات الصريحة، أو حتى الاشتباك بالأيدي بين عالم النبات ورجل المافيا، فتوجهت في خوف إلى الاثنين وقلت لهما إنّ السيد دوتوري لم يكن شاباً وينبغي أن يعود. أخبرني دون شيكو بكل لطف بأن نتقدم. " ولكن كيف ستعود؟ " لدي طرق أخرى."ولم تبد على السهل وسيلة أخرى سوى العربة. ولم يبد أنّها ستعيده إلى منزله الجبلي. ولكنه لوّح لنا بيده وظل. لم يكن يومنا ناجحاً في ما يخص مهام علم النبات، ولكن حصل كولينغوود إنغرام على الأقل على صورة رائعة لجزئية مهمة من فن التزيين بأجزاء النبات. شجرتا سرو نبتتا جنباً إلى جنب استخدمتا في نحت قطعة تشبه ملكتنا البريطانية ماري: نصفها العلوي، وقبعتها، وكل شيء. لقد مرّت من قبل بذاك الطريق عندما كانت تقيم مع دوقة برونتي، ثم عمّ الدوق. قال توريدو مرة، " لديك الآن ملكة حقيقية،" كما شعر بذلك الكثير من الصقليين. لم يضع اليوم بكامله. كانت الصورة قد كُبرت فملأت صفحة كاملة من صحيفة لندن الرسومية Illustrated London News. كان المحرر شقيق كولينغوود إنغرام.كثيراً ما كان دون شيكو يقول لي في زياراته القصيرة إنّه يريدني أن أخرج معه في نزهة في الربيع ( Schittichiata). لقد أراد أن يأخذني لرؤية الطيبين. وكان الأمر يبدو فاتناً ولكنه مقلقاً أيضاً. لقد طمأنني أنّهم أشخاص مميزون، وقد تصورت نفسي وأصدقائي الذين اقترحت ضرورة اصطحابهم معي بسرعة، حيث يتم استقبالي بحفاوة في وكر المافيا ذاتها. وكان مريحاً جداً أن أعلم مجيء فرانكو معنا. لم يبد دون شيكو أية ممانعة في أن تقود السيارة التي يستقلها امرأة، الشيء الذي أثار استغرابي. قدنا صعوداً إلى الأعلى على طريق متعرج ساحر الجمال وقد ظهر الربيع الصقلي في أبهى صوره. وصلنا إلى إحدى القرى الأعلى ارتفاعاً في صقلية، حيث يذوب الجليد في الصباح فقط. وبدلاً عن الصعوبة التي توقعتها كان في استقبالنا خاله وخالته، زوجان مسنان، وكان عمه بذراع واحدة (فقد الأخرى في الحرب العالمية الأولى)، كانت زوجته محترمة وحنونة. كان العناق جميلاً. ويبدو أنّها قدمت الكثير لمساعدة الطفل غير الشرعي المسكين الذي هجرته أختها قبل زمن طويل. لقد كانا فخورين بنجاحه العالمي- ولكن ما مدى ما يعلمانه حقاً؟ كنا نراقب مفتونين بينا نرى دون شيكو يقوم بدور الابن المطيع، وليس هنالك سوى ندبة واحدة فوق عينه تشير إلى ما في حياته من عنف. أمضينا صباحاً مملاً وطويلا وجائعاً مع حفيدتها وخطيبها، وهو فتىً متعفف كان مديراً لمدرسة ابتدائية على وعي كبير بأهميته في هذه القرية النائية المتخلفة. لقد تفحصنا جهاز عرسها وأعجبنا به، كما عبرنا عن إعجابنا بجمال ملاءة فراش الزوجية المرسوم عليها أطفالٌ يطفون على غيوم شاحبة الزرقة، لقد أذهلنا مرأى المفارش يدوية التطريز التي كانت تجمعها منذ الطفولة. وقد تسبب وجودنا كأجانب في احتشاد جمهور قليل من القرويين أمام المنزل. لم يزر القرية سوى القليل من الأجانب ما عدا أثناء الحرب، ولابد أنّهم لم يروا سيدة تقود سيارة. وأخيراً، حوالي الساعة الثالثة، جلسنا لتناول طبق رائع من الاسباغيتي، كان شهياً بمعنى الكلمة، وكنا في غاية الجوع. وقد فاجأني أنَّ زعيم المافيا كان يهتم بخدمة الجميع في تواضع، وكان آخر من جلس ليتناول طعامه. توقف الحديث مرة أخرى، واقتصر تعبير أصدقائي على الابتسامات والإيماءات. بعد الوجبة، أخليت الغرفة من أجل الموسيقى والرقص بمساعدة جهاز غرامافون قديم. استمر دون شيكو في مفاجأتي. كان أول صقلي أراه لا يتقن الرقص. لم يكن إيقاعه منضبطاً، ولم يتحكم بقددميه بشكل جيد، وهو الشيء الذي جعله يطأ على قدمي بشدة. بدا معظم الصقليين وكأنهم ولدوا وهم يتقنون الرقص، ماعداه هو الذي كان غاية في الرشاقة على الجبال. حتى إنّه عبر عن ندمه ولكنه غاب ليظهر بعد دقائق قليلة ليقول: " desso che mi so, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi....
اعرض في فيس بوك    
, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi   بيت في صقلية | تأليف: دافني فيليبس | الناشرون: كارول وغراف المحدودة | ترجمة أميمة الزبير | الفصل الثامن- كونستا***********ازدادت قدرة ماريا على الطبخ بما يكفي لإطعام أعداد....
اقرأ المزيد ...   بيت في صقلية | تأليف: دافني فيليبس | الناشرون: كارول وغراف المحدودة | ترجمة أميمة الزبير | الفصل الثامن- كونستا***********ازدادت قدرة ماريا على الطبخ بما يكفي لإطعام أعداد أكبر مما اعتادت عليه في أيام دون روبيرتو، ولكنّ المسكينة-مع تقدم العمر-صارت أكثر ضعفاً. في أحد أعياد الميلاد اتبعت هواها قليلاً وخالفت حميتها الغذائية. وفي يوم الهدايا غداة عيد الميلاد سمعتُ صراخاً عالياً يصدر من اتجاه المطبخ، فصحتُ بهم أن اهدأوا، ودعوا الناس تعود لنومها في سلام، ولكن الأصوات زادت، عليه ذهبت لأستطلع الأمر. ثم للمرة الأولى سمعت صوت النّواح الصقلي-العربي الرهيب في حالاة الوفاة: حزن بيب وبونيري على وفاة ماريا، التي شهقت ثم سقطت فجأة. لقد كانت دائماً تأمل أن تأتيها المنية أثناء العمل، وفي المنزل الذي أحبته، وقد تحققت أمنيتها لحسن الحظ. لم أستطع الحداد عليها: على الرغم من صدمتي، شعرت فقط بالسعادة من أجلها. بعد وفاة ماريا واستقالة بيب، لم أجد من يساعدني سوى سيدة يثقلها الحبل، ولبضع ساعات فقط كل يوم. وعلى نحو ما كنت أتدبر أمر وجبتين كاملتين لجميع من في المنزل بمعاونة من بعض الضيوف. كانت لي واجباتي الأخرى كمديرة فندق تتمثل في: الضرائب، والتأمين، وإخطار الشرطة بالضيوف، والمشتريات، بالإضافة إلى حضور كثير من جنازات أصدقاء خالي المخلصين. كان غيابي عنها يعد إساءة. بعد ستة أشهر على هذا المنوال، كنت مرهقة جداً وقررت أنْ ليس هناك من وقت لمثل هذه الأمور. سألني بيبينو البستانيّ- الذي أصبح الآن يعمل يومين في الأسبوع- في أحد الأيام عمّا إذا كنت أحبّ أن تلتحق زوجته بالعمل معي. وكانت ابتسامتها فقط كافية لإقناعي بتوظيفها: لقد بثت السعادة في احتفالات أطفالنا بعيد الميلاد. "متى يمكنها الحضور- فوراً؟""لا، ليس قبل وفاة جدها."سألت باحترام بادٍ في تعبير وجهي وصوتي عن عمره. "سبعة وثمانين"" هل هو سعيد؟""لا، إنّه يشرب كثيراً ويود الرحيل."ثم بدأت من وقت لآخر أسأل عن الجد، إذ أنني عرفت لاحقاً أن جميع الأشخاص الذين تتولى كونسيتا رعايتهم يتحسنون. على أية حال، وفي أحد الأيام سألني بيبينو فجأة عما ذا كان بإمكان العائلة جميعها الانتقال لى المنزل الصغير في الحديقة في الحال. "والجد؟ هل توفي؟""لا ولكن الأسرة تتهمنا بإبقائه للاستيلاء على معاشه. وهذا غير صحيح سيدتي." وكنت أعرف أنّه لم يكن صحيحاً. انتقلوا إلى المنزل الصغير، أربعتهم، لديه صبي في الثامنة، وبنت في الرابعة. للمرة الأولى رأيت مدى الكارثة التي حلت قبل ثلاث سنوات بمنزلهم في الهضبة الواقعة خلف بلدة تورمينا، عندما ضربته الصاعقة، وفقدوا كل شيء سوى أنفسهم، وملابس النوم. في ذلك الوقت كنت أتلمس طريقي تجاه توازن مادي على حد السيف، وعندما سمعت بأنّ القرية تقدم لهم المساعدة اعتقدت أنّ هذا أعفاني من الواجب. إنني أشعر بالخزي حتى هذا اليوم، ولكنْ كرامتهما وكبرياؤهما خدعاني. لقد رفعا رأسيهما عالياً ولم يطلبا شيئاً. لم يطل الوقت قبل أن يتم ترتيب مقتنياتهم البسيطة البائسة، وفي الصباح التالي كانت كونسيتا جاهزة للعمل." أخشى أنني لا أعرف كيف أطبخ،" قالت. شيء غريب، اعتقدت أنّ لديها عائلة تطعمها وأنّها كانت ذكية. قلت لنفسي: صبرٌ جميلٌ pazienza, pazienza، ولها: " إذن سأعلمك، كما فعلت مع بيب." دخلت إلى المطبخ في اليوم التالي لإعطائها الدرس الأول لأجدها تصنع كعكة عيد ميلادٍ لبيبينو تفوق قدراتي بكثير. " ولكني ظننت أنك لا تجيدين الطبخ؟"" أوه، أعرف كيف أطبخ لنا، ولكن ليس لك.""لكني أحبُّ الطعام الصقليّ."تذكرت ماريا. في أول مرة طلبت منها أن تصنع لي بيضاً مسلوقاً، قالت: " لكني لا أعرف كيف.""لا بد أنّك قمت بهذا من أجل دون روبيرتو؟""أوه، نعم، أعرف كيف أصنعه له ولكن ليس لك."ما زالت كونسيتا معي. إنّها طاهية ريفية بذلت جهداً في المحاولة- ونجحت- في العديد من الوصفات المحلية والأجنبية التي أعطيتها إياها. كانت تجمع الأعشاب من الريف وتصنع منها أطباقاً شهية. وهي بستانيّة خبيرة أيضاً، وذات أيادٍ خضراء كما يقولون. تعرف كيف تتعامل مع الرضع والأطفال- وحتى مع مشاكلهم- بأسلوب لا تنقصه الثقة ولا البداهة. وهي تعرف كل شيء عن الطيور والزهور البرية، كما إنّها كانت ممرضة ماهرة عندما أصبت بثلاثة كسور في كاحلي، إذ كانت لبقة، وفعالّة، ومبتهجة، متحلية بما يلزم من حس الفكاهة. وعندما كنت أحاول استعادة قدرتي على المشي كانت ذراعها هي الأكثر أماناً. بالإضافة إلى ذلك فقد كانت فريدة في مهارة صيد الدبابير، على العكس من موظف مكافحة الحشرات الذي كان يعتبر حتى عش الزنبور أكثر خطورة من أن يواجه. وما زلت بعد أكثر من ثلاثين عاماً في دهشة من قدراتها العقلية، وذوقها الفطريّ، وحكمتها وقوتها البدنية والأخلاقية أيضاً. لقد عاشت حياة قاسية: أولا بسبب الفاشيين إذ كان أترابها يمضون أوقاتهم في ممارسة المشية الرومانية بدلاً عن ارتياد المدرسة الصغيرة الجبلية، بينما كان الصبية يمتشقون بنادقهم الصغيرة. وأثناء فترة الحرب كانوا لاجئين في كهوف الجبال، وكانت هي وبقرتها- التي كانت تعتني بها على الرغم من أنّها في العاشرة من العمر فقط- قد ساهما في إبعاد شبح المجاعة. ومن الغريب أنّها في تلك الأيام الخصبة كانت طفلة لا تزال. قامت هي وأمّها بالادخار لبناء بيت أفضل بعد الحرب، وكانت تقوم بجولة لبيع الحليب قبل المدرسة. في أحد الأيام كانت أمّها تقوم بمعايرة الحليب وهي تجلس منفرجة الساقين على حمارٍ فسقطت على رأسها عندما رمى بها الحمار الذي أخافه أحد الكلاب. وحملت إلى المنزل وهي جثة هامدة. وقبل أن تنقضي تلك السنة صارت لكونسيتا زوجة أب. فرت كونسيتا مع رفيق الدراسة بيبينو عندما كانت في التاسعة عشرة من العمر. لقد كان زوجاً صالحاً للغاية، وعملا معاً وتجاوزا محنة خسارة منزلهما. أحبّ أن أتذكر أنّ أسعد أيام حياتها كانت في قصر كوسيني. لقد استغلت كل ما يمكننا عرضه عليها وكونت صداقاتٍ وسط ضيوفي. قالت في إحدى المرات و كانت تنظر إلى العدد الكبير من الهدايا التي تلقتها منهم: " لم أترك مقاطعة مسينيا أبداً، بيد أنني أشعر بأنني قد زرت جميع أنحاء العالم- على الأقل فعلت صورتي." كان جمالها يزاداد مع الوقت، وهي تبدو جميلة في الصور. والآن، الابن نينو، طاهٍ مخضرم في تورمينا، وقد حصل على ميدالية ذهبية مهمة على سلسلة تتدلى من كتفيه، والابنة، ميما، معلمة متخصصة متزوجة من طبيب جرّاح. الخمسة في الأسرة (تبنت هي وبيبينو ابن اخيه، وهو طفل ذو احتياجات خاصة، كانت هي الشخص الوحيد الذي يستطيع التعامل معه)، لديهم أربع سيارات مقسمة بينهم، وخمس إن وضعنا الطبيب في الحسبان. قبل أن ينضم الأخير إلى العائلة وقعت كارثة، عندما وضع نينو الذي كان في الخامسة عشرة من العمر عندئذٍ، يده اليمنى في آلة صنع الآيسكريم أثناء الدوران، أثناء عمله في إحدى الحانات أثناء العطلة المدرسية. كانت زوجة صاحب العمل تتمتع بحضور البديهة ففصلت التيار الكهربائي بينما ركض زوجها ليطمئنه. لقد أُخذ على الفور إلى المشفى المحليّ. كنت في إنجلترا في ذلك الوقت، وأتلقى الرسائل على غرار السطور التالية: " آمل أن يجدك هذا الخطاب كما يتركنا- جميعنا في خير حال." لذلك كنت مصدومة لدى عودتي لأجد ذراع نينو معلقة وقد أصيبت ثلاثة من أصابعه بالشلل. تمثل العلاج في جلسات التدليك اليومية. وقد فكرت في لحظة مجنونة بالطيران به إلى إنجلترا، ولكني قلت لنفسي إنّه كان صقلياً ومن حقه الاستفادة من الخدمات الصقلية، وإلا فلن تتحسن أبداً. وبدا كما لو أنَّ جميع من بإمكانه المساعدة قد أبعدته العطلة، ولم يكن هنالك طبيبٌ أو صديقٌ بوسعي الاستنجاد به. انتظرت في قلق شديد حتى عاد جرّاح تجميل سويدي رائد إلى منزله الشتوي، وأخبرني بذلك واحد من أفضل تلاميذه، عمل معه في استكهولم لأربع سنوات، وتزوج من ممرضة عمليات سويدية، تعمل الآن معه، وكان أستاذاً في الجراحة العصبية بكاتانيا. أخذنا له الصبي في الحال كمريض على النفقة الخاصة، وتم تشخيصه بتمزق في الوتر، وقطع في العصب. كنا نريده أن يجري العملية، داخل مشروع الخدمة الصحية العامة، وهي الطريقة الوحيدة التي كانت تناسب إمكاناتنا المادية. كان على نينو الذهاب إلى مستشفى الحوادث في باليرمو، والذي تبرعت بأرضه السيدة الإنجليزية ديليا وايتيكر.بدأ الزوجان التعيسان الرحلة: انتاب الأب القلق من الرحلة الطويلة إلى بلدة مجهولة، كان الصبي يرتدي حمّالة، ويسير بيد معطلّة وفي خوفٍ مما قد يضطر للخضوع له. كل ما استطعته من مساعدة لم يتجاوز مهاتفة القس الإنجيلي- لم أكن من أعضاء رعيته ولكنه كان رجلاً عطوفاً- وسألته عما إذا كان ضمن خدمته من يستطيع مساعدة بيبينو في إيجاد غرفة بأجرة زهيدة ليقيم فيها. قال الأب في الحال: " سيكون دون بيبينو ضيفاً لدي." كان لذلك وقعٌ مريحٌ على الجميع. أخذ الأب والابن معهما ديكاً كبيراً ذا ألوان متعددة ولامعة، وهو طائر له مكانته هناك. " لِمَ الطائر يا بيبينو؟""إنّه هدية للجراح."كانت قدماه مربوطتين، ولكنه كان معتدلاً في السلة وليس مرمياً رأساً على عقب. " ألا تخشى أن تدق عنق هذا المسكين قبل انتهاء الرحلة؟"" لا، يجب أن يرى الطبيب أنّه حي." وانطلق الثلاثة. (أخبرني صديق أمريكي تزوج من صقلية شابة رائعة الجمال تتدرب في نيويورك، وبدون حتى أن يطأ أرض صقلية أخبرني بأنّها فزعت عندما امتلأت شرفة شقتهما في أول عيد ميلاد تمضيه في باليرمو بصغار الخراف، والدجاج، والديوك الرومية التي لابد من إطلاقها على الفور، أو تقديم الماء والطعام لها حتى ينتهي بها المطاف إلى مائدتهما. فقد كانت الثلّاجات نادرة في ذلك الزمان.)كان بيبينو معروفاً لدى طاقم المشفى في تورمينا كشخص تلقى بعض التدريب في مجال التمريض عندما كان يؤدي خدمته العسكرية. كما كان يتمتع بالزيارات وبعض الامتيازات الأخرى، لكن لم يكن هنالك أحد يعرفه في باليرمو. لقد شعر بالضياع التام. وقد أُخطر في الغرفة بوجوب مغادرة الطفل الذي لا ينبغي فصله عن أسرته بطبيعة الحال، وأنّه لا يستطيع زيارته قبل مضي ثلاثة أيام. لم تجد الاحتجاجات حتى سار مريض آخر، ووضع ذراعيه حول الأب المحبط وهمس إليه: " اعط الممرض ألف ليرة وعندما تصل إلى حارس البوابة افعل الشيء نفسه، وسترى."فعل كما قيل له، وحظي بفرصة لزيارة ابنه يومياً. ولدى شعوره بالتحسن تمشى على الدرج وركض إلى عمدة كاستيلمولا الجديدة، مسقط رأسه. وقد خمنت أنَّ العمدة، في زيارته الأولى للعاصمة الصقلية كان يشعر بالضياع مثل بيبينو، وكان سعيداً ليرى شخصاً كان يدرس معه في المدرسة الابتدائية. تمشيا معاً يداً بيد، وسرعان ما رأى العمدة أحد المشرفين، نائب الحزب الديمقراطي المسيحي، والذي كان يعرفه. وهكذا سار الثلاثة جنباً إلى جنب، وحصل بيبينو الأكثر سعادة على ترحيب حار من الموّقر الذي سمح له بإجراء مكالمة مجانية في كل ليلة ليطمئن كونسيتا القلقة في الطرف المقابل من الجزيرة. كانت العملية قد أجريت بنجاح، والنتائج النهائية جيدة جداً بالفعل. قال القس: " دون بيبينو سيد مثالي: لقد ترك زجاجة جِن عندما عاد إلى منزله، ولم أكن هناك لأودعه". لقد كانت لمسة بارعة من شخص لم يتذوق الكحول. لابد أنّه ذعر من السعر، ولكنه لم يرد إلا تقديم الأفضل. شكّل الحصاد مناسبة عظيمة تنعقد كل خريف، يصبح عندها بيبينو وكونسيتا أكثر المضيفين فخراً وسعادة بمنزلهما الجبلي في لوبيناريا، أرض الترمس. حيث منزلهما الحجري القديم في الريف الأجمل الأنقى بالقرب من أحد الينابيع. كانت المياه الوفيرة هي أهم العوامل في صقلية. كنا نذهب جميعاً في الصباح الباكر لقطف الأعناب، وقطعها من الكروم، وتكديسها في السلال والصناديق المستخدمة لنقلها إلى فناء المعصرة على حمار. ولكنها الآن تؤخذ عبر الطريق المنحدر على ظهور أصدقاء نينو من الرجال الشباب الأقوياء. ويكدسونها على حجر الطحن حيث يقوم ثلاثة أو أربعة رجال أشداء بسحقها، الثمرة والقشرة، وجميعها ساعة بعد الأخرى. وقد كانوا حفاة ولكنهم الآن يرتدون أحذية ويلنغتون الطويلة. ويتدفق العصير القرمزي من فتحة إلى وعاء المصفاة في الأسفل، وعبرها إلى أرض حجرية أكثر انخفاضاً يغرف منها إلى أرباع، وهي مكاييل معدنية سعة أربعة لترات. يعاد سحق القشور والبذور في اليوم التالي، بصخرة كبيرة معلقة من جذع يعود عمره إلى قرون. الوقت الوحيد، قبل سنوات، عندما ساعدت في أولى عمليات السحق، بحثت حولي عن مكان لغسل قدمي- ومما أثار دهشة الجميع بشدة، ضرورة غسل القدمين بعد العمل، وليس قبله!في هذه الأثناء، كان نينو وأصدقاؤه الطهاة ومضيفتنا يعدّون وجبة هائلة، وغالونات من النبيذ. تم تقديمها طبقاً بعد طبق في مأدبة جلوس في الطابق الأعلى في الحجرة المجاورة للمخبز، الذي أفلحت كونسيتا في إقناعها ببنائه من أجلها حتى تستطيع صناعة الخبز كما كانت تفعل جدتها. قُدم إلينا الطعام- وكنا حوالي خمسة وثلاثين شخصاً- حتى لم يستطع أي منا أكل أو شرب المزيد. كانت مائدتهما تضاهي مائدتي في استيعاب جميع فوارق اللغة، والطبقات، والعمر والجنس، بينما كنا نشرب أنخاب مضيفينا الأسخياء من نبيذ السنة الماضية المركّز. وقد عادت السيارات جميعها في إعجاز بأمان، فلم يكن النبيذ قوياً فقط بل كان حرّاً أيضاً، أي عنب صافٍ بدون إضافات كيميائية. فهو لا يتسبب في الدوار، على عكس النبيذ الصناعي. وقد ساعدتنا القهوة السوداء القوية في ختام وجبتنا على تحسين القدرة على التركيز لدى السائقين. في صقلية، حيث يفرض القانون على من لا يملكون لقباً للعائلة باختيار واحد، دائما ما يصبح اللقب اسماً للعائلة. عليه فإن كاتروشيو ربما كان كان هو أول رجل يرتدي النظارات. وربما كان بيفاكوا (شرب الماء) مدمنا للكحول؟ أم كان بخيلاً فقط ؟ إنّه من الملائم أن يكون اسم كونسيتا الأوسط هو جينيو؟ (عبقرية).كان وصولها هو أفضل ضربة حظ في حياتي وحياة قصر كوسيني., Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi....
اعرض في فيس بوك    
, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi  بيت في صقلية | تأليف: دافني فيليبس | ترجمة أميمة الزبيرالفصل التاسع- السيد ديلان توماس | *********لابد أنها بدايات خمسينيات القرن العشرين على ما أعتقد، عندما أخطرتني إحدى....
