, Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi قبيل النضج - الجنون والجمال والأغذية في روماالفصل السادس- الخوخ تأليف: ديفيد ونرترجمة: أميمة قاسم-- لم يكن الخوخ في أغلب الأوقات سوى فاكهة. وهو أحياناً شيء غير ذلك.....
اقرأ المزيد ... قبيل النضج - الجنون والجمال والأغذية في روماالفصل السادس- الخوخ تأليف: ديفيد ونرترجمة: أميمة قاسم-- لم يكن الخوخ في أغلب الأوقات سوى فاكهة. وهو أحياناً شيء غير ذلك. ويبرز مثال رائع على ذلك من تحت شظايا إفريز الجدارية البديعة في مبنى فيلا فارنيزينا في تراستيفيري، والتي بناها المصرفيّ اوغسطينو تشيجي، الذي ربما كان أغنى أغنياء أوربا في مطلع القرن السادس عشر.وقد تمكن تشيجي من إقناع رافائيل أعظم فنان في ذلك العصر، بتزيين جزء من قصره بلوحات تصور قصة كيوبيد والأميرة الحسناء. فما كان من رافائيل إلا أن أوكل إلى تلميذه جيوفاني أودينيه العمل على الخلفية الخصبة لهذه اللوحة الفنية المستعجلة، فقدم لنا قرناً مملوءاً بالفواكه والخضر الناضجة المتماسكة الغضة، المبهجة، الطرية الطازجة، النضرة (إنك تعرف إلى أين سيقودنا هذا، أليس كذلك؟). فنحن نرى وسط زينة من الزهور والأوراق وفرة من البطيخ واليقطين، والجزر، والتفاح والأعناب والرمان والتين، والخوخ، والخيار والملفوف، وسنابل الذرة، والخوخ، واليقطين، والخوخ والتفاع والخوخ والخوخ. في أحد أركان الغرفة يقف عطارد عارياً إلا من بوق في يده وخوذة ذهبية على رأسه. وقد ولد مرفوعاً على كعبيه المجنحين، رسول الآلهة هذا الذي يضع على رأسه خوذة وعلى وجهه تعبيراً عن الدهشة. وبإحدى يديه يلمّح إلى دخول صادم في المشهد النباتي: حزمة اللحم وقطعتي الخضر لا تخطئها العين. اليقطينة العملاقة التي تبدو محشورة حشرا، وقطعتا الباذنجان المجاورتان تحاكي بوضوع هيئة القضيب والخصيتين. وبالقرب منها عنقود متعرج من الأعناب السوداء التي تجاوزت مرحلة النضج بقليل أو كثير في صورة لا تقل حيوية عن سابقتها وقد اخترقتها يقطينة أخرى. وهنالك بطيخة غضة مقسومة إلى نصفين وقد انغرست فيها ثمرة خيار، أم هل هي بطيخة؟ أم يقطينة أخرى؟ يصعب الجزم حقاً مع كل هذه الفواكه التي تحيط بها.يقول الباحثون إنّ تأريخ رسم هذه اللوحة يعود إلى عام 1517، في ابتدار لجنون التصوير البشع لمنتجات البساتين والحدائق في عصر النهضة. وسرعان ما شاع استخدام هذه الاستعارة. " أصبح بالإمكان رؤية اللوحات المؤطرة بأكاليل من الفواكه والخضر المنتفخة"، بحسب تعبير المؤرخ جون فاريانو، "في أكثر الأماكن احتراماً، بل في الكنائس والمعابد أحياناً." وقد تزيت البهجة المستمدة من هذه الفكرة بتقاليد الفكاهة والشعوذة الطبية. وقد كان "مذهب الإرشادات" شائعاً في ذلك الوقت، ويقوم على مؤلف الساحر باراسيلسوس، الذي كان يؤمن بأنَّ الأشياء التي تشبه بعضها البعض قد تؤثر على بعضها البعض. ومن هنا جاءت فكرة ضرورة معالجة أعضاء الجسم باستخدام أشياء تشابهها. وفي هذه الأثناء كانت إيطاليا القرن السادس عشر غارقة في ثقافة الاستعارة. وقد انعكس هذا الأمر- من بين عدة جوانب- على السوق المزدهر "للثقافة الجنسانية" المغلفة بصور الطعام. وفي روما، التي كانت نسبة الذكور من سكانها تفوق مدن أوربا جميعها، ازداد انتشار التوريات الجنسية عن أي مكان آخر، وأصبحت فكرة الفاكهة هي "الاستعارة المثالية لثقافة روما في حقبة ما بعد الإصلاحية، وهي ثقافة أدى تحديها للتقاليد الدينية والسياسية بشكل متكرر إلى تعقيدات إضافية" حيث كانت الفكاهة وحدها متنفساً للرغبات المحرّمة.وقد صمد ذلك النوع من الجنون على مدى قرن من الزمان. فقد تميزت البورتريهات التي رسمها الفنان الميلانيّ جيسبي اركيمبولدو بوجوه تكونت ملامحها من الفواكه والخضروات. وكان من المتخصصين في ذلك الاتجاه الأكثر إباحية فينسينزو كامبي، الذي رسم صفوفاً من النباتات والحيوانات، يحمل جلّها إشارات مماثلة، ونيكولو فرانجيباني، الذي تصور أكثر لوحاته شهرة- أمثولة الخريف، شاب ثمل نائم بجانب كومة من الثمار الصلبة. يربض بجانبه شيطان ماجن، في تجسيد لحلم الرجل، والذي يمسك بإحدى يديه قطعة نقانق كبيرة ويضع أصبع يده الأخرى في شق بثمرة بطيخ أصفر يحملها بذات اليد.وقد كان هذا النوع من الاستعارات شائعاً أيضاً وإلى درجة كبيرة في أوساط الفنانين والمفكرين، خاصة في ما يسمى بالأكاديميات "الخاصة" بالمعنى الحرفي للكلمة، والتي كانت مثل أخويات المفكرين المخمورين، أو الجمعيات السرية. وهنا، تقول باحثة أخرى، هي أدريان فون لاتس، " لقد كان الشعراء الكبار والمحترفون يمتعون بعضهم البعض بتلاوة الأشعار الماجنة التي ابتذلت الرمزية الجنسية التي انطوت عليها طقوس الاستهلال وقرابين الحصاد الباخوسية". وقد كتب الفنان الكبير برونزينو شعراً أيروسياً ساخراً تداوله الناس على نطاق واسع. وكتب مايكل آنجلو ما يشبه ذلك، بيد أنّه كان يجزم بأنّ "قصائده لا تصلح إلا للدفوف والتغليف، لأصحاب الفنادق الصغيرة، والمراحيض، والمواخير". وأسس انطونيو فينالي في سيانا، أكاديمية المذهولين Accademia degli Intronati وكتب سيرة قدسية للأحاليل مناهضة للكنيسة، مثيرة لذوي الميول المثلية، وساخرة سياسياً في كتابه اسماه " كتاب الإحليل" La Cazzaria. أما أكثر هذه الأكاديميات تأثيراً فقد كان في روما. أكاديمية عديمي الحس Accademia degli Insensati، والتي أصبحت كنادٍ لمعجبي فنان المدينة الأعظم الجديد كارافاجو. ومن بين الأعضاء واحد من أوائل مخدمي الفنان، والذي ألف الأغاني والأشعار حول لوحاته. وكان لكارافاجو أصدقاء في أكاديمية أخرى أيضاً- الكوميديون. وقد ضمت قائمة الأعضاء أبناء عائلة كولونا النافذة، والشاب مافيو باربيريني (صديق لراعي كارافاجو)، والذي رسم له كارفاجو صورة شخصية (واصل باربيريني، بصفته البابا أوربان الثامن لاحقاً دعمه للفنون ودمّر جاليلو.) وفي ميلان، أدار راعي عائلة كارفاجو أكاديمية تعني حرفياً : القلقين. وقد كان أحد هؤلاء "القلقين" لوماتسو، وهو رسام وصديق لمعلم كارفاجو، وحامل شعلة الضوء لأكاديمية أخرى، هي مجموعة المخمورين الريفيين عبدة باخوس والتي تحتفل بالمتع الجنسية لوقت الحصاد. ونعود إلى روما، حيث أقام عدد من رجال البلاط البابوي مسابقات في الشعر الماجن تحت رعاية أكاديمية الخمّارين، مستخدمين أسماء مستعارة للعضو الذكري مثل " السيد فجل"، و" السيد جزرة" والسيد غصن". وقد كانوا يحتفلون أيضاً بوقت الحصاد ولكن في ليلة معينة بالهواء الطلق تتضمن عشاءً حافلاً في روما، وتلاوة القصائد في مدح التين (الذي يرمز لأعضاء الأنثى التناسلية) والشمام (كفلها). وهنالك توازٍ بين التصوير في واحدة من أقدم لوحات كارفاجو الشهيرة، صورة ذاتية في ملامح باخوس (عربة باخوس)، والقصيدة المثلية الشهوانية التي كتبها العضو المؤسس الخمّار فرانسسكو بيرني في مدح الخوخ المخملي الملمس(مؤخرات الغلمان): " أيتها الفاكهة المفضلة على جميع الفواكه/ طيبة مع الوجبة وقبلها وبعدها/ ولكنها طيبة من الأمام وجميلة من الخلف."وقد رسم كارفاجو في لوحته لباخوس نفسه فحلاً، ولكن ببشرة تميل إلى الخضرة. وهو يرتدي شملة رومانية بيضاء اللون عارية الكتفين، وهو يدير رأسه ليحدق في الناظر للوحة، في خفر بيد أنّه يبدو مريضاً. وعلى الدكة الحجرية حيث يجلس يستقر عنقودٌ من العنب الأسود، وثمرتا خوخ، وبحسب الباحثة فون لاتيس، " على حافة الطاولة كما لو أنّها مقدمة للناظر". والخوخ موضوع أيضاً بطريقة موحية جداً، يحاكي المؤخرة البشرية عند النظر إليها من الأعلى وبزاوية مائلة"، مستدعياً عبارة dare le pesche والتي تترجم في القاموس الإيطالي الإنجليزي لعام 1611:" تسليم أحدهم إليته، أو القبول بالخطيئة الشاذة".وتبدو لوحة أخرى من أوائل أعمال كارفاجو، طبيعة صامتة فاكهة على رفٍ حجري، أكثر صراحة بعد: مجموعة كبيرة من مختلف الفواكه والخضروات والتي تعني كما يقول بيتر روب في كتابه M: "الرجل الذي أصبح كارفاجو، "لم يكن ليخطئها حتى أكثر مناهضي الإصلاح تحفظاً وحياءً". تظهر في الصورة سلة من الفاكهة معبأة بالبرقوق، والأعناب والخوخ وثمرة أجاص، وثمرة تفاح. كان بالتفاحة ثقب أسود لدودة؛ وتحمل ثمار الخوخ والتفاح " شبهاً صادماً بمؤخرة إنسان شاحبة اللون". كان هنالك زوج من ثمار الرمان الناضجة ("شقت إحداها نصفين فبدت بذورها الحمراء اللامعة الغضة") وبعض " التين الذي تجاوز مرحلة النضج بكثير وقد تآكلت قشرته الطرية، وقد انفطرت إحداها أيضاً في أوج نضجها لتسفر عن لحم أحمر قرمزي وبذور دقيقة". تزاحمت " هذه الفواكه الصغيرة بجانب ضخامة كتلة من البطيخ، والهندباء والقرع". وقد "شقت" إحدى اليقطينات "مثل الرمانة لتكشف عن جرح بليغ على شكلِ هلالٍ يطل منه باطنها الرطب الشهي. وكذلك كانت البطيخة تبدي لحمها الوردي وبذورها السوداء الدبقة." وفي الخلف ما يدعوه روب "هندباء" لكنه في الحقيقة قرع، " طويل وبارز وغير مقطوع". هذه هي المفاتيح الرئيسية في "حب الخضروات العاصف الحسي المجانيّ للجميع، بينما تبرز إحدى ثمار الهندباء الطويلة المنحنية وترياً عبر الطاولة باتجاه شق القرعة الرطب. وراءها، ثمرة هندباء أخرى ممتدة بسلاسة وتنتصب بطريقة أكثر إيحاءً أمام وجه المتفرج، وقد رُسم طرفها في تلاعب ذكي بأسلوب تباين الظل والضوء، فترتسم في اللوحة في مركز الشعاع الساقط، فيبدو ما يليك مباشرة ودون لبس كرأس لقضيب محتقن." ويرى أحد كُتَّاب سيرة الفنان اللاحقين، جون ت. سبايك، في هذه اللوحة معنىً دينياً بالإضافة إلى المعنى الأيروسي:الحصاد الوفير لثمار آخر الصيف، والقرع، والبطيخ تملأ سطحها، وهي مضاءة من الأعلى بشكل رئيسي. الإشارة هنا [ ] لشبه عمواس بالحكم الوشيك لنهاية فصل الصيف. فالثمار والقرعيات مقسمة في الغالب إلى أزواج، واحدة كاملة والأخرى مشطورة. نثر البذور- الرمان تحديداً- هو رمز مسيحي للقيامة. وسلة الخوص إلى اليسار تحتوي على الأعناب وأوارق العنب التي ترمز إلى طقس المناولة، بجانب ثمار الخطيئة الأصلية التفاح والخوخ. ثقوب الديدان والشوائب الأخرى التي لحقت بهذه الثمار الشهية هي رمز كارافاجيو لسرعة زوال حياة البشر. وهو أيضاً يعترف بالتوريات البصرية الجنسية:الأشكال الأفعوانية لثمار القرع الأنبوبي الذي يبدو قضيبياً بشكل صريح [...] كأنّه يتلوى وينزلق مثل الثعابين العمياء. ثمار التين المنتصبة تأخذ هذه الرمزية الذكورية، بينما جوف القرع الخصب، والبطيخ المشرّح الوردي يشير دون تردد إلى تجسيد رقيق التنكر للجنس الأنثوي. بالنسبة لأي شخص يفكر على هذا الخط، فإنَّ زوج ثمار الخوخ المرصوص أعلى السلة يحمل شبهاً غريباً بالكفل البارز. إذن ومجدداً، يمكن أن تكون الفاكهة والخضروات أحياناً....حسناً، فاكهة وخضروات. لم يقتنع البستانيّ الأمريكي جول جانيك بهذا الحديث المجازي الفائق الإثارة. " يبدو لي أنَّ كارفاجو كان يستعرض بكل بساطة اعتزازه بمهارة التلوين، وحبه المحض لأشكال وخضرة الثمار موضوع الرسم." ويحتج في مقال بارع بأنّ لوحات الثمار والخضروات هذه سواءً أكانت توحي بشيء عن الجنس أو الإيمان فإنّها بكل تأكيد تقول شيئاً ما عن البستنة في روما أواخر عصر النهضة. " " لقد كانت الفواكه عام 1600 تبدو بكل تأكيد طرية وطيبة كما هي بعد أربعة قرون، مكذّبة الإشارة الشائعة إلى أنّ الفلاحين المعاصرين قد عملوا على تحسين مظهر الثمار إلى حد الإضرار بجودتها، على الرغم من أنّه من الصعب تحديد مدى الجودة من الصورة. لقد أكدوا على ثراء تنوع الثمار المتاحة [و] بينّوا أنَّ الآفات والأمراض كانت من المشكلات تلك الفترة كما هي الآن. وقد كان اكتشاف صور كارفاجو الممعنة في الواقعية كشفاً لجانيك، بمثابة العثور على حافظة صور ضوئية ملونة يبلغ عمرها أربعمائة عام. استكشف الآخرون حياة كارفاجو الجامحة وفنه. وقد لاحظ الكثيرون كيف أنَّ واقعيته، وطريقته في الرسم المباشر قد مهدتا الطريق لرامبرانت، وفيرميير، وأصبح بالإمكان النظر إلى الأشياء بالطريقة الحديثة. وقد لاحظ البروفسور جانيك ما كان حتى تلك اللحظة جانباً مهملاً من عبقريته: كارافاجو، مؤرخ للأصناف الزراعية الإيطالية بين عامي 1592 و 1603. على سبيل المثال، يظهر أجاص كارفاجو متعدد الأحجام والألوان في ست لوحات، تتضمن الكمثرى طرية اللب {pyrus communis} المذكورة في الأوديسا. وقد كانت ثمرة الأجاص هذه "هدية الآلهة" في حدائق السينوس وقد وجدت منها شرائح مجففة في أحد الكهوف السكنية من العصر الجليدي. وتوحي لوحات كارفاجو "بتعدد جيني ملموس في أنواع البطيخ" في عهده. كما يصور لنا ثمار الشمام، والتي اشتقت اسمها " الكانتلوب" من Cantalupo، القصر الريفي البابوي في هضبة سابينا حيث جلبت أول مرة على يد البعثات التبشيرية. كان القرع مثيراً للاهتمام أيضاً: وقد كان هذا النوع قد وصل قريباً نسبياً إلى أوروبا من أمريكا. وبعض تفاحات كارفاجو، الشهيرة في روما القديمة، تبدو معاصرة إلى درجة ملحوظة. ويبدو سفرجله أيضاً مثل ثمار اليوم، بيد أنّ السفرجل غير شائع الآن، لحمضيته، ويشيع استخدامه في المعلبات. تظهر ثمرة خيار واحدة في لوحة عازف القيثارة، وهي ثمرة أحبّها تيبيريوس كثيراً، وأمر بزراعتها في ما يشبه البيوت الزجاجية اليوم [specularium]. بالإضافة إلى ذلك يبين لنا كارفاجو الأمراض والآفات الأخرى. ففي لوحة باخوس هنالك ثمرة سفرجل نصف متعفنة، وتفاحة حمراء بداخلها دودة وفتحتها بادية، وأخرى بها عفن (" ربما كان نوعاً من العقد الفطرية[Botryosphaeria]"). فقدان إحدى أوراق العنب للونها يشير إلى نقص البوتاسيوم. وفي ورقة أخرى، على الإكليل الذي يرتديه باخوس، يبدو أنّها مصابة بالتدرن التاجي والذي تسببه البكتريا الأجرعية(المورِّمة). عشاء في عمواس لوحة تصور المسيح الرفيع في وجبة مكونة من الخبز والدجاج والنبيذ الأبيض والماء، والفواكه التي تبدو كما لو أنها قد أبتيعت للتو من السوق. إنّها ثروة من المعلومات. وكبداية، على الرغم من أنّ العشاء في الإنجيل حدث في عيد القيامة، فإنَّ الفاكهة كانت خريفية. كما أنّها أيضاً كشفت عن مشاكل نظام الإنتاج العضوي، الذي ربما أفاد من بعض المبيدات الحشرية ومضادات الفطريات. فبقع الفطر تذهب بلون أوراق العنب. وثمة مشكلة بكل تفاحة: آفة الجرب التي تسببها الفطريات. والثقوب الدودية، والعفن الأسود. الرمان به بقع. عدم تماسك عنقود العنب دليل على ضعف التلقيح. ووراء طبق الفاكهة دجاجة نافقة جداً، ملقاة على ظهرها وترتفع ساقيها المتخشبتين إلى الأعلى، مما يشير إلى تيبس الموت. كان كارافاجو سكيراً، عنيفاً ومجرماً. فقد قتل، واتخذ رفقة أسوأ صبيان وفتيات المدينة، ولصوصها، ومومساتها، وقُطَّاع الطرق والقتلة المأجورين [البرافي: Bravi]. وينبغي أيضاً الإقرار بأنَّ كارفاجو كان يتعامل مع الطعام بجدية أكبر مما هو يلزم في بعض الأحيان. وهنالك حوار محفوظ في محكمة روما الجنائية يجعله يبدو مثل جو بيسكي في فيلم الأصدقاء الطيبين Goodfellas . عندما يحضر له النادل طبق الخرشوف المطبوخ بالزبدة بدلاً عن الزيت، يدمدم كارافاجو: " يبدو لي، أيها الأحمق، أنّك تخال نفسك تقدم لي بعض الهراء الرخيص؟" ثم هاجم النادل وسدد له طعنة في الوجه. وفي حادثة أخرى، هدّد الفنان ورفاقه أحد الفنانين المنافسين: " سنقلي خصيتيك في الزيت." وكان يشير بازدراء إلى أحد مخدميه، السيد باندولفو بوتشي، بالسيد "إنسالاتا" وذلك لأنّه لم يقدم له سوى طبق السلطة. لقد كانت " طبقاً مقبلاً، وفاتح شهية، وتحلية [...] ورفيقاً وخلة أسنان". شكراً لعبقريته، بيد أنّه، وربما أيضاً للتركيبة الرائجة الآن في حياته وعمله وجنسانيته وعنفه، لم يسبق له أن اشتهر لهذه الدرجة. لقد صدرت عنه كتب كثيرة. وقد استمر في بيع أعماله في المعرض الكبير الذي أقيم إحياءً للذكرى 400 لوفاته عام 2010 في قصر كويرينال لشهور عدة. لقد بدأت أنا نفسي أشعر بالقرب الشديد منه لأني صادفت لوحاته عن القديس ماثيو في معبد كونتاريلي بكنيسة سان لويجي ديل فرانسيزي، بالقرب من ميدان نافونا، وبي شيء من إدمان الكنائس، وبإمكاني زيارة عشرٍ منها في اليوم، ولكني لم أدرك أبداً أنّه كان هناك. فالفرق كبير للغاية بين لوحاته و فوضى الملائكة الباروكية والذهب والرخام المكدس حول بقية الكنيسة مثل كعك الزفاف بعضه فوق بعض. رؤية لوحات كارفاجو الثلاث من حياة القديس ماثيو كانت مثل ضربة في الروح بواسطة مضرب بيسبول. وهاهو الرجل العظيم الآن، بغتة، يظهر شخصياً. أعلن علماء في رافينا عن العثور على بعض العظام في إقليم التوسكان التي يرجح أنّها لكارافاجو "بنسبة 85%"، والذي ربما توفي نتيجة لتسمم بالرصاص، وليس القتل، أو وفاته في المنفى- كما كان يُعتقد مسبقاً. على التلفاز شاهدنا كيف أنَّ العظام عوملت باحترام كرفات قديس من العصور الوسطى. وفجأة سيطرت عليَّ فكرة إعادة رسم لوحاته. سيكون بوسعي إعادة تشكيل الأمر بمساعدة الكاميرا الرقمية الصغيرة خاصتي، إن استطعت شراء الثمار الصحيحة، ولكن أيّ لوحة؟ إحدى الصور المرشحة هي سلة الفاكهة (1599) والتي عليها مسحة من الغموض، ويقال إنّها كانت بداية رسم الطبيعة الصامتة المحضة. ولكن تلك اللوحة لا تظهر سوى خمسة أنواع من الفاكهة (العنب والتفاح والتين وثمرة كمثرى وثمرة سفرجل) ولا يبدو فيها ما يكفي من الطموح. ولا الكثير من اللمحة الرومانية. لقد رُسمت هنا، ولكنها معلقة في ميلانو. ويظهر في لوحة باخوس العليل العنب والخوخ فقط، بشكل مثير للملل، وأنا بالطبع لست مولعًا بدجاجة لوحة عمواس. وعلى النقيض من ذلك تحتوي لوحة الطبيعة الصامتة على طاولة حجرية ثماراً جميلة من التين والخوخ وما إلى ذلك، وأحب الطريقة التي صنع بها كارفاجو هذه التأثيرات الرائعة من الظل والضوء: لقد قام بفتح في سقف صاحبة المنزل. ولكني لا أحب الشمام (ولا الشمام الإباحي حتى) وأنَّى لي بقرع عملاق قضيبي الشكل أفعوانيٍ في روما يوم الاثنين؟