اقرأ المزيد ...  بيت في صقلية | تأليف: دافني فيليبس | ترجمة أميمة الزبيرالفصل التاسع- السيد ديلان توماس | *********لابد أنها بدايات خمسينيات القرن العشرين على ما أعتقد، عندما أخطرتني إحدى الطبيبات النفسيات اللائي كنت أعمل معهن فجأة، بينما كنت أستعد لمغادرة لندن في طريقي إلى قصر كوسيني: " إنَّ واين هندرسون، وكيتلين توماس في إيطاليا الآن، وسوف ينزلان في ضيافتك في تورمينا على الأرجح." قلت في دهشة: " أليس عليّ أن أرفض بحجة أنَّ المنزل محجوز بالكامل؟ لا أعتقد أني سأتمكن من التأقلم مع كايتلين في متحف منزلي." أجابت:" ستفعلين إن كنتِ حكيمة،"بعد بضعة أسابيع، تلقيت رسالة من واين، وهي صديقة قديمة كانت تكسب رزقها من خلال عملها في حراسة منزل السيد توماس الذي أصبح الآن ثرياً- عادت عليه حقوق برنامج تحت شجرة الشيطان بأرباح طائلة! (1)أخبرتني واين، أنّ كايتلين، كانت تأمل في تأليف كتاب بعنوان بقية من عمر لتُعاش[Leftover Life to Kill]. كان سيحقق نجاحاً باهراً. كانت واين متأكدة من أنّ كل ما تحتاجه هو مكان هاديء تكتب فيه. وبينما كان الجميع هنا، في جزيرة أيشيا، أغرمت كاتيلين برجل، كان من النوع الصقلي القاسي، وكان يضربها. قررت واين أنّ عليها فصلهما عن بعضهما، وكان هذا هو السبب في مجيئها لتورمينا. وبدت كايتلين متفقة معها إذ أنّها لم تُحب أن تُضرب، لكنها تشعر الآن بالأسى لغيابه، وكتبت لجيو، الذي أتى بدوره واختفيا معاً. (كانت كايتلين قد أخبرت واين عندئذٍ أنّني كنت الشيء الوحيد الذي حاربته طوال حياتها!)أما واين وحدها فقد كانت موضع ترحيب كبير. كانت صديقة مسلّية، عندما لا تعتريها الهواجس حول مصير كايتلين. لقد كانت تهدد بإقامة دعوى سب وقذف ضد بيجي غاغنهايم، التي كتبت في سيرتها الذاتية عن (واين هندرسون ذات المائة حبيب). وبعد أسبوع وجدت نفسي أقول " خمس وتسعون، ستة وتسعون، سبعة وتسعون، حسناً لا أعتقد أنَّ لديك ما يكفي من الأسباب لإقامة هذه الدعوى!" لقد كانت صداقاتها الحميمة في أغلب الأحيان مع مؤلفي كتب على أرفف مكتبتي. عقب ذلك بشهور، ظهر العاشقان اللدودان مرة أخرى، ولكنهما لم ينويا البقاء. سرعان ما صادقت كايتلين الطبيب الإيرلندي ذا الشعر الأحمر الذي يسكن في الأعلى. وكانا يحبّان إغاظة بعضهما البعض بتبادل الشتائم. دعاها في إحدى الأمسيات لتناول العشاء في الخارج محذراً إياها: " لا تحضري معك عفاريتك- لأ أريدهم." بالطبع أحضرت إليّ كولم وإيرون. أنقذت الوضع بقولي إنّ بإمكانهما الحضور إلي. (كانت كايتلين في ذلك الوقت قد أبعدت ابنتها ذات الخمسة عشر عاماً من مدرسة دارتينغتون في إنجلترا وأودعتها في مدرسة دير كاتانيا الداخلية، يا للفتاة المسكينة. تبين أنّ مدينة كاتانيا هي مسقط رأس جيو، على بعد خمسين كيلومتراً فقط من مدينة تورمينا- على مسافة قريبة جداً.)كنت أعدّ للأطفال وجبة، وأشرت إلى ضرورة الذهاب إلى المكتبة في هذه الأثناء، ربما يعثران على كتاب جميل. وبينما كنت في طريقي لاستدعائهما سمعت أيرون يتلو -بلهجة ويلزية محببة كان قد ورثها عن ديلان- أناشيد "آل أوبي" لما قبل المدرسة والتي وجدها بين كتبي.تناولنا وجبة رائعة، ختمناها بسلطة الفواكه. قلت معتذرة:" أخشى أنه ليس لدينا ماراسكينو"، قالت إيرون جَزْلى:" الحمد لله، كنّا في وفرة منه على الدوام!"وعندما حان الوقت أرسلت كايتلين الأطفال إلى مدرسة في مكان ما، واستقرت مع جيو، الذي صرّح ذات مرة وهو يلوّح بقبضة يده القوية :" أنا أحكم بهذه!". كانت كايتلين في آخر مرة آراها فيها تسير بحذائها ذي الكعب المرتفع وهي تترنح على ممشى حديقتي، مرتدية معطفاً ضيقاً وتنورة، بدون قميص. " جيو لا يحبّها." وتندفع من جانب فهمها هذه العبارة الحانقة:" سوف لن تصمد أعمال هذه السيدة الصغيرة طويلاً."ولكنها استمرت. أعتقد أنّها وجيو كانا معاً في كالابريا حتى توفيت بعد ذلك بسنوات. لم يتفاجأ أحد مثلي عندما تلقيت رسالة بأنّ كايتلين تزجيني المحبة والإعجاب. لابدّ أنّ ذاكرتها خانتها. هل لي أن أحلم بذلك، أم هل حدث فعلاً أنّها في ذات سكر سارت تترنح على الطريق العام؟  ____(1) تدعى أيضا شجرة الشيطان الهندي، الاسم العلمي Alstonia scholaris تعرف في اللغة الإنجليزية باسم Milk Wood واشتق منها اسم البرنامج الإذاعي الإنجليزي الشهير Under the Milk Wood- المترجمة, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi....
اعرض في فيس بوك    
, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi  بيت في صقلية | تأليف: دافني فيليبس | الناشرون: كارول وغراف المحدودة | ترجمة أميمة الزبير | الفصل السابع- بيب**********أصبح من الضروري البحث عن مساعد جديد بعد أن رحل فينشنزو.....
اقرأ المزيد ...  بيت في صقلية | تأليف: دافني فيليبس | الناشرون: كارول وغراف المحدودة | ترجمة أميمة الزبير | الفصل السابع- بيب**********أصبح من الضروري البحث عن مساعد جديد بعد أن رحل فينشنزو. علمت أنَّ المتقدم للعمل كان "يتيماً". كانت هذه محاولتي الأولى للعثور على خادم بنفسي، وقد زاد من وطأة الحرج الذي هيمن على أجواء المقبلة ما لقيته من صعوبات في اللغة واللهجة أيضاً. كان بيب ضئيل الجسم، يقل طوله عن الخمسة أقدام. كان يرتدي بزّة برتقالية لامعة مخططة. أما سحنته فاتسمت بالقتامة حتى أنّ الناظر إليه يخاله أفريقياً، ولابد أنّ أسلافه كانوا كذلك. جاء إلى مركز الجزيرة الجنوبي الأكثر إزدهاراً بحثاً عن وظيفة، وهو الرابعة والعشرين من عمره، مدفوعاً بالفقر المدقع والبطالة في – وطنه- قريته الصغيرة على الساحل الشمالي، حيث شاعت أنباء عن وجود أغنياء أجانب وسياح في الجنوب يدفعون أجوراً خرافية، ويجزلون البقشيش، ويتزوجون حتى- في الماضي- من السكان المحليين المنحدرين من أسرٍ فقيرة جداً، والذين غادروا إلى بلادهم ليعيشوا في دعة ورغد من العيش لما تبقى من حياتهم الكسولة. لم يسبق لبيب العمل في المنازل لكنه كان واثقاً من قدرته على التعلّم إن وجد الفرصة. اتفقنا على 10000 ليرة شهرياً، ومعيشته، وكان يريني ما يستطيع فعله ومدى سرعته في التعلّم.أتقن بيب في سرعة مذهلة وبراعة مهام وظيفته الجديدة، وكان يعمل بجد وسرور لأداء المهام الروتينية، واظهر أمانة في حسابات المشتريات الأمر غير المألوف في هذا الجزء من العالم حيث ما يتم اختلاسه من صاحب العمل يعتبر زيادة مشروعة في الأجر. وعندما ينتهي من عمله في المنزل كان يخرج إلى الحديقة لتقليم الأشجار أو تطعيمها، أو إعادة فتح المصارف، أو إصلاح سورٍ متضرر. كان دائب العمل على أمر ما، ولم يكن هنالك الكثير من المشاكل. بعد يوم عمل يمتد لأربعة عشر ساعة كان يذهب إلى غرفته، حيث يشغل نفسه لساعة من الزمن قبل أن يطفيء الضوء. ماريا، الطباخة المسنّة، أخبرتني أنّه كان يكتب خطابات لفتاته، وبالفعل كانت هنالك بعض المغلفات بما عليها من عناوين مكتوبة بخط متعرج وغريب في انتظار إرسالها إلى مكتب البريد. (لقد تمكن من اقتطاع بضع ساعات من الدراسة أثناء الحرب، ولولا حدة ذكائه لما استطاع الكتابة على الإطلاق.) بعد ذلك بعشرة أيام اتت ماريا تتهادى إلى غرفتي، وهي تُنقِّلُ جسدها الضخم بين ساقيها المقوّستين، وقالت: " سيدتي، لقد عملت في هذا المنزل لثمانية وأربعين عاماً. كان الصبية يأتون ويذهبون، ولكن ليس بينهم مثل بيب. حافظي عليه."وهكذا، في نهاية الشهر، حصل بيب على زيادة في الراتب، وكان من أسباب بهجته وفخره الواضحين أنْ تم اعتماده في وظيفة دائمة. وجدت تلك الزيادة في مستوى ثقته بنفسه طريقها إلى ملامحه على الفور، فلم يعد يقضي أمسياته رفقة قلمه العنيد، بل خرج يتنزه في الشارع العام بحثاً عن المغامرة. وسرعان ما وجدها. بدأت أتساءل، عن مسؤولياتي الأخلاقية عن هذا "اليتيم" ذي الأربعة والعشرين عاماً، والذي جاء على حسابي من قريته الصغيرة إلى المركز السياحي الحديث. لم يعد تنظيف الطاولة من الأطباق في الليل عملاً صامتاً. بل كان يؤديه وهو يدندن بسلسلة من الأغنيات القديمة والحديثة عن الحب والحبيبة والعاشق والشقراوات بصوته ذي اللكنة العربية التي فاجأتني. انتهى عمله، وكنا نسمع الأغنيات تنحسر في ممر الحديقة، وبعد ساعات، قد نستيقظ على عودتها الخافتة في البداية من مسافة بعيدة ثم يعلو الصوت شيئاً فشيئاً بينما كان يصعد إلى سطح الحديقة. ظل الحال على ماهو عليه، ليلة بعد الأخرى، ولكن لم يتأثر عمله أبداً. استدعيت مستشارتي ماريا، التي كانت تشاركني القلق في مكان أوصدت فيه الأبواب على الفتيات الصالحات بعد حلول الظلام، بينما يخرج آباؤهن وإخوتهن وأزواجهن للاستمتاع بصحبة الأجنبيات. نعم لقد كان خاطباً. نعم، كانت ماريا تعتقد أنّ من واجب السيدة أن تحادثه في الأمر.تم استدعاء بيب هو الآخر، فتمتم معترفاً بأنّه مغرم بفتاة في الشمال. كان ينوي الزواج منها- لقد كانت فتاة صالحة، عملت بجد ولم تكن تهتم بالقيل والقال- بيد أنَّ بيب كان يرغب في خمس سنوات من الحياة الحرة قبل أن يقيّد نفسه بالزواج. لقد أراني صورة صديقته التي يحملها معه، ولكنّه لم يتزحزح عن موقفه. على الفتاة أن تنتظر. واستمر الغناء...منحته في عيد الميلاد ثلاثة أيام للراحة كان يستحقها تماماً. ولم أعرف سوى مؤخراً أنّه استخدم هذه الإجازة ليفر مع عشيقته. فقد أخذ فتاته، من القرية الصغيرة التي شهدت مولده، ومن منزل والديها إلى منزله، ومن تلك اللحظة صارت امرأة، إن لم يتزوجها في المستقبل القريب، ستصبح حطام إنسان، ولن ينظر إليها أي رجل مهما كان جمالها، أو سخاء مهرها. وهذا في بلد لا تحصل فيه النساء على وظيفة سوى الزواج. وبعد يوم أو نحوه من الرزانة والنوم المبكر، عاد الغناء إلى المشهد مرة أخرى. في الأسفل منذ التاسعة، ثم في منتصف الليل. بدأت الخطابات والبطاقات تتدفق إلى المنزل من الشمال: " في المرة القادمة التي تأتي فيها إلى هذا المنزل، سيتم تزويجك على الفور!""لقد أعددنا جميع التراخيص بالفعل.""تم طلب النبيذ- واللحم.""والكاهن بالانتظار."لقد اتفقت وماريا على أنّ الوقت قد حان لإجراء مقابلة أخرى. كان بيب عنيداً: " إنّي أفضّل ألا أذهب إلى هناك مرة أخرى على أن أتزوج! ولأن أخسر أرضي، وسترتي ودراجتي= نعم حتى دراجتي- لأحبّ إلي من أن أن أذهب إلى هناك مرة أخرى...". كنت أشعر بما هو أكثر من مجرد التعاطف، لكني نجحت في إخفاء ذلك.تساءل بعض الأصدقاء، منزعجين من أوضاع الخدم السيئة المزمنة في إنجلترا، عما إذا كنت أرغب في حل هذه المعضلة على نحو غيري وتركهم يأخذون بيب معهم إلى البلاد. شعرت بأنّني لا استطيع رفض هذه الفرصة دون الرجوع إليه، لذلك سألته عمّا إذا كان يريد الذهاب مع أحد الأصدقاء. فقرر على الفور بأنّ: " سأذهب!"نبهته بأنّ ذلك سوف لن يحل مشكلته: " تذكر أنّ عليك العودة في غضون سنة.""سأتزوج الفتاة أولاً، ثم أجد طريقة للبقاء هناك للأبد.""كيف؟""سأرتبط بزوجة إنجليزية هناك، حتى أستطيع الإقامة."فكرت أنّه ينوي الزواج من ثلاث على ما يبدو، بينما قفزت إلى ذهني الفتاة التي في البلدة، إن كانت هي الوحيدة في حياته حقاً.سحب الاصدقاء عرضهم بحسب نصيحتي، وظلت الأمور كما كانت عليه. في أحد الأسابيع، على أية حال، تحطمت معنوياته. كان ذلك بسبب خراج سنّي. كان الألم يزداد يوماً بعد يوم. لكنّه ظل يعمل في أسىً وببطء، وبدون أن يذوق طعم النوم، ولا الطعام، وكان الورم يزداد سوءاً مع الوقت. لم يصغ لتحذيراتنا ولا دعواتنا، وظل على عناده حتى بدد الألم قدرته على المقاومة بعد أربعة أيام بلياليها، فانطلق إلى العيادة لا يلوي على شيء. لا بد أنّه كان بين يدي طبيب الأسنان عندما أحضر ساعي البريد بطاقة أخرى من الشمال. تبادلت النظرات مع ماريا: " من الأفضل أن نتركه يحظى بقسط من النوم قبل أن ندعه يراها" اتفقنا، وخبأناها إلى اليوم التالي.لم نكن نعرف فحوى تلك البطاقة ولكن أثرها عليه كان هائلاً: " لابد من العودة إلى المنزل حالاً. لا أملك شيئاً سوى العودة." فأذنت له في يومين. أوفى بعهده، وعاد في اليوم الثاني عند منتصف الليل، حزيناً، ومكتئباً، وما زالت علامات الالتهاب والتوّرم على وجهه. ذهب إلى فراشه في صمت. وفي اليوم التالي أخبرتني ماريا أنّه كان يوم عيد ميلاده الخامس والعشرين وزفافه في آن واحد. قدمت له التهاني بما استطعت استحضاره من حماسة، ودعوت زوجته لقضاء خمسة عشر يوماً من شهر العسل معي. لكنه قال في اعتداد بالنفس: " إنّه لطف كبير منك، سيدتي، لكني لا أستطيع القبول. فأنا أود التعريف بنفسي كعازب في التاسعة عشر من العمر أثناء وجودي في هذه البلدة."مرّ أسبوع في عمل وصمت. وفي يوم الأحد، يوم راحته، ظهر وهو يحمل كتاباً سميكاً في قواعد النحو الإنجليزية." ألن تخرج اليوم يا بيب؟""لا سيدتي، لن أخرج بعد الآن.""ولكن لِمَ؟ ماذا تعني؟ ألن تفعل أبداً؟"" أبداً، طالما كنت في خدمتك، سوف لن أخرج مرة أخرى أبداً."وبدلاً عن ذلك كان ذاهباً لإتقان اللغة الإنجليزية. صمدت محاولته الشجاعة في الوفاء بعهود زواجه لما يزيد عن الأسبوع بقليل. ثم عاد يصدح بالغناء مرة أخرى. كنت أراقب في عجز. وافقتني ماريا على أن ليس بأيدينا ما نفعله بالخصوص. ولكن تعاطفي بدأ يتحوّل باتجاه الزوجة المُهملة.بعد مرور شهرين، ظل بيب خادماً مثالياً، ولكن تزايد قلقنا حتى اندفعت ماريا في أحد الأيام وهي تبكي: "سيدتي، ينبغي أن تفعلي شيئاً- إنّه الآن يعطّر حاجبيه وشاربه!". لا أخالفها الرأي لكن ماذا أفعل؟ (تمنيت فقط أنّه ليس ذلك العامل الممتاز في عالم تسوده النقائص...) من رحمة الله حُلَّت المشكلة بالنسبة لي من تلقاء نفسها، فقد دخل إلى غرفتي، بعد أن عاد إليه رشده، ليقول: " سيدتي، أخشى أن يصيبني الجنون إن لم تأت زوجتي إلى هنا."أجبت بأكبر قدر ممكن من الهدوء، " أنت تعلم أنني قدمت لها الدعوة. اذهب واحضرها، يمكنها الإقامة هنا لأسبوعين.""لابد أن تظل معي بشكل دائم.""أنا لا أعرفها بعد. يجب أن تأتي على سبيل التجربة. كما فعلت أنت من قبل، وعندها يمكننا أن نتخذ ذلك القرار سوية.""إن لم تبقَ معي هنا للأبد، فإنني سأترك العمل معك.""ربما- سوف نرى."خرج وهو ناقم وفي اليوم التالي وجدت نفسي أتساءل عن الطريقة المناسبة لاستقبال فرانكا، عروس فقيرة صغيرة غير مرحب بها في الثامنة عشرة من عمرها، لم تستقل قطاراً من قبل، ولم تخرج بمفردها أبداً، ولم تر منزلاً كهذا، أو تتحدث أية لغة سوى لهجتها المحلية.استقبلت الزوجين من أعلى الدرج، وأهديتها باقة ورد حرصت أن تلائم المناسبة قدر الإمكان. لقد كان وجهها مصفرّاً من القلق والخوف، لكنها تمكنت من رسم ابتسامة شاحبة على وجهها. "انظر يا بيب أليست جميلة؟" كانت كذبة، لكن لا بدّ منها. " ليس كثيراً." جاءت الإجابة ممتعضة من زوج مرهق بعد رحلة حتمية مضنية. كانت فرانكا، كما قال، فتاة صالحة لم تهتم بالقيل والقال. وبينما كانت تستعيد توازنها، شرعت في معاونة ماريا، لقد كانت فلاحة ومفيدة. وجاء الاتفاق على بقائها ضمنياً لدى نهاية الفترة التجريبية. مرت شهور لم تترك العروس خلالها المنزل على الإطلاق. وحتى في أيام راحة بيب كانت تبقى في المنزل مع ماريا وابن أخيها ذي الأعوام الثمانية بينما كان زوجها يرفه عن نفسه (على نحو لائق) بحسب ماريا، مع أصدقائه على الشارع الرئيسي، أو دار السينما التي افتتحت مؤخراً. لقد حاولت –سدى- أن أحدث نفسي بأنني لست في حاجة للشعور بالشفقة المفرطة تجاه النساء من طبقتها اللواتي اعتدن رؤية أزواجهن- لقرون من الزمان- وهم يخرجون للترويح عن أنفسهم كل بمفرده أو ضمن مجموعات من الرجال فقط. ولكن شعوري حيال حقوق النساء كان قوياً. كان عليَّ التدخل. بعد الكثير من محاولات الإقناع المتأنية، أخذ بيب زوجته أخيراً إلى أحد المواكب الدينية في البلدة، حتى إنّه قدم لها فستاناً جديداً. لقد كنا نراقبهما من على البعد، ولدى عودتهما انهالت عبارات الاستحسان والإطراء على فرانكا بسخاء: "بيب، لقد كانت زوجتك أجمل فتاة في الاحتفال كلّه." قوبلت جهودنا في صمت يسوده الجفاء. ولكن لاحقاً عندما سنحت لي فرصة أخرى: " بيب، لقد كنتما أكثر زوجين وسامة في الجموع كلها." في هذه المرة قوبل إطرائي بابتسامات مشرقة من وجهيهما، وبدأت المشاوير المشتركة تتكرر بشكل تدريجي. في صيف ذلك العام، وبينما كنت خارج الجزيرة وصلتني رسالة من بيب: السيدة الأغلى عليّ أن أخطرك بأنّ زوجتي قد وضعت في مطلع هذا الصباح رجلاً صغيراً بهي الطلعة. جميع الأمور تسير على ما يرام معي. سنسميه فيتوس. خادمك المخلص بيبطويت مغامراته خارج إطار الزواج في عمق النسيان. أصبح بيب أكثر الآباء والأزواج تفانياً- في تلك الناحية، بل إنّه قال في إحدى المرات عندما أُقترح عليه العمل بشكل استثنائي ظهيرة يوم الأحد، بحماس كبير وهو يعتدل واقفاً بطوله الذي بلغ أربعة أقدام وإحدى عشرة بوصة: " هذا هو الوقت الذي ينبغي أن يأخذ الرجل المسؤول فيه زوجته في نزهة. ولن يكون من اللائق أن يفوّته." فتم سحب الاقتراح.والآن، وفي دهشة وذهول، صار عليَّ مراقبة التحوّل التدريجي لفرانكا من زوجة بسيطة ومعظّمة لزوجها إلى شيء مرعب- أم صقلية مستبّدة مزعجة.ومنذ لحظة إدراك حملها، أصبح بيب مثقلاً بالهموم. لقد كان يساعدها في كل الأوقات، وكان يقول مشيراً إلى جسدها المنتفخ: " يجب ألا تسقط فإبني في أحشائها." لقد كانت فرانكا في النهاية هي القناة التي سينجب من خلالها ذاته الجميلة. وقد اعتادت النساء الصقليات في تلك الأيام على هذا الموقف. كان إنجاب ابن هو الهدف الرئيسي من وجودهن، وكان الرجال يميلون إلى الاستئثار بالفضل كله..." لقد استدفأت فرانكا بشمس اهتمامه غير المعهود، وعندما أنجبت الابن والوريث زادت دلالاً على دلال، لا غرو فقد كانت مصدر الحليب الذي كانت تتغذى عليه المعجزة الصغيرة، وقد كان لديها الكثير من الحليب. كانت فرانكا ذات طمع وكانت تعرف أنّها سلعة رائجة. عليه وبعد أشهر قليلة استقبلت أحد الرضعاء الذي جف صدر أمّه من اللبن. كانت أجرة الرضاعة تقليداً راسخاً منذ قديم الزمان: وهي مبلغ معين من الليرات وإفطاراً دسماً كل يوم. ولكن فرانكا خسرت أكثر مما كسبت، وكانت خسارتها الحقيقية فادحة. لم يعد ابنها يرضع من ثديها مرة أخرى. وعندما يقدم له الثدي كان يصرخ ويصيح وليس ثمة شيء يحمله على الرضاعة. عندها تولى بيب أمر تغذيته بواسطة زجاجة الرضاعة بينما استمرت فرانكا في عملها كمرضعة. كانت هذه هي نقطة البداية لمشكلة طويلة الأمد بين الأم والابن، ويحتمل أن تكون أيضاً بذرة لعداء فرانكا المتزايد تجاهي. استدعاني بيب في إحدى الليالي بشكل عاجل. كان طفله العزيز مريضاً ولا يستطيع التقاط أنفاسه. كانت الساعة حوالي 11:30 قبل منتصف الليل. وحتى إن ذهبت إلى القرية- في تلك الأيام لم أكن أملك هاتفاً- فهل سأكون قادرة على إقناع الطبيب بالخروج في تلك الساعة؟ أمر غير وارد. إن كانت فعلا مسألة حياة أو موت، إذن سأكون مستعدة للتمثيل، والتهديد بالفضيحة وألحّ في مجيئه، ولكن الأمر لا يتعدى مخاوف أبوين قلقين بشكل زائد، فكان عليّ توفير تلك الدراما لوقت الشدة الحقيقية. كانت لديّ ضيفة في ذلك الوقت، أطلقنا عليها لقب "الصرح الوطني"، بسبب آرائها الفدائية البريطانية المتشددة، وشبهها ببورتريه وليام نيكولسون للملكة فيكتوريا. لقد كانت رمزاً للاستقامة والكبرياء، ممرضة في مستشفى لندن. وفي آخر أيامها تزوجت من مريض ثري، ترمّل حديثاً. لم تألف بعد حياة الغربة وحدها، وقد طُلب مني إيلائها عناية خاصة. فهي لم تغادر بريطانيا قبل هذا إلا في رعاية زوجها الحنون، وكانت عرضة للبكاء الشديد. لقد ظننت أنَّ استحضار ماضيها المهني ربما ساهم في صرف تفكيرها في محنتها الراهنة. ربما وفّرت علي أيضاً متاعب رحلة ليلية بلا فائدة لإحضار الطبيب. لقد كانت في سريرها بالفعل وقابلت طلبي باضطراب: " أنا لا أعرف شيئاً عن الأطفال- لم أر طفلاً منذ سنوات..