قررت بعد طويل تفكير أن أتحرى الوفير والحديث من الثمار. سوف أحاول إعادة إنتاج لوحة الصبي وسلة الفواكه، التي رُسمت بين عامي 1593 و1594 في روما. وهي معلقة في المعرض البورغيزي. وصديقتي فاليريا مستعدة لأداء دور الصبي الحامل السلة، الفتى ماريو مينيتي، الذي شق طريقه ليصبح رساماً هو الآخر. كانت اللوحة جيدة بما يكفي في نظر كارفاجو. وقد كانت مثيرة للاهتمام بالنسبة لديريك جارمان وسيمون سكاما بما يكفي لإعادة رسمها لتستخدم في الأفلام التي تناولت حياته. وبالإضافة إلى ذلك ستزوّد عائلة فاليريا بما يكفيها من الفاكهة لعدة أيام. إذن هيا إلى سوق الفاكهة والخضر المهيب في كامبو دي فيورا. لقد كان للمكان حظه من التأريخ. جرت حادثة اغتيال يوليوس قيصر على مقربة من هنا، أمام مسرح بومبي. وفي أيام كارفاجو كان الكامبو عبارة عن سوق أحصنة وماشية. كما شهد عمليات حرق الكتب والهراطقة. وفي عام 1553، أقيمت محرقة عظيمة للكتب اليهودية المصادرة من منازل اليهود. والتهمت النيران في عام 1600 الفيلسوف العظيم والراهب السابق جيوردانو برونو، الذي حرقته الكنيسة حياً بتهمة الهرطقة. لقد شكك برونو بمباديء الكاثوليكية. كما أنّه طور نظرية عن الذرات، تقول بأنَّ الأرض تدور حول الشمس، وتؤكد على أنّ العالم يحتوي على عدد غير متناهٍ من النجوم أمثال الشمس. لقد كان عليه أن يمضي ومن المحتمل جداً أنَّ كارفاجو قد شهد الحرق. ليس من شيء لإحياء ذكرى كارفاجو في الميدان، ولكن يشرف على المكان تمثال برونو المتأمل معتمراً قلنسوته. وقد نصب هناك عام 1889 بواسطة مجموعة من مناهضي الكنيسة الذين اعتبروه واحداً من أعظم شهداء حرية التعبير. يحتشد الناس لتكريمه هنا في شهر فبراير من كل عام. وقد جعلت مقاهي وحانات الكامبو الحديثة منه، منطقةً لتجمع الشباب في الأمسيات. وعندما يجتمع هنا الزوار من عشاق كرة القدم قبل المباريات الأوربية، يلعب معجبو نادي روما لكرة القدم لعبة تقوم على محاولة طعنهم في مؤخراتهم، وهي تقليد مرِح آخر يعود في تأريخ إلى عهد كارفاجو. ولكنه اليوم، مثلما كان منذ عام 1869، ما زال سوقاً للفاكهة.سوف يكون الطقس حاراً، لذا ينبغي علينا العودة مبكراً. صديقة آنا، حامل في شهرها الرابع، وهي ترتدي قبعة بيضاء، ولدينا قائمة مشتريات مشتقة من البروفيسور جانيك. يلزمنا شراء المنتجات التالية من أواخر القرن السادس عشر: ثمرة خوخ واحدة أربعة عناقيد من العنب (اثنان من العنب الأسود، واحد من الأحمر وواحد من الأبيض)ثمرة رمان ناضجة واحدة (يتم تقسيمها)أربع من ثمار التين (اثنتان سوداوان واثنتان فاتحتا اللون)ثمرتا مشملةثلاث تفاحاتغصنان عليهما ثمرات كمثرى صغيرةورقتا عنب خضراوان (واحدة عليها بقع فطرية؛ والأخرى عليها كتلة بيضاء من بيض حشرة)أوراق شجرة خوخ عليها بقع.غصنان عليهما زخرفة حمراء (ربما غصنا نعناع).وربما يجوز لنا إغفال الأوراق المتضررة بالهيئة الحقيقية، فهو من الأمور التي يجتهد بائعو الفواكه المعاصرون في إخفائه. وربما لن نجد الأنواع التي تعطينا اللون الصحيح. عليه فسوف نهتم بأنواع الثمار. وإن لم يكن أيّ منها موجوداً هنا، فسوف نذهب إلى السوبر ماركت، وسيكون أفضل إن كان علينا شراء الفاكهة في مغلفات بلاستيكية. سوف أقوم بترتيبها في السلة بتلك الطريقة لإثبات مرور 400 عام بالفعل. أولاً: الخوخ! لقد قابلنا مارسيلا، مرِحة وذات شعر داكن، والتي ظلت تعمل في كشكها هذا لثلاثين عاماً، مذ كانت في السادسة عشر من عمرها. وبينما كنت أشرح لم كنا نحتاج خوخة واحدة، تطعم مارسيلا صديقها بعض القطع الصغيرة من الخبز، وهو عصفور دوريّ يدعى سيريليو، والذي ما فتأ يتنقل طائراً ما بين مظلة الكشك ويدها. يراقبنا سيريليو بحركات رأس سريعة، وعينين تلمعان بالثقة. ترتدي مارسيلا قميصاً قطنياً أسودَ تزينه عبارة I ♥ Roma” “ وصورة للكولزيوم. " لقد كان المكان مختلفاً جداً هنا، وكان الناس مختلفين تماماً. كان الميدان يعجّ بالقصابين، والخبازين، وليس الحانات والمقاهي. وكانت لدينا طاولات خشبية، وأصبحت الآن جميعها معدنية.هنالك الكثير من السيّاح الآن، ولكن ما زلنا نحتفظ ببعض العملاء القدامى من السكان المحليين. كما أنّ المنتج تغير هو الآخر، ولكن الشيء العام أن الناس أصبحت تشتري الأشياء بكميات أقل هذه الأيام." كلفّت ثمرة الخوخ (بالإضافة للأوراق الخالية من البقع) أربعة يوروهات. " بروح روما في تسعينات القرن السادس عشر، هل ستحمل بضع قطع نقدية من فئة الاسكودي؟"أما بخصوص الكمثرى، فقد اخترنا كشكاً يقع إلى الجانب الأيمن من الميدان، ويديره راف، وهو رجل بنغلاديشي في السابعة والعشرين من عمره، يرتدي قميصاً قطنياً يمزج في لونه بين اللونين الورديّ والبرتقاليّ. شرحت له مشروعنا، ولكن ليس بشكل جيد كما يبدو. " ليس لدي أيّ منها. تحتاج إلى زيارة متجر للمنتجات الفنية،" يقول راف." لا، نحن نريد فاكهة في اللوحة.""أوه حسناً، يمكنني ذلك. لدي أناناس، وموز وكيوي..."" ولكن لم تكن هذه الثمار في اللوحة. أنا لست متأكداً من أنّ كارفاجو قد شاهد ثمرة أناناس من قبل، أو حتى موز أو كيوي. هل لديك أيّ كمثرى؟"ليس لدى راف كمثرى. لقد فرّ من قريته شمال بنغلادش قبل عشرة سنوات، باحثاً عن حياة أفضل في أوربا، ويعيش بالقرب من تيرميني. " لدي الكثير من الإخوة والأخوات، ولكني هنا لوحدي، وعائلتي في بنغلادش. بالنسبة لي روما رائعة، والحياة أفضل هنا."التالي: الرمان. وهذا يثير الدهشة في الفتاة صاحبة الكشك القريب من دار سينما فارنيزي. كان لها أسنان هشة المظهر، وسيجارة تتدلى من شفتها، فقهقت ضاحكة بسخاء ولكن دونما إفراط " رمان؟" عودوا في شهر نوفمبر! ليس هذا موسم الرمان." الشملات إذن؟ " ها، تلك ربيعية." أعناب؟ " حسناً يمكنك أن تحضرها من صقلية الآن، ولكننا لا نملك منها شيئاً. نحن نبع فقط ما نزرعه بأنفسنا. فالأمر يعني بالنسبة لنا ماهو متوفر في الموسم." وبالتالي، فما لدينا هو إنتاج الموسم." انضمت إلينا اختها بينما أدارت وجهها ناحية عميلة سيدة مسنّة رفقة خادمتها الفلبينية.كان اسمها ساندرا بوتوني، ومما اخبرتنا به، أنّ الكشك ملك للعائلة. فتحه والدها جياكومو، الشهير بجياكومينو قبل ثلاثين سنة، ويعمل فيه الآن ساندرا، وزوجها، واختها، وجياكومينو. وهم يعيشون في فيليتري، جنوب روما، ويزرعون الفاكهة والخضر ولا يبيعون سوى الطازج من المحصول. والشيء المثير للاهتمام والفضول معاً أنّهم يتبعون في ذلك المباديء القديمة المتعلقة بأطوار القمر. فقد توارث السكان المحليين قناعات بضرورة أن توافق عمليتي الزراعة ووضع البذور القمر في أطوار التزايد (ما بعد الهلال وقبل البدر). " هنالك أفكار غاية في القدم، ونسعى للمحافظة على تلك الثقافة،" تقول ساندرا. هذا وتضمن التربة البركانية في المنطقة تميز خضرواتهم بطعم لا مثيل له. تزورهم الآن عميلة قديمة- عائدة لتوها من اليابان- لشراء نصف ثمرة شمام. وبينما تشرع ساندرا في قطع الثمرة تشرح لنا هي السبب وراء مجيئها لهذا الكشك لسنوات. " لا يراعي السوبرماركت الجودة، ولكنها عالية هنا. وأنا أحبّ والد ساندرا. جياكومينو بالفعل أفضل رجل في الساحة!" كما تقول ساندرا، لقد تغيرت عادات التسوق. كانت العائلات تشتري اثنين أو ثلاثة كيلوات من الخوخ في المرة الواحدة. والآن يشتري الأفراد ثلاثة أو أربعة حبات من الفاكهة فقط. " اعتاد الناس على شراء كميات كبيرة مرة أو مرتين في الأسبوع. ثم تغير كل شيء بسبب اليورو والمتاجر الكبيرة ومراكز التسوق. لم يعد الشباب يفهمون ثقافة وتقاليد السوق. إنهم في عجلة من أمرهم. وهذا يؤثر علينا بالطبع. لكن جودة الطعام في السوق اعلى ومن يفهمون ذلك يظلون يقصدوننا." بالنسبة لكارفاجو فأنا أشتري التفاح (والذي وجدناه رائعاً في الحقيقة). تقوم آنا بشراء احتياجات الاسبوع كله. ونتحدث بود مع زايرا من رومانيا ورجل يبيع صلصة المعكرونة الجافة، ولكن اقتربت الظهيرة وبدأت آنا تشعر بالتعب. عليه فلا بد أن نسرع فتبقت لنا آخر أربعة أشياء، ولنرى ما سنجده منها في كشك "ماريا" على الجانب الآخر من الساحة، بجانب تمثال برونو. يتزود هذا الجزء من سوق الخضر بجميع محصولاته من السوق الكبير في لونغيزا بالقرب ن تريفولي. هل لديكم أي فاكهة غير فاكهة الموسم؟ " لدينا كل شيء!" يقول اليساندرو، والذي تدعى والدته ماريا، كما كانت أمها تسمى، وبالتالي فإن اسم العمل الذي افتتح في عشرينيات القرن العشرين يبيع الأعشاب البرية للمطاعم في المنطقة. ولدى اليساندرو تين من صقلية، ورمان من إسرائيل، وعنب أحمر من تشيلي، وأبيض من صقلية ونعناع زكي الرائحة لدرجة غير معقولة من الريف الروماني. يقول" لقد عشت هنا منذ أن كنت طفلاً،". وهو يعيش الآن في اوستيا، ولكنه يتذكر جيداً عندما كانت منطقة وسط روما تزدحم بالفقراء. " كانت الشقة التي تتكون من خمس غرف في هذه المنطقة تؤوي في كل غرفة عائلة مختلفة. ثم ازدهر الاقتصاد في الستينات. والآن يسكن في ذات الشقة بحجراتها الخمس شخص واحد، أو على أكثر تقدير، أسرة واحدة."لكننا لا نزال بحاجة إلى ثمار المشملة. وسوف نحصل عليها من سونيا، وهي خريجة درست الأدب الإنجليزي، وتدير كشكاً مع أمها في الجزء الأقصى من الساحة. المشملة- من أسبانيا- كانت قديمة إلى درجة ما، لكنّا محظوظين بالحصول عليها. درست سونيا اللغة الإنجليزية في لا سابينزا، ثم في بوسطن، في لندن وفي الجامعة في مانشستر. لقد حصلت على دورة في تدريب المعلمين في غرينوبل أيضاً ولكنها عادت لتعمل مع امها. لم؟ " إنّها تجارة العائلة، وإن لم تعرف شخصاً ما فلا يمكنك الحصول على شيء. لقد كان الأمر كذلك عندما كنت أصغر سناً، وما زال كذلك الآن." ترتدي والدتها قميصاً عليه شعار نادي روما لكرة القدم، وعقد غريب من الفلفل الحار المجفف. إنّها تنظر إلينا وتبتسم، ترفع قبضتها وتهتف: " روما! روما!"عدنا إلى الشقة وبدأ العمل الصعب لإعادة إنتاج اللوحة فعلياً. انضمت إلينا العائلة كلها. واقترحت استخدام طبق أزرق من البلاستيك من النوع المستخدم للغسيل بدلاً من سلة الخوص للإشارة إلى المفارقة الحداثية. غمغمت فاليريا ساخرة، ومضت تبحث عن سلة خوص من طراز يعود للقرن السادس عشر. هنالك واحدة في غرفة المعيشة. شعر ليبراتو (والد فاليريا) بالملل، ومضى ليشاهد التلفاز. ناديا(والدتها) تدرس اللوحة في هذه الأثناء، وتعمل على التحقق من مواقع الفاكهة حسب اللوحة. شرعت هي وابنتها في ترتيب الثمار كما لو أنّها لعبة صور مبعثرة. شقت الرمانة. وكان علينا الاحتيال فيما يخص الزخرفة باستخدام أوراق الجهنمية من الشرفة. دلف ليبراتو فجأة ليرى كيف تسير الأمور. وأخيراً انتهينا من السلة! وإن كنت انتقائياً لانتبهت للتفاصيل: حيث كانت كمثرى كارفاجو حمراء والتي حصلنا عليها كانت خضراء فاتحة. ليس لدينا تين أسود والرمانة يجب أن تكون أصغر بكثير. ولكن ليس الأمر بذاك السوء، وسلتنا بلا شك كانت أفضل من سلة ديريك جارمان. الذي ملأها بالشمام والليمون واليوسفي! هاوٍ! ولم يتبق سوى أخذ الصورة. لقد كنت أدور حولها وأدركت أنني لا استطيع إعادة رسم الظل والضوء في الخلفية. وعليه فسوف نقوم بعد كل هذا باستخدام المفارقة الحداثية. فاليريا في زيّها الروماني، تبدو أجمل كصبي أجير من القرن السادس عشر، وتتذمر من ثقل وزن السلة. تقف ببسالة على الشرفة. يتلاشى الضوء بسرعة، ولكن بإلامكان التعرف على الكنيسة في الخلفية، ومبنى الشقة المجاورة، والطائرة المتجهة إلى كيامبينو، والحقل حيث يجري بناء مركز رياضي جديد. أوه كل شيء على ما يرام. هذا عمل رائع. يجدر بهم تعليق هذه الصورة في أحد المتاحف. --------- عمْواسالإنجليزية: Emmaus. اسم عبري معناه "الينابيع الحارة" وهي بلدة على بعد ستين غلوة من القدس، وهي قرية في أرض فلسطين، لم تذكر إلا في إنجيل لوقا. وقد ظهر المسيح المقام لتلميذين كانا ذاهبين من القدس إلى عمواس في يوم القيامة (تلميذيّ عمواس)، وعرفاه عند العشاء في عمواس (لو 24: 13 و29 و33). ويقول بعضهم أنها مزرعة عمواس، على بعد 22 ميلًا من القدس (قرب اللد) ولكن هذه المسافة أطول من أن تقطع في منتصف الليل. ويرجح أنها قبيبة إلى الشمال الغربي من القدس بسبعة أميال. ----------------قبيل النضج: الجنون والجمال والأغذية في روماتأليف: ديفيد ونر- ترجمة: أميمة قاسمبتكليف ورعاية من الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي، وبدافع من حب المعرفة والسعي لنشرها قامت القرية الإلكترونية بتوفير هذه النسخة منAl Dente قبيل النضج: الجنون والجمال والأغذية في روماتأليف: ديفيد ونر- وسوف نقوم بنشرها على حلقات تباعاً هنا في جوجل بلس نأمل أن تحوز إعجابكم وأن تكون مساهمة في #نشر_المعرفةصفحتنا الرسمية في فيس بوك :https://www.facebook.com/mohammed.suwaidi.poet/منصتنا في جوجل بلس لمتابعة باقي مشروعاتناhttps://plus.google.com/+HisExcellencyMohammedAhmedAlSuwaidi?hl=ar(جميع الحقوق محفوظة), Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi....
اعرض في فيس بوك , Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi قبيل النضج - الجنون والجمال والأغذية في روماالفصل الخامس- عصارة السمكتأليف: ديفيد ونرترجمة: أميمة قاسم---- ما يزال النقاش حول صلصة السمك دائراً، وتظل مثيرة للجدل"غروكوك....
اقرأ المزيد ... قبيل النضج - الجنون والجمال والأغذية في روماالفصل الخامس- عصارة السمكتأليف: ديفيد ونرترجمة: أميمة قاسم---- ما يزال النقاش حول صلصة السمك دائراً، وتظل مثيرة للجدل"غروكوك وغرينجر (محرران) ابيسيوس، 2006- تميزت عصارة السمك المخمّرة- garum أو liquamen- بالرائحة الأقوى في الإمبراطورية، والنوع الأكثر تقديراً من قبل الذوّاقة، والآن ليس هناك من يعرف كيف كان طعمها آنذاك.وقد كانت تتمتع بشعبية بين الرومان القدماء تعادل الصويا في المطبخ الياباني أو الشحوم في البيرغر، أو الملح في البطاطا الفلمنكية أو الأنشوجة المملحة في البيتزا بنكهة الانشوجة المملحة. وقرطاج هي المنشأ لإحدى أغلى علامات عصارة السمك ثمناً وأكثرها طلباً، وتنتج عن طريق إغراق سمك الماكريل في سوائل مجموعة أخرى من أسماك الماكريل، ثم تركها تتحلل، ثم قشد المادة الطيبة من على سطح السائل الناتج. وكان يطلق على هذا المنتج الشهياسم garum sociorum، وهو يكلف ألف قطعة نقدية من فئة السسترس(sestereses). "وفي ما عدا العطور لم يكد أي سائل آخر يصل إلى سعر كهذا، يقول بليني الكبير.ونعرف أنّ طعمها كان كطعم السمك مع قوة في النكهة، ومالحاً لدرجة كبيرة. يقول الخبراء إنّه أقرب مايكافئها في الطعم في العصر الحديث هي صلصة سمك النوك نام الفيتنامية المالحة. وبكثير من الجهد والمال استطعت الحصول على زجاجة من النوك نام، واستطيع الجزم بأنّها قوية النكهة وشديدة الملوحة على الرغم من أنّها قد لا تكون في قوة صلصة السمك الرومانية الغاروم. وقد قال الذوّاقة عن الغاروم أنّها صافية، قاتمة، وبلون الخل. وهذه كذلك. ولكن المنتجات الرومانية تمتعت دائمة بتعدد مستويات الدرجة، والقوام، والنكهة. وتميزت بطعم مختلف. عليه فإنني فخور جداً كوني أمتلك قارورة من عصارة السمك الفيتنامية- ولكنها ليست الأجود. لا أحد يعلم على وجه التحديد إن كانت صلصة السمك الغاروم تُصنع من السمك الكامل، أم من أحشاء السمك أم دمه، أو مزيجاً من كل ذلك بجانب أشياء أخرى مثل الجلد والمخ، والتوابل والأعشاب. هل كان يستخدم لصنعها نوعاً واحداً من السمك؟ أم مزيج من أنواعه؟ هل كان الغموض يكتنف عملية التصنيع بنفس القدر؟ هل كان مزيج لحم السمك والدم والأمعاء وما إلى ذلك يُترك ليتعفن ويتخمر تحت أشعة الشمس لأشهر؟ (يحدث ذلك في بعض الأماكن، وله رائحة رهيبة للغاية ولذلك تم إبعاد أوعيتها عن مساكن البشر بقدر الإمكان، وقد كان محظوراً داخل روما). هل كان استخلاص السائل (أو العجينة) من السمك (أو قطع السمك) يتم عن طريق عملية التمليح بدلاً عن ذلك؟ سؤال وجيه للغاية. استخدمت البقايا أيضاً، ولكن بأسماء مختلفة، وكانت أرخص ثمناً، ولم تكن بذات الطعم.ومهما كانت الإجابات، يجوز أن نقول بأن المطبخ الروماني لم يخل في كل الأوقات- على الأرجح، وفي جميع الظروف من نكهة الأسماك. وفي كتاب الطبخ الوحيد الذي نجا من حقبة الإمبراطورية، دي ري كوكيناريا، لم نجد طبقاً يخلو منها. وقد صدر الكتاب في القرن الرابع تحت عنوان أحد عشاق الطعام في القرن الأول: ماركوس غافيوس ابيسيوس، والذي تناول فيه خلاصة سمك مع كل المكونات: مع اللحم الأحمر، مع اللحم الأبيض، مع الخضروات، ومع الفاكهة...ومع الأسماك. سم أي نوع من الأكل يمكن تناوله في أي مكان داخل الإمبراطورية وستجد أنّ الرومان القدماء كانوا يرونه أطيب طعماً مع صلصة السمك المالحة القوية النكهة. ------------------قبيل النضج: الجنون والجمال والأغذية في روماتأليف: ديفيد ونر- ترجمة: أميمة قاسمبتكليف ورعاية من الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي، وبدافع من حب المعرفة والسعي لنشرها قامت القرية الإلكترونية بتوفير هذه النسخة منAl Dente قبيل النضج: الجنون والجمال والأغذية في روماتأليف: ديفيد ونر- وسوف نقوم بنشرها على حلقات تباعاً هنا في جوجل بلس نأمل أن تحوز إعجابكم وأن تكون مساهمة في #نشر_المعرفةصفحتنا الرسمية في فيس بوك :https://www.facebook.com/mohammed.suwaidi.poet/منصتنا في جوجل بلس لمتابعة باقي مشروعاتناhttps://plus.google.com/+HisExcellencyMohammedAhmedAlSuwaidi?hl=ar(جميع الحقوق محفوظة), Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi....
اعرض في فيس بوك , Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi قبيل النضج - الجنون والجمال والأغذية في روماالفصل الرابع- القواقعتأليف: ديفيد ونرترجمة: أميمة قاسم---- كتب رائد فن الطبخ في روما القرن الحادي والعشرين قائلاً: " ليس....
اقرأ المزيد ... قبيل النضج - الجنون والجمال والأغذية في روماالفصل الرابع- القواقعتأليف: ديفيد ونرترجمة: أميمة قاسم---- كتب رائد فن الطبخ في روما القرن الحادي والعشرين قائلاً: " ليس ثمة سعادة حقيقية حيث لا ينال جانب مهم من جوانب حياتنا مثل الطعام ما يستحق من الاهتمام." وقد كانت آدا بوني سيدة لطيفة وقورة من إحدى أرفع عائلات الطبقة الوسطى ؛ يقال إنّها ابتدعت طبقها الأول قبل أن تتجاوز عامها العاشر من العمر. كانت عائلتها تعمل في صياغة الذهب، وكان عمها أدولفو جاكوينتو طباخاً مشهوراً. وقد قامت آدا بتحرير مجلتها الناجحة في فن الطبخ بين عامي 1915 و 1959، وكانت تحمل عنوان بريزيوسا (Preziosa- النفيسة). ويعتبر كتابها الأفضل مبيعاً: طلسم السعادة، الذي صدر للمرة الأولى عام 1929، محتوياً على 882 وصفة (زيدت لاحقاً بمساهمة من آخرين لتصبح أكثر من 2000 وصفة)، في أهمية كتاب أرتوزي علم الطهيScience in the Kitchen. وقد ظل كتاب بوني هو ما يرجح أن تتلقاه العروس الإيطالية كهدية زفاف في أغلب الأحوال. وهي تتميز بالأناقة، والموهبة والشعبية، وكانت تقدّم برنامجاً في الإذاعة، ونادرا ما كانت تظهر في الأماكن العامة في الصيف بدون مظلتها البيضاء. كانت تعطي دروس الطهي للسيدات الآخريات من الطبقة الراقية في منزل عائلتها بقصر اوديسكالتشي، وصرّحت بأنّ الطبخ : " أكثر الفنون إثارة للبهجة، وفي ذات الوقت، أكثر العلوم إمتاعاً". وكما تبين من الطلسم فهي لم تناصر النساء: " الكثيرات منكن، عزيزاتي السيدات والفتيات، يعرفن كيف يعزفن البيانو جيداً، أو يؤدين الأغاني بطلاوة أنيقة، وغيركن كثيرات يحملن ألقاباً رفيعة في الدراسات العليا، ويعرفن اللغات الحديثة، وكاتبات رائعات أو رسامات بارعات، كما نجد منكن من يجدن لعب التنس أو الجولف، أو يدرن دفة قيادة سيارة فارهة بكل ثقة. ولكن، واحسرتاه، ليس باستطاعة جميعكن ادعاء- إن حكمتن ضمائركنَّ قليلاً- معرفة كيفية سلق بيضتين إلى درجة دون الاستواء بالضبط." . كما كانت باحثة موهوبة أيضاً، ورومانية فخورة من الجيل السادس. كتابها La cucina romana: piatti tipici e ricette dimenticate di una cucina genuine e ricca di fantasia(المطبخ الروماني: أطباق نموذجية ووصفات منسية من مطبخ أصيل وثرّ الخيال)، كان مخاضاً للحب، وتسجيلاً لأسلوب الطبخ الذي بدأ يختفي تحت وطأة العصرية، والذي ربما أصبح طي النسيان لولاه. وفي ما يلي نقتبس من ذلك الكتاب، والذي لم يترجم قط إلى الإنجليزية، وصفها الساحر لقواقع الكروم التقليدية:هنالك عيد روماني تقليدي في شهر يونيو، إنّه ليلة القديس يوحنا. وقد فقد على مدى السنوات جزءاً كبيراً من حيويته غير المسبوقة، بيد أنّه ما زال يمثل الوجهة التي تلتقي عندها جماعات مختلفة من كل أنحاء روما. وسط شذى الأكاليل والسنابل، تحفهم الآلاف من الأنوار بألوان عديدة، وعازفو الغيثار والماندولين الجوالة، تهفو نفوس هذه الحشود لإحياء هذا الطقس الشعبي. وكما تعلم، تنتهي الأمور دائماً بالطريقة نفسها، يقتحم الرومان الحانات، والمطاعم الصغيرة، والكثير من المتاجر المؤقتة لتناول الطبق التقليدي الذي نقدم هنا وصفته الأصلية التي تداولتها الأسر الرومانية جيلاً بعد جيل.النداء المعروف لبائع القواقع والذي يحمل كمية بعينها من القواقع النيئة التي يؤثر ورودها من مزرعة للكروم، هو : قواقع الكرم!" “de vigna le lumache!”. إنهم يحتفظون بالقواقع في وعاء كبير (سلة من الخوص في العادة) يغطيها، بعد الاطمئنان إلى سهولة حركة الهواء داخلها. ويضعون بداخل السلة بعض فتات الخبز الطري، بعد غمسه في الماء وعصره، بالإضافة إلى بعض أوراق العنب.تترك القواقع لبضعة أيام، ثم توضع في حوض كبير مليء بالماء مع ذرة من الملح، وكوب من الخل. ابدأ تقليب المحار بيديك: ينتج عن الغسلة الأولى هذه قدرٌ من الرغوة. استمر في عملية التنظيف، مع مراعاة تغيير المياه بضع مرات وإضافة الخل حتى لا يبقى في الماء زبد. ثم يتم شطف القواقع بعناية في الماء النقي، وتغيير المياه بضعة مرات. ثم توضع القواقع في مرجل على نار هادئة. وبينما ترتفع حرارة الماء، ستبدأ القواقع في سحب رؤوسها من أصدافها. وهذه هي اللحظة المناسبة لرفع درجة النار حتى تعبر هذه الكائنات الصغيرة إلى الحياة الأفضل قبل أن تتمكن من إعادة رؤوسها إلى صديفاتها. وعندما تصل المياه إلى نقطة الغليان، تترك القواقع لتغلي لعشر دقائق. ثم تؤخذ بواسطة ملعقة كبيرة مثّقبة، وغسلها للمرة الأخيرة ومن ثم وضعها في حوض كبير مملوء بالماء البارد. والآن نضعها في مقلاة من الفخار. وعلى ذكر الآنية الفخارية فإنّه يجدر الإشارة إلى أنها استخدمت في المطبخ الروماني بما في ذلك المقالي والقدور، والتي كانت تسمى في روما بالخزف. ضع بعض الزيت، وقليلًا من فصوص الثوم في المقلاة. وعندما يذبل التوم قليلاً ارفعه، واضف ثلاث أو أربع قطع من الأنشوجة، التي سبق غسلها، وإزالة العظم منها وتقطيعها إلى أجزاء صغيرة. قم بهرس السمكات بملعقة خشبية، وعندما تذوب، اضف إليها كمية من البندورة مناسبة لكمية القواقع. تذكر ضرورة أن تكون كمية صلصة الطماطم كبيرة في هذا الطبق. يجب إزالة قشرة الطماطم، والبذور، وتقطيعها إلى أجزاء صغيرة. وعندما يغدو قوام الصلصة سميكاً تبّلها بالملح، والكثير من الفلفل، وذرَّة من أوراق النعناع (ذلك النوع من نعناع المروج البري المعروف في روما باسم mentuccia). ويجب – بشكل عام- أن تكون الصلصة حريفة، بإضافة بضعة قطع من الفلفل الأحمر، وإن كانت ثخينة القوام يمكن إضافة القليل من الماء. ضع القواقع في مقلاة، واتركها نصف ساعة تقريباً لتتشرب النكهة على نار متوسطة. ------------------قبيل النضج: الجنون والجمال والأغذية في روماتأليف: ديفيد ونر- ترجمة: أميمة قاسمبتكليف ورعاية من الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي، وبدافع من حب المعرفة والسعي لنشرها قامت القرية الإلكترونية بتوفير هذه النسخة منAl Dente قبيل النضج: الجنون والجمال والأغذية في روماتأليف: ديفيد ونر- وسوف نقوم بنشرها على حلقات تباعاً هنا في جوجل بلس نأمل أن تحوز إعجابكم وأن تكون مساهمة في #نشر_المعرفةصفحتنا الرسمية في فيس بوك :https://www.facebook.com/mohammed.suwaidi.poet/منصتنا في جوجل بلس لمتابعة باقي مشروعاتناhttps://plus.google.com/+HisExcellencyMohammedAhmedAlSuwaidi?hl=ar(جميع الحقوق محفوظة) , Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi....
اعرض في فيس بوك , Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi قبيل النضج - الجنون والجمال والأغذية في روماالجزء الثالث- الصوم || تأليف: ديفيد ونر | ترجمة: أميمة قاسم---- "ليستحيل- أبداً- شبعها جوعاً، ولقمتها مسغبة"القديس جيروم القديس....
اقرأ المزيد ... قبيل النضج - الجنون والجمال والأغذية في روماالجزء الثالث- الصوم || تأليف: ديفيد ونر | ترجمة: أميمة قاسم---- "ليستحيل- أبداً- شبعها جوعاً، ولقمتها مسغبة"القديس جيروم القديس جيروم هو أحد عمالقة عهد تكوين المسيحية، ومؤرخ وكاتب سيرة، ومترجم، وصديق للبابا. وفي عام385 كان الرجل المعروف بالقديس جيروم قد غادر روما إثر فضيحة لحقت به ثغرتي البطن والفرج.وقد تلقى جيروم في شبابه العلم في المدينة، ولكنه ابتعد عنها ليطور نفسه في البحث واللاهوت. لقد اشتهر كرائد الزهد، كما عرف عنه أيضاً أنّه كان رجلاً سفيهاً وكثير القدح في الناس، وكثيراً ما كنت لصداقاته نهايات مريرة. (عندما توفي صديقه الحميم فجأة أثناء مجادلة كتابية في اللاهوت، دعاه جيروم " الأفعى متعددة الرؤوس التي توقفت عن الفحيح".) وبعد أيام دراسته في روما، سافر جيروم إلى مناطق كثيرة، وكتب سيرة بولس طِيبة، الناسك الذي عاش في الصحراء لا قوت له سوى التمر ونصف رغيف من الخبز يحضره له غراب أسود. كما ترجم جيروم أعمال أوريجانوس (عالم اللاهوت الذي يحكى أنّه قد أخصى نفسه مكرساً إياها لخدمة الرب على الرغم من أنّه لم يفعل على الأرجح). وقد جرّب جيروم الرهبنة لثلاث سنوات أيضاً، حارقاً بشرته في شمس سورية، صائماً حتى أصبح بدنه جلداً على عظم، ولم ينج تماماً من عذابات الشهوة. ولدى عودته إلى أنطاكية تم ترسيمه أسقفاً. ودرس على يد جريجوري الناصرة في القطسنطينية. وعندما عاد جيروم أخيراً إلى روما في عام 381 عينه البابا داماسوس سكرتيراً له، وأقنعه ببدء عمله العظيم في ترجمة النصوص العبرية والإغريقية إلى اللاتينية. فكانت الفولجاتا ، أكثر كتب أوربا في العصور الوسطى أهميةً. فقد قدّم البابا جيروم إلى مجتمع السيدات الارستقراطيات اللواتي أصبح لهن كنسخة عكسية من راسبوتين . حيث هيمن راهب القرن العشرين على إمبراطورية جميع الجمهوريات الروسية حتى ينغمس في شهواته الهائلة للطعام والجنس، وقد سيطر جيروم نفسياً على دائرته بهدف الدعوة إلى الزهد الشديد. ولقد مرت الآن سبعون سنة منذ أن جعل قسطنطين العبادة المسيحية التي كانت مضطهدة ديناً رسمياً للدولة. ونقل العاصمة الامبراطورية إلى بيزنطة، تاركاً روما في حال لا تحسد عليه؛ ففقدت المدينة الكثير من بهائها، وأخذت بقايا ارستقراطيتيها تكتسب صبغة مسيحية. وقد تحدث جيروم عن التغيير الذي تسلل إلى المدينة في شيء من الرضى: "تعاني العاصمة المذّهبة من الخراب، ويعتلي الغبار وشباك العناكب جميع كنائس روما[...] تهتز المدينة فوق أساساتها، ويهرع البشر أفواجاً، مروراً بالمعابد المتهالكة، إلى أضرحة الشهداء". بيد أنّه حتى أعيان المسيحيين قابلوا تعصبّ جيروم بالارتياب. وقد أطلق عليهم بالمقابل لقب المسيحيين "الكذبة"، منددا برجال دين المدينة وعلق أكثر في دائرة معجبيه، التي ضمت بولا، وهي أرملة مسيحية غنية وأم لخمسة أطفال. وقد ازدادت التزاماتها الدينية صرامة فوق ما بها؛ فتركت أطيب الطعام إلى أبسطه، وصلَّت أبداً، وافترشت الأرض في قصرها. وبدأ جيروم يوجه اهتمامه الشديد بالسلامة الروحية لبناتها أيضاً. كانت روما تستعد لاختبار إحدى لحظات التحول الفاصلة عن حضارتها القديمة التي أوشكت القوى الجديدة على طمسها. كان جيروم ذا دور أساسي في هذه العملية، وساعد في بلورة السلوكيات الجديدة تجاه الطعام والجسد التي كانت على نقيض ما تعارفت عليه المدينة وألفته. وبينما وضع التفكير الرومانوغريقي الإنسان في مركز العالم، وقدسوا الجسد، صدَّر رواد المفكرين المسيحين مفهوماً جديداَ: كان الجسد البشري دنساً بالوراثة، وغرضاً لمن تعيّن كبت حاجاتهم والخوف منها. أما الوظيفة الطبيعية للجسد فقد أُعيد تصنيفها كجريمة أخلاقية. وكانت آراء جيروم واضحة في معظم خطاباته الشهيرة، إلى البنت الكبرى لبولا، المراهقة يوستاشيوم. وقال لها إنّه ينبغي تجنب الدسم من الطعام، لأنّه يزيد من الشهوة. لقد تسبب الطعام في سقوط القمر، لأن " آدم أطاع بطنه وليس الرب". ويجب الابتعاد عن الخمر أيضاً لأنّه كان "مثل السم" أول سلاح استخدمته الشياطين ضد الشباب". وقد ساعد الكثير من رجال الدين الآخرين على تشكيل الزهد المسيحي الجديد المرهق في ذلك العصر بممارسة الصوم والدعوة إليه كجزء من التلمذة الروحية الكبرى. بيد أنّ جيروم اعتبره – حصراً- ترياقاً لما كان يخافه أكثر من أي شيء آخر: الجنس. لقد اعتبر البتولية هي الحالة الإنسانية النموذجية، واعتبر الزواج مقبولاً فقط لأنّ من خلاله يأتي المزيد من العذارى والأبكار. (لقد كان كذلك واحداً من مؤسسي فكرة أنّ مريم، والدة المسيح، كانت عذراء على الدوام، إذ صمم على أنّها ويوسف لم يكونا زوجين، وأنَّ ليوسف أبناء عمومة وخؤولة وليس أشقاء. ولتعزيز هذه الآراء، كما اتضح، لابد أن نثبتها في الثقافة المسيحية، فقد قام بالعبث بترجمة النبوءة في أشعياء (أشعياء 7:14) "انظر لعذراء[الما في العبرية] ستحمل وتنجب ابناً". كما تشرح ميري روبن في كتاب والدة الرب، لا تعني كلمة "الما" "عذراء" بل "امرأة شابة".)كان جيروم يؤمن بضرورة تقليل الكميات المتناولة من الطعام قدر الإمكان، لأنّ هذه هي الطريقة المثلى لكبح الدافع الجنسي. وفي خطابه، ليثير الفزع في قلب يوستاشيوم وإلهامها، وصف جيروم تجربته كراهب بالتفصيل عندما " كانت الدموع والأنّات هي حصتي اليومية". لقد قال: "لا أقول شيئاً عن الطعام والشراب: لأنني حتى في وقت المرض، لم يكن في الصومعة سوى الماء البارد، والأكل من طبخ يدي كان رفاهية ودلالاً[..] لم يكن لي رفاق سوى العقارب والوحوش البرية، وكثيراً ما وجدت نفسي وسط جماعات من الفتيات. كان وجهي شاحباً ويرتعد جسدي من وهن الصيام؛ بيد أنّ عقلي كان يشتعل رغبةً، ونيران الشهوة ما فتئت تلتهب أمام عينيّ بينما لم يكن لحمي بأفضل من لحم الموتى." إن كانت أخطار الشهوة مؤذية له، فإلى أي مدىً من السوء قد تضرّ بصبية فتية مثل يوستاشيوم؟ وإنْ كانت غوايات الرجال أقوياء البنية قد كبحت بالصوم، حتى لا يضطرون إلا لاحتمال الأفكار الشريرة، فكيف يكون وقع ذلك على فتاة تتشبث بمتعة العيش الرغد؟ فحثّ جيروم يوستاشيوم على المحافظة على عفتها، والمداومة على الصلاة، وأن لا تصادق سوى غيرها من العذارى طاويات البطون جوعاً.وفي خطاب آخر، لزوجة ابن بولا، لايتا، التي طلبت النصيحة حول كيفية تربية ابنتها، يحضّها جيروم: " ليكن غذاؤها من الأعشاب وخبز القمح وواحدة أو اثنتين من السمك الصغير بين الفينة والأخرى. ودائماً لا تطعميها حتى الشبع، ولتبدأ في تلك اللحظة القراءة أو الغناء [..] دعيها تشعر بالخوف عندما تترك وحدها [...] ولا تدعيها تتحدث مع العالم.". كان جيروم يعارض أفكار الصحة الوثنية القديمة بشدة: " من يغتسل في المسيح لا يحتاج إلى إعادة الغسل." أما بالنسبة للعذراء البالغة، فقد كان " تعمد القذارة " مستحباً، والاستحمام مكروهاً بشدة. يجب أن " تحمرّ خدود العذراء وتشعر بالذل حيال رؤية جسدها العاري. وتقتل جسدها بالسهر والصوم حتى يخضع تماماً. وبالعفة الباردة تسعى لإطفاء الشهوة المشتعلة، وقمع رغبات الملتهبة. وبالقذارة المتعمدة تفسد جمال مظهرها الطبيعي. فلم عليها إذن أن توقد النار النائمة باستحمامها؟ أو كما تقول تلميذته بولا لاحقاً: " الجسد النظيف والملابس الطاهرة دليلان على دنس الفكر". وقد أدت وفاة أخت يوستاشيوم الكبرى بليسيلا إلى إنهاء إقامته في روما. بليسيلا التي كانت امرأة شابة متزوجة نابضة بالحياة في العشرين من عمرها، سعيدة وعادية؛ أقنعها جيروم بعد الوفاة المفاجأة لزوجها بأنّ تصبح مسيحية مكرّسة. كفى حداداً على زوجك، قال لها، واحزني على ضياع عذريتك بدلاً عن ذلك. لقد ألهمها الصلاة والصيام، واتخاذ الخطوة الأهم نحو نبذ فكرة الزواج مرة أخرى. سقطت عندها بليسيلا مريضة بنوع خطير من الحمى "الشديدة"، والتي اعتبرها جيروم أمرًا صالحًا، لأنّه سوف يساعدها على الابتعاد عن " الاهتمام الزائد بذلك الجسد الذي سرعان ما ستلتهمه الديدان". لقد كانت الحمى من الشدة بحيث منعت بليسيلا الأكل لفترة مؤقتة. وعندما تعافت نصحها جيروم بمواصلة الصوم حتى " لا تحفز الرغبة من خلال عنايتها بالجسد". لم يتم تحفيز الرغبة في الحقيقة؛ فبليسيلا الآن "تترنح وهناً، وكان وجهها شاحباً، ومرتجفاً، فعنقها النحيل يتماسك بالكاد أمام ثقل رأسها". كانت في اقترابها من الموت "تلهث وترتعد" وأخيراً " "رفعها" المسيح. في أقل من أربعة أشهر قضتها تحت رعاية جيروم؛ تحولت بليسيلا من سيدة شابة معافاة إلى راهبة ميتة. وعندما أغمى على والدتها من الحزن أثناء مراسم الدفن، وبخها جيروم، قائلاً إنَّ ابنتها الآن " حية في المسيح" وعلى أي مسيحي أن " يبتهج لذلك".