لكن إن كنتِ تعتقدين حقاً..."طمأنتها أنَّ رأيها ذو أهمية عظيمة لنا: سواء أكان عليَّ السعي لإحضار الطبيب فوراً أو ما إذا كان بإمكاننا الانتظار بأمان حتى الصباح. فخرجت تلبي نداء الواجب في نبل بضفيرتها الطويلة البيضاء المتدلية على ياقة قميصها الأزرق الشاحب المبطن، في طريقها إلى الكوخ الصغير في الطابق الأرضي. كانت فرانكا مستلقية على سرير كبير مع طفلها فيتو بين ذراعيها، وكنت أراه مريضاً، وبائساً، بامتقاع لونه وصعوبة تنفسه.أصبحت الصرح الوطني ممرضة مرة أخرى، وأخذت قياس نبضه وحرارته، وطرحت بعض الأسئلة بمساعدتي كمترجمة فورية، ثم أدلت برأيها الحاسم الباعث على الارتياح، بأنّ الطفل يعاني من التهاب الشعب الهوائية، وليس ثمة خطر عليه، إن توفر له الدفء الكافي. من الممكن إرجاء زيارة الطبيب حتى الصباح بأمان. معظم الأطفال الصقليين يعانون من التهاب الشعب الهوائية. فهم يرتدون في هذا المناخ المعتدل ملابس ثقيلة كما لو أنّهم يعيشون بالقطب الشمالي. وفوق كل ذلك تُلف رؤوسهم- وأقدامهم وسائر أجسادهم بأثقل أنواع الصوف. وفي ذلك الوقت حتى عربات الأطفال تجهّز بنوافذ من البلاستيك، لا تسمح إلا بدخول الهواء اللازم لمنع اختناق الطفل المغطى داخلها. ولا يسمح بدخول نسمة من الهواء المنعش إلى المنزل في الليل، حيث الكائنات الصغيرة المسكينة الملفوفة تتعرق بسهولة وتُصاب بالمرض، فلا تكتسب مناعة قوية ضد الأمراض. عاش فيتو، وكبر حتى أصبح طفلاً جميلاً وذكياً وحساساً. مرضتُ بشدة ذات مرة، عندما التقطت عدوى الحمى المالطية من لسعة قرادة. و بدا لي أنّ هنالك اثنين من الصقليين يعرفان كيف يحسنان التصرف أثناء التواجد في غرفة شخص مريض- هما فيتو وكلبي ميسكيندو، لقد أتيا، وجلسا، واحد على كل من جانبي فراشي، في صمت وحزن وسكون، لساعات حتى النهاية- كان هذا على العكس من الكبار، الذين كانوا قادرين على صنع الضوضاء حتى من العدم، والشجار بأعلى صوت في غرفتي بسبب أمر تافه مثل ما سآكله في ذلك اليوم، إن كنت سآكل أصلاً. كان تفاني وهدوء الطفل والكلب يعنيان لي الكثير، وقد ساعدا على سرعة نقاهتي. أحرز فيتو تقدماً سريعاً في المدرسة. جاء بعد فصل دراسي واحدة إلى غرفتي في مطلع صباح أحد الأيام، وهو يحمل نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية. كان قد كتب بحروف كبيرة بعناية GION CHNENEDI. كما سمعها على جهاز المذياع الخاص به، أدرك اهتمامي بالأمر. تعتمد التهجئة الإيطالية على الأصوات إلى درجة كبيرة، وفيتو لم يتردد. لقد كان حاد الذهن بشكل واضح. عندما كانت فرانكا المسكينة ما تزال في المدرسة نشبت الحرب فلم تتعلم الكتابة والقراءة. إنّها ممتعضة من تعلقه بي. كان يقول: "لدي أفضل اثنتين، لي امرأتان، ماما والسنيورينا."كان من الصعب على فرانكا تحمل هذا، ولكنها قامت بقطع الرباط الجسدي بينهما بقسوة إن لم يكن بغباء، ولم تكن تملك الخيال ولا الصبر لتمد حبلاً جديداً للوصل بينهما.لم تترك لها الطفولة الصعبة التي عاشتها في ظل الحرمان وقتاً للعب. لقد وُلدت في أسرة كبيرة، وكان المال شحيحاً. كانت تقول لي إنّها في الصغر كانت تُرسل قبل الفجر لتلتقط السلال الملأى بأزهار الياسمين العطرة البيضاء والتي كانت تعمل على نظمها بعد ذلك في خيوط من رؤوس نبات السعد المظلّي الجافة. تباع هذه العقود لاستخدامها في مناسبات الزفاف وغيرها من الاحتفالات. لقد تذكرت البرد المبلل بالندى في الصباح الباكر عندما كانت تتجمد أصابعها. كانت عائلتها تحتاج المال الذي تكسبه. ربما كانت تتحدث إلى ابنها بلغة الأطفال لكنها لم تستطع أن تسرد له القصص، ولا أن تخترع له الألعاب، لذلك أتاني فيتو. لقد أحبّ قصصي، وألعابي وأغنياتي. لقد حاولت عبثاً جذب فرانكا إلى اللعب معنا، لكنها لم تستطع.ثم مرة أخرى أصبحت حبلى، ومشغولة بنفسها. لقد بدأت تتنمر على بيب، وتخبره أنّه كان غبياً في علاقته الحسنة معي!: لابد أن تلّح على أن تدفع لك أكثر- لابد أن تمنحك إجازات أطول- لا تكن غبياً وتعمل لساعات إضافية من أجلها." وما إلى ذلك. زادت نميمتها مع الجيران بزيادة عداوتها لي، وأصبح الأمر مزعجاً، كما أنّها غضبت للغاية في إحدى المرات عندما كانا في إجازتهما ونهض في الثانية والنصف صباحاً، قبل أسبوع من موعدهما ليلحقا بالقطار حتى يطمئن على سير الأمور في غيابه. لقد تطلب الأمر المشي لمسافة طويلة حتى المحطة، ولم يلحق بالقطار، يا له من رجل طيب. استمر سيل سخريتها من تصرفه الغبي نتيجة إحساسه العميق بالواجب يتدفق لشهور طويلة. في أحد الأيام وبعد أن كان معي لعدة سنوات أعلن بيب بفرحة أنَّ أخته التي هاجرت إلى شمال إيطاليا وعاشت في قرية على سفح جبل الألب ستة عشر عاماً ستجيء مع زوجها الغريب لقضاء إجازتهما في صقلية. "بيب، هذا أمر رائع. عليك أن تذهب لاستقبالها حالما تضع قدميها على تراب صقلية. "خذ هذا اليوم كإجازة، وانطلق إلى مسينا واستقبلهما لدى النزول من العبّارة."لقد كان متحمساً. جاء اليوم الموعود، ولدهشتي الكبيرة، كان بيب هناك ما زال يعمل."ولكني ظننتك ذاهبًا إلى ميسينا؟""لا، لم ترد فرانكا ذلك."تساءلت إلام تظل قادرة على التحكم في زوجها؟ جاءت الأخت. لم تتسم شخصيتها بالجاذبية، وكانت أيضاً مشعرة الوجه، وترتدي البنطال، وتدخن اللفافة إثر الأخرى. لم تكن النساء الصقليات في تلك الفترة يرتدين البناطيل، بخلاف نساء الشمال، وكانت النساء المتقدمات في السن يتحسسن خامة البنطال بفركها بين السبابة والإبهام، ويقطبن بشدة بينما يسألن: " أرجل أنتِ أم امرأة؟" (بعد عشر سنوات فقط صارت بناطيل الجينز على كل فتاة.) كانت أخت بيب قصيرة وبدينة مثله، وحقاً لم تصلح لارتداء البناطيل. ولكنها جاءت لتبين للجهلة الجنوبيين، الذين يدعوهم الشماليون بالأرضيين، كيف كانت المرأة المتعلمة من الشمال حرة في التصرف كما تحب، ومتحررة من أفكار الجنوب البالية القديمة. كانت الحياة جميلة حيث تعيش الآن. والفرصة سانحة السيدات العمل وجني المال أكثر منهن في هذه المنطقة. وكذلك بإمكانهن وضع أطفالهن في رياض الأطفال بينما يعملن. تشتمل المساكن على حمامات، وأجهزة التلفاز. لم تلاحظ ربما أنّ بيب وفرانكا يتمتعان بجميع هذه المزايا بالفعل عدا المصانع- جهاز التلفاز كان يعمل بالفعل. أو إن كانت قد لاحظت ذلك فهي قد قررت هدم سعادة أخيها. سيصبح هذا الأمر سهلاً جداً لو حاولت استغلال فرانكا. كانت الأخيرة شديدة الانبهار بكل هذا التظاهر والتفاخر ولم تكن قادرة على أن ترى-مثلي- أن ضيفتها قد خسرت جمالها الطبيعي وكرامتها التي تشكل السمة المميزة لنساء الريف الصقليات. جاء إليّ بيب في أحد الأيام وسألني ما إذا كان بإمكان فرانكا الحصول على إذن لسبعة أيام لتذهب مع "أختها"، برفقة طفليها، إلى القرية التي شهدت ولادتهما. "ولكن يا بيب، أنت من يجب أن يحصل على الإجازة، إنّ من جاءت هي أختك.""لا يا سيدتي، لقد جمعت بينهما صداقة جميلة ورائعة، حتى إنني لا أريد الوقوف حائلاً دون اجتماعهما. لقد أحبّتها فرانكا التي كانت متوجّسة في البداية، لكنّ الأمر اختلف الآن جداً..."تساءلت، أكان سعيداً بالتخلص منهما جميعاً؟ هكذا ظلّ بيب هنا، وسافر الثلاثة- تلقى زوج الأخت دعوةً هو الآخر- والطفلان. غادرت الأخت وزوجها بنهاية الأسبوع. وكانت فرانكا محمّرة العينين من البكاء. وظلت كذلك لساعات وساعات. "سيدتي، عليك أن تفهمي أنّها فقدت أختاً جديدة طيبة ورائعة. لقد كانت في البداية خائفة منها، ولكنها بدت تحبها شيئاً فشيئاً، والآن أصبح فراقهما شيئاً فظيعاً."استمر البكاء طوال اليوم، وفي الصباح التالي، كان وجه بيب شاحباً ومرهقاً، مؤكداً أنّه لم يغمض له جفن بسبب بكائها طوال الليل. استمر الأمر طوال اليوم التالي، منوّعاً بين الأنين، والتأوه الشجي، والنحيب المنكسر. مهرجاناً للبكاء بجميع أنواعه...حاولت وقف سيل الدموع. "لكن لم تبكين؟"فاندفعت قائلة على الفور بين تأوهاتها المتزايدة، " لقد فقدت صديقتي الحميمة.""ولكنك لم تفقدينها، ستأتي مرة أخرى. وبإمكانها أن تراسلك." ثم دفعتني استماتتي في المحاولة إلى القول لها بحسم، عسى ولعل أن تجدي معها الشدة: " توقفي عن ذلك الآن!"لم تختلف الإجابة عن الفعل كثيراً، ظلت الدموع تنهمر على خديها. في الصباح التالي، أخبرني بيب الذي كان مرهقاً لكنه مبتسماً: " لقد انتهى الأمر. توقفت عن البكاء." كان الوقت جميلاً أيضاً. انكشف سر البكاء بعد شهر فقط. لقد كان هو سلاح فرانكا الوحيد للضغط عليه وإرهاقه حتى يوافق على خطتها. كان عليهم مغادرة الجنوب المتخلف والذهاب للعيش في الشمال الرائع الذي زينه لها خيالها المحموم. ينبغي أن تكون بالقرب من صديقتها الحميمة. سيجنون من الثروة أكثر بكثير مما يستطيعون جمعه إن ظلوا عالقين هنا. وفي أحد الأيام بعد عيد الميلاد، والذي شابه رفض فرانكا -المتجهمة الوجه حادة المزاج- المشاركة في أي من مظاهر الاحتفال، جاء بيب إلى غرفتي: " أحمل لك يا سيدتي أخباراً لا تسر. سنغادر بنهاية شهر مارس. جميعنا.""لماذا؟""لانّها تريد الذهاب وصنع ثروة مع أختي.""ولكن يا بيب، لقد جربت العمل في الشمال، ولم تحبه، وعدت ثانية.""إن كان الأمر بيدي يا سيدتي لما ذهبت. فإن لم يكن هنالك أطفال لظللت معك وتركتها تذهب بمفردها.""لا يا بيب، أنت لم تتزوجني أنا بل فرانكا. ينبغي أن تختار أمراً من اثنين، إما أن تكبح جماحها أو تتبعها." لقد ترددت قبل أن أنطق بهذا: " لم لا توقفها عند حدها؟" "لأني أخشى ما قد أفعله، يا سيدتي. فأنت لم تريني قط في سوْرة غضبي."ورأيته، ورأيت كم هو مرعب حقاً. في أحد الأيام كان ينزل الدرج بسرعة كبيرة، ووجهه شاحب ومحمر من شدة الغيظ: " أود الحديث إليك إن كانت لديك فسحة من الوقت."فأجبت بسرعة وأنا أركز في كتابتي " أنا مشغولة جداً الآن، كما ترى، و سنتحدث عندما عندما تسنح لي الفرصة."لشد ما ارتحت عندما رأيته يندفع خارجاً من الغرفة. هرعت بدوري إلى تلك السيدة الحكيمة: " ماريا، ما الذي فعلته لأثير غضب بيب لهذه الدرجة؟"" لست أنتِ، يا سيدتي، إنّه حانق على كاتينا." تنفست الصعداء، إنّها كنّة البستانيّ بونيري. أخبرت ماريا أنّ ترسل إلىّ بيب. وتركته واقفاً بينما كنت جالسة في وقار على عرش الأسقف: " ماهي القصة بالكامل؟"قال رافعاً صوته:" لقد أهانتني!""ولكن كيف؟"" لقد قامت- ليس مرّة واحدة- بل مرّتين بنفض اللحاف خارج النافذة بينما كنت أمرّ تحتها..مرّتين!""لكن هل كان الأمر سيئاً فعلاً؟""لقد كانت إهانة مقصودة.""ولكن هل كان من الضروري أن تضع نفسك للمرّة الثانية تحت النافذة، بينما كانت تنفض الألحفة؟" هدأ، وابتسمنا. لم يطل به الأمر قبل أن يستعيد سيطرته على مزاجه، ولكنّي كنت مذعورة أثناء الفترة التي أمضيتها وأنا أظن أنني السبب في غضبه.والآن، مشكلة فرانكا" أنا أخشى من شدة غضبي: لقد قاربت على إزهاق روحها مرتين. مرة حملت سكيناً، كنت سأذبحها ذبحاً، لكنّ شيئاً ما أنقذني. فحوّلتُ نصلها باتجاهي. انظري، مازال أثر جرحها بادياً على رسغي. تلك الحادثة أعادتني إلى صوابي. ومرة أخرى، كنت غاضباً، وكدت أن أخنقها بكفيّ هاتين إلا أنني أمسكت منشفتي شاي، ولففتهما بكل قوتي حتى شطرتهما إلى نصفين. إني أخشى من حدة غضبي وقوتي. لا أستطيع السيطرة على فرانكا بدون أن أفقد السيطرة عليهما. لقد استسلمت بعد ليلتين لم أذق فيهما طعم النوم بسبب تذمرها وبكائها ووعدتها بالرحيل.""ولكنك تعلم كيف هو الحال هنا بينما لا تعرف هي شيئاً عن ذلك. ولا تدرك إلى أي درجة يصل البرد في الشمال. لا تعرف مطلقاً ماذا يعني أن تكون جنوبياً تتحدث بلهجة لا تُفهم- وستندم! أو أنّ تكون واحدة من القِلّة الذين لا يعرفون القراءة أو الكتابة. إنّها لم تر مصنعاً في حياتها، ولم تتشارك الشقة أو المطبخ مع عائلة أخرى. ليس لديها أدنى فكرة عما سيكون الوضع عليه، وسيصبح كل شيء في أسوأ حالاته أثناء فصل الشتاء الطويل. إنّه أمر يصعب عليها تخيلّه حتى.!""لقد أخبرتها بكل ذلك، ولكنها لم تصغ إلي. بل قالت لي إنّها ستبدأ البكاء مرة أخرى إن لم أوافق. وأنا لا أستطيع تحمل ذلك يا سيدتي.""ولكن لماذا شهر مارس؟" كانت الإجابة واضحة لكني سألت. "لانّها تعتقد أنّ الطقس سيكون دافئاً بحلول شهر مارس. لكني أعلم أنّ الثلج سيستمر في النزول حتى مارس وربما بعده بكثير..."حاولت أن أؤثر عليه، على أمل أن أجعله يعتد بنفسه أكثر في مواجهة جهلها. " أنت لن تغادر في شهر مارس، بل حالما يخبرني محاميّ عن فترة الإخطار اللازمة قبل استقالتك. أتوقع أنّها لا تزيد على الشهر. هذا يعني أنّ عليك قضاء الجزء الأسوأ من الشتاء هناك. لا أستطيع –بالطبع- الانتظار حتى الربيع لأبحث عن من يحلّ محلك. يجب عليّ العثور على أحد ما الآن، بينما يسعى الناس للحصول على وظيفة. فكّر في الأمر ثانية وبتانٍّ غدًا أو بعده، ثم اطلعني على ما تنوي فعله."استخدمت فرانكا قوتها، وكانت عنيدة. يا للرجل الهزيل المسكين، لقد غادروا في يناير. لقد كان الطقس مرتفع البرودة حتى هنا، ولم يكن ثمة جليد في منطقتنا. أما الطفلان- اللذان كانا في ذلك الوقت في العام السادس والرابع من العمر على التوالي- فقد اكتست ملامحهما بابتسامات لا مبالية. لقد امتلأت عقولهما بالقصص عن الحياة الجديدة التي سيعيشانها- القطارات، والجبال، والجليد، والأقارب، والألعاب، والكمأة (تفوق الألماس قيمةً مثلهم؟) والأطعمة الشهية الأخرى... أشرت عليهم بأنّ من الحكمة أن يتركوا بعض قطع الأثاث الكبيرة في صقلية، في حال أنّهم لم يحبوا الحياة هناك، وأرادوا الرجوع. إلا أنّ فرانكا أصرّت على أنْ تفعل العكس. ولم تترك غير ثلاث زجاجات من الزيتون الفاسد، والذي أخفقت في حفظه، و تسببت عمداً في سدّ ما أسمّيه تأدباً "الأنبوب الكبير" حتى اضطررت إلى استدعاء السبّاك الذي رفع الأرضية، وكذلك أزال مسماراً كبيراً كانت قد غرسته كالساحرات في شجرة اليوسفي الأثيرة لدي. لقد كانت تعرف، بينما لم أدر أنا، أنّه إنّه لم يكتشف في الوقت المناسب فسيؤدي إلى موتها بلا شك، وإن كان ببطء. أشجار الحمضيات لا تحتمل المسامير. تلقى جيراني بعد فترة قصيرة رسالة: " كل شيء هنا رائع- أكثر بكثير من هناك." وأنّه صار يكسب ضعف ما كان يكسبه هنا، وأنّ أقاربه عطوفون ولطيفون. سرعان ما ستحصل فرانكا على عمل، والأطفال سعداء في روضة الأطفال، وما إلى ذلك. شعرت بأنّ هذه الأخبار أجمل بكثير من أن تكون حقيقية. وبدأت أخبار الوضع الحقيقي تتسرب بشكل تدريجي. لم تكن الأمور بتلك الرفاهية. عقب ذلك ببضعة شهور وصلت أخته الأخرى لتستطلع الوضع هنا. هل بإمكانهم العودة؟ يا للأسف لم تعد بي حاجة إليهم، لقد وجدت الزوجين المناسبين اللذين سيظلان معي لأكثر من ثلاثين عاماً. وكان على بيب المسكين العودة إلى القرية الجبلية النائية حيث مسقط رأسه، وإلى ما استطاع الحصول عليه من عمل ميداني. لقد احتفظ بمنزل صغير هناك، واستقر فيه هناك مرة أخرى مع فرانكا وطفليهما- كان الثالث في الطريق. تبخرت جميع أحلام فرانكا بالثروة والنجاح. اضطر في إحدى المرات المجيء إلى بلدتنا لاستخراج شهادات الميلاد، وبعض المستندات الرسمية الأخرى. لقد أخبر جارنا بأنّه لم يكن يريد أن يراني، فقد كان يشعر بالخزي الشديد. ولكن الجار ألّح عليه أن يفعل. تبعني إلى أحد المطاعم حيث كنت أتناول وجبة الغداء رفقة صديقة قديمة كانت تعرف قصته. استقبلناه بحرارة، ولكنه كان مضطرباً وهو يرتدي أفضل بزّاته، التي لابد أنّها قد بليت في مناسبات العزاء، وكان محرجاً منّا. لقد أصبح أكثر هزالاً، وبدا أكبر بكثير. "سيدتي، إنَّ الحياة ليست بالسهلة، جميعنا نخطيء، وعلينا دفع ثمن أخطائنا." لقد كان يستحق مصيراً أفضل. مضت عشرون سنة أو نحوها في انشغال، كنت أثناءها أذكر الرجل النحيل بالخير والود، وأتساءل عن ما جرى معه. لم يره أحد هنا، أو يسمع عنه، فقررت أن أحاول معرفة ذلك بنفسي، فقدت السيارة مع صديقة قديمة كانت تعرفه، وقد عادت هي الأخرى بعد فترة طويلة. ذهبنا في اتجاه الساحل الشمالي للجزيرة، ثم صعدنا على طريق جبلي وعر وضيّق. وعلى مقربة من القرية التي كانت جميلة في السابق لكنها عانت كثيراً من الحرب والفقر والبطالة، سألت سيدة مسنّة، ارتدت ملابسَ سوداء بالكامل، عمّا إذا كانت تعرف بيب. فأجابت بلهجة صقلّية واضحة بأنّه قد مات. صُدمت حينها، ولكني تذكرت أنّ معظم الأبناء الأبكار في القرى يدعون لأسلافهم من الأب، لذلك يشيع تشابه الأسماء. لكنّها ظلت تؤكد على أنّه توفى، لذلك سألت عن أختيه التوأم. فجعلها سؤالي تعيد النظر في إجابتها. أخذت أصف العائلة كما أعرفها، مرددةً عليها الأسماء المسيحية لزوجته وطفليه، وشيئاً فشيئاً بدت السيدة المسنّة أكثر قدرة على المساعدة. هل هو من سافر بعيداً وعاد؟ هل فقد زوجته وتزوج مرة ثانية؟ " يعيش ذلك البيب في الميدان- إنّها لا تعلم رقم المنزل، ولكنه بالقرب من المتجر، الجيع يعرفه.شعر الجميع بالراحة. واصلت الصعود باتجاه الميدان، وترددت للحظة بينما كنت أختار من أسأله المساعدة. فجأة، وجدت نفسي بين أحضان امرأة صغيرة الحجم تمطرني بقبلاتها في حماسة شديدة، وقالت: " كنت أعلم أنك ستأتين في يوم ما. أكاد لا أُصدق أنّك جئتِ أخيراً! إنّه حلم وتحقق! لابّد أنَّ العذراء ساقتك إلينا!" لقد كانت واحدة من أختيه التوأم، التي أصبحت الآن في الخمسين من عمرها أو أكثر. " سيفرح أخي كثيراً، وسيسعد جداً جداً. إنّه يتحدث عنك كثيراً. ولطالما كان يأمل..." "ولكن أين هو؟"" إنّه في العمل، ولكنه سيكون هنا في غضون دقائق. إنّه يعمل في موقع بناء. عمل متعب، وهو لم يعد شاباً، ولكنهم يحبّونه جداً، ولم يترك العمل أبداً، ولكنه شاق."لقد قادتنا إلى منزل صغير قديم. البهو الصغير، الذي من الواضح أنّه يستخدم للاستقبال، لابد أنّه يُستغل كغرفة استقبال، يكاد يضيق بأريكة حديثة واسعة، وكرسيّ عريض مكمّل لها. دعتنا للجلوس بينما ظلت تقف أمامنا مبتسمة في ابتهاج. لم تشاركنا الجلوس بل ظلت واقفة. اجتمع جمهور غفير بالخارج، في حرص على ألا يفوتوا أية لحظة من هذه الدراما.لقد سألت، " وفرانكا.؟""لقد توفيت؛ كان قلبها عليلاً."لقد ذكرني هذا بأحد الفلاحين الذي أخبرني ذات مرةً، كما لو أنّه يشكو من تشويه صورته أمام الناس، بأنّ كنّته المتزوجة مؤخراً قد توفيت بسبب اعتلال القلب: " إنّها لم تكن صالحة للزواج." لكن فرانكا عاشت لفترة أطول."وفيتو؟"لقد تزوج. وقريباً سأصبح جدةً. إنّه يعمل محاسباً، بوظيفة مرموقة بالمدينة. لقد اجتهد كثيراً في الحقيقة." أخبار سارة. وظيفة مكتبية عالمية ثابتة وحلماً عصيّ المنال على الكثرة الغالبة. "ستصل ماريا حالاً، إنّها تعمل في مصنع وتعيش معنا." يكلف زواج الإبنة الكثير من المال، فالحفاظ على الكرامة أمر واجب، والديون قد تتراكم بسهولة. "لدي ابنة أخت أخرى- وهي تعمل أيضاً." في تلك اللحظة أقبل بيب مسرعاً. أخبرته الجموع في الخارج بالخبر السار لتوه. ولكنه سرعان ما انسحب إلى الوراء, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi....