لقد كانت بليسيلا في حياتها " تستمتع بشيء من اللامبالاة"؛ أما في الموت فقد جلست " بشحمها ولحمها مع الرب". وبدا أن بولا قد تقبلت منطق هذا التعبير. وفي عام 384 توفي البابا داماسوس حامي وراعي جيروم، فأمر مجلس رجال الدين الرومان بمغادرة جيروم المدينة، وقد فزع المجلس من سلوكه في قضية بليسيلا، ولديه شكوك بأنَّ علاقته ببولا كانت ذات طبيعة جنسية. ولحقت به بولا ويوستاشيوم. وبعد جولة على الأماكن المقدسة في القدس التقوا جميعاً في بيت لحم. وهناك وعلى نفقة بولا، أسسوا لحركة الرهبنة الناشئة، وذلك بإعداد أديرة للنساء، وواحد للرجال. كان جيروم قد أنهى ترجمة الإنجيل، وعاش حتى عام 420. ويعتبر الثلاثة جميعهم من القديسين جنباً إلى جنب: أوغسطين، وامبروزيه، والبابا جريجوري الأول، وظل جيروم موقراً بين الكاثوليك باعتباره واحداً من أطباء الكنيسة الأصليين. وقد جاء فيلم بشارة المطر وهو يحمل رؤيا خيالية لعلاقة جيروم الغريبة ببولا، وهي ""رواية شعرية"" صدرت عام 2010 للشاعرة والناشطة النسوية " والزميلة لمرة واحدة في (الأكاديمية الأمريكية بروما) ماريا سيمون. لقد كرّمت جيروم باعتباره "أب الترقيم"، ولكنها رأت فيه شخصية تراجيدية " في حرب مع ذاتها" إذ كانت كتاباته وشخصيته العامة ليست في تصالح مع رغباته الخاصة. وفي قصائدها جاء اهتمامه ببولا جنسياً صريحاً وروحياً معاً؛ فقد لاحظ وجودها أول مرة بين " أرامل الأثرياء والدبلوماسيين" وقد جذبته شفتاها "الحمراوان مثل حبات الرمان، والمتغضنتان قليلاً عند النطق بالحروف المتحركة والثابتة في الطقوس الدينية". وقد عانى لاحقاً من الاحتلام بها، وتخيلها عارية في حمامها. لقد كانت هذه الرؤيا مزعجة للغاية حتى إنَّ إحدى أولى أفكاره بعد الاسيتقاظ كانت تقضى بضرورة منع الاستحمام. وتمضي القصيدة، غفواته المشحونة بالرؤى المثيرة لبولا دفعت جيروم إلى حافة الجنون؛ فمزق صدره، وغرس الصليب في جسده. وعشقت بولا في هذه الأثناء جيروم كمرشدها الأخلاقي، بالإضافة إلى أنّه رجل يتمتع بصوت جهوري غني. بينما كانت بولا تشعر بأنها "متدثرة بحلل الإيمان" كانت صديقاتها "يعربدن في نهم". قدمت سيمون بكل عناية رأياً متوازناً حول قناعات جيروم عن الطعام. ونراه- عندما كان طالباً في روما- في مائدة حافلة بأطيب الأطعمة:لحم السمان الطري والكركيوقلب دولفين منقوع في العسل مطبوخ بالأفيون حتى يُتخِم الحواسوأطباق من سمك الحفش الساخن والأرز البريمرصعة بالزيتون ومتدفقة من القرعبذخ وافر ينعكس على الكؤوس الذهبيةولكن لا يقدم أيٌّ منها تغذية روحية: " لقد أكلت، وما زلت خاوي الجوف جوعاً." لقد كانت جنسانيته المكبوتة المعقدة مرتبطة بشكل عميق بعذاباته الروحية لفترة طويلة قبل أن يتجه إلى الصحراء (كل يوم/ يختبر العالم جسدي-/ وأُخضعه كل ليلة) ويفكر في الجنس باستمرار، في ما يتعلق بالطعام. لقد كانت هنالك جميلات نوبيات " تنتفخ فروجهن مثل ثمار الجوافة" ومومسات عبريات " نهودهن نضرة مثل الشمام الفارسي". إنّه في سجن ولكنه لا يريد الخروج منه. لقد كبحت الرغبة بالرغبة. والشاعرة تتعاطف كثيرا مع بولا ويوستوشيوم. ولكن الأبيات التي تضعها على لسان ابنة بولا الأصغر روفينا، تتحدث بحسية مختلفة. فالصغيرة تستهجن جيروم باعتباره شخصاً "فاسداً"، ومسؤولاً عن وفاة بليسيلا، وزواج يوستوشيوم بالمسيح" و التضحية الفارغة لبولا بنفسها ومالها في سبيل "الصراخ المتعصب. تؤثر روفينا الشك على الإيمان، وقد تفضل التضحية بنفسها من أجل المتعة. تقول لجيروم: " سوف لن أنضم أبداً إلى عذراواتك."لقد كانت فلسفة جيروم ترتبط على نحو حميم بمصير روما والثورات الدينية والسياسية الخطيرة التي شهدها في حياته. مالت الصورة الشائعة للمسيحية في عهد سقوط روما إلى صورة الكنيسة التي تضطلع بدور خيّر وإنقاذيّ. لقد كانت المدينة والإمبراطورية الغربية تخضع لجيوش البرابرة نتيجة للضعف الموروث. بينما كانت القوى السياسية والاقتصادية والعسكرية للإمبراطورية تتقلص، كانت الثقافة الوثنية القديمة تفقد قوتها وصفاءها وتجانسها. وفي وقت العنف المرعب والانحطاط الأخلاقي هذا، أصبحت المسيحية هي ما يجمع شتات الإمبراطورية ويملأ خواءها بالمحبة والتلاحم. وأخيراً تنقذ الكنيسة برؤيتها الواثقة والمفعمة بالحياة مدنية روما. وقد فعلت الشيء نفسه لأوربا بكاملها. وفي العقد الأخير أو نحوه، اقترح المؤرخون المسيحيون القدماء تفسيراً مغايراً. ويقول أكثرهم تحدياً، تشارلز فريمان، أنّ الثقافة الإغريقورمانية لم تسقط في القرنين الرابع والخامس، بل حوربت. نهاية العقل الغربي: صعود الإيمان وانهيار المنطق (2002)، يتتبع فريمان الثورة الفلسفية والسياسية التي شهدت انتقال المسيحية من الاضطهاد إلى القبول ومن ثم إلى الهيمنة. وقد كاد الإمبراطور قسطنين المبدئي أن يعقد حلفاً مع الكنيسة ليقويّ إمبراطوريته؛ فكان مرسوم التسامح الذي أصدره في 313 يعد "بعدم حرمان أي شخص كائناً من كان من الحرية لتكريس نفسه إما لمذهب المسيحيين أو أي دين يراه أفضل لنفسه". وعليه فقد انتهى به الأمر بفرض سياسات جديدة- سياسات اللاهوت المسيحي الامبريالي. بدأت الكنائس تزداد ثراءً وصورة المسيح أصبحت صورة ملك إمبريالي مقاتل. كان قسطنين يأمل أن يصل إلى الوحدة بإعلانه المسيحية ديناً للإمبراطورية. ولكن المشكلة كانت تكمن في أنّه لم تكن هنالك مسيحية واحدة ذات نظام إيماني محدد، ولكن عدد من الطوائف المتنافسة، والتي تناصب بعضها البعض العداء مثل الآريين، والغنوصيين، والمانوية، والابيونيين وغيرهم من ذوي المذاهب المختلفة، إذ أنّ هنالك ما لا يحصى عدده من الاختلافات المحلية والإقليمية. ولتخفيف التوتر وتوضيح الرؤية نظّم قنسطنطين مجمعاً في نيقية عام425، في محاولة لتقديم إجابة محددة لسؤال طبيعة الرب الذي لم تكن له إجابة معلومة في الأساس. هل كان يسوع مخلوقاً من مادة تكوين الرب، أم جاء خلقه متأخراً وبالتالي أصبح أقل درجة؟ هذا ما اعتقده آريوس ومعظم المسيحيين القدماء، ولكنهم هُزموا في نيقية شر هزيمة. ووصم آريوس بتهمة الهرطقة، ووصفت النصوص كثيرًا من المسيحيين المعارضين للصيغة الجديدة بأنّهم :" خَرِفون ومهرطقون مجانين". وعلى الرغم من ذلك قوبلت أحكام المجمع بالتجاهل على نطاق واسع، وعلى مدى العقود التالية صمد جزء كبير من الثقافة القديمة بينما تعاقبت سلسلة من المجالس التي كانت تتناول القضية بالشد والجذب. وقد جاءت نقطة التحول مع الإمبراطور تيودوسيوس ومجمع القسطنطينية- وهو مناسبة يحقق فريمان في مدى أهميتها في كتابه 381 ميلادية. إنّه ثيودوسيوس- يقول فريمان- الذي خرق عادات التسامح القديمة بمكر، وطرح مفهوم الشمولية الدينية الجديد. كان ثيودوسيوس جندياً عنيداً يعمل باستماتة على وقف تمزق الإمبراطورية وتقسيمها. وقد كان يؤمن، قدرياً، بأنّ تحقيق ذلك الهدف يتأتى من خلال الالتزام بصيغة دينية واحدة.دعا إلى انعقاد مجمع للأساقفة في القسطنطينية (ليسوا من روما، ولا يتحدثون اللاتينية) وأصدر تعليماته لهم بتأييد سياسته الجديدة. وسرعان ما بدأت الدولة في تفعيل قوانين جديدة تمنع الانشقاق، فقضت أولاً بحظر المانوية. وبحلول عام390 تم تجريم جميع أشكال المعتقدات الوثنية، وقُمعت الهرطقة، وهُدمت المعابد الوثنية. وتوسعت قائمة البدع المسيحية المحظورة. كان هذا يحدث في ذات الوقت الذي يتم فيه سحق الفلسفة القديمة. قال القديس بولس،"سوف أدمر حكمة الحكماء"، وهذا ما حدث بالفعل. أُغلقت مدارس الفلسفة، وحُرقت المكتبات الكبيرة. لقد كان الأمر"استئصالاً لثمار للتفكير العلمي والرياضي الجاد في أوروبا لآلاف السنوات". ومع نشوء مبدأ قدرة الدولة على السيطرة على المعتقدات الدينية، طالت يد القانون إلى ما هو أبعد من المسيحية. ففي عام 385 أعدمت الإمبراطورية أول هراطقتها. وبحلول ثلاثينات القرن الخامس أصبح حرق الهراطقة أمراً عادياً. وفي القرن الخامس كان البقاء على قيد الحياة يعتمد على القناعات المسيحية التي تحملها. وكانت آخر الألعاب الأوليمبية في عام393. وقد قُطعت واحدة من أعظم الفلاسفة الوثنيين، عالمة الرياضيات هيباتيا إلى أجزاء، ثم حُرق جسدها على يد جماعة من الرهبان بالإنابة عن واحد من أعتى المدافعين عن العقيدة الجديدة، القديسة سيريل، قديسة الاسكندرية. " تعرضت التقاليد الفكرية الرومانية للقمع، ولم تندثر ببساطة،" يقول فريمان. كانت آخر الملاحظات الفلكية المدونة في العالم الإغريقي القديم كتبت بيد بروكلوس عام 475 بعد الميلاد؛ وقد تطلب الأمر ألف عام لتظهر الأفكار مرة أخرى في كتاب كوبرنيكوس عن الثورات[De revolutionibis]- وتستأنف هذه الدراسات طريقها من جديد. يقول فريمان عندما سقطت الإمبراطورية في الغرب، تمت إعادة كتابة تأريخ الكنيسة، ومواراة الدور الخطير لثيودوسيوس: "ولم يدرك سوى القليل جداً من المسيحيين أنَّ إمبراطوراً رومانياً قد سلبهم حريتهم في مناقشة عقيدتهم. [....] وأنّ التأريخ الأوربي كان سيختلف كثيراً إن كانت [الصيغة] الغربية تسمح بالتعدد في الطرق التي يتعبد بها البشر بعد سقوط الإمبراطورية.". وقد هاجم النقاد نظرية فريمان- فاتهموه على سبيل المثال بتقليل درجة تدهور الثقافة الرومانية والإغريقية قبل المسيحية، وافتقارها للمنطقية. وفي كتابه الأخير تأريخ جديد للمسيحية الأولى يقرّ فريمان بأنّ للمسيحية الكثير من المناقب. لقد أوفت باحتياجات الكثير من البشر، وأراحتهم، كما وفرت إطاراً يمكّن المجتمع من الصمود عند الأزمات، كما أنّها طورت نظاماً أخلاقياً، وكانت مصدر إلهام للحركات الاجتماعية المهمة، والفنون العظيمة. ولكنه يعيد ما قال: " بينما كانت المسيحية في بعض جوانبها واسعة المنظور، فقد كانت ذات أفق ضيق في نواحٍ أخرى [...] لقد خلقت المسيحية الإمبريالية روحاً تصبح معها حرية النقاش ضرباً من المستحيل. فقد سارت فكرة إخضاع الفلسفة جنباً إلى جنب مع تدنيس العالم الطبيعي".وقد وصف بترارك ما تلا ذلك بالعصور المظلمة، فقد تدنت معدلات التعليم، ودخلت أوربا ألف عام من الغباء الذي لم يهدأ إلا عندما صمم توماس اكيناس في القرن الثالث عشر على أنّ العقل هدية من الله ودمج أرسطوطاليس في الكاثوليكية. والآن أصبح الإيمان والعقل شيئاً واحداً لدرجة ما. ويقول أكيناس إنّ كليهما يدعم الآخر. وبعد قرن من الزمان أو نحوه، أصيب طالب القانون التوسكاني(بترارك نفسه)، أصيب بالملل إلى درجة تفوق الاحتمال بسبب الافتقار إلى الحوار الذكي مع معاصريه، فبحث عن الكتابات الكلاسيكية الرومانية والإغريقية التي اختفت لفترة طويلة، فطفق يخالل من راق له من الكتّاب القدماء، مبشراً بحقبة الإنسانوية وعصر النهضة. في هذه الأثناء، وفي القرن الرابع، ثمة ظاهرة مسيحية أخرى بزغت، والتي كانت ستغير وجه روما إلى الأبد: الأسقف السياسي. شبّه الباحث المسيحي الأمريكي فيليب جينكنز تعصب هؤلاء الرجال بذلك الذي يتسم به رجال العصابات الإسلامية الحديثة. " كانت درجة العنف المسيحي في تلك الحقبة المبكرة مثيرة للدهشة. لقد كان هنالك أساقفة وبطاركة يقودون جيوشاً من رجال الدين والرهبان المسلحين، الذين يواجهون بهم المنافسين، مثل الملا المسلم أو آية الله في العراق أولبنان اليوم. كانوا يصدرون أحكاماً ترمي بالمنافسين خارج المجتمع المؤمن، مثل الفتاوى الحديثة. ويغتال المسلحون المنافسين بسبب الاختلاف الديني، يقطعون رؤوسهم ويطوفون بها في الشوارع." كان بعض الأساقفة أقل تطرفاً. وقد ساعد أمبروزيه ميلانو في عملية تدمير المعابد القديمة وأصدر إعلاناً يفيد بأنّ:" جميع الآلهة الوثنية شياطين". وفي عام388 فتح الطريق اللاهوتي أمام العنف المسيحي ضد اليهود، فأضرم مجموعة من الغوغاء النار في كنيس يهودي بتحريض من أسقف في ميزوبوتاميا، وأمر الإمبراطور بمعاقبة الجناة، وإعادة بناء الكنيس. ولكن الامبروزيه كان مصرّا على أنّ" مجد الرب" هو المعنيّ وعلى القانون أن يتنحى جانباً. لا أحد سُيعاقب لأنَّ الكنيس كان "بيت الكفر، ومقر العقوق، ووعاء السفه الذي نهى عنْه الرب بنفسه". وكان البابا داماسوس، حامي القديس جيروم، يدين بمنصبه كأسقف في روما للعنف. عندما توفي سلفه، طالب مرشح آخر هو أورسينوس نفسه بالبابوية. ونشب الصراع بين مؤيدي أورسينوس الذين احتموا بكاتدرائية ليبيريان(سانتا ماريا ماجوري الآن)، فقام مقاتلو داماسوس بالتسلق إلى السقف عندما لم يتمكنوا من فتح الباب، وأحدثوا ثقباً وصاروا يرشقون من بداخل الكنيسة بقطع الرخام الثقيلة، فقتلوا 137 نفساً. كان لهذه المعركة أكبر الأثر في تأمين منصب داماسوس، بيد أنّه حرص- احتياطاً- على تعيين مصارعين أشداء حرساً له. يشبّه جنكينز الأساقفة الأسكندرانيين بعائلة السوبرانو الإجرامية، فقد تزامن أوج نفوذهم مع الانعقاد الثاني لمجمع إفسوس في 449 عندما ضرب رهبانهم بطريرك القسطنطينية حتى الموت وكسروا أصابع كل من حاول الكتابة إلى العالم الخارجي. كانت المناسبة متخمة بالفساد والعنف حتى إنّها عرفت باسم " مجمع العصابة". وفي وصف جيبون،"الرهبان، الذين هرعوا بغضبٍ مضطرب من البرية، يميزون أنفسهم بما فيهم من حماسة واجتهاد [...] في كل مقاطعة من العالم الروماني تقريباً، جيش من المتعصبين، بدون سلطة، ولا انضباط، هاجموا السكان المسالمين، وحطام أجمل المباني العتيقة ما يزال ينبيء بالخراب الذي أحدثه هؤلاء البرابرة، وليس هنالك من يرغب غيرهم في اقتراف مثل هذا الدمار الفادح."تحسّنت مكانة روما باعتبارها مركزاً للمسيحية في عهد داماسوس، الذي دفع بالباوية تجاه الشكل الذي نعرف اليوم. وسابقاً، في التقاليد المسيحية، كانت روما في ظل أورشليم، وأنطاكية، والاسكندرية، والقسطنطينية. ولكن ابتدر داماسوس عملية تجديد كبرى وذلك بتمسكه بمفارقة تأريخية وعلى أساس دليل ضعيف، وهو أنّ القديس بيتر كان أول بابا، وأنَّ روما بالتالي هي "الأبرشية الرسولية" وبما أنّ جميع البابوات مرتبطون ببيتر بمبدأ "الخلافة البابوية". وقد روّج داماسوس أيضاً على عبادة الشهداء، واضطهد الآريين، وأقنع الإمبراطور الجديد بإعفاء جميع البابوات من التزاماتهم تجاه القانون المدني، وبالتالي الإفلات من حبل المشنقة الذي يتأرجح فوق رأسه منذ عملية أورسينوس.ويبين لنا جينكينز في كتابه حروب المسيح: كيف قرر أربعة بطاركة، وثلاث ملكات، واثنان من الأباطرة ماعلى المسيحيين الإيمان به للسنوات ال1500 القادمة، وكيف أنّ المسائل اللاهوتية المستعصية قد نوقشت على أسس من الطموح السياسي والنفعية. وفي القرن الخامس نشأت مسألة جديدة: إلى أي درجة كان المسيح إنساناً وإلهاً؟ ففي جانب واحد من الحجة آمن الوحدانيون بأنّ المسيح ذو طبيعة واحدة (ناسوته متحد بلاهوته)؛ وقد وضعهم هذا في خلاف ساخن مع النساطرة الذين قالوا بأنّ المسيح ذو طبيعتين(ناسوتية ولا هوتية). وتأرجحت المعركة ما بين هذا وذاك. وفرض الوحدانيون رأيهم في مجمع إفسوس الثاني. بعد ذلك بعامين، قام مجمع خلقيدونية بدعم الرأي المعاكس. والآن أصبحت للمسيح-رسمياً- طبيعتان وأي شخص يرى غير ذلك هو في ورطة كبيرة. وفي كل مرحلة كانت الأمور ستمضي بشكل مختلف. المانوية السياسية أو ضربة الحظ كثيراً ما حددت ما سيصبح أرثوذكسياً. ففي إحدى الحالات، يقول جينكينز، تحول العالم على كبوة فرس، والذي رمى وقتل بطل الوحدانيين، الإمبراطور ثيودوسيوس. وقد مهد موته الطريق لأخته إيليا بولخاريا لفرض آرائها. ونظّم زوجها مارقيان مجمع خلقدونية لتدمير نفوذ الوحدانيين في الغرب، وبالتالي المحافظة على مايسمى الآن الكاثوليكانية. بدون ذلك الجواد، لظلت روما على هوامش المسيحية، ولأصبحت الإسكندرية عاصمة للمسيحية، وربما أدى ذلك لتوحيد المسيحية الشرقية، وعدم ارتباطها العدائي بروما الكاثوليكية، في مقاومة للاجتياح الإسلامي في القرنين السابع والثامن وما بعدهما. وبدون ذلك الجواد لكان العالم الآن مكاناً مختلفاً جداً. وحتى نعود إلى العالم الفعلي لجيروم وآرائه حول الجنس والطعام؛ هل كانت هنالك صلة بين الكنيسة السلطوية النافذة حديثاً، والمفكرين المسيحيين من الطراز المتقدم الذين أصبحوا عدائيين تجاه الجسد؟ كيف أصبح عذاب التجويع المفروض ذاتياً يُرى "كمالاً" روحياً؟ لماذا، كما تعبّر عنه فيرونيكا غريم الأكاديمية في هارفارد، رفضت البروباجندا المسيحية في ذلك العصر وبشكل عنيف الجسد الإنساني السليم باحتياجاته الحيوية الأساسية؟ وفوق كل ذلك، كيف انتهى البحث عن النقاء بخوفٍ عامٍ من الطعام؟سوف يكون من الصعب إلقاء اللوم على المسيح، ولا مجتمعه ولا أولئك الذين اتبعوه مباشرة على أي من هذا. لقد كان القديس بولس معذباً وقلقاً، ولم يكن لديه أي شيء ضد الطعام- بيد أنّ الزاهدين الذين يعانون من رهاب الطعام قد أساءوا الاستشهاد به مؤخراً ليدعوا بأنّه كان كذلك. لقد كانت السطور التي كتبها حول أعداء المسيح الذين " كانت بطونهم هي آلهتهم" [...] ورؤوسهم مشغولة بالأمور الدنيوية" ليست تجريماً للطعام في حد ذاته بل للإسراف فيه. فبالنسبة لبولس، كانت مشاركة الخبز والنبيذ أحد الجوانب الضرورية في حياة المسيحي. إنَّ الافخارستيا[ سر المناولة] كان في الأصل جزءًا من المناولة الكاملة التي شملت الجسد والروح. ترك بولس إرثاً للمسيحية: إضطراب عصبي جنسي، مثله مثل فكرة أنّ الجسد "هيكل" مدنس به. ولكنّه قبله في إطار الزواج:" إنّ الزواج أفضل من الحرق". وفي كتابها من (الولائم إلى الصيام: تطور الخطيئة) تستشعر غريم إشارة في حقيقة أنّ التقدم نحو الزهد المتطرف جاءت بعد انتصار المسيحية كدين رسمي. ولفريمان رأيّ مشابه: أصبحت المسيحية أكثر تشاؤماً عندما دخلت من البارد. وقد كانت هذه هي أيضاً حقبة لبناء أولى الكنائس الفخمة(ابتداع صادم لبعض المسيحيين مشتق من الوثنية وكثيراً ما كان يستخدم مباني الآلهة القديمة). عرض لثروة الكنيسة الجديدة والوضع الذي قد يستصدر استجابة. تقول غريم بأنّ التقشف الصارم ربما اشتق من أحد أشكال المزايدة الروحية. وبما أنّ الخط الفاصل بين السلطة السياسية والسلطة الدينية لم يكن واضحاً، فقد سعى القادة المسيحيون إلى الحفاظ على حدودهم الأخلاقية، ومهد القديس بولس الطريق برؤية الجنس كشيء مثير للريبة. وأصبح نبذ الجنس الآن ممارسة "للقدسية". وقد حوّل الساسة المسيحية إلى دين جماهيري للجميع. وقد كان هذا الشيء خطيراً بالنسبة للمتشددين. الاجتياج المفاجيء من قبل "غير المستحقين"، أو بصريح العبارة العناصر السامة، شكّل خطراً على نقاء المجتمع المسيحي المثالي.وقد جاءت الآراء الجديدة لكتّاب المسيحية حول الجنس والطعام بعد القرن الأول. كليمنت الاسكندراني، ولد بحوالي ثمانية أعوام بعد وفاة بولس، وقال إنّ الأكل، والشرب والزواج كانت مباحة تماماً- ولكن طالما لم تجلب متعة. كان النبيذ " عقار الجنون" والذي يحفّز " الدوافع الجامحة، والشهوات المتقيحة" في الشاب. لأنّ الأجساد الغضّة كانت تبدو أكثر عرضة للشهوة، فقد كان كليمنت، في حر الأسكندرية، ينصح الكبار بعدم شرب أي شيء أثناء الغداء. حتى الماء قد يكون ضارًا روحياً. والابتكار الآخر الذي قد نشكر عليه كليمنت هو فكرة أنّه حتى المناحي الحميمة من الحياة الخاصة تدخل تحت سيطرة المسيح. كل شيء يتعلق بالجسد كان قابلاً للتحقيق. تقول غريم، من الآن فصاعداً، "أكدّت الكنيسة بشكل متزايد على حقها في السيطرة على جوهر الحياة الخاصة للفرد، وذلك بما يترتب على تلك السيطرة من تبعات اجتماعية واقتصادية وسيكولوجية".وقد كانت الشخصية الرئيسية الأخرى هي تيرتليان، والمدعو "أب المسيحية اللاتينية"، الذي عاش أواخر القرن الثاني وبداية القرن الثالث. كاره النساء والمهووس، تيرتليان كان مندداً متحمساً بالهراطقة، وهو من اخترع مصطلح"الثالوث"، وكان ذا خط فريد في البراهين. إنّه مشهور بقوله:" ومات ابن الله: إنّه أمر معقول تماماً لأنّه سخيف. ودفن، وقام، مرة أخرى: إنّه مؤكد لأنّه مستحيل." كان ترتيليان يرى في الصوم طريقة للتكفير عن الذنوب، وحض التائبين على "تغذية الصلوات بالصوم، والأنين، والبكاء، والجأر ليل نهار". جاءت أكبر إسهاماته في رهاب الطعام في أطروحة تدعى الاعتذارية يدعي فيها أنّ المسيحيين يلمسون الرب بكونهم "عطشى صائمين، ذائقين لذة كل تقشف، ممتنعين من جميع الأطعمة التي تحفظ الحياة، متمرغين في مسوحهم والرماد". لقد تهكم تيرتليان على طائفة مسيحية منافسة: معكم، يظهر اتقاد "الحب" في المقالي،"ودفء "الإيمان" في المطابخ، ومرافيء الأمل في النُدل"؛ وأطروحته "حول الصيام" هي أول معالجة مسيحية كثيفة للموضوع. الصيام، يقول مؤكداً، يسرُّ الرب كعلامة ممتازة على تواضع الذات. مع وضع معيار مسيحي مثالي جديد في عقاب الذات مع كتاب أثناسيوس حول راهب الصحراء القديس أنطوني بعد ذلك بقرن. مثل الزهد وممارساته مازالت قيد التشكل، بيد أنّها أقل تناولاً بالحديث، وفي عام 2009 كشف عنها على يد واحدة من الراهبات البولنديات التي كانت تعتني به، حتى إنّ البابا جون بول الثاني كان يجلد نفسه باستمرار بينما كان في روما."كنا في الغرفة المجاورة، وكنا لنسمع فرقعة السياط" كما أخبرت الأخت توبيانا سوبودكا لجنةَ تحقيقٍ فاتيكانية في أهلية البابا الراحل بالقدسية.)وقد ألهم الرجال أمثال أثناسيوس وجيروم حركة الرهبنة، ولكن الأصوات الأخيرة مثل باسيل كيزاريا وأوغستين خففت من حدة المناداة بالتجويع وتعذيب الذات. لقد شعروا بضرورة عدم تناول المسيحيين للطعام والشراب بكميات تزيد عما هو ضروري للحفاظ على الصحة. قال أوغسطين بضرورة معاملة الجسد كالعبد: يجب إشباع حاجاته الأساسية فقط. وحض باسيل على " نبذ الملذات". وبالفعل اتبع الرهبان أنظمة حمية تحافظ على صحتهم وقوتهم. في الشرق كان جون كريسوستوم يدعم تقشف الرهبان، لكنّه يتحدث بواقعية للأشخاص العاديين: استمتعوا بحمامكم، ومائدتكم الطيبة، واللحوم، والنبيذ في اعتدال- استمتعوا بكل شيء، في الحقيقة، ولكن إياكم والخطايا." على الرغم من أنّ الخضوع ونبذ الملذات الحسية واصلت تغلغلها في الفكر المسيحي جنباً إلى جنب شهية الطعام. وقد كان أوغسطين- أهم اللاهوتيين الكاثوليك جميعاً- يعاني من قلق دائم حيال الشهوة، ويستنكر متعة الأكل"المنحوسة". وقد كان أوغسطين مهووساً بالجنس ولكن بشكل أقل تكراراً ومرضيةً مما كان عليه تيرتليان وجيروم. لقد اخترع مفردة الخطيئة الأصلية المشتقة من هبوط آدم، ومفهوم الليمبوس القاسي(حيث يذهب الأطفال غير المعمدين بعد الموت، الذين هم أبرياء ولكنهم موسومون "بالخطيئة الأصلية". كان أوغسطين مهموماً بالخطيئة، خاصة خطيئته، ومفهوم الرب ككيان يعبّر عن الحب بالعقاب. نظرة أوغسطين سوداوية: الإنسان ملعون لأنَّ الخطيئة تنتقل عبر الجنس. والمعمودية أو الأعمال الصالحة لا تكفي لإنقاذ أكثر من جزء ضئيل من الإنسانية. والوجود الأرضي لشيء ينبغي النظر إليه بعين الازدراء: ينبغي تدريب العين المسيحية على الحياة الأبدية دائماً. وكلما زاد حبه لما هو فانٍ، اشتدت كراهيته لما هو عابر." لغة أوغسطين أقل عنفاً من لغة صديقه جيروم، ولكنه – بحسب عبارة عالم اللاهوت الألماني أوتا رانكي- هاينمان:"الرجل الذي دمج المسيحية مع الجنس المكروه، والمتعة في وحدة منهجية". في الاعترافات يصرّح أوغسطين بأنّه وبينما يكون الأكل ضرورة، ستحول متعة الأكل عقل الإنسان من الأمور العليا. وفي الحقيقة ربما يؤخذ الطعام كعلاج "لحمى" الجوع والعطش:"إني أنظر للأكل على أنّه دواء، أي، العمليات الطبيعية للجسد تختل. وفي فوائد الصيام يتقدم أوغسطين لمرحلة أخرى أبعد: " لحمك أدنى منك منزلة؛ وإلهك فوقك." الشخصية منقسمة، يغدو الجسد غرضاً خارجياً للترويض والعبادة. ومثل هذا التفكيك للشخصية البشرية- تقول غريم- يلقي بظل طويل على الذهنية الغربية." سجلات الطب النفسي حتى يومنا هذا تشهد بالجهود التي بذلت محاولة لوضع هذه القطع معاً مجدداً.", Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi....
اعرض في فيس بوك , Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi قبيل النضج : الجنون والجمال والأغذية في روما تأليف: ديفيد ونر- ترجمة: أميمة قاسم الفصل الثاني: الوليمة ---- "أنتم غرباء الأطوار. غرباء ومقرفون! لماذا تأكلون إن لم....
اقرأ المزيد ... قبيل النضج : الجنون والجمال والأغذية في روما تأليف: ديفيد ونر- ترجمة: أميمة قاسم الفصل الثاني: الوليمة ---- "أنتم غرباء الأطوار. غرباء ومقرفون! لماذا تأكلون إن لم تكونوا جوعى؟ يا للسخف!" --- غُرست بذرة أشد الأفلام التي صنعها الرومان عن الطعام جموحاً، وأكثرها إزعاجاً على الرغم مما فيه من جمال على نحو غريب في مطعم شاسع البعد. في أحد أيام الآحاد في بداية السبعينات، وجد صانع الأفلام الفوضوي- المشاكس العبقري والبدين الجريء-ماركو فيريري نفسه وكثيراً ما كان يفعل في مدينة باريس مع مجموعة من الأصدقاء من بينهم الممثل أوغو توغنازي؛فقرروا تناول وجبة الغداء في برونيير بالقرب من قوس النصر، واستمتعوا بوجبة سخية وافرة وأمضوا في رحابها وقتاً غير قليل. وعندما أزف أوان الانصراف كان معظم الرجال متخمين حتى إنّهم تمكنوا بالكاد من السير، ولكن أما فريري فقد كان قلقًا بشأن أمر آخر:" ماذا سنأكل الليلة؟" اقترح أحدهم المعكرونة، فوافق، فساروا جميعاً يترنحون إلى شقة أحد الأصدقاء حيث شرع توغنازي- وهو طاه مشهور، وفي الوقت ذاته أحد نجوم الكوميديا الرومانسية الأكثر شعبيةً في إيطاليا- في الطبخ فوراً. استأنفوا الأكل إلى وقت متأخر من الليل. وفي اليوم التالي استيقظ فيراري في حالة من الحماس، فألقى بسؤاله: " ما رأيكم في عمل فيلم عما فعلنا البارحة؟". " لقد كتبنا النص بالفعل! حشر أربعة أشخاص أنفسهم في مكان ما ليأكلوا، فأتخموا حتى الموت! واسمه"الوليمة الباذخة!" وهرع إلى منتجه ظهر ذلك اليوم. وبحلول المساء كان قد أبرم عقد إنتاجه! ومن بين جميع عباقرة السينما في روما ما بعد الحرب، كان فيريري المشاغب السوداوي قد قوبل بتجاهل كبير، بيد أنّه الأكثر إثارة للاهتمام في موضوع الطعام. لم ينعم فيريري بالسعادة في طفولته. نشأ في مدينة ميلانو. وعمل في مصنع للشراب حيث كان مسموحاً له بصنع الأفلام الدعائية القصيرة. ثم انتقل إلى روما في أواخر الأربعينات بينما أخذت صناعة الفيلم في الازدهار، وأخذ يتسكع مع الكُتَّاب والممثلين والمخرجين الطامحين في مطعم اوتيلو على جادة الصليب (ما زال المطعم صامداً بقوة). والأصدقاء من تلك الحقبة يذكرونه كما كان فتىً ميلانيّاً ذا "قناع روماني قديم". وكان في الصور يجسّد مزيجاً غريباً: شخص امبراطور له حسن طفل بهي، وقوام تمثال غريب، وعينان ساحرتان في وجه منتفخ تحفه لحية تحاكي سولجينيتسين. وقليلاً ما كان يتحدث عن طفولته عدا ما يخص العلاقة السيئة بأمه (والتي كانت بدينة هي الأخرى) وقد سلّى رفاقه بأكل كميات كبيرة من الاسباجيتي، واللحم والكعك متبعاً كل ذلك بكميات لا تقل من السلطات (" حتى لا يصبحوا بدناء"). وقد كانتله، كما يقول أحد معارفه، " عينان زرقاوان باكيتان وابتسامة مريرة على وشك التحول إلى تذمر حيال شريحة اللحم التي كادت أن تحترق، أو عدم جودة تتبيلة السلطة". حاول فيريري التمثيل والإنتاج وصادق الكثيرين. ولكنه لم ينتم أبداً إلى عالم السينما الروماني الذي كان واقعاً تحت سيطرة روح الواقعية الجديدة. فالواقعية لم تك من اهتمامات فيريري؛ إذكان يميل إلى الأمثولات السوداوية والخيالية. وفي أواخر الخمسينات، عندما قام بتحرير مجلة في نظريات السينما لفترة وجيزة، كان اقتصاد روما ومزاجها في مرحلة تحول، ووقفت المدينة على حافة عصرها السينمائي الذهبي. كانت الأموال الأمريكية تتدفق بغزارة في فيلم" هوليود على ضفاف التيبر" في سينسيتا. وبدأت حقبة "السيف" و"الخف" ، وكانت تحفتا فيليني وانطونيوني الحياة حلوة والمغامرة في طريقهما إلى المجد. وكانت روما هي وجهته ليصبح صانع أفلام شابًا. وهكذا غادر فيريري البلدة. وكان انتقاله من مدينة "الحياة الحلوة" إلى إسبانيا فرانكو والفاشية سبباً في المزيد من التحرر على نحو مفاجيء. وتماهى خيال فيريري مع التقاليد الإسبانية القديمة للمسوخ والأساطير وجمعته مدينة برشلونة برافائيل ازكونا، وهو كاتب نصوص بونويلّيّ، أصبح فيما بعد صديق عمره. وعمل ازكونا وفيريري معاً في سبعة عشر فيلماً، بما فيها الوليمة الباذخة. وقد اشتركا في صناعة ثلاثة أفلام صغيرة معاً في إسبانيا قبل عودة فيريري إلى روما في 1961 لإخراج جزء "الزنا" من الفيلم المشترك بعنوان إيطاليان مغرمان(Italians in Love). وربما كان فيريري الآن في طريقه. على مدى السنوات القليلة التالية صنع مجتمعاً برجوازياً كوميدياً مأساوياً وساخراً لا يفتقر للجموح، ومشيراً إلى ما به من هوس بدائي وفوضوي. دارت معظم أفلامه حول الطعام،والجنس والموت. ونظرته للعلاقات بين الرجال والنساء كانت جد كئيبة، وكان يعتقد أنَّ الحضارة على شفا الانهيار. وقد امتدحه أحد النقاد الإيطاليين على ما يتمتع به من "فكاهة، وشعرية، وقسوة، ومحبة".. وقد استهجن آخر ما فيه من "وقاحة، واشمئزاز، ومقت للنساء". كثيراً ما تظهر الكلاب على سبيل المثال في أفلام فيريري، ممثلة الجانب الحيواني للإنساني، وكثيراً ما ارتبطت بالموت. كان شاطيء البحر مكانًا للقتل والهرب. ولطالما ما صور لنا فيريري أطلال قبة القديس بيتر في بعض الأحيان. كما لمّح لروما القديمة أيضاً، بشكل عامٍ كشعار على التفسّخ، والإسراف، والذاكرة الزائفة. وكما سوف نرى، تضمنت فكرة الإفراط في الأكل استحضاراً ضمنياً لروما الإمبريالية في فيلم الوليمة الباذخة. وقد جاء هذا الأمر أكثر صراحة في فيلم وداعاً أيها القرد، وقمة الرعب في الفيلم المبتذل "متحف تماثيل الشمع في روما القديمة"؛ حيث يدعي المالك بمكر أنّه يسعى لإنقاذ الحضارة من الانحلال والاندثار، فيستغل الصغير جنسياً بينما يتلو الخطب من مسرحية شكسبير يوليوس قيصر، ويضع نفسه في مكان الإمبراطور نيرون. وبعد مشهد مزعج تظهر فيه الجرذان والقرود الأليفة احترق الصرح عديم القيمة بالكامل فسوّي بالأرض. كان لفيريري أيضاً عادة معارضة الأفلام ببعضها. ففي الوليمة الباذخة مثلاً، يموت أربعة رجال وتنجو امرأة. وفي فيلم الحريم الذي سبقه حدث العكس. كانت الشخصية الرئيسية مهندسة معمارية شابة تدعى مارغريتا (مثل ملكة نابولي والبيتزا البسيطة التي تحمل اسمها). وفي مارغريتا نموذج للمرأة الإيطالية المتحررة الجديدة في حقبة الستينات. جميلة وقوية، تتجنب الارتباط بأي من الرجال الأربعة في حياتها، ولكنهم في النهاية ينقلبون عليها، فيجبرونها أولاً على أن تصنع لهم وجبة، ثم يذمّون مهاراتها في الطبخ، ويرمون الاسباجيتي في وجهها. وفي نهاية المطاف يقتلونها بدفعها لتسقط من على الجرف. (بحسب كارول بيكر التي أدت الدور، فإنّ الخطة الأصلية كانت كوميدية، ولكن فيريري لم يتمالك نفسه، فجعلها مباشرة). في هذه الأثناء، كان فيريري يطوّر علاقته بالممثلين العالميين الذي سيظهرون في فيلم الوليمة الباذخة. وكان دور البطولة لصاحب الصوت العذب أوغو توغنازي، صديق حميم عمل معه أول مرة عام 1963. وقد عرف توغنازي في السابق كنجم في الرومانسية الكوميدية الخفيفة بالإضافة إلى عدد من البرامج التلفزيونية التي تتسم باللطف والدفء. وقد أوكل إليه فيريري دور العازب في منتصف العمر في فيلم ملكة النحل، حيث يعمل بالقرب من الفاتيكان، ويتزوج فتاة تبدو عليها البراءة من عائلة محترمة. فتقدم على إخصائه، ثم قتله بالجنس في النهاية. في السنة التالية في فيلم المرأة القرد، يختار فيريري توغنازي مرة أخرى، هذه المرة في دور متنمر يستغل امرأة ذات شعر أكثف من المعتاد، بأن يقحمها في أحد العروض الخطِرة مما يؤدي إلى موتها، ثم يقع في حب جسدها. وفي فيلم الجمهور (1972) يلعب توغنازي دور رجل شرطة يساعد في تدمير ساذج بريء أراد أن يقابل البابا. ولا يسرق توغنازي زوجة الرجل فقط بل إنّه يحتل مطبخه أيضاً. وفي منتصف الستينات انضم النجم مارشيلو ماستروياني إلى الفرقة.وقد كتب ماستروياني لاحقاً في سيرته الذاتية: إني أذكر، نعم أذكر:" أنَّ فيريري مخرج يترك المجال للفنان، وفي رأيي يتميز بخصلة رائعة : إنّه قليل الكلام. كانت علاقتي معه ثمرة لفترات طويلة جداّ من الصمت، والذي كان منعشاً بكل تأكيد. ولكنا فهمنا بعضنا البعض في فترات الصمت هذه. إنّي أحبّ نظرته البعيدة للعالم، والأشياء، والناس. لقد كان يتمتع بالأصالة. إنّي أحبّه جداً، وكصديق كان مفعماً بالعاطفة." وفي فيلم الرجل ذو الخمس كرات، أول أفلامهما الخمسة معاً، يلعب ماستروياني دور رجل أعمال به هوس غير معقول: محاولة معرفة النقطة التي تنفجر عندها البالون: وعندما تتخلى عنه زوجته، يتشارك وجبته مع كلبه من نوع سان بيرنارد. وفي إحدى الأمسيات أدرك أنّه سوف لن يتمكن من حل مسألة البالون أبدأ، وعليه يقفز من النافذة ليلقى حتفه ويقع صدفةً فوق سيارة أوغو توغنازي التي كانت تمر بالطريق. وينزعج توغنازي بشدة لهذا لأنّ سيارته تضررت. ينهي الكلب في الأعلى عشاء ماستروياني. وفي فيلم ليزا يعيش ماستروياني وحيداً في جزيرة مع كلب حتى تظهر كاثرين دينيوف على يخت. فتقتل دينيوف الكلب أولاً ثم تصبح كلبة. وترتدي ياقته، وتجلس على الزاوية تتوسل للحصول على بقايا الطعام. فلا يستطيع أيٌ من الرجل أو المرأة الفكاك من هذه العلاقة الرهيبة، فيموتان جوعاً. وفي المدينة الكبيرة، يهجر ماستروياني زوجته وابنته فيهدئان آلامهما بالتهام نفسيهما. وفي عام 1969 حدثت طفرة مهمة في مسيرة فيريري تزامنت مع فيلم ديلنجر ميت، والفضل في بعض ذلك يعود إلى الأداء الحر المذهل لممثلٍ رائع آخر هو ميشيل بيكولي، في دور مالك مصنع لأقنعة غاز بضاحية إور التي بناها الفاشيون في روما، وهو مصاب بملل شديد. عاد بيكولي إلى المنزل ليجد زوجته- انيتا بالينبيرغ- طريحة الفراش جراء نوبة صداع نصفي؛ فناولها علاجها، وزجاجة ماء ساخن ثم أمضى ليلة عجيبة في أحداثها من طبخ وأكل ومشاهدة الأفلام وإغراء الخادمة ( بإطعامها شرائح من البطيخ بكل بساطة). ويجد في المطبخ مسدسه القديم، الذي ينظفه بزيت الزيتون، ويطليه باللون الأحمر المنقط بالأبيض على نسق بوهيمي ويستخدمه للإيماء إلى الانتحار. ويذهب في الفجر إلى غرفة النوم، يغطي بالينبيرغ بالوسائد، ويطلق النار على رأسها ثلاث مرات وبهدوء، ثم يقود سيارته من روما إلى البحر ويجد وظيفة في مجال الطبخ على يخت مسافر إلى تاهيتي. صنع الفلم في ظل "ثورة" 1968، فتسبب في فضيحة. وبحسب بيكولي والذي كان يظهر باستمرار على الشاشة، في ارتجال ودون حوار في الغالب، فلقد كان يدور حول استماتة رجل في عزلته "قام به" ولكنه "محاصر باليأس والانتحار والأرق والأحلام". وكان بمقدور فيريري التمثيل إلى حد ما هو الآخر، وقد ظهر على نحو متكرر في أفلام أصدقائه والأفلام التي صنعها أيضاً ولكن في شيء من التحجيم. ففي مزرعة الخنازير، النموذج الفاشي شديد الغرابة لباسوليني، يظهر فيريري كأحد رجال الصناعة. وربما كان أكثر أدواره شذوذاً هو دور الجثة (ضحية طاعون عالمي غامض) في فيلمه الخاص بذرة الإنسان. ومثله مثل وداعاً أيها القرد، ويصور هذا الفيلم متحفاً لحضارة بائدة- ولكنها حضارتنا هذه المرة. فالمعروضات تتضمن ثلاجة، وتلفازاً، وقطعة من جبن البارميزان، وكومة من طماطم سيريو المعلبة. وهذا هو الفيلم الأول بالمناسبة، الذي تناول فيه أكل لحوم البشر. زوجة تأكل حبيبة زوجها على شاطيء ثم تقدم إحدى ساقيها مطبوخة لأمر نادر جداً. " هذا لحم طيب"، يقول الزوج متسائلاً: " ماهو؟" فتجيب الزوجة " استمتع"، وتنفحه بقبلة. ( وفي