اعرض في فيس بوك    
, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi  بيت في صقلية | تأليف: دافني فيليبس | الناشرون: كارول وغراف المحدودة | ترجمة أميمة الزبير | الفصل السادس- فينشنزينو******كان لابد من العثور على بديل لتوريدو التعس، الذي صار....
اقرأ المزيد ...  بيت في صقلية | تأليف: دافني فيليبس | الناشرون: كارول وغراف المحدودة | ترجمة أميمة الزبير | الفصل السادس- فينشنزينو******كان لابد من العثور على بديل لتوريدو التعس، الذي صار الآن في مكانه الطبيعي، كذراع أيمن للقمّص، ومديراً لخدمات الكاتدرائية. لفينشنزو وجه قديس- ذكيٌ ونحيفٌ- وله مزاج دبّورٍ. وقد كانت الصفة الأخيرة بالإضافة إلى مهاراته العامة سبباً في تمكنه من إيجاد أي عدد من الوظائف يريد. وقد أدى هذا الأمر إلى فقدانه العمل أيضاً، أو تخليه عنه، قبل أن يكمل أول شهرٍ في الغالب. كانت مواهبه المتعددة مرغوبة للغاية. و كان حازماً جداً في شروط توظيفه: الإقامة في مكان العمل، وألا يتجاوز أجره الضئيل لحد السخف 5000 ليرة في الشهر لا أكثر ولا أقل.. لقد جاءني كخادم. وسرعان ما اكتشفنا قدرته على الاضطلاع بأدوار: طاهٍ من الدرجة الأولى، وصنع قبعة طويلة لهذا الغرض؛ ومساعد عام بقفازين أبيضين، وممرض مشفىً، ومُربَّي أطفال، ومسوّق، وماسك دفاتر، وغسّال، وأخيراً وليس آخراً على كل حال، نجم نوادٍ ليلية.يحمل في جعبته قصصاً للقديسين الصقليين، مجموعة غريبة ورائعة من الحكايا، والأحداث التي وقعت في أماكن عمله السابقة. كان في إحدى المرات يقوم بتوزيع الأطباق في عرضِ إحترافي، بينما-وفي غمرة الاستمتاع بعرضه- كان يسير حول الطاولة وهو يسرد، ويقلّد الشخصيات بإيماءات وحركات.اعتاد على بدء رواياته قائلاً: القديس بانكراس، وهو بالنسبة لك محطة، ولكنه بالنسبة لنا قديسٌ راعٍ للقرية. لقد كان أسقفاً." (ويرفع يديه ليرسم قلنسوة، ويصف لحيته الصغيرة الأنيقة الملوكية.) "لقد جاء من الشرق، هذا هو السبب في سواد بشرته. عاش في ظل الاحتلال العربي التركي لبلدتنا. و كان يؤمن بالصداقة مع الأعداء، كوسيلة للتعايش السلمي. دعاه الحاكم التركي لوليمة في أحد الأيام. قبل القديس بانكراس، وعندما ذهب وجد قاعة رائعة تحفل موائدها بالطعام والشراب. ولكن كانت هنالك مشكلة: كان على القديس بانكراس أن يتلو صلواته بدون الإساءة إلى مضيفيه، الذين كانوا وثنيين. كان ذكياً جداً. فكّر مليّاً، ثم، أشار بيديه كما لو أنّه يبارك- ولكن الترك لم يعرفوا ما كان ذلك- فقال، " كم هو جميل شكل هذه الغرفة. إنّ بعدها بين هذا المكان وذاك مثل البعد ما بين هناك وهنا." وعندما أكمل رشم علامة الصليب، تصدعت جميع الأكواب الزجاجية والآنية الفخارية الوثنية المرصوفة على وانشطرت ليتدفق الطعام الطيب كله، ويهرق الشراب. فهاجم الأتراك ضيفهم واغتالوه. لقد كان شهيداً عظيماً وقديساً، ولكنه اقترف خطأ فادحاً: سمح بقصف بلدته- هذه البلدة- في الحرب الأخيرة وفي يوم عيده. وعليه فقد تعين علينا أنّ نعاقبه لتسع سنوات، حتى نلقنه درساً، سيدتي هل تتخيلين ذلك؟ لقد سمح لأسوأ الكوارث في كل تأريخنا، أن تحدث في يوم عيده."ثم كان على فينشنزو أن يجمع الأطباق. في الأيام التالية سوف يمثل، دون إهمال أية تفصيلة، قصصاً مثيرة عن القديستين أجاثا ولوشيا.هما أيضاً عانتا تحت حكم العرب عندما رفضتا عروض الحاكم الأجنبي قائلتين إنهما ملك خالص روحاً وجسداً للواحد العليّ. وبإثارة متصاعدة كان فينشنزو يتحوّل لحاكم في ثورة من الغضب والشهوة. الجلّادين، والثيران المتوحشة رفضت التحرك عندما قيدت إلى جذع شجرة، وضربت الضحايا حتى تمزقت أجسادها. كما تقمص أيضاً هيئة الذي اشتعل لكنه مال بعيداً عن الفريسة. عندما فاضت معاناة العذراوين، ابتهلتا بالصلاة، بيدين مشبوكتين وسط الرعب، وأصبحتا شهيدتين في ذروة المشهد، وانتُزعت عينا لوشيا، وقُطع نهدا أجاثا. لم يُترك شيٌء لنتخيله وحدنا...ثم، وبعد أن تعبنا من هذه الحكايات، صار يقلّد وجهاء البلدة. إذ أنّه عمل في بيوتهم لفترات قصيرة، مطّلعاً على نزواتهم وهوسهم. كانت هنالك مجموعة ثرّة. منها قصة المرأة الثرية البخيلة التي أرسلته لشراء لحم مؤخرة رقبة خروف فقط، وصرخت فيه غاضبة لأنّه استعار مظلتهم الوحيدة- والتي لم تكن سوى بقية من مظلة بالأحرى- ليحتمي بها من المطر الذي كان يهطل عندئذٍ. قائلة له: " ضعها في مكانها، ضعها في مكانها. كيف تجرؤ، تلك ليست لأمثالك، إنّها لي."مضى فينشينزو: قلت في كبرياء،"سيدتي، إن لم تكوني قادرة على إعارتي تلك القطعة البائسة، فإنك لا تستحقين أن أعمل من أجلك." وخرجتُ، ولكني أخذت معي تلك القطعة، وإن لم تصدقينني سيدتي، سأريك إياها. لقد احتفظت بها كتذكار، حتى أوفيها حقها! لقد كانت عبارة عن ثقوب وأسلاك، ولكنها قالت إنّها ليست لأمثالي، وكنت خارجاً تحت المطر من أجل طلباتها التعيسة. ثم، يا سيدتي، توفيت السيدة. لقد كانت امرأة سمينة جداً، على الرغم من أنّها عاشت على لحم مؤخرة عنق الخروف. كان عليهم صنع تابوت بحجم خاص، بيد أنّ ذلك لم يكن كافياً: لقد اضطروا لخلع الأبواب حتى يدخلوه ثم يخرجوه. لقد كان يوم الجنازة مشرقاً وجميلاً، والسماء زرقاء لا تحجب صفاءها عن العيون غيمة.شُيعت بموكب طويل سار عبر الشارع. لم يغب عنه أحد، فقد كانت من أسرة غنية. انتظرتُ أنا خارج الكاتدرائية حتى أُخرج التابوت. ثم، عندما انضم آخر المعزّين إلى الموكب، فتحتُ قطعة المظلة، وكان نصفها خالياً من القماش-وامتلأ نصفها الآخر بالثقوب- وسرت خلفها بملامح جامدة. نظر إليّ الناس شذراً. وقالوا، " ولكن السماء لا تمطر يا فينشنزو، وحتى إن كانت كذلك فهذا الشيء لن يمنعه عنك." نظرت إليهم. إنّهم يعرفونني ويعرفوا أساليبي. ثم قلت. " سيفهمون.""بخلاف خالي، والذي عمل مرة لحسابه لأربعة أشهر أثناء وجود ماريا في المشفى، لم يرضَ فينشنزو إلا عن مخدم واحد. كانت سيدة لها ابنة، كانت تدللها حد العبادة. لم تكن عائلة ميسورة، وفيشنزو الذي أصبح مخلصاً بمزاجه الدبّوري، شعر بأنّ عليه مساندتها. وهكذا وأثناء فترة غياب ابنتها في الجامعة، كان يرسل لها البطاقات البريدية، التي يقرأها كل من وقعت في يده، وكان يعرف أنّهم يفعلون. كانت دائماً تمهر بالعبارة:" من أحد خدمك المخلصين، فيشنزو"."جعلها هذا الأمر تشعر بأهمية خاصة، سينورينا، وكانت تستحق ذلك. لذا لم يكن هناك ضير من هذا التصرف. للسيدة بعض الأقارب المتكبرين في البلدة. لكني لم أكن أعمل معهم سوى ساعات قليلة في الأسبوع، وكنتُ العامل االوحيد".أهداه أحد أصدقائي الأثرياء- قبل أن يرحل- وكان مفتوناً بمهارات فينشنزو العديدة- معطفاً رمادياً من الصوف عال الجودة، مخبراً إياه أنّ دوق ويندسر هو من اشترى النصف الثاني من الثوب. طبعا لم ير فينشنزو الدوق ناهيك عن اقتنائه ثوباً جميلاً. توقعنا أن يتأثر بشدة بتلك الصلة الدوقية. لكنه بالكاد تمتم في كبرياء:"أشكرك"، وانحنى ثم غادر الغرفة. في حرج، وفسرت لهم الأمر بظني أنّه متأثر جداً بفخامة الهدية التي أعجزته لأول مرة عن التعبير. كان هذا كل شيء حتى تلك الأمسية. انتهى العمل، انفتحت الأبواب المزدوجة لغرفة الرسم بدون سابق إنذار، ووقف هناك فينشنزو متألقاً في البزّة- عدا أنّه كان أصغر من أن يملأها.اقترب في صمت ناحية من أهداه إياها، وجثا على ركبة واحدة، ثم قبّل يده، وانتظر للحظة، ثم هتف، " لقد أعطيتني هذه البزّة. سأمثل الآن دور يوليوس قيصر من أجلك."وبدون المزيد من الضجة انتفخ بحجم قيصر، وكان يتحدث بصوتٍ جهوري عظيم. ثم انكمش مرة أخرى ليتوسل إلى كالبورنيا بصوت عالي الطبقة، لقد تحوّل إلى الجيش الروماني بكامله وهو يسير مبتعداً بأبواقه وكل أدواته. وإلى حدٍ ما تمكن من تقليد كلِّ من بروتوس وأنطوني. كانت الغرفة حيّة بالشخوص. انتهى، انحنى، وقابل تصفيقنا بثقة في النفس تضاهي ثقة الممثلين الكبار. ثم غادر الغرفة على الفور. وكان يقول أيضاً "ألتمس العذر للانصراف في الوقت الحالي."في اليوم التالي هنأته، فينشنزو، لقد كان الأمر مذهلاً. ولكن كيف تعلّمت كل ذلك؟""سيدتي، أنا أراقب كل شيء، في كل مكان. لقد عملت مرة مع البطلة بينما كانت مسرحية يوليوس قيصر تُعرض في المسرح العتيق. إذ تمكنت من مشاهدة جميع التدريبات، مراراً وتكراراً. كنت أنهي عملي بأكبر سرعة ممكنة، لأهرب مسرعاً إلى المسرح. كيف لي أن أنسى ذلك ما حييت؟ أما الآن فأنا أمارس التمثيل لنفسي في مناسبات خاصة. إنّه لشيء متعب أن تتقمص عدداً من الشخصيات. كانت تلك السيدة، يا سيدتي، التي تحمل جهاز الهاتف.""الهاتف؟""ألم أخبرك عنها؟"لا"حسناً، ستفعلين في الغد."في اليوم التالي على العشاء:" تتحدث هذه القصة عن الفترة الأولى لدخول التلفون جزيرة صقلّية، قبل زمن طويل. امتلكت هذه السيدة أول هاتف رأيته. كنت وقتها جاهلاً. حسناً، في أحد الأيام، أخبرتني السيدة بأنّ زوجها قد يتصل من روما في أية لحظة، وأنّ علي الإجابة على الهاتف إن لم تكن موجودة. بالطبع لقد حدث الأمر بينما كانت في حمامها. تستحم الممثلات- يا سيدتي- في أوقات غريبة. وبدأ ذلك الشيء يرن تررررررر- تررررررر- تررررررررر. عليه نهضت إليه، وبدأت أنظر باتجاهه وهو يصدر ذلك الصوت الفظيع، وسألت: هل هذا إنجنيري؟" لم يجب. بل استمر في الرنين أكثر فأكثر، ترررررررر- تررررررر- وأقول، إنجنيري، رجاءً تحلّ بالصبر، وانتظر قليلاً. إن السنيورة في الحمام. انتظر فقط وستأتي على الفور." ولكنه لم يتوقف عن الرنين مهما قلت. " هل لي أن أقدم لك بعض القهوة ريثما يمر وقت الانتظار؟" لا إجابة حتى، سوى ترررر- تررر."بحلول هذا الوقت، كان فينشنزو على ركبتيه، ملوحاً يديه أمام تلك الآلة المتخيلة التي بدأت أراها أنا أيضاً."أرجوك، أرجوك" – متوسلاً وبدأت دموعي تسيل في تلك اللحظة- "أرجوك اهدأ وانتظر، إنّها بخير وستأتي في الوقت المناسب. إنّه حمام فقط. سأذهب وأحضر لك بعض القهوة." لقد اعتقد أنّ ذلك قد يهدئه، وأنّه إلى حد ما، استطعت صبها في فوهة ذلك الشيء. لقد كنت جاهلاً جداً. كنت أؤمن بضرورة وجود تواصل بيني وبينه. ولكنه لم يفعل شيئاً سوى الاستمرار في الرنين. فركضت وطرقت على باب الحمام صارخاً، " تعالي بسرعة، يا سيدتي بسرعة. الإنجينيري يريدك ولا يريد التحدّث إلي. لا أعرف لماذا ولكن كل ما يفعل هو الرنين." في تلك اللحظة جاءت ورفعت السماعة." (كان فينشنزو يقلّد سيدته مبقبقاً القبلات على الهاتف.) "يا حبيبي- ألم يجب أحد؟ إنّه ذلك المغفل فينشنزو."ولكني كيف لي أن أعلم، يا سيدتي، أنّ علي أن أرفع ذلك الشيء لأتحدث وأسمع؟"ظل فينشنزو معي لعامين، الشيء الذي يعد حدثاً خارقاً للعادة في حياته المتمردة. يعني هذا أيضاً الكثير من الجهد المبذول من جانبي للتعامل مع نوبات غضبه. فقد كان في كل شهر تقريباً- الفترة المعتادة لترك العمل- يتأخر في النوم، ولا يقوم بعمله، ويرتمي في أحد المقاعد، ورجلاه تتدليان من أحد جوانب المقعد ويبدأ الشكوى، " إنَّ الدم يخرج من قدميّ. لم أعد قادراً على البقاء في هذا المكان دقيقة واحدة." على الرغم من عدم وجود أي أثر للدم، كنا نجتمع حوله ونظل نمدحه ونسريّ عنه، ونخبره أننا لا نستطيع الاستغناء عنه. تجاوزنا كثيرًا من الأزمات على هذا النحو. ولكنه في أحد الشهور رفض النوم في المنزل. وظل يأتي متأخراً كل يوم أكثر من سابقه. وخلت أيامه من المحاكاة، وقلّ عمله إلى حدٍ كبير. وفي أحد الأيام صارحني فجأة بقوله:" سيدتي، إنّه ليفطر قلبي أن أترك خدمتك، لكنّي مضطر.""ولكن لمَ يا فينشنزو؟""أنا مريض.""إنّه لأمر مؤسف، لكن ما المشكلة؟"" لا أعرف، لكن لابد من الذهاب.""ولكن ألا تعتقد أنَّ هذا هو المكان الوحيد الذي أحببت الإقامة فيه؟ ربما كنت مخطئاً في الذهاب؟ دعني أطلب لك الطبيب ليعالجك. بإمكانك إجراء صورة بالأشعة السينية."كنت أعرف أنّ هذا مايرغب به الجميع في تلك الفترة. "سيدتي، إنَّ عطفك لكبير، لكن هذا لن يجدي. أنا مثل الطيور في الهواء- وأشعر هنا بأنني حبيس قفص صغير. لابد من الطيران بعيداً."ولكن لم لا تأخذ إجازة؟ طر بعيداً وعد مرة أخرى عندما تشعر بالرغبة في ذلك. لابد أنّ تضع اعتباراً لتقدمك في السن. عندما تكون معي سوف تحصل على أختام التأمين اللازمة لاستحقاق المعاش. لا تخسر كل شيء من أجل لا شيء. ماذا ستفعل عندما لا تكون قادراً على العمل؟ "سوف أذهب إلى ملجأ المسنين الفقراء.""ولكن يا فنيشنزو، ستشعر هناك بالتقييد حقاً. هنالك قوانين سيتعين عليك الامتثال لها. وعلى أية حال نحن لا نعرف ما إذا كان سيظل مفتوحاً. افترض أنّه أُغلق، ماذا ستفعل إذن؟"لم يُجدِ ذلك فتيلاً، كان الجانب الدبّوري يسيطر على التفكير. كنت متأكدة أنّه سيقوم بإعادة إنتاج نسخة كاريكتورية متقنة لشخصيتي لتسلية مخدمه الجديد. وقد علمت مؤخراً بأنّه كان يزعم أنني سرقت منه طرداً يحتوي على ملابس داخلية صوفية أرسلها له أحد أصدقائي...ربما جعلهم يرونني وأنا ألبس "طقمه"؟مرت السنوات، وسمعت أنّ فينشنزو كان يعمل بشكل متقطع- بضعة أيام هنا وأخرى هناك. وأنّه قام بتأسيس عمله الخاص لصناعة كعكات الزفاف. وكان يصبّها في ثلاث طبقات أو أكثر. وفي الحفل كانت الأبواب تفتح بشكل مسرحي ليتقدم فينشنزو بقبعته الطويلة وتلمع عينيه السوداوين بفرحة الابتكار. كان يضعها على الطاولة أمام العروسين، ويأخذ ثلاث خطوات إلى الوراء، ثم ينحني، وعندما ينتصب واقفاً من جديد، كان يلقي قصيدة فريدة بلهجة نقية، كتبها خصيصاً لتلك المناسبة. ولكن لا يستطيع المرء أن يعيش فقط على ما يحصل عليه من صنع كعكات الزفاف، والقصائد- ولا حتى دبّور بشري مهزول. حافظنا على سير العمل في الملجأ، وزيدت معاشات المسنين، وتم قبول فينشنزو في الوقت المناسب مقيماً فيها. وقد تكفلت العمليتان الجراحيتان اللتان أجراهما لعلاج عينيه إثر الإصابة بمرض المياه البيضاء، بوضع النهاية لتشرده وتجواله. وقد أدركت الراهبات قلقه وأعطينه امتيازات استثنائية، حيث كان مسموحاً له بالخروج وقتما يريد بقدر ما يريد، بالإضافة لخرق العديد من القوانين. لكنه كان في قفص آخر. عُثر عليه في صباح أحد الأيام متدلياً من بئر السلم في الملجأ. وهذه المرة لم يكن هنالك مفر., Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi....
اعرض في فيس بوك    
, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi  بيت في صقلية | تأليف: دافني فيليبس | الناشرون: كارول وغراف المحدودة | ترجمة أميمة الزبير | الفصل الخامس منزل ملائم للزواج جداً *******صار الزواج من فتاة ثرية من الخارج حلماً....