فيلم اللحم اللاحق، رجل في منزل ساحلي آخر يقتل حبيبته، ويضع لحمها في الثلاجة ويأكل منها شريحة في كل مرة، وفي فيلم كم طيبون هم البِيض، يأكل السكان المحليون مجموعةً من عمال الإغاثة الأوربيين الذين أتوا بالمساعدات إلى الساحل، غير أنّ ذلك يحدث بعد ليلة من الجنس العنيف.) وبحلول أواسط السبعينات، وكما قال الكاتب السينمائي ر. ت. ويتكومبي، أصبح فيريري مهووساً بفكرة أنّ المجتمع الحديث كان "في سكرات الموت، يأكل أشلاءه حتى الانقراض". كانت هذه هي السمة الأساسية لفيلم الوليمة الباذخة. ولكن الفيلم يعكس أيضاً علاقة فيريري المعقدة بالطعام،فقد أمضى عدة أسابيع قبل بدء التصوير في عيادة سويسرية لعلاج نهم الطعام. كما زار أيضاً عيادة في بريتاني متخصصة في حميات التنحيف المفرطة التي تقوم على الخضروات والسوائل. بيد أنّها جميعاً لم تُجْدِ فتيلاً معه، لأنّ فيريري كان يحرص دائماً على تناول كميات كبيرة من الحلويات، والدسم والكريمة وكعك الشيكولاتة. وهكذا وصلنا أخيراً إلى الوليمة الباذخة (والمعروف في اللغة الإيطالية ب La Grande Abuffata والإنجليزية (Blow out). يتعقب هذا الفيلم الفائق للعادة أربعة من الأصدقاء الناجحين في منتصف العمر بينما يجتمعون لأجل "مؤتمر هضمي" في قصر في ضواحي باريس. وكثيراً ما كان يعتبر فيلماً فرنسيًا ولكن جوهره ينتمي إلى روما القديمة بشكل خالص، فالقصر يبدو مثل ذلك القصر على التلة الذي يظهر في فيلم السيكوباتي "Psycho"، بيد أنّ الصدمة الأكبر تأتي من الجرأة التي أبداها ممثلو فيريري. إنّه لمن الصعب تصوير نجوم هذا العصر في هذه الحالة من عدم الخوف، وبالحرية التي تحلّى بها ماستروياني، وتوغنازي، وبيكولي، وفيلب نواريه (أول ظهور له في أفلام فيريري، وقد أصبح محبوباً لاحقاً لأدائه مع مخرجين آخرين مثل سينما براديسو وإل بوستينو) لعب كل رجل شخصية باسمه. مارشيلو قبطان ملاحة جوية، وأوغو طاهٍ، وميشيل مدير إحدى القنوات التلفزيونية، وفيلب قاضٍ مهووس بالأثداء ومريض بالسكر. وقد خططوا لأن يأكلوا حتى الموت، ولكنهم لم يفصحوا عن السبب. وصلت في أول يوم لهم معاً كميات مرعبة من الطعام في سيارتين كبيرتين. وإحدى الثلاجات ملأى باللحم الصافي. بينما تكتظ الأخرى بالخضروات، والفواكه والمعلبات والأسماك. ونرى على الأقل نصف دستة من الخنازير الكاملة، ونسمع قائمة: عشر دزينات من دجاج غينيا " المغذى على الحبوب والعرعر"، والخنازير الرضيعة، وثلاث دزينات من الديوك الفتية، وعشرون دزينة من الدجاج، وعشرة من حملان سبخة الملح، " وخنزير بري ضارٍ جاهز للنقع في كافة أنواع التوابل"، " اثنان من غزلان الضاحية بعينين ناعمتين"، اللحم الفواح بأرج الغابة. وهنالك نعام أيضاً، وعصيدة دمٍ، ونقانق، وشيكولاتة ونبيذ فخم، وشمبانيا، وأجبان، والكثير غيرها. وقد امتلأت بركة الحديقة والخزان الزجاجي في المطبخ كلاهما بالسمك الحي. طيور التدرج والأوز تتسكع حول المنزل، والحديقة الصدئة الزخارف. وسكرت الدجاجات في نبيذ ارماجناك الأبيض. هنالك الكثير من لحم البقر أيضاً. " سوف ترى كم هو من الممتع قطع التصوير"، يقول أوغو. ميشيل يؤدي نوعاً من الرقص البوهيمي، ممسكا برأس بقرة عالياً في الهواء ويتلو مناجاة النفس من هاملت. " بدأت الوليمة..." يقول مارشيلو الذي يبدو عليه التجهم. وهذا ما يحدث. وسط روعة التعفن الخفيف للقصر المكتظ بشكل فني بالألوان والبهرجة الرخيصة، بدأ الرجال المضغ والقضم والامتصاص والشرب بلا توقف. في بعض الأحيان كانوا يجلسون على طاولة العشاء، أو في المطبخ. وفي أحيان أخرى كانوا يتكؤون على الوسائد الذهبية مثل أباطرة الرومان. وقد كان انطوى تقمص اوغو العجائبي لشخصية مارلون براندو في فيلم العرّاب بعض الراحة، فارتدى ميشيل ثوب الرقص ليؤدي تمارين الباليه عند البار، بيد أنّ هذا الأمر أضحى مستحيلاً بعدة بضعة أيام. كان هنالك الكثير من الجنس أيضاً والنساء العاريات يزينّ الطعام. ولكن سرعان ما تغادر المومسات الثلاث اللواتي استأجرهن الرجال اشمئزازاً، إذ هربن بعد أن تقيأن. " أنتم غرباء الأطوار،" قالت إحدى الفتيات. " غرباء ومقرفون! لِمَ تأكلون إن لم تكونوا جوعى؟ يا للسخف!" كان معظم الطعام فرنسياً ولكن تعمد أوغو أن يصنع بيتزا، وتالياتيلي رائعة، وكان يتحدث بالإيطالية إلى أحد الخنازير التي كان يقوم بشيّها على العصا. كان مارشيلو يدخل حاملاً التورتيليني بكريمة عش الغراب.( وقد عكس هذا المشهد الصداقة التي جمعتهم خارج الشاشة: فيريرين وتوغنازي وماستروياني دائماً ما يلتقوا في باريس لتناول "الطعام الإيطالي"، الذي عادة ما يكون من طبخ توغنازي). وعندما انتفخ بطن ميشيل بالغازات، وأرقده على فراش المرض، خفق له اغو بوريه البندق"العلاجي"، وعنفه في تقليد ساخر لأمٍ خرِفة: " إن لم تأكل لن تموت." وفي الحقيقة كان ميشيل مهووساً جداً بالبندق- وهي إشارة على حسب افتراضي إلى "باليه كسارة البندق" الشهير (والمعروف أيضاً ب " نشوة بورجيا") والذي كان في الفاتيكان عام 1501. تضمن هذا بحثًا عن الكستناء تقوده المومسات العاريات وجوائز مالية للكرادلة الذين حظوا بأكبر قدر من المتعة الجنسية. نعود إلى القصر حيث حالة الرجال البدنية تتدهور بسرعة. يذهب مارشيلو إلى الحمام "لينتعش" ويبعث ذلك على انفجار نافورة غائط من مقعد الحمام. وقد كان منظره وهو يصرخ في غطاء من القذارة على وجه التحديد صادماً لرواد السينما الإيطاليين. " إنه طوفان عام" كما يقول ميشيل. "الرائحة- سوف تلتصق بنا إلى الأبد،" يقول أوغو في أسى شديد. وكان من المقدر لشخص واحد فقط في المنزل، معلمة في مدرسة، بريئة الملامح اسمها اندريا (الممثلة الفرنسية اندريا فيريول)، أن تنجو من هذا الفسوق، فقد أتت للعشاء في اليوم الثاني ولم تغادر، كاشفةً عن شهواتها الخاصة الهائلة، وبكل هدوء انخرطت في ممارسة نهمها للطعام والجنس مع كل الرجال في المنزل. كانت فيريول لا تشعر بالراحة تجاه الدول لكنها وافقت لأنها لا تريد تضييع الفرصة للعمل مع بعض أشهر النجوم في أوروبا. وقد طلب إليها فيريري قبل التصوير أن تزيد وزنها من أجل أداء الدور، الشيء الذي كان مثار إزعاج بالنسبة لها. وكان فيريري يطلب منها المزيد في كل مرة كانت تظن فيها أنّها تناولت ما يكفي من الطعام. ولم يكتسب أيٌ من الممثلين الأربعة المزيد من الوزن. وقد بدت أندريا في باديء الأمر كمومس مقدسة من النوع الذي كان شائعاً في السينما الإيطالية. ولكن لم يطل هذا قبل أن تكشف عن جانبها الأكثر إظلاماً. عندما ذهبت هي وفيليب لذبح بعض الديوك الرومية في الحديقة، لقد بدت عليها خيبة الأمل أن تعلم أنّه لم يرسل أي شخص إلى المقصلة من قبل بصفته قاضيًا.لقد التقطت سيفه وأصبحت ملاكاً للموت، تغوي، وتغري، وتستفز وتقود الرجال إلى النسيان. الميتات، عندما حدثت أخيراً، كانت هي الأكثر شذوذاً في عالم السينما. كان مارشيلو الفيتشيّ، مهووساً بالجنس ذا عنّة، يتجمد في مقعد سيارته المحبوبة العتيقة من نوع البوجاتي، واحدة من الأماكن القليلة التي كان يتمكن فيها من الإنعاظ( نلحظ في النهاية كلبًا يأخذ مكانه في مقعد السيارة.) ميشيل، الذي يعاني بزيادة الآلام الناجمة عن الغازات التي تنتفخ منها أمعاؤه، فيدخل في حالة من الضراط المستمر حتى الوفاة. لم تكن هنالك جنائز، بيد أنّ فيليب وأوغو قاما بوضع جثتي صديقيهما في ثلاجة كبيرة وأوصداها. بدأت الكلاب الضالة تحتشد في الحديقة. أما مَنيَّة أوغو فقد كانت الأكثر شناعة. وبما أنّه طاهي الفريق، فقد قام بغالبية أعمال الطبخ. والآن يخرج تحفته النهائية: يأتيه الدجاج والبط العملاق على هيئة قبة سان بيتر. ويصرّ على أنّها عمل شعرّي. " إنّها شعر قذر" يقول فيليب، الذي يرفض أكلها. عليه يقوم أوغو بأكلها كلها وحده. وبحلول الظلام كان بالكاد يستطيع أن يجلس معتدلاً. يتصبب عرقاً ويتكيء على الوسادة الذهبية على طاولة المطبخ بينما يقوم فيليب بإطعامه آخر قطع القبّة وتمتليء عينا اندريا بالدموع، وهي تدلّك قضيبه حتى يصل إلى رعشته الأخيرة. وقد جاء حتف أوغو متزامناً مع وصوله إلى ذروة الانتشاء الجنسي. في اليوم التالي، جاء دور فيليب، المصاب بالسكر والولع المرضي بالأثداء، والذي كانت أندريا تصنع له مهلبية "شهية جداً وشديدة الحلاوة"على هيئة الحلمة. فيقضي نحبه بين ذراعي أندريا، بينما تصل شاحنة بيضاء أخرى حافلة باللحوم، فتزيح أندريا جسده بعيداً، وتخبر عمال التوصيل بأن يتركوا اللحم في الحديقة، والتي استولت عليها الكلاب النباحة الآن. وبما أنّ كل هذه المشاهد قد صورت بمزيد من البهرجة من قبل ارجينتو أو فيليني فربما كان فيلم الوليمة الباذخة أفظع إلى الحد الذي لا يشجع على مشاهدته. ولكن قام فيريري بالتقليل من شأن كل هذا. فقد كان أسلوبه في التصوير يتسم بالأناقة والاطمئنان، وقد ساعده كثيراً درجة الحزن الفاتن لفيليب ساردي، والتي يعبر عنّها ميشيل على البيانو. وقد قال ماستروياني لاحقاً إنَّ الجو في الاستديو كان أشبه بوليمة أو جنازة مبهجة". تذكر غوغنازي أنّه قد استمتع لأول وهلة برائحة الطعام، ولكن سرعان ما تحولت المتعة إلى شعور بالغصة. "جاءت اللحظة عندما تحولت جميع هذه العطور إلى محفزات للإزعاج ثم الغثيان." فيريري، قال شارحاً، " ترك الكعكة تتعفن من تلقاء نفسها، وتصوير قصته بتسلسل تأريخي، وقتل الشخصيات بترتيب ضرورة انصراف ممثليه إلى أعمالهم التالية، بيد أنَّ كل الميتات التأريخية تمخضت عن معاناة حقيقية. " لم يكن الأمر مجرد تمثيل؛ لقد شعرنا بالوحدة، وعندما أتى دوري، كان نواريه مصدوماً. لقد قال لي : "لا تمت، أنا خائف!" وذلك لأنّ تجربة بيكولي على أية حال كانت مبهجة: " كان فيريري في ذلك الوقت يعتبر خطراً سياسياً، وذهنياً وجنسياً. أنت لمتسمع أبداً عن أربعة رجال اجتمعوا ليقتلوا أنفسهم نهماً! استمتعنا بكوننا العرائس الغرائبية للحزن، حتى نموت في ذروة النشوة؛ وأن نموت في حيوانية وليس من اليأس الذهني...وبالطبع قرأنا النص، ولكن حالما بدأ التصوير لم ينظر إليه أحد مجدداً. لقد كنا نخترع على الدوام، وظللنا في ذات الوقت منتبهين بشدة إلى فيريري، ولكنه هو الآخر كان يتابع باهتمام مقالبنا. لفيريري مخيلة عميقة. لقد كان رجلاً يؤمن بحرية الإبداع، ويفهم أننا دخلنا في لعبته بكثير من المتعة." كان الفيلم ضربة قاضية لدار الفنون على مستوى عالمي، ولكن النقاد لم يتفقوا في حكمهم عليه. هل كان يمثل إساءة مريضة للأدب العام، أم طرفة مضحكة، أم تهكمًا على البرجوازية؟ لم يفسر الفيلم أبداً لم كان الرجال يريدون الموت، ولم يفعل فيريريهو الآخر في المقابلات اللاحقة معه. كل ما كان يقوله إنّه كان فيلماً "فسيولوجيا" حول الحقيقة المأساوية الوحيدة، الجسد". وبحسب رأي توغنازي فإنّه كان عن الاستنزاف، وفقد الإيمان والأزمة الوجودية الحديثة. ويفصح بيكولي عن ملاحظته: " برز اللحم والطعام والجنس في أفلام فريري دائماً؛ تحولت إلى طقوس لقتل الوقت." كان فيلم الوليمة الباذخة هو قمة النجاح المهني لفيريري. وقد اعتبرت أفلامه اللاحقة حكايات الجنون العادي، ويوميات نائب، والبقية على أنّها مجرد محاولات لإحداث الصدمة. وأصبح النقاد أكثر هجومية، وظل الجمهور بعيداً، ومات فيريري بسبب أزمة قلبية عام 1996. كانت هنالك إعادة تقييم مؤخراً. فيلم وثائقي تقديري، ماركو فيريري: المخرج الذي رأى المستقبل، ظهر في إيطاليا عام 2007، وكذلك كتاب، ماركو فيريري: ميلانيّ في روما، والذي تضمن مقدمة لامعة من عمدة روما. تعقبه دراسة لأستاذ مناصرٍ للنساء في جامعة سابينزا ربما كان أقل إطراءً. بينما حصلناقد آخر، هو ماوريزو فيانو على اكتشاف مثير للاهتمام حول فيلم الوليمة الباذخة: إنّ التحف التي تبدو موزعة في القصر على نحو عشوائي، خاصة اللوحات على جدرانه، كانت في الحقيقة مفاتيح تشير من بين أشياء أخرى إلى صلة بالنظام "الخلطي" للطبيب العالم الروماني-الإغريقي القديم غالين، فقد عمل غالين في روما القرن الثاني، وقد كان لعمله أثر على الطب حتى عصر النهضة. يقول فيانو مفسراً:وظّف فيلم [الوليمة الباذخة] خصائص صورية تقرّها قرون من أعمال الحفر على الخشب، والنقوش والرسومات واللوحات. تنشأ الأمزجة الأربعة من سوائل الجسم الأربعة التي يعتقد أنّها تنتشر في جسم الإنسان. وهي أيضاً توافق العناصر الأربعة: السوداوي، المرة السوداء، والأرض؛ المرة الصفراء ، صفراوي، المرة الصفراء، النار؛ دموي، الدم، الهواء؛ وبلغمي، البلغم، الماء[..] وفي اتساق كامل مع فكرة العصور الوسطى التقليدية، [يضع فيلم الوليمة الباذخة] رتبة الدموي في الأعلى، والسوداوي في الأسفل." ميشيل على سبيل المثال، يمثل الهواء: "انتفاخ بطنه ضرورة نصّية وليس استفزازاً لا مبرر له". مارشيلو يمثل النار (إنّه يحبّ المحركات) وهو مرتبط بالصفراء والبراز. وبالعودة إلى الوراء قليلاً، يبدو من الواضح أنّ الفيلم لا يشير فقط لفسوق روما الإمبريالية بل يعيد تجسيده.وبشكل أكثر تحديداً، إنّه يستحضر الحقبة التي كانت فيها روما- على حد تعبير مؤرخ الأطعمة باتريك فاس- بخلاف المجتمع الغربي المادي الذي مقته فيريري في السبعينات- أصبحت "معدة العالم". لقد أتخمت روما الامبريالية نفسها على إنتاج إمبراطورية كاملة، وذبحت وأكلت الكثير على حساب الحياة البرية في شمال أفريقيا، إلى حدٍ انقرضت معه أنواع عديدة من الحيوانات. الوسائد الذهبية، والأغطية في الوليمة الباذخة تستدعي إمبراطور القرن الثالث إلاغابالوس (المعروف أيضاً باسم هيليوغابالوس) والذي "كان يستخدم لوسائده أغطية ذهبية" و" ترك نفسه نهباً لأفدح الملذات" [جيبون]. ويبرز إلاغابلوس في ميدان فسوق الرومان القدماء المزدحم، فعندما اعتلى العرش كان في الرابعة عشر من عمره، وأظهر شهية مذهلة للطعام والجنس. حتى في الوقت الذي يكون جميع من في المدينة متخمين، كان إيلاغابالوس يتناول البسكويت. لقد كان لا يرى غضاضة في إنفاق ثلاثة ملايين عملة فضية على وجبة واحدة، وكان يأكل اثنين وعشرين طبقاً من اللحم في الجلسة (يتبع كل طبق في العادة بفسحة سريعة من "اللهو" مع النساء). لأنّ الغرائبية تغلب على كل شيء، كان إلاغابلوس يأكل أخفاف الإبل، وألسنة البلابل، وأدمغة طيور النحام[الفلامنغو المائي]، ورؤوس طيور التدرج، وقدُمت له مرة رؤوس عدد من النعام. حتى حيواناته استمتعت بالرفاهية فيالطعام: فكانت الكلاب تطعم من أكباد الأوز، والخيول من الأعناب النادرة، وأسوده الأليفة من الببغاوات. مثل شخصية ماستروياني في فيلم الوليمة الباذخة، كانت شهية الامبراطور للطعام لا تنفصل عن جنسانيته الجنونية،لكنه كما يخبرنا جيبون، " لم يكن التطرف في سلوكياته كافياً لإرضاء العجز في عواطفه". وكان مارشيلو في الوليمة الباذخة يتنشق الملابس الداخلية، ويرتديها على رأسه قبل أن يتمكن من مضاجعة العاهرات؛كان إلاغابلوس يرتدي ملابس النساء ليحاضر مومسات روما" حول ضروب متعددة من الأوضاع ومختلف أنواع العهر". كان مارشيلو يستثار بسيارته البوجاتي الصغيرة الزرقاء. أما إلاغابلوس فقد كانت له عربات مطلية بالذهب تقودها الأسود، والنمور والأفيال، وكان يستقلها عارياً في عربة مدولبة تجرها فرقة من النساء الجميلات العاريات. وكان الامبراطور الفتيّ يسافر خارج روما في موكب من ستين عربة. (واحدة له والبقية للرفقة الشبِقة المحرومة".) وعلى ما يبدو، كما في فيلم الوليمة الباذخة، لا ينبغي دوام هذه الدرجة من المتعة. لقد اغتيل إلاغالابوس في أحد الحمامات على يد أحد حراسه، الذي قام بعدها بحشر الجثة في إحدى أنابيب الصرف، ورماها في نهر التيبر. فاق إنفاق إلاغابلوس الجميع، لكنه لم يتمتع بذوق فريد على أية حال. فقد كانت توليفة الطعام والجنس والموت روتينية جداً. وقد تهكم جوفينال، في واحد من أعماله الساخرة على أولئك "الذين يقبع السبب الوحيد في حياتهم على أطباق موائدهم"، وينفقون على الأطعمة الفاخرة أكثر مما يستطيعون تحمله، حتى إنّ أحد الأباطرة ذوي الشعبية الكبيرة مثل كلوديوس (باني قنوات نقل المياه، وغازي بريطانيا، والبطل الخلوق، كلوديوس) الذي أقام الولائم لمئات الضيوف، وكان "جاهزاً للأكل والشرب في أي مكان وأي زمان". "لم يضع حدوداً للقاءاته الجنسية مع النساء" وكان يستمتع بمشاهدة عمليات التعذيب والإعدام.كان خلفه تيبريوس قد أصر مرة على أن تخدمه النادلات العاريات:وقد اشتهر كاليغولا، دومتيان ونيرون جميعهم، بالبذخ الذي تضمن الإفراط في الأكل، والجنس الشاذ، والموت في كثير من الأحيان. بلاتيانوس نديم الإمبراطور سيبتيميوس سيفيروس "أصبح الأكثر حسيّة بين الرجال؛ لأنّه كان يحشر نفسه في الموائد ويتقيأ أثناء تناوله الطعام". لقد كان مديره هو الآخر "يفخر بنفسه، وبسخائه على وجه الخصوص" لأنّه وفي زفاف ابنه كاراكالا، قدّم مائدة وضع فيها "أطعمة مطبوخة وغير مطبوخة، وعدة حيوانات ما زالت حية". بل والأكثر إثارة للاهتمام هو "الخنزير البري الضاري" و"الخنازير الرضيعة" في فيلم الوليمة الباذخة التي تشير بشكل مباشر إلى "خنزير بري هائل الحجم" و"خنازير رضيعة صغيرة مصنوعة من المعجنات" للوليمة في كتاب ساتيريكون لبيترونيوس. هذه الرواية القديمة الساخرة، والمكتوبة في عهد نيرون، تسخر من ابتذال روما الإمبريالية- وكانت مفضلة لدى أوغو توغنازي. الجزء الأكثر شهرة من الكتاب كان يصف وليمة جنونية أقامها عبد سابق يدعى تريمالكو. وهي تشتمل على مختلف أنواع اللحوم والنقانق وعصيدة الدم، والخنازير الكاملة المشوية، والأوز والدجاج والسمك. وقد كانت وليمة تريمالكو هي الأخرى ثقيلة بنكهة الموت، لأنّه كان يجبّر ضيوفه على حضور [يتهكم] جنازته الخاصة. ويعلّق الراوي: " لقد اعترانا في هذه اللحظة شعور بالغثيان، وكنا على وشك التقيؤ." في عام 1968 عندما سمع توغنازي أنّ فيليني كان يخطط لصنع فيلم مستلهم من ساتيريكون، توسل إليه أن يسمح له بلعب دور تريمالكو. ولكن فيليني لم يوافق، ولعب توغنازي الدور على أية حال، وقد كان تنكره فظيعاً، مع شعر مستعار باللون البرتقالي وهرع ليكون أول من يصل إلى السينما قبل أن يفسد المفاجأة. كان الانتصار سلاحاً ذا حدين. أقام فيليني دعوى قضائية وأُدين صناع الفيلم بالسماح لصبي دون العمر القانوني بالظهور في مشاهد جنسية مصورة. وقد كان توغنازي الأشهر في العالم المتحدث باللغةالإنجليزية بسبب دوره كواحد من مالكي أندية المثليين في فيلم قفص المجانين، كان شخصية ثقافية مهمة في روما. يتمتع بجانب فكري قلق جداً، ولا يتورع عن الغزل الصريح في أحيان كثيرة. لقد قام أيضاً بإخراج خمسة أفلام صغيرة، بعضها مشحون بالجنس. وفي عام 1978، السنة التي تم فيها اختطاف آلدو مورو وقتله، وردت أخبار عن اعتقال توغنازي بصفته قائداً للكتيبة الحمراء الإرهابية. ونُشرت صوره التي انتزعتها الشرطة من منزله في كل مكان، واعتقد أنّه حقاً كذلك. في الحقيقة لقد كان الأمر حيلة لصالح مجلة الرجل الساخرة، ولم يتوان توغنازي عن تقديم العون. في عام 1983، وربما بإدراك للمتعة التي حظي بها ميشيل بيكولي في فيلم الوليمة الباذخة، لعب( بحرية كما يقول) دور البطولة في فيلم البيتومان، وهي قصة حقيقية عن " الضّراط" الفرنسي جوزيف بوجول، الذي كان يسّلي الجمهور قبل الحرب العالمية الأولى بإطلاق الريح على نغمات موسيقية. كان شغف توغنازي الحقيقي هو الطعام، كما كان يقول دائماً. وفي واحد من كتب السيرة الذاتية في الطبخ، (L'abbuffone) وهي كلمة مشتقة من الوليمة الباذخة Le Grande Abbuffata وتعني "محبّ الولائم" أو "المبذر"، ويزهو توغنازي بأنّه يعرف جميع طهاة أفضل مطاعم أوربا، وأنَّ الطبخ يجري في دمه. " بالطبع تجري في دمي الكريات الحمراء والبيضاء، ولكني أعتقد أيضاً أنَّ هنالك نسبة وافرة من صلصة الطماطم، فأنا مدمن على الموقد." وكثيراً ما كان يرفض الظهور في الأفلام ما لم يكن ذلك يتضمن مشهداً في المطبخ ليستعرض مهاراته في الطبخ. " أشعر بالحياة تتدفق فيّ عندما أكون أمام المقلاة. وصوت زيت القلي يستحيل في أذني إلى أعذب نغمات الموسيقى. وقد استخدمُ معطرًا من صلصة اللحم لما بعد الحلاقة.. يستدعي براوست الماضي بواسطة أي شيء كان. وبالطريقة ذاتها أتذكر الأيام الخوالي بالطعام. مثلاً يذكرني الدجاج المسلوق بجدتي." وكما سوف نرى في الفصل التالي، فإنَّ الثقافة النهم المفرط في روما اندثرت في آخر المطاف بسبب الانهيار الاقتصادي للإمبراطورية، والدوافع القهمية للزهد المسيحي، بيد أنّ البندول تأرجح عائداً في النهاية. انقشعت العصور المظلمة، وأُعيد اكتشاف الكتب القديمة، ووجدت الحسيّة الجنسية طريقها من جديد إلى مراكز السلطة في روما. وقد ألمح توغنازي لجميع ذلك عام 1984 في كتاب مهم بعنوان أفروديت وفن الطبخ، الذي قام بتصميم الرسومات الإيضاحية لنصوصه رسام الكارتون الإيروسي جودو كريباكس، وهي مزيج بين الوصفات والحوار الإفلاطوني (استعار فيريري لاحقاً فكرة المأدبة، وهي إعادة تمثيل لندوة إفلاطون لقناة تلفزيونية فرنسية). وقد طبخ توغنازي وجبة دسمة لكتابه، ودعا إليها مجموعة من المثقفين الرومان لمناقشة العلاقة بين الجنسانية والأكل. وقد وافق المثقفون على أن يساهموا ولكن بشرط عدم ذكر أسمائهم. وبالطبع كما يذكر توغنازي، فقد طُرح موضوع آل بورجيا. ففي الأسطورة الشعبية يعتبر رودريغو بورجيا، الذي أصبح في ما بعد البابا إلكسندر السادس، رجل شرير للغاية، وكذلك ابنه سيزاري وابنته الخطيرة لوكريزيا. بيد أنّ المؤرخين في منتدى توغنازي تحدثوا عن البابا بورجيا بإعجاب واضح، وليس فقط بسبب باليه كسارة البندق: " كانت هنالك خمسون محظية رائعة الحسن وعارية بالكامل، يجمعن الكستناء حبواً على أربعٍ. وقد كانت ثمار الكستناء ترمى إليهن من قبل الرجال في الحفل، وهكذا أصبح الحفل ماجناً، وفي النهاية قدمت الجوائز السخية للرجال الذين أظهروا الفحولة العظمى مع المحظيات الخمسين. لقد كانت من طقوس العربدة الأصيلة التي تشير بجلاء إلى سمة ذاك العصر!" وبعيداً عن كونها فضيحة، استطرد المؤرخون، إنّها واحدة من علامات عصر النهضة البارزة، عصر اشتهر بما فيه من "بحثٍ مضنٍ عن الجمال وإعادة اكتشاف القيم التقليدية". وبدلاً عن الاستهجان، أعلن، "البابا بورجيا" يجب أن يُمدح "لفضوله الشديد تجاه الأمورالجنسية". وقد "ولدت الإنسانية من جديد" خلال عصر النهضة، وقد تبارى تجار السلطة والبلاط في إيطاليا مع بعضهم البعض في صناعة الثروة والجمال. إنّه عهد العبقرية العالمية، والفن غير المسبوق والتسامح. وقد وجد العباقرة مثل ليوناردو، وفرانسسكو سفورزا وإيزابيلا غونزاغا، قبولاً تاماً في المجتمع، والذين تصادف أنّهم جميعاً أبناء غير شرعيين وربما تعرضوا للمقاطعة في العصور الأقل تسامحاً. وارتكزت كل هذه العبقرية على ذلك النوع من الحسيّة الذي يمثله البابا بورجيا، الذي شجع المؤرخين على الاستطراد في الإشادة بالفجور الذي تفشى في أرجاء اوربا أثناء عصر التنوير. " إنْ تابعنا مذكرات كازانوفا، سنجد صورة للعالم الواقع تحت سيطرة الهياج الجنسي. العلاقات الجنسية بين ثلاثة وأربعة أشخاص. اللهو بين الارستقراط والعمال، والراهبات والخدم!" وسرت عدوى حماسته لتعمّ معظم ضيوف الندوة. يخبرنا توغنازي: " إنَّ حرية الروح والعقل، بهجة هذا التحليل التجريبي، كله بدا وكأنه له صدىً حول المائدة، وقد فتح المؤرخ ذراعيه في إيماءة مسرحية، كما لو أنّه يشكر جمهوره." عادوا إلى الحوار العام، وبدأ المدعوون تناول الطعام مجدداً. ولكن عالم الاجتماع على ما يبدو كان الوحيد الذي لم يقتنع. لقد حكّ لحيته وتساءل: " أتقولون إنّ الأمر المهم عن عصر التنوير أنّه ...أدى إلى العربدة؟" كان لدى المؤرخ بلا شك إجابة رائعة إلى حد الكمال، ولكنّه لم يكن قادراً على الكلام. كان فمه مشغولاً بشيء آخر. --------------------قبيل النضج: الجنون والجمال والأغذية في روماتأليف: ديفيد ونر- ترجمة: أميمة قاسمبتكليف ورعاية من الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي، وبدافع من حب المعرفة والسعي لنشرها قامت القرية الإلكترونية بتوفير هذه النسخة منAl Dente قبيل النضج: الجنون والجمال والأغذية في روماتأليف: ديفيد ونر- وسوف نقوم بنشرها على حلقات تباعاً هنا في جوجل بلس نأمل أن تحوز إعجابكم وأن تكون مساهمة في #نشر_المعرفةصفحتنا الرسمية في فيس بوك : https://www.facebook.com/mohammed.suwaidi.poet/منصتنا في جوجل بلس لمتابعة باقي مشروعاتنا https://plus.google.com/+HisExcellencyMohammedAhmedAlSuwaidi?hl=ar(جميع الحقوق محفوظة), Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi....
اعرض في فيس بوك , Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi قبيل النضج (1): الجنون والجمال والأغذية في روما الفصل الأول: الماء تأليف: ديفيد ونر ترجمة: أميمة قاسم --- "المحار أو الحمائم، أعتقد أنه بإمكاني المساعدة!" ما تلا....
اقرأ المزيد ... قبيل النضج (1): الجنون والجمال والأغذية في روما الفصل الأول: الماء تأليف: ديفيد ونر ترجمة: أميمة قاسم --- "المحار أو الحمائم، أعتقد أنه بإمكاني المساعدة!" ما تلا ذلك كان سلسلة من الاكتشافات حول الأطعمة الرومانية، الجوع، والتأريخ والثقافة. تحول الامتصاص إلى إسهاب، وتقاربت المسافات بين التغذية والإمساك إلى درجة لم تخطر لي على بال. أصبح الغذاء هو مساري، والممر الذي أعبره إلى روما. على أمل أن تجد فيه ما يُستساغ. ديفيد وينر روما، أغسطس 2011 1: الماء تهرع شمس نوفمبر الرقيقة إلى مغيبها بينما نشق طريقنا وسط الحشود أمام نافورة تريفي. يتجمع السياح من مختلف بقاع الأرض هنا يومياً ليمارسوا أحد الطقوس الهامة والنمطية لديهم: أخذ الصور السخيفة لبعضهم البعض. لأنّ هذا هو يوم الأحد، حيث تصبح حتى أعداد قطع البتزا المعبأة أعلى من المعتاد. " يا إلهي!" أحيط الميدان بجدار مصمت من الرخام الكريمي المجعد. ومن تحت الأعمدة، ومنحوتات الآلهة، والخيول، تتناثر كميات هائلة من المياه المتراقصة في البركة الواسعة المقوسة. الطريقة المثلى للزيارة بالطبع، هي أن تأتي وحدك، ليلاً، كما فعلت أنيتا إيكبيرج في فيلم الحياة حلوة، مارشيلو! تعال إلى هنا...!" بيد ميشله ديل ري، أستاذ القانون الجنائي، يعطينا بالكاد لمحة عن النوافير المبهرجة أو أحد معالم الفيلم. لقد اتجه إلى كنز دفين: فهنالك عين نضاحة عذبة تكاد تكون مخبأة بالكامل في كهف إلى اليمين من خلف النافورة. ومن بين إنجازاته العديدة، ديل ري صاحب العينين السوداوين، خبرته بالبوذية، وحياة الكازانوفا، الروابط بين الجريمة والشيطانية.. ومياه روما. لأنّ هذه المياه تختلف عن غيرها في أي مكان آخر. فهي أولاً تنبثق من عين فوارة تأخذ اسم بتول وثنية، كانت قد جلبت إلى هنا من قبل أحد مساعدي الإمبراطور أغسطس ويده اليمنى. في الحقيقة قد تكون هذه المياه هي الأكثر أهمية على وجه الكوكب. وفيها يسكن عبق روح المدينة، والعتيق من قوانينها وثقافتها وفلسفتها. واحتساء هذا الشيء سيكون بمثابة تذوق روح الحضارة الغربية نفسها. وقد أحضرت معي أيضاً كوباً بلاستيكياً. أحد الباعة المتجولين البنغال وسط الزحام؛ يصوب نحونا مسدساً، ويطلق فقاقيع ملونة من الصابون والهواء المحبوس. وبوسعنا اقتناء هذا الجهاز مقابل حفنة أو بضع قطع من عملات اليورو! إررر كلا، لا أعتقد أننا بحاجة إلى واحد مثله. لقد سدت مجموعة من السيدات اليابانيات الطريق أمامنا الآن، ليأخذن دورهن في الوقوف أمام نبتون، إله البحر. المراهقون الرومان يضحكون، ويديرون ظهورهم لحافة الماء، يلقون بالعملات النقدية من وراء ظهورهم جلباً للحظ السعيد. وأخيراً وصلت والبروفيسور إلى وجهتنا، النافورة العذبة الصغيرة التي تجاهلها الجميع سوانا.أخرجت من حقيبتي الكوب الذي أحضرته من أجل هذه المناسبة من مطعم سبيزيكو للبتزا. وانحنيت محاولاً التقاط الماء من تياري النافورة العجيبين. كان التدفق قوياً جداً، فتطاير الماء من الكوب وتناثر على جسمي كله. أخيراً استطعت جمع ما يكفي وناولت الكوب بحذر إلى البروفيسور. إنّه نحيل الجسم، داكن البشرة، ويرتدي سترة صيد ذات ياقة مخملية. وفي عينيه الكبيرتين المعبرتين وميض. اعتدل في وقفته، أخذ جرعة من الماء بقدر ما يفعل متذوق النبيذ من قنينة موتون-روثتشايلد. ارتسمت على وجهه ابتسامته الغامضة التي طالما رأيتها على وجه ابنته. وأسأله أنا" حسناً؟" يقول: " حسناً ماذا"؟ " ماهو مذاقها؟" " أها. إنّه.... مذاق الكون!" أول ما أتيت للعيش في روما، وجدتها مكاناً كئيباً وومقفراً. وقد عشت في امستردام لأربع سنوات وكان للانتقال وقع الصدمة. كانت العاصمة الهولندية لا تخلو من الماء، المياه في كل مكان ومئات القنوات والهواء رطب والضوء في كل مكان. أما روما فيبدو أنّها كانت تغرق في بحر من الحرارة والضجيج والزحام. وقد لاحظت، حقاً، ما بها من كميات كبيرة من الرخام والذهب والمباني الغبراء التي زادتها جمالاً، بيد أنّها في الغالب أصابتني بحالة من القلق. كانت المشكلة فيّ أنا؛ فأنا أعاني من أحد أنواع حبّ المياه النفسانية، وهو هوس يجعلني أحتاج إلى رؤية الماء أو الشعور به، ويا حبذا لو كان في كميات كبيرة. تتألم روحي في غيابه، ولا تهدأ نفسي. في لندن يسوء شعوري حتى أنني لأقود سيارتي في منتصف الليل إلى ليتل فينيس أو بركة وايتستون فقط للجلوس والبحلقة في انعكاس أضواء الشوارع على الأمواج الصغيرة. وحتى في شقتي القديمة بامستردام، اعتدت على الالتصاق بالنافذة فقط لرؤية جزء مجهري من القناة في نهاية الشارع. ليس هنالك قنوات في روما. المساحة المائية الكبيرة العامة الوحيدة بها، هي نهر التيبر، قد يكون مقززا بصراحة. في أول اسبوع لي وبخلاف ما نصحت به، زرت ضفة النهر في اوستينس، متوقعاً أن أجد واحدًا أو اثنين من المقاهي، ومنظر النهر الناعس، والأشجار، والسكان المحليين المبتهجين على دراجاتهم الهوائية. ما وجدته هو الكتابة على الجدران، القمامة، ورائحة البول...والكلاب الغريبة المظهر بسيقانها القصيرة، وأذيالها الطويلة تجري نحوي على الممر: جرذ بجسم طوله قدم. كان التيبر أحد أشهر الأنهار في العالم. ولكن شكراً للتأريخ الذي يربطه بالفيضان والأمراض، والرومان يحتقرونه ويعاملونه كما لو كان مجرماً، فهو حبيس جدران الاحتواء داخل المدينة، التيبر محصور إلى ثلاثين متر تحت مستوى الشارع ويتمتع بوضع وسحر دوامات الصرف الصحي. عليه فقد استغرقت بعض الوقت للتأقلم عليها، وأقدر حقيقة أنَّ روما في كل جزء منها لا تقل عن امستردام كمدينة مائية- ربما حتى أكثر منها. إنّها تلك الروح المائية لروما تكشف عن نفسها بطرق غير متوقعة. فماؤها لا يجري في قنوات عظيمة أو يتجول في المكان قاتم اللون وفاتراً؛ بل إنّه يظهر على شكل دفعات متفجرة قوية صغيرة. تستمد روما بهجتها من أشكال للماء من صنع البشر: النافورة. في الساحات الصغيرة في أرجاء المدينة تقفز المياه، وتنفجر متدفقة من أفواه الوحوش الحجرية. وتتقطر، وتنساب وتتفرع من وإلى أحواض الرخام، وقواقع البحر الجرانيتية المصقولة. حتى كنائس المدينة وكاتدرائياتها متلاطمة الأمواج: فهنالك "ماء مقدس" في جرن المعمودية، وأجران الماء المقدس على جميع المداخل. في المسيحية، كما جرت العادة، يُزينُّ كلُّ مهدٍ رومانيٍ بالماء الجاري. وبكل شارع في المدينة صنبورُ ماءٍ عذبٍ باردٍ على طول السنة ، ومدار الساعة، مجاناً. يصرّ أهل روما على أنّ الماء من هذه الناسوني (كما يسمونه لأنّ الصنبور يشبه الأنف الكبير)، هو الأفضل للشرب في العالم. وفي ميادين وسط المدينة تنتصب المئات من النوافير الرخامية الباروكية، وكل منها عبارة عن " قصيدة في ثوب من الماء والحجر". ولِمَ هذا الأبهة؟ بالطبع بسبب الرومان القدماء. نعتقد أنَّ البانثيين أو الكولزيوم هي أفضل رموز روما القديمة. ولكنها ليست كذلك. روح روما القديمة، وقلبها النابض، وخفقان جهازها الليمفاوي، كان هو شبكتها المذهلة للقنوات المائية. في الحقيقة كانت المدينة القديمة أكثر مائية من روما العصرية؛ فقد كانت حضارتها وثقافتها مصبوغة بتقديس الأشياء. اعتبر الرومان الماء هو الأساس لجميع الأشياء. وله الحكم على التراب والنار، " ملكية سماوية "، ويستقر في جوهر القوانين والمعتقدات والهوية الرومانية. وقد اكتسبت فكرة أنّ المياه مشاعٌ يتم تشاركها بحرية أهميةً خاصةً. وفي الجمهورية الأولى، لم يكن الموت هو عقاب القاتل، بل أسوأ منه: كان يحرّم على المجرم الحصول على الماء. روما، بالطبع، لم تكن هي أولى الحضارات القديمة التي تتعامل مع الماء باحترام وفهم. فقد عرف المينويون المراحيض الدافقة منذ عام 1700 قبل الميلاد. وقد بنى الآشوريون أول قناة لنقل الماء سابقين ظهور الفكرة في روما بأربعمائة عام. ولكن قام الرومان بتطوير تقنية المياه إلى مستوى غير مسبوق، فبنوا قنوات النقل، وغيرها من المرافق المائية في أنحاء الإمبراطورية وبرؤية لا نظير لها حتى القرن التاسع عشر. وفي قلب هذه الإمبراطورية، داخل روما نفسها، صنعوا للمياه ثقافة لا شبيه لها في التأريخ، يمزجون فيها بترف بين المقدس والدنس، جامعين بين الخيلاء والنقاء. فهنالك المئات من النوافير المزينة بالتمثايل والأعمدة التي يتدفق منها الماء للشرب والغسل والطبخ، متاحة للحثالة والعوام في روما. ويستخدم الماء في أغراض دينية، ويهب حدائق المدينة نضارتها، ويغسل مراحيضها ويملأ "مسارح الماء" الواسعة التي أعاد أباطرتها الدمويون مشاهد المعارك البحرية التي يتقاتل فيها آلاف الرجال حتى الموت. ونظام الحمامات العامة كان أهمها على الإطلاق. أماكن المتعة الحية الصاخبة، المزدانة بالذهب والرخام والفسيفساء، والتي يخدم فيها جيوش من العبيد، وهي مُعدَّة بأفران دائمة الاشتعال، فتضفي المزيد من السلاسة على حياة المدينة الاجتماعية والنفسية والطبية والجنسية. ينظم الناس حيواتهم في الحمامات، يتقاتلون فيها، حيث يبعث بهم الاطباء لتلقي العلاج هناك، ويقابلون المومسات في رحابها، كما يتعرضون للسرقات أيضاً في الحمامات. وفي بعض الأحيان يستحمون فقط فيها. كان جميع الساكنة مدمنين. وبحلول مطلع القرن الثالث، عندما شيّد الإمبراطور كاراكالا مجمعه المدهش في فخامة (ما يزال قائماً) جنوب المدينة، ابتلعت الحمامات شبكة واسعة من الأنابيب، وكانت تمتص معظم إمدادات القنوات الناقلة. حفظت