اقرأ المزيد ...  بيت في صقلية | تأليف: دافني فيليبس | الناشرون: كارول وغراف المحدودة | ترجمة أميمة الزبير | الفصل الخامس منزل ملائم للزواج جداً *******صار الزواج من فتاة ثرية من الخارج حلماً يراود الكثير من الشبان الصقليين، منذ أن بدأت السيدات الأجنبيات في التوافد على صقلية.أضاعت فتيات كُثر قلوبَهنَّ- وعقولهَنَّ أيضاً- بينما كنّ يرمين بأنفسهن على أدونيس المستلقي على الشاطيء، أو الموسيقيين الذين ألقوا عليهنّ سحراً في ليلة بيضاء بدرية. لم يكنَّ يعرفنَ الكثير عن مواقف الصقليين تجاه النساء، ولم يدركن أنّهنّ لن يحصلن على زوج فقط بل عائلة كاملة- وربما حماة نيّقة جداً. كان لنا أنا وإيفا -في عام 1948 –نصيبمن الحيوية والإثارة: بينما كانت هي تتمتع بالجاذبية. لكني كنت الرهان الأفضل مالياً للزواج، أو ربما هكذا تصوروا الأمر، معتقدين أنّ المنزل كان ملكاً لي. كان حديثي مع الرجال شباباً وكهولاً يميل إلى أن يكون على هذه الشاكلة:"هل أنت متزوجة؟""لا.""متى سوف تتزوجين؟""من يدري؟""لِمَ لمْ تتزوجي؟"كانت الإجابة على هذا السؤال في صقلية سهلة للغاية: " من الأفضل أن أكون حرّة."بعد استيعابهم للإجابة السابقة يسألون: " هل أنتِ الوريثة؟"أما أنا فأجيب بكل تواضع: " لا."وكان من الواضح أنَّ هذه الإجابة تجعلهم يتراجعون. وأكاد أرى خلف هذه الوجوه أفكاراً تروح وتجيء: " من هي الوريثة؟""خالتي."أفكار أخرى، ثم: " ما هو عمر خالتك؟"" خمسة وسبعون."في الحال، " هل تتزوجينني؟"كنت أضحك. لقد وجدت هذا الأسلوب هو الأسهل في الدفاع. الرجال الصقليون لا يحبون أن يُرفضوا أو يُصدوا، ومن الحكمة عدم فعل ذلك، خاصة إن كان بإمكانهم تقديم مساعدة جليلة في يوم ما. وحالما أخبرت صديقاً إنجليزياً تطلق لتوه عن آمال الأهالي: " الكثير من الرجال يريدون الزواج من منزلي، وواحد أو اثنان منهم لا يمانعان في الحصول عليّ معه!" قال: "حسناً، إنّه منزل مناسب للزواج جداً!" وكان ينظر إليه بإعجاب. (أصبحت عبارته الأخيرة عنواناً لمقابلة في هيئة الإذاعة البريطانية قمت بها على برنامج Home Service مع جيمس مكنيش.)كانت هنالك حوارات أخرى لا تنسى، وغريبة."سيدتي، هل عشتِ حرباً زائفة؟"ترددت، لم أكن أنظر إلى حربي من هذه الزاوية، ثم أجبت، " لا ليس حقاً.""لم؟ ماذا فعلتِ"" لقد عبرت المحيط الاطلنطي في بعثة امتدت لاثنين وعشرين يوماً عام 1941، وأمضيت بقية فترة الحرب في وسط لندن."بدت ردة الفعل كما لو أنّها نظرة رثاء، وتكاد تكون احتقاراً، وتشير ضمناً إلى أنني كنت استطيع القيام بشيء أفضل من ذاك، وتصدر هذه الإشارة من شخص يحاول أن يبهرني. بعد ذلك بفترة قصيرة، عرفت أنّ السكان، بما فيهم الإطفائيون غادروا تورمينا إلى الجبال عندما أطلقت القوات البحرية الملكية تحذيراً بعزمها على قصف تورمينا (وهي هدف مشروع كونها كانت مقراً لكيسلرينغ، وقد صدرت منها جميع خطط حملات مالطة.) ضحكت لذلك، وأنا أفكر بالليالي الطويلة التي أمضيناها في مراقبة القصف في لندن- جميعنا رجالاً ونساء من كل الأعمار ومختلف التخصصات. "لم تضحكين؟" لقد كانت غاية في الزيف".من الواضح أنَّ المقابل للحرب الزائفة هو الحرب الطائشة، وربما لم يكن هنالك مثال أفضل من بريطانيا في عام 1940، بعد معركة دونكيرك، وسقوط فرنسا؟فكرت في هذا قليلاً. كانت هنالك جزيرتان يسكنهما مزيج من عامة سكان قارة أوربا. ظلتإحداهماتتعرض للهجوم على مدى قرون من جميع الأعراق المحاربة، وتم غزوها مراراً وتكراراً. لم تكن الحرب خيار شعبها على الإطلاق- ولم تسنح له الفرصة للانتصار عندما نشبت. وربما قرروا بأنّ أملهم الوحيد هو التزام العقل، والنجاة من القتال إن استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، ثم بدهائهم ومهاراتهم التي يتفوقون بها علىغُزاتهم الأكثر غباءً ربما. بريطانيا وشعبها، على الجهة الأخرى، يحميهم في حنوٍ واضح أعرض امتداد للبحر، والذي ظل بعيداً عن متناول الغزاة لألف سنة. كانوا يشعرون دائماً بأنّهم إن حصلوا على فرصة للفوز لنجحوا في هزيمة كل من يهاجمهم بدءاً من النورمان. لم أكن في إنجلترا عام 1940، ولكن أخبرني الأجانب المصدومون الذين كان شعورهم أثناء الحصار كما لو أنهم جرذان عالقون في مصيدة قبل الوصول الوشيك لهتلر الذي جاؤوا هرباً منه، في دهشة من رد الفعل الرصين للبريطانين تجاه الخطر الأكبر. التحمت الطبقات معاً، وظهرت كما لو أنها لم تكن، وكان ذلك بينما كانوا يجعلون ظهورهم في مقابلة الجدار. أما البريطانيون فتنفسوا الصعداء لأنّهم كانواً يحاربون وحدهم لا يتخلل صفوفهم أجنبي يُخشى من خذلانه.قمت بوضع عدة خطط للعودة إلى المنزل الذي لم يكن ملكي..وفي التعاطي مع عدة خطّاب. بالإضافة إلى الضحكة التي قد تحول بينهم وبين الشعور بآلام الرفض الصريح.قلت لأحدهم إنّني أتمتع بحس استقلالي عالٍ، ولا أرغب في التحوّل إلى ربّة منزلٍ صقلية يائسة، وتظاهرت أمام آخرٍ بأنني طائشة عندما راقصت عدداً من الرجال المختلفين في سهرة واحدة، بل حتى سمحت ببعض الغزل البريء. في تلك الأيام كان الرجال الصقليون يحبّون أن تظلّ نساؤهم في المنزل، بينما يخرجون هم ويغازلون الأجنبيات- إن كان هناك أيّ منهن بالطبع. وفوق كل هذا وذاك شددت على أننّي لست وريثة.وقد صرفت أحد الخطّاب المهتمين في السنة الثانية لي بتقديمه إلى ممثلة شقراء حسناء. لقد عرض على الفور أن يعطيها دروساً في اللغة الإيطالية. وأصرّت هي على وجودي كرفيقة ومترجمة. فبدأ بقوله: دعينا نبدأ بالعاطفيات،" وهو ينفحها بأنفاسه المعبأة برائحة الثوم. كان الدرس الأول والأخير! ولكنه ألحّ على دعوتها للتنزه معه مشياً على الأقدام. لقد كان فخووراً بذلك. " ألستُ أنا بأسعادي رجلٍ بالعالمي كله؟ على يدي اليمنى ألطفُ سيدةٍ [سيدتي]، وعلى يساري أجملُ بنتٍ في العالم،فضحكت [من لكنته] معي وأشاحت ببصرها بعيداً. ساعدتُ آخرَ على الهجرة إلى كندا، مؤكدة له أنّ لا مستقبل لرجل موهوب مثله في تورمينا. فذهب إلى تورنتو وكان ناجحاً حقاً.ودعاني عقب ذلك بسنوات قليلة إلى الإقامة معه في ميلانو، حيث يعمل الآن كمستشار اقتصادي في حكومة تورنتو. وقال بينما كنا ندلف إلى سيارته الرائعة " انظروا إلى المكان الذي أوقفنا فيه السيارة." لقد كان بالقرب من لافتة كبيرة تقول " محجوزة بأمر السلطات". أنبهرت بالطبع.في تلك الأثناء كانت ماريا لدى الباب الخلفي تستمتع بقبول الهدايا التي رفضتها أنا لدى الباب الأمامي. كلها عدا اثنتين لم أستطع رفضهما. كانت الأولى بيضة فصح كبيرة من الشيكولاتة. وقد كنا غاية في الاقتصاد في تناولها فظلت معنا لسنوات، وكان لعابنا يسيل لمجرد رؤيتها. الثانية وصلت ويحملها رجلان على إثرهما المانح الفخور. كانت أمفورة رومانية التقطت مؤخراً من خليج نيكسوس، كانت ملأى بعملات بيزنطية من الذهب الخالص وعمرها ألف سنة. وعندما صرّح المانح عرضاً بأنّها ما زالت تحتوي بعض الرمل في القاع. لم أستطع الصبر، فأحضرت أنبوباً لتنظيفها. كانت خالية تماما من العملات للأسف. "لم أكن أعرف أنّك مهتمة بالعملات، كنت سأحضر لك واحدة- بإمكانك استخدامها لصنع خاتم جميل."أرجو ألا أكون قد قلت بأنني أفكر حقاً في قرطين.. يا للرجل المسكين، لقد كلّف نفسه بجلب حامل مصنوع من الحديد للأمفورة. وما زالت تزّين الدرَج.بعد أن قرأت كتاباً عنوانه:رجلٌفي المنزل (كان بطله خادماً إيطالياً نجح في التسلل إلى عواطف، ثم فراش صاحبة المنزل الثرية العازبة، وحصل على ثروتها) أدركت أنّ إحدى المقابلات الغريبة التي بدت كطلب لوظيفة، كانت في الحقيقة محاولة من جانبه لوضع قدمه على أولى عتبات سلم الثروة. كان يوماً بارداً ورطباً ولكنه تفاجأ برؤيتي في الحديقة مرتدية مئزراً وحذاء طويل- مثل الفلاحة- منحنية بكلتا يدي على التراب، أزرع الزهور والسناريا. ولم تكن سيدة في صقلية لتفعل ذلك في تلك الأيام، ومن النادر جداً رؤية إحداهن في موقف صعب كهذا. كان التكلّف في مظهره واضحاً. دخل وهو يرتدي بنطالاً ضيقاً، وكان شعره طويلاً، وكان ذاك يناسبه جداً. كان الشعر داكن اللون ورطباً ويصل حتى الياقة الطويلة لقميصه القرمزي. وقد اكتملت الصورة بوضع قبعة مرتفعة على رأسه بزاوية مائلة على طريقة أعضاء المافيا.عرف بعد لحظة تردد، وعلى الرغم من مظهري،أنّني صاحبة المكان بلا شك، فشرع في إلقاء حديثه المعدّ مسبقاً: " سيدتي، لقد سمعت أنك لؤلؤة، وأرجو أنْ أكون ألماسة بجوار تلك اللؤلؤة."نظرت إليه من أعلى إلى أسفل في نفور. أيمكن أن يكون هذا المخلوق قد أتى من أجل وظيفة؟ كنت أبحث عن طاهٍ، ومساعد عام ولكنّي عزمت على التريّث ولم أعلن عن حوجتي،فسيسعى- إن فعلت- الكثير من الأشخاص غير المرغوب فيهم للحصولعلى الوظيفة، أملاً في السيطرة على السيدة الأجنبية التي يبدو أنّها تعيش بدون رجل يحميها.قلت بحزم: "لا يمكنني اتخاذ قرار الآن، اعطني الاسم والعنوان فربما احتجت إلى خدماتك. في الوقت المناسب سأرسل إليك." "ولكني يا سيدتي لا أستطيع تخيل أن تعطي مكاني لشخص آخر! إن أعطاني البيرجو غراندي بالازو 500.000، لا دعنا نقول 600.000 لما اخترت إلا أنْ اكون الماستك. فهل هنالك إخلاص أشد من هذا؟أخذته فترة من التردد متأثراً بهدوئي وضعف حماستي، ثم كرر طموحه المتحمس للعمل معي، ومعي فقط دون سواي. رجعت إلى زراعتي، وابتعد هو في حزن عبر ممشى الحديقة، وهو يهزّ رأسه تعجّباً من لامنطقية النساء. والآن عندما نلتقي في الطريق، يشيح بنظره بعيداً. من الواضح أنّه عرف أنّهلن يصل إلى آماله في الثروة إن سار باتجاهي., Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi....
اعرض في فيس بوك    
, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi  بيت في صقلية | تأليف: دافني فيليبس | الناشرون: كارول وغراف المحدودة | ترجمة أميمة الزبير | الفصل الرابع- المشاكل/ أصبحت لوكانديرة *******بينما كنت أقوم بتجهيز قصر كوسيني....
اقرأ المزيد ...  بيت في صقلية | تأليف: دافني فيليبس | الناشرون: كارول وغراف المحدودة | ترجمة أميمة الزبير | الفصل الرابع- المشاكل/ أصبحت لوكانديرة *******بينما كنت أقوم بتجهيز قصر كوسيني قبل وصول غايلورد، كنت أقف على سلّمٍ خشبي منهمكة في تنظيف قطعة نقش باروكية رائعة فوق مدفأة الصالة، وصل مبعوث متعجرف من الشرطة إلى الهضبة.قال معلناً إياي وبدون أية مقدمات:" سيدتي، عليك مغادرة البلاد في غضون أربع وعشرين ساعة. لقد انتهت صلاحية إقامتك."كان الأمر غير معقول بطبيعة الحال. عبّرت عن احتجاجي. لديّ أعمال مهمّة لأرعاها هنا. ثم، وبينما كنت أفكر بسرعة، سألت: كيف يمكنني دفع الضرائب العاجلة إن كان عليّ مغادرة البلاد؟" يمكنك الذهاب إلى مالطة، والعودة في اليوم التالي."لكني لا أملك المال ولا الوقت ولا الرغبة في الذهاب إلى مالطة.""إذن عليك الحصول على شهادة طبية تفيد بوجوب إقامتك هنا لدواعٍ صحية."لقد أدركت الآن لِمَ عرض عليّ طبيب خالي إصدار واحدة في أي وقت. "بالطبع، أستطيع الحصول على شهادة، ولكنّي أفضّل البقاء هنا لأسباب حقيقية.""سيدتي، رجاء كوني عاقلة!" لم أعد أعرف من منا ينبغي عليه التعقّل. " ينبغي عليك الحضور ومقابلة المفوّض في الحال."كان المفوض فاشيّاً سابقاً، مثله مثل البقية، وقد اعتاد على الطاعة. بدون نقاش؛ فقد أوعز بكتابة خطاب بشأني لإرساله إلى سلطة عليا- هل هو لوزير الصحة؟ كنت أعاني من روماتويد المفاصل إلى درجة لم أكن معها قادرة على السفر، فسألت بعصبية عما إذا كان شيئاً غير واضح- روماتيزم العضلات ربما؟ " لا يجب أن يكون سبباً قوياً. سيحضر اختصاصي ليتحقق من صحّة الشهادة.""ألا ترى في هذا نوعًا من التعسف؟" سألت، وأنا أعتقد أنّ قدرتي على التأثير لم تعد كافية. "دعي الأمر لي."عليه، بقيت واضطلعت بواجباتي في فندق البارونة والجرذان.في وقت لاحق من فصل الصيف، وعندما كنت قد عدت إلى قصر كوسيني، ظهر لي رجل قويّ، يمسح جبينه، بعد الصعود إلى السطح حيث كنت أحتسي فنجاناً من الشاي. كان يحمل في يده أوراقاً تبدو كمستندات رسمية. نهضت برشاقة وعرضت عليه الجلوس ومشاركتي شرب الشاي. "أشكرك، إنّه للطف كبير منك، ولكنّي أعاني من حموضة المعدة، هل لديكم شيء من بيكربونات الصودا؟"كان له ما أراد، وجلس يحتسي مشروبه بينما كنت أحاول جهدي اختلاس النظر إلى المستندات.قال أخيراً:" أنا اختصاصي جئت لأرى مدى صحّة شهادتك الطبية. وإلى متى ستمتد إقامتك؟تغلبت على إحراجي من عدم إظهار أية أعراض لالتهاب المفاصل، لقد رفعت رأسي وقلت، بملامح جامدة قدر ما أستطيع، " سيدي الطبيب، لقد أفادتني شمس صقلية كثيراً، حتى إنني استطيع الآن الحجز إلى لندن الأسبوع القادم."لم يظهر أيٌّ منا أستغراباً من هذا الأمر. ربما بالنسبة له لم تكن كذلك. وعلى أية حال لم يكلفني الأمر شيئاً.كان التقييم الضريبي كابوساً في حد ذاته. لقد قمت بكل غباء وقلة خبرة بالإقرار بالأرقام الفعلية كما فعلت في إنجلترا. لا يفعل المرء هذا الشيء في صقلية، وكنتيجة لذلك، زادت مصلحة الضرائب الرقم إلى درجة كبيرة. فكان عليّ الدخول في جدل طويل مرهق على أملٍ، ربما عبثاً، أن ينتهي بشكل عادلٍ. كانت هنالك مشكلة خطيرة أخرى تتعلق باسمي. لقد كان من المفاجيء بالنسبة لي، أن يناديني الجميع بالسيدة كيتسوني، أو كنياتها. لأنّهم كانوا في غاية الإخلاص لخالي، حتى إنّهم اعتقدوا اشتراكنا في الاسم. وكنت أقول انطلاقاً من حرصي على الاحتفاظ باسم فيليبس أنّ والدتي كانت من عائلة كيتسون، لكنْ لدي والد بالتالي لم يكن اسمي مثل اسمها." وكانوا ينظرون لي عندئذٍ بمزيد من الدهشة، وعندما تتبدد مشاعر الدهشة بعد فترة صمت قصيرة يقولون: " أها، أجل أجل، سيدتي كيتسوني."فإن كان الاسم صعباً، فقد كانت تهجئته أصعب، وأصبح الأمر أكثر حيرة بإضافة ثلاثة أسماء على الطريقة المسيحية. كان اسم مارجريت سهلاً- فقد كانت هنالك قديسة تحمل الاسم ذاته، وكان اسم دافني وثنياً محضاً، ودفعهم اسم هاوثورن للاستسلام الكامل. ومازلت حتى اليوم أحتفظ ببعض المغلفات المعنونة إليّ باسماء: السيدة رافلين ميتزن، السينيورة. تشيزن دالفن. السيدة دافن بليبيسي. وجاني بيويلبس، وما شابهها. وكان هذا الأمر ذا أهمية خاصة في الوثائق القانونية، فالصقليون لا يحبون الاعتراف بأنّهم لا يعرفون، فيبذلون جهداً شجاعاً، عندما تواجههم صعوبة التمييز بين الاسم الأول واللقب، إذ أنَّ تهجئة اسم فيلبس تحتمل البدء بأي من الحرفين اللاتينيينP أو F، وكيستون، الذي اعتقدوا أنّه كان اسمي، يبدأ بحرف K وهو حرف يندر استخدامه في اللغة الإيطالية، ويتعين على المرء أن يكتبه بحرفي CH في البداية مما يصدر صوتاً يشبه صوت الحرف K، ليجد مخرجاً آمناً من هذا المأزق. بل وصل الأمر أنْ تحول اسمي في إحدى المرات إلى:دابلين فيلبيس الموقر. بدا لي أنَّ الأطفال في المدرسة كانوا يتعلمون حفظ كل شيء إلا الأبجدية. سيؤدي هذا إلى الفوضى في معظم المكاتب، بينما يبحث الموظفون في أكوام الوثائق غير المصنفة أو سيئة التصنيف. حلّت الكارثة عندما فقد محاميّ جميع الأوراق الضرروية التي لا أستطيع التصرف بدونها. وكنت قد استخرجتها من لندن، وكلفتني 90 جنيهاً استرلينياً وقد كانت مبلغاً ضخماً آنذاك. وقد ادَّعى أنّه لم يستلمها- بل الموّقر من فعل ذلك. كان الأخير قد أنكر وشعرت أنّه يقول الحقيقة. وكنت أعلم أنَّ المحامي يذهب إلى مدينة ميشينا كل أسبوع، فجعلت صديقتي المقربّة، زوجته (عرفت أهمية الأصدقاء بسرعة)، تبحث في مكتبه- وفعلا كانت المستندات موجودة هناك. لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً قبل أن أدرك وجود أعداء مجهولين، فقد طرأت بعض المشكلات البسيطة وغير المبررة. وبدأت بالتدريج أشك في علاقتها بكوني إنجليزية ومن شعب يرتبط بآخر عمليات الغزو ضد صقلية. أعتقد أنّه من العدل أنّ جميع الأعداء كانوا بالضرورة من الفاشيين الذين مازالوا يتجرعوّن مرارة الهزيمة. وقد حبس البريطانيون بعضاً من أعيان المدينة بما فيهم العمدة السابق، ورجل كان قد خطب ود والدتي الشابة، قام بملء حذائها ورداً وبنفسج. كان عددٌ منهم قد ائتلف عن طيب خاطر مع النازيين، عندما كانت المدينة تحتضن مقر الجنرال كيسلرينغ. ولم أكن أخفي كرهي للنازية، والفاشيين المتعجرفين، وربما لم يكن من الحكمة إظهار مشاعري للأهالي البسطاء. فقد قابلوني بكثير من الود والدفء، وقد تعاطفت معهم بشدة في نضالهم ضد الفقر والظلم. وربما اعتبِرت بهجتي بمهرجاناتهم المنوعة وعرائسهم ومواكبهم عادية. لقد اعتقدت أنَّ الأغنياء ربما ظنوا أنَّ عقلي كان ملوّثاً بالأفكار الشيوعية...وقد ذهبت إحداهن إلى أبعد من ذلك كثيراً حين اتهمتني باختلاس بعض المال من رسوم تذاكر الدخول للحفل الخيري الذي قمت بتنظيمه في الحديقة لصالح دار المسنين الفقراء. كانت زوجة للعمدة الفاشيّ السابق. اعتبرت معاداتها لي شرفاً. كان التوتر يسود الجو، ولكن تجنب هذا النوع من الأوساط بدا أمراً سهلاً بشكل عام. اضطررت إلى الحياة بدون الاستعانة بخدمة الهاتف لخمسة وعشرين عاماً. وقد أخبرني عدد من ضيوفي أنّ عدم سماع ذلك الرنين المفاجيء كان من أجمل الأشياء في قصر كوسيني. وكان كل من يريد رؤيتي حقاً لا يمانع تكبد عناء الصعود إلى الربوة. ساعدني الموقع على قمة الربوة أيضاً في تمييز المتسوّلين المحتاجين فعلاً من أولئك الذين يجمعون من المال ما يفوق أجرة الرجال العاملين بكدٍّ طوال النهار. كنت دائماً أقدم لهم الخبز والجبن في المرة الأولى. لذلك لا يعود إليّ سوى الجياع، وعندها أعطيهم ماهو أكثر من ذلك. في عام 1948 عندما عدت من إنجلترا بعد أول عطلة امتدت لشهرين، قررت وقتها أنني لن أتحمل حرارة الصيف، وكان من الجميل أن أتواجد في إنجلترا من جديد- وجدت استدعاء للمثول أمام المفوّض. كان هذا يثير فيّ مشاعر التوجس دائماً، إنّه إرهاص لاستدعاء آخر لمقابلة الحاكم الأعلى، على الرغم من أنّه عرضه على صديقي بشأن مسألة الشهادة الطبية، إلا أنَّ اللوائح والقوانين كانت غاية في التعقيد حتى إنّه كان من المستحيل عملياً أن أكون في جانب الصواب طوال الوقت. إن كان لأحد ما عدو، وهو ليس بالأمر الصعب، فالشكاوى من مجهول هي واحدة من المناحي السيئة القليلة للحياة الصقلية، لكنها شائعة الحدوث جداً. دائماً ما يتم الكشف عن شيء ما خاطيء أو مخالف للقوانين. لقد بدأ الحديث بحدة: " سيدتي لقد وردتنا شكوى في حقك حول إدارة فندق بدون ترخيص."لم يخطر على قلبي الإنجليزي أبداً أنَّ علي الحصول على ترخيص. في بلدي إن كان للمرء منزلٌ أكبر من أن يسكنه شخص واحد، يصبح من الطبيعي أن يستقبل ضيوفاً بمقابل مالي، وإن كانت الإيجارات مشتملة في ضريبة الدخل فهو كذلك، على ما أعتقد. هدأ المفوّض قليلاً، وقال إنّه من الممكن لي أن أستقبل ضيوفاً- بل حتى يمكنهم الدفع سراً- ولكني كنت أستقبل عدداً كبيراً منهم، وجميع الفنادق الصغيرة المجاورة كانت تشعر بالغيرة، إذ أنّها لم تحظَ إلا بعدد قليل من العملاء منذ نشوب الحرب. لقد شرحت له أنّ هؤلاء الضيوف كانوا "أصدقاء" لي جاؤوا إلى تورمينا لرؤيتي والاستمتاع بالإقامة في قصر كوسيني. إن لم أكن هنا فزيارتهم غير واردة. أنا لم أكن أسرق عملاء الآخرين على الإطلاق. أعرب لي عن أسفه، ولكنه أعلن عن وجوب استخراج ترخيص. وأشار إلى ضرورة أن أصبح لوكانديرة/مديرة نُزل، وهي أدنى مناصب إدارة الفنادق. سيخفّض هذا من التكاليف إلى أقل درجة ممكنة. فاللوكاندة كانت دائماً جميلة وصغيرة ولها زوار كثر من المسافرين والسياح من الطبقات التجارية الدنيا. ولكني افتتنت بجرس الكلمة الموسيقي، وغولدوني، بمسرحيته المشهورة، لا لوكانديرا، منحت الشخصية شهرتها وجاذبيتها. وقد فضلتها على أية حال على لقبي الآخر غير المتوقع الذي اكتشفته عندما كنت أبحث في سجلات البلدية. هنالك تم تسجيلي بشكل رسمي على أنّي ذات"وضع جيد" [أي مستقلة مادياً- غير صحيح]، خالية من موانع الزواج، بروتستانتية..."وهكذا أصبحت لوكانديرة في عام 1950. وأكبر المزايا تمثلت في المركز الأدنى حيث أنّ الضرائب كانت ضئيلة للغاية., Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi....
اعرض في فيس بوك    
, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi  بيت في صقليةتأليف: دافني فيليبسالناشرون: كارول وغراف المحدودةترجمة أميمة الزبيرالفصل الثالث- البارونة وجوليانو والجرذ---- لا مناص من تأجير المنزل لعدة شهور-على مضض-....
اقرأ المزيد ...  بيت في صقليةتأليف: دافني فيليبسالناشرون: كارول وغراف المحدودةترجمة أميمة الزبيرالفصل الثالث- البارونة وجوليانو والجرذ---- لا مناص من تأجير المنزل لعدة شهور-على مضض- حتى أستطيع دفع رسوم الوفاة. ولم يكن هذا بالأمر السهل في ظروف ما بعد الحرب. وعلى أية حال تصادف وصول غايلورد هوزر-وهو مليونير عصاميّ من كاليفورنيا، هاجر من ألمانيا في الثامنة عشر من عمره واختار اسم غايلورد لإضفاء المزيد من الفخامة عندما يتقدمه لقب "دكتور"- إلى تورمينا مع شريك له وأراد البقاء في المنزل لعدة أشهر. ألّف أثناءها كتابه ""ابق شاباً وعش طويلاً" والذي تصدر مبيعات الكتب في كلٍّ من الولايات المتحدة وبريطانيا معاً. ربما استمد الإلهام من المنزل والمنظر الذي يطلّ عليه. لقد زعم أنّه حصل على لقب "دكتور" لأنّه يعني "معلم" ومن سيكون معلماً إن لم أكن؟- فقد تعلم على يديه بالفعل الكثير من المشاهير والأرستقراط، بل حتى الملوك أصول الأكل الصحي. على الرغم من أنني لم أسمع به من قبل إلا أنّ لديه توصية ممتازة مع مصرفه، وأنا واثقة من أنّه سيحترم تحفي الثمينة ويحافظ عليها. لقد كنت أخشى ألا يكون المنزل بالمستوى المطلوب من الرفاهية والفخامة، لكنّه صمم على المجيء إلى تورمينا وقد كان هو الوحيد الذي يناسبه من حيث المساحة والحجم. وقد استدعى الدكتور هوزر صحافيين من كاليفورنيا في أحد أيام الثلاثاءقبل عدة سنوات مصرّحاً بنيته الزواجمن السيدة غريتا غاربو. وأقسم عليهم أن يحتفظوا بالأمر سراً حتى نهاية المناسبة. للأسف، في يوم الجمعة قررت النجمة الكبيرة أنّها "تتمنى أن تظل وحيدة..." وفي أحد الأيام، أثناء زيارته، كنت متفاجئة لرؤية شرفة ونوافذ غرفة نومي في قصر كوسيني على صفحات إحدى الصحف المحلية مرفقة بمقال بعنوان عريض مفاده أنّ السيدة هاريت براون (الاسم المستعار الذي اشتهرت به جاربو) ستنزل بتلك الغرفة قريباً. وفي شيء من الانشراح توقعتُ تحقيق مكاسب مادية، إن استطعت تأجير السرير الذي نامت عليه.وعلى الرغم من تصريح أهل تورمينا بأنّها لم تأت، إلا أنني لم أكن أبداً على قناعة تامة، فربما كانت حقاً قد اختارت "الوحدة" مرة أخرى. والآن باتت لدي مشكلة: العثور على مكان للإقامة فيه، إذ أصبحت لدي مشاغل وتتطلب وجودي في تورمينا، وتتعلق في الغالب الأعمّ بالضرائب. حالفني الحظ مرة أخرى: تلقيتعرضاً للعمل في وظيفة مديرة لفندق صغير وجميل جداً، اشترته امرأة ألمانية سبعينية، تتميز بالأناقة، والشخصية الساحرة، وأصبحت لاحقاً صديقة ومضيفة الملكة جوليانا. تزوجت أثناء فترة الحرب من مديرها الصقليّ، وهو زوجٌ راضٍ عن نفسه، ويصغرها باثنتي عشر سنة، حتى تستطيع البقاء في صقلية، كونها حاصلة على الجنسية الإيطالية نتيجة لزواجها. كان يدير الفندق بإخلاص، ويعمل بجهد مثله مثل الخدم الذين يعملون في ظروف سيئة ولساعات طويلة لدرجة تحزّ في نفسي. كان أصحاب الفندق يأملون السفر من أجل التغيير والراحة من مشاغل وهموم وإرهاق العمل في تورمينا. وعلى أية حال وحتى آخر لحظة لم يكونوا على يقين بوصول الدولارات الأمريكية المستحقة الدفع في الوقت المناسب قبل عطلتهما من عدمه. ساد في هذه الفترة تقييد شديد على العملات وتصديرها في جميع دول أوربا.وأصبحت حيازة الدولارات أمتيازاً حقيقياً، فهي تعني من أسباب القدرة على السفر. قالت هي: إن وصلت الأموال، سنوكل إليك أعمال إدارة الفندق. وسوف تتقاضين أتعابك بالإضافة إلى نصف الأرباح أياً كانت." " ولكني لا أملك أي قدر من الخبرة. إنك تولينني الكثير من ثقتك وكرمك. أنا أعتقد فعلا أنّ هذا كثير علي." ولكنها أصرّت. ولم أدرك قبل فترة من الزمن أنّهما لم يكونا يتوقعان أية أرباح إذ أنّ جميع عملائهما من الألمان والبريطانيين عانوامن صعوبات في الوصول إلى هذه المدينة البعيدة، بالإضافة إلى شح العملات الأجنبية السائد آنذاك، مما يترتب عليه قصر فترات الزيارة الممكنة على أية حال. حتى إيطاليا لم تزل تعاني من شحّ النقد لدى طبقة أصحاب المهن التي ينتمي إليها السواد الأعظم من عملائهم. وكان قطاع السياحة يتعافى ببطء شديد من آثار الحرب المدمرة. لحسن الحظ ظهرت الأموال الأمريكية، وانتقلت إلى الفندق. افترضت ببراءة أنّ مالكة الفندق ستسلمني جزءاً من ذلك المال، لكنها قالت: " سنأخذ معنا كل المال، ولن نترك لك شيئاً منه. أخشى أنَّ الخزانة فارغة، ولكني آمل أنك ستجدين بعض العملاء قريباً- نحن لا نعرف على وجه التحديد، أليس كذلك؟ والآن يجب عليك أن تعرفي أنَّ كل شيء يعتمد على عميل واحد مهم جداً هو البارون دي ............. إنّه غني جداً. وهو من باليرمو، ولكنّه اضطر لترك قصره هناك بسبب جوليانو العميد. كان هو وزوجته في رعب من أن يصبحا ضحية عملية خطفه التالية. إنّه قائد نادي اليخت، ورجل معروف جداً. وقد كان، الحمد لله، ضيفنا لعدة شهور. لا أعرف ماذا كنا سنفعل لولا الشيكات المنتظمة التي كان يرسلها. ستجدين واحداً منها في الخزانة، لن تكوني قادرة على صرفه قبل أسبوع، والشيك الثاني، لن يكون مستحقاً قبل شهر. لطالما قدم لي الشيكات قبل شهر من موعد السداد، لكنه كان دائماً يحرص على تأخير موعد استحقاق الشيك. ستكونين بخير لفترة من الوقت حالما تحصلين على ذلك المال."كان غوليانو- وهو قاطع طريقفي الجزء الشمالي الغربي من الجزيرة-يشكّل مصدراً للرعب بين الأثرياء، حين كان في نظر الصقليين الأقل حظاً أحد الأبطال العظماء. لقد قطعت وعداً بمعاملة البارون والبارونة بالكثير من الاحترام، وتعهدهما بأقصى قدر من الاهتمام. لن أتمكن من تحمّل نفقات الفندق، أو حتى منصرفاتي الشخصية إن لم أستطع صرف الشيك، بينما كنت أنتظر النثرية التالية، والتي لن تصل قريباً بأية حال. أقمت في مقريّ المريح، وفي وقت وجيز، توطدت علاقتي مع الطاقم الذي يعمل لساعات أطول مما يجب، ويتقاضى أجوراً أقل مما يستحق، وفي الوقت ذاته كسبت صداقة البارون. لقد كان رجلاً صغير الحجم ولطيفاً،ذا بطن منتفخ مثله مثل الصقليين في منتصف العمر.كانت زوجته عفيفة النفس في زهد، على الرغم من بدانتها. كان سلوكهما حسناً. وكنا نتعشى كل ليلة في الحديقة شبه الاستوائية الجميلة بين أشجار النخيل و الخشخاش الطويلة الشاهقة. كانت الطاولات قد صفت من قبل الطاقم أمام النوافذ الفرنسية لقاعة الطعام. أما الخدم فكانوا من كبار السنّإلا أنّهم كانوا أقوياء على العمل لساعات طويلة كما هو واضح. لقد ظلوا بانتظاري لفترة طويلة، ولم أستطع منعهم. فقد جئت من إنجلترا في زمن الحرب، حيث لم نترفع عن أي عملٍ كان، ولكن هنا في صقلية، ما زالت السيدة سيدة ولا ينبغي أن يطلب منها تلويث كفيها بأداء أي عمل وضيع. كانت طاولتي بالقرب من النافذة الفرنسية الواسعة التي تطل على الحديقة من غرفة المعيشة، ولم يمر بها سوى قلة من الضيوف في طريقهم إلى طاولاتهم. اعتاد البارون وزوجته على الخروج للعشاء في وقت متأخر، فتناول الطعام مبكراً ليس من شيم الارستقراط - وبينما كانا يجتازان طاولتي يلقيان علي التحية بإيماءة خفيفة بالراس. وكنت أنحني بدوري لرد تحية المساء"”Bonnasera. كان هذا يتكرر بعد الانتهاء من الوجبة، ما عدا أنني أقول هذه المرة "ليلة سعيدة"[Buona notte]. وكانا يردان تحيتي ويستأنفا المسير إلى مسكنهما المريح- الجناح المحجوز لأفضل الضيوف. في إحدى الأمسيات، كنت قد وصلت إلى المكتب حوالي السادسة لأجد البارون يذرع مدخل البهو جيئة وذهاباً في سرعة واضطراب."أوه، سيدتي. شكراً لله على وصولك أخيراً. إنّه لفظيع، فظيع، والخدم لا يتعاملون معه بجدية. ولكن إن لم يُعالج الأمر، سيتعين علي والبارونة المغادرة على الفور. ليس بوسعنا البقاء. تركنا باليرمو بسبب حالة قلبها- وإنّه لمن الخطر عليها التعرض لضغط الخوف المستمر من غوليانو وعمليات الاختطاف التي يقوم بها. لقد جئنا إلى هنا من بحثاً عن ملاذ آمن من خوفنا الفظيع. ووجدناه هنا على بعد كيلومترات من ذلك الوحش. لقد كنا سعداء ومطمئنين حتى مساء هذا اليوم- لن تصدقي ما أقول- لقد رأيت جرذَيْن ضخمين رماديين، جِرْذَيْن! لقد كان الرجل الصغير يصرخ بصوت أجش. " تلعب الجرذان على الشرفة الملحقةبغرفة نومنا. وقد تتسلل إلى الغرفة في أية لحظة. إن لمحتهما البارونة، فقد تصاب بأزمة قلبية في الحال. لقد قرعت الجرس طلباً للخادم. واستدعيتهم جميعاً، ولكنهم لا يرون أي خطب في وجود الجرذان. وقد ضحكوا في الحقيقة. سيدتي العزيزة، أعلم أنك ستدركين مدى خطورة الأمر، أعرف أنك لن تضحكين. أرجوك، أرجوكافعلي شيئاً في الحال. فنحن لا نريد المغادرة."أنا أيضاً لم أرغب في ذهابهما. ومازالت هنالك ثلاثة أيام قبل أن يتسنى لي الإمساك بذلك الشيك. وعموماً لا يدفع العملاء إلا حينما يغادرون. هل سيطالب البارون بقيمة الشيك كاملة إن غادرا كتعويض على هذا الوضع الكارثي؟ هل سيترك جزءاً منه؟ لقد رسمت على وجهي أوضح تعبير على الاهتمام، وطمأنته بأننا سنتخذ كل التدابير اللازمة الممكنة على الفور. وإن استطاع إبعاد البارونة سأطلب من البستانيّ وضع سُلّم يؤدي إلى الشرفة من الخارج، وإعداد مصيدتين ونوعين من السم في الوقت ذاته على الشرفة المعنية. ولن يكون بمقدورها رؤية شيء في الظلام- وإني آمل، أن لا تسمع أي شيء إذ أنّه حتى في أشد أيام الصيف حراً يميل الصقليون إلى النوم بينما نوافذهم موصدة بإحكام. هدأ البارون نوعاً ما متأثراً بما تكشّف له من تصميمي على معالجة المشكلة. " أعدك بأنَّ البستاني سوف يقوم قبل شروق شمس الغد بإزالة جميع آثار الأفخاخ والسم وأية جثث قد تنتج عن العملية."ضمّ الرجل الصغير كفي بين يديه: " أشكرك، أشكرك سيدتي، كنت واثقاً من أنك ستفهمين.""سيدي البارون، ينبغي عليك أيضاً أن تلعب دورك، وتبعد البارونة عن تلك الشرفة حتى يحل الظلام ويخفي كل شيء.""نعم، نعم، بالفعل سيدتي. أعلم أنّ كل شيء سيكون على ما يرام تحت إشرافك."قمت باستدعاء جميع الطاقم، في محاولة لتخمين ما إذا كان أياً منهم علِم أو قدّر حجم هذه المخاطرة. " ينبغي الشروع في المعركة مع الجرذان قبل أي واجب آخر. ليس من المهم إن تأخر العشاء، أو تأخر جداً. "ينبغي وضع المصائد والسمّ على الشرفة من الخارج حالاً. الأفخاخ " وليس السمّ" أضفت بسرعة، " ينبغي أن توضع في المطبخ، وفي المخازن، ومستودعات اللحوم، وجميع غرف القبو حيث يحتمل أن تبحث الجرذان عن الطعام. إن لم يكن هنالك ما يكفي فعلى سالفاتوري الخروج لشرائها الآن. كما يجب استعارة القطط أو إحضارها في الأماكن التي لا يوضع فيها السمّ. يجب القيام بكل هذا الآنّ".بعد ساعتين جاء البارون مرة أخرى مندفعاً إلى مكتبي. لقد ترك البارونة بعد أن تم احتواء حالتها بعمق، وصبر جميل."أشكرك، أشكرك سيدتي، عرفت أنك ستتصرفين كجميع أهل الريف بهمّة وتفهم." (لقد قابل الريفيين الغزاة مؤخراً.) " سأكون ممتناً لك للأبد. لقد أنقذتِ حياة زوجتي المسكينة. سوف لن أنسى لك ذلك." وأسرع عائداً إلى السيدة. بعد ثلاث ساعات من لقائي بالبارون- كنت جالسة على طاولتي خارج غرفة المعيشة، في شيء من الاسترخاء، وأشعر بأنّ الخطر قد زال. ظهرت البارونة الهادئة المطمئنة يتبعها البارون، الذي غمز بالفعل وهو يمر بي، مع انحنائتهما المعهودة، ثم اتخذا مقعديهما على طاولتهما تحت شجرة نخيل عملاقة: كان جذع الشجرة يصل إلى ارتفاع خمسة أمتار على الأقل، قبل أن يتفرع على هيئة مروحة من الأغصان التي وضع تحتها مصباح خافت يلقي بضوئه على الطاولة تماماً. استأنفت تناول وجبتي. بدأ البارونان عشاءهما، وتبدو عليهما السعادة والاطمئنان. وبعد فترة نظرت في اتجاههما، ثم إلى الأعلى حيث ضوء شجرة النخيل. وارتعدت فزعاً عندما لمحت ما بدا لي كملك حقيقي للجرذان فوقهما مباشرة. كنت أراقب متجمدة في مقعدي بينما يهبط المخلوق ببطء فوق رأسي أهمّ عميلين لي. وسوف يهبط في أية لحظة ربما على حساء البارونة- سوف تصاب بنوبة قلبية، وربما تموت. سيغادر البارون، وسيطالب بالشيك. لم يكن لخيالي حدود. راقبت، وفزعت، بينما كان الحيوان التَّعِس يغير رأيه، ويستدير إلى الخلف. ربما متجهاً ناحية التمر الناضج؟ ومرة أخرى وببطء أعاد الكرة مرة أخرى. أعلى وأسفل وحول الشجرة بعيداً عن الأنظار. كانت ضربات قلبي تتسارع، كما لو أنني سأصاب بأزمة قلبية في أية لحظة. واصلت تناول طعامي وأنا أحاول إظهار اللامبالاة بينما كان الجرذ يتجول إلى أعلى وأسفل ويدور في المكان، ولكنّه لا يزيد على الوصول إلى أكثر من ثلث المسافة باتجاه أسفل الجذع الطويل. وصل البارونان إلى الطبق الرئيسي وأصبت بالرعب من فكرة وصول رائحته إلى الجرذ فتمنحه سبباً للقفز على طاولتهما. ولكن لا، لقد ظلّ في الأعلى. انهيا عشاءهما بكل سعادة، دون وعي بما كنت أراقبه. ما زالت الحلوى بانتظارهما. ثم فجأة حدث شيء لأول مرة على الإطلاق: نهض الزوج والزوجة على أقدامهمابالتزامن. أفسح لهما النُدُل الطريقبإكبار معهود قابله الزوجان بامتنان وشكر. ثم، ألقيا عليَّ التحية بإيماءة من الرأس: " ليلة سعيدة سيدتي." "Buona nette, Signorina"“Buona nette, Signori Baroni”،" ليلة سعيدة سيدي البارون."صعدا الدرج إلى غرفتهما التي آمل أنّها الآن مغلقة بإحكام. هل تم تأمين الشيك الآن؟جلست هناك في حيرة، أتناول فاكهتي وأحتسي قهوتي وأمنّي النفس بالآمال. وبينما كانت الأنوار تطفأ، اختفى الجرذ، إن وُجد، عن الأنظار. وعندما صعدت للطابق العلوي أخيراً، كان البارون بانتظاري. ماذا حدث يا ترى؟ ولكنه بدا ودوداً. تمنيت لو كان بوسعي الاسترخاء. تقدم ماداً يده باتجاهي، ومبتسماً: " سيدتي، هل رأيتِ ما رأيت؟"أومأت بالإيجاب. ربما كان يقصد شيئاً آخر على أية حال. فلم أنتبه أبداً لأنّه كان ينظر للأعلى. ولكنه استطرد:" كان أكبر جرذ رأيته على الإطلاق هناك على شجرة النخيل، فوق رؤوسنا. وكان ليقفز في أية لحظة فوق طاولتنا. لم أرد أن أدع البارونة تشك بالأمر. لقد كان علينا إنهاء طعامنا. ولكن قبل الفاكهة، قلت أني شعرت بالإعياء- بسبب الحر ربما. فغادرنا قبل أن تنزل الكارثة. لم تكن تعرف شيئاً، ولا يسعني أن أشكرك بما يكفي لاهتمامك الكبير وعطفك. أنا متأكد من أنّك اتخذت جميع الإجراءات حتى لا نغادر. وسوف لن يطلع فجر الغد على ذلك الشيطان حياً. أشكرك، أشكرك، أشكرك."في هذه المرة تصافحت أيدينا الأربعة ونحن نتنفس الصعداء. بعد ثلاثة أيام، حصلت على الشيك، ومنحني البارون السعيد واحداً آخر. في صمت وجهت شكري للقديس جورجيو، والقديس الفيو، وجميع أولياء الله صقلية لوقوفهم إلى جانبي- هذه المرة..لدى عودتها، قالت الألمانية: إنَّ الجميع قد أحبّك، إلا البارون فقد وقع في غرامك حتى الثمالة." لم أخبرها عن السبب. فهو أبعد ما يكون عن الرومانسية. الجرذان!, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi....
اعرض في فيس بوك    
, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi  بيت في صقلية| تأليف: دافني فيليبس| الناشرون: كارول وغراف المحدودة| ترجمة: أميمة الزبير|الفصل الثاني- قرار الإقامة***** عدنا إلى لندن وما زالت في تقشف سادها فترة ما بعد....