قنوات المياه الناقلة عالم المياه هذا منساباً، لتقدم ماءً نميراً ينبع بشكل أساسي دون انقطاع من البحيرات والعيون، ونقلته بطول خمسين كيلومتراً لجميع أجزاء المدينة. كانت مياه الأنابيب الناقلة تمر في الغالب تحت الأرض في قنوات شقت يدوياً في الصخر الحي. في بعض الأحيان كانت تحمل عالياً على ممرات منحنية رائعة المظهر، وما يزال بعضها في حديقة قنوات المياه قرب استديوهات سينيسيتا. وقد ذُهل المعاصرون القدماء بكل ذلك. " كانت كمية المياه المجلوبة بالقنوات الناقلة عظيمة للغاية، تلك الأنهار الحقيقية التي تجري عبر المدينة،" قال الكاتب الإغريقي ستاربو. وفرونتينوس، حاكم بريطانيا لمرة واحدة، ورئيس أنظمة مياه روما وكاتب السفر الأهم حول الموضوع، قنوات مياه مدينة روما، والذي أعلن أنّ قنوات مياه روما أعظم من إهرامات مصر. وجملة ما شيّد منها إحدى عشرة قناة، ساهم في بنائها عدد من القناصل والأباطرة على مدى 500عام، مثلها مثل عشرات القنوات الأصغر. (تعيش المدينة الحديثة على سِتٍ). وفي آخر الأمر أخفق النظام في الصمود أمام انهيار السلطة الرومانية. أثناء حصار في عام 537 كسر ملك قوطي يدعى فيتيجيز القناة الرئيسية. وبالتالي تراجعت الكثافة السكانية في روما، وماتت الحمامات، ونمت مدينة جديدة على طراز العصور الوسطى لاحقاً على ثنية نهر التيبر، والريف الجنوبي من روما انجرف مع المياه المتدفقة من القنوات المضروبة، التي أصبحت مصدراً لعدوى الملاريا. وأخيراً، وعلى الرغم من عودة مياه روما، ظهر كتاب فرونتينوس في أحد الأديرة عام 1429، وألهم البابوبات لإعادة بناء روح النظام الروماني إن لم يك ذلك بعثاً لكل تفاصيله. قام سيكستوس الخامس بتفكيك بعض القنوات القديمة لصناعة قنواته الجديدة، المياه السعيدة أو مياه فيليس Acqua Felice. حتى اكتمال مياه بحيرة السمك في 1980، كان نظام المياه في روما في معظمه يتبع مسارات ومباديء القياصرة. ولكن كان هنالك فرق كبير. حيث رسّخ الأباطرة لسلطاتهم وإسعاد الناس ببناء الحمامات، وقام البابوات باستخدام الحيلة ذاتها مستعينين بالفنانين مثل بيرنيني لإنشاء نوافير رائعة. كانت المياه تعني الكثير لدى الرومان، ولكنها لم تكن أبداً أمراً دنيوياً. ووصف الكاتب بليني الأكبر- المتوفي في الثورة البركانية التي دمرت مدينة بومبي، في كتابه التأريخ الطبيعي المياه بصفات ظواهرية: المياه لمعالجة العقم، أو الجنون، للقتل والحرق، ولمساعدة الذاكرة، أو التسبب في النسيان. كانت هناك مياه تتسبب في حالة من الضحك، أو البكاء، ومياه للتنبوء بالمستقبل، بل حتى تبريء من العشق. ربما كان هذا هو السبب لوجودي هنا اليوم. قبل سنوات كنت متحمساً لابنة البروفيسور. لقد تحدثت مراراً عن والدها العجيب، ولكني لم أتمكن من مقابلته سوى الصيف الماضي على مائدة عشاء صيف قائظ بمنزله العامر بالكتب، على سفح جبل مونتي ماريو. تناولنا العشاء في الحديقة، تلطخت الأيدي والوجوه بزيت السترونيلا لطرد البعوض. كان معنا قسيس، وصحافي سياسي، وحوالي ألف من حشرات الزيز في رفقتنا. ولاحقاً في المساء، بدأ ميشله في مشاركتنا بعض الأفكار حول بحثه الأخير في النواحي السرية لنظام المياه في روما. لماذا، كان يتساءل، آمنت العديد من الحضارات القديمة بأنَّ المياه تحمل روح "العنصر الأنثوي"؟ كيف كان لهذه الفكرة أن تتسرب إلى كل ما ترتب عليها من فكر ولغة؟ بينما كان يتحدث، كان يسحب سلسلة من الخطابات، والرسومات التخطيطية، والرموز من مختلف اللغات، بما فيها الصينية، والمصرية القديمة، وحتى النصوص الغامضة باللغة الإترورية البائدة. لقد أرانا كيف أنَّ كل حرف كان موجة رمزية، والتسلسل اكتسب أسلوباً خاصاً حتى إنّه شكّل الحرف اللاتيني "M". " انظر كيف تتشابه هذه الأحرف؟ يمثل هذا الشكل الماء في كل لغة، وفي كل حالة هو أيضاً جزء من أكثر الكلمات أهمية في اللغة "الأم"، في اللاتينية لدينا mater. وفي الإيطالية mamma. انظر لهذه الكلمات في الإنجليزية..." ويكتب في ورقته المزيد من الكلمات: Memory و Mummy. " انظر كم موجة هنا. كما لو أنّ هذه الكلمات نبعت من الماء"! تحدثنا حتى وقت متأخر من الليل تلك الأمسية، وعرض أن يدلني إلى قلب أسرار مياه روما. وتمخض ذلك عن خطة كما اتضح ذلك بعد أسابيع قليلة، قرر ميشله أن يأخذني إلى أكبر العذراوات سناً في المدينة. وعليه، وجدت نفسي، في وقت مبكر هذا الصباح، واقفاً وإياه على إحدى شرفات عصر النهضة نتجه بأنظارنا إلى الأسفل تجاه أحد معالم روما الرفيعة التي لا يعرفها إلا القليل: الحديقة الغارقة لفيلا جوليا، غاية في الجمال وهادئة، إنّها المكان الذي تلتف فيها التيارات المتقاطعة للماضي فجأة للتحول إلى الاتجاه الآخر وتسحبك برقة خارج أعماق ذاتك. على طول القرن الماضي احتضنت الفيلا أعظم المجموعات الإترورية الأثرية في العالم. وبالنسبة للمبتدئين، فهذه ذكريات مئات السنين قبل التأريخ. ولكن هنالك ما هو أكثر، إنّه التقاء العتيق بالحديث وامتزاجهما في وسط أحاسيس لا تحتمل. شيدت الفيلا على يد البابا يوليوس الثالث، آخر جيل من بابوات عصر النهضة. وكان ذوّاقة أسطورياً وراعياً للفنون، لقد وصم المدينة بتنصيبه عشيقاً في السابعة عشرة من العمر كاردينالاً. في عام 1550 ورغبة منه في تقديم شيء جميل لبيته الجديد؛ طلب يوليوس حفر فتحة صغيرة في المياه العذراء الأسطورية التي أُعيد اكتشافها حديثاً، والتي كانت تعرف حينها باسمها الإيطالي Acqua Virgo، ولقد كانت مثل فتح كوة في الزمن نفسه. عندما بنيت في القرن التاسع عشر قبل الميلاد، كانت فيرغو هي القناة الرابعة والأحدث في روما. بنيت على نفقة ماركوس اغريبي، ثاني أقوى رجل في العالم بعد صديقه الإمبراطور اغسطينوس وسميت تيمناً بفتاة صغيرة كشفت عن مصدر المياه لبعض الجنود العطشى. وقد لاقت المياه العذراء احتفاءً لا نهائياً بسبب عذوبتها، ولكن أراد أغريبا الماء لمجمع حمّاماته الجديدة الفخمة في بستان المريخ (أو كامبو مارزيو)، وبناها بالقرب واحد من مشاريعه الجديدة، وهو معبد كبير يدعى البانثيون. وحتى آنذاك كانت العذراء رائعة هندسية، لأنَّ الجزء الأكبر من كيلومتراتها الواحدة والعشرين تجري تحت الأرض بفعل الجاذبية. كانت المياه في القناة تسحب بدقة بنسبة اثنين وثلاثين سنتيمتراً في كل كيلومتر- وهو بالضبط ما يكفي لإبقائها جارية بسرعة مثالية. كان المقصود من البناء أن تكون هي القناة الوحيدة في المدينة التي تصمد أمام كل ما قد يلقي به التأريخ في وجه المدينة من رزايا. فخرجت سالمة فعلياً من الانهيار والتدمير الذي تعرضت له روما خلال العصور المظلمة، بل صمدت حتى من النهب المنظم الذي استهدف المواقع الكلاسيكية في العصور الوسطى للحصول على مواد البناء. ...والآن تستعد الفتاة العجوز لعودة أخرى. قرر البابا يوليوس الترحيب بها على حد روما بضريح حورٍ، ضريح مائي على الطريقة القديمة، ولكنه أكثر روعة من أي تحفة رأتها عين من قبل. تم تكليف المعماري الفلورنسي بارتولوميو اماناتي بذلك وقد صنع كما هو مطلوب تماماً تحفة رائعة ومثيرة للحواس: نافورة مياه العذراء. تنحشر المياه العتيقة الآن خلال الكهوف الرخامية لتصل إلى البركة التي تعج بأزهار الليلاك والأسماك الذهبية التي تحرسها الحوريات عاريات الصدور. أمضى البابا هنا أيام الصيف الطويلة يتناول طعامه في نزهات على عين نبتون وآلهة النهر. يبدو الضريح الآن مذهلاً، ولكن الرمزية تصيب رأسي بالدوران. لماذا وفي أوج حركة الإصلاح المناهضة، والحرب قد مزقت جميع أرجاء أوربا بسبب التنافس على تفسير المسيحية...، لماذا في سياق كذاك، يود أحد البابوات- حتى أنّه يميل إلى الغلمان المراهقين- أن يهتم بصورة مخزية بوثنية من العصور القديمة؟ كان لدى ميشله إجابة: أثناء عصر النهضة، اكتسبت المعرفة بالقديم أهمية ثقافية. ولم يك يوليوس سوى أحد البابوات الذين تحلوا بقدر عال من الثقافة، " هذا المكان هو أحد المواقع المهمة حيث ينبعث الإغريقي القديم والتقليد الروماني من جديد. وبدأوا إعادة استخدام الآلهة القديمة." ومع ذلك، فإنّه تدغدغ بالبهجة الوثنية المحضة للمكان: " انظر لكل ما يتعلق بنبتون! وانظر إلى أناقة هذا المكان! تذكر: ضريح الحور هو موطن الحوريات! وهذا يضفي عليه المزيد من الوثنية حتى!" كانت هذه مجرد وقفة أولى في جولة ميشله الغامضة الطموحة. إنّه يخطط لكشف أسرار مياه روما بأن يريني جميع النوافير البديعة التي تغذيها مياه العذراء. وسوف ننتهي حيث تنتهي قناة المياه( وحيث يبدأ هذا الباب) في التريفي- أشهرها جميعاً. قد تكون الكتب الأكاديمية حول مياه روما جامدة ومغطاة بالتفاصيل المبهمة حول تقنيات البناء وشق القنوات، والكميات المكعبة، وأختام كاستيلا وفيستولا. وكما يليق برجل يجوب العالم دارساً الطقوس الدينية، يتمتع ميشله بحماسة لا تكلّ، وصحبته لا تُمّل، وتتحول أفكاره بسهولة إلى أسئلة روحانية وإيمانية عامة. يقول: " لكل حجر في روما حكاية،" ويبدو أنّه يعرف أكثرها. يشرح قائلاً: " الفكرة الرئيسية للرومان كانت " Aquas disjunco, populous conjunct" – قسّمْ الماء، تجمعْ الناس". وكانت رائعة جداً، وهي تفسر فعلاً لم كان أعداء روما عاجزين دوماً عن المقاومة لفترة أطول مما فعلوا. فكل امبراطور روماني يلتزم بهذا المبدأ. وعندما يحلون ببلدة صغيرة لنقل في أفريقيا، فأول شيء يفعلونه يبنون قناة للمياه للمدينة. كانت المياه للصالح العام، شيء للجميع. حتى العبيد لهم الحق في الهواء والماء. إنّه مبدأ عصري للغاية. والآن فقط نقول مرة أخرى إنَّ الماء مصلحة عامة." نتجه صوب القصر البورجي Villa Borghese، ذهبية اللون، تتساقط منها الأوراق الصفراء والحصى الخشن، لنمتع أنظارنا بنوافير ميدان ديل بوبولو التي تستمد حياتها من مياه العذراء (" أجمل ميادين العالم، مثل إحدى سيمفونيات بيتهوفن!). كل شيء هنا مكرّس لنبتون- النوافير، التماثيل، وحتى الشوارع الثلاثية التي تتفرع من الميدان بين الكنيستين التوأمتين الأسطوريتين-، وتقليدياً ليس لأهل روما صلات طيبة بنبتون. " " نعم وهنالك، تحت شجرة الجوز تلك، حيث يعيش الشيطان،) ماذا؟ " أي نعم! إنّه مسجون تحت جذور الشجرة..كما تقول الأسطورة!). وبينا نسير نحو الكنوز الأخرى، يذكرني ميشله بأنَّ روما أُسست على الهضاب قرب نهرها وليس عليه. وتدفق الكثير من هذا. على الرغم من أنّ مياه التيبر كانت صالحة للشرب، زخر المشهد البركاني المحلي بالكثير من العيون الطبيعية والآبار وقد آثر الرومان الأوائل شرب المياه من هذه المصادر. لقد استحكمت العادة، مثلها مثل الوشائج الأولى بين الروحانية والصحة. ففي عقل الرومان ولغتهم، كانت الأنهار والبحار مذكرة، أما العيون والينابيع فانفرد كل منها بشخصيته الخاصة، لقد كانت أنثوية ومصدراً للرعاية. وكان أن تغتسل في مياهها كأن تتطهر وهذه الطهارة انطوت دائماً على رمزية الولادة من جديد (التحمت الفكرة لاحقاً مع طقوس التطهير اليهودية لتولد المعمودية المسيحية). نواصل المسير عبر نافورة القذيفة المدفعية الجافة (على ما يبدو أُطلقتها ملكة السويد "كريستينا" في لحظة غريبة) ونصل نافورة براكاكيا، نافورة بيرنيني الفاتنة على شكل القارب في المدرج الأسباني. وهي تقع بالضبط تحت شباك الغرفة التي جاء الشاعر جون كيتس ليموت فيها من السل، ظنّاً منه أنّ روما هي مدينة صحية للغاية. والآن يتحمس ميشله كثيراً ليريني نوافير على ذات القدر من الأهمية في ميدان كولونا، وميدان نوفونا، وجادة ديل بابوينو، الساحة الواقعة بجانب البانثيون.. ولكني عارضت ذلك، فأنا أعرف بالفعل جميع هذه النوافير. وأعرف أنّ جميعها لا تنقصه الروعة! والآن أعرف من أين تأتي مياهها أيضاً..عليه لم لا يدعنا نذهب فعلاً لنحظى بشيء للشرب؟ وبدت عليه الخيبة، ولكن لوهلة فقط. فقال" سوف لن أخذلك، مياه العذراء مذهلة حقاً!" كان هذا اعتقاداً جوهرياً بين الرومان لقرون. وقد فضل الإمبراطور نيرون أن يتم غلي مياهه أولاً، ثم تُصب في كأس زجاجية وتبرد في الثلج، ولكنه كان مجنوناً. يحب معظم الرومان الماء جارياً. وسادت هذه الفكرة. وعلى مدى القرن العشرين كانت ربات المنازل الرومانيات يفضلن الماء الذي يصب من صنابير المياه في مطابخهن، كما لو أنّ شيئاً جللاً سيحدث في قلب بيوتهن إن توقف ماء الصنبور عن التدفق. بينما ما يزال فخر الرومان بمياههم العتيقة خالداً. وهنالك القليل عدا الاسم يربط بين العلامة التجارية الحديثة للمياه المعبأة كلوديا(" مياه الآلهة)، والقنوات المائية القديمة، كلوديا بناها الإمبراطور كلوديوس. وهي تجلب مياه الشرق؛ وتأتي المياه المعبأة من الشمال. ولكن من يعبأ؟ فبحسب الديباجة، لاقت هذه المياه استحسان كل من يعرف كيف يستمتع بالحياة. ومذاقها يدغدغ بشكل حصيف أفواه وأرواح الرومان لقرون عديدة". ثم هنالك إيغيريا، والمسماة تيمناً بحورية الماء التي تعيش بالقرب من النبع جنوبي المدينة وتعطي روما رمزها الشرعي الأول. إذ تقول الأسطورة إنّ نوما بومبيليوس، ثاني ملوك روما، قد وقع في هواها. فعلمته الحكمة وكانت مرشدته في جميع تفاصيل حكمه. مات الملك، فهو بَشرٌ فانٍ، ولكن إيغيريا عاشت، تتكيف مع كل عهد جديد. في روما الجمهورية كانت تختص بالخصوبة وولادة الأطفال، ولاحقاً بينا وقعت روما تحت تأثير الثقافة الإغريقية، أصبحت ملهمة. ويوجد ضريح عتيق باسمها في حديقة كافاريلا، وهي تسكن الآن في زجاجات بلاستيكية خضراء، تستعلن في كلا المظهرين الطبيعي (الثابت) والغازي(الفوار). وهي على ما يبدو مفيدة للهضم. بالنسبة للذوق الروماني القديم، كانت أفضل مياه الشرب هي "الباردة والكاملة": الشفافة، النظيفة، عديمة الرائحة والنكهة. وقد تناظر الكُتَّاب اللاتينيون حول المزايا والفوائد والقدرات الصحية للماء "الخفيف". الماء الجوفي، من الينابيع، أو الذي يستخرج عبر القنوات المائية؛ كان يؤثر على ماء الأنهار. وكان يعرف عن المياه المخزونة في المستودعات فسادها، أما الماء السطحي الراكد فيقابل بالازدراء على أقل تقدير. وقد اعتبر بليني أنَّ أفضل المياه تأتي من قناتين هما أكوا مارشا، التي اكتملت عام 140 قبل الميلاد، والعذراء. والمياه من قناة العذراء كانت باردة، سلسة ونقية. وصفها بليني بأنّها " المياه الأعظم قدراً في العالم أكمله، وهي التي تعترف لها مدينتنا بالفضل على البرودة والصحّية". وقد تم ترميمها في القرن التاسع عشر وأصبحت مياه طريق مارشا القديمة. إنّها الآن تتدفق إلى المدينة في قناتين تجريان جنباً إلى جنب، القناة القديمة والحديثة. وقد سماها الرومان منذ القرن السادس عشر بمياه تريفي، وقد شرب منها أفضل الناس. وفي أيام الجولة الكبرى صمم الزوار الإنجليز على صنع الشاي بماء تريفي؛ واحتفظ مايكل آنجلو بخمس جرار من الماء في قبوه. و.... ها نحن هنا، على الأقل، بجانب نافورة تريفي تماماً. والطقس يتحول إلى البرودة، ولكن الماء ما يزال بطعم الكون. والآن دوري لأتذوقه. أغلقت عينيّ، ووضعت الكوب على شفاهي. وإنّها...حسناً، إنّها، أممم ...باردة قليلاً، وبشكل واضح- ولكنها عذبة جداً، و، إر، ناعمة، ليست فوارة. وأنّها – قليلاً- بلا طعم حقاً. لست متأكداً كيف يمكنني التعبير عن هذا. " عندما تقول " كونيّ" هل تعني الشيء الكبير ذا الكواكب، أم فريق كرة القدم النيويوركي من سبعينات القرن العشرين؟" فحدجني ميشله بنظرة ماكرة، ليست غاضبة بل مفعمة بالخيبة ثم ابتسم: " عندما نشرب الماء، يوحدنا هذا الشيء دائماً مع الوجود الكوني للماء. إنّها تعطينا معرفة مختلفة ولكنها ضرورية، ليس فقط بعقلنا بل بأجسادنا أيضاً. فشرب الماء هو المعرفة مرة أخرى من ذاتنا إلى العالم. فنحن لا نتصل فقط بل نشارك. نحن نلج إلى العالم، وإلى الكون. والذي هو مولود من الماء." فلا الرومان استطاعوا- ولا ماركوس اغريبا، ولا أي من البابوات، أو مايكل آنجلو، ولا حتى الإمبراطور كلوديوس نفسه- التعبير عن الفكرة بهذا الجمال. -------------------------قبيل النضج: الجنون والجمال والأغذية في روماتأليف: ديفيد ونر- ترجمة: أميمة قاسمبتكليف ورعاية من الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي، وبدافع من حب المعرفة والسعي لنشرها قامت القرية الإلكترونية بتوفير هذه النسخة منAl Dente قبيل النضج: الجنون والجمال والأغذية في روماتأليف: ديفيد ونر- وسوف نقوم بنشرها على حلقات تباعاً هنا في جوجل بلس نأمل أن تحوز إعجابكم وأن تكون مساهمة في #نشر_المعرفةصفحتنا الرسمية في فيس بوك : https://www.facebook.com/mohammed.suwaidi.poet/منصتنا في جوجل بلس لمتابعة باقي مشروعاتنا https://plus.google.com/+HisExcellencyMohammedAhmedAlSuwaidi?hl=ar(جميع الحقوق محفوظة) ----------------------(1) أصل العنوان:Al Dente: Madness, Beauty and the Foods in Rome حيث المقصود بعبارة Al Dente طريقة طهي المعكرونة الإيطالية دون مرحلة النضج فلا تصبح طرية بل تكون ذات قوام أكثر صلابة عنها في درجة تمام الاستواء. وتعني حرفياً " حتى السن" أو إلى الأسنان. (المترجمة) , Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi....
اعرض في فيس بوك