اقرأ المزيد ...  بيت في صقلية| تأليف: دافني فيليبس| الناشرون: كارول وغراف المحدودة| ترجمة: أميمة الزبير|الفصل الثاني- قرار الإقامة***** عدنا إلى لندن وما زالت في تقشف سادها فترة ما بعد الحرب. ووصلتُ إلى قرار بأنْ أحاول التخلص من جميع الالتزامات العملية عدا المؤقتة حتى الانتهاء من مسألة بيع قصر كوسيني. ولم أكد أفعل حتى عرفت بترشيحي لوظيفة في الجيش الألمانيّ، في مجال تنظيم المساعدة النفسية الاجتماعية للعائلات البريطانية المقيمة في ألمانيا. ألمانيا أم صقلية؟ إنّه اجتماع الشتيتين والتقاء الضدين، قهر وكآبة إحداهما المريرة، ودفء وحميمية الأخرى. بيد أنَّ هذا لم يبدد الشعور غير المبرر بالذنب إزاء السفر إلى كاليفورنيا أثناء الحرب. كنت أشعر أنّ من واجبي معرفة المزيد عن ماهو متوقع مني فعله قبل اتخاذ أي قرار. لقد قررتأن أرفض- كنت أحبّ التفكير على أسس سليمة- ، فأنا لا أعتقد بأنَّتقديم محاضرات أمام جمع من الآباء المصابين بالقلق يعتبر مساعدة كافية. فهم قد يميلون إلى تجزئة ما يقال وتحريفهليلائم أهواءهموأفكارهم المسبقة. كنت أفضّل التواصل مع مجموعات النقاش الصغيرة التي ربما ساهم أفرادها في نشر الأفكار في المجتمع. وهذا ما حاولت فعله ولو بقدر ضئيل في صقلية، أنْ أغرس بعض البذور. تصادف في ذلك الصيف انعقاد جلسات المؤتمر العالمي الأول حول الصحة العقلية في مدينة لندن، بمشاركة ما يزيد على 2000 عضو. التقيت أثناءهامديرتي السابقة في مجال إرشاد الطفل. الدكتورة كيت فريدلاندر. وكانت قد وعدتني بفرصة مفتوحة للعمل ضمن فريقها في أي وقت إن أردت العودة من صقلية. الشيء الذي أدهشني أنّها بدت تتذكرني بالكاد. وعرفت بعد أشهر أنّ سرطان الرئة الذي أصيبت به كان قد امتد إلى الدماغ(عُرفت بتدخين السجائر تتابعياً، بيد أنَّصلة التدخينبالسرطان لم تكن معروفة آنذاك)، وقد توفيت كيت بعد المؤتمر بفترة قصيرة. أذكر أنّ قراري لترك المهنة أصبح أكثر سهولة بعد وفاتها. فأنا لم استطع تخيل أنَّ لأي شخص آخر القدرة على بث روح المرح في أعضاء الفريق العامل تحت إدارته مثلها، ولا أن يكون مصدراً للإلهام كما كانت وهي معلمة.قامت الحكومة في عام 1949 أخيراً بتخصيص منحة نثرية سائح تبلغ 35 جنيهاً في العام. وبموافقة عمتي اقترحت على عددٍ من أصدقائي الذين كانوا في الغالب من المؤلفين والرسامين ممن تسمح مهنهم بالعمل عن بعد، والحاصلين على النثرية ذاتها، تجميع أموالنا في صندوق مشترك، والذهاب للعيش في منزل جميل حتى ينفذ ذاك المال، أو يباع المنزل. وهكذا بدأ الأمر برمته. سرعان ما لاح بصيص أمل بإنقاذ ملكيتنا لقصر كوسيني. كان أخي وأحد زملائه التنفيذيين لم يتوقفا عن نشر الإعلانات للمنزل في لندن، ونيويورك وباريس آنذاك، ولكن دون أن يظهر له مشترٍ واحدٍ. ويعزى هذا لعدم استقرار الأوضاع السياسية في إيطاليا. وهكذاتخليت عن أية فكرة للعثور على مشترٍ إيطالي مناسب. وقررتحينهاالاستمتاع بالمنزل طالما هو في يدي بدلاً عن الانتظار حتى يباع.لحسن الحظ، وصلت أنباء خططي المؤقتة لأسماع جوليان تريفيليان، الرسام، الذي تربط عائلته بمدينة تورمينا وشائج تأريخية، إذ كانت تورمينا هي المدينة لتي التقى فيها والداه، في منزل فلورنسا تريفيليان إحدى قريباته، (وأول مقيمة إنجليزية هناك في أواخر القرن التاسع عشر)، عندما توقف ليقلّ اثنين من أصدقائه الرسامينفي أحد أيام لندن المطيرة، فأخبرهما عن قصر كوسيني، وسرعان ما تحدثنا في الأمر، ولحقا بي هناك في بداية ربيع عام 1949. ولم يتأخر جوليان عن الوصول في أعقابهما، ومعه ماري فيدن وقريبتها بيدي كوك اللتان وصلتا في سيارة جوليان القديمة من نوع هيلمان.كنا ستة، وعشنا على نحو بسيط للغاية. استيقظنا في الثامن من شهر مارس لنجد الثلج، يتراكم بسمك يصل إلى عدة بوصات. وهتفتُ وقد بدأ للتو في الذوبان تحت أشعة الشمس الدافئة: " بسرعةّ" "ارسموه! إنّهم يقولون إنَّ هذا الأمر يحدث مرة كل أربعين سنة. ستبيعون ما رسمتم وتربحون." وكان هذا ما حدث، وأصبح بالإمكان إطالة أمد إقامتنا في المنزل. زاد دخلنا مع وصول المزيد من الأصدقاء، ثم وبعد طول انتظار، حصلت على أموال عمي من المصرف. ما زلت أتساءل الآن، كيف يمكنني فعل ما ظنه عمي مستحيلاً، إذ أنّه قال: إنَّ هذا البيت يأكل المال مثلما تأكل النار الحطب. استعلمت عن تمويل الأوقاف الذي ربما يتسنى لي معه تحويل المنزل إلى مركز للكتّاب والفنانين على غرار المراكز التي رأيتها في الولايات المتحدة. ولكن مع ضيوف أول عام أدركت أنّ هذا ما يحدث بالفعل وتلقائياً. بدأت أؤمن بأنّ في مقدوري تدبير الأمربما يدفعه الضيوف من مال، وبالتالي تبقى إدارة المنزل في يدي بدلاً عن تفويض لجنة للقيام بذلك. وبالقدر ذاته كانت نقطة تحوّل وقفزة باتجاه المجهول، في حين لم تكن الأوضاع مطمئنة في صقلية.لقد كان عمي مجازفاً في عالم مختلف جداً؛ ولكن أحواله كانت جيدة، على خلاف حالي.لكنّي كنت مستقلّة دائماً واستمتع بالمفاجآت، والتي لم تخل منها الحياة في صقلية بكل تأكيد. كانت الحياة العادية المستقرة تصيبني بالملل. تعودت أنْ أدرس مزايا وتبعات كل قرار بعناية: سأفتقد الحياة في لندن، والمتاحف، والمسارح، والحفلات، والاستقرار النسبي للنظم البريطانية الديمقراطية والقانونية. وربما اقتلعت نفسي من عائلتي الممتدة الكبيرة، وأصدقائي، ومهنتي. لكني سأنعم بثراء صقلية المتنوع: التأريخ، الآثار، البراكين، الفنون الشعبية، النباتات، وما إلى ذلك، بالإضافة إلى المناخ الريفي وذلك البيت السحريّ.بدأت أدرس المباديء التي سأسترشد بها في هذه المغامرة المجهولة. أولاً، لا ينبغي علي التورط في قروض تحت أي ظرف، حالما يتم تسديد رواتب العاملين ورسوم التركة. سأجعل الصقليين يدركون أني كنت غاية في الانضباط والدقة في تعاملاتي المالية معهم، بخلاف الكثير من الأثرياء، وأني وفية بعهودي. ثانياً: سوف لن أقوم برهن المبنى: لقد رأيت مدى كارثية هذا التصرف بالفعل، والعكس بالعكس، سوف لن أقرض أي شخص: فإعطاء المال دون مقابل أكثر حكمة من الإدانة إن كنت أستطيع،لكنْ فرص إمكانية ذلك لا تبدو كبيرة. لقد حذّرني أحد أقاربي من عائلة فيلبس بما يكفي، والذي يعيش هو الآخر في تورمينا: " أي شخص، العمدة، القمّص، الجيران، جميعهم حاولوا الاستدانة مني. وكنت دائماً أرفض. فيقولون:" لكنك رجل ثريّ." "نعم، وهل تعلمون لماذا؟ لأنني لا أقبل أبداً إعارة المال لمن هم مثلك!" وأخيراً لا يجدر بي الزواج من إيطاليّ. لقد تغير القانون الآن- ولكن في ذلك الوقت كانت ملكية المرأة تؤول بالكامل إلى زوجها بما في ذلك أطفالها. تتمتع المرأة الإيطالية المعاصرة الآن بجميع مزايا المرأة البريطانية، وربما أكثر. حتى في ذلك الوقت، شعرت بالسعادة لأني لم أترك بلدي كراهة فيه، ولا رفضاً للتطورات التي كانت تحدث هناك. ما زلت أشعر بأني إنجليزية حتى النخاع، كما كان عمي. الشمس والكسل لا يجلبان السعادة على المدى الطويل: لقد كانت لديه رسوماته، واهتمامه الأصيل بأهل البلدة. وكان علي في عدة مناسبات أنّ أكون طاهية، وبستانيّة، ومنجّدة، وناسخة على الآلة الكاتبة، وكهربائية، وعاملة طلاء للمنزل، وسبّاكة، ومترجمة فورية ودليل سياحي للضرورة المحضة، وضيق ذات اليد. وفوق كل هذا وذاك كنت مضيفة لأنواع شتى من الضيوف، ومنهم من ساعدني من خلال تخصصاتهم المختلفة. كان لديّ الكثير لأتعلمه., Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi....
اعرض في فيس بوك    
, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi  بيت في صقلية | تأليف: دافني فيليبس | الناشرون: كارول وغراف المحدودة | ترجمة أميمة الزبير | الفصل الأول- الشهور الأولى**********غادرنا فكتوريا في أول أسبوع من شهر فبراير عام....
اقرأ المزيد ...  بيت في صقلية | تأليف: دافني فيليبس | الناشرون: كارول وغراف المحدودة | ترجمة أميمة الزبير | الفصل الأول- الشهور الأولى**********غادرنا فكتوريا في أول أسبوع من شهر فبراير عام 1948، في يوم بارد سماؤه رمادية ترسل زخات لطيفة من المطر الخفيف. كانت إيفا جيبس هي رفيقتي في الطريق، ما أسعده من حظ وأيمنه من طالع. لقد كانت في فترة نقاهة من وعكة ألمت بها، ونصحها الأطباء بالراحة الكاملة. كانت تبدو في نظر الرجال الصقليين الذين لم يروا النساء العاملات من قبل، أكثر من مجرد فاتنة داكنة العينين. لقد كانت في الحقيقة المرأة الوحيدة في فريق مهني منتدب للولايات المتحدة عقب الحرب ليواكب آخر مستجدات إدارة العاملين وغيرها من شؤون العمل. لقد ترأست أيضاً عملية التدريب في شركة جون لويس الكبرى. ولم يؤخذ عليها سوى قلة معرفتها باللغة الإيطالية التي كنت أجيدها أكثر. عندما وصلنا إلى مدينة كاليه، كان المطر ما زال منهمراً، ولم يتوقف إلا بعد أن تركنا سويسرا وراءنا، حيث السماء الزرقاء والشمس المشرقة، بينما كنا في نهاية النفق الذي يمر من تحت جبال الألب. هاهم الإيطاليون، في أعقاب الحرب الطاحنة التي خاضوها، تكلل ملامحَهم مظاهرُ الشحوب والجوع والنصب، عدا المضيف الناعس الذي قال إنّه سيؤخرنا للنهاية " لأننا لن نغضب وعلى وجوهنا تلك الابتسامات الجميلة". لقد طفق يدهشنا بقصص شقية عن ركّاب آخرين، لم يأل جهداً في إظهار رغبته الشديدة في قضاء الليلة معنا. ولكنا كنا حاسمتين: فهذه هي المرة الأولى التي نلتقي فيها ببغاء إيطالي. تلقينا في القطار التالي بعد روما أول عرض للزواج من بين عدة عروض. كانت السيدات الأجنبيات يعتبرن ثريّات بدون استثناء، على ندرتهن وتباعد زياراتهن. بيد أنّ الأمر كان دوماً يستحق المحاولة. لقد أمضيت الليلة وأوراقي الثمينة، التي قام الملحق القانوني في لندن بتحضيرها من أجلي، ترقد تحت وسادتي. بدونها لا يسمح لي بدخول دار كوسيني حتى. تم تقسيم القطار على المضائق وألقيت القطع واحدة واحدة على باخرة في طريقها إلى مسينا في صقلية. وهناك- في مسينا- ارتديت زياً أسود اللون. لم تمض سوى خمسة أشهر على وفاة خالي، ولم أرتد زي الحداد بعد، بيد أني شعرت بالراحة لارتدائي السواد في الوقت المناسب، فظهوري بالملابس العادية كان سيؤدي إلى كارثة منذ البداية، ولصُدم الجميع بشدة. لقد كانت الفترة المناسبة للحداد على الخال لا تقل عن خمسة أعوام، وعشرة للوالدين، أما الزوج فلا ينتهي الحداد عليه إلا بالموت. لم تكن هنالك نساء كثيرات فوق العشرين يرتدين ملابس ملونة. إنني سوف لن أنسى ما نسيت شعوري عند الوصول إلى صقلية. كانت السماء في أشد زرقتها، كما كان البحر يتلألأ من جانب القطار حتى الجانب الآخر حيث الجبال وحقول الليمون والبرتقال. الشمس ساطعة، والجو حار هذه الأيام، وكان يصعب على الأشخاص الذين يتمتعون بحرية السفر إدراك ما نشعر به من شدة الحماس وحس الحرية بعد سنوات من التقييد في إنجلترا نتيجة ظروف الحرب، وصدى العبارة: " هل رحلتك ضرورية حقاً؟" لا يكاد يغيب عن آذاننا. انتقلنا في غمرة دهشتنا مسرعين من أحد جوانب العربة إلى الأخرى، كان الأمر أكبر من طاقتنا على الاحتمال بعد كل السنوات التي عشناها بين مطرقة الحرب وسندان الرتابة والملل. وفي تورمينا ألفينا صديق خالي الصدوق دون كارلو في استقبالنا، فقدم لنا وجبة العشاء في فندق عائلته. وبعد الوجبة، التي كانت مترفة مقارنة مع ما كان يسمح لنا به القانون في إنجلترا، ذهبنا إلى منزل القاضي، كانت أوراقي في يدي. وضع عليها القاضي الختم ثم أرسل معنا أحد موظفيه إلى دار كوسيني لمساعدتنا على كسر الأقفال التي وضعها القنصل البريطاني ومجلس المدينة على جميع الأبواب فور انتهاء مراسم جنازة خالي. لدى مدخل القصر اجتمع حشد صغير من الخدم وعائلاتهم تتشح ملابسهم جميعاً بالسواد. قبّلوا كفي واحداً بعد الآخر. كان بونيري، الذي عمل بستانيّا في القصر لأكثر من خمسة وثلاثين عاماً، صامتاً وحزيناً. ويبدو أنّه كان منهمكاً في العمل قبل وصولي، فقد كانت الحديقة تزخر بزهور الفريسيا، والسناريا، والورود، والكرم، وزهرة نجم المروج، وحتى زهور البتونيا، وفوق كل ذا وذاك كانت شجيرات اللوز مزهرة. كان المكان يعبق بالأريج تحت شمس الربيع الدافئة. كان توريدو، الخادم والسائق، بسنوات خدمته الثلاثين، كان كما أذكره، بذات الحماسة والاعتداد بالنفس، يؤكد مرارا وتكراراً على إخلاصه (المشكوك به) لعائلتي. وكان من اللطيف أن يحضر دون كارلو معه ابن اخيه المتحدث بالإنجليزية والذي كان في وقت ما ضابط اتصال بالقوات الجوية الملكية. كان وصف توريدو لحادثة عثوره على خالي ميتاً في فراشه مفصّلاً لدرجة مؤلمة. وكانت تبدو عليه مظاهر النعمة والبدانة، أما زوجته وأطفاله فمن الواضح أنّهم عانوا من الجوع أثناء الحرب. ماريا، الطاهية، عملت لدى خالي لسبعة وأربعين عاماً، منذ أن كانت في السادسة عشرة من عمرها، ولم تكن لتُرى. شهدت بناء المنزل والحديقة منذ البداية، واكتسبت مكانة خاصة في عائلتنا.لقد وجدتها تنتظر في وقار، وتنهمر الدموع من عينيها، في شرفة أمام المنزل. كان استقبالها بارداً بينما كانت تقبّل كفي. وقالت إنّها ظنت أنني أختي الكبرى، إذ أنني لم أزر المكان سوى مرة واحدة من قبل، بخلاف أختي التي كانت تتردد على المنزل باستمرار في الفترة الأخيرة. كثير من النساء يسعدن بالعمل مع رجل، ولكنهن يكرهن العمل "تحت إشراف" واحدة من جنسهن. ما تلقيته من تدريب في علم النفس كان عوناً لي، عندما أصبحت سيدة المنزل المزعومة. تركت لها أمر الاهتمام بشؤون المطبخ. ولم أطأ مملكتها حتى دعتني بنفسها في أحد الأيام، بعد ثلاثة أشهر. في اليوم التالي تحدثت إليّ باللغة الصقلية كما كانت تفعل دائماً مع دون روبيرتو. علمت أنَّ المعركة انتهت بالفوز. كانت ماريا فلاحة أميّة، صارمة وبدينة، يعتمد جسدها الضخم على ساقين متورمتين بشكل يدعو للقلق. وتتميز بدهاء شديد، وإن أرادت لجعلت حياتي في كوسيني عبئاً ثقيلاً. كانت تحبّ دون روبيرتو حد العبادة، فقد كان حتى الآن الرجل الأهم في حياتها. في أحد الأيام-وبعد ثلاثين عاماً من خدمته قدمت له فيها وجبة الإفطار في الثامنة صباحاً-تأخرت وجبة الإفطار دقائق قليلة عن موعدها المعتاد. وكانت ماريا ترتدي أجمل ملابسها على غير العادة. " لِمَ التأخير يا ماريا؟" أجابت بنبرة مضطربة، " سيدي، لقد تزوجت هذا الصباح" ثم أردفت " ولكني وفُقت بترتيبه في أنسب وقت بالنسبة لكم- كان عليها استشارته مسبقاً. بيد أنّ الماكرة عرفت أنّها لو فعلت لما تزوجت، لأنّه لن يرضى بذلك أبداً. تبين أنّ زوجها كان قريباً لها، في حاجة لمدبرة منزل بعد وفاة والدته، فتزوج بهدف تسوية خلافٍ ما على الحدود. ظلت ماريا في بيت كوسيني، بينما أُرسل زوجها-دون ليو- إلى الريف للإشراف على عقارها الجبليّ والمحافظة عليه، وكان يقيم معها فقط في غياب دون روبيرتو، وكان كلٌ من ماريا وزوجها من رعاة قصر كوسيني الحادبين، وكان زواجهما صفقة رابحة للجميع. كان بوريني البستانيّ في نحافة الجسم ودقته يباري ماريا في بسطة جسمها وضخامته. كان مثلها أميّا. وكان لطيفاً وذا قناعة، وفلاحاً شديد التعلّق بعائلته، وبيته الجبلي الصغير، وحديقته التي كان يحبّها. المحزن في الأمر أنَّ بصره ذهب شيئاً فشيئاً. كان تباينه وماريا رائعاً: بخلافها في فترة الحرب كان يعمل لصالح الإيطاليين بشكل دائم، ثم مع الألمان وبعدهم البريطانيين الذين احتلوا قصر كوسيني. بينما ماريا- التي لم تخف مشاعرها حيال دون روبيرترو- كان يشتبه في أنّها عدو يتعاطف مع الحلفاء. ولهذا أبعدها الألمان لفترة ثلاث سنوات. لم يجد بونيري صعوبة في توجيه إخلاصه ناحيتي. كان توريدو مختلفاً جداً عن رفيقيه الآخرين. لقد كان واحداً من أوائل الفاشيين في تورمينا، إذ انجذب في براءة كالأطفال إلى الفرق الموسيقية والرايات- ولكن عالمه تهاوى عندما تكشف له الأمر عن ضرورة مشاركته في القتال في ابيسينيا. سرعان ما حصل على شهادة طبية: وهي ليست بالأمر الصعب إن كان لديك معرفة بالأشخاص المناسبين. وقد تمثلت واحدة من مشاكلنا معه في أنّه كان يعرف عن الحياة الصقلية أكثر مما كنا نفعل، وكان يسيء فهم هذا الشيء معتبراً إياه من مناقب الرجال على النساء بشكل عام. كان مستوى إجادتي للغة الإيطالية لا يزيد كثيراً عن مستوى إيفا. أما هو الذي لم يعالج لغة أجنبية من قبل، فجاهلٌ تماماً بالصعوبات التي تحف بعمليةتعلّم لغة جديدة، في وقت كنَّا مشغولين فيه بمشاكل آخرى. ومثل معظم الصقليين لم يسبق له اللقاء بنساء عاملات- فقد بدأت النساء في صقلية الدخول إلى سوق العمل بالكاد في 1948. ولم يك يظن أنَّ لدينا أدمغة خاصة بنا. يا ويحي، لم يكن مناسباً حتى لخدمة النساء. ولقد كان دون روبيرتو يتحمله لانبهاره بدراميته الفظيعة، وتأثراً بإخلاصه وتفانيه، حتى اكتسب بالتدريج عداء موسليني للإنجليز. عبّر خالي الغاضب عن تعجبه منه بقوله: " إن كنت تشعر بهذا حيال الإنجليز، فينبغي ألا تعمل مع رجل إنجليزي. إنك مفصول!" حدث هذا بعد خمسة وعشرين عاماً من الخدمة. فغاب يوماً أو اثنين متأثراً، وكان توريدو يعود نادماً، وربما معتذراً، حتى الانفجار التالي والفصل. إنّها لعبة ما يمارسونها لكني لم أكن أتقنها. كان دخولي المنزل من أول يوم بفضل إخلاص الجميع لخالي دون روبيرتو- وقد كان أمراً يعد من المستحيلات بحسب ما صرح به واحد من أبرز المقيمين الإنجليز، مع نصيحة بقضاء الليلة في فندق فخم، سان دومينيكو. والتي تصل تكلفتها إلى نصف نثريتنا الشحيحة أصلا. في تلك الأمسية، دخلت ماريا إلى المطبخ المهجور حيناً وأعدت لنا عشاءً من خمسة أطباق، بينما تولى توريدو وزوجته أمر غرف النوم التي كانت في يوم من الأيام لجدتي ووصيفتها. في هذه الأثناء كان عليَّ توقيع عدد من المستندات لتسلُّم المسؤولية الشخصية عن المنزل ومحتوياته. وقد أخبرني عدة أشخاص لم أتعرف عليهم أنّ دون روبيرتو كان يعتبر ابنهم أو ابنتهم أو حفيدهم أو حفيدتهم وغيرهم من الأقارب كأنه تبناهم بنفسه. كان من الواضح أنهم يأملون في توطيد علاقاتهم بي بتقبيلهم إياي في الخدين. لكن هذا لم يحدث.حدث ما توقعته تماماً، وأخطرت بنك إنجلترا، لقد كانت الشهور القليلة التالية أبعد ما تكون عن الإجازة. لقد كانت حافلة بالإرهاق والحيرة، وتضمنت ساعات طويلة من التركيز الشديد بينما كنت أعالج بعض المسائل القانونية المعقدة، بلغتي الإيطالية الضعفية. لقد ناضلت حتى أفهم ما كان يقوله محاميّ، كاتب العدل (وهو شيخ هرم، كان علينا مخاطبته بلقب الموقّر)، محاوِلةً جهدي ألا أقول "نعم" عندما أعني "لا"، وفوق كل هذا وذاك كنت أحاول تجنب وضع إمضائي في غير موضعه الصحيح. " لك أن تثقي بالناس إن أحببتِ ذلك، ولكن من الأفضل ألا تفعلي" قال دون كارلو محذّراً. لقد أصبح الآن يدعو نفسه خالي. بعد ذلك كان عليَّ استلام أوراق خالية وطُلب مني التوقيع عليها، فأخبرتهم أنّ والدي كان محامياً وأنّه حذرني في عمر مبكر من توقيع أي شيء قبل قراءته. كان دون كارلو هو من اختار لي المحامي، قد أخبرني أنّه كان غنياً، وأكثر عازبي تورمينا تأهيلاً، وأنّه سيصبح القاضي التالي لا محالة. لقد كان في أشد حالات حداده على عم له توفي وقت وفاة خالي تقريباً، ولكني كنت قد عدت لارتداء الألوان مرة أخرى، أقنعناهم، كما آمل، بأننا نعتقد أنَّ الحداد والحزن مكانه القلب ولا تعبر عنه الثياب. كان مظهر المحامي الكئيب بشكل عام منسجماً مع سواد شعره الفاحم وعينيه وشاربيه. حياني بانحناءة، وقبّل كفي، وقال: سيدتي، إن لم أكن كذلك، لطلبت إليك الخروج معي." قال هذا مشيرا بيديه على اتساعهما. لابد أنّها كانت نجاة بأعجوبة، أو هكذا شعرت. أتى خمسة من الشهود إلى المنزل، أعطوني اسماءهم، واسماء آبائهم وتواريخ الميلاد، ثم تم تحضيرهم، كما بدا الأمر، للقسم بأنَّ الأسود أبيض- أو أي شيء آخر قد يكون في مصلحتي- لحسن الحظ. طلبت من إيفا أن تتنكر بقدر ما تستطيع لتخفي ملامحها (كانت جاذبيتها أكثر من اللازم، لا سيما وسط مجموعة من الرجال الصقليين)، وجلسنا نراقب وجوههم وإيماءاتهم، بينما كنت أحاول التركيز على اللغة، وتجنب اتخاذ أي قرار مهم حتى يتسنى لي ولها الوقت الكافي لمقارنة الملاحظات. كانت إحدى الصعوبات الكبيرة تتمثل في رفض مدير بنك صقلية قبول وثائقيالتي من شأنها أن تسمح لي بالتصرف في أموال خالي التي تركها في حسابه بعد تفكير، مفترضاً أنني سأستطيع سحبها في أي وقت. لقد كان المدير في البداية مصراً على وجود ختم خاص ناقص، ثم الحصول على توقيع من روما، ثم ختم من لندن، وهلم جراً. ولمندرك قبل مرور الوقت بأنّ المحتال كان يود شراء الحديقة الأمامية ليبني لنفسه بيتاً على موقع يكاد يعتبر الآن مركزياً. لقد ظن أنّه عندما يبقيني في شح من النقد سأضطر إلى البيع بسعر زهيد. لقد حاول أيضاً بيع بعض لوحات خالي بأسعار بخسة للغاية. لقد سمحت له بأخذ واحدة كعربون مودة، ولكنها لم تجد نفعاً. فالحظر لم ينته. اكتملت –ببطء- إجراءات إثبات قانونية وصية خالي الإنجليزي، والتوكيل الذي منحته إياي عمتي لتمثيلها والتصرف بالإنابة عنها. أصبحت بعدها – يا للعجب- موكلها العام. وأعتقد أنِّ أول الأشياء البسيطة التي يجب أن أبدأ بها هي تثمين المنزل ومحتوياته: كان محاميّ الإنجليزي قد طلب إتمام هذا الأمر بأسرع ما يمكن. وقيل لي إنّه ليس هنالك مقيّم أمين أو لا. بدا لي هذا الشيء غريباً، لكن ليس بيدي شيء آخر، فما عساي فاعلة؟ "بوسعك طلب ذلك من صانع الخزانات."لا أعتقد أبداً أنَّ سلطات التوثيق الإنجليزية ستقبل تثمينه للوحات والخزف والتحف الآخرى. لكن عليهم ذلك. لم تتجاوز تقديرات صانع الخزانات الإجمالية مبلغ 500 جنيهاً استرلينياً. لكن عندما رأى المحامي ذلك تعجب. " لا يمكنك إرسال هذا، ستهلكينّ!" وقام بتقليل المبلغ إلى 250 جنيهاً استرلينياً. وجدت نفسي في موقع سخيف وأنا أعمل في الاتجاه المعاكس محاولة رفع المبالغ. " ألا ترى يا حضرة المحامي، أننا إن كنا نريد نقل هذه الأشياء إلى إنجلترا سنواجه بصرامة ضباط الجمارك. لابد من التصريح بقيمة معقولة. " أعرف أنَّ تلك التقييمات التوثيقية مخفضة أصلاً، لكن مع ذلك قد لا تجد هذه الـ 250 قبولاً حتى. في النهاية، وبعد عدة شهور، قررت أنّه ربما عليَّ الإقامة وإبقاء الممتلكات هنا، لم تعد هنالك مشكلة، ولكن ليس قبل أن أنجح في رفع الرقم مرة أخرى إلى 500 جنيه. كان هنالك نذير احتمال بأنَّ صلاحية بوالص التأمين الخاصة بدون روبيرتو قد قاربت على الانتهاء، وإن كانت كذلك فإنني لا أتخيل كيف سأتمكن من دفع قيمة التجديد في ظل الضائقة المادية الراهنة. طلبت من دون كارلو أن يريني إياها. أجابني: " لا نملك أياً منها".لا يمكن أن يكون هذا صحيحاً. لقد كان دون روبيرتو رجلاً إنجليزياً، من يورشاير، وبالطبع سيكون لديه تأمين، الجميع لديهم تأمين." لم يكن كذلك أبداً"بدا الأمر بالكاد ممكناً، لكن عليَّ تصديقه. على أية حال، وأثناء بحثي في الأوراق، وجدت ثلاثة بوالص تأمين ضخمة تشمل كل شيء. فأخرجتها بسعادة المنتصر: " إنها موجودة، كنت أعرف ذلك!"انظري للتواريخ، سيدتي"فعلت ذلك. كان الأمر لا يصدق، إنها تعود للأعوام 1941، 1942، و1943، إبان الاحتلال الألماني. وبشمولية تيوتونية لم تغفل ذكر شيء. لم يعرفوا أنَّ الإنسان الإنجليزي اكتشف قبل عدة سنوات: أنَّ بإمكان المرء الدفع على دفعات تناسبه، ولكن دفع مطالبة ما بواسطة شركة إيطالية كانت طويلة ومكلفة وغير محددة. عليه فقد قرر أن يتحمل المسؤولية بنفسه، مثل معظم الصقليين. على الرغم من دهشتي الأصلية فقد حذوت حذو دون روبرت، وحتى تلك اللحظة- المس الخشب كما نفعل نحن والحديد كما يقول الطليان- لم أندم على ذلك. أشار عليَّ صديق أنَّ الألمان عندما أخذوا البوالص لم يكونوا واثقين من الانتصار في الحرب، حتى إنّهم كانوا يعتقدون أنّهم يقومون بحماية ما يخالونه ملكاً خالصاً لهم. كان النضال لمعرفة اللغة يتداعى، عندما بدأت الدراسة بعد أيام طويلة من مقابلة كل أنواع الضيوف الذين كان يدفعهم للترحيب بابنة أخ خالي حِسٌ أصيل بالواجب. كانت الزيارات القصيرة لا تعتبر عندهم من قبيل التهذيب، بالتالي كانوا يطيلون الزيارة إلى درجة مزعجة. في النهاية كانوا يقولون " سيدتي، لقد بات عليَّ أن أعفيكم من إزعاجي وأغادر" وهي العبارة التي تعلمت أنَّ بإمكاني الرد عليها بأن : " لا إزعاج، أؤكد لكم سيدي، بل سعادة كبيرة".متى ما قلت ذلك كانوا يعدلون عن الذهاب. كان الأمر مرهقاً لي للغاية. بالإضافة إلى كتابة قائمة جرد بجميع الممتلكات وتصنيف الكتب، كان عليَّ أن أتعلم كيفية إدارة القصر (الذي كان قد دمرته الحرب)، وكان أمر إدارة فريق ثلاثي من الموظفين بدوام شيء جديد تماماً بالنسبة لي. كانت رواتبهم ضئيلة للغاية، ولكن خالي أعطى كل منهم منزلاً. سرعان ما تعلمت قوة الغيرة الصقلية. قالت عمتي بكرم فياض إنّه من الضروري توزيع ملابس خالي على العاملين، على الرغم من أنَّ أخي وصهري كانا ليسعدان لو أنَّ بعضها إُرسل إليهما. لقد اعتقدت أنَّ قسمتي المدروسة جيداً ستحظى بالقبول. حدث العكس تماماً.لمح كلٌ منهما الكومة التي منحت للآخرين، ثم "سنيورا، كنت أريد معطفاً واقياً من المطر من أجل زوجي، لكنك أعطيتني بدلة."أو، " كنت أريد سروال جونز الطويل الذي كان يهديني إياه دائماً.""ماذا عن المنامة الشتوية؟"لقد كانت صدمة بعد صمت إنجليزي.وكانت هنالك مشكلة واحدة رئيسية على الأقل أعتقد أنّه لم يكن من الضروري مواجهتها: وهي إيجاد مشترٍ للمنزل. في غضون يوم أو اثنين وصلت أنباء وفاة خالي إلى انجلترا. كان فيسكونت بريدبورت على عتبة داري. كان الفيسكونت هو الآخر ينتمي لعائلة دوكا دي برونتي (ينحدر من نسل لورد نيلسون عبر أخته). مُنح نيلسون لقب دوكا، وأرضاً واسعةً على سفح هضبة إيتنا، تعويضاً على جهوده الشريرة في دعم أسرة البوربون الرجعية. "لقد كان ذلك المنزل على الدوام موضع اهتمامنا. إنّه أجمل منزل في تورمينا. رجاء هل تعِديني بإعطائي حق الشفعة؟"إن كنا سنبيع، كما أعلن خالي، فإنَّ المسألة ستكون أخف علينا لو كان المشتري عضواً في عائلة نيلسون، وممن يقدّرون جمال المنزل ويعرفون خالي. في عام 1947 كان مستقبل إيطاليا مظلماً. جميع العالم كان يراقب الوضع على خوف أو على وجل، وبحسب آراء المراقبين السياسيين، فإنها ربما تغدو شيوعية. كان توغلياتي الزعيم اليساري على ما يبدو مقرَّبًا من ستالين، ودائماً ما كان في موسكو. بدا العالم الشيوعي آنذاك كمنظمة هائلة، والحرب الباردة في أوجها. انتشرت شائعات بأنّ الولايات المتحدة وحلفاءها سوف تسيطر على الشمال حتى روما وتتخلى عن الجنوب إن وصل اليسار المتطرف إلى السلطة. وسواء أصَدَقَذلك أم لا، فهذا النوع من النظريات لا يشجع الأجانب على الاستثمار في عقار بصقلية. لذلك كان معقولًا بالنسبة لآل دوكا أن يطلبوا مني إرجاء القرار النهائي حتى انقضاء الانتخابات المزمع انعقادها في أبريل 1948 ووافقت. عندما عدت من لندن إلى تورمينا، عقب ذلك ببضعة أشهر، بدا لي كما لو أنّ جميع البلدة عرفت أنّ آل دوكا سيكون هو المالك الجديد. لقد كانت له قريبة تقيم في البلدة، والتي خيّل إليَّ طلب منها أن تراقبني. وستهرع إليَّ في الحال إن سمعت بأنني استضفت بعض المشترين المحتملين، لتؤكد لي جدية آل دوكا في مسعاه لشراء المنزل. في حال فوز الشيوعيين في أبريل، سيكون المشترون المحتملون الوحيدون هم من النوع الفظيع حديث العهد بالثراء: الرجال الأفظاظ البدناء مجهولي الأنساب، ولكن يكاد يكون ارتباطهم بالمافيا مؤكداً، وعندها يزداد نفوذها في صقلية. أتى منهم اثنان أو ثلاثة إلى المنزل بصحبة مدير فندق سان دومينيكو، حيث أقام قيصر وإداوارد السابع في بدايات القرن، بيد أنّ ذلك لم يكن في الوقت ذاته. كان هذا واحداً من الفنادق القليلة الموجودة آنذاك، وكان الدوكا رجلاً ثرياً في صقلية (ولكنه فقير في إنجلترا)، ودائماً ما كان يقيم هناك. وهي حقيقة سيكون لها أهمية خاصة بالنسبة لي لاحقاً. لقد كان المدير يرجو بشكل واضح المطالبة بعمولة مستحقة بموجب القانون للشخص الذي قدم البائع إلى المشتري في صفقة عقارية. لقد كان من دواعي سروري أنني كنت قادرة على إخباره وأصدقائه أنَّ المنزل لم يكن معروضاً للبيع. بدت عليه خيبة الأمل: " كنا نأمل ما هو أكثر من ذلك"" سيدي، إني آمل أنكم فهمتم أنّه ليس معروضاً للبيع."" إذن هل نحن مطرودون؟"" نعم إن فهمتها كذلك،إني أفعل، والآن يا سيد ديريتوري، انصرف من فضلك فلدي ارتباط"ربما اكتسبت أعداءً لدودين هكذا، عليه، كنت ممتنة جداً للدوكا للحماية الكافية بنيته للشراء.عندما أزف الوقت، قامت الكنيسة الكاثوليكية بتسخير كل سلطاتها، خاصة على النساء اللواتي كن يصوّتن للمرة الأولى، وبعد انتخابات عنيفة كانت النتيجة لصالح المسيحيين الديمقراطيين (المافيا بشكل غير مباشر). كان للحزب وحلفائه حكم إيطاليا لفترة امتدت لأربعين سنة أو نحوها.دار نقاش بين الدوكا وأخي في لندن حول مسألة السعر، وما لا يقل أهمية، إذ كنا نريد الجنيه الاسترليني، كانت القيمة المدفوعة بأي العملتين. وتم الاتفاق على أنّ الدوكا سيخطرني بقراره قبل منتصف ليلة 23 أبريل. وصل إلى قصر كوسيني في الساعة الخامسة، وألحق على رؤية المنزل بكامله، دون مراعاة لمشاعري إزاء الخسارة الوشيكة، كان يتحدث عن أنّه سيقوم ببناء حمام آخر هنا، وحوض غسيل هناك، وتغيير ألوان الجدران. إن كان هذا الأمر مؤلما بالنسبة لي، فسيكون أكثر فداحة بالنسبة لماريا المسكينة التي ألفت المنزل وأحبته منذ وضع أول حجر فيه، كان المكان بكامله مرتبطاً بذاكرة محبوبها دون روبيرتو. وعلى أمل إنقاذها أقترحت على الدوكا أنّه ليس بحاجة لتفتيش المطبخ. لكنّه صمم على رغبته في رؤية كل شيء. لقد كانت ماريا ذات كبرياء، قبلت يد الدوكا ولقبته بصاحب المعالي. ثم وقفت وكفَّاها على خاصرتها، وظهرها إلى خزانة اللحم- على الأقل كان من الضروري إخفاء بعض الأشياء عنه في الوقت الحالي. لم يتخلف بونيري عن تقبيل الأكف لكنه كان دامع العينين. وفجأة اندفع توريدو. خرج عن طوره مرة واحدة وقال: " صاحب المعالي. أهلاً أهلاً!" لم يكن هنالك شك في نواياه للانضمام إلى المالك الجديد...قال الدوكا إنّ لديه موعدًا آخر في السادسة، وأشار إلى أنّه ليس بحاجة للنظر إلى الحديقة، فهو يعرفها جيداً، فاعترضته مجيبة بأهمية مناقشة أمر الحدود، إذ أنَّ عمتي، المالكة الحالية، قد اتفقت معي على ضرورة الاحتفاظ بجزء من الأرض على بيت كوسيني، وبالمال الذي لا نستطيع الخروج به من إيطاليا سنبني منزلاً صغيراً للعائلة ليزوره أفرادها من وقت لآخر. قال الدوكا إنَّ عليه المغادرة: هل كنت سأوافق على تأجيل قراره الأخير حتى صباح الغد عندما يأتي في العاشرة صباحاً؟ نعم بالطبع وافقت. في الثالث والعشرين من شهر أبريل، عيد القديس سان جورجيو راعي إنجلترا وكاسلمولا، وهي القرية الصغيرة على هضبة فوق تورمينا حيث كان القديس يحظى باحترام شديد. لم يفوّت خالي أحد الأعياد أبداً. كان معجباً بشدة بالقرية بقدر إعجابه بتورمينا. وعندما كان من المفترض إعادة تلوين القديس على فحل خيل أبيض رائع، لم يدفع أهل البلدة للرسام حتى قام دون روبيرتو بفحص العمل وأعلن أنّه: " متقن- إنه يستحق."وعندما تلقت القرية منحة صغيرة من الحكومة، عقب الحرب، وسئلوا فيم يريدون إنفاقها- إما على إمدادات المياه، أو إعادة ترميم كنيسة سان جورجيو التي تعود للقرن الثاني عشر- قاموا بالتصويت على ذلك وفاز سان جورجيو. وإني أعتقد أنّه لم يسمح للنساء اللواتي كان عليهن حمل كل المياه على رؤوسهن بالمشاركة في التصويت. بعد أن غادرنا في تلك الأمسية، قاد دوكا سيارته الرولز بينتلي إلى كاسلمولا، ونحن تمشينا، برؤوسنا المغطاة بالأوشحة صعوداً في الطريق الجبلي الوعر المنحدر مع بونيري وتوريدو. تم نقل القديس مساء الأمس في موكب من كنيسته إلى الكاتدرائية الجديدة، التي أفسحت مجالاً أكبر لإخلاص الناس. كان هو هناك، على حصانه، ومعه القديسة الصغيرة مارغريتا، تصلي جاثية على ركبتيها، بجانب حافر الحصان بينما كان التنين الغاضب يهددها. (لقد رأينا بدهشة كبيرة التذكار الحجري لزيارة الإمبراطور قسطنطين في القرن الرابع وقد تُرجم من اليونانية وتأريخ أعظم ناشري المسيحية قد تغير إلى ثلاثمائة سنة قبل ميلاد المسيح- بدلاً عن بعد الميلاد).كانت جماعة الدوق، مرتدية التويدات السويدية، يجلسون كما لو كانوا يشاهدون سباق الحواجز للخيل، على مقصورة متوسطة الحجم تطل على الساحة. لمحنا الدوق، ودعاني وإيفا بكل لطف للانضمام إليهم. لقد اعتذرت عن قبول الدعوة، بذريعة أني اقسمت على الدوران مع الموكب كما كان يفعل دون روبيرتو دائماً (بيد أنّه ربما كان يرسم الأشكال والوجوه الجميلة).وكنت سعيدة لفعل ذلك، لأنَّ أحد الرجال قام من بين الحشود وهتف: " لقد رحل دون روبيرتو، لكن ممثلته ما زالت معنا!" لقد أعتقدت أنَّ لا أحد يعرف من أنا.بعد منتصف الليل سرنا عائدين على الطريق المنحدر الوعر إلى قصر كوسيني. وصل دوكا في الصباح التالي في العاشرة بالضبط. تصافحت أيدينا، ثم قال باختصار وبشكل مفاجيء: سوف لن أشتري المنزل، آمل أنَّ هذا الأمر لن يتسبب بإزعاجك؟" لقد كانت مفاجأة شديدة. للحظة كنت سأملك ملايين الليرات، وفي اللحظة التالية ولا واحدة. لن أستطيع دفع أجور العاملين، ولا تركة خالي، ولا حتى الإقامة حتى أجد مشترياً آخرَ. لقد ضربني مرتين في وجهي، ولا يستطيع أن يهزني مرة أخرى. لكني انبهرت من نفسي، فما تعلمته في المدرسة جعلني قادرة على الوقوف دون أن يطرف لي جفن حتى غادرنا وأصبحنا وحدنا. كنت ممزقة. لقد استغرق الأمر سبعة أشهر ليصل إلى هذا القرار، كنا قادرين فيها على البحث عن مشترين آخرين. بالأمس كان يريد الشراء، وكان كلانا متأكداً من ذلك. ما الذي حدث ليغير رأيه هكذا؟ كان دون كارلو مذهولاً بالدرجة ذاتها. لقد بحثنا عن الأسباب: هل كان رفضي للجلوس معه في الاحتفال؟ أم لأنني لم أهنيء الدوقة على ميلاد ابنها ووريثها الجديد؟ قلت : " إنّ الدوكا ضابط في البحرية البريطانية، وليس صقلياً. فهو بالتأكيد لن يجعل هذه الأمور الصغيرة، إن كانت صغيرة فعلاً، للحؤول دون تحقيق أمنيته بامتلاك قصر كوسيني، والذي كان يفكر به لوقت طويل." لقد بدا لي أنّ إحجامه عن تقديم سبب لرفضه لم يمت لبريطانيا ولا البحرية بأي صلة. كان حفيد دون كارلو هو الذي قدم تفسيراً معقولاً. كانت هذه الصفقة ستتم في بريطانيا بدون أية عمولات للوسيط. وفي تورمينا ولسنوات كانت الصفقات العقارية قليلة ومتباعدة. الناس بحاجة إلى المال، وهذه الصفقة لم ترضِهم لذا حالوا دون إتمامها." ولكن من ومتى؟ إنني أعلم أين كان الدوكا في الليلة الماضية بالضبط- في كاسلمولا، ولقد ظل هناك لوقت متأخر. من قد يكون السبب في تغيير رأيه وكيف؟""ربما هددوه بتدمير حقل الفواكه خاصته الذي كان مصدر ثروته، أو ربما أخبروه بأنَّ قصر كوسيني ليس بصفقة جيدة، فالقنابل قد دمّرت أساساته- ربما وجدوا أي سبب لإثنائه عن عزمه".لقد بدا لي الأمر ذا صلة بالمافيا، ولكن الحفيد أصاب الحقيقة على الأرجح. ربما كان هذا يفسر صمت الدوكا أيضاً وإخفاقه في تقديم سبب لتصرفه الغريب هذا. ربما كان مدير سان دومينيكو ذا دور في هذا الأمر بسبب ما شعر به من إهانة. لقد عدنا إلى مربع البداية من جديد. وكنت آمل بشدة أن لا نضطر إلى بيع ذلك المنزل العزيز جداً إلى أيٍ من السوقيّين الذين أرادوه. المشكلة الحالية والمؤرقة كانت تتمثل في عدم قدرتنا على البقاء دون مال. قمنا أنا وإيفا بتقسيم الأثاثات إلى ثلاث مجموعات، ووضعنا على كل قطعة منها ديباجة. المجموعة الأولى لتعرض للبيع، والثانية ترسل إلى إنجلترا عندما يتسنى لنا ذلك. والمجموعة الثالثة التي أطلقنا عليها اسم "Casetta"[الكوخ] لنحتفظ بها في المنزل الصغير الذي ربما تمكنا من بنائه في يوم ما. وفي ذلك الوقت لم يكن لديَّ أدنى فكرة عن القيمة العالية للأثاث، لكني صممت على أنّه لا يجب أن يباع بالسعر الزهيد الذي عرضه لي تجار التحف المحليون. ربما لا نستطيع الاحتفاظ بثلاثة من العاملين بوقت كامل. وكان من الضروري جداً أن يُسكن المنزل لحمايته من اللصوص، ولكنا لا نستطيع إهمال الحديقة إن كنا سنبيعه. فالنمو والتعفن سريعان في صقلية، والريّ ضرورة. بجانب أنَّ ماريا وبونيري أمضيا سنوات خدمة أطول وأظهرا إخلاصاً مستمراً- بخلاف توريدو ذي الخدمة المتقطعة. لقد كان من الواضح أنه من سيعفى من منصبه. خاصة وأننا لن نحتاج خادماً رجلاً ولا سائقاً. لقد استشرت محامياً وقال إنه يعتقد بضرورة أن يضطلع رجل بمهمة الإعفاء، ولكني شعرت بأنّه عليَّ أنا كعضو في الأسرة ووكيلٍ عامٍ عن عمتي، القيام بهذا الأمر. جلست على العرش الباروكي الرائع الذي كان في وقت ما من مقتنيات أحد الأساقفة، واستدعيت توريدو إلى الصالون. قللت من تأثير الخبر السيء قدر الإمكان. وفي الحال بدأ يصرخ ويصيح، ملوّحا بذراعيه: أأرمى خارجاً مثل الكلب بعد ثلاثين عاماً من الخدمة المخلصة؟ سأرفع قضيةّ!"تمنيت لو سمعت نصيحة المحامي. كانت الأيام التالية عصيبة جداً. ألّح توريدو على الانتظار على إحدى الطاولات، ولكن بدلاً عن هذره المعتاد، جلس صامتاً خلف مقعدي تماماً، لقد بدا لي أنني أشعر بعينيه الغاضبتين من خلف ظهري. وقد استعار مسدساً من دون كارلو، "لاستخدامه لحماية السنيورة"، ولكني خشيت من أنّه ربما وجه فوهته نحوي. طمأنته بأنّه سيوّفى حقوقه كاملة بموجب نصوص القانون، ولكنه لم يكن يريد الانتظار مثل الآخرين حتى أجد المال الكافي- وذكرته بأنَّ خالي أعطاه منزلاً، وكان عليَّ أن أطلب حضور المحامي الذي- كرجل و صقلّي- لم يحتمل أيًا من هذه التفاهات. وشعرت بالأسف في الغالب على توريدو البربري.غادرنا أنا وإيفا إلى إنجلترا في بداية شهر مايو، ونحن نعتقد أنّه من الممكن ألا نرى قصر كوسيني مرة أخرى. "لم نحقق أي هدفخرجنا من أجله"، قلت في خيبة أمل."أجل ولكنا ما زلنا نملك كل شيء وجدناه،" قالت إيفا، " وهذا أمر لا يستهان به".لقد كانت مخطئة، ولكني لم أكتشف ذلك إلا بعد سنوات., Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi....
اعرض في فيس بوك    
, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidiكتاب منزل في صقلية للكاتبة البريطانية دافني فيلبس مترجماً إلى العربية Daphne Phelps A House in Sicily توفيت دافني مارغريت جين فيلبس، حامية جمال كازا كوزيني، في 30 نوفمبر 2005، وتركت....
اقرأ المزيد ...كتاب منزل في صقلية للكاتبة البريطانية دافني فيلبس مترجماً إلى العربية Daphne Phelps A House in Sicily توفيت دافني مارغريت جين فيلبس، حامية جمال كازا كوزيني، في 30 نوفمبر 2005، وتركت ذاكرة لنا جميعًا كتاب "منزل في صقلية" يروي قصة هذا المنزل الرائع وتشييده مع الصخور التي تم إزالتها من التل، والرخام والخشب والطين وجدرانه البيض والأثاث التاريخي والأوردة الجميلة، كما يحكي قصص المشاهير الذين حلوا به ضيوفا. بتكليف ورعاية كريمة من الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي، يقوم قسم الترجمة بنقل هذا الكتاب الرائع إلى اللغة العربية ليكون متاحاً لجمهورنا الكريم وسينشر على حلقات مسلسلة في منصتنا على فيس بوك كما في موقعنا الرسمي على http://www.electronicvillage.org/ ودافني هي: كاتبة بريطانية، 23 يونيو 1911 - 30 نوفمبر 2005 قضت معظم حياتها في تاورمينا، صقلية Taormina, Sicily. حيث عاشت في كازا كوزيني Casa Cuseni وهي فيلا أنيقة صممها وبناها خالها، الصناعي روبرت هاوثورن كيتسون Robert Hawthorn Kitson في عام 1905 ، وعلى مر السنين استضافت الكثير من الأصدقاء والكتاب والفنانين من مشاهير أوائل القرن العشرين بما في ذلك برتراند راسل، هنري فولكنر، رولد دال وتينيسي ويليامز وغريتا غاربو ، وماك سميث ، وألفريد بار، وبابلو بيكاسو. , Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi....
اعرض في فيس بوك    

 1